النياحة في المجتمع الجاهلي
للكاتب/ إبراهيم أبو عواد
facebook.com/abuawwad1982
.............................
للكاتب/ إبراهيم أبو عواد
facebook.com/abuawwad1982
.............................
المرأةُ الجاهلية كانت محصورةً في رد الفعل لا
الفعل ، فهي مجرد ورقة تافهة في مهب الريح . تتحرك باتجاه مضاد لأنوثتها وكيانها
ومستقبلها. وما الصفاتُ المرتبطة بالمرأة مثل النياحة وضرب الخدود وشق الجيوب ...
إلخ ، إلا دليل أكيد على دورها السلبي في المجتمع ، وأنها تعيش على هامش الحياة
بلا وزن ولا معنى . وأن العقل الجمعي الوثني قد حصرها في قالب نمطي ، وجوده كعدمه
. لذا فإن حالة الانحطاط الجاهلي العام قد أثَّرت بشكل أكبر في دور المرأة لأنها
الحلقة الأضعف .
وعن عبد الله بن مسعود _ رضي الله عنه _ :
عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : (( ليس مِنَّا مَن ضربَ الخدودَ ، وَشَقَّ الجيوبَ
، ودعا بدعوى الجاهلية )){ متفق عليه . البخاري (1/ 436) برقم (1235)
، ومسلم ( 1/ 99) برقم ( 103) .}
وهذه الأمورُ مرتبطةٌ بالمرأة ارتباطاً
وثيقاً . فاللطمُ ( ضرب الخدود ) فِعل قبيح تقوم به بعضُ النساء في لحظات الشِدَّة
، وعند المصائب ، مثل موت شخص عزيز ، وغيره . والجَيْبُ هو فتحة ثوب المرأة من
أعلى ، وشقُّها مؤشر واضح على الجزع ، ورفضِ القضاء والقَدَر .
قال الشوكاني في نيل الأوطار ( 4/ 155): (( قَوْله
: ( مَن ضربَ الخدودَ )، خُصَّ الخد بذلك لكَوْنه الغالب ، وإلا فضرب بقية الوجه مثله.
قوله : ( وَشَقَّ الجيوبَ ) ، جمع جيب بالجيم ، وهو ما يفتح من الثوب ليدخل فيه الرأس،
والمراد بشقِّه إكمال فتحه إلى آخره ، وهو من علامات السخط. قوله: ( ودعا بدعوى الجاهلية
)، أي من النياحة ونحوها، وكذا الندبة، كقولهم: واجبلاه، وكذا الدعاء بالويل والثبور )) اهـ .
وفي هذا السياق ، يقول الشاعرُ طَرَفة بن العبد :
فإنْ
مُتُّ فانعيني بما أنا أَهْلُــهُ
وَشُقِّي عَليَّ الجَيْبَ يا ابنةَ معبَدِ
يخاطبُ ابنةَ أخيه، فيقول لها: إذا هلكتُ
فأشيعي خبرَ هلاكي بمدحي الذي أستحقه وأستوجبه. كما يوصيها أيضاً بشق الجيْب حزناً عليه .
وهكذا يتضح الدورُ العبثي للمرأة الجاهلية .
فهي مجرد بُوق لإيصال رسائل الجزع والسخط والويل . وضعها المجتمعُ في هذه المهنة
الدونية ، وهي ارتضتها بلا أدنى اعتراض . فصار اللطمُ والنياحة ... إلخ ، من
الصفات الملازِمة للمرأة في الجاهلية . فهذه الخِصالُ القبيحة صارت ماركة مُسجَّلة
باسم المرأة، وصارت المرأةُ والسَّخط وجهَيْن لعُملة واحدة صَكَّها المجتمعُ
الجاهلي البدائي .