إعدام فقيه سُني في طهران
للشاعر/ إبراهيم أبو عواد
من مجموعة " كلام الفراشة الناعمة "
دار اليازوري ، عَمَّان 2007م
يا قاتلي !
لا تحملْ دمي على ظهركَ
تذكاراً للأعشاب المنفية
سيمشي المرمر على بلاط الدم الحجري
والغسقُ يمسح الغبار عن كتبه
اتركْ لي أيها الموج فرصة لأرتب مكتبتي المنزلية
لا تقطفْ لحم الأسود عن أغصان المعنى
وفي جِلدي الثاني تمر كلَّ ليلة أسوارُ المدفن
حيث تركت اللبؤاتُ الشريدة وجوهها
ونام الطين المعجون بالبارود النقي
ويغفو القصدير على أعمدة الثلج البنفسجي
سأتلو مقولاتِ الشمس
عن قصة تشردنا في الليلك الهَرِم
وأتينا نجر أرصفة الحزن
حاملين ما تبقى من عَرَق التين
منزلُنا في غرناطة صار مسرحاً للعراة
ووكراً لقطاع الطريق
يا قصرَ الحمراء !
اتصل بي هاتفياً
قبل أن تهويَ المقصلة على رأس أبي
نرثُ زيتون الشفق
ونُسجِّل أسماءنا على خدود الأبيض المتوسط
دعونا نقتبسْ من ضوء وجوه الأنبياء
لِيَ المشانق خالية من أعواد الثقاب
وسيافُ الخليفة يدخن الرمالَ وينفثها سيوفاً
أتوا كالصبار الذهبي في أمواج الذاكرة
يا حادي الفراشات
تفرَّسْ في لحوم البرتقال
لا مقصلة جَدِّي ابتسامة الشفق
ولا مدخنة كوخي نورسٌ أطرش
غامضةً كانت ضحكةُ الخريف
في مزارع وأد البنات
فاحفرْ في أصفاد النهر مسدساً
تستعمله الأدغال لحماية أعواد مشانقنا
كلُّ طلقةٍ في أُذن البحيرة حلمٌ للقادمين
من وهج أشلاء التفاحات
وفي خطى الغريب يولد إسفلتٌ ثائر
كيف قُتلت الإوزة في مؤلفات نهر الدانوب ؟
يشجع غاباتِ سمرقند انكماشُ الفستق
في أنف الجليد على إكمال دراستها
حول أشكال مجزرتي
وتوهجاتِ قطيع السيوف الذي ينهشني
فاعبرْ ظِلك الخشبي في مساءات الزيتون
وتذكَّر اسمَ من خلع عيون أصفهان
انطفأت لحومُ الشموع
لمعت عقاربُ الساعة فوق أضرحة السنبلة
عودوا إلى خنجر البحر المحنط في جلود العبيد
إن تفتحْ رئتي تجدْ أكواخاً يستحم فيها البارود
الدروبُ البنفسجية تقود إلى الدروب الذبيحة
وزوجةُ النهر حاملٌ أسقطها غصنُ الموج
في الإجهاض القسري
توهجت غابةٌ حمل العشبُ حقيبته المدرسية
نهاري أفاق على هزيم كريات دمي
احملوا جثتي إلى جثتي
اترك المراثي ترثِ المراثي
ولنمشِ إلى بريق قضبان أقفاصنا الصدرية
كان الوردُ الحبيس يرفع _ مُجبراً _
أوحالَ ذاكرة الخشب عن التيجان المبعثرة
بعثر النحاسُ ظله
كن أكثر لمعاناً من حبل كتان يشنق مشنقتي
لكن الزهور طريق
دمي قطع سكر ذوَّبها البرقُ
في إحدى كؤوس المجزرة
هي رئتي الثورةُ اللازوردية
أرى موتَ البنفسج في أجفاني يراني
والقمحُ يرثُ حنجرة الشمس
أخي الموت !
سأكون في الجنة أو النار يومَ تُذبح
تذهب اكياسُ الدقيق إلى عنف ألوان طاووس القش
لجبين الشعير حمرةُ الغروب
عند شروق النعنع على سوط العصف
ركضت الشوارعُ إلى غرفة نومها فيَّ
يحتل ورداتِ صَلبي سعالُ الشفق
ظلَّ المساءُ يحفر أغانيه في إعدامات الراعي
والغنمُ تسبح في لؤلؤ الأنين
أين خبَّأ الموزُ أعوادَ المشانق وقمصانَ الفحيح ؟
لستُ للسيراميك صوتاً
صوتي ينقلب على صوتي
لكم مساءات الذُّرة خاليةً
من الصراخ لحظة ولادة البحيرات
إنها أناشيد أمواج الصعق الكهربائي
لكن المنشد لم يأت
وجهُ الضباب من الأسمنت المسلح
أُعطي وجهي للفجر القادم من شراييني
وأنتظر حبلَ غسيل يلفه الغسقُ حول رقبة الطوفان
قُتلتُ في ظروف غامضة
وأغلقت الرعودُ ملف القضية
أرملةُ الخشب تزوجت الرمادَ
يُحتضر زوجُ المدخنة
قُمْ أيها الرمل التفاحي من شظايانا
للمرايا نحيبُ ما انكمش من ذكريات البرق
عُدْنا إلى أسماء النهر السرية
رحيلُنا يتوهج كلما عانق الوادي قرميدَ أحزاننا
أتوا من حيث يُخاصر الارتعاشُ أقنعةَ السيول
إنْ تجمعْ أجزاءَ ظلي في كيس ورقي
ينفجرْ ضحكُ السنونو بين أنياب القش
لا فراشاتي براميل نفط
ولا أناشيد دمعتي فرو ثعلب
أنا الشاطئُ البعيد النزفُ النهائي كلمةُ الشجر
في حفلة تنصيبي منبوذاً
ليت ظلال الغيم النائمة على صخرة الرعشة تفيق أفقتُ
قال التراب الباكي :
(( وداعاً يا مومسات بلادي
متُّ وما زالت أجسادكن تبحث عن خناجر الرماد ))
تعلم الفرنجةُ قتل الحب قبل أن يتعلموا مضاجعة نسائهم
قد يعمل الفيضانُ مرشداً اجتماعياً للزوجات الخائنات
أرشد أميراتِ موناكو إلى ارتداء الحجاب
يا أيها البطيخ المتشكل في بطن إعصار
إن دمي توزع على القبائل
لأن ذكاء الطوفان منثور في أوردتي
والشلالُ يسوق قطيعاً من كريات الدم البيضاء
أسماكٌ تطير فوق ضريحي يصطادها السيل البنفسجي
تركض مصابيحُ الخيام المهجورة
على سطح تفاحة تُلقن هيكلاً عظمياً تعاليم الندى
لا تطردوا القطط التي تمشي في جنازتي
وبينما كان الرعد يُشرِّح جثتي في الغابات
كنتُ أتنفس حزنَ بنات غروزني وأشرب القصيدة
سامحْني أيها الشجر الذهبي
لأن أكفاني لم تأخذ طيفها من سقوطكَ .