عشتُ غريباً ومِتُّ غريباً / قصيدة
للشاعر/ إبراهيم أبو عواد
...............
للشاعر/ إبراهيم أبو عواد
...............
لَمْ تَقْدر التَّنورةُ فَوْقَ الرُّكبةِ/ عَلى
قَتْلِ الحزنِ في عَيْنَيْكِ / رَميتُ
السِّجنَ خَلْفَ قُضبانِ قَفَصي الصَّدْريِّ / أنا القتيلُ الأنيقُ في حَضاراتِ
السَّرابِ/ لأني مَا كَتبتُ الشِّعْرَ تحت
شُرفاتِ العاهراتِ / لأني ما قَدَّمتُ قصائدي لبغايا بني إسرائيل / لأني لم
أُصاحِب اليَهودياتِ الثرياتِ في مَكاتبِ الشَّركاتِ في نيويورك / لأني مَا كَتبتُ
رَسائلَ الغرامِ للملكةِ فكتوريا / لأني لم أُنَسِّق صَفَقاتِ الرَّقيقِ الأبيضِ
في البَيْتِ الأبيض / لأني لم أُهَرِّبْ أفخاذَ المراهِقاتِ في حَقيبةِ الأزرارِ النَّوويةِ
/ لأني مَا صَوَّرْتُ المرْقَصَ عَلى طَوابع البريدِ/ لأني فَضحتُ الكَهَنةَ وَهُم
يَتحرَّشون جِنْسياً بالرَّاهباتِ / لأني لم أَبِعْ سَائلي المنَوِيَّ في زُجاجاتِ
الشَّمبانيا /
لِلْجَسَدِ بَصْمةٌ
كالبُرتقالِ / تَشُقُّ الغَمَامَ وَفِضَّةَ الهاويةِ / تَطيرُ العُقبانُ باتجاه
جَسدِ السَّجين / يَكسرُ القمحُ جِرَاحاتِ السُّنونو كَقِطَعِ الشُّوكولاتة/
هَرَبْتُ مِن أغلالِ الزُّمردِ إلى قُيودِ الكَهْرمان / صَعَدْتُ مِن فَيْروزِ
المذْبحةِ / أَحْضُنُ عُزلةَ القَمرِ / والأرصفةُ تَستثمرُ أعضائي في البُورصة /
والذِّكرياتُ لَيْمونةُ الأسرى / لَيْتَ حُبِّي للبحر يَرْجمني بأجنحةِ الفَراشاتِ
/ كَي تُطَهِّرَ جَدائلُ البُندقيةِ عِظامي مِن الدُّودِ والاكتئابِ / سَيْفي
مَرْهونٌ عِندَ المجرَّة / لَن يُباعَ في المزاد العَلنيِّ / بِيعوا جِلْدي
للباعةِ المتجوِّلين / كَي تَفرحَ الغَجرياتُ في مَناجمِ الفَحمِ /
الموْجُ عَامِلُ نَظافةٍ
/ يُنقِّبُ عَن الطحالبِ في دِمَائي / والبحرُ سَائقُ شَاحنةٍ في أزقةِ الخريفِ /
سَأَصْهرُ مِشْطَ الرِّيحِ في حَوْضِ الأسماكِ / يا قُيوداً تُفرِّخُ الذِّكرياتِ
في بُلْعومِ الصَّاعقةِ / إِنَّ الخناجرَ في الحناجرِ / ألهثُ في المساءِ الخالي
مِن حُلْمي شَريداً كَخِيَامِ الغَجرِ / لَسْتُ المسْرَحِيَّةَ المسْرَحَ
الممثِّلَ الْمُخْرِجَ القاعةَ السَّجادةَ الحمراءَ في المطارِ / يَا مَجَرَّةً
مَقْتولةً عَلى مِعْصَمِ الكَوْنِ / بَيْننا أُغنياتُ الصَّبايا اللواتي ذَهَبْنَ
إِلى الموْتِ حَافياتٍ/ وَعَرَباتُ نقلِ المحكومين بالإِعدام تَغْرقُ في الحبوبِ
المنوِّمةِ/
رَكَضْنا في القَبْو
أنهاراً مَثقوبةً / وَغُموضُ المطرِ يَجْذِبُ أشلائي / فَاضْحَكي يَا فَراشةَ
الموْتِ / وابْتَسِمي أيتها الحضارةُ العَمياءُ / سَيَكونُ حَبْلُ مِشْنقتي مِن
خُيوطِ الذهبِ / ومِقْصلتي مِن الفِضَّةِ / تُهاجرُ الشُّموسُ إِلى مَغاراتِ
الحزنِ / وطَريقي لا يَتَّسعُ لأهدابي / سَتُنادي عَلَيَّ مُعَلِّمتي القديمةُ /
عُدْ أيها الوَلدُ اليتيمُ فنحن نُحِبُّكَ / يَنحرفُ قِطاري عَن السِّكةِ / فَأَصِلُ
إِلى قُبور العُشَّاقِ/ وَرُبَّما أَصِلُ إِلى شَهْقةِ المِلْحِ / أو شَجرةٍ
سَجينةٍ في سَراديبِ قَلْعةٍ غَامضةٍ / سَأبقى العاشقَ المنبوذَ تَحْتَ المطرِ /
صَوْتي يَنبعثُ مِن رَمْلِ البَحر / وَتَحْشُدُ الصَّفحاتُ البَيضاءُ سُطورَها /
في كُرياتِ دَمي البَيضاءِ / جُمْجمتي بِطاقةُ دَعْوةٍ إِلى عُرْسِ الغَيماتِ /
طِفلٌ جَديدٌ يَمشي نَحو مَجْزرةٍ جَديدةٍ / وأنا أُفتِّشُ عَن مِرْآتي / كَم
مَرَّةً قُتِلْتُ في حَياتي ؟ / وَحْدَها أُمِّي تَعْبأ بِسُؤالي / وأسئلةُ
الصَّحراءِ تُجيبُ عَنها سُفنُ القَراصنةِ /
حَفَّارُ قَبري عَيَّنه أصدقائي/ وقَاضي
المحكمةِ عَيَّنه أعدائي / فما فائدةُ الرُّومانسيةِ بَيْنَ أضرحةِ اللازَوَرْدِ
؟!/ يَشُقُّني البكاءُ بِمِنشارِ الجنونِ / نَباتاتُ الزِّينةُ حَوْلَ حَقيبةِ
السَّفَرِ / لكنَّ رَصيدي في بَنكِ الجثثِ / لا يَكْفي لِشِراءِ الهدايا / قُطعت
الكهرباءُ عَن أوردتي / وأنا الغريبُ / أَمنحُ القَشَّ حَقَّ كِتابةِ سِيرتي
الذاتيةِ / أثناءَ تَحوُّلي إلى جُثةٍ مَشْهورةٍ /
مَا رَائحةُ الحطبِ في
أجفانِ الصَّبايا ؟ / هَل تَشتاقُ الإسطبلاتُ إِلى ضَجرِ الحِصانِ المشْلولِ ؟ /
عَرَقي هُوَ المِصْيدةُ والطُّعمُ / يَقتحمُ الغَسقُ تفاحَ المنفَى سُجوناً بِلا
أرقام / وفي صَهيلِ الأنهارِ / وُلِدْتُ وأضحكني بُكاءُ السُّنونو / وهناكَ /
مِتُّ وأبكاني ضَحِكُ التِّلالِ /
غُموضي لا يَكتملُ إِلا
بِمَوْتي/ أنامُ مَعَ جُثةِ الرياح / تَركضُ أوردتي عَلى أوراقِ الخريفِ / وأَبْكي
كَقَارورةِ العِطْرِ / وأَحكي ما جَرى لِلْحُلْمِ فَوْقَ طَعَناتِ الشَّهيقِ
الأخيرِ / آهاتي كُسِرَتْ حِينَ سَمعتُ الصَّباحَ يَقولُ للدَّمعةِ : (( أنتِ
طَالِقٌ ! )) / للنُّعوش نَبَضاتٌ كَقَلْبِ العاصفةِ / والمشنوقون أبناءُ الظِّلالِ
/ مَهْما يَكُن مِن نَعْشٍ / فالأعشابُ تتجوَّلُ بَين القُبور / فيا أيتها
الصَّبايا المختبئاتُ وراءَ السَّتائرِ المعدنيةِ / في تِلكَ المقبرةِ
الأُرجوانيةِ نِساءٌ أَندلسياتٌ / وبَناتُ قُرْطبةَ مُتأخِّراتٌ عَن بَاصِ
المدرسةِ/ والتَّوابيتُ الأنيقةُ صَارَتْ فَساتينَ للعَرائسِ / حَضَنَتْني
ذِكْرياتٌ / اشتبكتُ مَعَ عُروقي المفْتوحةِ لأنابيبِ الصَّرْفِ الصِّحيِّ /
وصَدْري يَعُجُّ بِدماءِ السُّنونو التي غَسَلتْ بَوَّاباتِ التاريخِ / شَوْقُ
المذبوحِ إلى الذابحِ / امرأةٌ تنامُ مَعَ تابوتِ زَوْجها / وَالجراثيمُ تتشمسُ
على أكفانِ الفراشاتِ / وَالشَّاطئُ يُعْلِنُ انتصارَ الرِّمالِ على الرِّمال /
أَحْرُسُ عِظامَ القَراصنةِ مِن الأمواج / عُنفُ الألوانِ في مَناديلِ القَتيلاتِ
/ أَقِيسُ مَنْسوبَ دَمي في سُدودِ بِلادي / بِحَنْجرةِ بَجَعَةٍ تَموتُ بَيْنَ
غَدِها وَلُغتها / لا زَوْجةٌ تُغسِّلني إِن مِتُّ / ولا إِمامُ مَسْجدٍ يُصلِّي
عَلَيَّ / فالأئمةُ مُعْتَقَلُون في قِلاعِ النُّبلاءِ / تَقْرَعُ بَناتُ آوَى
ألواحَ صَدْري / يُقلِّدُ الرَّمادُ الكُونتيسةَ وِسامَ الخِيانةِ الزَّوجيةِ /
الوطنُ عُلْبةُ مِكْياجٍ لِعَشيقةِ الكَاردينال/ وقَلْبي يَتفجَّرُ أزقةً
وزَيْتوناً / وَصِيَّتي تَكتبني بِدُموعِ النَّخْلِ / والنَّيازكُ تَنشرُ غَسيلَ
السُّجناءِ على المريخِ / تَركضُ الأشجارُ في طَريقِ جُرْحي / وأجنحةُ العَصافيرِ
مُبْتلةٌ بِبَوْلِ الضِّباعِ / سَيُلْغي الليمونُ حَظْرَ التَّجولِ في وَرِيدي /
اختلفتْ رَبطاتُ العُنقِ / لكنَّ القاتِلَ واحدٌ / والضَّحيةَ واحدةٌ /
جُلودُنا مَفتوحةٌ
للعَصافيرِ المهروسةِ / مَملكةُ الضَّحايا / وأقفاصُنا عُروشُنا / صِرْتُ واثقاً
من زَفيري / يَشُقُّ الضحايا حَناجرَهم / كَما يَشُقُّ النهرُ مَجْراه في جَدائل
الصَّبايا المغتَصَبَاتِ / رَائحةُ خَشبِ النُّعوشِ / والموكيتُ الجديدُ لِخِيامِ
اللاجئين / طَارت الضفادعُ في حَواجبي / فيا إمبراطورَ الزَّبدِ / سَنَختارُ
أحكامَ الإِعدامِ البطيء / كما نَختارُ البطاطا المقْليةَ في مَطَاعمِ الوَجَباتِ
السَّريعةِ / إِنْ تُفرِجوا عَن أجنحةِ العُقبانِ تَصْلبوا خَوْخَ المجازرِ /
تَعْشقني الديدانُ العائشةُ في قَميصي المعلَّقِ على قَانونِ الطوارئِ /
وَضُبَّاطُ المخابَراتِ يُعَيِّنون القُضاةَ / فلا تَحزنْ يا خَطَّ الاستواءِ
المصْلوبَ عَلى خُطوطِ جِلْدي/ سَتُصبح دِماؤنا غِرْبالاً غَيْرَ مَثقوبٍ/
وُلِدْتُ بَين
التَّوابيتِ / لكني أَسْمَعُ الأنينَ الأُنثويَّ في شَوارعِ القَمرِ / وَشَمْسُ
غَرْناطةَ طَرَدت الخلفاءَ مِن نوافذِ قُصورهم / الذِّكرياتُ زَبَدٌ / والشُّطآنُ
تَغرقُ في دِماءِ المصابيحِ / وَالدَّلافينُ تَقودُ المظاهَراتِ في قِيعانِ
المحيطات / طُيوري تُنَظِّمُ العِصيانَ المدنِيَّ عَلى أسلاكِ الكَهْرباء /
الدَّمُ الرَّمليُّ زِيرُ نِساءٍ غامضٌ / وَصَدِيقي الأعمى مُتَّهمٌ بِخَطْفِ
الطائراتِ / والأطفالُ في الأزقةِ المهْجورةِ / يُخطِّطون لِقَلْبِ نِظامِ
الحُكْمِ / فَيَا ضَوْءَ الشُّموعِ / شَاطِئاً مَنْسِيَّاً أُسَمِّيكَ / وقاتلاً
مأجوراً تُسَمِّيني /
طُرد البركانُ مِن
عَمَله / وتَقاعدت الأدغالُ / حَزينٌ أنا / لأنَّ الزلازلَ مَاتتْ في سُعالي /
اسْتقالت الشَّوارعُ / سَافرَ النَّهرُ إِلى الخارجِ لإِكْمالِ دِراسته /
والنَّوارسُ تُعاني من البَطالةِ / إِسْطبلاتٌ في قَاموسِ اليَنابيع / جُرْحي
مَصْنعٌ لِتَكْريرِ الدَّمْعِ الفائضِ عن الحاجةِ / سَتَرْتاحُ أعصابُ الشَّفقِ في
صَليلِ أجنحةِ الفَراشةِ / والنهارُ قَد أَغلقَ ذَاكرته بمفاتيحِ الحزنِ /
يَعْصِرُني نُعاسُ المطرِ كالشَّظايا / رَمْلُ البَحرِ طَبيبٌ للفُقراءِ / الذين
لَم يَسْتفيدوا من خَريطةِ الجِيناتِ التي اكْتشفها الأغنياءُ /
أَغْرقُ في سُعالِ
الشَّجرِ صُداعِ الأرصفةِ / وأسألُ الضبابَ الأزرقَ / مَن هذه المرأةُ التي تبكي
أثناءَ إِعدامي ؟ / نعتني بأجسامنا في إِسطبلاتِ الخليفةِ / والجليدُ يَفرضُ
عَلَيْنا الإقامةَ الجبريةَ / تَخجلُ الرياحُ من أزهارِ اللهبِ / والحديقةُ تَسيرُ
إِلى الدمارِ / نَقرأُ حِكاياتِ اغتيالنا لِلهُدْهدِ قَبْلَ نَوْمه / سيأتي يَوْمٌ
تَصيرُ فِيه مَشانقُنا وَرَقاً أَبيضَ تُلَفُّ بِه الفَطائرُ / وتَصيرُ أشلاؤنا
رُسوماً مُتحركةً على عُلَبِ حَليبٍ / تَشتريها الأمهاتُ الخائفاتُ عَلى حَجْمِ
أثدائهنَّ /
نَقاءُ العاصفةِ في
لَحظةِ مِيلادها / وَطَنٌ لا يَحْضُنُ إِلا قَاتلينا / بِلادٌ تَحْتَ رِمالِ
المحيطاتِ بِحَجْمِ عُودِ الكِبْريتِ / أَعيشُ في مِلْعقةِ الصَّهيلِ / الطرقاتُ مأتمٌ
/ والشَّظايا أضرحةٌ / غَرِقت المِياهُ الجوفيةُ في وِشاحِ الحِدَادِ / وثِيابُ
القتيلاتِ تُحْرَقُ بالمطرِ / شَعْبٌ لِلبيعِ في غُرفةِ العِنايةِ المركَّزةِ /
بِلادٌ تَرفعُ فَخْذَيْها إكليلَ غارٍ / ولم نَعرفْ لُغةَ ظِلالنا / قِرْميدُ
أكواخنا يُراوِدُ نَخْلةً عَن نَفْسها / وَالخرابُ المزَرْكَشُ يُنصِّبُ القُرصانَ
مَلِكاً عَلى الشَّرايين المغلَقةِ / نَحْقِنُ خِيامَ اللاجئين بِزَفيرِ الأرصفةِ
/ والصحراءُ تُدافعُ عَن العناكبِ المبْحِرةِ في لُعابي/ الأسفلتُ رِوائيٌّ فاشلٌ
/ وحِكاياتُ العِشْقِ انتهتْ تَحْتَ مَقاصلِ البَلوطِ / وَسَوْفَ يَخرجُ الوَحلُ
الباكي مِن أجندةِ الصَّاعقةِ / كأنني رَضِعْتُ مِن نُهودِ المنافي/ مُذكَّراتُ
القُبطانِ قَبْلَ غَرَقه في نَشيدِ الخِيانةِ الزوجيةِ / الرِّمالُ عُروشُ
القَراصنةِ / والملوكُ المخلوعون يَبيعون العِلكةَ عَلى الإشاراتِ الضَّوئيةِ /
وإبِرةُ البُوصلةِ تَركضُ إلى نَصْلِ مِقْصلتي / وَمَا دَامت الشُّعوبُ تَلتقي في
الملهى الليليِّ / فَلا خَوْفَ عَلى الوَحدةِ الوَطنيةِ /
كُن حَجَراً كَرِيماً
لِتَعْرفَ حِجارةَ ضَريحكَ / لَن تَرْسُمَ الحشراتُ قَلبي على الرُّخامِ / وَجْهُ
الرِّياحِ اختفى في وُجُوهِ الأراملِ / وأمعاءُ الطوفان في سَلَّةِ القُمامةِ /
إشاراتُ المرورِ أعوادُ مَشانق / والأيتامُ يَبْحَثُون عَن أعوادِ الكِبْريتِ /
لِكَي يَطْبُخوا أحزانهم في شَظايا الموْجِ / فَيَا إِخوتي اللصوص / لا تَتعجَّبوا
مِن اغتيالي في لمعانِ الكَرَزِ / حَياتي نَظرياتُ كِيمياء في لُعابِ أسماكِ
القِرْشِ / فَيَا أيها النَّملُ الذي يَدْعَمُ السلامَ في عِظامي / تَلْمَعُ
الشُّطآن كأصابعِ الفُقراءِ / والأَسرى يُغازِلون الأسيراتِ في مَسَاءِ
الانقلاباتِ العَسكريةِ/ يَا أُنشودةً تَجْلِسُ بَين بُكائي وسُورِ مَقْبرتي /
اجْمَعي نُقوشَ الحِنَّاءِ في قَاموسِ الصَّحاري / إِنَّ رائحةَ المجاري تتسلقُ
جَدائلَ الأرستقراطياتِ/
في مَقهى جُباةِ
الضَّرائبِ / تجلسُ النساءُ على صُوَرِ الزَّعيمِ / يَنْطَفِئْنَ في دُخانِ
السِّيجارِ المصنوعِ مِن خِيَامِ اللاجئين / تتوحَّشُ أحلامهنَّ أبراجاً مِن
الياقوتِ المزوَّرِ / سَيَكتبُ العُشَّاقُ أسماءهم على جُمجمةِ الغروب/ والدُّيوكُ
المشرَّدةُ تَوارَتْ في سُرَّتي/ نَسكنُ في بُكائنا/ بَعد أن هَدَمتْ بُيوتَنا
دُموعُنا / وَصُرَاخُ القَناديلِ يَقْتلعني مِن نُخاعِ عَظْمي / لأنَّ المجاعاتِ
فَرَّتْ إِلى خِيَاناتِ الرَّصيفِ / يَغْرَقُ العُشَّاقُ في البَحرِ البعيدِ /
الرِّمالُ رَسائلُ الجنودِ / والوَحْلُ نَشيدٌ وَطنيٌّ للفُقراءِ / كُلُّ دَمعةٍ
مَنفَى / والأمواجُ القادمةُ مِن الضَّحايا كُوخٌ للسَّيافين/ وأنا ضَحِيَّةُ
نَفْسي / أسألُ حَضارةَ الرَّماد/ هل سَيُصبِحُ شَعْرُ إِبطي عُشْباً لملاعبِ
كُرةِ القَدمِ ؟ /
أيها القَمَرُ الشَّاهِدُ على انتحارِ
العُشَّاقِ / في مَساءاتِ الشَّاطئِ البَعيدِ / الْتَقِطْ لِي صُورةً تِذكاريةً
قُرْبَ جُثتي / ذَلِكَ الضَّوْءُ الجارِحُ هُوَ أنا / فَتَحْتُ أبوابَ سُعالي
للأعاصيرِ / أنا وَجْهُ الأضْرحةِ لا القِناعُ .