هل حيدر محمود شاعر أم تاجر ؟
تأليف : إبراهيم أبو عواد .
لا يخفى أن حيدر محمود يمتلك موهبة شعرية ونحن لا نناقش في هذا ، وإن كانت هذه الموهبة محدودة وتقليدية ومحصورة في صور فنية عادية غير مبتكرة . ولكنه _ إجمالاً _ يملك إحساساً شعرياً ولمسات فلسفية تشير إلى موهبة أدبية . ونحن في هذا الصدد لا نرمي إلى تقديم دراسة نقدية لأعمال حيدر محمود الشعرية ، ولكننا نسعى إلى تسليط الضوء بشكل موجز على كيفية توظيفه لشِعره لتحقيق مكاسب شخصية والحصول على مناصب رفيعة ( مثل وزير الثقافة ، سفير الأردن في تونس). وهذا العملية _ بالطبع _ لا تتم إلا باعتبار الكلمة سلعة وتقديمها للقادرين على الدفع ، تماماً كما كان يفعل المتنبي الملقى على أبواب الخلفاء يمدحهم لقاء بعض الأعطيات والجلوس مع عِلية القوم . وحيدر محمود لم ينتشر شِعره بفعل القوة الذاتية لكلماته ، بل بفضل تبني السلطة له واحتضانها لأعماله وفتح أبواب وسائل الإعلام الحكومية لنشر أعماله وتلميعه والترويج له لقاء منافع متبادلة بينه وبين السلطة الحاكمة . وهذا النوع من الأدباء موجود في كل زمان ومكان، لكنه سيذوب في صفحات التاريخ، ولن يملك الخلود . فالتاريخ لا يرحم المتاجرين بالكلمة . وكل شعراء البلاط الذين ظهروا عبر المراحل الزمنية المختلفة يُنظر إليهم بوصفهم خارجين على قيم الإبداع الحقيقي ، ولن يوضع اسمهم مع قائمة الشعراء الحقيقيين الذين يحترمون الكلمة .
وكما قال الجرجاني _ رحمه الله تعالى _ :
ولو أن أهل العلم صانوه صانهم
ولو عظَّموه في النفوس لعُظِّمـــا
ولكن أهانوه فهانوا ودنَّســـوا
محيَّاه بالأطماع حتى تجهَّمـــــا