سيرة ذاتية

إبراهيم أبو عواد القيسي، مفكر، وشاعر،وكاتب صحفي من الأردن. ولد في عَمَّان 1982، لعائلة من شيوخ بني قيس/قَيس عَيلان(أكبر قبيلة عربية في العالم).حاصل على البكالوريوس في برمجة الحاسوب من جامعة الزيتونة الأردنية (2004).له اهتمامات واسعة في دراسات الكتب الدينية (القرآن الكريم، التوراة، الإنجيل )، والفكر الإسلامي، والفلسفة،وعلم الاجتماع،والسياسة ،والنقد الأدبي،والشعر،والرواية، والعلوم الطبيعية . متفرغ للبحث والتأليف.يكتب في أبرز الصحف والمجلات في الوطن العربي وأوروبا.له آلاف المقالات والدراسات، وعشرات الكتب المطبوعة،من أبرزها: [1]حقيقة القرآن [2] أركان الإسلام [3] أركان الإيمان [4] النبي محمد[5]دراسات منهجية في القرآن والسنة[6] العلاقات المالية والقضائية والسياسية والاقتصادية في القرآن [7] دراسات منهجية في القرآن والتوراة والإنجيل [8] الدعوة الإسلامية [9] منهج الكافرين في القرآن [10] العلوم والفنون في القرآن [11] العمل في القرآن [12] العلاقات الأخلاقية في القرآن [13] الإنسان والعلاقات الاجتماعية [14] بحوث في الفكر الإسلامي [15] التناقض في التوراة والإنجيل [16] صورة اليهود في القرآن والسنة والإنجيل [17] نقض عقائد ابن تيمية المخالفة للقرآن والسنة [18] عقائد العرب في الجاهلية[19]فلسفة المعلقات العشر[20] النظام الاجتماعي في القصيدة(المأزق الاجتماعي للثقافة. كلام في فلسفة الشعر) [21] صرخة الأزمنة ( سِفر الاعتراف ) [22] حياة الأدباء والفلاسفة العالميين [23]مشكلات الحضارة الأمريكية [24]الأعمال الشعرية الكاملة(مجلد واحد)[25] سيناميس (الساكنة في عيوني)[26] خواطر في زمن السراب [27] أشباح الميناء المهجور (رواية)[28]جبل النظيف ( رواية) [ يُمنع ترجمة أيَّة مادة في هذه المدونة أو نقلها بأيَّة وسيلة كانت إلا بعد الحصول على موافقة خطية مُسبقة من المؤلف إبراهيم أبو عواد، تحت طائلة المسؤولية القانونية، ووفق قوانين حماية الملكية الفكرية ] .

14‏/05‏/2017

كوابيس هند بنت النعمان / قصيدة

كوابيس هند بنت النعمان / قصيدة

للشاعر/ إبراهيم أبو عواد

...................

   بِاسْمِ الحبِّ يُقْتَلُ الحبُّ / وَدَاعاً لِكُلِّ النِّساءِ / قَد مَاتَ الجنودُ في الخنادقِ / الحزنُ الشاسعُ/ والطريقُ إلى الصَّوْمَعةِ في شِتاءِ الدِّماءِ/ أُصيبَ الشفقُ بالملاريا / لكنَّ الغروبَ لا يَزالُ رُومانسياً / نتعلمُ أبجديةَ الحطبِ مِن أكواخِ العَبيدِ / والفراشاتُ تتساقطُ في حُفرتي /
     أيها العُشبُ اليتيمُ / لا تَحْزَنْ لأنَّ أُمَّكَ تنتظرُ أمامَ الحواجزِ العسكريةِ / كُلُّ القتلى يَشْربونَ الشَّايَ / مَعَ الشجرِ العائدِ مِنَ المجازِرِ / تختبئُ الأدغالُ في بِنطالِ الشَّلالِ / والصُّقورُ تَشربُ دَمَ الغيومِ / في أغنياتِ العارِ / أنا شَجرةٌ عَلى الطريقِ لا الطريقُ / أنا عُصْفورٌ عَلى الأسلاكِ الشائكةِ لا الْمُعْتَقَلُ / أَنقذتُ غابةَ اللازَوَرْدِ مِنَ الاحتراقِ / وَلَم أَعْرِفْ أنَّ عِشْقَها سَيَحْرِقُني / أَنقذتُ مِدْخنةَ الْحُلْمِ مِنَ الجليدِ / ولم أَعْرِفْ أنَّ حَليبَ البُحيراتِ مَسْمومٌ / حَقَّاً / سَوْفَ تُقْطَفُ الوردةُ / وَهِيَ في ذِرْوَةِ غُرورِها /  
     في رِئتي غُرْبةُ السَّنابلِ/ وَجَاءَتْ غُرْبتي مِن احمرارِ الشَّفقِ / أوْردتي كُوخٌ للطيورِ المذعورةِ / يا صَوْتَ أُمِّي الطالعَ مِنَ الضبابِ / كَيْفَ أَشُمُّكَ وَقَدْ سَرَقَ شَجَرُ الليلِ حَوَاسِّي ؟/ بَشَرٌ يَحْلُمونَ باللحمِ المخصَّصِ لِكِلابِ الخليفةِ / اختيارُ المرأةِ في حُكومةِ الشَّواذِّ جِنْسياً / حَسَبَ حَجْمِ صَدْرِها / المسابحُ في قَصْرِ الإمبراطورِ / والشعبُ لا يَجِدُ مَاءً للشُّرْبِ/ تُباعُ المرأةُ لِمَن يَدْفَعُ أكثرَ / انتهى الضَّحِكُ في مَدينتي المحاصَرَةِ / والأشجارُ تَحْبَلُ بالدُّموعِ / تنمو المسدَّساتُ على أغصانِ الفَجْرِ / والفقراءُ يَخْبِزُونَ أحزانَهم/ تاريخي قَتيلٌ / سُلِخَ لَحْمُهُ عَن ضَوْئِهِ / وَسُكِبَت المجاعاتُ في عِظَامِ القَمَرِ / أُحَرِّرُ العصافيرَ مِن عُرُوقي / أنا مَلِكُ القُشَعريرةِ في حَفْلةِ الرَّقْصِ القاتلِ / وَالبَدْوُ الرُّحَّلُ يَلْعَبُونَ القِمَارَ في جِيَفِ النُّسورِ/ سَتَكُونُ الأجسادُ رَايةً مُنَكَّسَةً/ وتأتي الرمالُ مِن توابيتِ الغروبِ / كما يأتي النبيذُ الفَرنسيُّ مِن عِنَبِ الجزائرِ/ أخافُ مِن نَفْسي / لأنَّ شَخصاً غَريباً يَعيشُ في دَاخِلي / رَقَصْنا مَعَ الغَجَرِ في إِشبيليةَ/ وجاءَ مَوْعِدُ طَرْدِنا / قَتَلْنا الْحُبَّ في طُرقاتِ الوَخْزِ / وجاءَ مَوْعِدُ إِعدامِنا / ستذهبُ الفَتياتُ إلى الاحتضارِ/ وتظلُّ رائحةُ العِطْرِ عَلى حَبْلِ الغسيلِ / مَحْكُومونَ بالحنين / والحمَامُ الزاجلُ يَنْقُلُ أحكامَ الإعدامِ / 
     في دَاخِلي فَراشاتٌ تَموتُ / وأنا أمشي إلى تاريخِ السُّفنِ الغارقةِ / أُخَزِّنُ في أكياسِ الطحينِ الدُّموعَ النازفةَ مِن ثُقوبِ الحِيطان / وأَخْبِزُ المطرَ بأحزاني / الأوامرُ العسكريةُ تائهةٌ بَيْنَ الماضي والمضارِعِ / والطواويسُ سَكَنَتْ في عُشِّ النَّسْرِ المقتولِ / يتشظى الثلجُ في أعصابي مِثْلَ أكواخِ الصفيحِ / والذِّكرياتُ تحتفلُ بِهَزِيمةِ جَيْشِها في المعركةِ / العُشبُ النابتُ في دَمي / يَحْمِلُ مُسدَّساً خَالياً مِنَ الرصاصِ / وآبارُ النِّفطِ في جِلْدي خاليةٌ مِنَ الرصاصِ /
     أُصيبَ العازِفُ بالشَّلَلِ/ وَبَقِيَ البيانو وَحيداً / الذُّعرُ يَخلعُ رِئةَ النهرِ/ وَشَراييني مُزَيَّنةٌ بالطحالبِ / يَتسلقُ البنفسجُ أبراجَ الجثثِ / والرِّمالُ تُطْلِقُ النارَ على البحرِ الأعزلِ/ البُيوتُ مُعْتِمَةٌ/ والقُشَعريرةُ تُضِيءُ المكانَ/ المهرِّجُونَ يَضْحَكُون / والسِّيركُ يَحترقُ / لا تسأليني أيتها الهِضابُ عَن عِيَارِ المسدَّسِ / الذي سَتَنْتَحِرِينَ بِهِ / الرَّعدُ يَصطادُ الأسماكَ مِن دَمي/ أَدْرُسُ مَعَ سَجَّاني دَوْرَ راقصاتِ الباليه في النظريةِ النِّسبيةِ/ خَرجتُ مِن قَفَصي الصَّدْرِيِّ / أَجُرُّ قُبَّعةَ الصحراءِ/ ضَيَّعْتَني يا نهرَ الجماجمِ الرشيقةِ/ دَمَّرْتني بِكُلِّ هُدوء / جَسَدي العَراءُ الْمُرُّ / وَالرِّيحُ تَنْخُرُ كَستناءَ الأراملِ / لا أَمْلِكُ غَيْرَ شَظايا رُوحي / وَجَوَارحي المجروحةُ تَرْقُعُ ثِيابي / لا بَيْتٌ للنوارسِ سِوَى مِدْخنةِ الثلجِ / ولا قَبيلةٌ للمطرِ سِوى أعضائي المتجمِّدةِ / الجوعُ يُطَوِّقُ البُحيرةَ / والقِرْميدُ ذاكرةٌ لاكتئابِ المداخِنِ / والصَّمْتُ يَبْسُطُ جَناحَيْهِ عَلى الجثامين / لكنَّ بُكاءَ النِّساءِ يَتفجَّرُ في لِيالي الشِّتاءِ /
     أيها الأنيقُ في غابةِ الراهباتِ العَمْياواتِ / سَوْفَ يَشْنُقُكَ المطرُ بِرَبطةِ عُنُقِكَ / أزرعُ القمحَ في أحزاني/ وَيَحْصِدُهُ الشفقُ / افْرَحْ يَا أبي / سَأحصلُ على رَاتبِ النهرِ بَعْدَ مَوْتِهِ / سَتُغَطِّي رَائِحةُ التَّبْغِ رَائحةَ الجثثِ / مَشَيْتُ في دِمائي / ومشى الخريفُ في أَوْردتي / تُهَرْوِلُ الأشجارُ في قُرى الملاريا / وكانَ الرَّمْلُ يُضاجِعُ الصحراءَ تَحْتَ المطرِ / أنا مَعَكم / وَلَسْتُ مِنكم / أنا السرابُ / عَرَقي الأرصفةُ / وَدَمْعي الغاباتُ / أنا مِن سَرابٍ / وأشلائي ظِلالٌ لِحُزْنِ الرياحِ / وأحزانُ أبي تُعَبِّدُ طَريقي إلى شمسِ المقابرِ / وكانَ طُموحي أن أُطْلِقَ النارَ على الوَسْواسِ القَهْرِيِّ / قَرْيتي تَركضُ في التُّوتِ السِّريِّ / وَحَليبُ التِّلالِ يَصُبُّ في آبارِ النِّفطِ / أشلائي طَباشيرُ مَنْسِيَّةٌ في مَدْرسةٍ مَجْهولةٍ/ جُيُوبِي مَليئةٌ بِدَماءِ القَبائلِ / وَخَاليةٌ مِن إسطبلاتِ البُكاءِ / خَطَبْتُ الأزقةَ / وَطَلَّقْتُ الشُّطآنَ / لا سُلْطةٌ للشُّموعِ إلا عَلى الغبارِ / ولا سِيادةٌ للطيورِ الجارحةِ إلا عَلى جَوارحي /
     ما أجْمَلَكَ أيها القَتيلُ تَحْتَ ظِلالِ النوارسِ / أتفجَّرُ مِن الدَّاخِلِ / وأشلائي مملكةُ الفراشاتِ المنفِيَّةِ / ابْتَلِعْ لَحمي أيها الغروبُ/ إِنَّ الحشراتِ لا تَعْرِفُ مَواعيدَ المجاعةِ / أغنامي مَريضةٌ بِالوَهْمِ / وَجُمجمتي على رَأْسِ رُمْحٍ / في مَتْحَفٍ مَهجورٍ / فِقراتُ ظَهْري تَدورُ كالرَّحى في حُقولِ الإقطاعيين / سِرْتُ سَارت الجوَّافةُ في رَقصةِ البارودِ / وأُنثى الصَّقْرِ نَسِيَتْ خَلْخالَها / في الطرقاتِ الْمُتْعَبَةِ / صَابونُ الليلِ في أرحامِ المقاصِلِ / وَعِندما تَموتُ الشُّطْآنُ بِسَرطانِ الثَّدْيِ / سَتظلُّ قُمصانُ النَّوْمِ في خِزانةِ البَحْرِ / جَسَدٌ مَنبوذٌ / رُوحٌ مَشْروخةٌ / يَنمو الصدى في مَقَابِرِنا اللوْزِيَّةِ / خَجَلُ المرايا مِثْلُ خَجَلِ الفَتَياتِ في لَيْلةِ الدُّخْلةِ / وَخَجَلُ سَجَّاني مِثْلُ خَجَلِ الأنهارِ / حِينَ يَسْبَحُ فِيها المصْلوبونَ العُراةُ / تَضاريسُ قَلْبي أطيافٌ للدُّودِ / والوَجَعُ طَيْفُ البحَّارةِ الغارقينَ في دُموعِ زَوْجاتهم / رِئتي الخيْمةُ الأخيرةُ / والدُّروبُ الحزينةُ هِيَ الطِّفْلَةُ اليَتيمةُ / التي أَنْجَبَتْها الصَّحاري البلوريةُ / يَضَعُ الضَّبابُ في إِصْبَعِ الحقولِ خَاتَمَ الخطوبةِ/ وَضَحِكاتُ الصَّبايا تَسيلُ على النِّصالِ الرَّماديةِ / للمِدْخنةِ أشجارُ دِمائنا / أُلقي السُّؤالَ على السُّؤالِ / لماذا مَرَرْتَ أيها المساءُ المذبوحُ في حَارتِنا / ولم تُلْقِ التَّحيةَ على أصدقائكَ القُدامى / الذينَ ماتوا في الحياةِ وعاشوا في الموْتِ ؟ /
     يَا أنا / مَن القَتيلُ فِينا؟/ قَتَلْنا الْحُسَيْن / وَحَلُمْنا بالمهديِّ المنتظَرِ / العناكبُ التي تَسيرُ على جِلْدي / هِيَ ظِلالي السِّريةُ / يَزُورني البُكاءُ في ليالي الشِّتاءِ / وَأَزُورُ قَبري في أعيادِ اليمامِ / أُطْلِقُ رَصاصةَ الرَّحمةِ على جَسَدِ البُحيرةِ / والغروبُ يُطْلِقُ أحزاني على رَصاصةِ الرَّحمةِ / الحزنُ هُوَ الْمَلِكُ / وأنا وَلِيُّ العَهْدِ / تَجُرُّ جُثماني خُيولُ القُشَعريرةِ / وَظِلالُ القَمرِ على النُّعوشِ الْمُسْتَعْمَلَةِ / أزرعُ الأشجارَ في دَمِ الرِّياحِ/ فاطمئِن أيها الرُّكامُ / سَوْفَ تَنْبُتُ الجماجمُ على أغصانِ المطرِ / ويأكلُ الجرادُ لَحْمَ الشَّفقِ/ وابتسمْ أيها الفَراغُ / سَيَقَعُ دَمِي الساخنُ في العصيرِ الباردِ /
     أيها المنْسِيُّ بَيْنَ سَلالِمِ الرَّمادِ/ جِسْمي رَحيلُ البَرقوقِ إلى خَيَالِ الدُّودِ / فاقتلني أيها الخريفُ شَابَّاً / لأظلَّ شَابَّاً إلى الأبدِ / الحزنُ خَيْمتي في انطفاءاتِ المطرِ / بَدأتُ أشجاراً / فَهَل تتمزَّقُ أجنحةُ الصَّقْرِ على مرايا السَّياراتِ ؟ / الليلُ قَلْبُ الحطبِ / وَبَيْنَنا أشواقُ الرَّعدِ وأحزانٌ غامضةٌ / رُبَّما يَقْتُلُني العَسَسُ في ذَلِكَ المساءِ الغامضِ / كَيَمامةٍ تَبكي على أُرجوحةِ الظهيرةِ / هَل ستبكي عَلَيَّ دِيدانُ الحقلِ ؟ / حَقيبةُ السَّفَرِ عِندَ بابِ غُرْفتي / والبَعوضُ يتشمَّسُ على عَقاربِ السَّاعةِ / ذاكرتي بِلا جُدْران / وَجُدْرانُ غُرْفتي جَرادةٌ مَشْلولةٌ /
     خَرَجْتُ مِن لحمي جائعاً / عَطَشي يَحْمِلُني إلى عَطَشٍ/ وَجُيوبي خَاليةٌ إِلا مِن ذِكْرياتِ النَّخيلِ/ نُفَتِّشُ في جُيوبِ الجنودِ القتلى/ عَن نُقودٍ لا تَحْمِلُ صُوَرَ الخليفةِ / والراهباتُ يَبْحَثْنَ في مَساميرِ الصليبِ / عَن خُبْزِ العَشاءِ الأخيرِ / مَشَيْتُ والمساءُ يَتقمَّصُني / نَزَلَتْ مِن ذاكرتي دُموعٌ / لا أَعْرِفُ جِنْسِيَّتَها / الأزهارُ في نُعاسِ الصُّقورِ / تبكي على الشجرِ القَتيلِ/ تُوَزِّعُ البُروقُ دَمِي عَلى شُيوخِ القَبائلِ / كَما يُوَزِّعُ الْمُخْبِرُونَ البطاطا المقليةَ في مَطاعمِ الوَجَباتِ السَّريعةِ / صَارَتْ أعلامُ القَبائلِ ثِياباً للرَّقْصِ/ وَتُزَيِّنُ الإماءُ سُوقَ النِّخاسةِ بالجوازاتِ الدُّبْلوماسيةِ / وَالحمَامُ يَبيضُ في قَفَصِي الصَّدْرِيِّ / وَلاعِباتُ التِّنسِ يَسْتَعْمِلْنَ مُزِيلَ العَرَقِ / أثناءَ حَفْلةِ إِعدامي /
     في ليالي الشِّتاءِ تنفجرُ ذِكْرياتُ العِشْقِ / فازرعْ جَسَدَ الفراشةِ بالألغامِ / قَبْلَ أن يَكْسِرَ الهلعُ رُموشَنا / وَضَعْتُ استقالتي على مَكتبِ النَّهْرِ / فلا تَحْقِدي عَلَيَّ يا سَيِّدةَ الصَّنَوْبَرِ/ كُلَّما نَظرتُ في عَيْنَيْكِ رَأيتُ تفاحَ المجازرِ / يَتَفَجَّرُ دَمي مِن حِجارةِ قَرْيتي خَوْخاً ومُسدَّساتٍ / مَاتت الحضارةُ / والتاريخُ مَشْغولٌ بِتَحْميلِ الجثثِ في عَرَباتِ الرِّيحِ / وَالبَقُّ أَكَلَ البراويزَ على الحِيطان / وانتحرت الذِّكرياتُ / مَطَرٌ يَنْحِتُ شَواهِدَ القُبورِ / وَدَمُ الحيْضِ يَسيلُ على النَّظاراتِ السَّوْداءِ / 
     عِندما تَضيعُ الدُّوَلُ / أَقِمْ دَوْلَتَكَ في قَلْبِ امرأةٍ / وَكُن قَريباً مِن الحبِّ القاتلِ / سَيَجْرِفُ الموْجُ كُثبانَ الذِّكرياتِ / وَتَظَلُّ الصحراءُ بِلا رِمالٍ / أحزانُ النِّساءِ في الليالي الباردةِ / فاعشقْ لَمَعانَ الرُّخامِ في مقابرِ الفراولةِ / قَبْلَ أن يَكْسِرَ الخريفُ مَزْهرياتِ قُلوبِنا / سَأَكُونُ قَتيلاً مَشْهوراً تَحْتَ شَمْسٍ غَريبةٍ / وأنا لَسْتُ أنا / لكني الْمَلِكُ الْمُتَوَّجُ عَلى رَمْلِ البَحْرِ /
     يا شَاطِئَ الفراشاتِ الحزينةِ / قُلْ لِلبُحيراتِ المحروقةِ / إِنَّ العُشاقَ يَسْكُبُونَ دُموعَهم في المزهرياتِ المخدوشةِ / أغنياتُ الظِّلِّ الحجَريِّ / ورائحةُ الأُنوثةِ المنسِيَّةُ / ضَاعَت النُّعوشُ التِّذكاريةُ في حُقولِ القُطْنِ/ والأراملُ يَخْلَعْنَ بَلاطَ أوْردتي كالزِّنزانةِ الانفراديةِ / والغُزاةُ يَتَقاسَمُونَ المهامَّ الأمنيةَ / لِمَنْعِ الشَّغبِ في جِنازتي / وغاباتُ البارودِ تَمْشي في عِظامي / تَختلطُ دَقَّاتُ قَلْبي بِدَقَّاتِ الساعةِ في حُقولِ الدَّمِ / وأنا تائهٌ بَيْنَ رَجْفةِ الحبِّ الأوَّلِ / وَرِعشَةِ الموْتِ الأوَّلِ / العارُ المرصَّعُ بالمومياواتِ / أنا الأبُ الرُّوحِيُّ لِحَبْلِ المِشْنقةِ/ وَسَوْفَ أُدْفَنُ ذَاتَ مَساءٍ عِندَ قَبْرِ أُستاذي / سَتَذْبَحُ الرِّياحُ نَفْسَها بالسَّيْفِ الذي عَشِقَتْهُ / والبَقُّ التهمَ خَشَبَ البَراويز / أشكالُ ذَبْحي مَزْهرياتٌ للغُرباءِ / وأنا الغريبُ بَيْنَ عُروقي والصَّنَوْبَرِ المنبوذِ /
     لا تَحْزَنْ أيها الرَّمْلُ / لَمعانُ عُيونِكَ سَيَكْسِرُ بَلاطَ سِجْنِكَ / لكنَّ الزوابعَ لم تَتْرُكْ لَنا فُرصةً / للبُكاءِ أمامَ قُبور أُمهاتنا / تعيشُ ظِلالُنا في ممالكِ الطاعون / حَيْثُ يَسيلُ دَمُ الحيْضِ تَحْتَ المطرِ / أُبَلِّطُ زِنزانةَ الرُّوحِ/ وَأسمعُ بُكاءَ امرأةٍ يأتي مِن شُقوقِ الليلِ/ تاريخُ الأعاصيرِ المزوَّرُ / لَوْحةٌ اشترتها أميرةُ الأنقاضِ بأموالِ الشَّعْبِ / وقالتْ لِعَشيقِها إِنَّها قَد رَسَمَتْهَا / والأسرى لم يَجِدوا ظِلالَهم / لِكَي يَرْسُموا ضَفائرَ أُمَّهاتهم على قُيودِهم / الرِّياحُ تَدْفِنُ النِّفاياتِ النوويةَ في صُداعِ الشَّفَقِ / أركضُ في شوارعِ الليلِ / فأتزوجُ أحزانَ الأرصفةِ / رَمَيْنا جُثَثَ الجنودِ في البُحيرةِ / وَرَاياتُ القبائلِ صَارَتْ مَلابِسَ داخليةً للسَّبايا / مُحْسِنٌ يتكفلُ بِنَفَقَاتِ جِنازةِ اليَمامِ / والهِضابُ نَسِيَت الجثثَ المسْتَعْمَلَةَ على الأثاثِ المسْتَعْمَلِ / وَيَعْلو صُراخُ النِّساءِ في الأقبيةِ البَاردةِ / تَصْنَعُ البَناتُ صُلبانَهنَّ مِن السِّيراميك/ لَم تنتظرني هِندُ بِنْتُ النُّعمان في الصَّوْمَعةِ/ ولَم تنتظرني الأمُّ تيريزا في غُرفةِ الاعترافِ / كانت الرِّمالُ تَنْقُلُ النهرَ إلى المستشفى / والطحالبُ تَخْرُجُ مِن ثُقوبِ جِلْدي / يا مَن تَعيشُ في حُفَرِ المجاري / وَتَحْلُمُ بِجَدائلِ الملِكَاتِ / أيها المنْفِيُّ في دَمِكَ / المقتولُ على ضِفافِ زَفيرِكَ / يا وَرْدةً تتلاشى في مِدْخنةِ الدَّيْرِ / إِنَّ اكتئابَ الراهباتِ أكبرُ مِن الصَّليبِ / أيها المحكومُ بالحنين / سترى ضَفائرَ أُمِّكَ مُعلَّقةً على حَبْلِ مِشْنَقَتِكَ / فِرَاشُ الاحتضارِ جاهزٌ دائماً / والراهباتُ يَخْدِمْنَ ضُيوفَ الكاردينالِ رَغْماً عَنْهُنَّ /
     ألغيتُ دَساتيرَ صَالةِ القِمارِ / والضَّبابُ يُحَطِّمُ الأرقامَ القِيَاسيةَ الْمُسَجَّلَةَ بِاسْمِ الرَّمادِ / ذَلِكَ الغريبُ سَيأتي مِن عُروقِنا / يُعيدُ الألوانَ لِمَلامِحِ العَصافيرِ / وَيَزرعُ رِقابَنا في ضَوْءٍ يَقتلعُ مِقْصلةَ الغِرْبان / أجسادُ الفُقراءِ سَجَّادٌ للعَرباتِ العَسكريةِ / وَرُموشُ اليتيماتِ استراحةٌ صَحْراويةٌ للجُنودِ الخاسرين / رَجفةُ العِشْقِ في مَمالكِ الجرادِ / وخَلاخيلُ الإِمَاءِ تترسَّبُ في بَراميلِ البَارودِ /
     لا تَحْزَنْ على الثلجِ / حِينَ يَشْنُقُ نَفْسَهُ بِجَديلةِ أُمِّهِ / إِنَّ جَدَائِلَ أُمَّهاتِنا حِبَالُ مَشانِقِنا / هَذهِ جَماجِمُنا مَصابيحُ عَلى أسْوارِ الطوفان / والأمطارُ سَوْفَ تَنطفئُ في قِمَّةِ لَمَعَانِها / أُصغي إلى كَلامِ الزَّيْتُونِ المحاصَرِ في أعيادِ الرُّعْبِ / نَحْنُ قَشُّ الإسْطبلاتِ/ نُوَرَّثُ كالجواري في بَلاطِ الخلفاءِ / بِعْنا حَنَاجِرَنا في السُّوقِ السَّوْداءِ / مِن أجْلِ الرَّاتبِ الشَّهْرِيِّ / مِتْنا قَبْلَ أن نَموتَ / نَحْنُ حُفاةٌ نرتدي عُرْيَنا / نَخجلُ مِن أسماءِ آبائنا / وَنَفتخرُ بِقُبَّعاتِ السُّياحِ /
     كَلا / هذا زَمَنٌ لا يُرَوِّضُهُ السَّلاطين / زَمَنٌ اختلطَ بِدِمائنا / فصارَ شَجَراً أمامَ ذَاكرةِ الإبادةِ / مُنْتَصَفُ الليلِ / وَمُنْتَصَفُ النَّزيفِ / يَنمو وَبَرُ الجِمَالِ على خُدودِ الأيتامِ / قَفَصي الصَّدْرِيُّ زِنزانةٌ مَكْسورةٌ / وَرُموشي بُندقيةٌ آلِيَّةٌ / لم تَلْمَسْها لاعبةُ التِّنسِ / المساءُ يُخَبِّئُ الفُقراءَ بَيْنَ شَعراتِ رُموشِهِ / وَجُروحُ الشَّفَقِ طَريقٌ لِعَرَباتِ نَقْلِ الجنودِ/ لم يَلْتقِ القَمرُ والشَّمْسُ وَجْهاً لِوَجْهٍ / وأنا الْتَقَيْتُ مَعَ البَحْرِ في لَحْظةٍ/ نَسِيَتْهَا مِلَفَّاتُ البُوليسِ السِّياسِيِّ/ سيأتي النِّسيانُ مِن سُعالِ الْخُلْجانِ / يُقَبِّلُني قَمْحُ الموانِئِ/ بَيْنَما يُساقُ إلى الذَّبْحِ البطيءِ/ مَا المنفَى إلا أنا / العِشْقُ مَسافةٌ بَيْنَ نَعْشَيْنِ مِن القَصْدير / وأنا أركضُ بَيْنَ جُثتي الناعمةِ وَظِلالِها الخشِنةِ / مِكْياجٌ غَامِضٌ عَلى عُشْبِ الأضرحةِ / وَكُلما سَألتُ عَن فَراشةٍ / عَرَفْتُ أنها مَاتتْ / سَيَقْتُلُكَ البَحْرُ يا صَديقي / وَلَكِنْ / ابْقَ عَاشِقاً لَهُ /

     تكتحلُ أراملُ الجنودِ بالبارودِ / والحشَراتُ تُغطِّي جُثمانَ قَوْسِ قُزَحَ / والْحُبُّ هُرُوبُنا الأبَديُّ وعَذابُنا اللذيذُ / فَاهْرُبْ مِن الْحُبِّ كي نلتقيَ في متاهةِ اللوزِ / واخْتَرْ رَقْمَ قَبْرٍ مُمَيَّزاً / كَي تُحِبَّكَ ابنةُ حفَّارِ القُبور .