المجتمع الشعري والمجتمع الإنساني
للكاتب/ إبراهيم أبو عواد
صحيفة قاب قوسين الإلكترونية 19/7/2013
للكاتب/ إبراهيم أبو عواد
صحيفة قاب قوسين الإلكترونية 19/7/2013
لا يمكن للتجربة الشعرية أن تتحرر من
القوالب الجاهزة إلا عن طريق دمج المضامين الشعورية بالفلسفة الاجتماعية .
فالمجتمعُ الإنساني هو المخزون الإستراتيجي الذي يَدعم حركةَ القصيدة ، ويعزِّز
انطلاقتها نحو تعرية الوهم من أقنعته . وبالتالي تتحول القصيدةُ إلى بُنية ثقافية
تَحمل في رموزها حركةً نقدية شديدة الخصوصية والتمازج مع الإنسان باعتباره
مَرْكزاً لهذا الوجود .
وهذا التحول
المصيري يَضمن استمرار الحياة اللغوية، وتدفقَ أبجدية المشاعر في نخاع القصيدة.
مما يؤدي إلى تفعيل وظيفة الكلمة ، وإخراجها من البرواز الجمالي المجرَّد إلى
الفاعلية الاجتماعية التطبيقية. وعندئذ يصبح جسدُ القصيدة تجسيداً لأحلام الناس،
ومشروعاً شعبياً بعيداً عن الابتذال أو المساوَمات .
وإذا انتقلت
الثقافةُ من الحاضنة الفكرية إلى الحاضنة الشعبية ، فإن سيادةَ القصيدة على
الأنساق الاجتماعية ، وسيادةَ المجتمع على الرموز اللغوية ، سوف تصبحان منظومةً
واحدة ومنسجمة. الأمر الذي يَمنع نشوءَ كيانات مجتمعية متنافرة في القصيدة . وهذا
التجانسُ الطوعي لا القسري ، هو الضمانة الأكيدة لتكثيف الصيغ اللغوية وجَمْعها
على هدف واحد رغم التنوع الطبيعي والحيوي في الأساليب . وهنا تبرز أهمية وحدة
المصير وتنوُّع المسارات . وبعبارة أخرى ، كل الطرقات الشعرية تؤدي إلى بُنية
اجتماعية متماسكة غير قابلة للانقسام .
وهكذا
يتزاوج البعدُ الثقافي والأفقُ الاجتماعي وفق صيغة " لا غالب ولا مغلوب
". فالقصيدةُ تصنع مجتمعاً من الأنداد لا مجتمعاً من السادة والعبيد، كما
أنها تُحيل الهامشَ إلى مركز، والحلمَ المكبوت إلى طاقة خلاقة ، والسجنَ الحياتي
إلى فضاء إبداعي . فيشعر الجميعُ بجدوى وجوده ، وأهميته المركزية في الحياة ،
ويتولَّد زخمٌ إبداعي حاضن لمشاعر الفردِ ومصلحة الجماعة على حَدٍّ سَواء .