سيرة ذاتية

إبراهيم أبو عواد القيسي، مفكر، وشاعر،وكاتب صحفي من الأردن. ولد في عَمَّان 1982، لعائلة من شيوخ بني قيس/قَيس عَيلان(أكبر قبيلة عربية في العالم).حاصل على البكالوريوس في برمجة الحاسوب من جامعة الزيتونة الأردنية (2004).له اهتمامات واسعة في دراسات الكتب الدينية (القرآن الكريم، التوراة، الإنجيل )، والفكر الإسلامي، والفلسفة،وعلم الاجتماع،والسياسة ،والنقد الأدبي،والشعر،والرواية، والعلوم الطبيعية . متفرغ للبحث والتأليف.يكتب في أبرز الصحف والمجلات في الوطن العربي وأوروبا.له آلاف المقالات والدراسات، وعشرات الكتب المطبوعة،من أبرزها: [1]حقيقة القرآن [2] أركان الإسلام [3] أركان الإيمان [4] النبي محمد[5]دراسات منهجية في القرآن والسنة[6] العلاقات المالية والقضائية والسياسية والاقتصادية في القرآن [7] دراسات منهجية في القرآن والتوراة والإنجيل [8] الدعوة الإسلامية [9] منهج الكافرين في القرآن [10] العلوم والفنون في القرآن [11] العمل في القرآن [12] العلاقات الأخلاقية في القرآن [13] القصص والتاريخ في القرآن [14]الإنسان والأسرة والمجتمع في القرآن [15] الديانات في القرآن الكريم [16] بحوث في الفكر الإسلامي [17] التناقض في التوراة والإنجيل [18] صورة اليهود في القرآن والسنة والإنجيل [19] نقض عقائد ابن تيمية المخالفة للقرآن والسنة [20] عقائد العرب في الجاهلية[21]فلسفة المعلقات العشر[22] النظام الاجتماعي في القصيدة(المأزق الاجتماعي للثقافة. كلام في فلسفة الشعر) [23] صرخة الأزمنة ( سِفر الاعتراف ) [24] حياة الأدباء والفلاسفة العالميين [25]مشكلات الحضارة الأمريكية [26]الأعمال الشعرية الكاملة(مجلد واحد)[27] سيناميس (الساكنة في عيوني)[28] خواطر في زمن السراب [29] أشباح الميناء المهجور (رواية)[30]جبل النظيف ( رواية) [ يُمنع ترجمة أيَّة مادة في هذه المدونة أو نقلها بأيَّة وسيلة كانت إلا بعد الحصول على موافقة خطية مُسبقة من المؤلف إبراهيم أبو عواد، تحت طائلة المسؤولية القانونية، ووفق قوانين حماية الملكية الفكرية ] .

09‏/03‏/2025

مملكة البدو الرحل بلا عرش ولا صولجان

 

مملكة البدو الرحل بلا عرش ولا صولجان

للشاعر/ إبراهيم أبو عواد

......................

     وَدَاعًا أيَّتُهَا الفَرَاشَةُ الوَحيدةُ في المطرِ / تَنكسِرُ الأجنحةُ كَمَرَايَا الصَّقيعِ / ومِلْحُ دُموعي يَخُونُ لَمَعَانَ أظافري / والبَقُّ يَأكُلُ أخشابَ نَعْشِي في مملكةِ السُّلِّ/لماذا تُريدُ اغتيالي يا كَرَزَ الأضرحةِ ؟/ إنَّ جُثماني هُوَ النَّشيدُ الوَطَنِيُّ للدُّوَيْلاتِ اللقيطةِ / فلا تَكْرَهْنِي يا أبي / وَلا تَحْزَنِي عَلَيَّ يا أُمِّي /

     عَادَت الصَّبَايا إلى الأرضِ الخَرَابِ / لا بَحْرٌ يُولَدُ في أوردةِ الغُروبِ / ولا شَمْسٌ تَطْلُعُ مِن أخشابِ التَّوابيتِ / أنا الرُّبَّانُ التَّائِهُ في العَاصِفَةِ / لا عَرْشٌ إلا الدَّمْع / ولا دُسْتُورٌ إلا السَّراب /

     أيُّها القاتلُ المقتولُ / لا تَلْعَبْ بِمَشَاعِرِ ابنةِ حَفَّارِ القُبُورِ / عِظَامُ الضَّحايا في صَحْنِ العَدَسِ / والضُّيوفُ لَن يَأتوا/والأفعى تَلْتَفُّ حَوْلَ ضَوْءِ القَمَرِ/ والعَصافيرُ تَخِيطُ أكفاني بَيْنَ قَطَرَاتِ المَطَرِ وحَبَّاتِ العَرَقِ عَلى جِبَاهِ الشَّركسياتِ/ وكُلَّمَا زُرْتُ ضَريحَكِ/ تَفَجَّرَتْ رَائحةُ النَّعناعِ في عِظَامي /

     المَطَرُ الذهبيُّ وَدَمْعُ أُمِّي الفِضِّيُّ يَغسِلانِ فِرَاشَ المَوْتِ / يَقِفُ القَطِيعُ عَلى حَافَةِ الجَبَلِ / كَمَا يَقِفُ الشَّجَرُ في المقبرةِ الزُّجَاجِيَّةِ / وأنا القتيلُ بَيْنَ أوراقِ الخريفِ وصَوْتِ الرَّعْدِ / لا أقْدِرُ أن أُدَافِعَ عَن البُحَيرةِ حِينَ يَجُرُّ النَّمْلُ جُثَّتَهَا/ أنا المنبوذُ بَيْنَ أعقابِ السَّجائرِ وأعقابِ البَنادقِ / لا أقْدِرُ أن أحْمِيَ مَساميرَ نَعْشي مِنَ الصَّدأ والصَّدى / خَبَّأتُ جُثمانَ العاصفةِ في صُندوقِ البَريدِ الفارغِ / الذي سَيَأكُلُهُ الصَّدَأُ في أعيادِ السَّرابِ الوَهَّاجِ /

     لا تَفتخِري يا دُودةَ الذاكرةِ بِحَجْمِ ثَدْيَيْكِ / إنَّني أفتخِرُ بِحَجْمِ مِشْنَقتي / لا دُستورَ لِمَملكةِ الجِرذانِ سِوَى سَرَطَانِ الثَّدْيِ / لماذا تَرْكُضِينَ يا أشجارَ المقابرِ في لَمَعَانِ أظافري / لماذا تَنامِينَ يا شُطآنَ اليَاقُوتِ في شُقوقِ جِلْدي / لا أمْلِكُ إلا جِلْدي / والإعصارُ يَغتصِبُ أمواجَ البَحْرِ /

     أيَّتُها الغريبةُ في مَمَالِكِ السَّبايا / الحَلِيبُ الأسْوَدُ عَلى فُرشاةِ أسنانِكِ / والرَّسائلُ الغرامِيَّةُ عَلى مَساميرِ نَعْشِكِ/ والأقنعةُ هِيَ تاريخُ الكُوليرا في المُدُنِ المهجورةِ / والبَحْرُ يَكتبُ وَصِيَّتَهُ عَلى عِظَامِ الغَرْقَى/ وأنا المُهَاجِرُ مِن حَبْلِ الغسيلِ عَلى سَطْحِ بَيْتِنَا / إلى حَبْلِ مِشْنَقتي عَلى رَصِيفِ المِيناءِ /

     أُصَلِّي قِيَامَ الليلِ قَبْلَ إعْدَامي عِندَ الفَجْرِ / سَأبْنِي مَمْلَكتي بَيْنَ جَدائلِ أُمِّي وأجنحةِ الجَرَادِ / وأسألُ الرِّمَالَ المُتَحَرِّكَةَ / كَيْفَ أَهْرُبُ مِن جِلْدِي وَطَيْفُ الشَّركسياتِ في الشَّفَقِ يُحَاصِرُنِي ؟ /

     الشُّعُوبُ فِئرانُ تَجَارُب / وَفِئرانُ السَّفينةِ أكَلَتْ جُثَثَ البَحَّارَةِ / والرُّبَّانُ المشلولُ أَحْرَقَ الرَّسائلَ الغرامِيَّةَ / والرَّاهبةُ العَمْياءُ نَسِيَتْ كَبْسُولةَ السِّيَانَيْدِ بَيْنَ حُبُوبِ مَنْعِ الحَمْلِ/ والنَّهْرُ يَشْرَبُ دَمْعَ المساءِ / ويأكلُ أعشابَ المقابرِ / ولا أحَدَ يَنْتَشِلُ الجُثَثَ في مَدينةِ الوَهْمِ .

08‏/03‏/2025

مستقبل مشرق بين الأكفان والجراد

 

مستقبل مشرق بين الأكفان والجراد

للشاعر/ إبراهيم أبو عواد

.......................

     أيُّها الطِّفْلُ الجائعُ / سَتَأكُلُ جُثمانَ أُمِّكَ / أيُّها اليَتيمُ العَطْشَان / سَتَشْرَبُ حَليبَ البَنادقِ / البُحَيرةُ تُرْضِعُ ضَوْءَ القَمَرِ / فَابْحَثْ عَن سُنبلةٍ بَيْنَ شَوَاهِدِ القُبورِ كَي تُرْضِعَكَ / حَيَاتي رَقْمٌ عَلى بَابِ زِنزانتي / والعَاصِفَةُ تُطْلِقُ الرَّصاصَ عَلى النَّهْرِ الأعزلِ /

     كَسَرَ المساءُ قُلُوبَ النِّساءِ / والرِّمالُ الهَمَجِيَّةُ تُعَلِّمُ البَحْرَ الحضارةَ/ لا ضَفَائِرَ للرَّاهباتِ سِوى مَساميرِ الصُّلْبانِ/ وَلَمَعَانُ عُيونِ الشَّركسياتِ يُضِيءُ طَريقي إلى الكَرَزِ المنثورِ عَلى نَصْلِ مِقْصَلتي /

جُدرانُ بَيْتي مُزَيَّنةٌ بالنُّعوش الكريستالِيَّةِ / والأيتامُ لَمْ يُفَرِّقُوا بَيْنَ الأثاثِ المُسْتَعْمَلِ وأخشابِ النُّعُوشِ / عِشْتُ حَيَاتي بَيْنَ الرُّومانسيةِ والذِّكرياتِ كَي أَصِيرَ طَعَامًا للدُّودِ /

     الأرنبُ المذبوحُ بَيْنَ أوراقِ الخريفِ / وَبَرِيقُ أظافري هُوَ بَرِيقُ الخناجِرِ في جِلْدِ الرِّياحِ / وَنُهُودُ النِّساءِ المقطوعةُ مُلْقَاةٌ في حَاوِيَاتِ القُمَامَةِ / الرَّصاصُ الحَيُّ بَيْنَ رَغْوَةِ الدَّمِ وَرَغْوَةِ القَهْوَةِ / وَصَاحِبَاتُ الدَّمِ الأزرقِ يَشْرَبْنَ الشَّايَ الأخضرَ / في مَقْهَى التَّوابيتِ الذي يُطِلُّ عَلى بَحْرِ الدُّموعِ/ تَتساقطُ دُموعُ البَنَاتِ في آبارِ النِّفْطِ أوْ آبارِ القُرى المَنْسِيَّةِ / ويَنكسِرُ الصَّليبُ بَيْنَ العَوَانِسِ والكَنَائِسِ / وأبراجُ الكَنائسِ هِيَ أبراجُ الحِرَاسَةِ في سُجُونِ الرِّمالِ المُتَحَرِّكَةِ /

     كُنْ رُومَانسِيًّا أيُّهَا السَّرَابُ/ إنَّ المَطَرَ يَجْرَحُ خُدُودَ البُحَيْرَةِ / هَل أنا المُخَلِّصُ في مُسْتَنْقَعِ الزَّوجاتِ الخائناتِ ؟ / هَل أنا صَفِيرُ القِطَارِ بَيْنَ دُموعِ العُشَّاقِ وأمطارِ الذِّكرياتِ ؟/ أشِعَّةُ القَمَرِ تَخْلَعُ جِلْدِي/ ولا أرى في مِرْآتِي إلا لَمَعَانَ المُسَدَّسَات / وكُلُّ شَيْءٍ مَات /

     أرى في الشَّفَقِ وُجُوهَ الشَّركسياتِ / فَكَيْفَ أُطْلِقُ رَصاصةَ الرَّحمةِ عَلى الذِّكرياتِ ؟ / أحزاني هِيَ صَفَّارةُ إنذارٍ بَيْنَ دَمِي والبَحْرِ / وعِظَامُ النَّوارِسِ القَتيلةِ هِيَ دُستورُ الدَّولةِ البُوليسِيَّةِ/ رُخَامٌ أسْوَدُ في سُوقِ الرَّقيقِ الأبيضِ / ولاعِبُ القِمَارِ قَلَبَ الطاولةَ عَلى المُقَامِرِين / خَسِرَ حَفَّارُ القُبورِ أشجارَ المقبرةِ في لُعْبَةِ قِمَارٍ / ولَيْسَ أمَامَهُ إلا المَوْت / وطُيُورُ البَحْرِ تُنَظِّفُ شَوَاهِدَ القُبورِ مِن الغُبارِ/ والمساءُ يَغْسِلُ أعشابَ المقابرِ بِدَمْعِ النِّسَاءِ / نُخَبِّئُ جَمَاجِمَ النُّسورِ العاجزةِ جِنسِيًّا في الحقائبِ المدرسِيَّةِ / والطِّفْلُ المشلولُ رَأى أبَاهُ يُجَامِعُ أُمَّهُ في لَيْلَةٍ خَريفِيَّةٍ بَاردةٍ /

     يَرْحَلُ الصَّيْفُ مِن خُدودِ الصَّبايا / ويَغتَصِبُ الشِّتاءُ عِظَامَهُنَّ في الليلِ الطويلِ / مَاتَ الرِّجالُ في أزِقَّةِ الجَرَادِ / وما زَالَت النِّساءُ يُجَهِّزْنَ قُمصانَ النَّوْمِ في لَيْلَةِ الدُّخلةِ / هَيَاكِلُنَا العَظْمِيَّةُ أرشيفٌ للأرقِ / وأشلاؤُنا سِفْرُ الخُرُوجِ مِن أمطارِ المساءِ / والأحزانُ في دَمِنَا لا تَنَامُ / والدَّمُ لا يَنَامُ .

07‏/03‏/2025

رائحة الجثث تحت أنقاض البيوت

 

رائحة الجثث تحت أنقاض البيوت

للشاعر/ إبراهيم أبو عواد

..........................

     لا رَاياتُ القَبائلِ تُظَلِّلُ هَيْكلي العَظْمِيَّ / ولا جَدَائِلُ أُمِّي تَحْرُسُ أوعيتي الدَّمويةَ/ سَيَدْفِنُنِي المساءُ في أوراقِ الخريفِ / ويَتَخَلَّصُ مِن جُثماني سَريعًا / ما فائدةُ رُومَانسِيَّةِ الشُّطآنِ إذا كانَ البَحْرُ عَاجِزًا جِنسِيًّا ؟ / ما فائدةُ ذَاكِرَةِ الوَدَاعِ إذا كانَ سَرَطَانُ الثَّدْيِ ابتلعَ صَدْرَ البُحَيرةِ ؟ /

     أرصفةُ المُدُنِ البَعيدةِ لَهَا رَائحةٌ كَعَرَقِ النِّسَاءِ المَجروحاتِ عاطفيًّا / كَسَرَتْ لَيالي الخريفِ قَلْبَ الفَراشةِ / وشَظَايَا حُزني كَشَظَايا المزهرياتِ / التي حَطَّمَهَا صَوْتُ الرَّعْدِ / عِشْتُ حَيَاتي كَي أضَعَ الأرقامَ عَلى الجُثَثِ المجهولةِ / وأُنَظِّفَ شَوَاهِدَ القُبورِ مِنَ الغُبارِ والحِكَاياتِ / وأُؤرِّخَ لأحلامِ الطُّفولةِ الضَّائعةِ / وأحْرُسَ أرشيفَ الأمواتِ مِنَ الأمواتِ / عِشْتُ حَيَاتي كَي أدْفِنَ الفَرَاشَاتِ في أجفانِ الرِّياحِ / وأنتظِرَ فَرَاشَةً تَدْفِنُنِي في السَّحَرِ / وكانَ قلبي مَقْعَدًا للانتظارِ في مَحطةِ القِطَاراتِ /

     كُونِي سَمِينةً أيَّتُها الذُّبَابَةُ / احْرِصِي عَلى حَجْمِ ثَدْيَيْكِ / إنَّ دُودَ المقابرِ ما زَالَ يَنتظِرُ / لا خارطةٌ للحَطَبِ سِوى مَوْقَدَةِ الشِّتَاءِ / ولا ذِكرياتٌ للجَرَادِ سِوى أرقامِ الزَّنازين /

     عِظَامُ المَوْتَى هِيَ الأُغْنِيَاتُ الوَطنيةُ في المَنَافي الجليدِيَّةِ / كَيْفَ أعْشَقُكِ وأجنحةُ الحَشَرَاتِ تَتَكَسَّرُ في لَمَعَانِ عَيْنَيْكِ ؟ / كَيْفَ أغْسِلُ بَلاطَ زِنزانتي بِمِلْحِ دُموعي وفِرَاشُ المَوْتِ مِن فَرْوِ الثعالبِ ؟ / كَيْفَ أمُوتُ وجَدَائِلُ النِّساءِ مَرْبُوطةٌ بِمَساميرِ نَعْشِي ؟/ مَشَيْنَا إلى حِصَارِ بَيْرُوتَ أوْ حِصَارِ ستالينغراد / وكانت الرَّاهباتُ يَبْكِينَ عِندَ غُروبِ الشَّمْسِ فَوْقَ جُثمانِ البَحْرِ /

     جُدْرَانُ بَيْتي مَطْلِيَّةٌ بأشلاءِ الضَّحايا / وهَيْكَلي العَظْمِيُّ مُزَيَّنٌ بِطَحَالبِ المُسْتَنْقَعَاتِ / التي اغْتَصَبَهَا ضَوْءُ القَمَرِ / وأخشابُ البيانو صَارَتْ حَطَبًا في مَوْقَدَةِ الشِّتاءِ الحزينِ / أنتظِرُ صُدورَ حُكْمِ إعدامي/ كما تَنتظِرُ ابنةُ السَّرابِ بُرُوزَ ثَدْيَيْهَا/ أزِقَّةُ السُّلِّ في المِيناءِ المهجورِ مُعَبَّدَةٌ بأغشية البَكَارَةِ / لا بَكَارَةٌ للسَّنَابلِ إلا المُسدَّسات/ ولا طَهَارةٌ للحُزْنِ إلا الذِّكريات /

     جَدائلُ النِّساءِ تَحْتَ بَساطيرِ العَسْكَرِ/ويَدْرُسُ العُشَّاقُ الرُّومانسيةَ في لَيْلَةِ الانقلابِ العَسكريِّ/ وأعيشُ مُرَاهَقَتِي المُتَأخِّرَةَ بَيْنَ عِظَامِ الضَّحايا ومَصابيحِ المَرْفَأ / أضاعَ البَحْرُ جُثَّةَ أُمِّهِ / وأضاعَ الغُروبُ جُثَثَ البَحَّارَةِ / ضَوْءُ القَمَرِ يَزْرَعُ طَحَالِبَ المُسْتَنْقَعَاتِ في صَناديقِ البَريدِ المهجورةِ / والحَمَامُ الزَّاجِلُ أضَاعَ رَسائلَ العُشَّاقِ / والعُشَّاقُ يَنتظِرونَ في مَحطةِ القِطَاراتِ / ويَمُوتُونَ على رَصيفِ المِيناءِ / أشْنُقُ ذِكْرَياتي بِضَفَائِرِ الفَتَيَاتِ / وأنشُرُ هَيْكَلي العَظْمِيَّ عَلى حَبْلِ الغسيلِ فَوْقَ سَطْحِ بَيْتِنَا المهجورِ / ولا تَزَالُ رَائحةُ الجُثَثِ في ثُقوبِ جِلْدِي .

06‏/03‏/2025

الشعوب الرخيصة والدويلات اللقيطة

 

الشعوب الرخيصة والدويلات اللقيطة

للشاعر/ إبراهيم أبو عواد

.........................

     دَمُ الحَيْضِ يَجْرَي عَلى مِكْيَاجِ الأقنعةِ كالنَّهْرِ الأعمى / لا تاريخٌ للرُّومانسيةِ سِوى الجثامين / ولا جُغرافيا لِرَبطةِ العُنُقِ سِوى حَبْلِ المِشنقةِ / سَقَطَتْ أشلاءُ العُشَّاقِ في عَصيرِ البُرتقالِ / والأكفانُ مُبْتَلَّةٌ بالمطرِ والشَّايِ الأخضرِ / والدَّمُ أخضرُ كَحُقُولِ الدَّولةِ البُوليسِيَّةِ / ذَهَبَ الرِّجالِ إلى المَوْتِ والذِّكرياتِ / وذَهَبَت النِّساءُ إلى الاحتضارِ والحِكاياتِ / كُلُّ شَيْءٍ مات /

     يُعَلِّقُ المساءُ التَّوابيتَ على أوعيتي الدَّمويةِ / كما يُعَلِّقُ الإعصارُ البَرَاوِيزَ عَلى حِيطانِ الذاكرةِ/ وتَركضُ أشجارُ المقبرةِ إلى البَحْرِ في الفَجْرِ الكَاذِبِ / الحَشَرَاتُ مُحَنَّطَةٌ في دُمُوعِ الفَتَيَاتِ النُّحَاسِيَّةِ/ ومَعْجُونُ الأسنانِ عِندَ جُثةٍ مَجهولةِ الهُوِيَّة/ لا مُسْتَقْبَلَ للنُّعوشِ سِوى المساميرِ/ أفتخِرُ بِمِقْصَلَتِي العَجُوزِ في هَيْكلي العَظْمِيِّ/ كَما تَفتخِرُ المرأةُ بِحَجْمِ ثَدْيَيْهَا/ والفِئرانُ تأكلُ جُثماني بَيْنَ حُطَامِ سَفينتي الغارقةِ وأنقاضِ قَلْبي المكسورِ / فلا تَكْرَهْني أيُّها القَمَرُ / ولا تَحْزَني عَلَيَّ أيَّتُها الشَّمْسُ/ أركضُ في شَوارعِ السُّلِّ/ مُحَاصَرًا بِرَاياتِ القَبائلِ / ومَحْصُورًا في أحلامِ الطُّفولةِ الضَّائعةِ / لا جُغرافيا لِسُعالي سِوى الرِّمالِ المُتَحَرِّكَةِ / جُثماني أمامي يَلْمَعُ كَخَنْجَرِ الذِّكرياتِ / وجُثمانُ أبي وَرائي يَتَوَهَّجُ كأشجارِ الشَّفَقِ / والزَّوابعُ تَسْكُبُ دَمِي في حُفَرِ المَجَاري /

     شُعُوبٌ مِنَ الرَّمْلِ الأزرقِ / تَعيشُ في أنابيبِ الصَّرْفِ الصِّحِّيِّ / والأعلامُ مُنَكَّسَةٌ في الصَّباحِ / ومَرْفُوعةٌ على أفخاذِ النِّساءِ في المساءِ / أَشُكُّ في كُرَيَاتِ دَمِي / لا يَقِينَ إلا حَبْلُ مِشْنَقتي / أخْلَعُ جِلْدي بأظافري البلاستيكيةِ / كَي أبْحَثَ عَن ابتساماتِ المُخْبِرِينَ في شَراييني / وأُفَتِّشَ عَن ضَحِكَاتِ الزَّوجاتِ الخائناتِ في عِظَامي/أنا بَرِيءٌ كَمِلْحِ البَحْرِ/ لَكِنَّ أزرارَ قَمِيصِ البَحْرِ مِن أسنانِ النِّساءِ المُغتَصَبَاتِ / أنا المطرودُ مِن دَمِي / التَّائِهُ في أزِقَّةِ شَراييني / أنا وقِطَطُ الشَّوارعِ وأشجارُ المقابرِ نَشْعُرُ بالفَراغِ العاطفيِّ/والرَّصَاصُ الحَيُّ يَملأ الفراغَ العاطفيَّ/ لِيَصِيرَ النَّزِيفُ رُومانسِيًّا كالسَّرابِ/الحواجزُ العَسكريةُ تتكاثرُ في الشَّوارعِ كَبُيُوضِ الحَشَرَاتِ/ والمَوْجُ يَكْسِرُ حَنجرةَ البَحْرِ/ والبَحَّارةُ الغَرْقَى لَن يَعُودُوا إلى الغِنَاءِ/والإعصارُ يَدْهَنُ نُهُودَ السَّبايا المقطوعةَ بالمُبِيداتِ الحَشَرِيَّةِ /

     تُفَّاحَةٌ حَجَرِيَّةٌ بَيْنَ مِلْحِ الدُّموعِ ومِلْحِ البَحْرِ / وشَظَايَا جَمَاجِمِ النِّساءِ تَتساقطُ في مِلْحِ الطعامِ/ والغريبُ يُلَمِّعُ غِمْدَ سَيْفِهِ بِمِلْحِ دُمُوعِهِ / لا دُسْتُورٌ لِمُدُنِ المِلْحِ إلا السَّراب / ولا تاريخٌ للأعلامِ المُنَكَّسَةِ إلا البُكاء / وأنا المَنبوذُ السَّمَاوِيُّ / أُولَدُ بَيْنَ حُطَامِ قَلبي وحُطَامِ سَفينتي / والنَّهْرُ طِفْلٌ يَجْمَعُ أشلاءَ أُمِّهِ في حَقِيبَتِهِ المدرسيةِ / والبُحَيْرَةُ المَشلولةُ وَاقِفَةٌ أمامَ جُثمانِ أبِيها .

05‏/03‏/2025

طابور السبايا أمام السوبر ماركت

 

طابور السبايا أمام السوبر ماركت

للشاعر/ إبراهيم أبو عواد

..........................

     سَرَطَانُ الثَّدْيِ مِثْلُ دُودِ المقابرِ / كِلاهُما يَلْتَهِمُ صُدُورَ النِّساءِ / والزَّوابعُ تَكتشفُ مقابرَ جماعِيَّةً في حَنجرةِ البَحْرِ / فَيَا قَلْبي المكسورَ / كُن عَنيفًا مِثْلَ ضَوْءِ القَمَرِ / حِينَ يَحْفِرُ قَاعَ المُسْتَنْقَعِ / ويُنَقِّبُ عَن عِظَامِ الضَّحايا / سَيُصْبِحُ المساءُ الحزينُ رُومانسِيًّا / حِينَ تَسْتَحِمُّ النِّساءُ بالمُبِيداتِ الحَشَرِيَّةِ / وتَضَعُ البُحَيرةُ اسْتِقَالَتَهَا عَلى مَكْتَبِ البَحْرِ /

     العاصفةُ تَقضي وَقْتَ فَرَاغِهَا في تَشريحِ جُثةِ النَّهْرِ / والأطفالُ يَقْضُونَ العُطلةَ الصَّيفيةَ في تَشريحِ جُثَثِ أُمَّهَاتِهِم / دَمِي طَلَّقَ البُحَيرةَ / لأنَّ القصيدةَ هِيَ زَوْجتي وعَشِيقتي / أبنائي قَتَلُوني / وكأنَّ بَنَاتِ أفكاري بَنَاتُ آوَى / التاريخُ مِثْلُ الجنينِ / كِلاهُمَا يأتي مَعَ الدَّمِ / والمرايا في غُرفةِ إعدامي خَانَتْ جُثماني / والبَاعَةُ المُتَجَوِّلُونَ يَبِيعُونَ الأزهارَ الصِّنَاعِيَّةَ أمامَ المحاكمِ العسكريةِ /

     لا مَقبرةٌ لِعِظَامِ الأسماكِ / ولا جِنْسِيَّةٌ لأشلاءِ الرُّبَّانِ / فَلْيَكُنْ حُزْنُ البَحْرِ نَهْرًا بِلا ضِفَافٍ / يُحَاوِلُ البَحَّارَةُ الهربَ مِنَ السَّفينةِ قَبْلَ غَرَقِهَا/ لَكِنَّ فِئرانَ السَّفينةِ تأكلُ جُثَثَ البَحَّارَةِ في السَّحَرِ /

يَشْعُرُ النَّهْرُ بِالفَرَاغِ العَاطِفِيِّ / وأزرعُ السَّنابلَ في فِرَاشِ المَوْتِ / لأنَّ احتضاري صُورةُ الشِّتاءِ عَلى مَزهرياتِ المساءِ / وبُكائي صُورةُ النَّوَارِسِ عَلى بَريقِ الخناجِرِ / كَسَرْتُ أجنحةَ الفَرَاشَةِ / وَبَحَثْتُ عَن الحُبِّ الأوَّلِ بَيْنَ أكوامِ الجُثَثِ / وبَحَثْتُ عَن أحلامِ الطفولةِ بَيْنَ أكْوَامِ البَعُوضِ /

     أيُّها الطِّفْلُ الذي يَضَعُ جُثمانَ أُمِّهِ في حَقِيبَتِهِ المدرسيةِ/ويَرْحَلُ إلى الغُروبِ/أيْنَ بَيْتُكَ المهجورُ؟/ الفَيَضَانُ يَكْسِرُ البَرَاوِيزَ عَلى الحِيطانِ / وَمَسَامِيرُ نَعْشِي هِيَ الأثاثُ المُسْتَعْمَلُ في بَيْتَ الجَرَادِ / والزَّوبعةُ الأُرْجُوَانِيَّةُ تُفَتِّشُ عَن الحَشَرَاتِ في أنقاضِ قَلْبي/ ونَسِيَ المَوْجُ الفَيْرُوزِيُّ جُثَثَ الأطفالِ على الأراجيحِ الكريستالِيَّةِ / التي تَهْتَزُّ بَيْنَ أشِعَّةِ القَمَرِ وأجفانِ السَّبايا/ فَكُن وَاثِقًا بِضَوْءِ القَمَرِ/ حِينَ تَخُونُكَ قَطَرَاتُ النَّدى عَلى شَجَرِ المقابرِ/ كُن مُنْتَمِيًا إِلى جَدَائِلِ أُمِّكَ / حِينَ يُسْقِطُ المساءُ عَنْكَ جِنسِيَّةَ المَطَرِ /

     جُثماني حَاجِزٌ عَسكريٌّ بَيْنَ النَّهارِ والليلِ / وشَراييني صَفَّارةُ إنذارٍ بَيْنَ الصَّيفِ والشِّتاءِ / الأضرحةُ تَمْتَلِئُ بِرَائحةِ شَمْسِ الشِّتاءِ / وأشِعَّةُ القَمَرِ تَكْسِرُ شَوَاهِدَ القُبورِ في الليلِ الطويلِ / فَاجْمَعْ خُيُوطَ أكفانِ الرِّيحِ في حَنْجَرتي/ وخَزِّنْ شَظَايا قَلبي الوحيدِ في مَنَادِيلِ الوَدَاعِ/ لا إسْطَبْلاتٌ للمُلوكِ المَخلوعين / ولا ذِكْرَياتٌ للمَلِكَاتِ السَّبايا / الأراملُ جَالِسَاتٌ عَلى شَاطِئِ الرَّحيلِ / يَنْتَظِرْنَ القَراصنةَ الرُّومانسِيِّين / وفِئرانُ المِيناءِ المهجورِ تَنتظِرُ جُثَثَ البَحَّارَةِ الغَرْقَى .

04‏/03‏/2025

امرأة متزوجة تعاني من الفراغ العاطفي

 

امرأة متزوجة تعاني من الفراغ العاطفي

للشاعر/ إبراهيم أبو عواد

.......................

     لا تَكْرَهي المرايا / لا تَكْسِري المزهرِيَّات/ ضَوْءُ القُلوبِ مَات/ سَقَطَتْ كَبْسُولةُ السِّيَانَيْدِ في قَارُورةِ العِطْرِ / والحَمَامُ الزَّاجِلُ أضاعَ الرَّسائلَ الغرامِيَّةَ في مُدُنِ الطاعون / أيْنَ سَيَذهَبُ الرَّمادُ بَعْدَ حَرْقَ جُثمانِ الفَراشةِ ؟ / السَّبايا مَصْلُوباتٌ على أعمدةِ الكَهْرباءِ في طُرُقاتِ السُّلِّ / والنَّهْرُ يُطَالِبُ بِدَمِ الأشجارِ / الذي تَسْكُبُهُ الرِّياحُ في حُفَرِ المَجَاري /

     هَرَبَتْ فِئرانُ السَّفينةِ إلى الدَّورةِ الدَّمويةِ للبَحْرِ / وجُثَثُ البَحَّارةِ تَتَعَفَّنُ في أزِقَّةِ المِيناءِ / وسَقَطَ حَليبُ المَلِكَاتِ في آبارِ النِّفْطِ / والويسكي في نُهُودِ السَّبايا/ والخُلَفَاءُ حَائِرُونَ بَيْنَ بَراميلِ النِّفْطِ وَبَرِيقِ المُسدَّساتِ / جَدَائِلُ البُحَيرةِ مَقْصُوصةٌ / والحَشَرَاتُ الذهبيةُ تَضَعُ البَيْضَ في قُمصانِ النَّوْمِ / ولَمْ تُفَرِّق السَّبايا بَيْنَ الدَّورةِ الدَّمويةِ والدَّورةِ الشَّهريةِ /

     لا تَكْرَهْنِي يا أبي / حِينَ تَخْرُجُ الفِئرانُ مِن ثُقوبِ جِلْدي/ يَنكَسِرُ لَمَعَانُ عُيُونِ النِّساءِ في مَرايا الخريفِ / والدُّموعُ تَحْفِرُ خَنَادِقَ الذِّكرياتِ في خُدودِ الأيتامِ / وأشجارُ المقبرةِ عَشيقتي الخائنةُ وسَجَّانتي المُخْلِصَةُ / وُجُوهُ الزَّوجاتِ الخائناتِ تُحَاصِرُ قَلْبَ البَحْرِ في الشِّتاءِ الدَّامي /

     أَزُورُ مُتْحَفَ الخريفِ عِندَ الغُروبِ/ كَي أرى جُثَّتي المُحَنَّطَةَ في مِلْحِ الدُّموعِ / وَضَعَ الأغرابُ الجثامينَ النُّحَاسِيَّةَ في الأكياسِ البلاستيكِيَّةِ / فما فائدةُ الأثاثِ الجديدِ في عِمَارَةٍ آيِلَةٍ للسُّقوطِ ؟/

     تَتفجَّرُ أُنوثةُ البُحَيراتِ بَيْنَ رَائحةِ البَصَلِ في مَطَابِخِ الوَأدِ / وبَيْنَ رَائحةِ العِطْرِ في المقابرِ الجماعِيَّةِ / لكنَّ الخِيانةَ وَاحدةٌ / فيا أيُّها العاشقُ الغريبُ / سَوْفَ تَقْتُلُكَ المرأةُ الغامضةُ في لَيْلَةٍ خَريفيةٍ باردةٍ / وأنا المنبوذُ / دَخَلْتُ في عُزلةِ الرِّياحِ الشَّمْسِيَّةِ / قَمَرًا بِلا ذِكرياتٍ ولا عَشيقات / قَمَرًا مَات / فارْحَمِي المَوْجَ المذبوحَ تَحْتَ صَوْتِ الرَّعْدِ / أيَّتُها القاتلةُ المقتولةُ / إنَّ بَرِيقَ عَيْنَيْكِ يَتَفَجَّرُ في جِلْدِي/ ويَفْتَرِسُنِي في لَيالي الشِّتاءِ الطويلةِ/ ذَهَبَت الصَّبايا إلى شُموعِ الاحتضارِ / وتَرَكْنَ مَلاقِطَ الحواجبِ على حِبَالِ الغسيلِ / فلا تَحْزَنْ عَلَيَّ يا صَوْتَ الرَّصاصِ / إنَّ حَبْلَ الغسيلِ هُوَ حَبْلُ مِشْنَقتي /

     دَخَلَت الصَّحراءُ في السَّرابِ الأوَّلِ والرَّقصةِ الأخيرةِ / دُودُ المقابرِ يَأكلُ صُدورَ النِّساءِ كَسَرَطَانِ الثَّدْيِ / انكَسَرَت الخَلاخِيلُ بَيْنَ أجنحةِ الحَمَامِ الزَّاجِلِ / وَذَابَ الكُحْلُ في عَصيرِ الليمونِ الذي نَسِيَ العُشَّاقُ أن يَشْرَبُوهُ / وَطُبُولُ الحربِ على خَشَبَةِ المَسْرَحِ أوْ خَشَبَةِ الإعدامِ / لا مُسْتَقْبَلٌ للصَّحراءِ إلا السَّراب / ولا حُلْمٌ للرِّمالِ المُتَحَرِّكَةِ إلا الضَّباب .

03‏/03‏/2025

رحلة إلى مدينة الكوابيس


رحلة إلى مدينة الكوابيس

للشاعر/ إبراهيم أبو عواد

.......................

     أيَّتُها الرَّاقصةُ عَلى ثُلوجِ الدَّمِ / تَفْتَخِرِينَ بأدغالِ صَدْرِكِ المُتَوَحِّشِ / وأفتخِرُ بِغاباتِ مِشْنقتي المُوحِشَةِ / هل يَستطيعُ صَدْرُكِ أن يَهْرُبَ مِن سَرَطَانِ الثَّدْيِ ؟ / هَل يَستطيعُ جِلْدِي أن يَهْرُبَ مِن حَبْلِ الِمشنقةِ ؟ /

     سَلامًا أيُّهَا الذِّئبُ العَاجِزُ جِنسِيًّا / عِشْتَ تَحْتَ الأرضِ كَي تُؤرِّخَ للحُبِّ الضَّائِعِ / تَلْمَعُ أظافري في لَيْلِ الشِّتاءِ / كَما تَلْمَعُ السَّكاكينُ عَلى جَسَدِ البُحَيرةِ / والقُلوبُ المكسورةُ هِيَ بُوصلةُ الرُّبَّانِ الضَّائعةِ بَيْنَ أحزانِ المَوْجِ وفِئرانِ السَّفينةِ /

     أيُّها النَّهْرُ الأُمِّيُّ/ لا تَقْرَأْ كِتابًا إلا دَمِي / ولا تَكْتُبْ اعترافًا إلا وَصِيَّتِي / تَجُرُّ القِطَطُ المنبوذةُ أمعائي في طُرُقَاتِ المِيناءِ المهجورِ / وقَفَصِي الصَّدْرِيُّ صَارَ زِنزانةً انفرادِيَّةً للعَصَافِيرِ والأراملِ /

     الرُّومانسِيَّةُ اختراقٌ أمْنِيٌّ / فَازْرَع الحواجزَ العَسكريةَ بَيْنَ شَراييني التي تَخُوضُ حَرْبًا أهلِيَّةً  /  إنَّ الإعصارَ يُعْلِنُ هُدنةً في أوْعِيتي الدَّمويةِ / وصَفَّاراتُ الإنذارِ تَفْصِلُ بَيْنَ مَساميرِ نَعْشِي وجَدائلِ أُمِّي / لا تاريخٌ في قَلبي سِوى وُجوهِ الضَّحايا / ولا جُغرافيا في حَنجرتي سِوى أشلاءِ النَّوارسِ /

     يَرْكُضُ الأيتامُ إلى شِتَاءٍ بِلا ذِكرياتٍ/فيا أيُّها الطِّفلُ المنبوذُ تَحْتَ المطرِ الجارِحِ/سَيَأكُلُ الذُّبَابُ أكفانَكَ / فَلْتَمُتْ عَارِيًا تَحْتَ الأعلامِ المُنَكَّسَةِ / أَكَلَ الصَّدَأُ الأوسمةَ العسكريةَ / وأَكَلَ الصَّدى وُجوهَ الأراملِ / والنَّهْرُ اليتيمُ هُوَ الآكِلُ المأكولُ/وقَلبي هُوَ الكاسِرُ المكسورُ/ نَسِيَ المطرُ جُثمانَ الفَراشةِ عَلى فُرشاةِ أسناني/ وذَهَبَ إلى احتضاراتِ المساءِ الوَهَّاجةِ / وجَاءَ مَوْعِدُ الحَصَادِ/ وَلَمْ أُجَهِّزْ فِرَاشَ المَوْتِ / غَسَلْتُ بَلاطَ زِنزانتي التي تُطِلُّ على البَحْرِ بالدَّمِ والدَّمْعِ والصَّابونِ / تتناثرُ أشلاءُ النِّساءِ في صُحونِ المطبخِ/والعاصفةُ تَزرعُ السَّنابلَ في جُمْجُمتي/ والشَّفَقُ يَبْحَثُ عَن مِنْجَلِ الوَدَاعِ كَي يَحْصُدَ / والسَّيْفُ عَلى رَقَبَةِ التُّفَّاحةِ / وجُثَثُ الأطفالِ عَلى أراجيحِ القَمَرِ /

     أيُّهَا النَّهْرُ المُشَرَّدُ في طُرُقَاتِ الدِّماءِ / أعْرِفُ أنَّ البَحْرَ حَرَمَكَ مِنَ المِيراثِ / فَلْيَكُنْ جُثماني مِيراثًا لَكَ وتُرَاثًا للسَّرابِ / تَغْرَقُ مَناديلُ الوَداعِ في مُسْتَنْقَعِ الذِّكرياتِ تَحْتَ ضَوْءِ القَمَرِ / وتَنمو الطحالبُ في حَنجرةِ المُغنِّي / والشَّجَرُ يُطْلِقُ الرَّصَاصَ الحَيَّ عَلى النَّهْرِ الأعزلِ /

     المَطَرُ عِندَ الفَجْرِ/ وتابوتي في حَديقةِ بَيْتِنا / وَصَوْتُ البيانو المكسورُ سَرَقَ ذِكرياتي في وَطَني المسروقِ/ لا مَعْنى للرُّومانسيةِ يا هَيْكَلي العَظْمِيَّ / سَتَمُوتُ الذِّكرياتُ في قلبي المكسورِ / ويأتي مَلَكُ المَوْتِ / وتَتَسَاقَطُ دُموعُ النِّساءِ عَلى فِرَاشِ المَوْتِ / ويَنتشرُ الصَّمْتُ في أسْمَنْتِ الحِيطان.







02‏/03‏/2025

الأنقاض الوهاجة

 

الأنقاض الوهاجة

للشاعر/ إبراهيم أبو عواد

..........................

     أمامَ البيانو جُثَّةُ امرأةٍ تَرْتَدِي تَنُّورَةً فَوْقَ الرُّكْبَةِ / نَسِيَت القَتيلاتُ مَلاقِطَ الحَوَاجِبِ على سُورِ المقبرةِ / ونَسِيَ السُّجَنَاءُ عُيُونَ الكِلابِ البُوليسِيَّةِ بَيْنَ أشجارِ الوَدَاعِ/ نافذةُ بَيْتي تُطِلُّ على قَبْري / والأثاثُ المُسْتَعْمَلُ يَصِيرُ أخشابًا للتَّوابيتِ/ وأنا المنبوذُ في شَظايا قَلبي المكسورِ/ المَنْفِيُّ في شَراييني الزُّجاجيةِ التي يُحَطِّمُهَا الخريفُ /

     صَارَتْ مَلاقِطُ الغسيلِ أُغْنِيَةً وَطَنِيَّةً في مَوَاسِمِ ضَيَاعِ الوَطَنِ / وأنا المقتولُ تَحْتَ أغصانِ المساءِ / أركضُ في مَتَاهَةِ رِئتي/ وأعْرِفُ أنَّ لَمَعَانَ أظافري يَخُونُنِي / وأَشُكُّ في كُرَيَاتِ دَمي / لكنَّ حَبْلَ المِشنقةِ يَقِيني وقَرِيني / والنَّهْرُ يَنَامُ وَالمُسَدَّسُ تَحْتَ وِسَادَتِهِ / وحَفَّارُ القُبورِ يُعَلِّمُ أشجارَ المقبرةِ الكِفَاحَ المُسَلَّحَ بَيْنَ جَدائلِ اليَتيماتِ وأوراقِ الخريفِ /

     طَيْفُ المَرْأةِ الغامضةِ يَقْتُلِني في الخريفِ / ويُحْيِيني في الشِّتاءِ / وأنا الظِّلُّ الغامضُ بَيْنَ مَقَاصِلِ الوَدَاعِ وخَنَاجِرِ الذِّكرياتِ / دَفَنْتُ قلبي في دُموعِ الشَّركسياتِ/ وذَهَبْتُ إلى فِرَاشِ المَوْتِ / لِكَيْلا تَرى أُمِّي دُموعي /

     يا أشِعَّةَ القَمَرِ في الخريفِ البَعيدِ / ماذا تُريدِينَ مِن أُمِّي ؟ / أُمِّي مَاتتْ / تَابُوتُهَا مِن أخشابِ المطبخِ / وأكفانُها في الصُّحُونِ / والذِّكرياتُ تَكْسِرُ زُجَاجَ النَّوافذِ في الشِّتاءِ الغَامضِ / والعَنْكَبُوتُ العَجُوزُ تُضِيءُ قَبْرَ الفَراشةِ/ والليلُ هَجَمَ عَلَيَّ في مَحطةِ القِطاراتِ بَيْنَمَا كُنْتُ أَمُوتُ/ فِرَاشُ المَوْتِ مُمَدَّدٌ على المقاعِدِ الخشبيةِ / وصَفِيرُ القِطاراتِ يَخْلَعُ جِلْدي/ وأنا القَتيلُ الرُّومانسِيُّ/ أزْرَعُ عِظَامي بَيْنَ صَفَّاراتِ الإنذارِ والحواجِزِ العَسكريةِ / وَأبْنِي ذِكْرياتي بَيْنَ شَاهِدِ القَبْرِ ونَعناعِ الشَّاي/ والأطفالُ يَقْضُونَ العُطلةَ الصَّيْفِيَّةَ في البَحْثِ عَن رُفَاتِ الضَّحايا في المقابرِ الجماعِيَّةِ /

     خَلْفِي رَاياتُ القَبائلِ المُنَكَّسَةُ / وَأَمَامِي أعلامُ القَراصنةِ / وَدَمِي صَارَ النَّشيدَ الوطنيَّ للسُّفُنِ الغارقةِ / يَنْتَشِرُ القَنَّاصَةُ والكِلابُ البُوليسِيَّةُ بَيْنَ رَغْوَةِ الدَّمِ ورَغْوَةِ القَهْوَةِ/ خَبَّأْنَا جُثَثَ أُمَّهَاتِنا في خِزَاناتِ المطبخِ / وصَنَعْنَا نُعُوشَ آبائِنَا مِن أخشابِ السُّفُنِ الغارقةِ /

أيُّها السَّجينُ في شَرايينِ الرِّياحِ / نافذةُ سِجْنِكَ تُطِلُّ على أوْرِدَتي النُّحَاسِيَّةِ / ذَهَبَ دَمُ البُحَيرةِ هَدَرًا / ولا أَحَدَ يُطَالِبُ بِدَمِ القِطَطِ المُشَرَّدَةِ / البَحْرُ مَقتولٌ في الذِّكرياتِ / والرَّمْلُ مَوْلُودٌ في المزهرِيَّاتِ / ولا مُسْتَقْبَلَ لَكَ سِوَى الأمواجِ الكريستالِيَّةِ / والإعصارُ يُلَمِّعُ مَساميرَ نَعْشِكَ بِمِلْحِ الطعامِ/الذي نَسِيَتْهُ أُمُّكَ على النَّارِ في الشِّتاءِ الحزينِ/وَذَهَبَتْ إلى لَمَعَانِ الاحتضارِ في آخِرِ الليلِ.

01‏/03‏/2025

ذلك الشتاء في أعماق الطفولة

 

ذلك الشتاء في أعماق الطفولة

للشاعر/ إبراهيم أبو عواد

......................

     أنا المَلِكُ المخلوعُ في انقلابِ الذاكرةِ على الذِّكرياتِ / أنامُ عَلى قَشِّ الإسطبلاتِ في لَيْلِ الشِّتاءِ الحزينِ/ واللبُؤَاتُ تَفْتَرِسُ الذِّكرياتِ تَحْتَ ضَوْءِ القَمَرِ في طُرُقَاتِ الخريفِ / الذي يُولَدُ في كُرَيَاتِ دَمِي / يُهَاجِمُني الليلُ كَضَوْءِ البَنَادِقِ الآلِيَّةِ / فأركضُ في غُرَفِ البَيْتِ الخاليةِ / باحثًا عَن جُثماني وسُعالِ أبي وجَدَائلِ أُمِّي /

     يُسَافِرُ البَعُوضُ مِن ثُقُوبِ جِلْدِي إلى حِيطَانِ زِنزانتي / اتْرُكْنِي أيُّها الرَّعْدُ كَمَا أنا/ عُشْبَةً مَنْسِيَّةً بَيْنَ شَوَاهِدِ القُبورِ / لا أمطارُ الخريفِ عَلى سُطُوحِ جِلْدِي / ولا وُجُوهُ الشَّركسياتِ عَلى زُجاجِ نافذتي / خَلَعَ البَحْرُ جِلْدَهُ / ورَكَضَ إلى حَبْلِ مِشْنقتي/ فِرَاشُ الموْتِ يُنادي على العَصَافِيرِ المُلَوَّنَةِ كَدُسْتُورِ الدَّولةِ البُولِيسِيَّةِ / سَوْفَ تَنْسَى النِّساءُ دُمُوعَهُنَّ في قَانونِ القَبيلةِ / دِمَائي سَاخنةٌ كالبِيتزا في مَطْعَمِ الوَجَبَاتِ السَّريعةِ / لَكِنَّ الطائراتِ قَصَفَتْ ذِكرياتِ العُشَّاقِ / وَمَاتتْ وُجُوهُهُم في الشَّفَقِ البَعِيدِ / وَنَسِيَ المساءُ طَلْقَةَ المُسَدَّسِ في المَزهرِيَّةِ الوَحيدةِ / ومَعِدَتي مُبَلَّطَةٌ بالدَّمْعِ الأخضرِ /

     قَلْبي يَخُونُ رِئتي اليُمْنَى مَعَ اليُسْرَى/ وأنا الفَأرُ الرَّاكِضُ في مَتَاهَةِ شَرَاييني / لا ضَوْءٌ في آخِرِ النَّفَقِ ولا نَفَقٌ/ البَدْوُ الرُّحَّلُ يُعَلِّمُونَ الأغنامَ الدِّيمقراطيةَ / والدُّودُ الذي يَأكُلُ جُثتي / يُعَلِّمُ ابنةَ حَفَّارِ القُبورِ الرُّومَانسِيَّةَ/ سَيُحْرِقُ المطرُ أخشابَ البيانو/ فيا أيُّها الجرادُ الذي يُزَيِّنُ أوعيتي الدَّمويةَ/ إنَّ الدُّودَ يَأكلُ جُثتي / وتُزْهِرُ عِظَامي في رَبيعِ الدِّماءِ /

     سَأكُونُ رُومانسِيًّا عِندَما يُفْلِتُ الفأرُ مِنَ المِصْيَدةِ/البَعُوضُ يُزَيِّنُ حَنْجَرتي المَعدِنيةَ / والطحالبُ تُزَيِّنُ حِيطانَ زِنزانتي / ودُموعي البَرَّاقَةُ هِيَ نافذةُ السِّجْنِ التي تُطِلُّ على البَحْرِ المشلولِ / أرْعَى الأغنامَ في أوْعِيتي الدَّمويةِ / أُمِّي مَاتَتْ / وبَيْتُنا مَهْدُومٌ / وأنا أنشُرُ الغسيلَ على حِبَالِ المشانِقِ /

     أجْلِسُ عَلى شَاطِئِ دِمائي/ أنتظِرُ القَرَاصِنَةَ كَي نَشْرَبَ الشَّايَ بالنَّعناعِ/ ونَهْدِمَ القُصُورَ الرَّمْلِيَّةَ مِثْلَ الأطفالِ الذينَ دَفَنُوا أُمَّهَاتِهِم في الصَّباحِ / ثُمَّ مَاتُوا عَلى أراجيحِ القَمَرِ في المساءِ / كُنْ يَا دَمِي بَحْرًا أو نَهْرًا / واكْسِرْ قِنَاعَ الضَّحِيَّةِ / لَن تَرى الشَّمْسُ دُمُوعِي / وَلَن يَسْمَعَ القَمَرُ صُرَاخِي/ إنَّ قَلْبِي هُوَ القَاتِلُ والمقتولُ/ أنا والنَّهْرُ المنبوذُ مَنْفِيَّانِ في تاريخِ الغَيْمِ/ غَرِيبَانِ في جُغرافيا الرَّصَاصِ المَطَّاطِيِّ / نَجْلِسُ أمامَ البَحْرِ / ونَنتظِرُ المَوْتَ الآتِي مِن رَايات القَبائلِ أوْ رَاياتِ القَرَاصِنَةِ / لا يَقْدِرُ النَّهْرُ أن يَنْسَى رَائِحَةَ الجُثَثِ المُحْتَرِقَةِ / والرِّمَالُ المُتَحَرِّكَةُ تَجْلِسُ عَلى مَسَامِيرِ نَعْشِي / تَشْرَبُ القَهْوَةَ المُعَطَّرَةَ بالدَّمِ / وأنا السَّرَابُ أنتظِرُ الصَّحْرَاءَ عَشِيقَتي الخائنةَ .