سيرة ذاتية

إبراهيم أبو عواد القيسي، مفكر، وشاعر،وكاتب صحفي من الأردن. ولد في عَمَّان 1982، لعائلة من شيوخ بني قيس/قَيس عَيلان(أكبر قبيلة عربية في العالم).حاصل على البكالوريوس في برمجة الحاسوب من جامعة الزيتونة الأردنية (2004).له اهتمامات واسعة في دراسات الكتب الدينية (القرآن الكريم، التوراة، الإنجيل )، والفكر الإسلامي، والفلسفة،وعلم الاجتماع،والسياسة ،والنقد الأدبي،والشعر،والرواية، والعلوم الطبيعية . متفرغ للبحث والتأليف.يكتب في أبرز الصحف والمجلات في الوطن العربي وأوروبا.له آلاف المقالات والدراسات، وعشرات الكتب المطبوعة،من أبرزها: [1]حقيقة القرآن [2] أركان الإسلام [3] أركان الإيمان [4] النبي محمد[5]دراسات منهجية في القرآن والسنة[6] العلاقات المالية والقضائية والسياسية والاقتصادية في القرآن [7] دراسات منهجية في القرآن والتوراة والإنجيل [8] الدعوة الإسلامية [9] منهج الكافرين في القرآن [10] العلوم والفنون في القرآن [11] العمل في القرآن [12] العلاقات الأخلاقية في القرآن [13] القصص والتاريخ في القرآن [14]الإنسان والأسرة والمجتمع في القرآن [15] بحوث في الفكر الإسلامي [16] التناقض في التوراة والإنجيل [17] صورة اليهود في القرآن والسنة والإنجيل [18] نقض عقائد ابن تيمية المخالفة للقرآن والسنة [19] عقائد العرب في الجاهلية[20]فلسفة المعلقات العشر[21] النظام الاجتماعي في القصيدة(المأزق الاجتماعي للثقافة. كلام في فلسفة الشعر) [22] صرخة الأزمنة ( سِفر الاعتراف ) [23] حياة الأدباء والفلاسفة العالميين [24]مشكلات الحضارة الأمريكية [25]الأعمال الشعرية الكاملة(مجلد واحد)[26] سيناميس (الساكنة في عيوني)[27] خواطر في زمن السراب [28] أشباح الميناء المهجور (رواية)[29]جبل النظيف ( رواية) [ يُمنع ترجمة أيَّة مادة في هذه المدونة أو نقلها بأيَّة وسيلة كانت إلا بعد الحصول على موافقة خطية مُسبقة من المؤلف إبراهيم أبو عواد، تحت طائلة المسؤولية القانونية، ووفق قوانين حماية الملكية الفكرية ] .

30‏/07‏/2017

النظام الأردني الفاسد يبيع دماء شعبه

النظام الأردني الفاسد يبيع دماء شعبه

إبراهيم أبو عواد / كاتب من الأردن

إن جريمة قتل الشاب محمد الجواودة والدكتور بشار الحمارنة مِن قِبَل حارس الأمن في السفارة الإسرائيلية بِعَمَّان ، لها تداعيات شديدة الخطورة على شرعية النظام الأردني وسياساته . فالنظام الأردني على مدار تاريخه، قَدَّمَ نَفْسَه باعتباره صاحب الشرعية الدينية ، والحريص على حماية أمن الأردن ، ورعاية مصالح الأردنيين من شتى المنابت والأصول .
     لذلك تفاءلَ الأردنيون خيراً حين تَمَّ الإعلان عن منع طاقم السفارة الإسرائيلية من السفر ، وعدم السماح لهم بالمغادرة إلا بعد انتهاء التحقيقات . وبعد يوم أو يومين ، عاد طاقم السفارة كاملاً إلى إسرائيل بلا تحقيق ولا استجواب،بما فيهم القاتل.مِمَّا يُشير بوضوح إلى وجود ضغوطات على النظام الأردني وتهديدات حقيقية له.
     ولا نريد في هذا السياق أن نُلقيَ محاضرات السيادة والكرامة الوطنية على النظام الأردني ، ونُنظِّر عليه ، ونُذكِّره بمنظومة الحقوق والواجبات . ولكنَّنا نريد تحليل الأحداث التي أدَّت إلى التفريط بدماء الأردنيين ، التي ذهبت هدراً ، ولَم تجد مَن يُطالِب بها .
     وفي الحقيقة ، إِن القضية بِرُمَّتها قد لَخَّصها عضو الكنيست الإسرائيلي أورن حزان ، فقد شَنَّ هجوماً على الأردن في أعقاب قيام حارس السفارة الإسرائيلية بجريمته ، ورفض إسرائيل تسليم القاتل للسُّلطات الأردنية . وكتب حزان المنتمي لحرب الليكود الذي يَتزعَّمه رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو على حسابه في " تويتر " : (( يبدو أن جيراننا في شرق الأردن ، أولئك الذين نسقيهم الماء ، ونحمي لهم "خلفياتهم" في الليل والنهار ، يحتاجون لإعادة تربيتهم من جديد ، يبدو هذا كأنه سلام من دون لقاء )) .
     وهذه الكلمات تبدو جارحة وذات وقع شديد على نفوس الأردنيين ، ولكنَّها تُلخِّص الحقيقة بعيداً عن التَّزويق الإعلامي والأغاني الوطنية وشعارات السيادة والكرامة .
     إن إسرائيل تُمسِك النظامَ الأردني من اليد التي تُوجعه . فالنظامُ الأردني يعيش على التنفس الاصطناعي ، ولا يستطيع الوقوف على قدميه لوحده ، في ظل انهيار الاقتصاد الوطني ، وارتفاع مُعدَّلات الفقر والبطالة ، وانتشار الفساد في كُل مفاصل الدولة، وتخلِّي دول الخليج ( المشغولة بمشكلاتها ) عن مساعدة الأردن. لذلك ، تُرِكَ الأردن في الساحة وحيداً ، كَي يُواجِه مصيرَه بنفْسه ، وهو مُحاصَر بحزام ناري ، ومنكمش في منطقة ملتهبة . وعقيدةُ النظام الأردني السياسية قائمة على الخضوع التام للإملاءات الإسرائيلية ، وحماية حدود إسرائيل ( طول الحدود بين الأردن وإسرائيل 238 كم ) . وهذا كُلُّه مُقابل الحصول على الماء والغذاء، والمساعداتِ الاقتصادية من أمريكا وغَيرها . ووفق هذه المعادلة الصعبة ، لا معنى للكرامة الوطنية وسيادة الدَّولة ، لأنَّ الكرامة والسيادة تعنيان خسارة الماء ورغيف الخبز . وهذا هو المنطق الفكري للنظام الأردني .
     ولا يَخفى أن الدولة العاجزة عن إطعام شَعبها ، لا تَقْدِر أن تَحكم نَفْسَها بنفْسها . وهذا يُفسِّر خُضوع النظام الأردني لتهديدات نتنياهو ، والاستجابة الفَورية لطلبه بإخلاء طاقم السفارة كاملاً دُون قيد ولا شَرْط ولا تحقيق ولا سُؤال . وقد صدق المتنبي حِينَ قال : ومِن نَكَدِ الدُّنيا على الْحُرِّ أن يرى ... عَدُوَّاً لَهُ ما مِن صداقته بُدُّ .
     ومشكلة النظام الأردني أنَّه لَم يَبْنِ دولةً حقيقيةً ، فهو عاجز عن استثمار طاقات الأردنيين ، وغَير قادر على استغلال موارد البلاد ، ولا يَعرِف كيف يَلعب بالأوراق السياسية ، لذلكَ قَبِلَ أن يَلعب دور الضَّحية ، وأن يَكون في موقع رَدَّة الفِعل لا الفِعْل . ونحن نَعلم أن الأردن دولة ضعيفة وفقيرة وشبه منهارة ، ولكن حتى الدول الضعيفة لديها هامش من الْمُناوَرة ، ولديها أوراق ضغط . والبعض يعتقد أن الأردن باعتباره الطرف الأضعف لا يملك أوراقاً للضغط على إسرائيل ، والواقع يُخالف هذه القناعة المغلوطة . فالذي فرض على السُّلطات الإسرائيلية إحضار الدواء للسيد خالد مشعل إثر محاولة اغتياله ( 1997م ) ، والإفراج عن الشيخ أحمد ياسين ، قادر على فرض شروطه عبر امتلاك أدوات ضغط . وبالتالي فإن فرضية الاستسلام للأمر الواقع ، التي يُؤمِن بها النظام الأردني غير صحيحة ولا منطقية .
     لقد حاولَ النظام الأردني الحفاظ على ماء وجهه في التعامل مع هذه الجريمة، وذلك حين قال وزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي إِنَّ البطاقة التي تُثبِت بأن القاتل الإسرائيلي في حادثة السفارة "دبلوماسي" في جَيبه ، وذلك بقصد تبرير القرار الذي سمح له بمغادرة الأردن بدون خضوعه للتحقيق .
     وهذه المحاولة مُضحكة ومُبكية في آنٍ معاً ، فلا توجد مُعاهَدة في العالَم تنص على أنَّ الدبلوماسي الذي يتمتَّع بحصانة إذا ارتكب جريمة جنائية ، يتم الإفراج عنه فَوراً بلا تحقيق . لقد وقعت جريمة قتل لمواطنَيْن أردنِيَّيْن على أرض أردنية ، ومعَ هذا تَمَّ الإفراج عن الجاني بدون تحقيق ، وذهب الدَّمُ الأردني هدراً ، لأنه لَم يجد من يُطالِب بِه . وهذا جعل النظام الأردني يَفقد ماء وجهه أمام شعبه ، ويخسر جزءاً كبيراً من شعبيته ، وتُصبح شرعيته على المِحَك ، لأنَّه عجز عن حماية الأردنيين ، والدفاع عنهم ، وفَرَّطَ بدمائهم في وضح النهار .
     إنَّ النظام الأردني بإفراجه عن قاتل المواطنَيْن الأردنِيَّيْن ، قد وَجَّهَ رسالةً خاطئة وشديدة الخطورة ، وهي أن القوة فوق العدالة ، وأن منطق القوة هو الذي يَتحكَّم بالعلاقات الاجتماعية والسياسية ، وليست قوة المنطق .
     وهذه الرسالة جاءت في توقيت قاتل . فقد عَلَّقت قبيلة الحويطات بخصوص السماح للقاتل الإسرائيلي بمغادرة الأردن بلا تحقيق ، بِحُجَّة أن قُوى عُظمى تَدَخَّلت في سبيل ذلك،" فإن الحويطات قوة عُظمى وسيخرج معارك " ، في إشارة إلى الجندي الأردني معارك أبو تايه الذي قتل ثلاثة جنود أمريكيين، وأشارت القبيلة إلى تزامن بث الفيديو الخاص بحادثة الجفر ، والسماح بسفر طاقم السفارة الإسرائيلية بما فيهم القاتل دون أيِّ إجراء . وكَتبت قبيلة الحويطات على صفحتها الرسمية:" إذا كانت هكذا سياستكم ، الحويطات قُوة عُظمى ، وسيخرج معارك " .
     إنَّ النظام الأردني بإفراجه عن القاتل الإسرائيلي، قد أسَّس سياسة شديدة الخطورة، وهي"أخذ الحق باليد"، فالقويُّ فوق القانون والعدالةِ . والقانون لا يَسري إلا على الضعفاء والفقراء . وهذا الأمر سوف ينسحب على التركيبة الاجتماعية في البلاد ، وتُصبح كُل قبيلة كبيرة فوق القانون ، وقادرة على لَي ذِراع الدولة وتركيعها ، وفرض الشروط عليها .

     وهنا تبرز مقولة شهيرة لرئيس الوزراء الإسرائيلي نتنياهو : (( إنَّ العالَم قد يتعاطف مع الضعيف بعض الوقت ، لكنه يحترم القوي كل الوقت )) .

19‏/07‏/2017

مؤلفات المفكر والشاعر/ إبراهيم أبو عواد

مؤلفات المفكر والشاعر/ إبراهيم أبو عواد

.....................

1) حقيقة القرآن
2) دراسات منهجية في القرآن والسنة
3) الإنسان والعلاقات الاجتماعية
4) بحوث في الفكر الإسلامي
5) التناقض في التوراة والإنجيل
6) صورة اليهود في القرآن والسنة والإنجيل
7) عقائد العرب في الجاهلية
8) فلسفة المعلقات العشر
9) النظام الاجتماعي في القصيدة
( المأزق الاجتماعي للثقافة . كلام في فلسفة الشعر )
10) صرخة الأزمنة ( سِفر الاعتراف )
11) مشكلات الحضارة الأمريكية
12) الأعمال الشعرية الكاملة ( مجلد واحد )
13) أشباح الميناء المهجور ( رواية )

14) جبل النظيف ( رواية )

17‏/07‏/2017

سبايا على السجاد الأحمر / قصيدة

سبايا على السجاد الأحمر / قصيدة

للشاعر/ إبراهيم أبو عواد

................

     أَصِلُ إلى مِقْصلتي مُتأخِّراً/ كما تَصِلُ البناتُ إلى مدرسةِ الاحتضارِ مُتأخِّراتٍ/ رِجالٌ لا يَنظرون إلى وُجوهِ نِسائهم إلا أثناءَ الجِمَاعِ / ولبؤةُ الاكتئابِ تنتحرُ في أنابيبِ الصَّرْفِ الصِّحي / وجارتي تَبني مُفَاعِلاً نووياً في مَطْبَخِ بَيْتِها / بِعْتُ أعضائي للغسقِ المشلولِ / وتبرَّعْتُ بأظافري الأثريةِ لِحَفَّاري القُبورِ المتقاعِدِين / جَوارحي جُروحٌ / ولُعابي لِصٌّ يَسْرِقُ الْحُلْمَ مِنَ الفَجْرِ الكاذبِ / أنظرُ في مرايا الخوفِ ولا أخافُ / تحتفظُ الزَّوْبعةُ بالحيواناتِ المنَوِيَّةِ في رَحِمِها / لكنها لَيْسَتْ حديقةَ حيواناتٍ / أيتها المرأةُ الوحيدةُ في الممراتِ الباردةِ / إِنَّ النوافذَ تُطِلُّ على الفَيَضانِ البنفسجيِّ / والأعاصيرُ تَزرعُ الملاريا في آبارِ الغَيْمِ /
     ما أحاسيسُ ضَابِطِ المخابراتِ في لَيْلةِ الدُّخْلةِ ؟ / العنكبوتُ مُصابةٌ بِسَرطانِ الثَّدْيِ في عُزلةِ الثلوجِ / مِكْياجٌ ثقيلٌ على وُجوه بَناتِ رِجالِ المافيا / وعَشيقاتُ رَئيسِ الدَّوْلةِ يَضَعْنَ سِياساتِ الوَحْدةِ الوَطنيةِ / وابنةُ تاجرِ المخدِّراتِ تَدرسُ العلومَ الإنسانيةَ في الجامعةِ / يتدرَّبُ الليلُ على تَشريحِ جُثتي / وأتدرَّبُ على إِعدادِ جِنازةِ الشُّموسِ / ترتدي الرِّياحُ ثِيابَ الحِدَادِ / لكنها رَفَعَت الرايةَ البَيضاءَ في ممالكِ الرمادِ / لا المعْبَدُ الذي يَبكي فيه الغبارُ طريقٌ للسُّنونو / ولا مَجزرةُ  خُدودي العاريةِ مِنَ القُبَلِ اسْمُ الرَّصيفِ / لم يُقَبِّلْ يَدَ الطوفانِ غَيْرُ الفراشةِ العمياءِ / وكلُّ طُرقاتي مَزروعةٌ بالكِلابِ البُوليسيةِ والحواجزِ الأمنيةِ / فلا تنتظِرْني أيها الوَهْمُ على أرصفةِ الميناءِ / قَراصنةُ بِلادي يَزْرَعُونَ في جِلْدي الذهبَ الأسْوَدَ والرقيقَ الأبيضَ / والزلازلُ ترمي أظافرَ الأراملِ في آبارِ القُرى المنسيَّةِ / فلا تُصَدِّقْ صُداعي المنثورَ في مناديلِ الوَداعِ / لَن أُقَدِّمَ اعتذاراً للبَحْرِ / ولَن أُقَبِّلَ يَدَيْهِ لِكَيْلا يَتْرُكَني / اتْرُكْني أو لا تَتْرُكْني / قَد تَرَكْتُ نَفْسي / وَخَلَعْتُ ألواحَ صَدري /
     كلُّ الْمُتَسَوِّلِينَ يَصْطَادُونَ السَّمَكَ في دَمِي الْمُتَخَثِّرِ / والخريفُ يَركضُ على طِلاءِ أظافرِ السَّيداتِ / اللواتي يَنتظِرْنَ صُكوكَ الغُفرانِ في مَحطةِ القِطاراتِ الفَارغةِ / والإضراباتُ تَدْخُلُ في شَرايينِ العُمَّالِ الْمُسْتَوْرَدَةِ / أَدُسُّ السُّمَّ في دِمَاءِ الشجرِ / والبُكاءُ شِراعٌ للسَّفينةِ الغارقةِ / والجوَّافةُ المزروعةُ على أسوارِ المقابرِ / تُجَفِّفُ العَرَقَ في مَلابسِ النِّساءِ / أَقمعُ قلبي بإزميلِ الْحُزْنِ / والدُّموعُ هي مَحكمةِ الغروبِ / فيا فَراشةَ الغِيابِ / مُعتادةٌ أنتِ على قَمْعِ أعضائكِ / وأنا دِكْتاتورٌ داخلَ جِسْمي / أَحكمُ حَوَاسِّي بالحديدِ والنارِ والحزنِ وأخشابِ المذْبَحِ / أنا دِكْتاتورٌ على قلبي / أُمارسُ تَطهيراً عِرْقياً في كُرياتِ دَمي / كَي أنساكَ يا حُبِّي الوَحيدَ / يا احتضاري اللذيذَ / أُعلنُ مَوْتي لأكتشفَ امتدادَ رُموشي / أعيشُ في مَوْتي / أنا المدينةُ المقتولةُ في الصَّوْتِ والصَّدى / أرجوكَ يا ذِئْبَ الرصاصِ / الْعَبْ بمشاعري / اخْتَرْ لَوْنَ أخشابِ تابوتي / كما يَختارُ البرقُ لَوْنَ أخشابِ مَطْبَخِ بَيْتِنا في رِئةِ الصقيعِ / والبُحيرةُ تتعاطى سُعالَ الشَّجَرِ / كَي تنسَى دُموعَ أُمِّها حِينَ يَضْرِبُها النَّخاسُ / عِظامي لُغةُ الليلِ / لَكِنَّ الظلامَ في سَراديبِ دَمْعي أخرسُ /
     عَوْلَمةُ الرقيقِ الأبيضِ في السُّوقِ السَّوْداءِ / وَرِجالُ المافيا يَضَعُونَ بَناتِهم في المدارسِ الرَّاقيةِ / حقَّاً / إِنَّ القصيدةَ دَمٌ يَسيرُ في غابةِ الأشباحِ / أَحرثُ المستحيلَ وثُقوبَ جِلْدي / فَتَحْرُثُني النيازكُ في عِيدِ ميلادي / تَنكسرُ عُيونُ الفُقراءِ أمامَ الضَّفائرِ المعجونةِ بالدِّماءِ الزرقاءِ / (( يا بِنْتُ أَهلوكِ قَد جَعلوا جَمالَكِ سِلْعةً/ تُشْرَى وبَاعَ بَنُو أبي أوطاني ))/ شَمعةٌ تَلِدُ حائطاً يَلِدُ كآبةً تَلِدُ رَصيفاً يَلِدُ ثلجاً/ بِلادي هِيَ سُورُ المقبرةِ/ أتَّكئُ عَلَيْهِ وأبكي / وأحرسُ ذِكرياتِ النَّوارسِ مِن إشاراتِ المرورِ / انتحاراتي أعراسُ السُّنونو في أقاصي البُكاءِ / سَتُصبحُ عِظامُ النُّسورِ عِطْراً للزَّوْجاتِ الخائناتِ / والضَّبابُ يُجري للقِطَطِ تنفُّساً اصطناعياً / وهذا مِكْياجُ العنكبوتِ مَملكةٌ للرُّفاتِ / فلا تُنَظِّفْ قَبْري مِن الحشائشِ/ إِنَّ وُجودي بُوصلةُ العَدَمِ/ أنظرُ إلى المِرآةِ ولا أعرفُ هذا الوَجْهَ / نَزيفُ القَمرِ يَدُقُّ على بابي / وبابُ بَيْتي مخلوعٌ كالملِكِ المخلوعِ / وأنا المصلوبُ العالي / والعالي دائماً يُصْلَبُ /
     أنا أكرهُكَ مِن كُلِّ قلبي/ لأني أُحِبُّكَ مِن كُلِّ قلبي/ أخونُ القصيدةَ معَ القصيدةِ / ولا يُشَرِّفُني أن أنتميَ إلى رُفاتِ قلبي / لَيْلةُ الدُّخلةِ سِفْرُ خُروجي مِن المنفَى إلى المنفَى / وجَوارحي هِيَ شَبَحي أو كابُوسي / أيها المساءُ الأحْوَلُ / كُنْ سِفْرَ الرُّؤيا في كِتابِ الدُّموعِ / سَتَصيرُ عِظَامُ اللبؤاتِ حَطَباً للمَوْقَدةِ في شِتاءِ الْهَلَعِ / سَقَطَتْ أحزاني على فُرْشاةِ أسناني / وكلُّ أُنثى هِيَ دَمَويةُ الشجرِ وأرشيفُ الذبابِ / خُدودي مَخْفَرٌ تنامُ على سَطْحِهِ الخفافيشُ / والمِكْياجُ يَحْمِلُ لَوْنَ دَمِ الحيْضِ /
     أحزاني جُثةٌ هامدةٌ / وأبناءُ جِلْدَتِنا يَأكُلونَ جِلْدَتنا / عُروسٌ تُساقُ إلى خَشَبَةِ المذْبَحِ ضاحكةً / والذبابُ يُغطِّي جُثةَ المطرِ / وأنا التائهُ في أزقَّةِ أوْردتي / رَأيتُ فَراشةً عاريةً تقفُ على سُورِ المقبرةِ / فانجذبتُ إلى سُورِ المقبرةِ / اكتئابي مُنظمةٌ إرهابيةٌ / وفي شوارعِ العارِ آلهةٌ مِن الخشَبِ المحترقِ / الرايةُ البيضاءُ مَغسولةٌ جَيِّداً / ودُموعي مُقَطَّرةٌ / وحُزْني نَقِيٌّ / فيا غُبارَ الأضرحةِ / لماذا تُضَيِّعُ وَقْتَكَ في انتظارِ جارتِكَ التي تَنْشُرُ الغسيلَ / وَهِيَ ترتدي قَميصَ النَّوْمِ الشَّفافَ ؟ / الموْتُ هُوَ الصَّوْتُ الشَّفافُ / وأنتَ الصَّدى / تَقضي شَهْرَ العَسَلِ في المقابر الخشَبيةِ / وأنتَ الحريقُ /
     الأمازونُ يَصُبُّ في دِجْلَة / وَدِجْلَةُ يَصُبُّ في دَمي / وَدَمي يَصُبُّ في حُفَرِ المجاري / والعَالَمُ سُوقُ نِخاسةٍ / والأُنثى هِيَ الضَّحيةُ لأنها القاتلةُ / أرفضُ الصَّليبَ لأنني مَصلوبةٌ إلى الأبَدِ / ونَخْبُ شَوَاهِدِ القُبورِ أَشْرَبُهُ كاليانسونِ المخلوطِ بالسِّيليكون/ دَمِي مَفتوحٌ فَادْخُلْ أيها الدُّودُ الرُّومانسِيُّ/ الموتى مُتشابِهُونَ/ لأن المرايا على سُورِ المقبرةِ مَشْروخةٌ / أنتَ جَسَدُ الشُّطْآنِ / وَخُدُودُكَ مُسدَّسٌ/ الأحزانُ بُرْكانُ الأُنوثةِ / والأمواجُ تُطْلِقُ الرَّصاصَ على جَسَدي اليَبابِ / القَبْرُ يَدْخُلُ في القَبْرِ فَأُولَدُ أنا / وَعَلى رُموشي تُهَرْوِلُ بَراميلُ النِّفْطِ / لَيْسَتْ البُحيرةُ حُبْلَى / لكنها تَغْرَقُ في الإجهاضِ/ سأخرجُ مِن عُشبِ النيازكِ / وأعيشُ في حَلَقاتِ زُحَل / يا أرشيفَ بِلادِ اللصوصِ / اكْرَهْني لأُحِبَّ قلبي / قَميصُ النَّوْمِ مِن السِّيانيدِ / والغريبةُ أَخذتْ حِصَّتَها مِن الاكتئابِ والصَّدماتِ العاطفيةِ / وعَلَّقَتْ قَلْبَها الوحيدَ على جَسَدِ الرَّعْدِ / أرتدي نظاراتٍ سَوْداءَ / لِكَيْلا يَرى البَرْقُ دُمُوعي الْمُتَيَبِّسَةَ في قِلاع عُيوني / والبَحْرُ يَمشي حافياً على شَاطئِ المساءِ / أركضُ في قَلْبِ الخريفِ / الفراشاتُ نائمةٌ على سُورِ المقبرةِ / واكتئابي خاتَمٌ في إصبعِ الشمسِ /
     كَيْفَ سَتَموتُ أيها الغريبُ / وقد أكلَ البَقُّ أخشابَ نَعْشِكَ ؟ / يُذَوِّبُ أُمراءُ الحروبِ أشلاءَ الإِمَاءِ في الشَّاي الأخضرِ / والنِّسكافيه مَخْلوطةٌ باليُورانيوم / سأبني في شَمالِ شَاهِدِ قَبْري مَصْنعاً / لتكريرِ المِلْحِ في دُموعِ العُشَّاقِ / تَكْثُرُ الصَّدماتُ العاطفيةُ / فَتَكْرَهُ الذبابةُ أباها / سأهربُ مِنْكِ كَي أُعَلِّمَ حَوَاسِّي النَّدَمَ على فِرَاقِكِ / أَكْرَهُ جَدْوَلَ الضَّرْبِ الآتي مِن الجثثِ المجهولةِ الْهُوِيَّةِ / خَدِّي الأيمنُ عِلْمُ الفِيزياءِ / وَخَدِّي الأيسرُ عِلْمُ الكيمياءِ / ولا يَزالُ زَوْجُكِ يَضْرِبُكِ قَبْلَ الجِمَاعِ / أيتها البُرتقالةُ المعصورةُ في مَسَاءِ اللهيبِ/ يُحَوِّلُ القَراصنةُ نِساءَهم إلى أحذيةٍ / والأغرابُ يَصنعونَ مِن جُلودِ بَناتِ الليلِ رَاياتٍ للقبائلِ المهزومةِ في النهارِ / لا تُعْطِ قَلْبَكَ للغريبةِ / لأنها سَوْفَ تَنساهُ معَ فُرْشاةِ أسنانها في حَقيبةِ السَّفَرِ / تلعبُ الرِّمالُ بِقلبي اليَتيمِ / والمطرُ يَحْرِقُ جَوَازَ سَفَري / لأنَّ عَيْنَيْكِ سَفَري / أُسافرُ في أشلائي النُّحاسيةِ / وَجِلْدي يَحْرِقُ القَشَّ في رِئتي / أتنازلُ عَن جِنسيةِ الرَّمادِ / لأنَّ المجرَّةَ هِيَ جِنسيتي / والرَّاهبةُ في الدَّيْرِ القديمِ / تنتحلُ شَخصيةَ الحطَبِ / كَي تَحترقَ في مَوْقَدَةِ أحزانِ الشِّتاءِ / وُجُوهُ الموتى تقرأُ اسْمي تِلالاً للعُشَّاقِ الخائنين / وأقرأُ شَوَاهِدَ القُبورِ / كَي أَلْمِسَ أجسادَ النوارسِ المهاجرةِ إلى احتضارِ الأمواجِ /
     الغيمةُ الباكيةُ أُختي غَيْرُ الشَّقيقةِ / وَرَقَبتي هِيَ الغيومُ التي تُظَلِّلُ سُوقَ النِّخاسةِ / وَسَرَطانُ الثَّدْيِ يَفترسُ صَدْرَ الرِّيحِ / فينكسرُ اسْمُ الضبابِ في منافي اللوزِ / فلا تسألْني عَن اسْمي / أُرَبِّي الذِّئابَ في تابوتي النُّحاسيِّ / والصَّدأُ يَرْعَى قَطيعاً مِن الجثثِ في حَنجرتي / اكتئابي مَبْنِيٌّ للمَجهولِ/ لأني أنا الموْتُ المبنيُّ للمَعْلومِ / فَكُنْ وَاضحاً مِثْلَ حُمْرَةِ خُدودِ الفَتياتِ في لَيْلةِ الدُّخلةِ / وَكُنْ غَامِضاً مِثْلَ بُكاءِ النِّساءِ في ليالي الشِّتاءِ/ اكْرَهِيني / وابتعدي عَن ضَوْءِ أشلائي / لا يَحتاجُ الليلُ إلى صَدماتٍ عاطفيةٍ / فَقَدَت الصحراءُ غِشاءَ بَكارتها / لكنَّ القبائلَ تُدافِعُ عَن شَرَفِ الرِّمالِ الخضراءِ/ أنا المساءُ المنسِيُّ بَيْنَ أحزانِ البَدْوِ الرُّحَّلِ / وَمَشاعرِ البَحَّارةِ الذينَ لا يَرْجِعُون /
     تَرْسُمُ النِّساءُ احتضارَهُنَّ على رِئتي / لكني أرسمُ شَهيقي على سَبُّورةِ اكتئابي / وكلُّ الأمواتِ يُراهِنُونَ عليَّ / وأُراهِنُ على حَفَّارِ قَبْري / جَيْشُ البَدْوِ الرُّحَّلِ / والمومِسُ المثقَّفةُ / وَطَنٌ لِكُلِّ المرتزِقةِ/ لِكُلِّ الراقصاتِ/ لِكُلِّ المقاصِلِ اللامعةِ/ لِكُلِّ السُّجونِ الباردةِ / لِكُلِّ النِّساءِ المسحوقاتِ / لِكُلِّ الرِّجالِ المشنوقين / لِكُلِّ اللصوصِ الأنيقين / لِكُلِّ الكِلابِ البُوليسيةِ / يَتَحَرَّشُ الحطَبُ جِنْسِيَّاً بأحزانِ العُشْبِ/ أُرَوِّضُ اكتئابي الشَّرِسَ بِصَهيلِ الغيومِ/ فيا شَمْسَ الهاويةِ / قَبِّليني واقْتُلِيني / ألواحُ صَدري هِيَ أخشابُ تابوتي / والرِّيحُ تَغْسِلُ وَجْهَها بِهَديلِ الأضرحةِ / والعواصفُ تُمَشِّطُ شَعْرَ الخيولِ الْمُنْهَكَةِ بأظافرِ قَوْسِ قُزَحَ / والنَّمْلُ يَجُرُّ جُثثَ الجنودِ إلى شُموعِ الصَّدى / ضَوْءُ القَمرِ يَبحثُ عنِّي في المقبرةِ / ولم أَجِدْني في ضَريحي / قال الرَّملُ الأزرقُ : (( جَسدُ المرأة لم يَعُدْ يَسْتَفِزُّني )) / وقالت النارُ : (( جَسدُ الرَّجلِ لم يَعُدْ يُحْرِقُني )) /
     لا تَخونوا الْحُسَيْنَ مَرَّتَيْنِ / حُزْنٌ مَنْزُوعُ الدَّسَمِ يُعَادُ تكريرُهُ / كَي تنسجمَ هَندسةُ شَاهِدِ قَبري معَ تابوتِ المطرِ / أنا وأنتَ يا قلبي رَصاصتانِ مِن الكهرمانِ والنَّعناعِ / نَحْمِلُ صَليبَ ابْنِ الزُّبَيْرِ في شَهْرِ العَسَلِ / وَنُوَزِّعُ طُبولَ الحربِ على القبائلِ الخائنةِ / عُمْرٌ وَاحِدٌ لا يَكْفي لاحتضانِ كُلِّ انتحاراتي / هذا أنا وَهْمٌ مُتكرِّرٌ / كَحُزْنِ الفَتياتِ الهابطِ في بِئرِ القريةِ المنبوذةِ / ولا أُحِبُّ أن يرى دُموعي سِوى مِرْآتي / وَعَمُودي الفِقريُّ هُوَ الحارسُ الشَّخصِيُّ للنَّهْرِ / الذي اغتالَهُ الرَّعْدُ /
     سَيِّدتي المقتولة/ إِنَّ الذبابَ يَلتصقُ بِطِلاءِ أظافِرِكِ/ وسَجَّاني يَلعبُ الشِّطْرَنجَ معَ قِطَّتي المشنوقةِ/ وَقَوْسُ قُزَحَ يَشنقُ العصافيرَ بأسلاكِ الكَهْرباءِ / أنا مَقْبرةٌ مُتَنَقِّلةٌ / فَيَا كُلَّ حَفَّاري القُبورِ / اسْكُنوا فِيَّ رَيْثَما تَبني لَكُمُ الحكومةُ مَسَاكِنَ شَعبيةً في حُفَرِ المجاري / فَقدتُ شَغَفي بالأشياءِ / ورصاصةُ الرَّحْمةِ لا تَرْحَمُ / إِنَّ القَمَرَ مِثْلُ الشمسِ / كِلاهما ذَاهبٌ إلى الانطفاءِ / والدَّوْلةُ هِيَ اللادَوْلةُ / أنظرُ إلى المِرآةِ فلا أرى شَيْئاً / أضعتُ عُنوانَ بَيتي / نَسيتُ مَوْقِعَ جُفوني / لَم يَعُدْ يَعْرِفُني في هَذا الضَّياعِ سِوى القِطَطِ الضائعةِ / التي تَرْصُدُ حُبِّيَ الضَّائعَ / وَتَرْضَعُ مِن نَزيفِ عِظامي / قَارورةُ عِطْري لَيْسَ فِيها إلا اليُورانيوم / وَجَدائلُ البنادقِ مَنْقُوعةٌ في الْمُبيداتِ الحشَريةِ / مُسْتَقْبَلي وَراءَ ظَهْري / ومُسْتَقْبَلُ البُحيرةِ وَراءَ عَمُودها الفِقريِّ / والحضارةُ مَشْلُولةٌ / والتاريخُ على كُرْسِيٍّ مُتحرِّكٍ / ولَيالي الشِّتاءِ مُغَلَّفةٌ بأسرارِ النَّرْجِسِ / تَمشي الموقَدةُ الْمُطفأةُ على قَدَمَيْن / وَالشَّايُ بَاردٌ كأصابعِ القَتْلى / وَحْدَها جُدْرانُ غُرفةِ التَّشريحِ / سَتَحْضُنُ مناديلَ الصَّبايا على رَصيفِ المِيناءِ /
     في جَواربي الْمُمَزَّقَةِ / تَبْني السَّناجبُ المنبوذةُ مُفاعِلاً نَووياً للأغراضِ العَسكريةِ / جُدرانُ غُرفتي أُصيبتْ بِذَبْحةٍ صَدْريةٍ / والبَراويزُ على جُدْرانِ مَقْبرتي أُصيبتْ بالكوليرا / وَحْدي أمشي في الطرقاتِ بِلا حَوَاسِّي / نَسيتُ رِئتي على مَقْعَدٍ غامضٍ في مَحطةِ قِطَاراتٍ وَهْميةٍ / فاكتشِفْ رُومانسيةَ الكَرَزِ في الحقولِ المحترقةِ/ كَي يَكتشفَ جِنازتي الغرباءُ المارُّونَ بَيْنَ أصابعي البلاستيكيةِ / وَحْدَهُ الشَّفقُ مَن يُغَسِّلُني حَيَّاً وَمَيْتاً / مِتُّ قَبْلَ أن يُولَدَ مَوْتُ السنابلِ / أنا شَبَحُ المرايا البَعيدةِ / ومساميرُ أرشيفِ النبيلاتِ / اللواتي يَعْتَبِرْنَ الخِيانةَ الزَّوْجيةَ مِكْياجاً لا بُدَّ مِنهُ / أكتبُ احتضاراتِ البَجَعِ على سَبُّورةِ خُدودي / لِكَيْلا أَزُورَ الطبيبَ النَّفْسِيَّ / نَسيتُ مِفتاحَ قلبي عِندَ خَشَبةِ المذْبَحِ / هَل سَتُنقِذُني رُومانسيةُ جارتي في حُفْرةِ قَبري ؟ / ضَوْءُ القَمرِ يَغْرِسُ الخناجِرَ في لُحومِ الجواري / ومِكياجُ الأميراتِ يَذُوبُ في قَهْوةِ المساءِ /
     سَلاماً أيتها الصَّحراءُ الجليديةُ الْمُحَاصَرةُ بَيْنَ جَبيني ورُموشي / كُلُّ ما حَوْلي يَغتالُني / والضِّباعُ تَخُونُ اسْمَها / وتنامُ في دَفترِ الرِّياضياتِ لِفَتاةٍ / تَكْرَهُ نَفْسَها وتُحِبُّ ابْنَ الجِيران / فانظُرْ خَلْفَ مِكياجِ الطحالبِ / انظُرْ إلى أحافيرِ قِناعِ البَنفسجِ في مَدَافنِ الكريستالِ / اشْنُقْ طَيْفي / وسَأُهديكَ جُثةً وَرِثْتُها عَن دُودةِ القَزِّ /
     كُلُّ شَيْءٍ يُشْبِهُني إلا أنا / تَسيرُ ميليشياتُ رُعْيانِ الغَنمِ إلى أكاليلِ الغارِ في هاويةِ الصَّدأ / والصقرُ الأعمى يَقتنصُ الأرنبَ اليَتيمَ على أرنبةِ أنفي / مَطَرٌ ناعمٌ على جِلْدِ البُحيرةِ الخشِنِ / والفَيَضَانُ يَجْلِسُ على رُموشي / تبرَّعْتُ بأُكسجينِ رِئتي للبَنادقِ الآليةِ / دَمِي الأحمرُ عَلى السَّجادِ الأحمرِ / والسنابلُ تَنْبُتُ في احتضاري الأخضرِ / تَلعبُ العناكبُ على جِلْدي النَّرْدَ / وأتحرَّكُ كالمستنقَعاتِ على رُقعةِ الشِّطْرنجِ / بِلا مَاضٍ ولا مُسْتَقْبَلٌ / وَيَختلطُ دَمُ الرَّاهباتِ البَنفسجيُّ بأجراسِ الهاويةِ / دَوْلةُ الهِستيريا / وأعشابُ المقابرِ / جُثثُ الفَتياتِ المغتَصَباتِ في حُفَرِ المجاري / ودَمُ الحيْضِ في صَوامِعِ الحبوبِ المحترقةِ / وأغشيةُ البَكارةِ تُزَيِّنُ بَلاطَ الزَّنازين / فاذْكُرْ وَصايا النهرِ على فِرَاشِ الموْتِ / سَيُصبحُ رِجالُ المخابَراتِ أكثرَ عَدَداً مِن الشَّعْبِ / وَيُصْبِحُ الشَّعْبُ بِلا شَعْبٍ /
     الدُّموعُ تَقْرَعُ نوافذَ شِتاءِ الأراملِ الشَّاباتِ / كالدَّبابيسِ في ثِيابِ الطوفان / وَيتكرَّرُ مَوْتُ الزَّنابقِ في أعصابِ الغَسَقِ / وَيَمْشي الخريفُ على أظافِرِ البَناتِ وَاثِقاً مِن مَوْتِهِ / أَدخلُ في عُزلةِ الرُّعودِ أشجاراً تَعْزِفُ على البيانو/ وَضِفْدعةُ الذاكرةِ تَزرعُ الصليبَ بَيْنَ ثَدْيَيْها المصْلُوبَيْنِ / على رُخامِ السُّجونِ/ ارْحَمِيني يا أخشابَ صَليبِ ابْنِ الزُّبَيْرِ/ ارْحَلي مِن أبجديةِ بُكائي / يا كُلَّ الزَّوْجاتِ الخائناتِ في شَمالِ الأرَقِ / لا تُصَدِّقْنَ صَفيرَ القِطاراتِ / وَهِيَ تَعْبُرُ عَلى قَميصِ الرَّصاصةِ / 
     آخَيْتُ بَيْنَ الماءِ والنارِ / ثُلوجُ الصَّدأ / وَلَوْحاتُ السَّياراتِ الدُّبْلوماسيةِ / وَالتَّوابيتُ الأنيقةُ / والمرأةُ تُنَقِّبُ في خُدودِها عَن مَنْجَمِ فَحْمٍ أو عُلْبةِ مِكْياج / وَبِداياتُ الصَّقيعِ / ورَجفةُ الراهباتِ الْمُغتَصَبَاتِ في قَبْوِ الكنيسةِ / وَطباشيرُ المعلِّمةِ الإنجليزيةِ / وَهِيَ تُمْسِكُ السِّيجارةَ بَيْنَ السَّبابةِ والوُسْطَى / واليتيماتُ على إشاراتِ المرورِ / يَهْتِفْنَ لِسَيِّداتِ المجتمعِ الْمُخْمَلِيِّ / وَالفَقيرةُ التي لَعِبَ الأميرُ الشَّابُّ بِعَواطِفِها / ثُمَّ رَمَاها لأصدقائِهِ / وَالبَغايا المتقاعِداتُ مُبَكِّراً لِتَرْبيةِ أطفالِهِنَّ / والطالبةُ الجامعيةُ التي تَنتظرُ جَلادَها في الكافتيريا / وَالْمُذيعاتُ يَكْشِفْنَ أثداءَهُنَّ الْمُسَرْطَنَةَ / وَيَفْرَحْنَ لأنهنَّ دُمَىً في مَسْرَحٍ للعَرائسِ / وَزَوْجاتُ الْمُهَرِّجِينَ يُصَفِّقْنَ في السِّيركِ المحترقِ / والرِّجالُ التَّافِهُونَ يَغتصبونَ زَوْجاتِهم التافهاتِ / خَلْفَ ضَبابِ الستائرِ الرماديةِ / وَرِجالُ الأعمالِ يَتحرَّشُونَ بالسِّكرتيراتِ في ناطحاتِ السَّحابِ / والبُروقُ تَكْسِرُ الزُّجاجَ المغسولَ بِعِظَامِ الفُقراءِ / 
     للجَوَّافةِ نَكهةُ الدِّماءِ / دَخَلَت النِّساءُ في الاحتضارِ الأخضرِ / وَالمِكْياجُ يَتساقطُ في الشَّايِ الأخضرِ / فَكُنْ تائهاً في شَراييني / سَتَلْمَعُ جُثةُ الرَّعْدِ بَيْنَ ضَوْءِ الشَّمْسِ ورَائحةِ القَمَرِ / جَثامينُ الجنودِ مُرَتَّبةٌ في شَاحناتِ الْخُضَارِ / فَادْفِن الْحُبَّ في قَلْبِكَ / وَاقْتُلْ مَشاعِرَكَ بِخَنجرِ النِّسيانِ / ولا تَعترِفْ بِحُبِّكَ أمامَ البُروقِ في أعالي الجِبالِ / سَيَنكسرُ الجيشُ بَيْنَ أكاليلِ الغارِ وأقواسِ النَّصْرِ /   أنا أقربُ إلى الموتى مِن مَشانِقِهم/ فَلا تَتزوَّجْ أشلاءَ البُحيرةِ/ كَي تُحافِظَ على بَكارَتِكَ الرُّومانسيةِ/ وَلا تسأل العَواصفَ عَن المرأةِ التي تَمشي في جِنازَتِكَ / خُنْتَ وَجْهَكَ في كُوخِ القُلوبِ المكسورةِ / فَلا تَخُنْ قَلْبَكَ في مُدُنِ العِشْقِ القَاتلِ / طَيْفُكَ الرَّمادِيُّ مَاتَ / وَالموتُ سَيَبْقَى حَيَّاً في قُلوبِنا /
     لا تُطالِبْ بِدَمِ الصَّنَوْبَرِ / كُلُّنا قَتْلَى في شِتاءِ الدُّموعِ السَّاخنةِ / لَكِنَّنا نمشي عَلى سُورِ المقبرةِ ذُباباً نُحاسِيَّاً / انتحاراتي بُوصلةٌ لِنَوارسِ البَحْرِ المكسورِ / أموتُ في زُرقةِ الشُّطآنِ وَحيداً / لا أرملةٌ تتزوَّجُ قَاتِلي/ ولا أطفالٌ يَرِثُونَ انكساري/ وَيَنْسَوْنَ مَوْقِعَ قَبْري/ الرَّعْدُ يَبحثُ عَن جُثماني بَيْنَ حَواجبي وَرُموشي / فَلا تَطْلُبْ مِن المشنوقِ أن يَكُونَ رُومانسياً /
     في آبارِ الليلِ / تتوهَّجُ دِماءُ الرَّاهبةِ العَمْياءِ عَلى فُرْشاةِ أسنانِها / الصَّواعقُ في أعالي الخريفِ / والنُّسورُ تتساقطُ في دَمْعي / كَمَا تتساقطُ أظافرُ العُشَّاقِ في عَصيرِ الليمونِ / الجثثُ سَاكنةٌ عِندَ بُحيرةِ البُكاءِ / وَأصواتُ الضَّفادعِ تَكْسِرُ قَلْبَ الليلِ / أُهَرْوِلُ في انتحاراتي اللازَوَرْدِيَّةِ / وَكَانت الغيومُ تُطْلِقُ الرَّصاصَ على اكتئابي / وَالكِلابُ الضَّالةُ تأكلُ وَسْواسي القَهْرِيَّ / الفَتَياتُ الأنيقاتُ مَصْلُوباتٌ على أعمدةِ الكَهْرباءِ الأنيقةِ / لَكِنَّ الكَهْرباءَ مَقْطُوعةٌ / وَحْدَها الشُّحناتُ الكَهْربائيةُ في دِمَاغي / سَتُنيرُ أسوارَ مَقْبرتي /
     أمشي في بُكائي اللزِجِ / والنوارسُ تقفُ على شَظايا قَلبي المكسورِ / فَكُن أيها العَدَمُ شَاعراً / كَي تَرِثَ البَحْرَ / وتَرْثِيَ الأمواجَ / وتمشيَ في جِنازةِ المطرِ / مَن المرأةُ التي تبكي على كَتِفِ زَوْجِها في مناجمِ الفَحْمِ ؟ / حِيطانُ السُّجونِ تتحدَّثُ الجِنسَ بِطَلاقةٍ / وكانَ حُلْمُ الشاطئِ أن يَجِدَ امرأةً مُخلِصةً لِزَوْجِها / لا أحدٌ سيتذكرُ مَناديلَ الوَداعِ على أرصفةِ المِيناءِ / ولا كِلابُ الحِراسةِ سَتَفْهَمُ لُغةَ عُيوني / هُوَ الثلجُ الساخنُ بَارِدٌ جِنْسِيَّاً / والموتُ هُوَ أنا / أرعَى قَطيعَ الصَّدماتِ العاطفيةِ في أدغالِ رِعشتي / وَكُحْلُ الذبابةِ يَسيلُ على شَاهِدِ قَبْرِها / تَحْتَ أقمارِ النِّسيان /
     عَرَقُ الملِكاتِ / وَرَبطاتُ العُنُقِ لِلْمُرتزِقةِ / وَجَواربُ اللبؤاتِ الْمُمَزَّقةُ / والتطهيرُ العِرْقِيُّ في عُروقي العاشقةِ / اقتلوني يا إِخوتي / كَي تتوهَّجَ الرُّومانسيةُ في ظِلالِ الوَحْدةِ الوَطَنيةِ / تأخَّرَتْ أوردتي عَن المِقْصلةِ / كما تأخَّرت الراقصةُ عَن مَوْعِدِ رَقْصتها الأخيرةِ / فَقَدْتُ شَغفي بالأشياءِ / وُجودي هُوَ العَدَمُ/ وقَاتِلُ الْحُبِّ كالمقتولِ في الْحُبِّ / تساوت الأضدادُ / تعادَلت خَطايا الفَراشةِ / تصادمَ الاكتئابُ معَ الوَسْواسِ القَهْرِيِّ / لا أشعرُ بِجَوارحي الجارِحةِ/ ولا أعرفُ وَجْهي الأسمنتيَّ / مِتُّ مُنذُ زَمَنٍ بَعيدٍ / ولم أجِدْ أحداً يَدْفِنُني / ولم يَبْقَ مِنِّي غَيْرُ أحلامِ اليتامى / تَركضُ أشلائي أو أشيائي نَحْوَ اللاشَيْءِ/ فلا تَبْكِ عليَّ عِندما يَغتالُني الصَّدى / وَيُقيمُ الصَّوْتُ مَمْلَكَتَهُ في مُسْتَوْدَعَاتِ رِئتي / ما فائدةُ أن أعيشَ وكلُّ شَيْءٍ حَوْلي يَموتُ ؟ /
     سَلاماً أيتها المرأةُ الغامضةُ / التي يَسْبَحُ تابوتُها في كُوبِ الشَّاي / قُرْبَ أزهارِ شُرْفةِ الغروبِ / تنفجرُ لُغتي في لَحْمِ القصيدةِ / والضِّباعُ وَحْدَها تَهتمُّ بمشاعري / فلا تَدْخُلي عَلَيَّ يا مُمَرِّضتي والصَّليبُ في عُنُقِكِ / سَيُحَدِّدُ الأمواتُ عَدَدَ أمتارِ أكفانِهم / والعُشْبُ الدَّمويُّ سَيَخْطُبُ امرأةً مِن زَوْجِها / تَلتقي النَّظاراتُ السَّوْداءُ / ولن تَلتقيَ العُيونُ أبَداً / وَكُلما مَشَيْتُ تَسَاقَطَتْ أعضائي على الأسْفَلْتِ / مَعْجُونُ أسناني هُوَ حَقْلُ الجماجمِ /
     صَباحُ الْحُزْنِ يا هَلْوَسةَ شَراييني / ومَسَاءُ المِقْصلةِ يا نَحيبي الذهبيَّ / أيُّها النَّمْلُ الدُّبلوماسيُّ الذي يَتعلَّمُ الرُّومانسيةَ / أنتمي إلى شَيْءٍ غَامِضٍ يَكتشفُ جُرْحي / وَيَحْرِقُ عِظامي بِشُموعِ عِيدِ مِيلادِ الغاباتِ / دَافَعْنا عَن حُقوقِ الحيواناتِ / وَقَتَلْنا الإنسانَ / دَمَّرْنا الأرضَ / واكْتَشَفْنا المرِّيخَ / وخِياناتُ الموجِ تُحاصِرُ جُثمانَ الضَّبابِ / تَحْتَ النَّيازِكِ الوَرْديةِ / والبُرتقالُ نَسِيَ نَعْشَهُ بَيْنَ أعوادِ المشانِقِ وأعوادِ الثِّقابِ/ الوَرْدُ مَجزرةُ الأحزانِ/ والتوابيتُ مَصْفُوفةٌ في شُرفاتِ الخريفِ / والقُلوبُ خَاليةٌ إلا مِنَ العارِ / فاترُكْني أَعْشَقْ لَمعانَ الأمطارِ تَحْتَ الأعلامِ الْمُنَكَّسَةِ / أظافري شَواهِدُ قُبورٍ للطيورِ / في مَوْسِمِ الهِجرةِ الأبَديِّ / ولم يَعْرِفْ بَصْمَةَ دُموعي غَيْرُ المرايا المكسورةِ /
     خُذْ مَجْدَكَ في حَفْرِ القُبورِ/ واصْعَدْ مِن قَبري / حُزني يَدُلُّ عليَّ / واكتئابي يُرْشِدُ رِجالَ المخابراتِ إلى جَوَازِ سَفَرِي/ وشاهِدُ قَبري يُرْشِدُ النوارسَ إلى مَنارةِ البَحْرِ الأخيرِ/ والجثثُ السَّاخنةُ على البَلاطِ البارِدِ / سَتُظَلِّلُ أشجارُ المقابِرِ جَدائلَ القَتيلاتِ / جَسَدي خَرَجَ مِن مَدارِهِ / وَدَخَلَ في أرشيفِ الغاباتِ الضَّوئيةِ/وَكُلما غَابَت أجنحةُ الفَراشاتِ عَن مِرْآتي/ غَابَ صَوْتي واحْتَلَّني الصدى/
     وُجوهُ الزَّوْجاتِ الخائناتِ خَنادِقُ / يَختبئُ فِيها الجرادُ / والكُوليرا تَنْشُرُ أغشيةَ البَكارةِ على حَبْلِ الغسيلِ / فيا أيتها البُحيرةُ المشلولةُ / قَد نَسِيَ النهرُ سائلَهُ الْمَنَوِيَّ على قَميصِ نَوْمِكِ / والراهباتُ يَنتقِمْنَ مِن أُنوثتهنَّ في أديرةِ الضبابِ البَعيدِ/فانتقِمْ مِن البَحْرِ الذي قَتلَ النوارسَ اليَتيمةَ/ وأنا سُلالتي/ أنا امتدادُ الشُّطآنِ في خَنجرِ الأمواجِ/ أنا أبي وابني/ تنمو الطحالبُ بَيْنَ أصابعِ الرِّيحِ/ والحضارةُ تنتحرُ / تَركضُ الملِكاتُ إلى المراحيضِ / وراعيةُ الغَنَمِ ارْتَدَتْ تَنُّورةً فَوْقَ الرُّكبةِ / ماتت النِّساءِ في خَريفِ الهلَعِ / والرِّجالُ يُضاجِعُونَ الذِّكرياتِ / والملوكُ ذَهَبوا إلى مَزْبَلةِ التاريخِ /
     سَأشتري فُرْشَاتَيْ أسنان / فُرْشاةٌ لقاتِلي / وفُرْشاةٌ لِحَفَّارِ قَبري / والأمطارُ تَخلعُ أسنانَها / كَي تُوَفِّرَ على حُكومةِ اللصوصِ استيرادَ مَعْجُونِ الأسنانِ/ أوْردتي تَقطرُ زِئبقاً/ وَرَقَبةُ العاصفةِ مُسْتَوْدَعٌ للكِبْريتِ / أنتظرُ عَرَبَاتِ نَقْلِ الموتى / كما تنتظرُ البناتُ باصَ المدرسةِ / يَرقصُ البَشَرُ حَوْلَ جماجمِ المذْبَحِ / ولا يَعْرِفُونَ لماذا يَرْقُصون / رَقصتي في زِنزانةِ البَنفسجِ هِيَ رَقصتي الأخيرةُ قَبْلَ الطوفان / فاخْرُجْ مِن ذاكرةِ المطرِ / وَكُن مَطَراً حِمْضِيَّاً / لأَحْرِقَ تُرابَ رِئتي النُّحاسيةِ / كلُّ الناسِ يَمشونَ في جِنازتي إلا أصدقائي / كلُّ الناسِ يَعْرِفُونَ مَساميرَ نعشي إلا أنا / مَقتولٌ أنا في كُلِّ الأحلامِ / مَوْلُودٌ أنا في كُلِّ الأضرحةِ / فلا تتجوَّلْ في سَراديبِ مَحاكمِ التَّفتيشِ / وَكُن هادئَ الأعصابِ كالسُّيوفِ المكسورةِ / لأنَّ المِقْصلةَ ناعمةٌ ورُومانسيةٌ وديمقراطيةٌ / والأغرابُ يُزَيِّنونَ شَجَرةَ عِيدِ الميلادِ بالقُشَعريرةِ وعِظامِ الشَّفقِ/ صُورتي الخشَبيةُ في جَوازِ السَّفَرِ بِلا بِرْوازٍ/ لكني المسافرُ الأبَديُّ/

     أنا المسافرُ في مَلامحِ الوَطنِ القَتيلِ / قَضَيْتُ حَياتي أُصَحِّحُ أخطاءَ الفَراشاتِ / ولا وَقْتَ لأحزاني كَي تُحَدِّقَ في الثلوجِ على مِدْخنةِ كُوخي / دَمي مَخلوطٌ بالكلورِ / والماءُ يَشْرَبُني رُمْحاً / أيْنَ الدُّموعُ التي ستأكُلُني في الصَّحاري الجليديةِ ؟/ لماذا أتعطرُ وأنا جُثةٌ ضَوْئيةٌ ؟ / وَحْدَها الكِلابُ البُوليسيةُ تَعْرِفُ رَائحتي / أَغْرِسُ في لَحْمي رَاياتِ القَبائلِ / والدُّودُ سَيَأكلُ لَحمي / سَيَختفي الفَرْقُ بَيْنَ المِشْنقةِ والمِقْصلةِ / ويختفي الفَرْقُ بَيْنَ ضَابطِ المخابراتِ وَرَاقصةِ الباليه / فَعَلِّمْ قِطَطَ الشَّوارعِ الفَرْقَ بَيْنَ لَيْلةِ الدُّخلةِ والزِّنزانةِ الانفراديةِ / كَي تَعْرِفَ مَشَاعرَ الصَّراصيرِ تَحْتَ أقدامِ الجنودِ/ أبكي وَحيداً في رِمالِ الشَّفقِ/ والعواصفُ تَخْلعُ أبوابَ رِئتي/والطوفانُ يَهدمُ أسوارَ سِجْني.

15‏/07‏/2017

يوميات زوجة ضابط المخابرات ( قصيدة )

يوميات زوجة ضابط المخابرات ( قصيدة ) 

للشاعر/ إبراهيم أبو عواد

..................

  خَارِجَ السِّجْنِ هُناكَ سِجْنٌ / خَارِجَ المقبرةِ هُناكَ مَقبرةٌ / سَيَزُورُ القمرُ قبرَ الشمسِ / أُعيدُ هَندسةَ الحزنِ/ لأرى أعضائي خَارِجَ سِفْرِ الرُّؤيا/ خُدودي ضَريحُ الحريمِ / وَدَمْعي أُسطولُ الإِمَاءِ / والبَشَرُ الذينَ لا يَعْرِفُونَ إِلا مُمارسةَ الجِنْسِ / يَتَكَدَّسُونَ عَلى سَطْحِ كُوخي المحروقِ / أنا قَبْرٌ سائرٌ بِسُرعةِ الضَّوْءِ نحوَ انطفاءِ الضَّوْءِ /
     أُنصِّبُ جُمْجمتي مَلِكةً على أجنحةِ الذباب / أنتخبُ انتحاري / وَيَنتخبني الصَّدى / ما فائدةُ أن تتعطرَ القتيلةُ أمامَ سَماسرةِ صُكوكِ الغُفران ؟ / رِجالٌ كالفِئرانِ الخشَبيةِ / لا يَحْلُمُونَ إلا بأغشيةِ البَكارةِ / أنطفِئُ كما تَنطفِئُ المجرَّاتِ / وضجيجُ نَبَضاتِ قَلبي يُزْعِجُني ويُؤرِّقُني /
     مِنَ الماريجوانا حتى الإجهاضِ مُروراً بالشَّمْبانيا/ هَذا هُوَ تاريخُ القَتيلاتِ الجالساتِ في مساماتِ جِلْدي الملوَّثِ بأثاثِ الخريفِ / عِظامي مُدْمِنةٌ عَلى الانقلاباتِ / حَزينةٌ أنا حَتى الاندماجِ معَ المطرِ/ خَجُولةٌ أنا حتى الامتزاجِ بالزوابعِ / صَدِّقِيني يا شُرُفاتِ الرَّعْدِ / لم ألعبْ بِعَواطفِ الدِّيدانِ / حَوَاسِّي هاجَرَتْ باتِّجاهِ عَيْنَيْكَ/وكُلما أحببتُكَ تَعاطَيْتُ مُضَادَّاتِ الاكتئابِ/كُلما تَذَكَّرْتُ وَجْهَكَ/ تذكرتُ مَوْعدي عِندَ الطبيبِ النَّفْسِيِّ / يُحَوِّلُني الزِّئبقُ إلى وَهْمٍ خَشَبِيٍّ / سَجَائري مُبْتَلَّةٌ بِدُموعي/ والأمهاتُ يَشْرَحْنَ لِبَناتِهِنَّ اللواتي تَمَّ بَيْعُهُنَّ تفاصيلَ لَيْلةِ الدُّخلة / صارت المرأةُ حِذاءً لِزَوْجِها السِّمْسارِ الذي اشتراها بالتقسيطِ الْمُمِلِّ / صارت الأُنوثةُ نَعْلاً للنَّخاسِ / لحفَّارِ القُبورِ / للمُقَامِرِ المهووسِ / لِرَجُلِ المافيا الأنيقِ / لِمَن يَدْفَعُ أكثرَ /
     هَل تستطيعُ الرَّاقصةُ نِسيانَ أُسْلُوبِها في الرَّقْصِ؟/ هَل تستطيعُ الوردةُ نِسيانَ وَجْهِ مُغْتَصِبِها ؟ / هَل يستطيعُ السجينُ نِسيانَ وَجْهِ السَّجان ؟ / هَل يستطيعُ حفَّارُ القبورِ نِسيانَ وَجْهِ القتيلِ ؟ / هل تستطيعُ حُكومةُ الزَّهايمرِ نِسيانَ وُجوهِ الشَّحاذين ؟ / هل تستطيعُ الذبابةُ نِسيانَ وَجْهِ زَوْجِها الذي تَخُونُهُ في عِيدِ الْحُبِّ ؟ / هَل تستطيعُ الخادمةُ نِسيانَ وَجْهِ سَيِّدِها الذي لَعِبَ بِعَواطفها / ثُمَّ تزوَّجَ ابنةَ عَمِّهِ المليونيرة ؟ / هل يَستطيعُ كلينتونُ نِسيانَ وَجْهِ مُونيكا ؟ / هل يستطيعُ الصليبُ نِسيانَ وُجوهِ الراهباتِ المعلَّقاتِ عَلَيْهِ ؟/ هَل تستطيعُ الموؤدةُ نِسيانَ وَجْهِ أبيها الذي دَفَنَها ؟/ هل يستطيعُ بَلاطُ صَالةِ الرَّقْصِ نِسيانَ أقدامِ ماري أنطوانيت ؟ / مَا الفَرْقُ بَيْنَ بَناتِ الإِمبراطورِ وَعَاملاتِ النظافة في أزقةِ الملاريا ؟ / يَا صَاحبةَ الأحاسيسِ غَيْرِ الشَّفافةِ / لِماذا تَنشُرِينَ الغسيلَ بِقَميصِ النَّوْمِ الشَّفافِ ؟ /
     الملِكَةُ تَرْفَعُ تنورتها كقوانينِ الطوارئ / ولم يُفَرِّق السُّلُّ بَيْنَ لحومِ السَّبايا وقُماشِ الأعلامِ المنكَّسةِ / والإعصارُ لم يُفَرِّقْ بَيْنَ قُبورِ الملوكِ وقُبورِ العبيدِ / تكتشفُ الملاريا الكَبْتَ الجِنْسِيَّ في أجسادِ الفتياتِ / والنهرُ يَضْرِبُ زَوْجَتَهُ ثُمَّ يُضاجِعُها / كَي يتحققَ العَدْلُ على خَشَبَةِ المذبَحِ / ارتفعت التماثيلُ على أصابعِ الأطفالِ / في دَوْلةِ القانونِ والمؤسساتِ / والموجُ يَحْفَظُ المادةَ الأُولى في دُستورِ اللصوصِ /
     يا سَيِّدنا المسيح / هَل قُلْتَ لِلْكَرادلةِ أن يَتحرَّشوا جِنْسياً بالرَّاهباتِ في الأديرةِ المتوحِّشةِ ؟ / أيتها السَّيدةُ العذراءُ / هل قُلْتِ للاعبةِ التِّنسِ أن ترتديَ تنورةً فَوْقَ الرُّكبةِ / وتضعَ الصَّليبَ بَيْنَ ثَدْيَيْها المكشوفَيْن ؟ / الشُّطآنُ تركضُ في سَراديبِ الهلَعِ كأظافرِ بَناتِ أُورُشَليم / وَهُنَّ يَنتظِرْنَ آباءَهُنَّ العائِدينَ مِن قَتْلِ الأنبياء /
     لا اسْمِي ظِلالُ البَنفسجِ / ولا رِئتي مَزرعةُ خَشخاش للجنود المصابين بالاكتئاب / أنتِ مَوْتي/ لأنَّ جُثمانَ هذا المدى مُضَرَّجٌ بالأوسمةِ العسكريةِ/ والأُنثى هِيَ دَمَويةُ زُجاجاتِ العِطْرِ/ دَمُ الوِلادةِ/ وَدَمُ الحيضِ / وَدَمُ الدُّموعِ / وَدَمُ الدِّماءِ / وَدَمُ النِّساءِ الْمُغْتَصَبَاتِ / والرِّياحُ تسألُ الأضرحةَ البازِلتيةَ / هل سَتَمشي راقصاتُ التَّانغو على خُطى غيفارا ؟ /
     لَو أني ألعبُ القِمارَ معَ الأميراتِ / لَصِرْتُ سَيِّدةَ المجتمعِ الْمُخْمَلِيِّ / لَو أني أُسافرُ مِن فِرَاشِ الموْتِ إلى فِرَاشِ الزَّوْجيةِ / لَصِرْتُ جَديرةً بِشُموعِ عِيدِ مِيلادي / لَو أني أبيعُ لحمي على شاشةِ التِّلفازِ / لَصِرْتُ وَرْدةً في حديقةِ التطهيرِ العِرْقِيِّ / لَو أني بِعْتُ فِلسطينَ لأشتريَ فساتينَ السَّهْرةِ / لَصِرْتُ فَيْلسوفةً في جامعةِ أُكسفورد / لَو أني أشْتُمُ الإِسْلامَ / لَصِرْتُ جَديرةً بِجَائزةِ نوبل / لَو أني أتجسَّسُ على شَعْبِ التَّسولِ / لَصِرْتُ مُستحقةً للأوسمةِ الملكيةِ / لَو أني خُنتُ بِئْرَ قَرْيتي / لَصِرْتُ حاملةً للجَوازِ الدُّبلوماسِيِّ / لَو أني سَرَقْتُ الذبابةَ المشلولةَ / لَصِرْتُ فَراشةً في حَفْلِ الأوسكارِ /    لَو أني بِعْتُ أحزانَ الراهباتِ لأشتريَ خاتَمَ ألماس / لَصِرْتُ فَارسةً في صَالاتِ الرَّقْصِ /

     بَيْنَ أصابعي تَرقصُ إسطبلاتُ الإقطاعيين / ولُعابي صَارَ مَملكةً للطحالبِ / كَم مَرَّةً ينبغي أن أموتَ لأشعرَ أنني على قَيْدِ الحياةِ ؟/ البُحيرةُ تُفكِّرُ في خِيانةِ زَوْجِها/ ثَعلبٌ ودُودةُ قَز / لا يَجْمَعُهُما سِوى الفِرَاشِ / والرُّومانسيةُ أن تَجْلِسَ معَ قاتِلَتِكَ في لَيْلةٍ شَاتيةٍ أمامَ مَوْقدةِ الاحتضارِ / وتُخطِّطا لِقَلْبِ نِظامِ الْحُكْمِ في قَلْبِ القِطةِ المقتولةِ على الأريكةِ / لا تَقْلَقْ يا قاتلي / إِذا ضَلَلْتَ طَريقَكَ سَوْفَ تَجِدُني .

09‏/07‏/2017

أحزان راهبة كاثوليكية / قصيدة

أحزان راهبة كاثوليكية / قصيدة

للشاعر/ إبراهيم أبو عواد

...............

    لَسْتُ أنا مَرْيَمَ لِتَسْقُطَ عَليَّ الرُّطَبُ / لَستُ أنا خَديجةَ لِيُحِبَّني النبيُّ / خُدودي هِيَ الْمَذْبحُ / وَرَقَبَتي هي المذبحةُ / إِنني مَخْنوقةٌ يا كُلَّ صُلْبانِ الجسَدِ الْمُهَشَّمِ / تَصيرُ الأشلاءُ كُوباً مِنَ الشَّايِ المصلوبِ على خَشَبَةِ المسْرَحِ / وإِعْدامي هو المسْرَحُ والمسرحيةُ / لا مِكياجٌ حَوْلَ ظِلِّ الرِّيحِ /  وَلا عُيوني قَوافلُ البَدْوِ الرُّحَّلِ / يَقرأُ الزبدُ الظِّلَّ النُّحاسيَّ إِنجيلاً للإبادةِ / وأيْنَ ظِلِّي ؟ / أبني في شُعيراتي الدمويةِ أبراجاً للنحيبِ / والأغرابُ يَبْنُونَ في طِلاءِ أظافري ناطحاتِ السَّحابِ / وجُثماني حاجزٌ أمنيٌّ / تَبني عَلَيْهِ العصافيرُ مَملكةَ القُشَعريرةِ / نَشيدُ الرِّياحِ كُحْلٌ للقَتيلةِ / فيا بَراميلَ النِّفْطِ في مِيناءِ السُّنونو / اقْتُليني عَاريةً مِن أجْنحةِ البَجَعِ وَتَراتيلِ الكَنيسةِ / عُذْراً أيُّها الموتى العُراةُ / لَم أتأمَّلْ في وُجوهِ الأراملِ العابرةِ خَلْفَ زُجاجِ القِطاراتِ / التي تَذهبُ ولا تَعودُ / لَوْ كُنتُ قَبْضةَ النهرِ / لَخَرَجَ صَوْتُ الرصاصِ مِن عِظامي / لكني أجراسُ الجلادين / مَن أنا لأَرْسُمَ مِكْياجَ الأميراتِ ؟ / فَلْتَكُنْ حُفْرتي جَرَساً في أُذُنِ غَزالةٍ / مَن سيتذكرُ بُكائي أمامَ الأمواجِ التي صَادَقَتْ ضُبَّاطَ المخابراتِ ؟ / أنا لَم أَعُدْ أنا / مَن أنا ؟/ لا شيءَ حَوْلَ اسْمي يَعشقُ صَليبي المكسورَ / قَد يَرْسُمُ أسْفَلْتُ الوَحْشةِ صَليباً وَحْشياً على شَظايا صَدْري / لا طِفْلٌ يَلتقمُ ثَدْيي / وَلا نشيدٌ وطنيٌّ لأبنائي في سُوقِ النِّخاسةِ / غَرِقْتُ في حَليبِ العُشْبةِ الأخضرِ / وحليبي أكياسٌ مِن الأسمنتِ على أرصفةِ المِيناءِ المهجورِ / مَن أنا لأَمْنَعَ أنَّا كارنينا مِن الانتحارِ وَكُلُّ حَياتي انتحاراتٌ ؟ /
     تَكَاثَرْ أيها الحزنُ / سَيِّجْني بِقُيودِ الغَسَقِ بأُمومةِ الأرصفةِ / القَبائلُ بَاعَتْ رَاياتِها مِن أجْلِ الرَّاتبِ الشَّهْرِيِّ/ أُنادي على القَتيلاتِ في المرفأ/ تتساقطُ أظافري كالثلجِ الأخضرِ في رِئةِ المِدْخنةِ / أحببتُ قِطتي فَخَانَتْني / فَأيْنَ أجِدُ زَوْجاً لا يَخُونني ؟ / أرْشِدْني أيها الموجُ الأعْرجُ / الأيتامُ يَمشونَ إلى أشجارِ الألَمِ / والغاباتُ تتعاطى وُجوهَ الفُقراءِ / ستقرأُ الماريجوانا وُجُوهَ طَالباتِ هَارفارد / الخارجاتِ مِن لَيْلةِ الدُّخلةِ/ الدَّاخلاتِ في سِفْرِ الرُّؤيا/مَن أنا لِيَعتذرَ لِيَ الملوكُ عَن سَرقةِ الشُّعوبِ؟/
     سَأعودُ لِكَيْلا أَعودَ / فَانهضْ مِن مُوجَزِ تاريخِ الْحُزْنِ / وتَقَمَّصْني / أنا خَشَبةُ المسْرَحِ / لكني لا أَعرفُ وَشْمَ النِّعالِ التي سَتَرْكُضُ على جَسَدي / لا تَكْرهيني يا أُمِّي / إِنَّ أبي يُمارِسُ هِوايَتَهُ في وأدِ البناتِ / كلُّ وَجْهٍ مطرٌ على أرْضٍ لا تَعترفُ إلا بالجلادين / فَلْتَفْرُشْ مَرايا الطوفانِ عِظامي أجنحةً صِناعيةً للنَّعَاماتِ المشلولةِ / يَا جَارَنا الراكضَ عَلى حَوَافِّ الكُرْسِيِّ المتحرِّكِ / لا تَمْلِكُ ثَمَنَ وِسادةٍ تنامُ عَلَيْها أو تبكي عَلَيْها / كُلُّنا رِمالٌ مُتحرِّكةٌ / أشباحٌ على صَوْلَجانِ الوَهْمِ / والعُروشُ تَقتلُ الملوكَ كالنَّمْلِ/ مَن أنا لأَقولَ لابنةِ القَيْصَرِ / كُوني أقلَّ تفاهةً مِن لاعباتِ التِّنسِ ؟/ المطرُ يَجْرَحُ لَحْمي الخريفيَّ / كَشِتاءٍ خَارِجٍ مِن غُرفةِ العِنايةِ المركَّزةِ / لا تسألْني لماذا أموتُ في الحياةِ / الدَّقيقةُ سَنَواتٌ مِن الألَمِ / ورَنينُ الدَّمْعِ كَسَرَ رَنينَ الأجراسِ في تاريخِ الرَّمادِ / يا أبراجَ الكنيسةِ / قِدِّيسةٌ أنتِ في النهارِ / مُومِسةٌ في الليلِ / قلبي أسئلةُ الأشجارِ/ والذينَ يَعْرِفُونَ الإجابةَ ماتوا / يَرْمي المساءُ شَظايا جُمْجمتي في صَحْنِ الملوخيَّةِ / والفَيَضَانُ يَكتبُ مُذكَّراتِ امرأةٍ تَكْرَهُ نَفْسَها / تَنسَى وَجْهَ زَوْجِها / ولا تَنسَى وَجْهَ مُغْتَصِبِها / وزَوْجُها هُوَ مُغتَصِبُها /
     أنظرُ وَراءَ تُفاحِ الجِنسِ / أرى دَمَ الوِلادةِ على أغصانِ النيازكِ / الرِّعشةُ النِّهائيةُ / والوَهْمُ اللذيذُ / والمِشْنقةُ الشَّهيةُ / اللاعَوْدةُ تَصيرُ عَوْدةَ النوارسِ المحكومةِ بالإعدامِ / أنا أكرهُكَ لأني أُحِبُّكَ / البطاطا المقْليةُ أرشيفٌ للقلوبِ المحترقةِ بالعِشْقِ / تَجْلِسُ عِظامي على طَاولاتِ المطاعمِ / أنا وَحيدةٌ كالصدى / وهَيْكلي العَظْمِيُّ مَبْلولٌ بالسِّيانيدِ / أنتحرُ في الصَّيْفِ / لكني أَشُمُّ رَائحةَ العَدَسِ في شِتاءِ الأديرةِ / يَسْتلقي الفَيَضانُ على رُموشي / والضَّبابُ يُعلِّقُ مَلابسي على حَبْلِ مِشْنقةٍ عابرةٍ / دَمي أعْزَلُ أيها الأسمنتُ المسلَّحُ/ مُحَاصَرَةٌ أنا بِمَلاقِطِ الحواجبِ والحواجِزِ الأمنيةِ / افْهَميني أيتها المزهرياتُ الملوَّثةُ بِدُموعِ العُشَّاقِ/ لماذا نَقتلُ الْحُبَّ بِاسْمِ الْحُبِّ ؟/ لن أرسمَ الصليبَ عَلى صَدْري المهجورِ قَبْلَ أن أنتحرَ مِثْلَ أنَّا كارنينا/ لأنَّ ذِكرياتي انتحاراتٌ / الصليبُ مَرْسومٌ على سَرَطانِ الثَّدْيِ / امرأةٌ لا تنسَى وَجْهَ جلادها / تَخونُ زَوْجَها معَ زَوْجِها / لكنها غَيْرُ مُتزوِّجةٍ /
     رَمْلُ البحرِ يُعاني مِن الإسهالِ / فَكَيْفَ يَموتُ عُشْبُ المقابرِ غريقاً ؟ / قَوْسُ قُزَحَ يَكتبُ واجباتِهِ المدرسيةَ على سَطْحِ كُوخي / وفي أقاصي أُنوثتي تَنْبُتُ ذُكورةُ النهرِ / لكني المشنوقةُ اللازورديةُ بِلا أرقامِ سُجناء / نَسيتُ أرقامَ الزَّنازين / وتاريخي ضِدُّ تاريخي / وأعضائي تتآكلُ / وَكُرياتُ دَمي الحمراءُ تُقاتلُ كُرياتِ دَمي البَيضاءَ / وأنا الهدنةُ المؤقَّتةُ بَيْنَهما / خُدودي تتصارعُ على أماكنِ النُّفوذِ في شَواهِدِ القُبورِ / ودِمائي مِكْياجُ الغِرْبان / مَن أنا لِتَنتظرَني وَلادةُ بِنْتُ الْمُسْتكفي عَلى أبوابِ مَحاكِمِ التفتيش ؟ /
     احتضاراتُ مُراهِقَةٍ تُتاجرُ بِثَدْيَيْها في مَرافئِ الملاريا / أزمنةُ الحطبِ تَصيرُ مكاناً يَختبئُ فِيهِ الجنونُ خَوْفاً مِن عُلبةِ مِكْياجي / لِمَن أتزيَّنُ أمامَ مِقْصلةِ الرَّماد ؟ / أَحْفِرُ في جُلودِ الأحصنةِ اسْمَ جُثماني/ والسنابلُ لا تَزُورُني إلا في مَواسمِ احتضاري / سَتأكلُ الطيورُ أشلائي على رَصيفِ الميناءِ / جِنازتي تَصيرُ مَطْعَماً للعُشَّاقِ الفاشلين / سَوْفَ يَلتقي الضَّبابُ المقتولُ باللبؤةِ الجريحةِ / وَيَستمعانِ إلى وَصايا الزَّبدِ / يَعْشَقُهُما الانتظارُ في محطةِ القِطاراتِ الخرساءِ / الإضراباتُ أَكَلَتْ زُجاجَ القِطاراتِ والمقاعِدَ الخشَبيةَ / وَعُمَّالُ المناجِمِ مُحَاصَرُونَ تَحْتَ الأرضِ / عَاشُوا تَحْتَ الأرضِ / وماتوا تَحْتَ الأرضِ / ومَناديلُ الوَداعِ مُلْقاةٌ على السِّكةِ الحديديةِ / مَشَاعري مِن الحديدِ أو النُّحاسِ / لكني أَعْرِفُ قِصَصَ العِشْقِ في طَريقِ المقابرِ الجمَاعيةِ / رُبَّما تَحصلُ الفُقْمةُ على جائزةِ الدُّبِّ الذهبيِّ / انتصرَ التُّرابُ على التُّرابِ / وفازَ الزَّرنيخُ بأعضائي البلاستيكيةِ / تُصبحُ جدائلي صَالةَ سِينما لِرِجالِ المخابَراتِ المخلِصِينَ للحَطَبِ / لا رَجُلٌ أموتُ على صَدْرِهِ / ولا سَيَّارةُ نَقْلِ الموتى تَنْحِتُ على شَاهِدِ قَبْري رَقصةَ الموجِ الأخيرةَ / عَرْشي غَامضٌ / والصَّوْلجانُ مَكْسورٌ / سَتَمُرُّ على كَفَني الْمُسْتَوْرَدِ الأشجارُ المسافرةُ/ لكني سَأعودُ معَ السُّنونو في مَساءٍ خَريفيٍّ/ مَن أنا لأُدرِّبَ الكِلابَ البُوليسيةَ على الملاعبِ العُشبيةِ ؟ /
     كانت أُنوثتي عُلْبةَ سَرْدين / وكانَ أبي يَخونُ أُمِّي / كَما تَخونُ بَناتُ آوَى بَناتِ أفكاري / أيها الإسطبلُ المهجورُ / حَاوِلْ أن تَفهمَ اكتئابَ الخيولِ / يا حِيطانَ الوَداعِ / ارْسُمي دُموعي على الوِسادةِ صُورةً تِذكاريةً / لَحْمي هُوَ أرشيفُ الحروبِ السِّريةِ / أعيشُ معَ الدَّبابيسِ الأُرجوانيةِ / التي تَزرعُ الحشيشَ في ثُقوبِ جِلْدي / وَدَمي لا يَقْبَلُ القِسْمةَ على اثنَيْن / وَجَسدي عاجزٌ عَن الانصهارِ في جَسَدِ رَجُلٍ / أنا وَرَقُ اللعبِ عَلى طَاولةِ لاعبةِ القِمارِ /
     أطنانُ المِكياجِ على وُجوهِ المذيعاتِ الْمُقْرِفاتِ / يَختارُهُنَّ النَّخاسُ حَسَبَ حَجْمِ أثدائهِنَّ ومَواعيدِ الدَّوْرةِ الشَّهريةِ / تَعادَلَ دَمُ الحيْضِ معَ دَمِ المِكياجِ / في المباراةِ التي خَسِرَتْها الجواري أمامَ القَراصنةِ / سَاعةُ الحائطِ على ألواحِ المذْبَحِ هِيَ سُوقِ النِّخاسةِ / أيتها الإِمَاءُ المحنَّطاتُ في السائلِ المنَوِيِّ / ارْقُصْنَ أمامَ الخليفةِ غَيْرِ الشَّرْعِيِّ / كَي تَنتشرَ الجماجمُ في مُستودعاتِ الميناءِ / مَن أنا لأَصْبُغَ المتوسِّطَ بِلَوْنِ دِمائي البنفسجيةِ ؟ / سَتَعيشُ هذه القَتيلةُ في ذِكْرياتِ العُشَّاقِ العَاطِلِينَ عَن العَمَلِ / أنا انقلابٌ عَسكريٌّ / دَمي يَنقلبُ على قَلبي / وقلبي يَنقلبُ على رِئتي / ورِئتي تَنقلبُ مَعِدَتي / رَضِعْتُ معَ حليبِ النَّيازكِ أعوادَ المشانقِ والمجازرَ والاغتيالاتِ والانقلاباتِ وَمَحاكمَ التفتيشِ وصُكوكَ الغُفرانِ / أنا عُنْصْرُ الهيدروجين/ أعيشُ وَحيدةً / وأموتُ وَحيدةً / أُمراءُ الحربِ/ وديمقراطيةُ القَراصنةِ / وجُغرافيا الكَبْتِ الجِنْسِيِّ / وَحْدَها حِيطانُ الدَّيْرِ تَفهمُ بُكاءَ الرِّياحِ / افْهَمْني يا حَطَبَ المِدْخنةِ/ كَما تَفهمُ سَيَّاراتُ نَقْلِ الموتى أشكالَ التَّوابيتِ/ مُهَاجِرَةٌ أنا إلى المرايا المشروخةِ/ والبُروقُ تَكسرُ المزهرياتِ الأثريةَ / والأعاصيرُ تَخْلَعُ أيقوناتِ الكاتدرائيةِ / ولا أَمْلِكُ غَيْرَ الوَهْمِ الجارحِ / الذي سَأُصْلَبُ عَلَيْهِ في نهاياتِ الخريفِ / أتقاسَمُ الْجُرْحَ معَ حَطَبِ الذكرياتِ القاتلةِ / وَسَرطانُ الثَّدْيِ التهمَ الصَّليبَ عَلى صَدْري المهجورِ /
     إذا اتَّصلتْ بِي أنَّا كارنينا بالهاتفِ / فأخبروها أنني أُشَرَّحُ على خَشَبةِ المذْبَحِ وبَلاطِ المعْبدِ / كأنني أسرقُ الضوءَ مِن شَمْسٍ تَكْرَهُني / لأنَّ حَنجرتي جُحْرٌ للفِئران / وعُيوني خَفافيشُ / يا قَلبيَ المنفيَّ في الأضدادِ / أنا وأنتَ عِشْنا كَجِرذانِ المرفأ المهجورِ / لكننا لَم نَجِدْ رَصيفاً نستريحُ عَلَيْهِ / أو صَوْمعةً ننامُ فِيها / أو أثاثاً يَحتضنُ جُثثَ الغرباءِ /
     مُدُنٌ للنِّسيانِ / وَمَناديلُ الوَداعِ صَارَتْ أكفاناً لِطُيورِ البَحْرِ / نَسِيَت النِّساءُ الجِمَاعَ في شِتاءِ الطاعون / اغْتَصَبَني دَمُ الباركِنسون / زَارَتْني مَراعي السُّلِّ / عَانَقَتْني تَجاعيدُ النَّيازكِ / دَخلتُ في شَيْخوخةِ الحطَبِ / وانتحرتُ / وما زِلْتُ أعيشُ / عُمري قَلْعةُ الاحتضارِ وأرشيفُ الانتحاراتِ / أيَّامي عِطْرٌ مَغشوشٌ / أنا حَشَرَةٌ / لكنَّ ذِكْرياتي مُبيداتٌ حَشَريةٌ / أنا شَبَحُ الأُنوثةِ في مُستودعاتِ الميناءِ / والمطرُ الحِمْضِيُّ هُوَ ما تبقَّى مِن وَجْهي المشروخِ /
     حياتي هَنْدسةٌ مِعْماريةٌ للانتحاراتِ / وخُدودي هِيَ أبراجُ المراقَبَةِ في مُعسكراتِ الاعتقالِ / لَم يَعْرِفْ حُزني أقواسَ النَّصْرِ / ولم تَلْمِسْ أظافري أكاليلَ الغارِ / أنا العارُ / أنا الموؤدةُ خَارِجَ ذِكرياتِ شَريفاتِ قُرَيْشٍ / فازرعيني خَوْخاً للاكتئابِ أيتها الغريبةُ/ التي تَرْمي الدَّلْوَ الفارغَ في قلبي الفارغِ / يا كُلَّ البغايا الراجعاتِ مِن اصطيادِ الزَّبائنِ / احْرُثْنَ وَجْهَ النهرِ بارتعاشةِ الجِنْسِ / الذي يَتحجَّرُ في أجسادِكُنَّ الملوَّثةِ بالزَّرنيخِ / تَحْفِرُ السُّيولُ في جَدائلي صَوْتَ الرصاصِ / وحَبْلُ مِشْنقتي بِطَعْمِ الشُّوكولاتةِ / والعناكبُ تأكلُ لحمي الطازَجَ / عَرْشي ضائعٌ / والملوكُ أبناءُ السَّبايا / والزوابعُ تَزرعُ إشاراتِ المرورِ في خُدودي / وَدَمي الأحمرُ هُوَ اللونُ الأخضرُ في إشارةِ المرورِ / لكني لا أَمُرُّ في سَراديبِ جبيني/ بِلادي رَاقصةٌ مُبتدئةٌ ضَاعَتْ في كَواليسِ المسْرَحِ / والراهباتُ يَمْشينَ في جِنازةِ البيانو / سيُصبحُ خَشَبُ البيانو نَعْشاً للأمطارِ / فاسْمَعْ تَغريداتِ الموتِ في مَمالكِ الجثامين / أَحملُ الرَّقْمَ القِياسِيَّ في الصَّدماتِ العاطفيةِ / والسِّنجابُ اليَتيمُ هُوَ الْمُتَحَدِّثُ الرَّسْمِيُّ بِاسْمِ القُنفذِ المصلوبِ/ وجسدي خَازِنُ بَيْتِ الأحزانِ/ أنا المقتولةُ في قِرْميدِ الأكواخِ الرِّيفيةِ/ مُخَدَّرٌ لحمي كأنني مَنقوعةٌ في كُلِّ تَواريخِ الأفيون / فَاقْتُلْني يا ضَوْءَ المطرِ كَي أتحرَّرَ / مُهاجِرةٌ أنا إلى صَوْتي المذبوحِ /
     البَعُوضُ / والمجازرُ / والحطامُ الكلاسيكيُّ / وَسُورُ المقبرةِ الزُّجاجيةِ / حُقولٌ مِن اليورانيومِ الْمُخَصَّبِ بَيْنَ لِساني ولُعابي / جَارتي تَعْزِفُ على البيانو في ليالي الشتاءِ الحزينةِ / وَتَخونُ زَوْجَها معَ أحَدِ تلاميذِها/ ولاعبةُ القِمارِ لَيْسَ لَدَيْها وَقْتٌ للطبخِ / كلُّ عُضْوٍ في جَسَدِ الشاطئِ المسْبِيِّ هُوَ اسْمي / وَيَنمو في شَرايينِ الضَّبابِ دَمٌ غَريبٌ / عَزيزتي رِمالَ البَحْرِ / أنتِ الحاكِمةُ العَسكريةُ على قلبي الذي تقاسَمَهُ الغرباءُ / الذين أَحْبَبْتُهم ورَحَلوا / هِيَ خُدودي المطفأةُ مَنَاجِمُ فَحْمٍ / لكنَّ العُمَّالَ ذَابوا في الإضراباتِ / وسَقَطَ سَقْفُ المعْبَدِ على جَدائلِ الراهباتِ / فَاقْطَعْني أيها الكَرْبونُ وَرْدَتَيْنِ / كما يَقطعُ الماسُ أثداءَ الأميراتِ في صالةِ الرَّقْصِ / صَدْري مَزارعُ الزَّرْنيخِ / وَعَرَقي مَسْمومٌ / وضَجَري مَسمومٌ / أنا السُّمُّ المترسِّبُ في عُروقِ الرِّياحِ / وما زِلْتُ أركضُ في أدغالِ النحيبِ / أَكذبُ على قلبي وأقولُ إِني أَكرهُكَ / الدَّهشةُ مُرْضِعتي التي تَكْرَهُني / والحطَبُ سائقُ سَيَّارتي المعطَّلةِ / إِنَّ دَوْلةَ الجنونِ مَاتتْ / وَلَم تَعُدْ سِوى مَزرعةِ حَشيشٍ للقُرْصانِ / سَتَخُونُكَ أظافرُكَ في معركةِ العِشْقِ / فاخْلَعْها كَي تُحَرِّرَ ذِكرياتي مِن الأَسْرِ / أكتبُ فَلسفةَ اللحمِ المحترِقِ لأنسَى الصَّدماتِ العاطفيةَ / أنا أرملةُ النهرِ الافتراضيةُ / لأنَّ محاكمَ التفتيشِ سَوْفَ تُعذِّبُني حتى الموْتِ / فَابْكِ عَليَّ يا رَمْلَ البَحْرِ حتى الموْتِ /
     لَيْلةُ إِعدامي مَوْلدي / وأنا التي وَلَدْتُ خَشَبَ الغاباتِ المحترِقَ / ودُفِنْتُ لَيلاً لئلا يَنْبُشَ قَبْري كَهنةُ الأسمنتِ / سَيْفُ الأدغالِ المسمومُ يَخترقُ أحشائي / يا كُلَّ النوارسِ المنفيَّةِ في أقاصي سُعالي/ ارحمي أُنوثتي الْمُفَخَّخةَ مِثْلَ بَراميلِ النِّفْطِ في مُستودعاتِ الموانئِ المنسيَّةِ / سَأَنتحرُ في أَوْجِ شَبابي لأظلَّ أنيقةً إلى الأبَدِ / يا حفَّاري قُبوري / اتركوا الويسكي / وركِّزوا في الشَّمْبانيا / اترُكوا الماريجوانا / ورَكِّزوا في الأفيون / يا حُزْنِيَ البلاستيكيَّ / لم أسْتَفِدْ مِن قِصَصِ الغرامِ غَيْرَ الرَّبْوِ / اصْلُبْني على جسدي عَاريةً مِن أَكوامِ الشُّطآنِ / وسَجِّل القضيةَ ضِدَّ مَجهولٍ / قد انتهت اللعبةُ / وأنقاضي هِيَ جَوازُ سَفَري / أرعَى الضفادعَ في مُستنقعاتِ المنفَى / الذي يَشْنُقُني لأنني أُنثى / أنا حارسةُ ذِكرياتِ اللصوصِ المحترمين / مَشْنوقةٌ أنا مَرَّتَيْن / مَرَّةً عِندما أحببتُكَ / وَمَرَّةً حِينما افْتَرَقْنا / قَرِفْتُ مِن قِصَصِ الْحُبِّ / كَما قَرِفَتْ هِنْدُ بِنْتُ النُّعمانِ مِن الْحَجَّاجِ /

     النِّساءُ الدُّمى / وَالرِّجالُ المرتزِقةُ / والدُّوَلُ مَسْرَحٌ للعرائسِ / أنا عَروسٌ بِدُونِ لَيْلةِ الدُّخلةِ / لا بابا الفاتيكانِ أبي / ولا الأمُّ تيريزا أُمِّي / سأبحثُ عَن حُبٍّ جديدٍ أو مجزرةٍ جديدةٍ / لا فَرْقَ بَيْنَ الأضدادِ إذا كانَ رأسُكَ مِقْصلةً مُسْتَوْرَدَةً / جَسَدُ العاصفةِ يَستحوذُ على ثَلْجٍ ساخنٍ / يَختزلُ الكُحْلَ في بُؤرةِ الجِنْسِ / كأنَّ امتزاجَ الويسكي بالنبيذِ دُستورٌ للبَعوضِ / يَا مَن تَسْجُنُونَ المطرَ  وَتَمْنَحُونَ اللصوصَ الأوسمةَ / كلُّ قَواربِ العُشَّاقِ تتكسَّرُ على صَخْرتي / لكني أضعتُ صَخْرتي في زَحْمةِ الفَراغِ وَجَدْوى العَدَمِ / ناقلاتُ النِّفْطِ تَصطدمُ بِوُشاحي / أنا خُرافةٌ / لكني لَسْتُ خُرافةَ الهولوكوست / وَحيدةٌ أنا كالقُشَعريرةِ / وَالقُشَعريرةُ وَحيدةٌ مِثْلي / أتزلَّجُ على صَقيعِ المنافي / وأبناءُ الإِمَاءِ يَحْرُسُونَ الوَحْدةَ الوَطنيةَ .

03‏/07‏/2017

المحاولات المضحكة لتحدي القرآن

المحاولات المضحكة لتحدي القرآن

من كتاب / حقيقة القرآن

تأليف : إبراهيم أبو عواد

..............

   حاولَ بعضُ الْجُهَّال مُعارَضة القُرآن الكريم ، فافْتُضِح أمرُهم ، وظَهَرَت سخافاتهم ، وصارتْ أخبارهم طرائف يتداولها الناس للسُّخرية بها، والاستهزاء بهم، والضحك عليها وعَلَيهم .
     قال ابن الجوزي في صَيد الخاطر ( 1/ 411) : (( ومِنهم مُسَيلمة ادَّعى النُّبُوَّة وتَسَمَّى رحمن اليمامة ، لأنه كان يقول: الذي يأتيني رحمان. فآمنَ برسول الله صلى الله عليه وسلم ، وادَّعى أنَّهُ قد أُشْرِكَ معه ، فالعجب أنَّهُ يُؤمن برسول ، ويقول إِنَّه كَذَّاب ، ثُمَّ جاء بقرآن يُضحك الناسَ مِثْلَ قَوْلِه: يا ضفدع بنت ضفدعين ، نُقِّي ما تُنَقِّين ، أعلاكِ في الماء ، وأسفلك في الطين . ومن العجائب : شاة سوداء تحلب لبناً أبيض ، فانهتك سَتْرُه في الفصاحة ، ثُمَّ مَسح بيده على رأس صبيٍّ فذهب شَعْرُه ، وبَصَقَ في بِئر فيبست . وتزوَّجَ سَجَاح التي ادَّعت النُّبُوَّة ، فقالوا : لا بُدَّ لها مِن مَهْر ، فقال : مَهْرُها أني قد أسقطتُ عنكم صَلاة الفَجْر والعَتَمة ، وكانت سَجَاح هذه قد ادَّعت النُّبوة بعد موت رسول الله صلى الله عليه وسلم فاستجاب لها جماعة ، فقالت : أعِدُّوا الرِّكاب ، واستعدوا للنِّهاب ، ثم اعبروا على الرباب، فليس دونهم حجاب ، فقاتلوهم . ثُمَّ قصدت اليمامة ، فهابها مُسَيلمة ، فراسلها وأهدى لها ، فحضرت عنده فقالت: اقرأْ عليَّ ما يأتيك به جبريل ، فقال : إنكنَّ معشر النساء ، خُلقتنَّ أفواجاً، وجُعلتنَّ لنا أزواجاً ، نُولجه فِيكُنَّ إيلاجاً، فقالت : صَدقتَ أنتَ نبيٌّ ، فقال لها : قُومي إلى الْمَخْدَع فَقد هُيِّئَ لك المضجَع ، فإن شئت مُستلقاة ، وإن شِئتِ على أربع ، وإن شئت بِثُلثيه ، وإن شئت به أجمع . فقالت : بَل به أجمع ، فهو للشمل أجمع . فافْتُضِحت عند العقلاء من أصحابها ، فقال منهم عُطارد بن حاجب  :
أضحتْ   نَبِيَّتُنا  أُنثى   يُطاف  بها           وأصبحت  أنبياءُ  الناسِ  ذُكرانا
فلعنةُ   اللهِ   رَبِّ  الناسِ   كُلِّهم           على سَجَاح ومَن  بالإفك  أغوانا
أعني مُسَيلمة الكذاب  لا سُقِيَتْ           أصداؤه  مَن  رُعِيَت  حيثما كانا
     ثُمَّ إنها رجعت عن غَيِّها وأسلمتْ ، وما زالت تُبَيِّن فضائح مُسَيلمة حتى قُتل . ومنهم طُلَيحة بن خُوَيلد خَرج بعد دعوى مُسَيلمة النُّبوة، وتَبِعَه عَوام ... ومِن قُرآنه: والْحَمَام واليَمام و الصُّراد الصُّوَّام ، لَيَبْلُغَنَّ مُلْكُنا العراقَ والشام... وقد تنبَّأ رَجل يُقال له كهمش الكلابي كان يزعم أن الله تعالى أوحى إليه: [ يا أيها الجائع، اشرب لبناً تشبع ، ولا تضرب الذي لا ينفع ، فإنه ليس بمقنَع ] ومنهم هُذَيل بن يعفور من بني سعد بن زهير ، حَكى عنه الأصمعي أنه عارضَ سورة الإخلاص فقال : قل هو الله أحد ، إله كالأسد ، جالس على الرَّصد ، لا يفوته أحد . ومِنهم هُذَيل بن واسع كان يزعم أنه من ولد النابغة الذبياني ، عارضَ سورة الكَوْثر ، فقال له رَجل ما قلت ؟ فقال : إنَّا أعطيناكَ الجوهر ، فصلِّ لربك وجاهِرْ ، فما يَرُدَّنَّكَ إلا كُلُّ فاجر ، فظهر عليه السنوري ، فقتله ، وصلبه على العمود ، فعبر عليه الرَّجل فقال : إنَّا أعطيناك العمود ، فصلِّ لربك مِن قُعود ، بلا رُكوع ولا سجود ، فما أراك تعود )) اهـ .
     وقال ابن كثير في تفسيره ( 2/ 539) : (( وأمَّا مُسَيلمة ، فَمَن شاهدَه مِن ذَوي البصائر عَلِمَ أمره لا محالة بأقواله الركيكة التي ليست فصيحة ، وأفعاله غير الحسنة بل القبيحة ، وقُرآنه الذي يُخلَّد به في النار يوم الحسرة والفضيحة ... وقَوْلُه _ قَبَّحه اللهُ _ : لقد أنعم الله على الْحُبلى ، إذْ أخرج منها نَسَمة تسعى ، مِن بين صِفاق وحَشى . وقَوْلُه _ خَلَّده الله في نار جهنم وقد فعل _ : الفيل، وما أدراك ما الفيل ، له خُرطوم طويل . وقَوْلُه _ أبعده الله عن رحمته _: والعاجنات عجناً، والخابزات خبزاً ، واللاقمات لُقماً ، إهالة وسمناً ، إِنَّ قُرَيشاً قوم يعتدون ، إلى غير ذلك من الخرافات والهذيانات التي يأنف الصبيان أن يَلفظوا بها إلا على وجه السُّخرية والاستهزاء. ولهذا أرغمَ اللهُ أنفَه ، وشربَ يوم حديقة الموت حَتْفَه ، ومَزَّقَ شَمْلَه ، ولعنه صَحْبُه وأهلُه ، وقَدِموا على الصِّديق تائبين ، وجاؤوا في دِين الله راغبين ، فسألهم الصِّديق خليفة الرسول _ صلوات الله وسلامه عليه _ ورَضِيَ عنه ، أن يقرأوا عليه شيئاً مِن قرآن مُسَيلمة _ لعنه اللهُ _ فسألوه أن يُعْفِيَهم من ذلك ، فأبى عليهم إلا أن يَقرأوا شيئاً منه ليسمعه مَن لَم يسمعه من الناس، فَيَعرفوا فَضْلَ ما هُم عليه من الهدى والعِلْم، فقرأوا عليه من هذا الذي ذكرناه وأشباهه ، فلمَّا فَرَغوا قال لهم الصِّديق_ رضي اللهُ عنه_: وَيْحَكم، أين كان يذهب بعقولكم؟...وذكروا أن عمرو بن العاص وفد على مُسَيلمة ، وكان صديقاً له في الجاهلية ، وكان عمرو لَم يُسلم بَعْد ، فقال له مُسَيلمة : وَيْحَكَ يا عمرو ، ماذا أُنزل على صاحبكم ، يعني رسول الله صلى الله عليه وسلم في هذه المدة ؟ فقال:لقد سمعت أصحابه يقرأون سُورة عظيمة قصيرة،فقال:وما هي؟فقال: } والعصر (1) إنَّ الإنسانَ لَفي خُسْر (2) { إلى آخر السورة ، ففكَّر مُسَيلمة ساعة ، ثم قال: وأنا قد أُنزل عليَّ مِثْلُه ، فقال : وما هو ؟ ، فقال : يا وبر يا وبر ، إنما أنت أذنان وصدر ، وسائرك حفر نقر ، كيف ترى يا عمرو ؟ فقال له عمرو : واللهِ إنك لَتَعلم أني أعلم أنك تَكذب . فإذا كان هذا مِن مشرك ، في حال شِرْكه ، لَم يشتبه عليه حال محمد صلى الله عليه وسلم وصِدْقه ، وحال مُسَيلمة _ لعنه اللهُ وكَذَّبه _ فكيف بأُولي البصائر والنُّهى وأصحاب العقول السليمة المستقيمة )) اهـ .
     وقال القرطبي في تفسيره ( 6 / 31 ) : (( وحكى النقاش أن أصحاب الكِندي ( فَيلسوف العرب ) قالوا له : أيها الحكيم ، اعملْ لنا مِثْلَ هذا القرآن ، فقال : نعم !، أعمل مِثْلَ بَعْضِه ، فاحتجبَ أياماً كثيرة ، ثُمَّ خرجَ ، فقال : واللهِ ما أَقْدِر ، ولا يُطيق هذا أحدٌ ، إنِّي فَتحتُ المصحف ، فخرجتْ سُورةُ المائدة ، فنظرتُ ، فإذا هُوَ قد نطق بالوفاء ، ونهى عن النَّكْث، وحَلَّل تحليلاً عاماً ثم استثنى استثناء بعد استثناء، ثم أخبرَ عن قُدرته وحِكمته في سطرَيْن ، ولا يَقْدِر أحد أن يأتِيَ بهذا إلا في أجلاد ( مُجلَّدات ) )) اهـ .

     والذينَ حاولوا مُعارَضة القُرآن، جاؤوا بكلمات سخيفة لا رابط بينها، فصاروا مَثاراً للسُّخرية والاستهزاء. وهؤلاء فَضحوا أنفسَهم بأنفسهم . وهذه الفئة الضالة معروفة بالفُجور والأخلاق الهابطة والسُّمعة السَّيئة . ولا يُوجد فيها أحدٌ معروف بالأمانة والصِّدْق. وقد تَمَادَوا في ضلالهم بسبب إعجاب أتباعهم الْجُهَّال بهم . ومُدَّعُو النُّبُوَّة في كل زمان ومكان ، يَعلمون عِلْمَ اليقين أنهم كاذبون ، وأنهم أرادوا تحصيل مكاسب دُنيوية وأرباح مادية ، وتكريس نفوذهم وهَيمنتهم على الرَّعاع والعوام .

01‏/07‏/2017

مذكرات النورس الوحيد ( قصيدة )

مذكرات النورس الوحيد ( قصيدة )

للشاعر/ إبراهيم أبو عواد

..............

     سَيَحْصِدُ الْبَارُودُ مَا زَرَعَهُ الرَّعْدُ فِي جِرَاحَاتِي / أَمْدَحُ الرَّمْلَ لِئَلا يَخْنُقَنِي / وَأَتَغَزَّلُ بِالْبُحَيْرَةِ لِكَيْلا تَقْتُلَنِي / رَائِحَةُ حَبْلِ الْمِشْنَقَةِ بَعْدَ صَلاةِ الْعَصْرِ / ضَيِّعْنِي فِي مَمَالِكِ دَمِي / وَاجْمَعْنِي فِي الْهِضَابِ نَشِيدَاً / تَبْذُرُ الأَنْهَارُ أَشْلاءَهَا عَلَى مِرْوَحَةِ السَّقْفِ / الْمُوَظَّفُونَ الَّذِينَ عَادُوا إِلَى ضَرْبِ نِسَائِهِمْ وَطَنٌ مَسْبِيٌّ / كَهْرَمَانُ الْعُمرِ/ وَالأَكْشَاكُ تَبِيعُ ظِلالَ الْعَصَافِيرِ لِلْمَتْحَفِ / أَيُّهَا الْوَطَنُ الْمُغَلَّفُ مِثْلَ الشُّوكُولاتَةِ الْمُسْتَوْرَدَةِ مِنَ الدَّمِ / مِثْلَ النَّرْجِسِ الْمُسْتَحِمِّ فِي فَرَاشَةٍ وَقِحَةٍ / وَفِي قَاعِ الأُغْنِيَةِ تَتَرَسَّبُ أَضْرِحَةُ السَّوْسَنِ / اسْتِفَاقَةُ كَوْكَبٍ فِي عُشٍّ تَبِيضُ فِيهِ الرِّيَاحُ / كُونِي أَيَّ شَيْءٍ سِوَى زِنْزَانَتِي لأَصْقُلَ حَجَرَ الْمَعْنَى / وَالْقَبَائِلُ تَتَقَاتَلُ عَلَى حَمْلِ ذِكْرَيَاتِي / وَدَرْبُ مَذْبَحَتِي تِلْكَ السِّنْدِيَانَةُ وَالْكُحْلُ الأَبْيَضُ / صُنْدُوقٌ مِنْ جَمَاجِمِ الْهُنُودِ الْحُمْرِ هُوَ الارْتِعَاشُ / شَمْسٌ تَجْدِلُ شَعْرَ الْقَمَرِ زَنْبَقَاً لِلْعَاصِفَةِ الْحَالِمَةِ / وَجَسَدَاً لِلتُّفَّاحِ النَّائِمِ فِي الزِّئْبَقِ الْحَجَرِيِّ / أنا الحاكِمُ على الزَّبَدِ / المحْكُومُ بالموْجِ /

     يَا بِطِّيخَاً يَبْنِي فِي نُخَاعِ الْعَظْمِ مِينَاءً لِلأَشْجَارِ الْمُهَاجِرَةِ وَحُقُولِ الْحِبْرِ الْمَنْفِيِّ / حَيْثُ تَخْتَبِئُ الْقَارَّةُ تَحْتَ إِبْطِ عُصْفُورَةٍ / وَيَكُونُ دَمُ الْعُقْبَانِ مُهَنْدِسَاً مِعْمَارِيَّاً / رِئَتِي الْمَهْجُورَةُ / يَحْمَرُّ خَدُّ الْحَصَى / تَبْنِي النُّسُورُ أَعْشَاشَهَا فِي عَمُودِي الْفِقرِيِّ / يَدُقُّ النَّهْرُ صُورَةَ وَالِدِهِ عَلَى تَابُوتِ أُنْشُودَتِي / كَتِفِي يَهْجُرُهَا كَوْكَبُ الرُّوحِ / أَيْنَ مَأْسَاةُ النَّمِرِ الَّذِي أَرْضَعَتْهُ سَمَكَةٌ ؟ / رَبَّتْنِي الصَّاعِقَةُ فِي حَارَاتِ الأُغْنِيَةِ/ إِنَّ جَدَائِلَ الْبُحَيْرَةِ تَرْمِيهَا الْمَقَاصِلُ عَلَى ضِفَّةِ الْوَقْتِ/ وَالْفَيَضَانُ يُرَبِّتُ عَلَى كَتِفِ الْيَانسُونِ /
     كُلَّمَا شَرِبَ زُجَاجُ مَرَاكِزِ التَّسَوُّقِ احْتِضَارَاتِ الْحَدِيقَةِ الْمَجْدُولَةِ مِنَ الْفُهُودِ / هَرَبَتْ مِنْ قَفَصِ الْجَمَاجِمِ وَرْدَةٌ / فهَلْ جَرَّبْتَ خَوْفَ الْقِرْمِيدِ مِنْ مَطَرِ الْقَلْبِ ؟ / كَزَوْجَاتِ الْبَحَّارَةِ الَّذِينَ لَمْ يَعُودُوا / كَالأَظَافِرِ الَّتِي تَحْتَفِظُ بِشَرَايِينِ الصَّخْرِ وَنُخَاعِ الشَّلالِ فِي الْحَقَائِبِ الْمَدْرَسِيَّةِ / لَمْ يَكُنْ ضَبَابُ عَرَقِي مَوْجُودَاً حَوْلَ الْمِدْخَنَةِ / يَوْمَ زَارَتْنِي الْبُحَيْرَاتُ فِي لَحْمِي الْخَامِسِ رُمْحِي الأَوَّلِ / تُعَبِّئُ الشَّمْسُ دَمَهَا فِي زُجَاجَاتٍ نَظِيفَةٍ / وَتُرَتِّبُهَا عَلَى رُفُوفِ مَكْتَبَةِ قَاعَةِ الإِعْدَامِ / أَنَا وَمَوْتِي انبَعَثْنَا مَعَاً / وَالْمَسَاءُ أَخْضَرُ أَوْ أَصْفَرُ / مَا لَوْنُ السَّنَابِلِ حِينَ تَلِدُ صَمْتَ الشَّلالاتِ الزُّمُرُّدِيَّةِ ؟ /
     يَا مَطَرُ / تَأَمَّل الطُّيُورَ الَّتِي تَمْضُغُ طُحَالِي / هَلْ تُشْبِهُ بَوَّابَةَ الرُّؤْيَا أَمْ حَشَائِشَ الْمَدْفَنِ ؟ / حَدِّقْ فِي أَثَاثِ الْمَذْبَحَةِ الطَّالِعِ مِنْ وَجَنَاتِ الْخَفَافِيشِ الْمُحَنَّطَةِ / يُغَيِّرُ الْمَسْلَخُ دَرَجَهُ اللحْمِيَّ / وَمَا زَالَ قَوْسُ قُزَحَ جَالِسَاً فِي الْمَقْهَى/ يَحْتَسِي انْتِحَارَاتِ الْقَشِّ / رِئتي الأُولى تُطْلِقُ النارَ على رِئتي الثانيةِ / يُفَصِّلُ الْقَمَرُ مِعْطَفَاً مِنْ جِلْدِي عَلَى مَقَاسِ الْحُلْمِ / وَالْمِدْخَنَةُ تَرْتَدِي رَبْطَةَ عُنُقٍ مِنَ الْكِتَّانِ الْمَهْجُورِ / وَالْبَحْرُ حَزِينٌ لأَنَّهُ أَضَاعَ مَحْفَظَةَ نُقُودِهِ فِي الْحَافِلَةِ /
     أيُّها النَّمِرُ المنبوذُ في السِّيركِ / ثِقْ بِالعَطَشِ في أجفانِ القَمَرِ / سَتَرْمي الصَّاعقةُ جَدائلَ البَناتِ على المجاعاتِ/ لا تَحْزَنْ أيُّها الشَّاطِئُ / لأنَّكَ فَشَلْتَ في لَيْلةِ الدُّخْلةِ/ لا تَحْزَنْ يا رَمْلَ البَحْرِ / لأنكَ عَاجِزٌ جِنْسِيَّاً / كُلُّنا مَوْتى / الزَّواجُ مَقبرةُ الْحُبِّ / والبَحرُ ضَريحُنا الأنيقُ / رَاهبةٌ عَمْياءُ تَصْلُبُ ثَدْيَيْها على الصَّليبِ /
     لِخَشَبَةٍ تَعْمَلُ مُذِيعَةً عَلَى مِنَصَّةِ الإِعْدَامِ / يَهْتِفُ السَّجَّادُ الْفَاخِرُ / كُلُّ مَا حَوْلِي يَغْتَالُنِي / لَكِنِّي الشَّاهِدُ عَلَى مَوْتِ الأَشْيَاءِ / قَلْبِي وَالشَّارِعُ أَمَامَ قَبْرِي بَكَيَا مَعَاً / أَقْبُرُ سَيَّارَاتِ التَّاكسِي فِي وَرِيدِ الْيَنْبُوعِ / وَيَحْمِلُ الصُّبْحُ فِي حَقِيبَتِهِ اللبُؤَاتِ الْعَقِيمَةَ / إِنَّنِي مَنْفِيٌّ دَاخِلَ قَصِيدَتِي/ فَلا تَتْرُكْنِي مُنْسَابَاً بَيْنَ أَعْوَادِ الثِّقَابِ / أُفَتِّشُ عَنْ قَاتِلِ أَبِي/ شَجَرَةُ نَسَبِي تَنْمُو فِي بَارُودِ الثَّوْرَةِ/ولَمْ يَبْقَ مِنِّي غَيْرُ مَدِينَةٍ تُلاحِقُنِي/ لِكُلِّ وَجْهٍ نَزِيفٌ خَاصٌّ بِهِ / يَا مَوْجاً يَهْدِمُ القُصورَ الرَّمْليةَ / أيْنَ قَبْرُ الأطفالِ الذينَ بَنَوْهَا ؟/ بِلادي تُفاحةٌ مَنْسِيَّةٌ بَيْنَ أسنانِ القراصنةِ/ انْطُق اسْمِي أَيُّهَا الرَّعْدُ/ وَعَلِّمْنِي كَيْفَ أُصَادِقُ النَّيَازِكَ / خُذْنِي إِلَى أَبْجَدِيَّتِي / لأَتَعَلَّمَ كَيْفَ اتَّحِدُ بِالْمَرَايَا دُونَ وَدَاعٍ فِي مَحَطَّةِ الْقِطَارَاتِ/ سَاعَةُ حَائِطٍ فِي الزِّنْزَانَةِ/ لِكَيْ تَجْرَحَ أَوْقَاتُ الصَّدَى ظِلالَنا / تَفْتَرِسُ الثَّوَانِي الْمُذَهَّبَةُ الْعَاجَ الْمُشَرَّدَ / وَالْحِيطَانُ تَتَبَوَّلُ عَلَى السُّجَنَاءِ /

     بَشَرٌ يَحْتَسُونَ سِمْفُونِيَّةَ الْعَارِ / مُسْتَلْقِينَ بَيْنَ أَفْخَاذِ الْوَحْلِ / يَتَنَاسَلُ الصُّرَاخُ عَلَى سَجَاجِيدِ الْغِيَابِ / وَتَتَرَاكَمُ فِي أَعْضَاءِ الْمَنْسِيِّينَ هِضَابٌ مِنَ الْكَهْرَمَانِ / الَّذِي يُقَلِّدُهُ الرَّمْلُ النَّازِفُ أَوْسِمَةَ الضَّبَابِ / فِي الْمَنَافِي الْجَلِيدِيَّةِ / فَأَيُّ قَمْحٍ سَوْفَ تَتَسَلَّقُهُ قَامَةُ الْوَحْلِ / فِي أَعْيَادِ الْجَرِيمةِ ؟ / دَمُ الشَّاعرِ يُوَسِّعُ حُدُودَ القَصيدةِ / وَحَفْنَةُ طَوَاوِيسَ ذَبِيحَةٍ تَتَكَدَّسُ كَالأَمْوَاجِ الْبَاكِيَةِ / فِي إِسْطَبْلِ الدُّخَانِ/ لِمَاذَا تُدَوِّنُ الْمِدْخَنَةُ مَوَاعِيدَ حُضُورِ الْبُحَيْرَةِ إِلَى شَكْلِي الَّذِي يَغِيبُ فِي دِمَاءِ الصَّبَاحِ ؟ / تِينَةٌ مُغْتَصَبَةٌ فِي الرِّيفِ الإِنجلِيزِيِّ / ثِيَابِي فِي خِزَانَةِ غُرْفَةِ التَّحْقِيقِ / سِيجَارَةٌ تَمْتَصُّ الْخَوْخَ الْمَشْنُوقَ / عَلَى شِفَاهِ الْمُحَقِّقِ / فَاهْبِطْ فِي سِرْدَابِ كَبِدِي لأَلْتَقِيَ بِسِحْنَتِي / الَّتِي فَرَّتْ مِنْ وَاجِهَاتِ الْمَحَالِّ التِّجَارِيَّةِ .