أموت في كومة الأنقاض واقفاً ( قصيدة )
للشاعر/ إبراهيم أبو عواد
.................................
للشاعر/ إبراهيم أبو عواد
.................................
أنا هنا يعني
هناك
في داخلي ضوءٌ
خَفِيٌّ للزنزانة
وجِسْمي نَوَّره
البرقُ
قد لا يجدني
الهديل حين يَزورني في بَيْتي
وربما يمنعونه من
زيارتي هنا
فتحفر عيوني
السُّورَ الملتف
حول أهازيج
البراكين
دمٌ يَحشو
الإسفلتَ في أوصال الأزهار
دمٌ يُغمَى عليه
يسقطُ ينهار
كعظام الهنود
الحمر
على زُجاج
الكاديلاك
لا أبحثُ عن
أوسمة
تنقشها الجيوشُ
المسلَّحة بالشخير على جِسْمي
إن اليمامَ الذي
كان يُلمِّع أوسمتي قد مات /
بكى البكاءُ في
حُنجرةِ نَوْرسٍ نَفَتْهُ قبيلتُه
يُرَوِّضُ
الزئيرَ رملُ الشاطئ
لِتَعْبرَ
المرايا التي تنكسر على يد البحر
كأن مرفأَ
الصَّخب يَسْبح فِيَّ
ويترك قميصَه على
الشاطئ
فتأتي النوارسُ
لتصطاده
والنوارسُ
صَادقتْ البحرَ قَبْلي
ولكنَّ وَجْهي لا
يعرفني
حين يَنظر
إِلَيَّ في المرآة
طِفْلٌ
بَاكٍ يبحث في أزقة المخيَّمِ المذبحةِ عن وَالدَيْه
بحيرةٌ
تتشظى في دَمْعه
لا يملك
ثمنَ مِشْطٍ
فصارت
جذورُ السنديان مِشْطاً
في
راحتَيْه زهرةٌ وبعضُ الأحزان
واليتامى
يَجمعون خُوَذَ الجيوشِ المهزومة
كي
يبيعوها في السوق السوداء
والحمَّى
تشرب عصيرَ العنب
في جسد
الإسكندر
يقف الناسُ
على أحجار النسيان
يَحملون
راياتِ الهزيمة
والعسكرُ
المعدني أَضْرَموا عارَهم
في رُتبهم
العسكرية /
نَحْوَ
فِتْيةٍ يقرأون القُرآنَ في زوايا المعتقَل
ينطلق
مطرُ القلب
نحو جهةٍ
تكون فيها الرياحُ أبطأَ
من نبضات
الإسفلت يسير النرجسُ
نحو
أرصفةٍ أقل خشونة من القيود تمضي الينابيعُ
نحو تاجٍ
يتكسر كظل القطط الضالة على الجدار
تجري
رائحةُ العفونة /
أحياناً
يُقدِّم لي الشِّتاءُ دَعوةً لحضور العَشاء
فأذهب أنا
وخَيْمتي
تَكْسر
أبجديتي تيجانَ الليمون
بقايا
تيجان مكسَّرة في دماء العاصفة
تدل على
ثورة الموتى ضد الموتى
إن العارَ
يَسرق ما تبقى من أعضاء السجناء
وفق دستور
الألم
ويُسمِّي
ذلك عيد الاستقلال ! /
لَمّا
هَزمتُ السَّجَّانين
استلقيتُ
على خد الشجرة
أُفكِّر
في التشابه بين الحطام والحطام
مَلَلْتُ
من خِطابات آكِل النَّمل
لا يتقن
سوى تأبين أشجارنا
كُلُّ
الأدغال ستفيق
سأصعقها
كي تفيق
أصدرت
بناتُ آوى مرسوماً يتهمني بالخيانة
وأنني
أُشكِّل خطراً على الأمن القومي
للتفاحات
المقتربات من نبض الحمَام
لستُ
خائناً أيتها البراري
التي
تسلخني عن لمعان رؤوس الرماح /
أيتها
النساءُ العارياتُ على شواطئ الرَّغبة
هذا جثماني
فلا تَلْعَبْنَ الشطرنجَ على سَطْحه
أيتها
الشاباتُ المكتئباتُ
المتعباتُ
من ممارسة الجنس
مع عدسات
المصوِّرين
هناك
ضريحي في الشفق
فلا
تَصْعَدْنَ إليه
يا زوجاتِ
الفُرْسان الخائنات
لا
تتذكرنَ حوافرَ الخيول السابحة في معدتي /
أنا
والبرتقالُ ثَوْرتان تصرخان في العَدَم
كي تتكلم
الحيطانُ
أَخرج من
عُزْلة الخوْخ
لأكتشف
اكتئابَ تفاح المشانق
الخيولُ
الخشبية
والمراحيضُ
الرخامية
والمستقبلُ
الذي مضى
والماضي
الذي سيأتي /
يا مَلِكاتِ
نزيفي اللواتي يَسرقنَ نزيفي
أَنتنَّ دُمَىً
في مسرح للعرائس
ستجف المساحيقُ
على وجوههن
تخلعنَ
أُنوثتكنَّ كالمعطف البالي
تَرْكُضْنَ في
مدارات الرعشة
على الرخام
الوردي القاتل /
نَعْنَاعٌ
يَدْرسُ الفيزياءَ في كيمياء دَمِ السُّجناء
يغفو ضَوءُ
الشَّمعة على معاول الهشيم
والموجُ يَضْربُ
سَطحَ الصَّليل
ولا فُرسان
يَحملون السُّيوف
أَيُّ حُكومةٍ
تجرح صوتَ العشب
المغطى بعباءة
الفلاحين ؟!
أوتادُ خِيامِ
المشرَّدين على ضِفافِ اللهبِ
والزوابعُ
تحدِّدُ مواعيدَ حصادِ القُطن
في قفصي الصدري
ودُموعي تُهشِّمُ
زُجاجَ نظَّارتي الشَّمْسِيَّةِ
ولَنْ نلتقيَ في
الغُروبِ أيتها الجارياتُ المذبوحاتُ
لأنَّ المخبِرِين
أَغْلقوا سُوقَ النِّخاسةِ بالشَّمعِ الأحمرِ .