الطريق إلى تحرير الأندلس
للشاعر/ إبراهيم أبو عواد
من مجموعة " القرميد والإعصار"
دار اليازوري ، عَمَّان 2009 م .
في ذكرى إعدامي أحتفل بميلادي
للنساء الإسبانيات خياناتُ ربطات العنق لأزواجهن
ولأحلام الشمس وجوه المحجبات الأندلسيات
أنا والبحر والعنف إخوة في الرضاعة
اكتشفتُ حياتي على حبال المشانق
فاكتشفيني عارياً من دمي المترسب في الغيوم
صاعداً من قروح وجه الزلزال
لأن أهلي يقترضون ثمن أكفاني
لكنني وردة الصواعق المنتصرة
وكُلْيتي أقواس النصر اللانهائي
أُلقِّن سريري تعاليم التفاؤل وأفكار الزلازل
إبريقُ الوضوء عند خيمتي على سطح المجزرة
كَبِّرْ عليَّ أربع تكبيرات
وانتظرني في عيون الطوفان اللازوردي
والصدماتُ العاطفية في حياة العشب
تصير حجراً في قلاع المطر
وزرقةِ قلوب الشطآن
كانت الأميرات يقضين شهر العسل
في منتجعات جنازتي
والفيضانُ يقوم بواجباته الزوجية
راكضاً إلى حضن أمي الأندلس
اختلط شهيقي بحجارة مآذن قرطبة
موعدنا أيها الثوار في ملعب ريال مدريد
كي نُصلِّيَ الجمعة ثم نلغيَ دستور دولة الجراد
وقلقَ العاهرات المبتدئات في المواعيد الأولى
أنا التراب الثوري وشبابيكُ قصر الحمراء
أن فتيان غرناطة العائدون من درس الفقه
أنا بنات إشبيلية يغسلن قلبي في ينابيع خدودي
أخلع جرحي من جرحي
وأُنَصِّبه أميراً على جيوش وجهي
السائرةِ لتحرير العصافير الأندلسية
من الهذيان المتكدس في آبار الانطفاء
كتواريخ انتهاء صلاحية المبيدات الحشرية
في برلمان الهلوسة والإبادة
كلما فهم الحائطُ مشاعري
اتكأتُ على خيالات السنونو
وعندما أصير مشهوراً كمجزرة صبرا وشاتيلا
بيعوا مشنقتي في المزاد العلني
واشتروا ملابس العيد لبنات غروزني
إن نطفي في رحم الثورةِ الصرخة الشجرة
يا حائط الذاكرة اللازوردية
قاوِمْ مغتصبك
أرمي على الطائرات الحربية قطع غضبي النهائي
أجسادُنا رماحُنا تبزغ من صخور الشفق الماحي
يا أيها النهر الممزق
واصِل القتال
أخلع جِلدَ الشجرة
وألقيه قنبلةً على الغبار المحارِب
للنصر أُسودُنا
وللرمد المهجن استسلام الطوب الخائن
كن سيفاً يفجر غمدَه
كلما خزنتُ مذكرات الريح في إبهامي
تساقط الغزاة كمساحيق التجميل الرخيصة
رصاصٌ غاباتي ولن أوقع وثيقة الاستسلام
ولن أرتعش أمام فساتين السهرة لعشيقات الديناصور
إن دمي اليمام المقاتِل
ورشاشي أهازيج الزلازل
انهضْ يا سمكَ الغضب من الإجازة المرضية
وكن ناراً أو ناراً عند ملتقى شرايين الزهر
هذا البحر الزمردي الملتهب سيهضم أسطول الفرنجة
وفي شوارع الغثيان فأرةٌ غربية عمياء
تزرع تاريخَ انهيار أوروبا بين ثدييها المشاع
أثمر زواجي من البندقية زئيراً ورصاصتين
احملوا رأسي المقطوعة إعصاراً يبلعكم
شريعتنا من السماء
وشريعتكم من قمصان النوم للأميرات
قِبلتنا الكعبة
وقِبلتكم كوليرا فروج نسائكم
أيتها الشموس المصلوبة
لا تثقي بأهل الكوفة
حطِّمي شظياتِ قلبي
ثم اجمعيها زنبقاً في جفنيكِ
يخونني حفارو القبور
فمن سيدفنني في أمعاء اللوز بعد الآن ؟
لا تخونوني مثلما خان الأمويون عثمان
أعتقتُ رئتي الثالثة فمتُّ شوقاً إليها
أيها القلب النازف شجراً
أستودعكَ الله من قتيل
والرعدُ يُثبِّت جمجمتي على حبل أفكاري
بملاقط الغسيل الرصاصية
هجرةُ الرؤوس المقطوعة إلى أعضاء الشفق
غَسِّلوني بماء زمزم
حينما تموت الأدغال الأرجوانية في شراييني
إن القبرات تُسجِّل يوميات الشاعر الذي قتله لسانُه
على حجارة الخيال الزجاجي
أيها القمر فوق رايات الغزاة المشروخة
اصهرْ عنفوانكَ في دروب رقبتي
تجدْني على أبواب برلين فاتحاً
أُنقِّي دموعَ الراهبات المنسية على الصفيح
من أخشاب المراكب
وأحفر كلمة التوحيد على جبهة الفجر الانبعاث
في ثقوب جسدي كراتُ الرصاص وفوهاتُ الجرح
إنني عشب الحروف المعلَّقة في أذن الينبوع
فيا ضياء النزيف
كن استدارة البرتقال في حقول المعركة
سأقاتِل حتى أرى معدتي على سكك الحديد
في السرو الصاعد من قاع غضبي
يا كل المسلمين الذاهبين إلى أوروبا فاتحين
احملوا حديقتي المشلولة كي ترى انكسار الفرنجة
قرب ثياب التفاح الممزقة
وجبريلُ ينقش كلامَ الله على تنفس الأنبياء الطبيعي
فلننهضْ من موتنا أعاصير تمحو يوميات الإبادة
ليس للرعد بندقية فلنكن بندقيته
ليس للجَزْر سيف فلنكن سيفه
إن يحرق المساءُ ظله بدموع الذباب
ينكمش العوسج كمدافع الحضارات البائدة
محطمةٌ أوروبا كالقفص الصدري
لفرنسية اغتصبها النازيون
والنسرينُ المتوحش يُذوِّب مراهقاتِ ميلانو
في مضادات الاكتئاب
يا صاحبة العباءة السوداء في ليلة القدر
أرجوكِ زوري جثماني المنحوت
على ألواح الموج وابتسامةِ القرنفل
واحذري أن تسقطي في حفر دموعي
يا سجاجيد الجامع
خبِّئيني في خيوط المساء البيضاء
ولا تُلوِّثي يديكِ بحفر قبري
أنا مَن تخيط أكفانه الأنهار الثائرة
وتنصب شاهدَ قبره الشركسياتُ المهاجرات
إلى رئة الشمس الضاحكة
في عيون الرمل تواريخُ الرحيل والخيامُ المتطايرة
لكنني الشمعة المتمردة والجيوشُ المعجونة
بعيون الأرامل المشتعلات زيتوناً
انتحر برتقال الضياع في أقراط النساء العاريات
على شواطئ أفخاذ الشيطان الرومانسي
والبلاطُ الذي ترقص عليه ماري أنطوانيت يمتصها
كأن الغيم يرى زوجاتي الأربع يُصَلِّين عليَّ
فيُضاء قلبي الذي لا يُغمَد
قالت زوجة إبليس وهي تشرب زرقة الضباب :
(( لا أريد رجلاً يحبني
بل يدفنني حينما يتقاعد حفارو القبور )) .