تُحْلَبُ أثداءُ
النِّساءِ كأثداءِ الأبقارِ / وَدَمُ الرُّبَّانِ عَلى البُوصلةِ / وإبْرَةُ
البُوصلةِ مَغروسةٌ في حَنجرةِ العُصْفُورِ الوَحِيدِ/ وَحْدَهُ حَارِسُ
المَنَارِةِ لَن يَرى الضَّوْءَ / وَحْدَهُ حَارِسُ المقبرةِ لَن يَرى القَبْرَ/
لا تَمُتْ قَبْلَ وَفَاتِكَ / ولا تَقْتُلْ حِكَايَاتِكَ / ولا تَكْسِرْ
مَزْهَرِيَّاتِكَ / أنا الجُنديُّ المَنبوذُ /
عُدْتُ مِنَ المعركةِ خَاسِرًا / وَلَمْ أَجِد امرأةً أبكي عَلى صَدْرِها /
وَلَمْ أَجِدْ أوسمةً عَسكريةً أبِيعُهَا في المَزَادِ العَلَنِيِّ كَي أُطْعِمَ
قِطَطَ الشَّوارعِ / وَلَمْ أَجِدْ بَنَادِقَ صَدِئَةً أبِيعُهَا في السُّوقِ
السَّوْدَاءِ كَي أشْتَرِيَ أكْفَانًا بَيْضَاءَ/ السَّرابُ يَبكي عَلى صَدْرِ
الصَّحراءِ / والصَّحراءُ تَبكي بَعْدَ إصَابَتِهَا بالزَّهَايمرِ/ وَلَن
يُفَرِّقُ سَرَطَانُ الثَّدْيِ بَيْنَ صَدْرِ الرَّاهبةِ وَصَلِيبِهَا / لَن
يُفَرِّقَ البَقُّ بَيْنَ أخشابِ نَعْشِي وَبَرَاوِيزِ الصُّوَرِ التَّذكاريةِ /
أبْنِي مَمْلَكَتِي الضَّائِعَةَ بَيْنَ عَرْشِي وَنَعْشِي / الذِّكرياتُ
تُفَّاحةٌ مِن مِلْحِ الدُّموعِ وَمِلْحِ البَحْرِ / وأنا الطِّفْلُ اليَتِيمُ
أركضُ إلى المِلْحِ في خُبْزِ أُمِّي / كَي أهْرُبَ مِنَ خَنْجَرِ الذِّكرياتِ
وَتَجَاعِيدِ البُحَيراتِ /
أصْعَدُ نَحْوَ وَمِيضِ البَرْقِ في صَهِيلِ عِظَامِ الفَرَاشَاتِ /
وَرِثْتُ مَجْدَ أعشابِ المقابرِ / وَدَمْعِي المُتَجَمِّدُ هُوَ شَاهِدُ قَبْرٍ
بلاستيكيٌّ / الجَثَامِينُ مُحَنَّطَةٌ في أجنحةِ الجَرَادِ / وَبَلاطُ
الزِّنزانةِ مُعَقَّمٌ بِمِلْحِ دُمُوعِ السُّجَنَاءِ / ذَهَبْتُ إلى بَرِيقِ
الاحتضارِ / وَبَقِيَ الخَنْجَرُ المَسمومُ في صُندوقِ بَرِيدي /
لا تَكْرَهُوني يا إخْوَتي/ولا تَنْتَظِرُوا مَوْتي/ أنا أُدَمِّرُ نَفْسِي
بِنَفْسِي/وأمشي إلى الهاويةِ اللازَوَرْدِيَّةِ / وَنَوَارِسُ البَحْرَ
عَلَّمَتْنِي الحِسَابَ كَي يَبْدَأَ العَدُّ التَّنَازُلِيُّ/ أنا جُثةٌ
مَجهولةُ الهُوِيَّة / قَضَيْتُ حَياتي في انتظارِ حَفَّارِ القُبورِ / الذي ذَهَبَ
لاستلامِ رَاتِبِهِ الشَّهْرِيِّ وَلَمْ يَرْجِعْ / والمطرُ يَدُقُّ المساميرَ
الصَّدِئةَ في تَابُوتي المُسْتَوْرَدِ / وتَضَعُ الحَشَرَاتُ بُيُوضَهَا في
حَنجرةِ الرِّياحِ /
السُّنونو في مَمَرَّاتِ الصَّقِيعِ المُعْتِمَةِ / التي تَمْتَدُّ نَحْوَ
غُرفةِ الإعدامِ بالكُرْسِيِّ الكَهْرَبَائِيِّ / أنا البَائِعُ المُتَجَوِّلُ / أحْمِلُ عَارَ
التَّارِيخِ عَلى ظَهْرِي / كَي أبِيعَهُ للأغرابِ في أزِقَّةِ الجِرذان / قَلْبي
مَاتَ / لَكِنِّي رُومانسِيٌّ بَيْنَ شَوَاهِدِ القُبورِ / وأكتبُ قَصائدَ
الغَزَلِ عَلى سُورِ المقبرةِ /