سالفاتوري كوازيمودو ومقاومة الفاشية
للكاتب/ إبراهيم أبو عواد
جريدة رأي اليوم ، لندن ، 26/4/2017
..................
للكاتب/ إبراهيم أبو عواد
جريدة رأي اليوم ، لندن ، 26/4/2017
..................
وُلد الشاعر الإيطالي
سالفاتوري كوازيمودو ( 1901_ 1968) في مدينة موديكا بالقرب من صقلية ، لأب يعمل
موظفاً بالسكك الحديدية . درس الرياضيات والهندسة في مدينة باليرمو ، وأكمل دراسته
الهندسية بروما عام 1919 ، ثم عمل كمهندس في هيئة حكومية لمدة عشر سنوات.
كان شِعْرُه غارقاً في الإبهام والغموض والتعقيد ، ولكنه اتَّجه بعد الحرب
العالمية الثانية إلى مناقشة القضايا الاجتماعية المعاصرة . وفي عام 1941، حَظِيَ
بمقعد لتدريس الأدب الإيطالي في أحد المعاهد . كما أنه دُعِيَ إلى الإسهام في
المجلة الأدبية ( سولاريا ) التي صدرت في فلورنسا بين عامي 1926و1936. وكان لها
دور كبير في تجديد الأدب الإيطالي، وتحديث الأساليب الأدبية، والتعريف بالآداب
الأخرى وكُتَّابها .
وقد نشرت هذه المجلة ديوانه الشِّعري الأول " مياه ويابسة " (
1930) الذي جَعل كوازيمودو رائداً من رواد مدرسة الإبهام في الشِّعر ، وزعيماً
لتيار شِعري مُوغل في الرمزية .
كان كوازيمودو في بداية حياته من أنصار الفكر اليساري ، وكان عضواً في
الحزب الشيوعي حتى تحرير بلاده من الحكم الفاشي . وكان مُقاوماً عنيداً للفاشية ،
وألهمته المقاومة قصائد أكثر وضوحاً ومُباشَرةً. ورَكَّزَ على المأساة التاريخية
للإنسان المعاصر الذي يبحث عن الحرية ، ويكتشف أنها صعبة المنال.وقد تَغَنَّى
بالأحلام الوردية الضائعة،والعصرِ الذهبي المقترن بالأساطير والذكريات.
لقد غدا شِعره تأملاً دقيقاً في الحزن والدمار
الذين جلبتهما الحرب على الإنسانية . وندَّد في كثير من قصائده بظلم الحكم الفاشي
، وبشاعة الحروب ، وآثام الإيطاليين . كما أضحت قصائده تتَّسم ببساطة اللغة ،
وواقعية الصور والمجازات . وهذا يتناسب مع عالَم الخراب والضياع والضحايا والحروب
والكوارث .
ومِن الأمور اللافتة أن كوازيمودو كان يُقارن الجسد الإنساني بالطبيعة ،
ويرى فيه مُكوِّنات الأرض من ماء وتراب . لكنَّ وصفه للطبيعة يُظهِر تشاؤمه ونظرته
السَّوداوية للحياة ، حيث تظهر قوى الطبيعة في أعماله بشكل مُخيف ورهيب . فالرياح
تُصبِح مُهلِكة ، والغيوم دموية ، ويتحوَّل المطرُ إلى قاتل . وهذه الصور الرهيبة
تتجلى في مؤلفاته " الأخضر الزائف والصحيح " ( 1956). و" أرض لا نظير لها " (
1958). وفي العام نفسه، مُنح جائزة فياريتجو ( أكبر جائزة أدبية إيطالية ). ثُمَّ
ازدادت شُهرته العالمية بعد فَوزه بجائزة نوبل للآداب عام 1959 عن أعماله
الشعرية الغنائية المعبِّرة عن الحياة المأساوية في عصرنا الحالي .
ويُشكِّل كوازيمودو إلى جانب الشاعرَيْن مونتالِه وأونغاريتي الثالوث
الشِّعري الذي طَوَّر الشِّعر الإيطالي في القرن العشرين ، كما أسهم في إحياء
اللغة الإيطالية ، وفاق نضالُه الشِّعري نضالَه السياسي .
وفي يونيو 1968 ، أثناء تواجده في أمالفي ( جنوب شرق مدينة نابولي )
لمناظرة ، أُصيب بنزيف في المخ . وتُوُفِّيَ في مستشفى نابولي . ودُفن في المقبرة
التذكارية بميلانو .
من أبرز دواوينه الشِّعرية : مياه ويابسة (
1930). المِزمار المغمور ( 1932). أريج الكافور ( 1933) .
ومن أبرز كُتبه الفكرية :
الروح فِعل خالص ( 1937) . فلسفة الفن ( 1949) .