ديريك والكوت واتهامات التحرش الجنسي
للكاتب/ إبراهيم أبو عواد
جريدة رأي اليوم ، لندن ، 2/11/2017
..............
للكاتب/ إبراهيم أبو عواد
جريدة رأي اليوم ، لندن ، 2/11/2017
..............
وُلد الشاعر والكاتب
المسرحي الكاريبي ديريك والكوت ( 1930_ 2017) في سانت لوسيا، إحدى جُزر الهند
الغربية . تنحدر عائلته من أصول مختلطة ، فأجداده لأبيه أوروبيون بِيض، وأجداده
لأُمِّه أفارقة سُود ، مِمَّا يعكس التاريخ الاستعماري المعقَّد للجزيرة ، الذي
ترك تأثيرًا واضحًا في شِعره .
كانت والدته مُعلِّمة وخيَّاطة ، تحب الفنون ، وتقرأ الشِّعر. ووالده كان
رَسَّامًا وشاعرًا ، وَتُوُفِّيَ في سن الحادية والثلاثين ، بينما كانت زوجته
حاملاً بابنها ديريك .
اقترضَ تكلفة طباعة ديوانه الأول مِن أُمِّه ، حيث ذهب إِلَيها وأخبرها أنه
يُريد نشر مجموعة شِعرية،تُكلِّف طباعتها تقريبًا مئتي دُولار.وقد شَعرت أُمُّه
بالضِّيق لأنها كانت مُجرَّد مُعلِّمة وخيَّاطة. وقد أعطته المالَ ، وتَمَّت طباعة
الكتاب ، ووعدها بأنه سَيَبيعه لأصدقائه ، ويُعيد لها المال .
تلقَّى تعليمه الجامعي في جامعة الكولدج في جُزر الهند الغربية ، وعشق
اللغة الإنجليزية ، ورسم حياته ككاتب وشاعر ، مُتأثِّرًا بشعراء الحداثة الإنجليز
مِثْل : تي إس إليوت وإزرا باوند .
بعد التخرج ، انتقلَ والكوت إلى ترينيداد عام 1953، حيث عمل ناقدًا
ومُعلِّمًا وصحفيًّا ، ثُمَّ ذهب للعمل في جامعة بوسطن في الولايات المتحدة ،
لتدريس الأدب والكتابة الإبداعية ، وأسَّسَ هناك مسرح بوسطن للمؤلفين المسرحيين ،
وعقد صداقة أدبية مع الشاعرين : الروسي جوزيف برودسكي والإيرلندي شيموس هيني ،
اللذين كانا يعملان في بوسطن .
تعكس أشعاره ومسرحياته اهتمامه بالهوية الوطنية لجزر الهند الغربية ،
وآدابها ، والصراع بين الميراث الأوروبي والثقافة الوطنية . كما أنه يُركِّز على
قضية اكتشاف منطقة البحر الكاريبي وتاريخها في سياق الاستعمار وما بعد الاستعمار .
وفي هذا السياق يتجلى الاختيار بين الوطن أو المنفى ، وتتَّضح المفاضَلة بين تحقيق
الذات والخيانة الروحية للوطن .
يمزج والكوت في مسرحياته الشِّعْرَ بالنثر ، ويستخدم مفردات لغة التفاهم
اليومي الشائعة في منطقة البحر الكاريبي . أمَّا قصائده فهي في معظمها غنية
بالتلميحات الكلاسيكية ، وهي تتناول الطبيعة في كُلٍّ من أوروبا ومنطقة الكاريبي
بِقَدْرٍ مُتساوٍ من الوضوح .
تُعتبَر قصيدته الملحمية أوميروس ( 1990) ، أعظم إنجازات والكوت الشِّعرية
، وكانت سَبَبًا رئيسيًّا في حصوله على جائزة نوبل للآداب ( 1992) . وهو ثاني
كاريبي يحصل على هذه الجائزة العالمية بعد سان جون بيرس . وقد وصفت لجنة نوبل عمل
والكوت بأنه " مهرجان الشِّعرية عظيم اللمعان ، يمتاز برؤية تاريخية نتيجة
تعدد الثقافات ".
وَمِن المفارَقات اللافتة للنظر أن يتزامن حصول والكوت على الجائزة مع
الذكرة نِصف الألفية لوصول كريستوفر كولومبس إلى الأرض الجديدة ( الأمريكيتين ) .
فالشاعر والكوت له انتماءات وطنية قوية . وقد أوضح مِرارًا وتكرارًا أن الهنود في
الأمريكيتين يُحاولون استعادة هويتهم التي عمل الاستعمار على طمسها .
يُعتبَر والكوت أفضل مَن كَتب باللغة الإنجليزية مِن خارج منطقتها ، فهو
يجمع بين الرقة والرصانة في الأسلوب ، كما يمتاز بأناقة الأسلوب وروعته ، والإحساس
اللغوي المرهَف ، وتنوُّع موضوعاته الشِّعرية ، معَ تَنَقُّله بين مُختلف الثقافات
التي تُعتبَر عُنصرًا جوهريًّا في سيرة حياته .
في عام 1982 ، اتَّهمت طالبة في جامعة هارفارد والكوت بالتحرش الجنسي في
سبتمبر 1981. وزَعمت أنها بعد رفضها ، أُعِطَيت علامة " C "
فقط . وفي عام 1996، تَمَّ اتهامه بالتحرش
الجنسي ، وتَمَّ التوصل إلى تسوية .
في عام 2009، كان والكوت مُرَشَّحًا قَوِيًّا لمنصب أستاذ الشِّعر في جامعة
أكسفورد ، وسُحِبَ ترشيحه لهذا المنصب بسبب اتهامات ضده بالتحرش الجنسي في الفترة
( 1981_ 1996).
مِن أبرز مجموعاته الشِّعرية : في ليل أخضر ( 1962) . المنبوذ وقصائد أخرى
( 1965) . مملكة التفاح النجمي ( 1979). منتصف الصَّيف ( 1984). طائر البلشون
الأبيض( 2010).
مِن أبرز مسرحياته : الطبول والألوان ( 1958). حلم على جبل القرد ( 1967) .
يا بابل ( 1976). ذِكرى ( 1977). الجزيرة مليئة بالضوضاء ( 1982). البائع
المتجوِّل ( 2002).