سيرة ذاتية

إبراهيم أبو عواد القيسي، مفكر، وشاعر،وكاتب صحفي من الأردن. ولد في عَمَّان 1982، لعائلة من شيوخ بني قيس/قَيس عَيلان(أكبر قبيلة عربية في العالم).حاصل على البكالوريوس في برمجة الحاسوب من جامعة الزيتونة الأردنية (2004).له اهتمامات واسعة في دراسات الكتب الدينية (القرآن الكريم، التوراة، الإنجيل )، والفكر الإسلامي، والفلسفة،وعلم الاجتماع،والسياسة ،والنقد الأدبي،والشعر،والرواية، والعلوم الطبيعية . متفرغ للبحث والتأليف.يكتب في أبرز الصحف والمجلات في الوطن العربي وأوروبا.له آلاف المقالات والدراسات، وعشرات الكتب المطبوعة،من أبرزها: [1]حقيقة القرآن [2] أركان الإسلام [3] أركان الإيمان [4] النبي محمد[5]دراسات منهجية في القرآن والسنة[6] العلاقات المالية والقضائية والسياسية والاقتصادية في القرآن [7] دراسات منهجية في القرآن والتوراة والإنجيل [8] الدعوة الإسلامية [9] منهج الكافرين في القرآن [10] العلوم والفنون في القرآن [11] العمل في القرآن [12] العلاقات الأخلاقية في القرآن [13] القصص والتاريخ في القرآن [14]الإنسان والأسرة والمجتمع في القرآن [15] بحوث في الفكر الإسلامي [16] التناقض في التوراة والإنجيل [17] صورة اليهود في القرآن والسنة والإنجيل [18] نقض عقائد ابن تيمية المخالفة للقرآن والسنة [19] عقائد العرب في الجاهلية[20]فلسفة المعلقات العشر[21] النظام الاجتماعي في القصيدة(المأزق الاجتماعي للثقافة. كلام في فلسفة الشعر) [22] صرخة الأزمنة ( سِفر الاعتراف ) [23] حياة الأدباء والفلاسفة العالميين [24]مشكلات الحضارة الأمريكية [25]الأعمال الشعرية الكاملة(مجلد واحد)[26] سيناميس (الساكنة في عيوني)[27] خواطر في زمن السراب [28] أشباح الميناء المهجور (رواية)[29]جبل النظيف ( رواية) [ يُمنع ترجمة أيَّة مادة في هذه المدونة أو نقلها بأيَّة وسيلة كانت إلا بعد الحصول على موافقة خطية مُسبقة من المؤلف إبراهيم أبو عواد، تحت طائلة المسؤولية القانونية، ووفق قوانين حماية الملكية الفكرية ] .

31‏/01‏/2013

المخابرات الأردنية هي الفائز في الانتخابات

المخابرات الأردنية هي الفائز في الانتخابات

للكاتب/ إبراهيم أبو عواد .


     إن الحياة السياسية في الأردن عبارة عن دمية في يد جهاز المخابرات ، يتلاعب بها كيفما يشاء ، وذلك بسبب اعتقاده أنه الجهاز الوحيد المخوَّل _ شرعاً وقانوناً _ بحماية الكيان الأردني من معارضي السياسات الطائشة لنظام الحكم . وبالطبع فهؤلاء المعارِضون يتم تصويرهم كخونة ومندسين وأصحاب أجندات خارجية . ومشكلة المخابرات الأردنية أنها تريد أن تكون ملكية أكثر من الملك، فهي ترسم السياسة الأردنية داخلياً وخارجياً، وتحاول عقد الصفقات السياسية ، وأبرز مثال على ذلك مفاوضاتها مع الحركة الإسلامية لزيادة عدد مقاعدها في البرلمان نظير مشاركتها في الانتخابات . وهذا كله يشير إلى حالة أمنية مهووسة تسيطر على المشهد السياسي ، وغياب تام لدور الملك الذي أضحى أداةً في يد المخابرات ، يرى من خلال عيونها لا عيونه ، ويتحرك في ظل التقارير الأمنية المفروضة عليه ، والمجمِعة على أهمية كبح الحريات ، ورفض مطالب الشارع بالإصلاح . فالحرية من منظور المخابرات تعني وصول المعارضة إلى الحكم واختطاف عرش الملك . وهذه الفكرة المغلوطة قامت المخابرات بزرعها في ذهن الملك الذي خضع لها ، واستسلم للإرادة الأمنية الضاغطة .
     ومن العبث الحديث عن نزاهة الانتخابات الأردنية ، لأن السلطات ذات تاريخ عريق في التزوير ، وقادرة على اللف والدوران ، والتحايل على المراقبين الذين كانوا محصورين في أماكن محددة وضيقة، كما أن عددهم الضئيل لا يسمح لهم بمراقبة العملية الانتخابية من الألف إلى الياء. والقضية الأساسية لا تكمن في نزاهة الانتخابات أو تزويرها ، بل تكمن في طبيعة النظام الانتخابي ( نظام الصوت الواحد ) الذي اخترعته المخابرات الأردنية لمنع حصول المعارضة على مقاعد كثيرة في البرلمان . فبعد برلمان 1989م الذي كان بالغ القوة ، خاف النظام الأردني على نفسه ، واعتقد أن الحرية وحش يهدد عرشه ، وأنها لا تتناسب مع المجتمع الأردني الخاضع لسلطة الاستبداد . وعندئذ بدأت عملية تفصيل القوانين لتحجيم المعارضة وحشرها في الزاوية ، وتقليم أظافرها ، وتوظيفها كقناع تجميلي براق للعملية الديمقراطية الوهمية .
     إن الانتخابات الأردنية مخدِّر سياسي . فالبلاد تغرق في أزمات كارثية بينما يتصارع النظام والإخوان على بقايا وطنٍ تمت سرقته في وضح النهار . فالنظام والإخوان عصفوران يتقاتلان في قفص واحد ، وكلاهما قد فشل في تحقيق أحلام الجماهير . وهذا أعاد الأردن إلى عصر الوصاية العسكرية، وأدخل المجتمع في القبضة الأمنية مجدداً . وفي الدول البدائية ( دول العالم الثالث ) تكون كل المؤسسات منهارة ومفكَّكة ما عدا المؤسسات الأمنية ، فهي وحدها التي تحافظ على تماسكها وبطشها . وها هي المخابرات الأردنية تقود العملية السياسية إلى الهاوية في ظل عجز النظام السياسي والمعارضة . ويظل الأردن سفينة بلا ربان .  
https://www.facebook.com/abuawwad1982

29‏/01‏/2013

يوميات العازف المذبوح ( قصيدة )

يوميات العازف المذبوح ( قصيدة )

للشاعر/ إبراهيم أبو عواد .


     العازِفُ المصلوبُ على الكَمَان ، والرُّموشُ المفخَّخةُ ، والشمسُ الخضراءُ ، والصبايا الجالساتُ أمامَ ضَريحِ البيانو الباكياتُ على الأندلس . والنِّسوةُ صاحباتُ الوجوهِ الإسمنتية. مُوتوا يا إخوتي لكي أَخْتبِرَ مَوْهبتي في قصائد الرِّثاء. مُوتوا لأَعرفَ قوانينَ البورصةِ في المتاجرة بدمائكم .
     اكْتَشَفْنا الوطنَ في الزَّنازين ، واكْتَشَفَنا الوطنُ على حِبال المشانق . تأكلُ الضفادعُ لحمَ القصائد . وبناتُ حارتنا تَركنَ قلبي لبناتِ آوى . خُذوا الجماجمَ على الرُّفوف تِذْكاراً للحُبِّ والحروبِ . وبعد مَوْتِ عائلتي سأعيشُ على مقاعد حديقة الحيوانات .
     الليلُ المشلولُ جالسٌ على الكرسيِّ المتحرك أمامَ الموقدة المطفأة . وُلدتُ وفي فمي مِلْعَقةٌ من أحزانٍ . وحديقةُ الملاريا تَرمي الجماجمَ في صناديق الاقتراع . واللازوردُ اكتشفَ بَيْنَ الدموعِ مُسْتَقْبَلَه السياسيَّ . طَبْعاً ، كُلُّنا عُشَّاقٌ وبلادُنا ضائعةٌ .
     تَفَضَّلْ أيها السرابُ . ادْخُلْ إلى ضريح الكَهْرمانِ احْرِق الأخضرَ واليابسَ . لا تنتظر الإماءَ المحنَّطاتِ خَلْفَ النظاراتِ السَّوْداء . أُخَبِّئُ بَراميلَ البارود في الفراغ العاطفيِّ . وفي بَيْتي تنتظرني الفراشاتُ الكِلْسيةُ وتَعْرِفني الصَّراصيرُ الشمعيةُ . رِمالُ البحرِ تواسيني والبِحَارُ تنامُ في سريري لكنِّي أَشْعرُ بالوَحدة .
     حدائقُ الجنون تختبئُ في أوردتي الضَّوْئيةِ . صَدِّقْني أيها البيانو المكسورُ ، سأعيشُ مُرَاهَقَتِي المتأخرةَ في مقبرة قديمة بلا سُورٍ. نُضَيِّعُ وَقْتَنا في مُعْسَكْراتِ الاعتقال ونقضي وقتَ الفراغ في ممارسة الفراغ . أنا السفينةُ التي تَخْبطُ في جبل الجليد. أحبُّ الفراشاتِ لكنها لن تنقذني من الغرق،ولن تَسمع أُمِّي صراخي حينما تستقرُّ أشلائي في قاع الصهيل.
     يا نهراً خَرَجَ ولم يَعُدْ . إن أعمدةَ الكهرباء تساعدني في تأريخ الحب الضائع . أخافُ من حِيطان بَيْتي أخافُ العَوْدةَ إلى حِضْنِ أُمِّي . لا أبناءَ لي يَحْملون اسمي . وَحْدَها الشوارعُ التي أُقتَل فيها سَتَحْمِلُ اسْمِي .
     يا رَضيعاً يجرُّ تابوتَ أُمِّهِ في دُروبِ الجليد . أكتبُ أحلامي بقلم الرصاص على الرصاص . أنا الرملُ الواقفُ في طابور الانقراض . أنتظرُ دَوْري لأستلمَ حِصَّتي من هزيمة التلال في حروب الظلال . ورائحةُ فَمِ الإسفلتِ تَجْرحني .
     أيها النسرُ الأعورُ في أعالي البكاء ، دُلَّني على جثتي كي تُنَظِّفَ الغِربانُ الأزقةَ من بقايا لحمي . لا مكانٌ لبلادي على الخارطة ولا قبرٌ للسُّنونو على البُوصلة . نحنُ أرقامٌ لا يَعترف بنا جَدْولُ الضَّرْب . فيا قاتلي ، انظرْ عَبْرَ النافذةِ إلى الجثثِ المجهولة الهوية .
     أيها القتلى في الشوارع المصلوبون في البراويز الصِّدئة . سيأتي الجرادُ لتحرير مدينة الأشباح . أَسرقُ النرجسَ مِن زَمَنِ الكَهْرمان . فإذا ذَبَحني الضبابُ الأخضرُ سَتَجدني أُمِّي في البراويز زَعْتراً وأمطاراً . نَزرعُ البطاطا في الزَّنازين لكي نُؤْنِسَ وَحْشةَ الدُّودِ الخارجِ من أوردتنا .
 https://www.facebook.com/abuawwad1982

28‏/01‏/2013

تحول القصيدة إلى سلوك اجتماعي

تحول القصيدة إلى سلوك اجتماعي

للكاتب/ إبراهيم أبو عواد

جريدة العرب اللندنية 28/1/2013


     لا يمكن الحصول على الطاقة الشعرية إلا عن طريق التنقيب في اللغة الرمزية الموازِية للمشروع الثقافي الجمعي، والوصول إلى أقاصي اللغة من أجل اكتشاف العوالم الكامنة وراء اللفظ والمعنى . وهذه العملية الاكتشافية توفر الأساس الفلسفي لحياة القصيدة وتحولاتها، والديمومةِ الحيوية للثقافة. مما يؤدي إلى وضع الرموز الشعرية في سياق الوضوح الاجتماعي فتحدث الإسقاطاتُ على الواقع، ويمتزج الواقع بالخيال ، وهذا يدفع باتجاه تغيير الواقع إلى الأفضل ، وتحويل الخيال إلى منظومة إبداعية قابلة للتطبيق تحل مشكلات المجتمع ، وترسم السياسات الناجعة على كافة الأصعدة .
     ولا يكفي أن تقوم القصيدةُ بترجمة المعاني الاجتماعية إلى صور فنية ، والغوص في أعماق اللغة الشاعرية ، والتنقيب في أبجديات الفكر الثقافي ، والقيام بحفريات في جسد الرموز الإنسانية ، بل عليها أيضاً _ أي القصيدة _ أن تتواصل مع الواقع وتعجنه بالأفكار الواعية ، ولا تقيم قطيعةً مع العالَم المادي. وهكذا يتحول الفكر الشعري إلى مشروع جماعي تساهم الجماهير في كتابته ونشره، وجعله مشروعَ خلاصٍ عابراً للزمان والمكان . وهذا يمنح القصيدة شرعيةَ التجاوز ، والقدرة على صناعة التاريخ الإبداعي الخاص الذي يصب في تاريخ البشرية العام . وبالتالي تتجذر عملية صهر المراحل كنواة أساسية في الحياة الثقافية والاجتماعية ، فتولَد الحقيقة الشعرية التي تواصل النمو في مناخات المعرفة والتقدم .
     وهذا الحراك الإبداعي الدؤوب يؤدي إلى تدعيم المنظور الشعري ، وإحالة البعد العاطفي في القصيدة إلى تطبيقات اجتماعية ، فتصبح حركة الألفاظ والمعاني سلوكاً إنسانياً محسوساً ، ويتحول الرمز الشعري إلى كيانات بشرية . لذا فليس من الغريب اعتبار القصيدة كائناً حياً كامل الحياة انتزع حريته بنفسه فأصبح _ أيضاً _ كامل السيادة .
https://www.facebook.com/abuawwad1982

08‏/01‏/2013

الفراغ العاطفي والفراغ السياسي

الفراغ العاطفي والفراغ السياسي

للمفكر/ إبراهيم أبو عواد .


     إن التخبط الحاصل في العالم العربي خصوصاً في دول الربيع العربي لا يمكن اعتباره مفاجأة أو صدمة مباغتة، فهذا أمرٌ متوقع نتيجة التركة الثقيلة المتراكمة عبر حقب زمنية طويلة . فمثلاً ، إن الرئيس المصري محمد مرسي هو أول رئيس منتخب في تاريخ مصر الممتد لأكثر من سبعة آلاف سنة ، وفي هذا دلالة واضحة على حجم العقبات التي تواجه مصر في طريقها نحو التقدم والازدهار . فالنظامُ السياسي المصري ما زال في مرحلة الطفولة وكذلك المعارضة، وهما بحاجة إلى وقت كي يستوعبا شروط " اللعبة الديمقراطية" وأصولها وتفاصيلها الممتلئة بالتحديات الجسيمة . والحال ينطبق على باقي دول الربيع العربي مع اختلاف الأشكال . فالثوراتُ العربية المعاصرة كانت ولادةً قيصرية قاسية ، فهي عمل جماهيري عفوي يفتقد إلى التنظيم الهرمي والتسلسل الوظيفي . فغيابُ رأس القيادة وعدم وجود هيكل تنظيمي للثورات جعلا الأمور أكثر خطورةً ، ومرحلةَ البناء أكثر صعوبة ، مما أدى إلى حدوث فوضى في الأنساق الاجتماعية والسياسية والاقتصادية . وهذا ليس أمراً غريباً أو مقتصراً على الحالة العربية . فعلى سبيل المثال ، بعد الثورة الفرنسية بقيت فرنسا في حالة فوضى وعدم استقرار لأكثر من عشر سنوات . وبالطبع ، فهذا ليس تبريراً للفوضى في البيئة العربية أو شرعنة للتخبط الشامل في أشكال الحياة العامة ، فلا وقت للتقاعس ، أو البكاء على الأطلال ، أو التقصير في بناء الإنسانِ وتشييد دولة الحق والعدالة والمساواة . فعلى الذين غُيِّبوا في كهوف الظلم والاستبداد ثم خرجوا إلى النور أن يتأقلموا سريعاً مع نور الشمس لئلا يحترقوا به، ويقودوا مسيرة التقدم عن طريق البناء على إيجابيات الماضي ، وتطهير المجتمع من تراكمات الخوف والكراهية والشطط الطبقي ، فلا يمكن أن تتحقق النهضة في مجتمع متناحر مبني على الحقد ، وذلك لأن الانقسام يعمل على تفتيت الجهود الإنسانية وتقطيع أوصال المجتمع ، فيصبح الكلُّ ضد الكل ، وتغدو مفاهيم التربص والانقضاض والابتزاز السياسي أصولاً للحياة الإنسانية ، وهذا يمنع بناء قاعدة اجتماعية تحضن النظام السياسي ، وتمنحه الشرعية والدافعية . وهكذا تخسر السُّلطة والمعارَضة معاً .
     إن تاريخ الأنظمة السياسية في الحضارة العربية الإسلامية شديد الالتباس ، وينبغي إعادة دراسته بأسلوب علمي يوضِّح نقاطَ القوة ونقاطَ الضعف ، وذلك من أجل الاستفادة من عناصر النهضة وتجاوز عوامل الانهيار، وعدم الوقوع في فخ " تجريب المجرَّب " . فلا ينبغي للعاقل أن يُلدَغ من جُحرٍ مرَّتين ، خصوصاً إذا كان سياسياً تسير خلفه الجماهير . وعندما يظهر في تاريخنا مصطلح " المستبد العادل " ، فهذا مؤشر على وجود أزمة حقيقية في تاريخ الفكر السياسي تستلزم إعادة تقييم دور الأنظمة الحاكمة المتعاقبة بما لها وما عليها . وجميعُ أسباب الانهيار السياسي مرجعها إلى غياب فكرة " التداول السلمي للسُّلطة " .
     ويمكن تلخيص أهم عوامل سقوط الأنظمة الحاكمة وانكسار الحضارات على الشكل التالي :
     1_ غياب سياسة الحوار وعدم تعميمها بين طبقات الشعب ، وأيضاً غياب التواصل بين قاعدة الهرم الاجتماعي ورأسه . فحينما تتشبث السُّلطة برأيها وتفرضه على الشعب ، فإنها بذلك تخسر الشعبَ ، وتحشره في زاوية الحقد . وهذا الاستبدادُ بالرأي يؤدي _ بالضرورة _ إلى إقصاء الشعب من المشاركة السياسية ، وتحويل الدولة إلى شركة تجارية تدر أرباحاً على منافقيها دون النظر إلى الغالبية المسحوقة .    
     2_ ظهور مفاهيم طائشة تتعلق بضرورة سيطرة الأغلبية على الأقليات وقمعها وإقصائها من المشهد العام بكل حيثياته . وهذا يقابله سعي الأقليات إلى التوحد لإسقاط الأغلبية بالتعاون مع جهات خارجية داعمة .
     3_ اعتماد النظام السياسي على القهر والبطش والغلبة . وهذا جعل الفكر السياسي يتمحور حول ثنائية ( الغالب / المغلوب ) . وهذه نتيجة منطقية لشرعية السيف بدلاً من شرعية صناديق الاقتراع . وبما أن الحياة يومٌ لك ويومٌ عليك ، إذن فلا بد للغالب أن يصبح مغلوباً والعكس صحيح ، وعندئذ يحدث الانتقام وتصفية الحسابات ، ويدخل المجتمع في دوامة الثأر بلا نهاية .  
     إن الأمة العربية لن تنجح إلا إذا درست تاريخها واستفادت منه ، واستوعبت تجارب الأمم الأخرى. ومهما حصل من أزمات وفوضى وحروب في الجسد العربي فلن تتوقف عقارب الساعة ، وستشرق الشمسُ مرةً أخرى. فكثير من دول العالم عانت أكثر بكثير من الأمة العربية ، ومع هذا قامت من الحضيض . فمثلاً ، قد خسرت إسبانيا نصف مليون قتيل في الحرب الأهلية        ( 1936م _ 1939 م ) ، وخسرت أمريكا ستمائة ألف من أبنائها في الحرب الأهلية (1861م _ 1865م) عدا عن الجروح النفسية العميقة بين الشمال والجنوب . ولا يمكن نسيان الحربين العالميتين اللتين مسحتا أوروبا، ومع هذا قامت أوروبا لتصبح قوةً عظمى ، وعلى رأسها ألمانيا ! .
     لقد ولى الزمن الذي كان فيه الحاكم العربي يسوق شعبَه بالصولجان . وقد ثبت فشل هذه السياسة ، ولم تنفع في تثبيت العروش . فبإمكانك أن تجبر الحصانَ على الذهاب إلى النبع ، ولكن لا يمكنك أن تجبره على الشرب . وهذا يشير إلى أهمية الإرادة الداخلية . فالحاكمُ العربي المستبد قد يشتري ولاء الناس بأموالهم فيتحكم بألسنتهم وأجسامهم ، لكنه لا يقدر على امتلاك قلوبهم إلا بالحب الحقيقي والتضحية من أجلهم . وهذا الكلام ليس قصيدةً رومانسية لملء الفراغ العاطفي الذي صار خندقاً بين الحاكم والمحكوم ، وإنما كلام واقعي في بُنية الفكر السياسي . فما الذي يجعل نظاماً سياسياً كالنظام الملكي البريطاني مستمراً منذ ألف عام حتى اليوم ؟! . وما هي السُّلطة التي تملكها الملكة إليزابيث الثانية لكي تنضوي دولٌ عديدة مثل كندا وأستراليا تحت التاج البريطاني وهما دولتان في آخر العالم ؟! . هل تملك إليزابيث الثانية ميليشيات خاصة بها وأساطيل بحرية وأسلحة كيماوية لكي تجبر شعبها وشعوب الدول الأخرى على المحافظة على عرشها وتاجها ؟! . إنها عاطفة الحب والمصلحة والتاريخ .
     إذن ، على الأنظمة السياسية العربية أن تعلِّم نفسها وشعوبها الحبَّ ، وتردم الفجوة الوجدانية بين مكونات الشعب ، وتملأ الفراغَ العاطفي بالإنجازات الحقيقية ، ليس بمعنى أن يحب الشاب ابنة الجيران ، أو نشر ثقافة الفيديو كليب بين أوساط الجماهير، ولكن بمعنى أن يسيطر النظام السياسي على قلوب الناس ، وذلك بخدمتهم وإنقاذهم من مشكلاتهم المتفاقمة ، وبناء دول حقيقية لا يهرب منها أبناؤها ليصبحوا طعاماً لأسماك القرش في عُرض البحر . وهنا تكمن منفعة الحاكم والمحكوم ، فلا يمكن لأي نظام حاكم أن يسقط إذا كان الشعب يحبه .
     وإذا اختفى الحبُّ بين مكونات الهرم السياسي فإن المنطقة العربية ستغرق في حروب طاحنة على أساس ديني ومذهبي وعِرقي ، ليس لها آخر . فموضوع السُّلطة شديد الحساسية . ولنتذكر ما قاله الشهرستاني ( _ 548 هـ ) في كتابه الملل والنحل ( 1/ 20 ) : (( ما سُلَّ سيف في الإسلام على قاعدة دينية مثل ما سُلَّ على الإمامة في كل زمان )) . ولتكن هذه المقولة جرس إنذار للشعوب العربية على اختلاف عقائدها الدينية والسياسية .
https://www.facebook.com/abuawwad1982

05‏/01‏/2013

القصيدة خارطة جديدة للعالم

القصيدة خارطة جديدة للعالم

للكاتب/ إبراهيم أبو عواد .


إن النسيج القصائدي هو التجسيد المنطقي للإحساس البشري القادر على صياغة خطاب ثقافي تحليلي يمتلك القابلية للنمو في الجسد الاجتماعي، والوجودِ العاطفي للإنسان . وكلما انتقلت القصيدة من عزلتها إلى مركز الحدث ، اندمج البعد المجتمعي مع البعد الشعري في بؤرة النص ، وهذا يسمح بإنشاء قيم ثقافية حيوية تضع العالَم الشعري في قلب العالم الواقعي . وهنا تتجلى عبقرية المكان ( المحسوس وغير المحسوس ) الذي يسكن فينا كما نسكن فيه . ومهما اختلفت الأبعاد المكانية باختلاف الأزمنة وتعاقبها ، فإن القصيدة ستظل هي المكان الأثير الذي يولد فيه الشاعر ويموت فيه .
     وليست الفلسفة الهلامية هي التي تصنع " المكان " في النص الشعري ، وإنما تصنعه البنية اللغوية للخطاب الاجتماعي ، الأمر الذي يقود _ حتماً _ إلى تدفق الوعي الأبجدي نحو المعنى الاجتماعي ، وبالتالي تنتقل الصيغ الأبجدية من عالم التجريد إلى رمزية اللغة التي تعيد هندسة الأبعاد المجتمعية الآيلة للسقوط، مما يتيح الفرصة للثقافة أن تتواجد في صميم الشعور الإنساني، وتضاريسِ ذاكرة الجماعة البشرية .
     ومع تكاثر المتواليات الرمزية الحاملة لشيفرة الإبداع الثقافي ، تزداد أطوار هندسة الألفاظ ووحدة المعاني القابضة على جمرة النظم الاجتماعية ، فتنشأ مصطلحات لغوية جديدة محمَّلة بالفكر الإبداعي لا التلقيني. وهذا التأسيس المنهجي يغرس حالة الوعي العمومي في المجتمع ليَحْدُث التغيير الإيجابي . وهذا التغيير لن يكون سوى شكل جديد للأبجدية الشعرية التي نفكِّر بواسطتها ، وتضعنا على خارطة التحولات الاجتماعية العالمية .
https://www.facebook.com/abuawwad1982