المخابرات الأردنية هي الفائز في الانتخابات
للكاتب/ إبراهيم أبو عواد .
للكاتب/ إبراهيم أبو عواد .
إن الحياة السياسية في الأردن عبارة عن دمية
في يد جهاز المخابرات ، يتلاعب بها كيفما يشاء ، وذلك بسبب اعتقاده أنه الجهاز
الوحيد المخوَّل _ شرعاً وقانوناً _ بحماية الكيان الأردني من معارضي السياسات
الطائشة لنظام الحكم . وبالطبع فهؤلاء المعارِضون يتم تصويرهم كخونة ومندسين
وأصحاب أجندات خارجية . ومشكلة المخابرات الأردنية أنها تريد أن تكون ملكية أكثر
من الملك، فهي ترسم السياسة الأردنية داخلياً وخارجياً، وتحاول عقد الصفقات
السياسية ، وأبرز مثال على ذلك مفاوضاتها مع الحركة الإسلامية لزيادة عدد مقاعدها
في البرلمان نظير مشاركتها في الانتخابات . وهذا كله يشير إلى حالة أمنية مهووسة
تسيطر على المشهد السياسي ، وغياب تام لدور الملك الذي أضحى أداةً في يد المخابرات
، يرى من خلال عيونها لا عيونه ، ويتحرك في ظل التقارير الأمنية المفروضة عليه ،
والمجمِعة على أهمية كبح الحريات ، ورفض مطالب الشارع بالإصلاح . فالحرية من منظور
المخابرات تعني وصول المعارضة إلى الحكم واختطاف عرش الملك . وهذه الفكرة المغلوطة
قامت المخابرات بزرعها في ذهن الملك الذي خضع لها ، واستسلم للإرادة الأمنية
الضاغطة .
ومن العبث الحديث عن
نزاهة الانتخابات الأردنية ، لأن السلطات ذات تاريخ عريق في التزوير ، وقادرة على
اللف والدوران ، والتحايل على المراقبين الذين كانوا محصورين في أماكن محددة وضيقة،
كما أن عددهم الضئيل لا يسمح لهم بمراقبة العملية الانتخابية من الألف إلى الياء. والقضية
الأساسية لا تكمن في نزاهة الانتخابات أو تزويرها ، بل تكمن في طبيعة النظام
الانتخابي ( نظام الصوت الواحد ) الذي اخترعته المخابرات الأردنية لمنع حصول
المعارضة على مقاعد كثيرة في البرلمان . فبعد برلمان 1989م الذي كان بالغ القوة ،
خاف النظام الأردني على نفسه ، واعتقد أن الحرية وحش يهدد عرشه ، وأنها لا تتناسب
مع المجتمع الأردني الخاضع لسلطة الاستبداد . وعندئذ بدأت عملية تفصيل القوانين
لتحجيم المعارضة وحشرها في الزاوية ، وتقليم أظافرها ، وتوظيفها كقناع تجميلي براق
للعملية الديمقراطية الوهمية .
إن الانتخابات الأردنية
مخدِّر سياسي . فالبلاد تغرق في أزمات كارثية بينما يتصارع النظام والإخوان على
بقايا وطنٍ تمت سرقته في وضح النهار . فالنظام والإخوان عصفوران يتقاتلان في قفص واحد
، وكلاهما قد فشل في تحقيق أحلام الجماهير . وهذا أعاد الأردن إلى عصر الوصاية العسكرية،
وأدخل المجتمع في القبضة الأمنية مجدداً . وفي الدول البدائية ( دول العالم الثالث
) تكون كل المؤسسات منهارة ومفكَّكة ما عدا المؤسسات الأمنية ، فهي وحدها التي
تحافظ على تماسكها وبطشها . وها هي المخابرات الأردنية تقود العملية السياسية إلى
الهاوية في ظل عجز النظام السياسي والمعارضة . ويظل الأردن سفينة بلا ربان .
https://www.facebook.com/abuawwad1982