يوميات العازف المذبوح ( قصيدة )
للشاعر/ إبراهيم أبو عواد .
https://www.facebook.com/abuawwad1982
للشاعر/ إبراهيم أبو عواد .
العازِفُ المصلوبُ على الكَمَان ،
والرُّموشُ المفخَّخةُ ، والشمسُ الخضراءُ ، والصبايا الجالساتُ أمامَ ضَريحِ
البيانو الباكياتُ على الأندلس . والنِّسوةُ صاحباتُ الوجوهِ الإسمنتية. مُوتوا يا
إخوتي لكي أَخْتبِرَ مَوْهبتي في قصائد الرِّثاء. مُوتوا لأَعرفَ قوانينَ البورصةِ
في المتاجرة بدمائكم .
اكْتَشَفْنا الوطنَ في الزَّنازين ،
واكْتَشَفَنا الوطنُ على حِبال المشانق . تأكلُ الضفادعُ لحمَ القصائد . وبناتُ
حارتنا تَركنَ قلبي لبناتِ آوى . خُذوا الجماجمَ على الرُّفوف تِذْكاراً للحُبِّ
والحروبِ . وبعد مَوْتِ عائلتي سأعيشُ على مقاعد حديقة الحيوانات .
الليلُ المشلولُ جالسٌ على الكرسيِّ المتحرك
أمامَ الموقدة المطفأة . وُلدتُ وفي فمي مِلْعَقةٌ من أحزانٍ . وحديقةُ الملاريا
تَرمي الجماجمَ في صناديق الاقتراع . واللازوردُ اكتشفَ بَيْنَ الدموعِ
مُسْتَقْبَلَه السياسيَّ . طَبْعاً ، كُلُّنا عُشَّاقٌ وبلادُنا ضائعةٌ .
تَفَضَّلْ أيها السرابُ . ادْخُلْ إلى ضريح
الكَهْرمانِ احْرِق الأخضرَ واليابسَ . لا تنتظر الإماءَ المحنَّطاتِ خَلْفَ
النظاراتِ السَّوْداء . أُخَبِّئُ بَراميلَ البارود في الفراغ العاطفيِّ . وفي
بَيْتي تنتظرني الفراشاتُ الكِلْسيةُ وتَعْرِفني الصَّراصيرُ الشمعيةُ . رِمالُ
البحرِ تواسيني والبِحَارُ تنامُ في سريري لكنِّي أَشْعرُ بالوَحدة .
حدائقُ الجنون تختبئُ في أوردتي الضَّوْئيةِ
. صَدِّقْني أيها البيانو المكسورُ ، سأعيشُ مُرَاهَقَتِي المتأخرةَ في مقبرة
قديمة بلا سُورٍ. نُضَيِّعُ وَقْتَنا في مُعْسَكْراتِ الاعتقال ونقضي وقتَ الفراغ
في ممارسة الفراغ . أنا السفينةُ التي تَخْبطُ في جبل الجليد. أحبُّ الفراشاتِ
لكنها لن تنقذني من الغرق،ولن تَسمع أُمِّي صراخي حينما تستقرُّ أشلائي في قاع
الصهيل.
يا نهراً خَرَجَ ولم يَعُدْ . إن أعمدةَ
الكهرباء تساعدني في تأريخ الحب الضائع . أخافُ من حِيطان بَيْتي أخافُ العَوْدةَ
إلى حِضْنِ أُمِّي . لا أبناءَ لي يَحْملون اسمي . وَحْدَها الشوارعُ التي أُقتَل
فيها سَتَحْمِلُ اسْمِي .
يا رَضيعاً يجرُّ تابوتَ أُمِّهِ في دُروبِ
الجليد . أكتبُ أحلامي بقلم الرصاص على الرصاص . أنا الرملُ الواقفُ في طابور
الانقراض . أنتظرُ دَوْري لأستلمَ حِصَّتي من هزيمة التلال في حروب الظلال .
ورائحةُ فَمِ الإسفلتِ تَجْرحني .
أيها النسرُ الأعورُ في أعالي البكاء ،
دُلَّني على جثتي كي تُنَظِّفَ الغِربانُ الأزقةَ من بقايا لحمي . لا مكانٌ لبلادي
على الخارطة ولا قبرٌ للسُّنونو على البُوصلة . نحنُ أرقامٌ لا يَعترف بنا جَدْولُ
الضَّرْب . فيا قاتلي ، انظرْ عَبْرَ النافذةِ إلى الجثثِ المجهولة الهوية .
أيها القتلى في الشوارع المصلوبون في
البراويز الصِّدئة . سيأتي الجرادُ لتحرير مدينة الأشباح . أَسرقُ النرجسَ مِن
زَمَنِ الكَهْرمان . فإذا ذَبَحني الضبابُ الأخضرُ سَتَجدني أُمِّي في البراويز
زَعْتراً وأمطاراً . نَزرعُ البطاطا في الزَّنازين لكي نُؤْنِسَ وَحْشةَ الدُّودِ
الخارجِ من أوردتنا .