عوالم القصيدة والمجتمع الإنساني
للكاتب/ إبراهيم أبو عواد
جريدة العرب اللندنية 12/2/2013
https://www.facebook.com/abuawwad1982
للكاتب/ إبراهيم أبو عواد
جريدة العرب اللندنية 12/2/2013
إن القصيدة هي مشروع تنموي لا يهدف إلى
التعبير عن الأشياء فحسب ، بل أيضاً الدخول إلى حقيقة المجتمع الإنساني. وهذه
النظرة من شأنها مزج المضامين الثقافية مع السلوك الاجتماعي ، والمزاوجة بين طبيعة
المعرفة الإنسانية ومركزية اللغة الشعرية المحرِّكة لمشاعر الناس . وهذا الارتباط
الوثيق بين القيم الثقافية والقيم الاجتماعية سيؤدي إلى صناعة عالَم محسوس موازٍ
للعالَم الشعري الحالم .
وكلما ازدادت التداعيات
الشعورية تكاثرت العوالم المحسوسة وغير المحسوسة . وهنا يظهر دور القصيدة المحوري
في التوفيق بين الأضداد، وصهر التناقضات الناشئة في بوتقة واحدة للوصول إلى أرضية
مشتركة تجمع بين النَّص الشعري والفكر الاجتماعي . لذلك فإن القصيدة تقف سداً
منيعاً في وجه الفوضى ، والإحباطاتِ الحياتية، والاستنزافِ العاطفي . وبالتالي
فليس غريباً أن تصبح اللغةُ الشعرية هي ضابط الإيقاع في مجتمع القصيدة ومجتمعِ
الإنسان على حدٍّ سَواء .
وبما أن العلاقة بين القصيدة
والمجتمع الإنساني تبادلية وتكاملية ، فإن الواقع المعاش يساهم في تخليص القصيدة
من الهوامش الزائدة التي تصبح عبئاً على قلب الكلمات النابض . مما يؤدي إلى الحصول
على لغة شعرية عالية التكثيف تماماً كالماء المقطَّر .
والمشكلة الحقيقية التي تواجه بُنية العالَم الشعري هي وجود قصائد كثيرة
مُحمَّلة بشوائب فكرية يتم تقديمها كمسلَّمات ، فصارت القصيدة في كثير من الأحيان
بوقاً إعلامياً ، وسلعةً يراد ترويجها بكل
السبل الممكنة. وهذا يقتل الإحساسَ الشعري، ويجعل من الفكر الشعري قيمةً مبتذلة
خالية من المضمون والإيقاع الصادق ، ويهدم كلَّ العناصر الخيالية والواقعية . لذلك
ينبغي أن تحافظ القصيدة على اسمها وسُلطتها ولمعانها وأبجديتها الخصوصية ، فهذه هي
الضمانة الوحيدة لتكريس القصيدة ككائن حي حالم وواقعي ، يحشد عنفوانَ اللغة في
الحلم الاجتماعي ، وينشر فلسفةَ الحلم بغدٍ أفضل .https://www.facebook.com/abuawwad1982