سيرة ذاتية

إبراهيم أبو عواد القيسي، مفكر، وشاعر،وكاتب صحفي من الأردن. ولد في عَمَّان 1982، لعائلة من شيوخ بني قيس/قَيس عَيلان(أكبر قبيلة عربية في العالم).حاصل على البكالوريوس في برمجة الحاسوب من جامعة الزيتونة الأردنية (2004).له اهتمامات واسعة في دراسات الكتب الدينية (القرآن الكريم، التوراة، الإنجيل )، والفكر الإسلامي، والفلسفة،وعلم الاجتماع،والسياسة ،والنقد الأدبي،والشعر،والرواية، والعلوم الطبيعية . متفرغ للبحث والتأليف.يكتب في أبرز الصحف والمجلات في الوطن العربي وأوروبا.له آلاف المقالات والدراسات، وعشرات الكتب المطبوعة،من أبرزها: [1]حقيقة القرآن [2] أركان الإسلام [3] أركان الإيمان [4] النبي محمد[5]دراسات منهجية في القرآن والسنة[6] العلاقات المالية والقضائية والسياسية والاقتصادية في القرآن [7] دراسات منهجية في القرآن والتوراة والإنجيل [8] الدعوة الإسلامية [9] منهج الكافرين في القرآن [10] العلوم والفنون في القرآن [11] العمل في القرآن [12] العلاقات الأخلاقية في القرآن [13] القصص والتاريخ في القرآن [14]الإنسان والأسرة والمجتمع في القرآن [15] بحوث في الفكر الإسلامي [16] التناقض في التوراة والإنجيل [17] صورة اليهود في القرآن والسنة والإنجيل [18] نقض عقائد ابن تيمية المخالفة للقرآن والسنة [19] عقائد العرب في الجاهلية[20]فلسفة المعلقات العشر[21] النظام الاجتماعي في القصيدة(المأزق الاجتماعي للثقافة. كلام في فلسفة الشعر) [22] صرخة الأزمنة ( سِفر الاعتراف ) [23] حياة الأدباء والفلاسفة العالميين [24]مشكلات الحضارة الأمريكية [25]الأعمال الشعرية الكاملة(مجلد واحد)[26] سيناميس (الساكنة في عيوني)[27] خواطر في زمن السراب [28] أشباح الميناء المهجور (رواية)[29]جبل النظيف ( رواية) [ يُمنع ترجمة أيَّة مادة في هذه المدونة أو نقلها بأيَّة وسيلة كانت إلا بعد الحصول على موافقة خطية مُسبقة من المؤلف إبراهيم أبو عواد، تحت طائلة المسؤولية القانونية، ووفق قوانين حماية الملكية الفكرية ] .

31‏/07‏/2013

التقليد والإبداع في النظام الشعري

التقليد والإبداع في النظام الشعري

للكاتب/ إبراهيم أبو عواد .

     إن المجتمع اللغوي يحترم الحلمَ البشري باعتباره امتداداً للمعرفة الاجتماعية الرمزية ، وتطبيقاتِها في عقول البشر وأجسادهم . وهذه التطبيقات تتلاقح مع السلوك الشعري الذي يُعتبر القلب النابض في المجتمع اللغوي . كما أن القصيدة تتزاوج مع ذاتها بوصفها مجتمعاً يتحد فيه القطبان المذكَّر والمؤنَّت ، ومنظومةً فكرية تأخذ على عاتقها تشكيل جبهة بصرية ضوئية قادرة على الرفض والتغيير ، وقادرة _ كذلك _ على صناعة نصوص لغوية تَصعق الضميرَ المغيَّب لإيقاظه .
     وهذه الحركة المعرفية النشطة تولِّد مجتمعاتٍ حية نابعة من الرموز الأبجدية والحقائقِ اللغوية ، وقادرة على مد الجسور بين الأنا والأنا الأخرى من جهة ، وبين الأنا والآخر من جهة أخرى . مما يَدفع باتجاه تأسيس مجتمع كلماتي يمتلك رؤيته الخاصة ، وأبعاده الثقافية ، وفلسفته الاجتماعية .
     وقد تتصادم بعض الأفكار في جسد القصيدة بسبب ديناميكية الرؤية الشعرية ، وثوريةِ الصور الفنية ، وتعددِ الأساليب الأدبية ، وضخامةِ الأحداث الاجتماعية المحصورة ضمن قوالب فكرية ضيقة . والعلاجُ الفعال لهذه المعضلة هو تخفيف الاحتقان المعرفي في البنية الشعرية عن طريق بناء علاقة متوازنة بين اللفظ والمعنى . وهذا لا يعني تجريد النص من قيمته الروحية ، وتحويله إلى إيقاع مادي جامد . وإنما يعني تنقية اللفظة من الشوائب الزائدة لكي تصبح لفظة مُقطَّرة يمكن وضعها في أقصى مدى الكلام ، وأيضاً تحرير المعنى من ثقل الهواجس لكي يصبح معنىً نقياً قادراً على الانطلاق والتأثير في محيطه الاجتماعي .
     وهذه الحركة التصحيحية في النظام الشعري شديدة الأهمية ، لأنها تكشف لنا الفرق الجوهري بين الشاعر المقلِّد والشَّاعر المبدِع. فالشاعرُ المقلِّد يكتب التاريخَ الوجداني للقصيدة بعقلية المؤرِّخ، وهذا خطأ فظيع لأن المؤرِّخ مُطالَب بأن يكتب التاريخ كما هو ، لا أن يكتب التاريخ المتصوَّر في ذهنه . أمَّا الشاعرُ المبدِع فهو يَكتب التاريخَ القصائدي من وجهة نظر رمزية تكثيفية للأبعاد الخيالية الواقعية .

     فالإبداعُ هو رؤية رمزية ، وثورة على الواقع المعاش، وواقعٌ جديد متلاحم مع العقل الجمعي لرمزية اللغة ، وليس إعادة إنتاج الماضي بصورة حداثية .

20‏/07‏/2013

المجتمع الشعري والمجتمع الإنساني

المجتمع الشعري والمجتمع الإنساني

للكاتب/ إبراهيم أبو عواد

صحيفة قاب قوسين الإلكترونية 19/7/2013

     لا يمكن للتجربة الشعرية أن تتحرر من القوالب الجاهزة إلا عن طريق دمج المضامين الشعورية بالفلسفة الاجتماعية . فالمجتمعُ الإنساني هو المخزون الإستراتيجي الذي يَدعم حركةَ القصيدة ، ويعزِّز انطلاقتها نحو تعرية الوهم من أقنعته . وبالتالي تتحول القصيدةُ إلى بُنية ثقافية تَحمل في رموزها حركةً نقدية شديدة الخصوصية والتمازج مع الإنسان باعتباره مَرْكزاً لهذا الوجود .    
     وهذا التحول المصيري يَضمن استمرار الحياة اللغوية، وتدفقَ أبجدية المشاعر في نخاع القصيدة. مما يؤدي إلى تفعيل وظيفة الكلمة ، وإخراجها من البرواز الجمالي المجرَّد إلى الفاعلية الاجتماعية التطبيقية. وعندئذ يصبح جسدُ القصيدة تجسيداً لأحلام الناس، ومشروعاً شعبياً بعيداً عن الابتذال أو المساوَمات .
     وإذا انتقلت الثقافةُ من الحاضنة الفكرية إلى الحاضنة الشعبية ، فإن سيادةَ القصيدة على الأنساق الاجتماعية ، وسيادةَ المجتمع على الرموز اللغوية ، سوف تصبحان منظومةً واحدة ومنسجمة. الأمر الذي يَمنع نشوءَ كيانات مجتمعية متنافرة في القصيدة . وهذا التجانسُ الطوعي لا القسري ، هو الضمانة الأكيدة لتكثيف الصيغ اللغوية وجَمْعها على هدف واحد رغم التنوع الطبيعي والحيوي في الأساليب . وهنا تبرز أهمية وحدة المصير وتنوُّع المسارات . وبعبارة أخرى ، كل الطرقات الشعرية تؤدي إلى بُنية اجتماعية متماسكة غير قابلة للانقسام .

     وهكذا يتزاوج البعدُ الثقافي والأفقُ الاجتماعي وفق صيغة " لا غالب ولا مغلوب ". فالقصيدةُ تصنع مجتمعاً من الأنداد لا مجتمعاً من السادة والعبيد، كما أنها تُحيل الهامشَ إلى مركز، والحلمَ المكبوت إلى طاقة خلاقة ، والسجنَ الحياتي إلى فضاء إبداعي . فيشعر الجميعُ بجدوى وجوده ، وأهميته المركزية في الحياة ، ويتولَّد زخمٌ إبداعي حاضن لمشاعر الفردِ ومصلحة الجماعة على حَدٍّ سَواء .

17‏/07‏/2013

نهاية الربان ( قصيدة )

نهاية الربان / قصيدة 

للشاعر / إبراهيم أبو عواد 

جريدة الزمان اللندنية 17/7/2013

جَدِّفْ في صُداعِ اليَمام 
وصَدِّقْ دُموعَ أُمِّكَ 
في ابتسامة الغروب 
ولا تَسْمع بُكاءَ المدنِ الغريبةِ 
ولا تَعْبأ بالنملِ 
الذي يُنادي على عُروقِكَ 
هذه الأمواجُ طِلاءُ أظافرِ الرمالِ 
سَيَأتي الْحُبُّ القديمُ 
فانتظرْ قُدومَ نَعْشي 
مِن حَاوياتِ الميناء 
عندما تفتخرُ الأرصفةُ بأُنوثتها 
ويَفتخرُ الجوعُ بالمشانقِ الزُّجاجية 
وكُنْ صَدِيقاً للرَّماد 
مُخلِصاً للقُرى المدفونةِ تحتَ الزَّبد 
تَذكَّرْ جَبيني عِندَ المساءِ الجريح 
واذكرْ سُعالي على خدود القمر 
سَيُولَد مِن جُلودِنا حَفَّارو قُبورِنا
وعلى أكتافِنا نَحْملُ تابوتَ الفَيَضان 
واللبؤاتُ المصدومةُ عاطفياً 
تُلَمِّع بَراويزَ الأغراب
أُلَوِّنُ كُرياتِ دمي البيضاءَ بدماء الضحايا
اجلسْ أيها السَّرابُ 
على عَرْشِ الجماجم 
ولا تحزنْ عليَّ 
عندما يَصيرُ ما تبقَّى مِن أخشاب تابوتي أريكةً للعُشَّاق 
سَوْفَ تتزوجُ السَّجينةُ سَجَّانها 
في الطريق إلى المِشنقة 
ونصعدُ إلى احتضارنا الأُرْجواني 
واثقين مِن دَمْعِ أُمَّهاتنا 
على إِسْفلتِ المرافئ 
وذلك الضبابُ فُرشاةُ أسنانٍ للشفق الجريح 

ودِماءُ القمرِ الساخنةُ 
تَسيلُ على الثلوج 
يا ضَوْءَ القمر 
أَعْطني حُلْماً 
كَي أدفنَ أشلائي في البراويز 
وامنح الغرباءَ وَقْتاً لِيَدْفنوا قَتْلاهم 
سيذهبُ جنودُ الصدى إلى لُعبة الغولف 
يا أدغالَ الرصاصِ الحيِّ 
وَحْدي القتيلُ في الغابات الزرقاء 
كدماء الأرستقراطيات 
وكلما مَررتُ بِشَاهِدِ قَبْرٍ 
قَرأتُ عَلَيْه اسْمي .

https://www.facebook.com/abuawwad1982

11‏/07‏/2013

مصر ما بعد الإخوان

مصر ما بعد الإخوان

للكاتب/ إبراهيم أبو عواد

جريدة الزمان اللندنية 9/7/2013

إن نهاية تجربة " الإخوان " في حُكم مصر جاءت درامية ومتسارعة الأحداث وقصيرة للغاية . ولكنْ ينبغي تحليل هذه الظاهرة بعيداً عن فكرة حب الإخوان أو كرههم  . بدايةً ، ينبغي أن نَعرف أن وصول " الإخوان " [ القوة الأكثر تنظيماً في ساحة العمل السياسي الإسلامي ] إلى سُدَّة الحُكم هو خط أحمر . وإذا حصل في بعض الحالات فيجب إفشالهم من اليوم الأول بغض النظر عن كَوْنهم ملائكة أو شياطين ، ودون اعتبار للإنجازات أو الإخفاقات . فوجودُهم تهديد حقيقي لمصالح الغرب وأمريكا خصوصاً . فالمشروعُ الإسلامي يستند إلى عقيدة مبنية على العِزَّة ، والكرامة ، والاكتفاء الذاتي ، والجهاد ضد المحتلين ، وتحرير الأراضي المغتصَبة. وهذه القيم تتعارض جُملةً وتفصيلاً مع قيم الغرب الذي يحتل الوطن العربي احتلالاً غير مباشر ، وتشكل خطراً على وجوده ومصالحه . فيجب شَيْطنة المشروع الإسلامي ، واعتباره عدواً يجب التصدي له بكل حُزم . فالغربُ لا يَسمح لأحد أن يتحداه ويرفع رأسَه ، وإلا فإن الحصار ينتظره . وهذا مبدأ غربي عام وثابت يشمل جميع الأمم والأشخاص _ مهما كانت العقيدة أو العِرق أو الثقافة _ . وقد يعتقد البعض أن هذا الكلام يخضع لنظرية المؤامرة ، فنقول إنه فِعلاً كذلك . والأمثلة التاريخية صادقة لا شك فيها . فالزعيم المصري الراحل جمال عبد الناصر ( 1918م _ 1970م ) تحدى أمريكا فحاصره الغربُ بالكامل، وتمت مهاجمة مصر في عام 1956م ، وتخلت أمريكا عن تمويل السد العالي . وملك السعودية الراحل فيصل بن عبد العزيز (1906م - 1975م) كان قد هدد الغربَ بإغلاق جميع آبار النفط إذا لم تعد القدس للمسلمين ، وفي عام 1973م قاد حملة قوية ترمي إلى قطع النفط عن أمريكا والدول التي تدعم " إسرائيل"، وقامت مجلة " التايم " الأمريكية بتسميته "رَجل العام" ، فتم قتلُه والتخلص منه . والزعيم الفلسطيني الراحل ياسر عرفات ( 1929م _ 2004م ) رفض الإملاءات الأمريكية فحُوصِر في مقره ، وتخلى عنه الأشقاء قبل الأعداء ، وتم قتلُه بالسُّم . كما أن الدول التي تتحدى الغربَ وترفض أوامرَه مصيرها الحصار الخانق والتجويع، مثل : إيران ، كوريا الشمالية ، كوبا ...إلخ .
     وما حَدث في الحالة المصرية إبَّان حُكم " الإخوان " _ رغم أخطائهم الكارثية _ ، هو حصار مصر من الداخل والخارج . فالكثيرُ من القنوات التلفزيونية المصرية شَنَّت ولا تزال حرباً على مدار الساعة على         " الإخوان " ، حتى إن الرئيس الشرعي المنتخَب محمد مرسي كان يُشتَم في قنوات بلاده ، وهذا لم يَحصل في أية دولة في العالَم . كما أن رجال الأعمال النافذين نَجحوا في تهريب المليارات إلى الخارج ، عدا عن آلاف الاعتصامات والإضرابات ، وفي هذا الجو من الطبيعي أن ينهار الاقتصاد ، ويَهرب المستثمرون ، ويزداد السخط الشعبي ، وينهار القطاع السياحي الذي يُعتبَر أحد دعامات الاقتصاد . أمَّا الحصارُ الخارجي ، فكان أشده على الإطلاق حصار دول الخليج ، ونخص بالذِّكر ( السعودية ، الإمارات ، الكويت ) التي تركت مصر تواجه مصيرها لوحدها دون مد يد العون لها ، كما أن صندوق النقد الدولي المسيطر عليه من قبل أمريكا ، ماطل كثيراً في منح القروض لمصر على عكس ما كان يَحدث قبل مجيء " الإخوان " إلى السُّلطة . وهذا كله مؤشر باهر على وضع العربة أمام الحصان ، ووجود نيَّة مبيَّتة لإفشال " المشروع الإسلامي " مع الاعتراف بأخطاء أتباع هذا المشروع ، وعدم تبرير هذه الأخطاء .
     وهذا الحصار الخانق يعيدنا إلى حصار حركة حماس بعد فوزها في الانتخابات عام 2006م بشكل نزيه وشفاف باعتراف العالَم . فكانت النتيجة أن حُوصِر قطاع غزة ، وتم تجويعه ، ولا يزال . فلا يوجد موقف يمر دون ثمن ، والصمودُ له ضريبة يجب دفعُها .
     إن الأمم التي لا تَقدر على إطعام نفسها ، لا تَقدر على حُكم نفسها . ومصر هي أكبر مستورد للقمح في العالَم ، وتعاني من أزمات متكاثرة لا حصر لها على كافة الصُّعد. وهذه المشكلات لا يمكن حلها بقراءة القرآن أو الإنجيل ، أو دعاء الله تعالى بقلوب صادقة . ونحن لا نقلِّل من الجانب التعبدي ، ولكن السماء لا تُمطِر ذهباً ولا فضة ، ولو كانت الأدعيةُ لوحدها قادرة على التغيير لتحرَّرت فلسطين منذ عقود ! . فلا بد من العمل على أرض الواقع لإيجاد حلول حقيقية للمشكلات .
     وإنني أدعو " الإخوان " والحركات الإسلامية عموماً إلى استيعاب هذا الدرس القاسي ، ومعرفة موازين القوى العالمية والإقليمية ، والانخراط في العمل السياسي مع الاستفادة من أخطاء الماضي ، وتغليبُ مصلحة البلاد على المصلحة الشخصية ، وتقدير قوة الخصوم وعدم العيش في عالَم الأمنيات، فالعالَمُ تسوده شريعة الغابُ، والقويُّ يأكل الضعيفَ ، والغايةُ تبرِّر الوسيلةَ، والغرب يَكيل بمكيالَيْن ، ويميل مع الرياح حيث مالت ، وهو يلهث وراء مصلحته بغض النظر عن الاعتبارات الأخلاقية . وللأسف ، لا توجد في السياسة أخلاق .

     وبعد إنهاء حُكم " الإخوان " في مصر ، سوف يُكسَر الحصارُ على مصر ، وتَهبط المليارات عليها ، فها هي دول الخليج التي تكاد تطير فرحاً بسبب التخلص من " كابوس الإخوان " تعد حُزمة مساعدات عاجلة لتقديمها إلى مصر. وسوف ترمي بكامل ثقلها في مصر لانتشال الاقتصاد، وقيادة الاستثمارات ، وتوفير الدعم السياسي لها . ولا أستبعد أن تقوم بتسديد ديون مصر أو جزء كبير منها . إذن ، فالكرمُ العربي القادم من الخليج سوف يحل في أرض الكنانة . كما أن الغرب سوف يندفع إلى مساعدة مصر ، فتزدهر الحياة ، وتعود السياحة إلى سابق عهدها أو أفضل ، ويرجع رجالُ الأعمال مع مشاريعهم الجديدة . والأقباط الذين يُسيطرون على ثلث الاقتصاد المصري سوف يضخون الدماءَ في شرايين الاقتصاد ، وتدور العجلةُ من جديد . والآن .. كل طلبات مصر مُجابة بعد التخلص من " الإخوان " الذين تتم شَيْطنتهم ونعتهم بالجهل والغباء وعدم القدرة على إدارة مفاصل الدولة . هذا هو قانون اللعبة .

05‏/07‏/2013

اكفروا بالديمقراطية وابحثوا عن رغيف الخبز

اكفروا بالديمقراطية وابحثوا عن رغيف الخبز

للكاتب/ إبراهيم أبو عواد .

...........................................

[ اللهم اغفر لأمتي فإنهم رعيان غنم ].

أمة لا تصلح إلا لرعي الغنم
نظن أنفسنا في أمريكا أو بريطانيا
ونحن محميات أمريكية
يا وَجْهَ أُمَّةٍ ضائعةٍ بين بيوت الشَّعْرِ والفيديو كليب
يا شعوباً من الأغنام تُرَبِّي الماعِزَ في مَصَاعِد ناطحاتِ السَّحاب
ولا دمعاتٌ من الألمنيوم تسيل على أثداء المذيعات المكشوفة للمذبحة
قنواتٌ فضائيةٌ من الجواري الأعرابياتِ عارضاتِ الأزياء
تَلْبِسُ بِرْميلَ النِّفط العِمَامةُ وامرأةٌ صَدْرُها حَقْلُ نِفْطٍ مَسْروق
ينغمسُ احتضارُ الأرضِ في صُراخِ الأطفال
مُذِيعاتٌ صَاحِباتُ نُهُودٍ مكشوفةٍ للجماهير المثقفة
كضياعِ كَوَالِيسِ المسرح السياسي
نِسْوَةٌ يَقِفْنَ في طابور سُوق نخاسةٍ للبيع يَنْتَظِرْنَ مَنْ يَدْفَعُ أَكثرَ
وَطنٌ يقوده الأغنامُ الْبَدْوُ الرُّحَّلُ يشرب دماءَ الشهداءِ ويبصقها نفطاً
جمهوريةُ العوانسِ الديمقراطيةُ
مسارحُ رُعْيانِ الغنم الذين سَرَقُوا نِفْطَ المسلمين
ويظنون أنفسهم الخلفاء الرَّاشدين
فقولي لي أيتها العانِسُ التي ترتدي تنورةً فوق الرُّكبة
هل سلاطينُ الصحراء يدفعون ثمنَ مكياجك أو ثيابِك الفاضحة ؟
أيتها الأُمَّةُ الرُّومانسيةُ التي بَاعَتْ قِبْلتها الأولى في عِيد الحبِّ والسَّلام
هل أنتظرُ بَغَايَا باريس يُدَافِعْنَ عَنِّي في مجلس الأمن ؟
هل أنتظرُ جَيْشَ لَحْدٍ لكي يُقْنِعَ العالَمَ
أَنَّ جُثْماني حقيقةُ المعنى لا مَجَازٌ شِعْرِيٌّ ؟
شكراً لَكَ يا قاتِلي لأنَّكَ أَرْحَمُ بِي مِنْ أَبناءِ جِلْدتي
نَحْنُ الأُمَّةُ الوحيدةُ في العالَمِ التي تَبْصُقُ على نفسها
يا زعماء الأُمة
أيها المهرجون في السيرك
يا كُلَّ عَاهِراتِ طوكيو السَّائراتِ في أناشيد بيرل هاربر
ضَحِكْنَا على أنفسِنا وَكَذَبْنا على أمهاتنا
فَلَمْ يُصَدِّقْنا حَليبُ أعشابِ المقابر
وَضَحِكَتْ علينا سلمى حايك برومانسية الموتى
حَتَّى كَلْبةُ جارتنا ضَحِكَتْ عَلَيْنا في عِيدِ الحبِّ
السَّفيرُ الأمريكيُّ هو أميرُ المؤمنين خَليفةُ المسلمين حَاكِمُنا المفَدَّى
نَهْتِفُ له في المظاهراتِ وَيَفْرِضُ على حُكَّامِنا ألوانَ ربطاتِ العُنُق
ويَحْكُمُ بلادَنا من الخليج إلى المحيط
والحاكِمُ العربيُّ مُوَظَّفٌ في الخارجية الأمريكية
نَحْنُ أُمَّةُ الغُثَاءِ تَسْجُنُ حُلْمَها في تَعاليمِ دُسْتورِ مَوَاكِبِ الآلهةِ الأَعْرَابِ
نَحْنُ عَشِيرةٌ عَمْياءُ في محاكِمِ أَمْنِ الدَّوْلةِ بَعْدَ انقراضِ الدَّوْلةِ
وَلَمْ يَبْقَ هُنَاكَ دَوْلَةٌ سِوَى عُلْبَةِ مِكْيَاجِ الحاكِمَةِ
أَقترحُ أَنْ نُنْشِئَ مَلْهىً لَيْلِيَّاً فِي كُلِّ جَامِعَةٍ
لكي يحتفلَ الطلابُ بعيدِ الحب دَعْماً للصناعة المحلية
ويُطَبِّقوا نَظَرِيَّاتِ الكِيمياءِ في مُخْتَبَرَاتِ الوِيسكي
فِي أعماقِ الجنونِ يَصِيرُ النِّفطُ
حَلِيباً في أثداءِ المذيعات المعروضاتِ للبيعِ
بِالتَّقْسيطِ المريحِ في هذا الوطنِ غَيْرِ المريحِ .

04‏/07‏/2013

القصيدة مملكة الرمز

القصيدة مملكة الرمز

للكاتب/ إبراهيم أبو عواد

صحيفة قاب قوسين الإلكترونية 3/7/2013

     إن ظاهرة المد الرمزي في القصيدة هي الأساس العقلاني لتيار الوعي . وكلما أخضعنا هذه الظاهرة للنظام الشِّعري الثوري اكتشفنا ملامح جديدة في تراكيب الأبجدية الخاصة بالأنساق الاجتماعية. وهذا الفكر ( الثقافي / الاجتماعي ) إنما ينال شرعيةَ امتداده الزمني من حتمية انقلاب الجذور القصائدية على ذاتها . فهذا الانقلاب هو الوقود الذي يُغذِّي قطارَ السلوك الإنساني ، ويدفع به في اتجاه الانبعاث المتجدد : انبعاث الإنسان من أزماته المتكررة ، وانبعاث القصيدة من حركة التاريخ ، حيث تخرج القصيدةُ من موت المصطلحات المستهلَكة إلى ولادة المصطلحات الثورية الجديدة .
     والمنظومةُ الفكرية المبنية على قاعدة الثقافة _ حَسْبَ منظور وحدة السلوك الإنساني ولغوياتِ الشعور الكلماتي _ هي اجتماعيات أبجدية رمزية تُنهي العزلةَ المفروضة على الشِّعر ، وتجعله ذا علاقة وطيدة بحياة الناس . وهذا لا يعني تخفيف تركيز الرؤية الشِّعرية ، بل يعني تلمُّس مشاكل الناس وأحلامهم المقموعة ومستقبلهم المصادَر، وإيجاد حلول لها تنتشلهم من وحل الشقاء ، وهذه النقطة الجوهرية ينبغي ألا تغيبَ عن القصيدة الجديدة التي ينبغي السعي لتكوينها وتعميمها .

     ومن الأهمية بمكان تمهيد الطريق أمام الوعي الثقافي لكي تتمكن القصيدةُ من إنجاز مشروعها الرامي إلى توليد مجتمع داخل النَّص الكلماتي الرمزي . وبالطبع فإن المجتمع القصائدي هو مجتمع مُقَطَّر شديد النقاء ، وهذا النقاء هو حجر الزاوية في عملية تلاقح الحيوات الإنسانية ، وتعميق الدلالات النصية في وحدة الأبجدية المركزية ، مما يؤدي _ بالضرورة _ إلى استشراف المستقبل بعيون مفتوحة على الأمل المضاد للوهم .. الأملُ المنطقي الذي يعيد بلورةَ الأنساق الكلماتية ، بما يضمن التوفيق بين آفاق المعنى ودلالات الألفاظ . وهذا التوفيق المصيري يُعتبَر أساسياً لفهم طبيعة التحولات الاجتماعية القصائدية .