سنكلير لويس وإدمان الكحول
للكاتب/ إبراهيم أبو عواد
جريدة رأي اليوم ، لندن ، 28/10/2016
....................
للكاتب/ إبراهيم أبو عواد
جريدة رأي اليوم ، لندن ، 28/10/2016
....................
يُعتبَر الكاتب سنكلير لويس ( 1885_ 1951) أول
أمريكي يفوز بجائزة نوبل للآداب (
1930) . وقد حقَّق شُهرةً عالمية بسبب رواياته التي هاجم فيها أشكال الضعف في
المجتمع الأمريكي ، وكشف عوالم الرياء والنفاق .
وُلد
في ولاية مينيسوتا . وفي سِن الحادية والعشرين عاشَ فترةً قصيرةً في هيليكن هول ،
وهو مركز مجموعة اشتراكية في ولاية نيوجيرسي . وفي عام 1908تخرَّج من جامعة ييل ،
ثُمَّ عمل صحفياً. وفي عام 1914نشر أُولَى رواياته " صاحبنا السيد رن "،
والتي تُمثِّل سَرداً ساخراً بشكل لطيف عن موظف من نيويورك يذهب في رحلة إلى
أوروبا ، ويقوم بمغامرات رومانسية ساذجة .
انتقلَ لويس إلى العاصمة واشنطن ، وكرَّس
نَفْسَه للكتابة. وقد كتب أربع روايات ، لكنَّه لَم يُحقِّق نجاحاً كبيراً . وفي
عام 1916 ، بدأ التَّحضير لروايته الجديدة "الشارع الرئيسي" التي
تَتحدَّث عن الحياة الواقعية في بلدة صغيرة . وقد أكملها في منتصف عام 1920 ،ونشرها في نفس العام، ولاقت نجاحاً كبيراً، وأثارت تعاطفاً هائلاً مَعَ أفكارها
، وحقَّقت له شُهرةً سريعة .
أحدثت الروايةُ ضجةً هائلة في المجتمع
الأمريكي، وكان صدورها حَدَثاً مثيراً في التاريخ الثقافي الأمريكي . وكانت
التوقعات الأكثر تفاؤلاً أن تَبيع الرواية 25 ألف نسخة في الأشهر الستة الأُولَى ،
لكنها باعت 180 ألف نسخة . وفي غضون بِضْع سنوات ، قُدِّرت المبيعات بمليونَي
نُسخة . وصار الكاتب من الأغنياء .
وَجَّهت الروايةُ نقداً قوياً لبلادة الذهن
ونقص الثقافة في بلدة أمريكية صغيرة ، كما أنَّها سَخِرَت من ضيق التفكير والرضا
عن الذات لدى سُكَّانها . وقد كُتبت الرواية بعناية فائقة ، وتَعرَّضت لأدق
التفاصيل، وأظهرت معاناة بطلة الرواية وجهودها الضائعة من أجل تحسين مدينتها،
وإيقاظها مِن سُباتها العميق . والكاتبُ يُركِّز على مبدأ غياب الأمل في التغيير ،
واستحالة تحقيق نهضة أخلاقية في مجتمع مادي استهلاكي .
واصلَ لويس سلسلة نجاحاته الأدبية ، فأصدرَ
في عام 1925 رواية " أروسميث " ، التي تصف خيبة أمل طبيب شاب مثالي في
صراعه مع الفساد والحسد وحب الذات والأذى . فازت الرواية بجائزة بوليتزر للعام
1926 . وقد رفضها لويس لاعتقاده أنَّه كان من الواجب أن يَحصل على الجائزة قبل ذلك
. وفي روايته " إلمر جَنْتري " ( 1927) يسخر لويس من النفاق الديني
والتزمت في بلاد الغرب الأوسط .
وكانت روايته دورسورث ( 1929) آخر أعماله الجيدة على المستوى الفني . وهي تتحدث عن
التناقضات بين الحياة الأمريكية والحياة الأوروبية ، وتصف مصاعب زواج رجل أعمال
أمريكي مشهور خلال جولته الأوروبية .
وفي عام 1928م تزوج لويس من دوروثي طومسون
(1894 – 1961م ) وهي مراسلة أجنبية شهيرة ، وكاتبة عمود صحفي . وانتهى زواجهما
بالطلاق عام 1942 .
حصل على جائزة نوبل للآداب في عام
1930لقدرته على رسم الشخصيات، ووصف الأحداث بدقة وعُمق ، مع الطرافة والفُكاهة ،
مَعَ استخدام أساليب لغوية جديدة . كما يمتاز الكاتب بنقده للرأسمالية الأمريكية
المادية في الفترة الممتدة بين الحربين العالميتين . وقد تَمَّ تكريمه بعد فوزه
بالجائزة، وذلك بوضع اسمه على طابع بريد تذكاري ضمن سلسلة الأمريكيين العظماء .
والمضحك
المبكي أنَّ الكاتب لم يُعْثَرْ عَلَيه خلال مراسم جائزة نوبل ، ليتسلَّم جائزته
من يد ملك السويد ، ووُجد نائماً في دَورة المياه التابعة لدار( الكونسرتو )،
وهو في أسوأ حالات السُّكر، وقد أُغلِق عَلَيه باب المرحاض !.
بعد فَوزه بجائزة
نوبل . كتب لويس أكثر من عشر روايات ، لكنَّ مستواها الفني ضعيف . فهي روايات
تُصوِّر الواقعَ بصورة ضحلة وساذجة.يعتبره النقادُ في وقتنا الحالي فنَّاناً دقيق
الملاحظة، يمتاز بأسلوب وصفي بارع ، لكنَّه ليس مُبدِعاً حقيقياً لافتقاره إلى
الأسلوب الأدبي الرفيع .
إنَّ
المشكلة الرئيسية في حياة لويس هي إدمانه على الكحول . وقد نصحه الأطباء بالتوقف
عن الشُّرب إذا كان يُريد أن يَعيش . لكنَّه لم يتوقف . وتُوُفِّيَ في رُوما من
إدمان الكحول في عام 1951 . وتَمَّ حرق جُثته ، ودُفن رُفاته في مسقط رأسه .
مِن أبرز
رواياته: صاحبنا السيد رن ( 1914 ) . الهواء مجاني ( 1919) . الشارع الرئيسي (
1920) . بابيت ( 1922) . أروسميث ( 1925) . إلمر جَنْتري ( 1927) . دورسورث ( 1929) .