نكبة فلسطين : موت الضمير العالمي
للكاتب/ إبراهيم أبو عواد
جريدة القدس العربي ، لندن ، 23/5/2017
...................
للكاتب/ إبراهيم أبو عواد
جريدة القدس العربي ، لندن ، 23/5/2017
...................
تمر
في هذه الأيام ذكرى النكبة 15 أيار 1948، التي كانت وصمة العار في جبين الأمة
العربية والإسلامية، وأدَّت إلى تعرية الأنظمة الرسمية، وإثبات عجزها التام، بل
تواطؤها أحياناً، حيال قضية فلسطين المركزية، وكشفت هشاشة البنى الاجتماعية
العربية الغارقة في الشعارات والأغاني الوطنية، دون تطبيقات على أرض الواقع.
وقد ارتكبت مؤسسات الحكم العربية خطايا كارثية، عبر مراحل القضية الفلسطينية المختلفة، بدءاً بنكبة 1948 وانتهاءً بنكبة أوسلو 1993، من أهمها :
ـ عدم تسليح الشعب الفلسطيني لكي يدافع عن أرضه بنفسه، ويثبِّت وجوده. واكتفت بإرسال بعض الجيوش من باب العصبية القبلية ورفع العتب، وحماية صورة الأنظمة أمام شعوبها. وكانت الجيوش غير مؤهلة لخوض حروب، وغير قادرة على مجاراة العصابات الصهيونية المدربة بشكل احترافي. وبعد كل ما جرى بدأ كل جيش يقدم إنجازاتِه «الأسطورية» في الدفاع عن فلسطين وصونِ شرف الأمة، لكن هذه الإنجازات الوهمية ظلت جعجعة بلا طحن رغم تضحيات الشرفاء الصادقة.
ـ تحويل القضية الفلسطينية إلى فلكلور شعبي، واختزال الثقافة الفلسطينية التاريخية في الدبكات الشعبية في الأعراس والمهرجانات الخطابية. ونحن لا نقلِّل من أهمية الرموز الثقافية العليا، ولكنْ ينبغي أن توضع في إطار الصراع الشامل، بين قوة احتلال مدعومة غربياً، وشعب تحت الاحتلال يتآمر عليها القريب قبل البعيد، ومن حقه الشرعي أن يقاوم الاحتلال بكل الوسائل.
ـ النظر إلى الشعب الفلسطيني في الشتات على أنهم خلايا نائمة وقنابل موقوتة في المجتمعات الحاضنة لهم، والتعامل معهم بالعقلية الأمنية المخابراتية القامعة، وعليهم أن يعيشوا ويموتوا في مخيمات بائسة، بحجة عدم التوطين، وأن يُحرَموا من العيش بكرامة بدعوى حق العودة، وأن يتم استغلال معاناتهم لتحقيق مكاسب شخصية للزعماء العرب السائرين على خطى صلاح الدين الأيوبي.
ـ قيام الحكام العرب بالاختباء وراء قُدسية القضية الفلسطينية، لكي يُلمِّعوا صورتهم ويُقدِّموا أنفسهم حارسين لشرف العروبة ومجد الإسلام . مع أن الجميع يعلم أن الكيان الصهيوني ما كان ليجد له موطئ قدم في فلسطين، لولا الخدمات الجليلة من بعض الحكام العرب، الذين ساهموا في بيع فلسطين لتثبيت أنظمة حكمهم، خاصةً أن المتاجرة بقضية فلسطين تدر أرباحاً مادية طائلة تُمكِّنهم من العيش في القصور الفخمة، والتصدق على الشعب بحفنة قمح أمريكي. وكما هو معلوم فالصهاينة ومن زرعهم في فلسطين، قادرون على الدفع فوراً وبدون تقسيط، وبالعملة الصعبة أيضاً.
ولو جئنا إلى الجهة الأخرى من الصورة لوجدنا أن ما يسمى بدولة إسرائيل تحتفل في يوم النكبة بـ»عيد استقلالها»، وهذه المسرحية الكوميدية تنطوي على جوانب فلسفية عميقة في الفكر الصهيوني، متماهية مع الإبادة الجماعية والتطهير العِرقي الذي مارسه الصهاينة بكل رومانسية وحضارة. كما أن تعبير «عيد الاستقلال» في الكيان الصهيوني يثير عدة ملاحظات: فالكيان الصهيوني ليس دولة، بل هو قاعدة عسكرية تابعة للغرب الإمبريالي (أمريكا، بريطانيا…) وتعبير «عيد الاستقلال» لا ينطبق على القواعد العسكرية، فلم نسمع مثلاً، أن القاعدة العسكرية الأمريكية في اليابان قد احتفلت بعيد استقلالها، حتى الصهاينة أنفسهم لا يعترفون بدولتهم المزعومة، لأنهم لم يُثبِّتوا لها حدوداً، وكل كيان سياسي ليست له حدود لا يُعتبر دولةً، فلا داعي لكي يطلبوا من حماس أو الدول العربية الاعتراف بهم، فهم أصلاً، لا يعترفون بأنفسهم. كما أن الصهانية لا يتمتعون برومانسية الوفاء والإخلاص، فهم يعضون اليد التي ساعدتهم، فبدلاً من أن يشكروا بريطانيا، التي زرعتهم في فلسطين، لكي تتخلص أوروبا منهم، ها هم يعتبرونها قوة احتلال كانت تسيطر عليهم، لكنهم استطاعوا أن يتحرروا منها ويعلنوا «استقلالهم» بعد تضحيات عصابات الإجرام والتطهير العِرقي والإبادة الجماعية مثل، الإرجون والهاجاناه.
إن قيام بعض أبناء جلدتنا عبر كل طبقات هرم السلطة بتهنئة الكيان الصهيوني بمناسبة «عيد استقلاله»، يدل على وفاء العبد لأسياده الذين أحضروه إلى الحكم.
وفي ظل هذه الأحداث الجسام التي تحدث في دنيا الغاب، حيث «العالم الحر» يشرب الأنخاب مع الجلاد، ويحاكم الضحية، لا بد من الاعتماد على الكفاءات الداخلية في ممارسة فعل التحرر من قوى الاحتلال، وعدم التعويل على مساعدة الأنظمة الغربية وراء البحار، لأنها جزء من المشكلة لا الحل، ولن تساعد إلا نفسها في عالم محكوم بمنطق القوة لا قوة المنطق.
وقد ارتكبت مؤسسات الحكم العربية خطايا كارثية، عبر مراحل القضية الفلسطينية المختلفة، بدءاً بنكبة 1948 وانتهاءً بنكبة أوسلو 1993، من أهمها :
ـ عدم تسليح الشعب الفلسطيني لكي يدافع عن أرضه بنفسه، ويثبِّت وجوده. واكتفت بإرسال بعض الجيوش من باب العصبية القبلية ورفع العتب، وحماية صورة الأنظمة أمام شعوبها. وكانت الجيوش غير مؤهلة لخوض حروب، وغير قادرة على مجاراة العصابات الصهيونية المدربة بشكل احترافي. وبعد كل ما جرى بدأ كل جيش يقدم إنجازاتِه «الأسطورية» في الدفاع عن فلسطين وصونِ شرف الأمة، لكن هذه الإنجازات الوهمية ظلت جعجعة بلا طحن رغم تضحيات الشرفاء الصادقة.
ـ تحويل القضية الفلسطينية إلى فلكلور شعبي، واختزال الثقافة الفلسطينية التاريخية في الدبكات الشعبية في الأعراس والمهرجانات الخطابية. ونحن لا نقلِّل من أهمية الرموز الثقافية العليا، ولكنْ ينبغي أن توضع في إطار الصراع الشامل، بين قوة احتلال مدعومة غربياً، وشعب تحت الاحتلال يتآمر عليها القريب قبل البعيد، ومن حقه الشرعي أن يقاوم الاحتلال بكل الوسائل.
ـ النظر إلى الشعب الفلسطيني في الشتات على أنهم خلايا نائمة وقنابل موقوتة في المجتمعات الحاضنة لهم، والتعامل معهم بالعقلية الأمنية المخابراتية القامعة، وعليهم أن يعيشوا ويموتوا في مخيمات بائسة، بحجة عدم التوطين، وأن يُحرَموا من العيش بكرامة بدعوى حق العودة، وأن يتم استغلال معاناتهم لتحقيق مكاسب شخصية للزعماء العرب السائرين على خطى صلاح الدين الأيوبي.
ـ قيام الحكام العرب بالاختباء وراء قُدسية القضية الفلسطينية، لكي يُلمِّعوا صورتهم ويُقدِّموا أنفسهم حارسين لشرف العروبة ومجد الإسلام . مع أن الجميع يعلم أن الكيان الصهيوني ما كان ليجد له موطئ قدم في فلسطين، لولا الخدمات الجليلة من بعض الحكام العرب، الذين ساهموا في بيع فلسطين لتثبيت أنظمة حكمهم، خاصةً أن المتاجرة بقضية فلسطين تدر أرباحاً مادية طائلة تُمكِّنهم من العيش في القصور الفخمة، والتصدق على الشعب بحفنة قمح أمريكي. وكما هو معلوم فالصهاينة ومن زرعهم في فلسطين، قادرون على الدفع فوراً وبدون تقسيط، وبالعملة الصعبة أيضاً.
ولو جئنا إلى الجهة الأخرى من الصورة لوجدنا أن ما يسمى بدولة إسرائيل تحتفل في يوم النكبة بـ»عيد استقلالها»، وهذه المسرحية الكوميدية تنطوي على جوانب فلسفية عميقة في الفكر الصهيوني، متماهية مع الإبادة الجماعية والتطهير العِرقي الذي مارسه الصهاينة بكل رومانسية وحضارة. كما أن تعبير «عيد الاستقلال» في الكيان الصهيوني يثير عدة ملاحظات: فالكيان الصهيوني ليس دولة، بل هو قاعدة عسكرية تابعة للغرب الإمبريالي (أمريكا، بريطانيا…) وتعبير «عيد الاستقلال» لا ينطبق على القواعد العسكرية، فلم نسمع مثلاً، أن القاعدة العسكرية الأمريكية في اليابان قد احتفلت بعيد استقلالها، حتى الصهاينة أنفسهم لا يعترفون بدولتهم المزعومة، لأنهم لم يُثبِّتوا لها حدوداً، وكل كيان سياسي ليست له حدود لا يُعتبر دولةً، فلا داعي لكي يطلبوا من حماس أو الدول العربية الاعتراف بهم، فهم أصلاً، لا يعترفون بأنفسهم. كما أن الصهانية لا يتمتعون برومانسية الوفاء والإخلاص، فهم يعضون اليد التي ساعدتهم، فبدلاً من أن يشكروا بريطانيا، التي زرعتهم في فلسطين، لكي تتخلص أوروبا منهم، ها هم يعتبرونها قوة احتلال كانت تسيطر عليهم، لكنهم استطاعوا أن يتحرروا منها ويعلنوا «استقلالهم» بعد تضحيات عصابات الإجرام والتطهير العِرقي والإبادة الجماعية مثل، الإرجون والهاجاناه.
إن قيام بعض أبناء جلدتنا عبر كل طبقات هرم السلطة بتهنئة الكيان الصهيوني بمناسبة «عيد استقلاله»، يدل على وفاء العبد لأسياده الذين أحضروه إلى الحكم.
وفي ظل هذه الأحداث الجسام التي تحدث في دنيا الغاب، حيث «العالم الحر» يشرب الأنخاب مع الجلاد، ويحاكم الضحية، لا بد من الاعتماد على الكفاءات الداخلية في ممارسة فعل التحرر من قوى الاحتلال، وعدم التعويل على مساعدة الأنظمة الغربية وراء البحار، لأنها جزء من المشكلة لا الحل، ولن تساعد إلا نفسها في عالم محكوم بمنطق القوة لا قوة المنطق.