سيرة ذاتية

إبراهيم أبو عواد القيسي، مفكر، وشاعر،وكاتب صحفي من الأردن. ولد في عَمَّان 1982، لعائلة من شيوخ بني قيس/قَيس عَيلان(أكبر قبيلة عربية في العالم).حاصل على البكالوريوس في برمجة الحاسوب من جامعة الزيتونة الأردنية (2004).له اهتمامات واسعة في دراسات الكتب الدينية (القرآن الكريم، التوراة، الإنجيل )، والفكر الإسلامي، والفلسفة،وعلم الاجتماع،والسياسة ،والنقد الأدبي،والشعر،والرواية، والعلوم الطبيعية . متفرغ للبحث والتأليف.يكتب في أبرز الصحف والمجلات في الوطن العربي وأوروبا.له آلاف المقالات والدراسات، وعشرات الكتب المطبوعة،من أبرزها: [1]حقيقة القرآن [2] أركان الإسلام [3] أركان الإيمان [4] النبي محمد[5]دراسات منهجية في القرآن والسنة[6] العلاقات المالية والقضائية والسياسية والاقتصادية في القرآن [7] دراسات منهجية في القرآن والتوراة والإنجيل [8] الدعوة الإسلامية [9] منهج الكافرين في القرآن [10] العلوم والفنون في القرآن [11] العمل في القرآن [12] العلاقات الأخلاقية في القرآن [13] القصص والتاريخ في القرآن [14]الإنسان والأسرة والمجتمع في القرآن [15] الديانات في القرآن الكريم [16] بحوث في الفكر الإسلامي [17] التناقض في التوراة والإنجيل [18] صورة اليهود في القرآن والسنة والإنجيل [19] نقض عقائد ابن تيمية المخالفة للقرآن والسنة [20] عقائد العرب في الجاهلية[21]فلسفة المعلقات العشر[22] النظام الاجتماعي في القصيدة(المأزق الاجتماعي للثقافة. كلام في فلسفة الشعر) [23] صرخة الأزمنة ( سِفر الاعتراف ) [24] حياة الأدباء والفلاسفة العالميين [25]مشكلات الحضارة الأمريكية [26]الأعمال الشعرية الكاملة(مجلد واحد)[27] سيناميس (الساكنة في عيوني)[28] خواطر في زمن السراب [29] أشباح الميناء المهجور (رواية)[30]جبل النظيف ( رواية) [ يُمنع ترجمة أيَّة مادة في هذه المدونة أو نقلها بأيَّة وسيلة كانت إلا بعد الحصول على موافقة خطية مُسبقة من المؤلف إبراهيم أبو عواد، تحت طائلة المسؤولية القانونية، ووفق قوانين حماية الملكية الفكرية ] .

28‏/02‏/2025

الرهائن والغنائم والفرائس

 

الرهائن والغنائم والفرائس

للشاعر/ إبراهيم أبو عواد

...........................

    الهَلَعُ يَتفجَّرُ في خُدودِ الصَّبايا / والرِّمالُ المُتحرِّكةُ تَرْسُمُ الخَوْفَ عَلى وُجوهِ الأطفالِ / الذينَ يَبْنُونَ القُصورَ الرَّمْلِيَّةَ تَحْتَ لَمَعَانِ الأمطارِ / ثُمَّ يَهْدِمُونَها تَحْتَ لَمَعَانِ الخناجِرِ /

     قُتِلَت البُحَيرةُ في اشتباكٍ مُسَلَّحٍ مَعَ السَّرَابِ / قَتَلْنَا أحلامَ الطفولةِ / ومَشَيْنَا في جِنَازَتِهَا / بَكَت النِّساءُ في مَرْفَأ الوَدَاعِ / بَكَى الخريفُ في دَمِي / والدُّموعُ لَن تُعِيدَ القَتْلَى / أنا الرَّصاصةُ الأُولَى والرُّومانسِيُّ الأخيرُ في مُدُنِ التَّطهيرِ العِرْقِيِّ / أنا أوَّلُ مَن يُدْفَنُ بَيْنَ حَبَّاتِ التُّوتِ / وآخِرُ شَجَرَةٍ في المقبرةِ / أمشي إلى أشِعَّةِ القَمَرِ في الخريفِ / وأعْرِفُ أنَّ بَيْتَنَا سَيَخْلُو مِن سُعالِ أبي /

     وَرَّثَتْنِي البُحَيرةُ عُقَدَهَا النَّفسيةَ / ومَاتتْ بَيْنَ حَنجرةِ النَّهْرِ وجُثْمَانِهِ / والعَوَاصِفُ تَزرعُ الأغاني الوَطنيةَ بَيْنَ العَبيدِ والسَّبايا / والذِّكرياتُ صُورةُ البُرتُقَالِ بَيْنَ أرقامِ القَتْلَى / وَجِلْدِي أرشيفُ المطرِ في مُدُنِ الرَّمادِ / والقَنَّاصُ المشلولُ الذي يَعيشُ في أبراجٍ مِن جَمَاجِمِ الأطفالِ / أَطْلَقَ النَّارَ عَلى الكِلابِ البُولِيسِيَّةِ / وتَنَاثَرَ الدَّمُ على زُجاجِ السَّياراتِ في مَمَالِكِ الخديعةِ /

     لا تَقْلَقْ عَلى مُسْتَقْبَلِكَ المُشْرِقِ يَا حَفَّارَ القُبورِ / سَوْفَ تَجِدُ مَن يَدْفِنُكَ عِندَما تَمُوتُ / لَن تَظَلَّ جُثَّتُكَ عَلى الرَّصيفِ / نَحْنُ ذَاهِبُونَ إلى لَمَعَانِ أشجارِ الكَرَزِ بَيْنَ الأضرحةِ / نَجْمَعُ ذَهَبَ الخِيانةِ / ونَعِيشُ في التَّوابيتِ الفِضِّيةِ/ وتَنمو أشجارُ المقبرةِ في قَفَصي الصَّدْرِيِّ/ والصَّبايا يَرْمِينَ مِناديلَ الوَداعِ في هَيْكلي العَظْمِيِّ / والمساءُ يَغتَصِبُ مَحطةَ القِطاراتِ / والأمطارُ نَسِيَتْ جُثماني على مَقْعَدِ الانتظارِ الخَشَبِيِّ /

     أنا الغريقُ الرُّومانسِيُّ / لِي نَصيبٌ مِن جَسَدِ البُحَيرةِ / ومَملكتي بَيْنَ رَائحةِ الخُبْزِ ورَائحةِ الرَّصاصِ/ كِلابٌ بُوليسيةٌ بَيْنَ الكَنائسِ والعَوَانسِ/ والرَّاهباتُ المشلولاتُ على الكَراسي المُتحرِّكةِ/ لا عَرْشَ للرَّمادِ سِوى غُرفةِ الاعترافِ/ والدُّموعُ الخضراءُ في المزهرِيَّاتِ/ وكُحْلُ الفَتَيَاتِ يَسيلُ على نَصْلِ المِقْصَلةِ / وأنا البَعيدُ عَن قَلبي / القَريبُ مِن أظافري / أَشُمُّ عِطْرَ الأمواتِ في الغُروبِ الفاصلِ بَيْنَ شَراييني والنَّهْرِ /

     انتَظَرْتُكِ أيَّتُها الذِّئبةُ في لَيالي الشِّتاءِ كَي تَغتالي ذِكْرياتي/ كَما يَنتظِرُ الأيتامُ مَلابِسَ العِيدِ في مَدينةِ القَتلى / مَنْسِيَّةٌ أنتِ أيَّتُها البُحَيرةُ الباكيةُ في قَلْبِ عَاشِقِكِ / كَقِيثارةٍ في صَحراءِ الياقوتِ / أو بيانو تَحْتَ المَطَرِ / والزَّوابعُ لا تُفَرِّقُ بَيْنَ أخشابِ التَّوابيتِ وأخشابِ البيانو / فَكُن أيُّها النَّهْرُ المشلولُ وَردةً بَيْنَ الأضرحةِ / وعَلَيَّ أن أكُونَ حَبَّةَ كَرَزٍ بَيْنَ الرَّصاصاتِ .

27‏/02‏/2025

البحيرة أرشيف سري لأرقام جثث الغرقى

 

البحيرة أرشيف سري لأرقام جثث الغرقى

للشاعر/ إبراهيم أبو عواد

........................

     عَانِقِينِي أيَّتُهَا البُحَيرةُ في شَمالِ الصَّليلِ/ واعْشَقِي غُربةَ شَراييني / إنَّ ضَوْءَ القَمَرِ يَطْعَنُنِي في ظَهْرِي / أنامُ في ذَاكرةِ الخَنَاجِرِ / وَدُمُوعي تَحْفِرُ وِسَادتي / وَمَساميرُ نَعْشي هِيَ كِلابٌ جَائِعةٌ تَبْحَثُ عَن عِظامي / والعَناكبُ تُضِيءُ أوْعيتي الدَّمويةَ / والطحالبُ تُلَمِّعُ هَيْكَلي العَظْمِيَّ / وجُلُودُ الفِئرانِ تُزَيِّنُ جُدرانَ غُرفتي / والنَّهْرُ الباكي هُوَ حَجَرُ الزَّاويةِ في قَلْبي المهدومِ /

     أَكَلَ البَقُّ بَرَاوِيزَ الذِّكرياتِ عَلى حِيَطَانِ بَيْتي / والجرادُ يَزْرَعُ البَنَادِقَ الآلِيَّةَ في أمعائي / والمرافئُ العَذراءُ تُخَبِّئُ الأوسمةَ العَسكريةَ في قَارُورةِ السُّمِّ / ذَهَبَت النِّساءُ إلى المَوْتِ / وَبَقِيَتْ ضَفَائِرُهُنَّ عَلى أسوارِ البُيوتِ / تاريخٌ أعْمَى يُولَدُ مِن سَكاكينِ المطبخِ / جُغرافيا تائهةٌ بَيْنَ مَلاقِطِ الغسيلِ ومَلاقِطِ الحواجِبِ / مُسْتَقْبَلٌ مُشْرِقٌ بَيْنَ الرَّصَاصِ المَطَّاطِيِّ وصَفَّارَاتِ الإنذارِ / ونَسِيَ الأيتامُ حَقائبَ المدرسةِ تَحْتَ أشجارِ المقابرِ / ونَسِيَت الزَّوابعُ جُثَثَ الأطفالِ في ثَلاجةِ المطبخِ /

     ثُقُوبُ جِلْدِي هِيَ أبراجُ مُرَاقَبَةٍ بَيْن الرَّصَاصِ الحَيِّ والنَّهْرِ المَيْتِ / وأنا الغريبُ في شَراييني/ المَنْسِيُّ في جَدْوَلِ الضَّرْبِ / الذي يَضُمُّ أرقامَ الجُثَثِ المجهولةِ وأرقامَ الزَّنازين / أخجلُ أن أنظُرَ في المرايا / فاكْسِري المرايا في زِنزانتي الانفرادِيَّةِ أيَّتُها الزَّوابعُ الضَّوئيةُ/واذْكُرِيني يا أزهارَ الشَّفَقِ / أنا الطِّفْلُ المنبوذُ / أركضُ إلى البَحْرِ في المساءِ الجارِحِ / وأنتظِرُ المَوْتَ بَيْنَ جَدَائِلِ أُمِّي/ لا تاريخٌ لأعصابي سِوى أعلامِ القَبائلِ المُنَكَّسَةِ / ولا جُغرافيا لِشَراييني سِوى أظافرِ العاصفةِ في صُحونِ المطبخِ / كُن مِندِيلَ الوَدَاعِ/ حِينَ يُصْبِحُ القَلْبُ حَبْلَ غَسِيلٍ/كُن عَامِلَ نَظَافَةٍ/ حِينَ تُصْبِحُ الدَّوْلَةُ مَزْبَلَةً/ كُن حَفَّارَ قُبورٍ/حِينَ تُصْبِحُ حَبَّاتُ الكَرَزِ رَصَاصَاتٍ في البَنادقِ الآلِيَّةِ/ نَسِيَ الأيتامُ دَفاترَ الرِّياضياتِ على سُور المقبرةِ / وذَهبوا كَي يَضَعُوا الأرقامَ عَلى جُثَثِ آبائِهِم / ويَمُوتوا في الشَّفَقِ البَعيدِ / تَسْبَحُ طُيُورُ البَحْرِ في دَمِ النَّخيلِ / والخُيُولُ المشلولةُ تَبكي في السَّحَرِ / والذُّبَابُ يَركضُ في الغُروبِ / نَسِيَتْ عَازِفَةُ البيانو أصَابِعَهَا في ثَلاجةِ المَوْتَى / وبَقِيَ البيانو تَحْتَ المطَرِ وَحيدًا / وَتَوَقَّفَ العَزْفُ إلى الأبَدِ / لا حُلْمَ يَنْبَعِثُ مِن مَسَامِيرِ التَّوَابِيتِ سِوَى صَوْتِ المَطَرِ / وكانَ المَطَرُ يَكْسِرُ أظافرَ الفَتَيَاتِ في حُقولِ القَمْحِ / والعَصَافِيرُ تَبْحَثُ عَن رُفَاتي / والجُثَثُ ذَاتُ الأسنانِ الذهبيةِ أكَلَتْهَا فِئرانُ السَّفينةِ الغارقةِ / والقَنَّاصُ الأعمى يُطْلِقُ النَّارَ عَلى قِطَطِ الشَّوارعِ /

     سَتَمُوتِينَ أيَّتُها الفَراشةُ عَاريةً / أكَلَ الجرادُ أكْفَانَكِ / وَكَسَرَ المطرُ مَساميرَ نَعْشِكِ/ وَحَفَّارُ القُبورِ ذَهَبَ لاستلامِ الرَّاتِبِ الشَّهْرِيِّ / وَنَسِيَ أن يَحْفِرَ قَبْرَكِ .

26‏/02‏/2025

الأقفاص

 

الأقفاص

للشاعر/ إبراهيم أبو عواد

............................

     الزَّوجاتُ الخائناتُ في أقفاصِ الذِّكْرَيَاتِ / واللبُؤَاتُ في أقفاصِ حَديقةِ الحَيَوَانَاتِ / والحَيَوَانَاتُ المَنَوِيَّةُ في أقفاصِ أجسادِ القَتيلاتِ / وَطَنٌ مَنْذُورٌ للأققاصِ وَقَوَانِينِ الطوارئِ / كَيْفَ نَهْرُبُ يا جُثماني مِن أشِعَّةِ القَمَرِ / وَنَرْكُضُ في أزِقَّةِ المرفأ مِثْلَ القِطَطِ الضَّالَّةِ ؟ /

     قَمِيصُ النَّوْمِ الفُسْفُورِيُّ/ لَكِنَّ المرأةَ قَتَلَهَا شَمْعُ الذِّكرياتِ/ والمَوْجُ أحْرَقَ جُثةَ المَرأةِ / وَنَثَرَ المساءُ رَمَادَهَا في حَنَاجِرِ النَّوارسِ / كَسَرَت العاصفةُ شَوَاهِدَ القُبورِ / وَبَقِيَ عِظَامُ الأطفالِ في عُلبةِ المِكْياجِ / المَوْتُ حَجَرُ الزَّاويةِ في رِئتي/ وَدَمِي يَخُونُ رِئتي مَعَ أكفاني/ وأحلامُ الطفولةِ الضَّائعةُ نَشيدٌ للتَّوابيتِ الذهبيةِ في مُدُنِ الرَّمادِ / وأنا المساءُ المكسورُ / عِشْتُ كَي أُؤرِّخَ لِسُقُوطِ المُلُوكِ الخَوَنَةِ في لُعْبَةِ الشِّطْرَنجِ والانقلاباتِ العَسكريةِ /

     أيُّها المنبوذُ في مُدُنِ السَّرابِ / سَوْفَ تَخْلِطُ الزَّوبعةُ رَمَادَ جُثتِكَ مَعَ رَمَادِ جُثةِ زَوْجَتِكَ / وتَضَعُهُمَا في قِنِّينةٍ أمامَ أحزانِ البَحْرِ / لا مَعْنى لأظافرِ العُشَّاقِ الرُّومانسِيَّةِ / لأنَّ القُلوبَ الدَّافئةَ ضَاعْتْ في مَملكةِ الصَّقيعِ / لا مَعْنى للرَّسائلِ الغرامِيَّةِ الكريستالِيَّةِ / لأنَّ الحَمَامَ الزَّاجِلَ ضَاعَ في مَرْفَأ الخريفِ / ولا مُسْتَقْبَلَ لِنَوَارِسِ البَحْرِ سِوَى جُثَثِ البَحَّارَةِ الغَرْقَى /

     أنا لاعِبُ التِّنِسِ الذي كَسَرَ المِضْرَبَ / ولا أعْرِفُ هَل خُنْتُهُ أَمْ خَانَني / أعْرِفُ أنَّ مَوْجَ البَحْرِ يَحْقِدُ عَلَيَّ / وأعْرِفُ أنَّ سُورَ المقبرةِ يَعْشَقُ رُمُوشي / فيا سَجَّاني الرُّومانسِيَّ / امْنَحْنِي إجازةً كَي أَزُورَ جُثماني تَحْتَ قَمَرِ غَرْناطة / وأُزَوِّرَ شَهادةَ مِيلادِ البَحْرِ / دَمْعُ أُمِّي يَكْسِرُ مَساميرَ نَعْشِي تَحْتَ أمطارِ الخريفِ / وأنا النَّوْرَسُ المطرودُ مِن حَنجرةِ البَحْرِ / العائِشُ في أرشيفِ الحواجِزِ العَسكرِيَّةِ / فيا أيَّتُها المِشنقةُ الكريستالِيَّةُ / كُونِي لَيْلَى / واكْتَشِفِي الذِّئْبَ في دَاخِلي /

     أيَّتُها الجاريةُ التي تَفتخِرُ بِحَجْمِ ثَدْيَيْهَا في سُوقِ النِّخاسةِ/إنَّني أفتخِرُ بِحَجْمِ مِشْنقتي في سُوقِ الوَحدةِ الوَطنيةِ / العُشَّاقُ تَحْتَ المطرِ النُّحَاسِيِّ / وأشِعَّةُ القَمَرِ تُحْرِقُ أخشابَ التَّوابيتِ / ورَائحةُ القَهْوَةِ في الزِّنزانةِ الانفرادِيَّةِ تَغْسِلُ جُلودَ السُّجناءِ الذينَ لا يَسْتَحِمُّونَ إلا في أرشيفِ القَرَابين/

     أيُّها النَّجْمُ المُسافِرُ مِن اللمَعانِ إلى الاحتراقِ/ البَحْرُ خَانَ البُحَيرةَ / والنَّهْرُ هُوَ السَّجَّانُ الواقفُ بَيْنَ جُثماني وأجفاني/فلا تَكْرَه اللبُؤةَ الغريقةَ يا شَقِيقي النَّهْر/ إنَّ الجِرْذانَ تَخْرُجُ مِن ثُقوبِ جِلْدِها/ والطحالبُ تَنْمُو في أوعيتها الدَّمويةِ / وأنا الغريبُ عَن ذَاتي / المُهَاجِرُ مِن شَراييني / المَنْفِيُّ في قلبي/ عِشْتُ مَوْتي في حَيَاتي  كَي أُؤرِّخَ للحُبِّ الضَّائعِ / وَمُتُّ كَي أُؤرِّخَ لِضَيَاعِ البَحْرِ .

25‏/02‏/2025

دم أخضر متجمد في غربال الذاكرة

 

دم أخضر متجمد في غربال الذاكرة

للشاعر/ إبراهيم أبو عواد

........................

     رِئَتي زَهرةٌ يَتيمةٌ في مَقبرةٍ قَديمةٍ / القُبورُ مَطْمُوسةٌ / وحِبَالُ الغسيلِ على أشجارِ المقبرةِ / أخُوضُ حَرْبًا أهليةً عَلى ثَلاثِ جَبَهَاتٍ / قَلْبي ورِئتي وَجُثماني / فَمَا فَائدةُ أن أكُونَ وَرْدَةً بَيْنَ شَواهِدِ القُبورِ ؟ /

     جُرْحِي على حَافَةِ المساءِ/ والقَطيعُ يَسِيرُ إلى حَافَةِ الجَبَلِ / والرَّاعي يُنَظِّفُ مِزْمَارَهُ بِدُمُوعِ أُمِّهِ / وأنا أُنظِّفُ مُسدَّسي بِدُمُوعِ أبي / كُلُّ شَيْءٍ ذَاهِبٌ إلى الانطفاءِ الرَّهيبِ / والفَرَاشاتُ تَركضُ إلى الحُفْرَةِ العَميقةِ/ ويَنطفِئُ لَمَعَانُ الأظافرِ المكسورةِ في غَابةِ اليَاقوتِ/ يَنطفِئُ عِطْرُ الضَّفائرِ المقصوصةِ في بُحَيرةِ الدَّمْعِ / فَمَا فَائدةُ قَميصِ النَّوْمِ إذا كانت المَرْأةُ جُثَّةً هَامِدَةً ؟ /

     أصواتُ المَوْتَى لا تَزالُ في ثُقوبِ جِلْدي / وَصُوَرُ الأطفالِ القَتْلى الذينَ يَصْرُخُونَ عَلى زُجاجِ نافذتي / وَفِرَاشُ المَوْتِ يُنادي على المِلْحِ في خُبْزِ أُمِّي / يُنادي عَلَيَّ المَوْتُ في المساءِ السَّحيقِ / وأخافُ أن أُلَبِّيَ / الرَّاعي نائمٌ تَحْتَ شَجرةِ الاحتضارِ / وَالقَطِيعُ يَسِيرُ إلى قَاعِ الوَادي / لا تَاريخَ لَنَا سِوى هَاوِيَةِ الفِضَّةِ في الجُثَثِ الذهبيةِ /

     أيَّهُا الغريبُ / لماذا تَنتظِرُ امرأةً تَضُمُّكَ إلى صَدْرِها ؟/ سَرَطَانُ الثَّدْيِ أحرقَ الأخْضَرَ وَاليَابِسَ/ وَعَادَت النَّوارِسُ إلى البَحْرِ في لَيالي الانقلاباتِ العَسكرِيَّةِ / وَدِمَائي عَلى ثُلوجِ التِّلالِ الحزينةِ / وَدَمُ الحَيْضِ السَّاخنُ عَلى بَلاطِ السُّجونِ الباردِ / وَأنا المُهَاجِرُ مِن دَمِ القَتْلى إلى دَمِ القَتيلاتِ / أنا المُسَافِرُ الأبديُّ مِن الشَّايِ الأخضرِ إلى دَمْعِي الأخضرِ / أزْرَعُ ذِكرياتِ الخريفِ بَيْنَ صُرَاخِ الأيتامِ وَصَوْتِ الرَّصاصِ / وَنَوَارِسُ البَحْرِ تَزرعُ الحواجِزَ العَسكرِيَّةَ بَيْنَ نَوْبَاتِ اكتئابي / والفَراشاتُ التي عَادَتْ إلى جُثمانِ النَّهْرِ/ تُخَطِّطُ لاغتيالي في لَيالي الخريفِ البَاردةِ/ والأطفالُ يَقْضُونَ العُطْلَةَ الصَّيْفِيَّةَ في تَلْمِيعِ أشجارِ المقابرِ الرُّخَامِيَّةِ / والفُقَرَاءُ يَحْرُسُونَ بَوَّاباتِ المقابرِ مِنَ الصَّدأ والصدى/ 

     سُعَالُ أبي يَدُلُّ العَصافيرَ عَلى قَبْري / وَجَدائلُ أُمِّي تُرْشِدُ الفَرَاشاتِ إلى جُثمانِ أبي / أدْهَنُ بَوَّابةَ المقبرةِ بِمِلْحِ دُمُوعي / فيا أيُّتها الغريبةُ في مُدُنِ الصُّراخِ / رِائحةُ عِطْرِكِ تُشْبِهُ رَائحةَ المُلُوخِيَّةِ في لَيالي الشِّتاءِ الحزينةِ/وَنَسِيَ المساءُ الحزينُ حَبَّاتِ الكَرَزِ عَلى شَواهدِ القُبورِ في غَابةِ الكَهْرَمان/

     لا تاريخٌ لِرَمْلِ البَحْرِ وَلا قَبيلةٌ / أكَلَ الجرادُ أكفاني / وَأحلامي جُثةٌ مُتَحَلِّلَةٌ تَحْتِ المطَرِ / لا تَحْزَنْ أيُّها الثلجُ المذبوحُ/ لا شَارِعٌ يَحْمِلُ اسْمَكَ في مَملكةِ الطاعون/ولا امرأةٌ تَنتظِرُكَ في الزِّنزانةِ الانفرادِيَّةِ / لا تَكْرَهْني أيُّها الاحتضارُ الأُرْجُوَانِيُّ / فِرَاشُ الموْتِ مِن أجنحةِ الفَرَاشاتِ المنبوذةِ/ وَنَعْشِي مِن خَشَبِ الأثاثِ المُسْتَعْمَلِ / وَمَساميرُ نَعْشِي مِن اللازَوَرْدِ المَجروحِ عَاطِفِيًّا .

24‏/02‏/2025

قبعة على رأس مقطوع

 

قبعة على رأس مقطوع

للشاعر/ إبراهيم أبو عواد

.......................

     يَا مُدُنَ السُّلِّ المُعَلَّبَةَ كالسَّرْدين / أيَّتُها الجُثَثُ المجهولةُ التي تتكاثرُ مِثْلَ أكواخِ الصَّفيحِ في القُرى المَنبوذةِ / إنَّ السَّمكةَ ابْتَلَعَت الطُّعْمَ / وَلَن يُنقِذَها البَحْرُ ولا ضَوْءُ القَمَرِ /

     أكفانُ الجنودِ مَغسولةٌ بِذِكْرياتِ الأراملِ / بَناتُ أفكاري قَتيلاتٌ على أسوار القُصُورِ / والرُّومانسيةُ كِذبَةُ نَيْسَانَ في الشِّتاءِ الدَّامي/ دَمِي في حُفَرِ المجاري / لَكِنَّ جُثماني في حَاويةِ القُمامةِ / كَأنَّني لَمْ أَجِئْ إلى هَذِهِ الأرضِ / ولا أعْرِفُ هَل عِشْتُ حياتي أَمْ عِشْتُ مَوْتي / 

     اترُكِي بَصْمَتَكِ عَلى شَاهِدِ قَبْري/ كُونِي حَبَّةَ الكَرَزِ المَنْسِيَّةَ بَيْنَ الأضرحةِ/ لَن تَكُونَ جُثتي هي الوَرْدَةَ تَحْتَ أشجارِ المقبرةِ / فابْحَثُوا عَن شَارِعٍ بَيْنَ أشجارِ المقابرِ كَي تُطْلِقُوا عَلَيْهِ اسْمِي / أنا القائدُ المهزومُ في أرشيفِ القَرَابين / أُقَاتِلُ الصَّوْتَ / وأُعْلِنُ انتصاري على الصَّدى / أنا المحكومُ بالحَنينِ والذِّكرياتِ / نَوْرَسٌ يَنتظِرُ المَوْتَ / وَكَانَ الانتظارُ هُوَ المَوْتَ /

     دَمُ العُشَّاقِ يَطْفُو عَلى سَطْحِ الشَّايِ الأخضرِ/ وَدَمِي لَيْسَ أزرقَ/تَطْفُو الجُثَثُ عَلى سَطْحِ الماءِ أوْ سَطْحِ الدَّمْعِ / وأظافرُ السَّبايا مَغرُوسةٌ في جَسَدِ التُّفاحِ / فيا أيَّتُها الأغاني التائهةُ بَيْنَ زُعَماءِ الطوائفِ وَشُيُوخِ القَبائلِ/لماذا تُظَلِّلُ الرَّاياتُ المُنَكَّسَةُ أكفانَ النِّساءِ تَحْتَ الأمطارِ النُّحَاسِيَّةِ؟/

     في بَرَامِيلِ النِّفْطِ يَفُورُ دَمُ الحَيْضِ للجَوَاري/ يَنعكِسُ ضَوْءُ القَمَرِ عَلى فَرْوِ الثعالبِ / فيا أيَّتها السَّيدةُ الباكيةُ تَحْتَ الجِسْرِ البَعيدِ/ خُذِي جِلْدَ الرِّيحِ حَقيبةً للتَّسَوُّقِ/ يا أيَّتُها الذُّبابةُ المقتولةُ عَلى زُجاجِ القِطاراتِ / إنَّ بِلادي مَكسورةٌ كَرَاهِبَةٍ مَشْلُولةٍ في دَيْرٍ بَعيدٍ / قُرْبَ رِئَةِ الشِّتاءِ المَثقُوبةِ /

     الأطفالُ يُخَبِّئُونَ قِطَعَ الشُّوكولاتةِ في بَراميلِ البَارودِ/ والأيتامُ يُخَبِّئُونَ البُوظةَ في ثَلاجةِ المَوْتَى / والفُقَرَاءُ يُخَزِّنُونَ الرَّصاصَ الحَيَّ بَيْنَ ألعابِ الأطفالِ المذبوحين / ماذا استفادَ حَفَّارُ القُبورِ مِن رَائحةِ القَتْلَى تَحْتَ ظِلالِ الأشجارِ ؟ / شُقوقُ جِلْدي مَفتوحةٌ أمامَ الجَرَادِ / مُغْلَقَةٌ أمامَ الأغاني الوَطنيةِ / وقَلْبي على سُورِ المقبرةِ / وجُثمانُ الذِّئبِ في صُندوقِ البَريدِ / وأنا الذِّئْبُ السَّاكِنُ في شَراييني الفِضِّيةِ / وأشلائي هِيَ لَيْلَى / فَلا تَلُم الذِّئبَ إذا كانَ الرَّاعي عَدُوَّ الغَنَمِ / أنا الذِّئبُ والرَّاعي والغَنَمُ / أمْشِي إلى قَبْرِ أبي في لَيالي الخريفِ / أنا الحَدُّ الفَاصِلُ بَيْنَ شَمْسِ قُرْطُبَةَ وضَفائرِ الغَجَرِيَّاتِ / أنا شَهادةُ المِيلادِ الضَّائعةُ في مَحاكمِ التَّفتيشِ / فَادْفِن الحُبَّ في قَلْبِكَ / كَي تَنْبُتَ السَّنابلُ حَوْلَ شَاهِدِ قَبْرِكَ / سَتَطْلُعُ الذِّكرياتُ مِن القُبورِ الكِلْسِيَّةِ ذَاتَ مَسَاء / أنا الحِكايةُ الأُولَى بَيْنَ طُيورِ البَحْرِ وأحلامِ الطفولةِ المُستحيلةِ / وأنا آخِرُ الرُّعَاةِ في بَراري الكُوليرا .

23‏/02‏/2025

الابن يزور قبر أمه عند ضفة النهر

 

الابن يزور قبر أمه عند ضفة النهر

للشاعر/ إبراهيم أبو عواد

..........................

     افْرَحْ يَا ضَوْءَ القَمَرِ فَوْقَ مَحاكمِ التَّفتيشِ/ إنَّ الجيوشَ البَدَوِيَّةَ سَتُحَرِّرُ فِلِسْطِين / ذَهَبَتْ أُمِّي إلى المَوْتِ / وَبَقِيَتْ جَدائِلُها في صُحونِ المطبخِ / وأخشابُ المطبخِ صَارَتْ تابوتًا أنيقًا للقَتيلةِ / وأشجارُ الكَرَزِ تَنْمُو في الهياكلِ العَظْمِيَّةِ تَحْتَ صَوْتِ الرَّعْدِ /

     سَامِحْنِي يا بَريقَ السَّرابِ / أنا الرَّمْلُ الأخضرُ / لَكِنَّ دَمِي لَيْسَ أخضرَ / أكَلَ الإعْصَارُ الأخْضَرَ وَاليَابِسَ / اغْفِرْ للصَّحراءِ أيُّها السَّرابُ/ خَانَتْنِي الرِّمالُ المُتحرِّكةُ/ يَرِنُّ الدَّمْعُ كأغصانِ الخريفِ / ومَا زِلْتُ أسْمَعُ رَنينَ المِلْحِ في دُموعِ أُمِّي في لَيالي الشِّتاءِ الدَّمَوِيِّ /

     رَاياتُ القَبائلِ تُرَفْرِفُ على بَراميلِ النِّفْطِ / وأعلامُ القَراصنةِ تَهْتَزُّ عَلى حُطَامِ السُّفُنِ/ كَنُهُودِ الرَّاهباتِ المصلوباتِ عَلى أبراجِ الكنائسِ / دَخَلَ العُشَّاقُ في مَناديلِ الوَداعِ المَنْسِيَّةِ عَلى رَصيفِ المِيناءِ/ والسَّفينةُ تَذهبُ إلى الغَرَقِ / وقَطيعُ الغَنَمِ يَركضُ إلى الهاويةِ الأُرْجُوانِيَّةِ تَحْتَ ضَوْءِ القَمَرِ /

     وَدِّعُوا الرُّبَّانَ أيُّها البَحَّارَةُ / وَسَامِحُوهُ / ولا تَحْقِدُوا عَلَيْهِ / إنَّ السَّفينةَ تَغْرَقُ / كَما تَغْرَقُ قُلوبُ البَناتِ في لَمَعَانِ الغُروبِ / وأسْمَاكُ القِرْشِ سَتَأكُلُ الجُثَثَ / والشِّعَابُ المَرْجَانِيَّةُ تَبْتَلِعُ أعلامَ القَبائلِ وأُغنياتِ الرَّحيلِ وذِكرياتِ الأراملِ / ولَمْ يَبْقَ مِنَ الجُنودِ القَتْلى غَيْرُ بَساطِيرِهِم /

     عِندَما يَأتي المساءُ / يَهْجُمُ الحُزْنُ عَلَيَّ كَذِئْبٍ جَائعٍ / أرى صُوَرَ الأمواتِ عَلى زُجاجِ نافذتي / بِلا ذِكْرياتٍ ولا بَرَاويز / وَتَكْسِرُ أوراقُ الخريفِ مَزْهَرِيَّاتِ الصَّدى ومَرَايا الصَّدَأ / دَمُ القِطَطِ الضَّالةِ يَكْسِرُ زُجاجَ السَّياراتِ العَسكرِيَّةِ/ والمطرُ البلاستيكِيُّ يَكْسِرُ مَساميرَ نَعْشِي / سَتَأكُلُ العَناكبُ الصُّوَرَ التَّذكارِيَّةَ / وَيَأكُلُ البَقُّ خَشَبَ البَرَاوِيزِ / وَنَعُودُ أيتامًا بِلا ذِكْرَياتٍ ولا أُمَّهَاتٍ /

     سَامِحْنَ الجُنودَ القَتْلى أيَّتُها الرَّاهباتُ السَّائراتُ إلى حِصَارِ ستالينغراد / كَأنَّ ضَوْءَ القَمَرِ وَضَعَ السَّبايا في الشَّاحناتِ / وَلَمْ أعُدْ أرى الشَّمْسَ ولا القَمَرَ / مَاتَ رَجُلُ الثلجِ تَحْتَ شَمْسِ الخريفِ / والسَّنابلُ تَمشي في طَريقِ البَحْرِ / والنَّوَارِسُ تَطيرُ باتِّجاهِ أطيافِ نَصْلِ المِقْصَلةِ / أُعْطِي قَميصي لِدُودةِ القَزِّ / وأمُوتُ تَحْتَ جُسورِ سَرَاييفو عَارِيًا / ولَمْ أَبِعْ قَميصَ عُثمانَ في سُوقِ القَبائلِ /

     أنا الغريبُ في شَراييني / المَنْفِيُّ في رِئتي / وجُثماني مَطَارٌ عَسكريٌّ بَيْنَ الرِّئَتَيْن / أنا النَّخلةُ بَيْنَ الأُكسجينِ والهيدروجينِ في قَلْبِ الماءِ/ مَاتَ قَلْبي في حِصَارِ الذِّكرياتِ/ وَلَمْ يَعُدْ للأصابعِ مَعْنى / فَمَا فَائِدةُ خَاتَمِ الزَّواجِ ؟ / العاشقُ جُثَّةٌ هَامِدةٌ في أدغالِ الذاكرةِ / وَحَبَّاتُ المطَرِ أرشيفٌ لِوُجُوهِ النِّساءِ المُغْتَصَبَاتِ / وألعابُ الأطفالِ تَحْتَ جَنازيرِ الدَّبَّابَاتِ .

22‏/02‏/2025

قائد أوركسترا التوابيت

 

قائد أوركسترا التوابيت

للشاعر/ إبراهيم أبو عواد

.....................

     المايسترو مَشْلُولٌ عَلى كُرْسِيٍّ مُتَحَرِّكٍ / والعَصَا مُلْقَاةٌ عَلى خَشَبَةِ المسرحِ أوْ خَشَبَةِ الإعدامِ / أَكَلَ سَرَطَانُ الثَّدْيِ صَدْرَ الرَّاقصةِ / دَمْعِي رَقصةُ الدِّيدانِ حَوْلَ نَعناعِ المقابرِ / ولا فَرْقَ بَيْنَ التُّفاحِ والبُرتقالِ / كِلاهُمَا بِطَعْمِ الدَّمِ والانقلاباتِ العَسكريةِ / ولا فَرْقَ بَيْنَ الكَرَزِ ونَصْلِ المِقْصَلةِ / كِلاهُما يَلْمَعُ في ليالي الخريفِ / البَعيدِ عَن ثُقوبِ جِلْدي / القَريبِ مِن شَظَايا جُمْجُمتي / 

     قَمِيصُ نَوْمٍ مِنَ الزَّرْنيخ / والتَّوابيتُ مَصْفُوفةٌ أمامَ مَرايا الخريفِ كالعُطُورِ النِّسائيةِ / وأخشابُ غُرْفةِ النَّوْمِ تَصِيرُ نُعُوشًا للعَصافيرِ / وأخشابُ مَطْبَخِ الدَّيْرِ تَصِيرُ صُلْبَانًا للرَّاهباتِ المَشْلُولاتِ / والسَّجَّادُ الأحمرُ هُوَ فِرَاشُ المَوْتِ في غَاباتِ الرَّصاصِ الحَيِّ /

     لا تَكْرَهُوا الرُّبَّانُ أيُّها البَحَّارةُ / إنَّ السَّفينةَ تَغْرَقُ / لا تَكْرَهْ أُنوثةَ السَّنابلِ يا رَصيفِ المِيناءِ / إنَّ البَحَّارةَ ماتوا قَبْلَ أن يُوَدِّعُوا زَوْجَاتِهِم/ والبَحْرُ تاريخُ مَن لا تاريخَ لَهُ / والأمواجُ جِنْسِيَّةُ فِئرانُ التَّجَارُبِ / ولا فَرْقَ بَيْنَ فِئرانِ التَّجَارُبِ وفِئرانِ السَّفينةِ / إذا كانَ الرُّبَّانُ بِلا اسْمٍ ولا جِنْسِيَّةٍ /

     الرِّيحُ تَنْحِتُ أسماءَ الغُرباءِ عَلى شَواهدِ القُبورِ/ والزَّوبعةُ تَكتبُ وَصِيَّتَها عَلى عِظَامِ الضَّحايا / فَمَتَى تَخْلَعِينَ ثِيابَ الحِدَادِ أيَّتُها الفَرَاشةُ ؟ / ضَاعَ صَوْتُ الدُّموعِ في صَوْتِ المطَرِ / وكَسَرَ المطرُ النُّحاسِيُّ شَواهِدَ القُبورِ البلاستيكِيَّةَ / والخُيُولُ الخشبيةُ تَركضُ في الشَّفَقِ الدَّامي /

     في مُدُنِ المَلاريا / صَفَّاراتُ الإنذارِ تَغتصِبُ الجُثَثَ المجهولةَ / والسَّياراتُ مُصَفَّحَةٌ ضِد دُموعِ الأراملِ / ذَهَبَت النِّساءِ إلى فِرَاشِ المَوْتِ / وَبَقِيَ دَمُ الحَيْضِ في آبارِ القُرى المَنْسِيَّةِ / وَبَقِيَتْ مَلاقِطُ الغَسِيلِ عَلى حَبْلِ الغَسِيلِ /

     القَنَّاصُ الأعمى يُطْلِقُ الرَّصاصَ عَلى قِطَطِ الشَّوارعِ / والأكفانُ مَنثورةٌ في الشَّوارعِ تَحْتَ المَطَرِ الأخضرِ / والمَطَرُ يَكْسِرُ شَوَاهِدَ القُبورِ كَحِجَارَةِ الدُّومينو / والمَوْجُ يَحْفِرُ وَجْهَ أُمِّهِ على أشجارِ المقابرِ / قُلْتُ للفَرَاشاتِ العَمْياءِ / لا طَرِيقٌ لَنا سِوى الرِّيحِ العَجُوزِ / ولا أرشيفٌ لَنَا سِوى عِظَامِ الأطفالِ / وماتَ كَلامي في طُرُقَاتِ المَرْفَأ اللازَوَرْدِيِّ /

     رَائحةُ الدُّموعِ الزَّرقاءِ في عُيونِ الرَّاهبةِ العَمْياءِ / ويَمْشي البَحْرُ تَحْتَ أقواسِ النَّصْرِ / والنِّساءُ يَنْثُرْنَ أكاليلَ الغارِ / لَكِنَّ الجُنودَ لَمْ يَعُودُوا / انتظِرِيني تَحْتَ قَمَرِ الخريفِ/ حِينَ تُصْبِحُ حَبَّاتُ المَطَرِ بَرَاوِيزَ لِصُوَرِ الضَّحايا / أنا الشَّبَحُ الذي لا يَنامُ في لَيالي الشِّتاءِ/ لا أرشيفٌ لِي سِوى فِرَاشِ المَوْتِ / ولا عَائلةٌ لِي سِوى أمواجِ البَحْرِ المُحَاصَرِ بالذِّكرياتِ .

21‏/02‏/2025

بندقية قديمة بين التفاح والرصاص

 

بندقية قديمة بين التفاح والرصاص

للشاعر/ إبراهيم أبو عواد

.....................

  وَطَنٌ للسَّرابِ الحامِضِ / مَاتَ / ادْفِنُوهُ في رُموشِ الأراملِ الصَّبايا / وَاخْرُجُوا أيُّها المَوْتَى مِن قَمِيصي / سَأَدْفِنُ جُثمانَ أبي في أزرارِ قَمِيصي / لَمْ أَبِعْ قَميصَ عُثمانَ في السُّوقِ السَّوداءِ / لَكِنَّ حُزْنَ الأمواجِ يَرْفَعُ عَلى أكفاني الرَّايةَ البَيْضَاءَ/ لَيْتَني حَاجِزٌ عَسكريٌّ بَيْنَ البَدَوِيَّاتِ والشَّرْكَسِيَّاتِ /

     القَطِيعُ سَائِرٌ إلى حَافَةِ الجَبَلِ بَعْدَ أن قَتَلَ الرَّاعي/ نُمَارِسُ رِياضةَ المَشْيِ في الجِنازاتِ/والحُزْنُ هُوَ طَرِيقُ قُلوبِنا في أدغالِ الشَّمْعِ / شَظَايَا جُمْجُمتي في صُحون المطبخِ / وَدَمِي سَائِلُ الجَلْيِ المُسْتَوْرَدُ / وَأُمِّي مَاتتْ / لَكِنِّي أسْمَعُ صَدى خُطُوَاتِهَا عَلى بَلاطِ المطبخِ /

     أُنَقِّبُ في قَلْبي عَن أنقاضِ قَلْبي تَحْتَ أشِعَّةِ القَمَرِ الحديدِيَّةِ / رُبَّما ضَحِكَتْ امرأةٌ لِحَبيبِها / كَي تَدُسَّ لَهُ السُّمَّ في الذِّكرياتِ/ رُبَّما ضَحِكَ رَجُلٌ لِحَبِيبَتِهِ / كَي يُخَبِّئَ أكفانَها في رَغْوَةِ القَهْوَةِ /

     التُّفاحُ البَاكِي هُدْنةٌ بَيْنَ مُلوكِ الطوائفِ وَشُيُوخِ القَبائلِ / أنا الخَيَّاطُ العَاطِلُ عَن العَمَلِ / أَخِيطُ الأعلامَ المُنَكَّسَةَ وَدُسْتُورَ الدَّولةِ البُوليسيةِ وأكفانَ الحَمَامِ الزَّاجِلِ / لَكِنَّ الرَّسائلَ لَمْ تَصِلْ / أنا الرَّسُولُ المقتولُ بَيْنَ الجَرَادِ وأشِعَّةِ القَمَرِ/ والعاصفةُ تَنْشُرُ الرَّسائلَ عَلى سُورِ المقبرةِ / كَمَا تَنْشُرُ بَناتُ آوَى أحلامَ الطُّفولةِ عَلى حَبْلِ الغسيلِ / أرْفَعُ مَعْنَوِيَّاتِ الحَطَبِ قَبْلَ أن تَزْرَعَهُ الزَّوْبَعةُ في مَوْقَدَةِ الخريفِ / وَأُدَافِعُ عَن شَرَفِ الرِّمالِ المُتَحَرِّكَةِ في دِمَاءِ البَحْرِ الجامدةِ /

     سَتَمُوتُ أيُّها الغريبُ بِلا سَريرٍ في مُسْتَشْفى / قَمِيصُ النَّوْمِ لأرْمَلَتِكَ سَيَظَلُّ في الخِزَانةِ / سَوْفَ تَرْتَدِيهِ لِزَوْجِها الثاني / لا مَطَرٌ على أغصانِ قَلْبي / ولا حُلْمٌ عَلى بَوَّابةِ المقبرةِ الذهبيةِ /

     كُن أجملَ الغَرْقَى في دَمْعِ الغاباتِ أوْ نزيفِ الذاكرةِ/ ما فائدةُ طَوْقِ النَّجاةِ إذا كانَ البَحْرُ تاريخًا للجُثَثِ ؟ / ما فائدةُ هَديرِ الأمواجِ القِرْمِزِيَّةِ إذا مَاتَ البَحْرُ ؟ /

     أمعاءُ النِّساءِ المُغْتَصَبَاتِ في حَاوِياتِ القُمامةِ / وأنا السَّاحِرُ المسحورُ / الكاسِرُ المكسورُ / السِّحْرُ الخَفِيُّ للأحزانِ في عُيونِ النِّساءِ / ذَهَبَت العَرائسُ إلى الاحتضارِ الوَهَّاجِ / رُمِيَتْ أغشيةُ البَكارةِ في حُفَرِ المَجَاري / والعاصفةُ تَرَكَتْ قُمصانَ النَّوْمِ عَلى حِبَالِ الغسيلِ / والمَدَافِعُ قَصَفَتْ حِبَالَ الغسيلِ / ذَهَبَت الرَّاهباتُ إلى الانتحارِ القِرْمِزِيِّ / وتَرَكْنَ حُبُوبَ مَنْعِ الحَمْلِ في غُرفةِ الاعترافِ / كانت مُضَادَّاتُ الاكتئابِ عَلى مَقاعدِ الكَنيسةِ / والثلجُ الأزرقُ على مِدْخَنةِ الدَّيْرِ /

     الفَراشاتُ تُحْرِقُني بالذِّكرياتِ كَي أُضِيءَ مَملكةَ الغِيابِ والمساءَ البَعيدَ/ الذي ذَهَبَ وَلَن يَعُود/ فيا صَفيرَ القِطاراتِ الغامضَ / أنا ابْنُكَ المقتولُ بَيْنَ فِضَّةِ الذِّكرياتِ وذَهَبِ المشانقِ .

20‏/02‏/2025

العريس المقتول في ليلة الدخلة

 

العريس المقتول في ليلة الدخلة

للشاعر / إبراهيم أبو عواد

..........................

     سَقَطَ دَمُ العُشَّاقِ الأحمرُ في الشَّايِ الأخضرِ/ وَمَاتَ الصَّدى في صَوْتِ الرَّصاصِ/ وَبَقِيَت الرَّسائلُ الغرامِيَّةُ تَحْتَ أنقاضِ البُيُوتِ / لا تَاريخَ للجُثَثِ المجهولةِ سِوى بُكاءِ الأشجارِ في غَابَةِ الصَّهيلِ / جُغرافيا البُحَيْرَاتِ هِيَ سِفْرُ الخُرُوجِ مِن لَيْلَةِ الدُّخلةِ / لَكِنَّ المنبوذَ خَرَجَ وَلَمْ يَعُدْ /

     خَطَفَ الأطفالُ البُوظَةَ مِن الثلاجةِ في مَطْبَخِ البَيْتِ المهجورِ / والمَوْتُ خَطَفَ الأطفالَ مِن ثَلاجةِ المَوْتَى / أشْرَبُ الشَّايَ في شِتاءِ التَّوابيتِ الدافِئِ / وأرى شَظايا جُمْجُمَتي في قَعْرِ الكأسِ / كِبْرِيَاءُ امرأةٍ تَرى جُثَّتَهَا على الرَّصيفِ مَنْسِيَّةً/ وَأُنوثةُ السَّنابلِ ضَاعَتْ بَيْنَ أرقامِ جَدْوَلِ الضَّرْبِ / في دَفاترِ الرِّياضياتِ للأيتامِ والسَّبايا والمُلوكِ المَخْلُوعِين/ والإعصارُ زَرَعَ الحَاجِزَ العَسكرِيَّ بَيْنَ صَوْتِ النَّوْرَسِ وبُكاءِ البَحْرِ/ وُلِدْنا في زَمَنِ الشَّكِّ / وَلا يَقِينٌ سِوى الانقلاباتِ العَسكرِيَّةِ / ولا أرشيفٌ للضَّحايا سِوى النُّعوشِ الغاطِسَةِ في بَراميلِ النِّفْطِ /

     أيُّها النَّسْرُ العَجُوزُ / خُذ المجدَ والرُّومانسيةَ فَوْقَ تِلالِ الدَّمْعِ/ واترُك الخِيَامَ للأراملِ الشَّابَّاتِ والرِّيحِ البَنفسجِيَّةِ / أيُّهَا المَوْجُ الكريستالِيُّ / ابْحَثْ عَن قَبْري تَحْتَ شَجَرَةِ التُّوتِ / وَكُنْ دَليلًا سِيَاحِيًّا في المَقَابِرِ الشَّمْعِيَّةِ / كَي تُرْشِدَ الدُّودَ إلى لَحْمِي / وَتَدُلَّ النَّوَارِسَ عَلى عِظَامِي /

     في بِلادِ الحُزْنِ والذِّئابِ العَاجِزَةِ جِنْسِيًّا / النِّسَاءُ مَصْلُوباتٌ عَلى أعمدةِ الكَهْرَباءِ / وَالسَّنابلُ تَبكي تَحْتَ أشجارِ البُرْتقالِ / لَكِنَّ الجماجمَ تَنْمُو عَلى الأغصانِ / وَصَوْتُ الرَّصاصِ يَصْقُلُ شَظايا جُمْجُمتي في عِيدِ الدُّموعِ/ وَقُمْصَانُ النَّوْمِ للأراملِ تَحْتَ بَساطيرِ الجُنودِ/ الذين عَادُوا مِنَ المعركةِ/ بِلا أقواسِ نَصْرٍ ولا أوسمةٍ عَسكرِيَّةٍ /

     تَتساقطُ أكفانُ العُشَّاقِ في الشَّايِ الأخضرِ في المطاعِمِ المهجورةِ / وَمَساميرُ النُّعوشِ الصَّدِئَةُ تَذُوبُ في عَصيرِ الليْمُونِ / كَي تَرتاحَ أعصابُ بَناتِ آوَى في مَملكةِ المَلاريا / وَتَنكسِرُ أجنحةُ الجَرَادِ عَلى أكفاني البَيضاءِ / كَما تَنكسِرُ أحلامُ الطُّفُولةِ في الفَجْرِ الكَاذِبِ /

     انتظرتُ أُمِّي كَي تَحتفِلَ بِزَواجي مِن أرصفةِ الموانِئِ / لَكِنَّ أُمِّي مَاتَتْ / انتظرتُ الشَّركسياتِ كَي يَأتينَ مِن أشِعَّةِ القَمَرِ / لَكِنَّ قَلْبي مَات / انتظرتُ أن تُزهِرَ جُثَثُ البُوسنِيَّاتِ تَحْتَ جُسورِ سَراييفو/ لَكِنَّ الأنهارَ مَشْلُولةٌ / إنَّ مَوْتِي مِثْلُ أعشابِ المقابرِ / كِلاهُمَا بِلا جِنْسِيَّةٍ / وَكُلَّمَا دَخَلْنا في حُزْنِ المساءِ / رَأيْنَا الأمواتَ عَلى زُجاجِ النَّوافِذِ / سَيَكُونُ الحُلْمُ رَائعًا بَعْدَ اغتيالِ الحَالِمِ / سَيَكُونُ المطرُ لامعًا بَعْدَ بُكاءِ النَّهْرِ / سَتَكُونُ الرُّومانسيةُ وَهْمًا بَعْدَ مَوْتِ قَلْبي .

19‏/02‏/2025

القيثارة المكسورة تحت المطر

 

القيثارة المكسورة تحت المطر

للشاعر/ إبراهيم أبو عواد

...................

أُمِّي مَاتتْ / لَكِنِّي أَشُمُّ رَائحةَ المُلُوخِيَّةِ في بَيْتِنا المهجورِ تَحْتَ شَمْسِ الشِّتاءِ / فَاعْشَقِيني يَا ذَاكرةَ السَّرابِ / حِينَ تَحترقُ أُنوثةُ السَّنابلِ بَيْنَ أعقابِ السَّجائرِ وأعقابِ البَنَادِقِ / دَمُ القِطَطِ عَلى زُجاجِ السَّياراتِ في الشِّتاءِ البَعيدِ  / يَا شَجَرَةَ التُّوتِ التي سَأُدْفَنُ تَحْتَهَا / هَل تَعْرِفُ أُمِّي خَارطةَ الرِّياحِ ؟ / أيْنَ سَيَذْهَبُ عُكَّازُ أبي بَعْدَ مَوْتِهِ ؟ / أنا المَيْتُ في صَوْتِ الرَّصاصِ الحَيِّ / وَكَانَ عَلَيَّ أنْ أعْرِفَ أنَّ مَلاقِطَ الغسيلِ أكثرُ لَمَعَانًا مِن أظَافِرِ الضَّحَايا /

كَسَرْنا المرايا في مَمالكِ الطاعونِ / لأنَّنَا نَخْجَلُ مِن وُجُوهِنا / هُزِمَتْ ظِلالُنا في طُرُقَاتِ الثلجِ الأزرقِ / والكِلابُ الضَّالَّةُ تَسْمَعُ صَوْتَ الرَّصاصِ المطاطِيِّ / وَلا صَدى إلا مَنَادِيلُ الوَدَاعِ عَلى رَصيف المِيناءِ / مُتُّ بَعْدَ جُرْعَةٍ زَائدةٍ مِن الذِّكرياتِ / فَلا تَكْتُبي قَصائدَ الرِّثاءِ يَا نَوافِذَ بَيْتِنا المَغسولِ بالجُثَثِ والحَوَاجِزِ العَسكرِيَّةِ / أنا النَّوْرَسُ المُهَاجِرُ مِن دَمي إلى البَحْرِ/ أبْنِي مَملكةَ الوَهْمِ بَيْنَ صَفيرِ القِطاراتِ وَصَفَّاراتِ الإنذارِ / النِّساءُ المُلَوَّثَاتُ بالذِّكرياتِ زَرَعْنَ الوَصَايا وقَصائدَ الرِّثاءِ عَلى نَوافِذِ السِّجْنِ التي تُطِلُّ عَلى البَحْرِ / والحَمَامُ الزَّاجِلُ يُحَنِّطُ جُثمانَ البَحْرِ/ وَيُلَمِّعُ مَساميرَ النَّعْشِ بالنَّعناعِ ومِلْحِ الدُّموعِ / دَخَلَ البَحْرُ في صَوْتِ الرَّصاصِ الذي يَحْرُسُ شَظَايا جُمْجُمتي مِن الصَّدى والصَّدأ/ وَمَطَرُ القُلوبِ المكسورةِ جُثَّةٌ مَنْسِيَّةٌ في أبْجَدِيَّةِ الصَّهِيلِ / ذَهَبَ العُشَّاقُ إلى المَوْتِ / وَبَقِيَت الرَّسائلُ الغرامِيَّةُ عَلى الأراجيحِ تَحْتَ أشِعَّةِ القَمَرِ الباكيةِ / وَنُهُودُ الرَّاهباتِ المقطوعةُ في أبراجِ الكَنائِسِ أوْ أبراجِ المُعْتَقَلاتِ / وَشَوَاهِدُ القُبورِ هِيَ أبراجٌ للحَمَامِ في مُدُنِ الكُوليرا/ أنا السَّائِحُ المَنبوذُ في مَوْسِمِ تَزَاوُجِ أشجارِ المقابرِ/ جَسَدي هُوْ المُتْحَفُ المَهجورُ/ ولا لَوْحَاتٌ سِوى أظافرِ القَتْلى/ ولا مَزْهَرِيَّاتٌ سِوى شَوَاهِدِ القُبورِ/ فَيَا أيُّها الجُنديُّ العائدُ مِن الحربِ مَهزومًا / لا نِساءُ الحَيِّ يَنْتَظِرْنَ قُدُومَكَ بالزَّغاريدِ / ولا قِطَطُ الشَّوارعِ تَمْنَحُكَ الأوسمةَ العسكرِيَّةَ / أيُّها الجُنديُّ العَائِدُ مِن ذِكْرَياتِ الدَّمْعِ / لا زَوْجَةٌ تَنْتَظِرُكَ كَي تَبْكِيَ عَلى صَدْرِها / ولا أطفالٌ يَحْمِلُونَ اسْمَكَ في مَمَالِكِ السُّلِّ / أيُّها الجُنديُّ العائشُ في صَوْتِ الرَّصاصِ مَنبوذًا / والمقتولُ في ضَوْءِ القَمَرِ نَهْرًا مِن أشلاء / سَيَنْمُو البُرتقالُ في فُوَّهَاتِ المَدَافِعِ / وَتَسْقُطُ أرقامُ الجُثَثِ المجهولةِ في جَدْوَلِ الضَّرْبِ/ وَسَوْفَ يَنْسَى الأيتامُ دَفَاتِرَ الرِّياضياتِ عَلى سُورِ المقبرة /

لا أبناءَ لِي يَحْمِلُونَ اسْمِي/لَكِنَّ قِطَطَ الشَّوارعِ تَحْمِلُ جُثماني/ مَاتَ جَدْوَلُ الضَّرْبِ / الجُثَثُ المجهولةُ مُرَقَّمَةٌ كأبوابِ الزَّنازين / وانتَهَتْ مُعَادَلاتُ الكِيمياءِ / والدِّمَاءُ كِيمياءُ جَديدةٌ للعَالَمِ .

18‏/02‏/2025

سامحيني يا فراشة القوقاز

 

سامحيني يا فراشة القوقاز

للشاعر/ إبراهيم أبو عواد

.....................

     بَعْدَ الشَّركسيات/ قَلْبي مَات/ السَّلامُ عَلى الأُنوثةِ والذِّكريات / قُلُوبُهُنَّ مَوْجُ لامِعٌ في بَحْرِ الظُّلُمَات / بَعْدَ الشَّركسياتِ / كُلُّ شَيْءٍ مَات /

     أيَّتُها الشَّركسيةُ التي تَرْكُضُ في غَاباتِ القُوقازِ كَنَهْرٍ مِن فِضَّةٍ / خُذي بُنْدُقِيَّتِي بَعْدَ مَوْتي تَذكَارًا بَيْنَ الحُبِّ الأوَّلِ والرَّصَاصَةِ الأُولَى / سَأظلُّ حَيًّا في قَلْبِ السَّرابِ / تُضِيءُ أشلائي صَفِيرَ القِطاراتِ / وَلَمْ يَعُدْ هُناكَ شَيْءٌ نَبْكي عَلَيْهِ / كُلُّ شَيْءٍ ضَاعَ / ذَهَبَ الذُّبَابُ إِلى الضَّوْءِ في آخِرِ النَّفَقِ / والضَّوْءُ هُوَ المَوْتُ / وَبَقِيَتْ وَصَايا المَحكومينَ بالإعدامِ عَلى مَقَاعِدِ مَحطةِ القِطاراتِ / دَمْعُ الكَرَزِ تاريخٌ للأراملِ الشَّابَّاتِ/ وَشَرَايِينُ الغَيْمِ جُغرافيا للأيتامِ/ الذينَ يَبيعونَ أشلاءَ أُمَّهَاتِهِم على إشاراتِ المُرورِ / والبَحْرُ المشلولُ يَبيعُ أمْعَاءَهُ للرِّياحِ كَي يَشتريَ الخُبْزَ لأبنائِهِ /

     جُثتي مَنْسِيَّةٌ عَلى كُرْسِيٍّ هَزَّازٍ مَصْنُوعٍ مِن خَشَبِ البَلُّوطِ في الوَطَنِ الضَّائِعِ / وأشِعَّةُ القَمَرِ تُحْرِقُ جُلُودَ العُشَّاقِ وأشجارَ الغاباتِ / يَتساقطُ التُّوتُ البَرِّيُّ عَلى جُثماني المائِيِّ / لَكِنِّي أمشي تَحْتَ ضَوْءِ القَمَرِ في غَاباتِ الرَّصَاصِ الحَيِّ حُزْنًا مَيْتًا / وأكتشفُ لَمَعَانَ الحُزْنِ في عُيونِ الشَّركسياتِ / لَيْتَني أعِيشُ في أرْوَاحِ الشَّركَسِيَّاتِ / كَي أظَلَّ حَيًّا إلى الأبَدِ /

     تَتساقطُ دُمُوعُ التُّفاحِ عَلى بَلاطِ الزِّنزانةِ الانفرادِيَّةِ/ وَجُلودُ العَبيدِ أكفانٌ لِطُيورِ البَحْرِ / وأبي مَاتَ عَلى الأثاثِ المُسْتَعْمَلِ أمامَ مَوْقَدَةِ الشِّتاءِ الغامضِ/ أيَّتُها الطفولةُ الضائعةُ بَيْنَ نَوافذِ القطاراتِ وأثاثِ بَيْتِنا المهجورِ/ إنَّ الثلجَ الأزرقَ يَغتصِبُ مِدْخَنَةَ الدَّيْرِ / وَدَمُ الحَيْضِ للرَّاهباتِ عَلى القِرْمِيدِ الباكي تَحْتَ الأمطارِ القِرْمِزِيَّةِ / والعاصفةُ تَصنعُ بَابَ غُرفتي مِن شَظايا جُمْجُمتي /

     تَتَقَمَّصُ الضَّحِيَّةُ قَاتِلَهَا / وَتُصْبِحُ المرايا المكسورةُ مَزْهَرِيَّاتٍ لأحلامِ الطفولةِ الضائعةِ /  وَتَحْتَ شَمْسِ الشِّتاءِ / يُصْبِحُ السَّجَّادُ الأحمرُ مَساميرَ للنُّعوشِ الجديدةِ في مُدُنِ الكُوليرا والانقلاباتِ العَسكرِيَّةِ / وَكُلَّمَا بَحَثْتُ عَن رَسَائِلَ في صُندوقِ البَريدِ وَجَدْتُ جُثَّتي الطازَجَةِ /  وَحْدَها جُثَّتي الطازَجَةُ في صُندوقِ البَريدِ / وَسَوْفَ يَأكُلُها الدُّودُ والذِّكرياتُ والأمطارُ /

     أيَّتُها الرَّاهبةُ العَمْياءُ التي تَصُبُّ حَلِيبَهَا في بِرْمِيلِ النِّفْطِ / لَن يُفَرِّقَ الطاعونُ بَيْنَ بِرْمِيلِ النِّفْطِ وزُجاجةِ النَّبيذِ / مَا فَائدةُ أن أكُونَ وَرْدَةً بَيْنَ شَوَاهِدِ القُبورِ ؟ / حَياتي رِحْلَةُ بَحْثٍ عَن الأشياءِ التي مَاتَتْ في دَاخِلي / بَحَثْتُ عَن الحُبِّ بَيْنَ أنقاضِ قَلْبي / وَحِينَ وَجَدْتُهُ دَفَنْتُهُ في أظافرِ البَجَعِ / كانَ حُبًّا بلا تاريخٍ ولا جُغرافيا / فلا تَكْرَهِيني يا طُيورَ البَحْرِ .

17‏/02‏/2025

رقصة في مدار السرطان

 

رقصة في مدار السرطان

للشاعر/ إبراهيم أبو عواد

..........................

     سَرَطَانُ الثَّدْيِ لَمْ يَرْحَم الرَّاقصاتِ / دُودُ المَقابرِ سَيَأكُلُ الصُّدورَ المُمْتَلِئَةَ / كِلابٌ بُوليسِيَّةٌ بَيْنَ الثَّدْيَيْن / كُنَّا سَنُصْبِحُ رُومانسِيِّينَ لَوْ سَمِعْنا رَنينَ دَمْعِ الرَّاهباتِ/في الأديرةِ الثَّلجيةِ بَيْنَ حِصارِ بَيْرُوتَ وَحِصارِ ستالينغراد/ لَيْتَ الطريقَ بَيْنَ البَحْرِ والمقبرةِ أقصرُ مِن حَبْلِ المِشْنقةِ / لَيْتَني حَبَّةُ كَرَزٍ بَيْنَ الاكتئابِ والوَسْوَاسِ القَهْرِيِّ /

     دَمُ النَّوارسِ يَحْمِي بَوَّابةَ المقبرةِ مِنَ الصَّدأ / وأنا أُقَبِّلُ يَدَ أبي قَبْلَ إعْدَامِهِ / وأركضُ إلى البَحْرِ النُّحَاسِيِّ / كَي أبكيَ مَعَ طُيورِ البَحْرِ التي هَاجَرَتْ مِن دَمِي/ أنا الطِّفلُ اليَتيمُ/ أبيعُ العِلكةَ وَكُرَيَاتِ دَمي على إشاراتِ المُرورِ / وأنا الدَّمْعُ المَنبوذُ في مُدُنِ الطاعونِ / أُدَافِعُ عَن شَرَفِ الكِلابِ البُوليسِيَّةِ في الشَّوارعِ المُعَبَّدَةِ بأغشيةِ البَكَارَةِ / وَالنَّخَّاسُونَ يَبيعُونُ جُلُودَ القِطَطِ المُشَرَّدَةِ /  لِيَشْتَرُوا أحمرَ شِفَاهٍ للسَّبايا / والنَّوارسُ المشلولةُ تَغسِلُ بَلاطَ السُّجُونِ بِدَمِ الحَيْضِ /

     آتِيًا مِن مَوْسِمِ المَشَانِقِ كالتُّوتِ البَرِّيِّ / ذَاهِبًا إلى مَوْسِمِ التَّزَاوُجِ كالحَشَرَاتِ البلاستيكِيَّةِ / نَسِيَ العُشَّاقُ الرَّسائلَ الغرامِيَّةَ في صَوْتِ الرَّصاصِ/وأنا شَجَرَةُ الكَرَزِ اليَتيمةُ بَيْنَ الرَّصَاصِ الحَيِّ والرَّصَاصِ المَطَّاطِيِّ / أركضُ في طُرُقَاتِ الليلِ/ وأبكي كالرَّمْلِ وَحِيدًا / لِئَلا يَرى البَحْرُ دُمُوعي /

     أنا الرُّومانسِيُّ العَاطِلُ عَن العَمَلِ / أبْحَثُ عَن دِمَاءِ آبائي بَيْنَ بَناتِ أفكاري وبَناتِ آوَى / جُثَّتي مَجهولةُ الهُوِيَّة / والنَّوَارِسُ تَحترِقُ في الشَّفَقِ البَعيدِ فَوْقَ غَابةِ النِّسَاءِ المُتَوَحِّشَاتِ / دَمُ الحَيْضِ للرَّاهباتِ هُوَ ثَلْجٌ عَلى مِدْخَنةِ الدَّيْرِ / وَدَمِي الأخضرُ يَصُبُّ في الشَّايِ الأخضرِ كالنَّهْرِ الأعمى/ وأحزاني مَنْبَعٌ بِلا مَصَبٍّ / واكتئابي انقلابٌ عَسكريٌّ ضِدَّ حَبَّاتِ الكَرَزِ / وجَسدي تاريخٌ بِلا جُغرافيا / فَيَا أيَّتُهَا الأُمُّ التي تَزِيدُ وَزْنَ طِفْلِهَا كَي يَأكُلَهُ الدُّودُ / إنَّ اللعبةَ انتَهَتْ /

     نُهُودُ النِّساءِ المَقطوعةُ مَصْفُوفةٌ كالتَّوابيتِ على رَصيفِ المِيناءِ / والمساءُ يَرْسُمُ الذُّعْرَ عَلى وُجوهِ النِّساءِ / والفِئرانُ الكريستالِيَّةُ تأكُلُ خُدُودَهُنَّ / وأظافرُ السُّجَناءِ تَلْمَعُ كَما يَلْمَعُ الحُزْنُ في عُيون النِّساءِ / وَجُثَثُ العُشَّاقِ في الشَّوارعِ / والذِّكرياتُ في حُفَرِ المَجَاري /

     رَمَيْنَا قُمصانَ النَّوْمِ في حَاوِيَاتِ القُمامةِ/ وانتَهَتْ لُعبةُ الرُّومانسيةِ/ كَما تَنتهي أحزانُ الشَّاطئِ بَيْنَ جُلُودِ الغَرْقَى وَفِئْرَانِ السَّفينةِ / صَارَ الخليفةُ عَاجِزًا جِنْسِيًّا / وَصَارَت السَّبايا عَاطِلاتٍ عَن العَمَلِ / وَلَن تَستطيعَ السَّبايا أن يُفَرِّقْنَ بَيْنَ السَّائِلِ المَنَوِيِّ وَسَائِلِ الجَلْيِ / كَيْفَ أَرْكَبُ المَوْجَةَ وقَد مَاتَ البَحْرُ بَيْنَ قَارُورةِ العِطْرِ وقَارُورةِ السُّمِّ ؟ / وَلَمْ يَعُدْ هُناكَ بَحْرٌ كَي نُتَاجِرَ بِدُمُوعِهِ .

16‏/02‏/2025

قبر مكون من أحجار الرخام

 

قبر مكون من أحجار الرخام

للشاعر/ إبراهيم أبو عواد

........................

    في سَاعَةِ السَّحَرِ / تُضِيءُ القُبورُ الرُّخاميةُ / وأشِعَّةُ القَمرِ تَسقطُ فَوْقَ أكفانِ البَحْرِ / وَعِنْدَ غُروبِ الشَّمْسِ في دِمَاءِ الرِّيحِ / تَلْمَعُ خُدودُ بَناتِ حَفَّارِ القُبورِ / اللواتي لا يَعْرِفْنَ الفَرْقَ بَيْنَ قُبورِ الرُّخامِ وقُبورِ السِّيراميك/ ومُلُوكُ الغُبارِ المُضِيءِ يَعِيشُونَ في مَمَالِكِ المَوْتَى بِلا عُرُوشٍ ولا نُعُوشٍ /

     لا تَكْرَهِيني يا أشِعَّةَ القَمَرِ/ حِينَ يَجُرُّ النَّمْلُ نَعْشَ أبي تَحْتَ المطرِ / ضَاعَ البَدْوُ الرُّحَّلُ بَيْنَ قَميصِ عُثمانَ وَقَميصِ النَّوْمِ/والأرقُ جُغرافيا جَديدةٌ لأحزانِ البَحْرِ قُرْبَ الجُثَثِ الغامضةِ المُضيئةِ / الحُزْنُ يَحْصُدُ جَماجمَ البَشَرِ / كَي يَضَعَ الطاغيةُ تَاجًا عَلى رَأسِهِ المقطوعِ / والعاصفةُ تَطْحَنُ عِظَامَ الأطفالِ/ كَي يَضَعَ الجِنرالُ الأوسمةَ العَسكرِيَّةَ على رَاياتِ القَبائلِ المُنَكَّسَةِ/ نَشِيدُ المَوْتَى طَريقي/ ولا نَشِيدٌ لِعِظَامي إلا البَحْر / ولا أُغْنِيَةٌ للضَّحايا إلا الوَحْل / نَسِيَ العُشَّاقُ الرَّسائلَ الغرامِيَّةَ على الحَاجِزِ العَسكريِّ/ الذي يَفْصِلُ بَيْنَ الدَّمِ والمَوْجِ/ وَحُزْني انتصرَ عَلى حُزْنِ البَحْرِ عِندَ الغُروبِ /

     نَذهبُ إلى المعاركِ ولا نَعُودُ / لَنَا الأعلامُ المُنَكَّسَةُ / وللكِلابِ البُوليسِيَّةِ الأوسمةُ العَسكريةُ / الحُزْنُ نَزيفُ المَعْنَى وَطَهَارَةُ الذِّكرياتِ / وأنا المُلَوَّثُ بِعِشْقِ بَناتِ آوَى / لَيْسَ في قَلْبي ذِئْبٌ مُفْتَرِسٌ / وَلَيْسَ في دَمْعِي كَبْسُولةُ السِّيَانَيْدِ/ لَكِنَّ الزَّوابعَ تأكلُ ضَوْءَ القَمَرِ/ والنَّهْرُ ماتَ مَسْمُومًا /

     أطِيرُ في أدغالِ الأرَقِ صَقْرًا بأجنحةٍ حَجَرِيَّةٍ / وَلَمْ أشْرَب القَهْوَةَ مَعَ صَقْرِ قُرَيْشٍ في مَحَاكِمِ التَّفْتِيشِ/ أخافُ أن أنامَ لِئَلا يَغْتَالَني المَطَرُ في المَنَامِ / أُمَارِسُ هِوَايتي في جَلْيِ الصُّحونِ بَعْدَ مُنْتَصَفِ الليلِ/ وَلا شَيْءَ في الصُّحونِ سِوَى دَمِي وذِكْرَياتي والصَّابونِ/ وَأُمِّي تَمُوتُ أمامَ عُيونِ أبي /

     قَبَائِلُ أكَلَتْ قَبَائِلَ / والأرملةُ الكريستالِيَّةُ في الشِّتاءِ الرَّصَاصِيِّ تَخِيطُ الأعلامَ المُنَكَّسَةَ وَقُمْصَانَ النَّوْمِ وأكفانَ الجُنودِ / طُبُولُ الحَرْبِ عَلى خَشَبَةِ المَسْرَحِ / لَكِنَّ المُغَنِّي مَاتَ في كَلِمَاتِ الأُغْنِيَةِ/ والأفعى تُغَيِّرُ جِلْدَها / ولا تُغَيِّرُ سُمَّهَا/ والحقائبُ مِن فَرْوِ الثعالبِ لا تَجْعَلُ الذِّئبةَ لَبُؤَةً / وأصواتُ البَحَّارةِ الغَرْقَى تَرِنُّ في جِلْدِي / والدَّبابيسُ تَصْعَدُ مِن وِسَادتي كالسَّنابلِ / فَكَيْفَ أنامُ ؟ /

     لا تَكْرَهِيني أيَّتُها الرَّاهبةُ المشلولةُ / التي تَجْلِسُ عَلى كُرْسِيٍّ هَزَّازٍ أمامَ مَوْقَدَةِ الخريفِ / جِئْتُ لأكْسِرَ الصَّليبَ / وَأُحَرِّرَ المساميرَ الصَّدِئَةَ مِنَ النُّعُوشِ والصُّلْبَانِ / سَتَمْشِي الذِّئابُ الأُرْجُوَانِيَّةُ في طَريقِ الثُّلُوجِ نَحْوَ مِدْخَنَةِ الدَّيْرِ البَعيدِ / وَالحَمَامُ الزَّاجِلُ أضاعَ الرَّسائلَ بَيْنَ حِصَارِ بَيْرُوتَ وَحِصَارِ ستالينغراد / فَكَيْفَ أكتبُ رَسائلَ الحُبِّ للنِّساءِ المَصْلُوباتِ عَلى أعمدةِ الكَهْرَباءِ والقَنَّاصَةُ يَنتشِرُونَ في أبراجِ الحَمَامِ ؟ .

15‏/02‏/2025

إدغار آلان بو وحياة التشرد

 

إدغار آلان بو وحياة التشرد

للمفكر/ إبراهيم أبو عواد

.........................

   وُلِد الأديب الأمريكي إدغار آلان بو ( 1809_ 1849) في بوسطن . وكان الطفل الثاني لِمُمَثِّلَيْن . هجر والده الأسرة في عام 1810 ، وتُوُفِّيَت والدته في العام التالي ، فأصبحَ يتيمًا . وقامت إحدى الأُسَر برعايته والاعتناء به ، رغم عدم تَبَنِّيه رسميًّا . وكان هناك مشكلات بين بو والأسرة الحاضنة ، وفي النهاية انفصلَ عنها .

     فازَ بو في مسابقة أدبية ، حيث كتب قصة قصيرة في سن الرابعة والعشرين ، وأصبح بالتالي ناقدًا أدبيًّا لمجلة ( رسول الأدب الجنوبي ) . وفي سن السابعة والعشرين ، تزوَّج ابنةَ عَمِّه التي كانت تبلغ من العُمر في ذلك الوقت ثلاثة عشر عامًا .

     أصبحَ بو مشهورًا في جميع أنحاء الولايات المتحدة حين نشر قصيدته "الغراب" ( 1845). لكن حياته انهارت بسبب إدمانه الشديد على الخمر، وصارت سُمعته سيئة للغاية في مجتمع القرن التاسع عشر المحافظ.

     بعد وفاة زوجته في عام 1847، انهارَ بو عاطفيًّا ، وتُوُفِّيَ بعد ذلك بعامين ، في سن الأربعين، في أحد شوارع مدينة بالتيمور . وقد هاجمه النُّقاد بشدة بسبب مُعاقَرة الخمر ، واتَّهموه بأنه مدمن على المخدِّرات. وقال البعضُ إنه يجب أن لا يُترَك الجمهور معَ رَجل مِثله ، غير مستقر نفسيًّا وعقليًّا، يجلس في غرفة معتمة، مع غراب على بابه، وزجاجة على طاولته، وأنبوب مليء بالأفيون.  كان بو واحدًا من أفضل الكُتَّاب في تاريخ الأدب الأمريكي . وكان يُؤثِر الوَحدة في حياته ، ويُعبِّر عنها ببلاغة في قصائده الشِّعرية . وكتاباته تجعل القارئ يتفاعل معه عاطفيًّا .

     في كُل ما كَتب بو مِن قصص وقصائد ، تبرز نقاط توتره وكآبته وقلقه ومواهبه الخارقة التي شَكَّلت شخصيته الإبداعية المغايرة ، التي لَم يُفلِح الدارسون حتى اليوم في تفكيك كل ألغازها ، وفي دخول كُل سراديبها . فكتابات بو غاية في الصعوبة والجمالية .

     كان بو في نظر أبناء جيله رمز الشاعر الملعون ، ورمز الشاعر المتسكع المعاكس للتيار ، المشاغب في الكتابة الشعرية، المخرِّب في النثر، المتمرد على كل المدارس الأدبية والشعرية السابقة له، المدمن والمغامر والمتفلِّت مِن كل القوانين، الثائر على التقليد، الحزين حتى الموت، الكئيب حتى الثمالة ، والمتألم والمحِب والعاشق حتى الجنون . وقد أكَّدت إحدى الدراسات على أنه بو لَم يستفد مِن كُتبه كُلِّها على مدار حياته سِوى ثلاثمئة دولار فقط لا غَير .

     في كل مراحل حياته ، لَم يُفلِح بو في تأمين عمل يساعده على سَد نفقات معيشته ودُيونه المتراكمة ، الأمر الذي ساهمَ في عودته الدائمة إلى الإدمان.ومع أنه عمل صحفيًّا في أكثر مِن مجلة إلا أن ذلك لَم يُساعده سِوى على نشر بعض أعماله الأدبية فيها ، فنشرَ أولى مجموعاته القصصية في مجلة "برتون جنتلمان " عام 1840، ثم انتقل ليصبح رئيس تحرير مجلة أخرى نشر فيها روايته البوليسية "جريمة قتل في المشرحة" التي سُرعان ما تُرجمت إلى الفرنسية وتناولتها الصحف بمقالات نقدية إيجابية . إلا أن الخطوة الأولى نحو النجاح كانت مع نيله جائزة "جريدة فيلادلفيا" وكانت تبلغ يومذاك مئة دولار عن قصة "الحشرة الذهبية" ، ثم عمل في مجلة "غراهام" ليتركها بعد عام ويعود إلى نيويورك لينشر قصيدته "الغراب" التي بدأت معها شهرته في الأوساط الأدبية من دون أن يساعده ذلك على النهوض مِن غَرَقه في الدُّيون الهائلة .

     تتكرر معظم موضوعاته حول مسائل الموت ، بما في ذلك علاماته الجسدية وآثار التحلل ، والمخاوف من الدفن السابق لأوانه ، أو " القتل رحيم " ، والإنعاش من الموت، والحِداد .

     وتُعتبَر كثير من أعماله جُزءًا مِن هذا النوع مِن الرومانسية السوداء ، وهي رَدَّة فِعل أدبية للفلسفة المتعالية التي كرهها بو بشدة .

     في مرحلة ما بعد الرُّعب ، اتَّجَهَ بو نحو الأسلوب الساخر والحكايات الفكاهية والخدع . ولإضفاء طابع كوميدي ، استخدم السُّخرية ببذخ في كثير من الأحيان في محاولة منه لتحرير القارئ من المطابقة الثقافية . كما أعاد بو ابتكار الخيال العِلمي في استجابة  للتكنولوجيا التي ظهرت في ذلك الوقت مِثل مَناطيد الهواء .

     مِن أشهر أعماله : حُلم داخل حُلم ( 1827 ) . الدُّودة الفاتحة ( 1837 ) . بعض كلمات مع مُومياء   ( 1845 ). أنابيل لي ( 1849 ) .

14‏/02‏/2025

أحفر قبري برموشي

 

أحفر قبري برموشي

للشاعر/ إبراهيم أبو عواد

........................

   أَقْتُلُ نَفْسِي لأُحْيِيَ نَفْسِي/ أغتالُ ذِكْرَياتي كَي أَرِثَ عِظامي / أنا خَليفةُ نَفْسِي أَرِثُهَا بَعْدَ مَوْتِها/ وأرْثِي أشلائي الضَّائعةَ في أحلامِ الطفولةِ / لِئَلا أمْنَحَ طُيورَ البَحْرِ فُرْصَةً لِرِثَائي / مَاتَ النَّهْرُ مُتَأثِّرًا بِجِرَاحِهِ / قَتَلْنَاهُ وَمَشَيْنَا في جِنازته / رَثَيْنَاهُ وَوَرِثْنَاهُ / وَرَفَعْنَا الرَّايةَ البَيضاءَ عَلى الأكفانِ البَيضاءِ في السُّوقِ السَّوداءِ / وما زِلْتُ أغْسِلُ دَمَ الزَّوَابعِ بِدَمِ العَصَافِيرِ /

     كُنْ نَفْسَكَ / كُنْ جُثمانَ أبِيكَ / كُنْ جَدَائِلَ أُمِّكَ / وَلا تَقُلْ : مَا أجملَ الحياةَ لَوْ كُنْتُ حَفَّارَ قَبْري / أنتَ القاتلُ والضَّحيةُ / أنتَ الصَّيادُ والفَريسةُ / أنتَ سُورُ المقبرةِ وأعشابُ الأضرحةِ / يَكْسِرُ مَطَرُ الخريفِ ضَفائرَ أُمِّي / وأركضُ في حَديقةِ المَوْتَى بِلا أُمٍّ وَلا حِكَايات/ مَاذا أَخَذَ العُميانُ مِن التَّاريخِ سِوى المساميرِ الصَّدِئَةِ في الصُّلْبانِ المكسورةِ ؟ /

     الرَّمْلُ الأزرقُ يُوَزِّعُ الأوسمةَ العسكريةَ عَلى الأيتامِ والأراملِ والجُنُودِ المَهزومِين / اترُكْنِي أيُّها الحُزْنُ الكريستالِيُّ كَمَا أنا / وَحيدًا مَنبوذًا / أُدَافِعُ عَن شَرَفِ الغُبارِ في مُدُنِ السُّلِّ / يا وَطني المَنْسِيَّ / انْسَ وُجوهَ الأطفالِ / وَهُم يَبيعُونَ العِلْكَةَ عَلى إشاراتِ المُرورِ / وَطَنٌ مَات / والذِّكرياتُ مَاتتْ / وِلادتي هِيَ إعلانُ الحُكْمِ بإعْدَامي / وأنا المَيْتُ الحَيُّ لا الحَيُّ المَيْتُ /

     أَحِبِّينِي يَا أشِعَّةَ القَمَرِ في الشِّتاءِ الحزينِ / حِينَ يَأكُلُ خُدُودي دُودُ المقابرِ / وَيَذُوبُ لَحْمي في التُّرابِ / كَمَا يَذُوبُ السُّكَّرُ في قَهْوَةِ العُشَّاقِ / جِلْدِي مَقبرةٌ مِنَ السِّيراميك / والفِئرانُ تَخْرُجُ مِن ثُقوبِ جِلْدي / فَلا تَكْرَهْني يا أبي / ولا تَبْكِي عَلَيَّ يا أُمِّي /

     قَصيدتي ضَريحي/ لَكِنَّ أبجديةَ النَّوارسِ أَحْرَقَتْ أزِقَّةَ المرفأ بالأمطارِ والذِّكرياتِ/ هُدْنةٌ بَيْنَ حَارِسِ المَقبرةِ وحَفَّارِ القُبورِ / وَلَمْ أَعُدْ أُفَرِّقُ بَيْنَ بَناتِ حَفَّارِ قَبْري وبَناتِ أفكاري العَوَانِسِ / المَجْدُ لِبَنَاتِ آوَى / وقَانونُ الطوارِئِ للبَاعَةِ المُتَجَوِّلِين/ وَالفُقَرَاءُ يُضَاجِعُونَ الأميراتِ عَلى أرصفةِ الشَّوارعِ بَعْدَ الانقلابِ العَسكريِّ/ والزَّوَابعُ تَغتالُني في الشَّارعِ الضَّيِّقِ/ وتُسَمِّيهِ بِاسْمِي تَكريمًا لأشلائي الضَّوئيةِ / وحَفْلُ تأبيني لَمْ يَحْضُرْهُ إلا ضُبَّاطُ المُخَابَرَاتِ ورَاقِصَاتُ الباليه / جُمْجُمتي عَرْشُ النَّوارسِ / وأنا الغريبُ الذي يَبْحَثُ عَن عَرْشٍ / لَسْتُ مَلِكًا / لَكِنِّي جُثَّةُ مَلِكٍ / والأحزانُ تَتفجَّرُ في جَدائلِ أُمِّي وَمُسَدَّسِ أبي / وَطُيُورُ البَحْرِ نَفَّذَتْ وَصِيَّةَ البَحْرِ / وأَحْرَقَتْ جُثمانَهُ / وَنَثَرَتْهُ عَلى التِّلالِ البَعيدةِ/ أسْمَعُ صُرَاخَ الرَّاهباتِ المُغْتَصَبَاتِ في أدْيِرَةِ الصَّقيعِ/ وَحْدِي مَعَ قَارُورةِ الحِبْرِ / ألعبُ الشِّطْرَنجَ مَعَ جُثَّتي / وَالفَراشةُ اليَتيمةُ تَكتبُ ذِكْرَياتي عَلى قَارُورةِ السُّمِّ .

13‏/02‏/2025

الحب في الوقت الضائع

 

الحب في الوقت الضائع

للشاعر/ إبراهيم أبو عواد

......................

قُلُوبُ السَّبايا حَبَّاتُ كَرَزٍ في مُدُنِ السَّرابِ / وأنا المُهَرِّجُ الذي يُضْحِكُ قُطَّاعَ الطُّرُقِ / وَيَبكي في الغُرفةِ وَحِيدًا/ سأبكي أمامَ مَرايا الخريفِ أنهارًا بِلا ضِفَافٍ / مَاذا يَفعلُ المُهرِّجُ بَعْدَ إغلاقِ السِّيرك ؟ / أنا التَّائهُ بَيْنَ كُرَياتِ دَمي وَصَفَّاراتِ الإنذارِ /

عِندَما يَأتي المساءُ / يَتفجَّرُ الحُزْنُ في أظافري المُضيئةِ / وأرى وُجوهَ الأمواتِ عَلى زُجاجِ نافذتي / وأرى جُثتي المُتَعَفِّنَةَ عَلى زُجاجِ القِطاراتِ / رَائحةُ البُرتقالِ عَلى حَبْلِ المِشنقةِ / وَنَصْلُ المِقصلةِ بِطَعْمِ التُّفاحِ / والسَّمكةُ ابْتَلَعَت الطُّعْمَ في خَريفِ الذِّكرياتِ الحامِضِ /

أشلائي تَدُورُ مَعَ مِرْوَحةِ السَّقْفِ بِعَكْسِ عَقاربِ السَّاعةِ / وقُمْصَانُ النَّوْمِ على حِبَالِ الغسيلِ أوْ حِبَالِ المشانِقِ / وأكفانُ الفَراشاتِ عَلى بَلاطِ السُّجونِ الباردِ/ والزَّوابعُ تَغتصِبُ سُطُوحَ البُيوتِ أوْ سُطُوحَ الوَداعِ / انكسرَ التاريخُ في أحضانِ عَشيقاتِ مُلوكِ الطوائفِ / انكَسَرَت الجُغرافيا في آبارِ نِفْطِ شُيوخِ القَبائلِ / وبَقِيَ دَمُ الحَيْضِ عَلى دُستورِ الدَّولةِ البُوليسِيَّةِ /

كُلَّمَا مَاتَ جَسَدِي انْبَعَثَ في جَسَدِ الرِّياحِ / حُطَامُ الرُّوحِ في أرضِ الطاعون/ شَظايا الجماجِمِ في مَملكةِ السَّرابِ/ والأطفالُ في الخنادِقِ/ وجُثَثُ الرِّجالِ في حَاوِيَةِ القُمامةِ عَلى رَصيفِ المِيناءِ / أعِيشُ في نَفْسِي مَعَ نَفْسِي ضِدَّ نَفْسِي / دَمْعُ النِّساءِ عَلى زُجاجِ القِطَاراتِ / وَمَناديلُ الوَداعِ في أزِقَّةِ المَرْفَأ اللازَوَرْدِيِّ / وتُسْحَقُ رُمُوشُ النِّساءِ تَحْتَ بَساطيرِ الجُنودِ /

كُلَّمَا جُعْتُ رَأيتُ دِمَاءَ أُمِّي في صَحْنِ العَدَسِ في شِتَاءِ الوَداعِ الغامضِ/ أنا غُربةُ الفِضَّةِ في النُّعوشِ الذهبيةِ/ سَأقُولُ للأمواجِ النُّحَاسِيَّةِ / إنَّ أظَافِرَ القَتيلِ تَلْمَعُ كالمطرِ في الخريفِ البَعيدِ / وأظلُّ أبكي في طُرُقَاتِ المَوْجِ الأخضرِ / فِئرانُ السَّفينةِ تأكلُ جُثمانَ الرُّبَّان / والسَّفينةُ تَغْرَقُ في دِمَاءِ النَّوارسِ / والرِّيحُ تَكْسِرُ الأعشابَ حَوْلَ شَاهِدِ قَبْري / وَحَفَّارُ القُبورِ نَسِيَ استلامَ رَاتِبَهُ الشَّهْرِيَّ / وَالفَتَيَاتُ المَجروحاتُ عَاطِفِيًّا يَقِفْنَ بَيْنَ بَوَّابةِ المقبرةِ والحَاجِزِ العَسكريِّ / وَدَمُ الحَيْضِ السَّاخِنُ عَلى بَلاطِ السُّجونِ الباردِ / والضَّبابُ الأسْوَدُ يُحَاصِرُ دَمِي الأخْضَرَ في أبْجَدِيَّةِ البُكَاءِ /

دَمِي مُوسيقى تَصويرِيَّةٌ للمُسْتَنْقَعَاتِ/ فَاصْعَدْ أيُّها البَعُوضُ الأُرْجُوَانِيُّ مِن كُحْلِ الصَّبايا وجُثَثِ الضَّحايا / سَيَظَلُّ القَمَرُ شَاهِدًا عَلى اغتيالِ الفَراشةِ في الخريفِ المَالِحِ / سَيَظَلُّ الشِّتاءُ شَاهِدًا على اغتصابِ الرَّاهباتِ في دَيْرِ الصَّقيعِ / نَسِيَت الأراملُ فَناجينَ القَهْوَةِ عَلى شُرُفَاتِ الحُرُوبِ الأهليةِ / وَذَهَبْنَ إلى المَوْتِ الرُّومانسِيِّ / والطِّفْلُ المَشلولُ يُخَبِّئُ عُكَّازَةَ أبِيهِ بَيْنَ الفَنادقِ والخَنادقِ .