للكاتب/ إبراهيم أبو عواد
جريدة القدس العربي ، لندن ، 7/10/2016
................
وُلد الكاتب المسرحي
الإيرلندي جورج برنارد شو ( 1856 _ 1950) في دَبْلِن ، لعائلة بروتستانتية من
الطبقة المتوسطة. وعندما بلغ الخامسة عشرة ، ترك المدرسة ليعمل موظفاً . كان
نباتياً لا يأكل اللحم إطلاقاً ، كما أنه لم يشرب الخمر في حياته ، لأن والده كان
سِكِّيراً ، وهذا الأمر شكَّل صدمةً له .
انتقل إلى لندن حين أصبح في العشرينات، وعاش في فقر مُدْقِع . لذلك صارت
مكافحة الفقر قيمةً مركزية في كتاباته . كما أنه انخرط في العمل السياسي ، وانضم
إلى الجمعية الفابِيَّة ( وهي جمعية تهدف إلى نشر المبادئ الاشتراكية بالوسائل
السلمية ) .
قام برنارد شو بتثقيف نفْسه بنفْسه ، فاستمر بالقراءة ، وأخذ يتردَّد على
المتحف البريطاني ، وتَعَلَّمَ اللاتينية والفرنسية ، وقد اعتبرَ أن المدارس سجون
ومُعتقَلات، كما أنه كان مُعادِياً لحقوق المرأة، ومُنادِياً بالمساواة في
الدَّخْل ، ومُتسامِحاً مع الأديان ، معَ أنه _ فكرياً _ كان من اللادينيين.
والمفارَقة العجيبة هي أن برنارد شو لاديني ، ومعَ هذا كان مَثَلُه الأعلى
هو النبيَّ محمداً صَلَّى الله عليه وسَلَّم ، فقد كان يرى أن حياة الجهاد التي
عاشها النبيُّ هي الحياة المثالية التي أراد هو نفْسه أن يعيشها . وبلغ به الإعجاب
أن حاولَ كتابة مسرحية " محمد " من أجل نشر تعاليمه الدينية ، والكفاح
في سبيل حرية الرَّأي ، والخلاص من التعصب الأعمى واستبداد السُّلطة . وقد قامت
الرقابة في البلاط الملكي برفض تمثيل النبيِّ محمد على خشبة المسرح، خَوفاً من
ردود الأفعال ، وحرصاً على رضا السفير التركي لدى بريطانيا في ذلك الوقت .
ولم يقف التناقض في حياة برنارد شو عند أفكاره الدينية ، بل شَمِلَ أيضاً
أفكاره السياسية ، فقد تَحَدَّث في كثير من الأحيان بشكل إيجابي عن الدكتاتوريات
من اليمين واليسار ، وأعربَ عن إعجابه بموسوليني وستالين على حَدٍّ سَواء، رغم ما
بينهما من عداوة وتناقض أيديولوجي صارخ .
يُعتبَر برنارد شو أحد أشهر الكتاب المسرحيين في العالَم ، وهو الكاتب
الوحيد في التاريخ الذي حازَ على جائزة نوبل للآداب( 1925)، وجائزة الأوسكار لأحسن
سيناريو( عن سيناريو بِجماليون في العام 1938 ).
وقد فجَّر برنارد شو مفاجأة من العيار الثقيل ، حين رفض جائزة نوبل حِينَ
أُعلِن فَوزه به ، ولكنه قَبِلَها بعد ضغوطات كثيرة ، وقال : (( إن وطني إيرلندا سيقبل هذه الجائزة بسرور, ولكنني لا أستطيع قبول قيمتها
المادية. إن هذا طَوق نجاة يُلقَى به إلى رَجل وصل فِعلاً إلى بَر الأمان , ولم يَعُدْ
عليه مِن خطر )) . وقد تبرَّع بقيمة الجائزة لإنشاء مؤسسة تُشَجِّع نشر أعمال كبار
مؤلفي بلاد الشمال إلى اللغة الانجليزية .
ظل برنارد شو يكتب المسرحيات لمدة نصف قرن . ومنهجه في الكتابة المسرحية هو
اعتماد الواقعية الجديدة في الدراما ، وذلك باستخدام الأفكار الأدبية لنشر المبادئ
السياسية والاجتماعية والدينية . وتجاوز عدد مسرحياته الطويلة والمتوسطة الخمسين
مسرحية ، وتم إخراج عدد كبير من هذه المسرحيات أثناء حياته في أهم العواصم
العالمية. وقد تُرجمت أعماله الكاملة إلى اللغة العربية ، وصَدرت على شكل أجزاء ،
كما صدرت كل مسرحية على حِدَة .
مِن أشهر مسرحياته: المال ليس له رائحة ( 1892 ).البطل والجندي ( 1894 ). تلميذ الشيطان ( 1896 ) . رَجل وسوبرمان ( 1903 ) . بِجماليون ( 1912) . بيت
القلوب المحطمة ( 1919) . سَلَّة التفاح ( 1929 ) . الملياردير ( 1934 ) .