سيرة ذاتية

إبراهيم أبو عواد القيسي، مفكر، وشاعر،وكاتب صحفي من الأردن. ولد في عَمَّان 1982، لعائلة من شيوخ بني قيس/قَيس عَيلان(أكبر قبيلة عربية في العالم).حاصل على البكالوريوس في برمجة الحاسوب من جامعة الزيتونة الأردنية (2004).له اهتمامات واسعة في دراسات الكتب الدينية (القرآن الكريم، التوراة، الإنجيل )، والفكر الإسلامي، والفلسفة،وعلم الاجتماع،والسياسة ،والنقد الأدبي،والشعر،والرواية، والعلوم الطبيعية . متفرغ للبحث والتأليف.يكتب في أبرز الصحف والمجلات في الوطن العربي وأوروبا.له آلاف المقالات والدراسات، وعشرات الكتب المطبوعة،من أبرزها: [1]حقيقة القرآن [2] أركان الإسلام [3] أركان الإيمان [4] النبي محمد[5]دراسات منهجية في القرآن والسنة[6] العلاقات المالية والقضائية والسياسية والاقتصادية في القرآن [7] دراسات منهجية في القرآن والتوراة والإنجيل [8] الدعوة الإسلامية [9] منهج الكافرين في القرآن [10] العلوم والفنون في القرآن [11] العمل في القرآن [12] العلاقات الأخلاقية في القرآن [13] القصص والتاريخ في القرآن [14]الإنسان والأسرة والمجتمع في القرآن [15] بحوث في الفكر الإسلامي [16] التناقض في التوراة والإنجيل [17] صورة اليهود في القرآن والسنة والإنجيل [18] نقض عقائد ابن تيمية المخالفة للقرآن والسنة [19] عقائد العرب في الجاهلية[20]فلسفة المعلقات العشر[21] النظام الاجتماعي في القصيدة(المأزق الاجتماعي للثقافة. كلام في فلسفة الشعر) [22] صرخة الأزمنة ( سِفر الاعتراف ) [23] حياة الأدباء والفلاسفة العالميين [24]مشكلات الحضارة الأمريكية [25]الأعمال الشعرية الكاملة(مجلد واحد)[26] سيناميس (الساكنة في عيوني)[27] خواطر في زمن السراب [28] أشباح الميناء المهجور (رواية)[29]جبل النظيف ( رواية) [ يُمنع ترجمة أيَّة مادة في هذه المدونة أو نقلها بأيَّة وسيلة كانت إلا بعد الحصول على موافقة خطية مُسبقة من المؤلف إبراهيم أبو عواد، تحت طائلة المسؤولية القانونية، ووفق قوانين حماية الملكية الفكرية ] .

29‏/12‏/2010

موت الوطن العربي

موت الوطن العربي / قصيدة ممنوعة
للشاعر/ إبراهيم أبو عواد
اللهم اغفر لأمتي فإنهم رُعْيان غنم /
مات الحاكم العربي
ذهب إلى مزابل التاريخ
ماتت زوجته الكاسية العارية في علب المكياج
مات الشعب بعد أن صار قطيعَ غنم
ومات الوطن في الأغاني الوطنية
انطفأ الرجالُ
انطفأت النساءُ
انتحر ضباطُ المخابرات
انتحرت العاهراتُ
في هذه البلاد المقبرة كل شيء ينتحر
في الوطن العربي الرجالُ قتلى والنساء سبايا
كل شيء مات
لكننا لن نرفع الرايةَ البيضاء
وسنُقاتِل حتى النهاية
فإما النصر أو الشهادة .

28‏/12‏/2010

ذكرى انتصار المقاومة في غزة

ذكرى انتصار المقاومة في غزة
إبراهيم أبو عواد
جريدة القدس العربي
لندن ، 27/12/2010م . إن الحرب على غزة نهاية عام 2008م أزاحت القناع عن وجه " إسرائيل " وأعراب النفاق المساندين لها فوق الطاولة وتحتها . كما أنها كشفت عجز الآلة العسكرية الصهيونية في حسم الأمور ، وجاءت بنتائج عكسية حيث ارتد السحر على الساحر . فمحاولة إنهاء حكم حماس باءت بالفشل ، وصارت حركة حماس أقوى من ذي قبل بسبب نجاحها في امتصاص الضربة الأولى ، وكما يقال إن الضربة التي لا تقتلك تُحييك وتزيدك قوة . ومحاولة تحرير الأسير جلعاد شاليط ذهبت أدراج الرياح، وهذا أدى إلى تمسك حماس بمطالبها بعين قوية واعتراف الغرب بذلك، وليس أدل على هذا من وجود وسيط ألماني كان يسعى في الموضوع بدلاً من الوسيط المصري ذي الدور المشبوه . كما أنها أظهرت الصورة الحقيقية للكيان الصهيوني التي كانت لفترة طويلة مختبئة وراء مكياج الحضارة والديمقراطية وحقوق الإنسان ، وصارت المظاهرات الرافضة للحرب في عواصم الدنيا هي الشرعية الجديدة بعد وفاة ما يسمى بالشرعية الدولية في أحضان الفيتو الأمريكي الذي يُستخدم كسيف على رقبة الضحية . والبعض يعتقد أن انتصار المقاومة هي دعاية إعلامية لرفع المعنويات لا أكثر . لكن الناظر في الواقع بعين بصيرة يؤمن تماماً أن غزة كانت مقبرة للغزاة ، وأن المقاومة حققت انتصاراً على الورق وفي الواقع قبل الحرب وبعدها . فبعد فوز " حماس " في الانتخابات ، قام الغرب والعرب مجتمعين بمقاطعة الحكومة ، وأَمَرَتْ أمريكا بالقضاء على حكومة الوحدة الوطنية الفلسطينية عبر زرع العقبات في الطريق ضمن مسار تواطؤ الأنظمة العربية الكرتونية التي تتلقى الأوامر من البيت الأبيض . ومع هذا فقد استمرت حكومة حماس في غزة كأن شيئاً لم يكن ، وهذا هو الانتصار المعنوي . وبسبب هذا الصمود انتقلت فكرة القضاء على حماس من حرب المقاطعة إلى الحرب العسكرية . وفي هذا السياق ينبغي أن نعلم أن الجيوش العربية قد هُزِمَت عام 1967م في عدة ساعات ، وهي جيوش نظامية يُنفَق عليها بالمليارات ، لكن عقيدتها العسكرية غارقة في الأوسمة الصدئة والشعارات الفارغة . أما المقاومة الفلسطينية الخارجة من المخيَّمات فقد صمدت لأكثر من 500 ساعة من القصف الهستيري الذي أَنهك سلاحَ الطيران الصهيوني فصار يطلب الإمدادات من أمريكا. وقد تناقلت وسائل الإعلام في حرب 1967م صور جنود عرب بالملابس الداخلية وهم يرفعون أيديهم استسلاماً لعدوهم ، في حين أننا لم نشاهد أي رَجل من المقاومة يرفع الراية البيضاء . وهذا يشير إلى الفرق بين القتال عن إيمان ويقين، والقتالِ بسبب الراتب الشهري ولرفع العتب . وليكن معلوماً أن المقاومة الفلسطينية في غزة كانت محاصرة من ثماني جهات [ الأمام، والخلف، والميمنة، والميسرة، والوسط( العملاء ) ، وتحت الأرض ( تدمير الأنفاق ) ، وفوق الأرض ( قصف الطائرات الحربية )، ومن البحر ( قصف البوارج الحربية ) ] . وهذا لم يحدث في تاريخ الوجود البشري ، ولو حتى في حصار ستالينغراد الذي سقط فيه مليون ونصف قتيل . وهكذا تكرست عقلية جديدة في الوعي الفلسطيني ، وهي المقاوَمة تحت الحصار الشامل، حصار الإخوة قبل الأعداء . وقد وردت تصريحات عديدة أثناء الحرب . مثل تصريح رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس الذي اعتبر أن حماس تقامر بدماء الشعب. وهذا تصريح في غير محله ، لأن المقاومين الذين يضحون بحياتهم في سبيل تحرير بلادهم ليسوا مقامرين ، فحركةُ فتح التي يرأسها محمود عباس كانت أول من أطلق الرصاصة الأولى ( عام 1965م) وبدأت المقاومة المسلحة ، ولم نسمع أحداً قال يومها إنها تقامر بدماء الشعب . وجاء تصريح وزير الخارجية المصري أبو الغيط الذي وصف حركة حماس بالانقلابية ، لكنه نسي أن النظام السياسي المصري الحديث منذ عام 1952م كانت نتيجة انقلاب الضباط الأحرار على الملك فاروق ، وكان الراحل أنور السادات أحد أولئك الضباط ، وكان الرئيس المصري حسني مبارك نائباً له . فلماذا يصبح المصريون في عام 1952م ثواراً أبطالاً شرفاء ، وتصبح " حماس " انقلابية مجرمة تقامر بدماء الشعب وجاهلة في السياسة ؟! . وينبغي أن يتذكر السيد أبو الغيط أنه طوال الحرب على غزة لم نسمع أن أحداً مات على طوابير الخبز ، لكن الفقراء في مصر كانوا يموتون على طوابير الخبز في قلب القاهرة وفي زمن السلام وخيراتِ كامب ديفيد ! . وتأتي بعض الأصوات " المعتدلة " التي تقول إن حماس أحد أذرع إيران . فعندما يقوم خالد مشعل بزيارة إيران يصبح عميلاً لها وخادماً لخامنئي ، لكننا لم نسمع شيئاً عندما قام عرفات وخليل الوزير بزيارة الخميني والجلوس إلى جانبه على الفراش الأرضي ، ولم يتهمهما أحد عندئذ بأنهم من عملاء إيران الذين يأتمرون بأوامر الولي الفقيه ! . والمؤسف أن النظام الرسمي العربي قد اعتاد على الهزائم والانكسارات ، فصار عاجزاً عن تصديق انتصار المقاومة اللبنانية ( 2006م ) أو انتصار المقاومة الفلسطينية ( 2009م ) . لكن هذه الأنظمة المتواطئة ينبغي أن تدرك أن "إسرائيل " قد توقفت انتصاراتها منذ العام 1982م ، لأن الذي يقود معركة التحرير ليس الجيويش العربية المهزومة بل المقاومة الشريفة .

14‏/12‏/2010

الخلفية السياسية لكرة القدم .. النار تحت الرماد

الخلفية السياسية لكرة القدم
( النار تحت الرماد )
إبراهيم أبو عواد
جريدة القدس العربي
لندن ، 14/12/2010م .
لا يمكن النظر للرياضة بمعزل عن الخلفيات السياسية التي تلعب خلف اللاعبين، لأن السياسة هي أداء تراكمي متشعب يتغلغل في كل أوساط الجماعة البشرية من القمة حتى القاع ، ويتداخل مع كل المجالات الحياتية . ولا يخفى أن كرة القدم هي الرياضة الأولى في العالم ، وهذا يجعلها معبأة بالأبعاد السياسية والاقتصادية والتاريخية . وهذه أمر منتشر في أنحاء العالم . فعلى سبيل المثال ، يظهر فريقا ريال مدريد وبرشلونة في إسبانيا بشكل متداخل مع الحرب الأهلية الإسبانية ( 1936م _ 1939م ) ، إذ كان الجنرال فرانكو من مؤيدي ريال مدريد في مواجهة برشلونة الذي يُنظر إليه كممثل لإقليم كاتالونيا المتمرد الطامح للاستقلال ، وإيجاد هوية ذاتية منفصلة عن إسبانيا . وفي بريطانيا يبرز نادي أرسنال كممثل لنصف لندن الفقير في حين أن نادي تشلسي يمثل نصف لندن الثري . وفي الأرجنتين يظهر نادي ريفر بلات كنادي الأرستقراطيين أما بوكا جونيورز كفريق الطبقة العاملة الفقيرة . وإذا جئنا إلى المنطقة العربية ، سنجد أن أكثر الخلفيات السياسية الواقفة وراء كواليس كرة القدم تتجلى في الأردن ، حيث نادي الوحدات يمثل الأردنيين من أصل فلسطيني ، أما الفيصلي فيمثل الشرق الأردنيين . وهذه الحقيقة معروفة للجميع منذ عقود . لكن السؤال الذي يطرح نفسه: لماذا ظهرت هذه الحالة على السطح بهذه الحدة أمام جميع وسائل الإعلام في هذا الوقت ؟. والإجابة بالغة التعقيد ، لكنها تتمحور بشكل أساسي حول فشل الحكومة في بناء العلاقات الاجتماعية وفق مبدأ المواطنة ، وتعميقِ روح الانتماء والولاء في نفوس الأردنيين " من شتى المنابت والأصول " . وهذه العبارة الأخيرة كانت على الدوام موجودة في خطابات الملك الراحل الحسين بن طلال ( 1935م _ 1999م ) . لكن الحكومات المتعاقبة فشلت عن سبق الإصرار والترصد في تطبيق هذا الكلام على الأرض ، لذا ظلت شعارات الوحدة الوطنية وأخوة الدم حِبراً على ورق، يتم نشرها من حين لآخر للاستهلاك المحلي، واختراع هالة التماسك الاجتماعي. فهناك تهميش منهجي للأردنيين من أصل فلسطيني ، فهم لا يشكلون سوى عُشر مجلس النواب الحالي ( 2010م ) ، وهذه نتيجة متوقعة لقيام الحكومة بتزوير الانتخابات ، وتفتيت المجتمع على أسس عشائرية وولاءات لا تمت للوطن بصلة . وفي واقع الأمر فإن التمييز في المجتمع الأردني ظهر بعد أحداث أيلول 1970م ، حيث الاقتتال بين الجيش الأردني والمنظمات الفلسطينية، وهذه الأحداث المؤسفة انعكس تأثيرها على الأوضاع الاجتماعية بشكل كارثي ، فصار يُنظر إلى الأردني ذي الأصل الفلسطيني بريبة وأنه نغمة نشاز . وهذا يكشف الفشل الحكومي في بناء الدولة الأردنية الحاضنة لأبنائها جميعاً . وللأسف فما زلنا في عقلية القبيلة وشراء الولاء والانتماء بالمال السياسي دون تكوين كيان سياسي صلب يُوحِّد ولا يُفرِّق. وبعض الساسة المتنفذين الذين يلعبون بمصير الوحدة الوطنية غير مقتنعين بأن الشعب بمختلف أصوله في سفنية واحدة ، فإما النجاة معاً أو الغرق معاً دون حل وسط، وذلك لأن ولاءهم حيث أرصدتهم البنكية في جنيف ولندن، فحقائبُ السفر جاهزة في بيوتهم ، وتذاكر السفر محجوزة سلفاً ، وهذه هي عادة المرتزقة في كل العصور . وبسبب عجز الحكومة عن بناء النظام العام ودولة المواطنة والسِّلم الاجتماعي ، وفشلها الذريع في تكوين مجلس نيابي قوي ذي أفق سياسي مبدع ، واعتمادها على سياسة أمنية قاسية وفاشلة، حيث صارت العقيدة الأمنية تنظر إلى المواطنين العُزَّل كأعداء محارِبين ينبغي إبادتهم، فقد انتقلت الخلافات إلى شوارع المدن لأنه لا يوجد مكان للحوار والمناقشة و"الفضفضة"، فصار إحراق الإطارات والاشتباكات بين المواطنين ورجال الأمن أمراً روتينياً في أنحاء البلاد كأن الأمر فيلم أكشن. وانتقلت الجامعات من كَوْنها مراكز علمية وثقافية إلى تجمعات عشائرية تتكرس فيها العصبية القبلية ، والحقد المجتمعي ، والتفرقة العنصرية، وهذا أدى إلى انتشار العنف الجامعي، في ظل عجز حكومي واضح . وبما أن العنف المجتمعي ذو صفة انسحابية ، فقد انتقل إلى ملاعب كرة القدم التي صارت كابوساً للجميع ، حيث يتجلى اعتداء قوات الدرك على المشجعين العُزَّل ضمن فوضى أمنية تعكس غياب بعد النظر عن واضعي السياسة الأمنية ، فصارت الثقة مفقودة بين رَجل الأمن والمواطن العادي . فقواتُ الدرك تتصرف كسُلطة فوق القانون ، وما كانت لتقدم على بعث الفوضى في الملاعب لولا معرفتها بأنها لن تُسأل عما تَفعل . وفي ظل هذه الانهيارات المتواصلة والكوارث المتكررة ، نجد أن الحكومة غاطسة في العسل ، موجودة في واد ، والشعب في واد آخر . وفي أحسن الأحوال يتم عقد مؤتمر شكلي لعلاج قضايا العنف الاجتماعي ، حيث يتناول المشاركون الحلوى والمشروبات الغازية ثم يذهبون إلى بيوتهم ، ويتركون الشعب ضائعاً بلا بوصلة . وإن لم يتم حل هذه المشكلات من جذورها عبر إصلاح سياسي حقيقي وشامل ، فإن المجتمع مقبل على أزمات كارثية شاملة ، لأن دفن النار تحت الرماد ليس الحل لإطفاء نار الفتن والتناقضات الاجتماعية .

12‏/12‏/2010

الإرهاب الصهيونصراني وأكذوبة الهولوكوست

الإرهاب الصهيونصراني وأكذوبة الهولوكوست
تأليف : إبراهيم أبو عواد
إن اليهود لم يتركوا آثار وليس لهم حضارة . فالمسلمون تركوا قصر الحمراء ، والنصارى تركوا آيا صوفيا ، فماذا ترك اليهود ؟ . لقد تركوا الحقد والمكر . وللأسف فإن النصارى تحالفوا مع اليهود دينياً . ولو جئنا إلى الإنجيل لوجدناه كتاباً بشرياً مؤدلَجاً بشكل سياسي باتجاهاتٍ وثنية إقصائية ، والإنجيل تمت صهينته عن طريق ربطه القسري بالتوراة الصهيونية ( فصار الإنجيل هو العهد الجديد ، والتوراة هي العهد القديم، وكلاهما يُشكِّل ما يسمى بالكتاب المقدَّس وهو كتاب إرهابي ) .
...............
إن عبادة الإدارة الأمريكية للنفط أدَّت إلى كوارث أيديولوجية شرسة للغاية، فالإنجيل غدا صهيونياً بامتياز . ولطالما حذرنا من عمليات صهينة الإنجيل المتوالية، ومدى تأثيرها على تدهور الإنسان الغربي، وأيضاً فإن التيار العقائدي الغربي صار يتمحور حول إنجيل النفط . وهكذا فإن النصارى يخسرون أكثر فأكثر بفعل إصرارهم غير المنطقي على ربط النَّص الإنجيلي بالميثولوجيا التوراتية .
وهذا الاستلهام قامت أمريكا بتوظيفه في فلسفة تكوينها الحضاري للسيطرة على العالَم بكل وحشية، لكن هذه النزعة النازية النابعة من الإرث البروتستنتي سواءٌ داخل المدرسة اللاهوتية الألمانية أو الأمريكية تمت تغطية جرائمها بغطاء من حقوق الإنسان والأخلاق السامية والمبادئ الرفيعة والديمقراطية ... إلخ ، لدرجة أن ماكس فيبر وضع كتاباً عن الأخلاق البروتستنتية ، لكن فيبر لا يعرف أن البروتستنتية هي تيار سياسي مخادِع خالٍ من الأنسنة والأخلاق المعرفية الواضحة، فقد ارتدى غطاءَ الدِّين لأهداف مادية في الصراع على المواقع ، إذ إنه في الحقيقة مذهب نفعي مصلحي مؤدلَج سلبياً في نطاق صراع المصالح الشخصية ضد الكاثوليكية الاستغلالية ( جدلية تجارة صكوك الغفران).
وعلى الجانب الآخر وفق الدلالة العَقَائدية فإن اليهود الصهانية قاموا باستلهام أكذوبة "الهولوكوست" من الخيال، وقاموا بإسقاطها على الواقع من خلال منظورَيْن :
أ ) الاستفادة من حرق هتلر لبعض الجماعات مثل الغجر والألمان المنشقين وبعض المعادين للنازية من الأعراق الأخرى ، لتصوير أن اليهود هم الذين حُرِقوا في أفران هتلر، مع أن اليهود لم يتم حرقهم نهائياً ، إذ إنهم استطاعوا الفرارَ ، وتدبير أمورهم ، وغادروا ألمانيا ليتحالفوا مع أعدائها مثلما فعل عالم الفيزياء النووية آينشتاين . وهناك أيضاً الفيلسوف اليهودي هوسرل أستاذ مارتن هايدغر ( الفيلسوف النازي الشهير الذي يُنظَر إليه على أنه أكبر فيلسوف غربي في القرن العشرين ) ، لم يتم حرقه لأنه يهودي. ونخلص إلى القول إن ما يسمى بالمحرقة أو الهولوكوست أكذوبة مكشوفة لكسب تعاطف شعوب الأرض مع الإرهاب اليهودي النازي. وقد كانت العلاقة بين اليهودية الصهيونية والنازية ممتازة لأنهما وجهان لعملة واحدة اسمها التطرف. خاصةً أن الأسس الفكرية المتطرفة للنازية مثل قتل الأبرياء،ونقاءِ العِرق، وشعب الله المختار ، والإبادة الجماعية ، والتطهير العِرقي مستمدة من التوراة ( كتاب اليهود )، ومستمدة كذلك من الإنجيل بصورة أقل درجةً. ومن الغرائب أن شخصاً مثل العميل محمود عباس ( رئيس سُلْطة أوسلو ) كانت أطروحته للدكتوراة تتمحور حول علاقات قادة النازية بقادة الحركة الصهيونية. ولكن للأسف يبدو أن رسالته للدكتوراة لم تجعله يعرف التعامل مع الصهاينة فصار خادماً وعميلاً لهم. وصارت منظمة التحرير الفلسطينية مزرعةً شخصية للفاسدين المصابين بالتخمة على حساب الشعب الجائع المحاصَر .
ومن أهم العقائد اليهودية الصهيونية النازية نقاء العِرق وتفوق العنصر الذاتي على باقي العناصر البشرية ، فعقيدة " شعب الله المختار": (( ثم كلَّم اللهُ موسى وقال له أنا الرب ... وأتخذكم لي شعباً وأكون لكم إلهاً ))[ خروج 6: 2_ 7]. وعقيدة الإبادة الجماعية والتطهير العِرقي : (( حين تقترب من مدينة لكي تحاربها استدعها إلى الصلح . فإن أجابتك إلى الصلح وفتحت لك فكل الشعب الموجود فيها يكون لك للتسخير ويُستعبَد لك ...فاضرب جميعَ ذكورها بحد السيف . وأما النساء والأطفال والبهائم وكل ما في المدينة كُلُّ غنيمتها فتغتنمها لنفسك وتأكل غنيمة أعدائك التي أعطاك الربُّ إلهك . هكذا تفعل بجميع المدن البعيدة منك جداً التي ليست من مدن هؤلاء الأمم ههنا . وأما مدن هؤلاء الشعوب التي يعطيك الربُّ إلهك نصيباً فلا تستبق منها نسمة ما ))[ تثنية 20 : 10_17] . وعقيدة الترفع عن الأغيار والنظر إليهم نظرةً دونية : (( أنتم تعلمون أنَّهُ مُحَرَّمٌ على اليهوديِّ أن يتعاملَ معَ الأجنبيِّ أو يَزورَه في بيته)) [ أعمال الرُّسل 10: 28] .
وهكذا فإن خرافة الهولوكوست أو أكذوبة المحرقة التي اخترعها اليهودُ بدون دليل واقعي ملموس إنما تهدف لابتزاز العالَم أكثر فأكثر ، وتشكيل جبهة متعاطفة معهم عبر تصوير أنفسهم كضحايا أبرياء ، وبالتالي ينالون القبول لدى الآخر،ويحصلون على دعمه وشفقته ومساعدته عبر إدامة فترة خداعهم لأطول وقت ممكن . ومن هنا فإن اليهودية الصهيونية والنازية وجهان لعملة واحدة لا يمكن حدوث عداوة بينهما ، لأنهما سائرتان وفق فلسفة واحدة في إطارها المتطرف المضاد لأبسط حقوق الإنسان .
ب) تطبيق فكرة النازية لحرق الفلسطينيين .
إن فض الاشتباك بين الإنجيل( العهد الجديد ) والتوراة ( العهد القديم )،وتفكيك الترابط بينهما هو معنوية التأسيس الفكري من أجل إقصائهما نهائياً من دائرة صنع القرار الديني والسياسي ، لأن اعتماد إدارة المحافظين الجدد على ما يسمى بالكتاب المقدَّس أحال العالَم إلى كومة أنقاض ، وهذا يعكس الأخطاء المنهجية المتطرفة في " الكتاب المقدَّس" الإرهابي. وهكذا فإن إبعاد " الكتاب المقدَّس" عن دائرة صنع القرار ، خصوصاً القرار السياسي، يُعتبَر أولوية قصوى. فالدِّين النصراني واليهودي في حياة الفرد الغربي هو بحد ذاته مشكلة استباقية لا تُثبت شيئاً، لأنها هي تفتقر إلى الإثبات. وبالطبع لا يمكن إثباتها لأن الإنجيل هو التوراة في صيغتها الصهيونية البشرية . وعليه يكون الإنجيل هو حلم التوراة القائمة على الإبادة الجماعية ، وذلك من أجل ترسيخ سيطرة أمريكا على العالَم . فالحلم الأمريكي الصهيوني التوسعي قد يتم فهمه من خلال سياق النص التالي : (( في ذلك اليوم قطع الربُّ مع أبرام ميثاقاً قائلاً : لنسلك أعطي هذه الأرضَ من نهر مصر إلى النهر الكبير نهرِ الفرات )) [ تكوين 15: 18] .
وبما أن" إسرائيل" هي قاعدة عسكرية متقدمة في العالَم العربي لخدمة المصالح الغربية ، إذاً ينبغي على الإدارة الأمريكية أن تنتبه إلى أن مغامرات الكيان الصهيوني قد تُغرِق أمريكا إلى الأبد دون أية فرصة للنجاة،وهذا كله راجع إلى وعد توراتي تم إسقاطه في متوازِيات مُسيَّسة . وصارت الكنيسةُ مؤسسة برجوازية استغلالية طبقية ذات تمييز عنصري بين البِيض والسُّود . وبالتأكيد فإن السياسة الغربية ستكون أفضل بدون" كتاب مقدَّس" أو كنيسة تختطف الدولةَ. وإن أوروبا قد أحسنت صنعاً حينما أدارت ظهرها في الدستور الأوروبي لجذورها النصرانية المتطرفة، ورفضت وضع أية مادة تشير إلى خلفية أوروبا النصرانية، رغم محاولة المؤسسة الكنسية الأولى في العالَم ( الفاتيكان ) تسييس الدِّين، والتدخل في النطاق السياسي الأوروبي ، ولكن دون جدوى . وبالطبع فإن هدف الفاتيكان من إثبات نصرانية أوروبا هو أدلجة مصطلحات الإنجيل الجدلي لتعميق نفوذ رجال الدِّين،وتحقيق مصالح شخصية للكرادلة قد تُقوِّي المؤسسة الدينية الكاثوليكية المتداعية في صراعها مع المؤسسة الأرثوذكسية الروسية أو الكنيسة الأنكليكانية الإنجليزية أو المؤسسة الدينية البروتستنتية في أمريكا وشمال أوروبا . خاصةً أن عدد الكاثوليك الذي يَتَعَمَّدون سنوياً في تراجع مستمر، لأن الغربيَّ فقد ثقته في دينه، فالإنسان يريد خلاصاً بالدِّين ، ولكن حينما يصبح الدِّينُ عبئاً على الفرد، وتؤول ممارسات الكنيسة إلى سلطة الانهيار السياسي في القوالب الاجتماعية، فعندها سوف تسقط القيم الروحية للفرد فيخلع نفسَه أثناء حياته التي تدخل في الإلحاد والعدمية، فصارت الإحصائيات _ للأسف _ في أي بلد غربي حينما تتحدث عن الدِّين فإنها تذكر نسباً هائلة للملحدين ، وكأن الإلحاد صار ديناً رسمياً يوضع جنباً إلى جنب مع باقي الأديان ، وهذا الانهيار الشامل تتحمله الكنيسة بنسبة كبيرة، لأنها أقصت حلمَ الفرد ، ووضعت مكانه المصالح النفعية لرجال الدين على حساب البعد الإيماني المشوَّش. فغدا احتكار سلطوية التأويل الديني للنص أهم أولويات رجال الدِّين متناسين البعد الاجتماعي والعاطفي للفرد العادي في الشارع. ومع قيام الكنيسة بشرعنة الزواج الثلاثي ( ثالوث إبادة الروح ) المكوَّن من عناصر السلطة والثروة والدِّين ، آثر الفرد العادي الانسحاب من هذا العالَم الذي لم يعد يجد فيه مكاناً يتسع لجسده وقلبه وتطلعاته الروحانية والجسدية ، خصوصاً وهو يرى أن الدِّين الذي يُفترَض به أن يكون المنقِذ قد غدا عبئاً ثقيلاً يقتل الآخرين لينقذ نفسه ، ويظل حكراً على رجال الدِّين لزيادة أرصدتهم البنكية .
........................
إن الدول البوليسية تأخذ منحىً قمعياً حاداً ضد حقوق الإنسان، والحرياتِ المدنية. فنحن نجد أن هناك أنظمة علمانية متطرفة في العالم الإسلامي اقتبست فكرةَ العلمنة من أوروبا وحرَّفَتْها لتجعل منها أداة قمع.والعجيب أن هناك دولاً علمانية تضع الهلالَ على أعلامها مع أنه رمز ديني إسلامي مثل تونس التي يحكمها اللصوص بزعامة المجرم ابن علي . وقد انتشرت الأنظمة السياسية التي تمارس إرهابَ الدولة المنظَّم ضد شعوبها باسم الديمقراطية والحرية وحقوق الإنسان ، وتملك سجلاً أسود في حقوق الإنسان من خلال التعذيب المنهجي، والاعتقالات الفوضوية، وانتشار السجون التي تغص بالسجناء السياسيين والأبرياء الضحايا ، ومنع الحجاب ، وملاحقة المحجَّبات ومنعهن من الدراسة والعمل ، في حين تُمنَح التراخيص للساقطات بالعمل بكل حرية . وللأسف فإن هذه الأنظمة البوليسية الجاثمة على صدور الشعوب الخرساء ترفض رفضاً باتاً منحه حرياته، فلو كانت علمانيةً _ كما تزعم _ لقامت بمنح الحريات الشخصية للأفراد من منطلق قناعاتهم . لكن العقلية المخابراتية التي تحكم هذه البلادِ هي التي تحول دون تقدمها ، فالدول العربية يحكمها العسكرُ ، وهي تنحو منحىً تغريبياً مضاداً للإسلام والعروبة، ومع هذا نجد أن الجامعات العربية عاجزة عن اللحاق بجامعات الغرب ، والاقتصاد العربي ميت في مهده ، والأدمغة العربية المتفوقة تم تهجيرها إلى أمريكا وأوروبا . وهذا يدل على أن مفهوم التغريب محصور في تقليد الغرب في الأمور السيئة وترك الجانب المشرق من ناحية التقدم المادي . والأنظمة الحاكمة في العالَم المتخلف تدار بالعقلية العسكرية المخابراتية. فهذه الأنظمة لا تهدف إلى التطوير والتحسين ، حتى لو تذرَّعت بالعلمنة أو العولمة أو الانفتاح ، وغير ذلك من الشعارات الجوفاء التي يُراد منها إطالة عمر الأنظمة الفاسدة أطول وقت ممكن. ومن الضرورة أن يعمل الشعب جاهداً على التغيير للأفضل عن طريق تغيير أنظمة الحكم التي هي عثرة في طريق تقدم الإنسان .

09‏/12‏/2010

خواطر سياسية ( كلام في الممنوع )/ الجزء الحادي عشر

خواطر سياسية ( كلام في الممنوع )
الجزء الحادي عشر
المؤلف : إبراهيم أبو عواد
[1]العدو الصهيوني كان قادراً على اغتيال ياسر عرفات طوال عمره لكنه أراده وحيداً بعد تصفية زملائه لكي يوقع على بيع فلسطين بما يملك من رمزية وثقل لدى الشعب الفلسطيني . فالذي يصل لأبي حسن سلامة ( المسؤول عن حماية عرفات ) وخليل الوزير وباقي المناضلين ، لن يعجزه الوصول لعرفات . وبعد أن صار ياسر عرفات ورقة محروقة قاموا بقتله وأحضروا العميل محمود عباس الذي يخاف أن يلاقي مصير عرفات ، فعباس هو دمية مثل أنطوان لحد ، وحركة فتح هي جيش لحد .
[2] لو بقينا ننعت تنظيم القاعدة بالإرهابي حتى القيامة ، فلن تهتز شعرة من رأس ابن لادن ، ولن نوقف شخصاً يريد تفجير نفسه دفاعاً عن قضية يؤمن بها ، ويرى أنها الوسيلة الصحيحة للانتقام من أمريكا . لذلك فالحل الجذري هو المعالجة الفكرية وإزالة الشبهات لأن الدبابة والسجون لا تقدر أن تواجه فكراً . فالعقل هو القادر على مواجهة العقل .
[3] إن الغرب يقوم استثمار عقل الوهم في جسد الخرافة .
[4] لقد انتبهت أوروبا مبكراً إلى كون اليهود معول هدم في البناء الحضاري، وإذا بقوا في السفينة الأوروبية فسوف يثقبونها ويقضون على مصير أفرادها، فقامت بالتخلص منهم عبر زراعتهم في فلسطين لكي تحميَ أوروبا نفسها من خيانتهم التي ساهمت في إحراق العالَم على مدار التاريخ. ومعلومٌ أن اليهود قوم خيانة وغدر غارقون في الأضاليل وتلميع صورتهم . [ لمعرفة المزيد حول خيانة اليهود راجع كتابنا صورة اليهود في القرآن والسنة والأناجيل ]. وإليك مثالاً حياً يوضِّح هذا المبدأ ، ففي كتاب يوميات المعتز ( 1/ 133) لعلي الدجاني جاء ما يلي : (( آرثر كوستلر المؤلف اليهودي ، المجري الأصل والبريطاني الجنسية مات منتحراً مع زوجته في لندن . الخبر مثير نظراً لمكانة المؤلف ، والمبرر الذي نشره الإعلام الغربي كسبب للانتحار هو أنه عضو في جمعية " الموت الاختياري" وأنه اختار هذه الطريق بنفسه . لم يرد في مراثيه أي ذكر لكتابه الوثائقي الذي اختفى من مكتبات العالم عن العشيرة الثالثة عشرة .. الذي أثبت فيه أن اليهود الأشكناز من أمثال بيغن وشارون وسائر اليهود في روسيا وأوروبا ليسوا من أصل سامي.. ولا يمتون لليهودية التي نشأت في الشرق الأوسط بصلة .. بل إنهم من قبائل الخزر التي عاشت مثل النَّوَر في جنوبي روسيا ثم اعتنقت الدين اليهودي تخلصاً من الحرج في اعتناق الدين الإسلامي عندما وصلت فتوحاته إلى تلك المنطقة، أو اعتناق الدين المسيحي دين حكام المنطقة .. انتحر المؤلف لأنه تعرض لعذاب نفسي شديد بسبب إنكار اليهود له ، ومحاربتهم لكل نشاطاته.. هذا هو سبب انتحاره . ويبقى كتابه برهاناً ثابتاً على أن اليهود الأشكناز ليسوا ساميين . وإنهم لم يُضْطَهَدُوا بسبب ساميتهم بل بسبب مكرهم . وستكشف الأيام المزيد من الأضاليل الصهيونية )) اهـ.
[5]لقد أخطأ كل من ظن أن الإبداع هو اللهاث وراء سراب الحضارات الأخرى ، والسطو على إنجازات العلماء والفلاسفة والشعراء في العالم الغربي بحكم تفوقه المادي. وهؤلاء مصابون بعقدة الخواجة ، لذا تراهم يتنكرون لتاريخهم ويطعنون به دون وجه حق ظناً منهم أنهم يحققون فتوحات عريضة في دنيا الأدب ، ويكسبون معجبين جدداً وقبولاً لدى الآخر . وهذا الوهم الطُّعم الذي بلعوه إنما هو ناتجٌ عن ضعف واضح في النسق الفكري لدى هؤلاء الأشخاص ، وعدم انتماء إلا لجيوبهم ولجان الجوائز المشبوهة . وصار للأسف الشديد الشعار المرفوع " هاجم الإسلام وخذ أية جائزة غربية " . وقد تخلت هذه الحفنة عن دينها وتاريخها المشرق، ورمت نفسها في أحضان الثقافات البائدة القائمة بالأساس على وأد الإنسانية وأداً فاضحاً على مرآى من وسائل الإعلام التي سيطر عليها المنحرفون ، وأصحاب الفكر الشاذ .
[6] نسعى إلى كوكب بدون الغرب الشيطاني الإسخريوطي .
[7]إن لم تشعر بالطريق كيف ستمشي فيه ؟ ، وإن لم يلمس ضوءَ الشمسِ جلدُكَ فكيف ستنال الحرارة ؟ . أولئك الذين حملوا السيوفَ وذهبوا إلى المعارك كلهم يشعرون بالمكان والزمان والحياة والزوجة والأولاد ومكان الولادة والمدن القريبة إلى القلب والأصدقاء والطفولة والذكريات . إنهم لم يحملوا السيوف لأنهم آلات تعمل على الأزرار الإلكترونيةِ وإنما لأن عقيدةً رسخت في قلوبهم وعقولهم وذهبوا كي يدافعوا عنها . إن إحساسَهم بخطرٍ يُحاصرهم ويهدد وجودهم ساهم في تعبئتهم ، وكذلك الشاعر حين يشعر بخطر يداهم إنتاجه يهب للدفاع عن الرؤية .
[8] ينبغي رفض الأمركة المسماة كذباً وزوراً العولمة . ونحن بدورنا يجب أن نقدم مشروعنا العالمي وليس العولمة . والفرق بينهما شاسع ، فالأول يعني تقديم الحلول لمشاكل المجتمع البشري دون استغلال الناس أو ابتزازهم أو طمس أبعادهم الثقافية المستقيمة ، وهذا هو الاختلاف الجوهري مع العولمة التي تعني القهر وحمل الناس بالسيف المادي والمعنوي على تبني مشروع أمريكي شاذ عن المسار الحضاري العام . ولا مجال لعقد هدنة مع هذا الغزو الثقافي العسكري الاقتصادي الإمبريالي بالمرة ، والخيار المتاح أمامنا هو المقاومة على جميع الأصعدة ، فالمسألة تتهدد وجودنا كقوة فاعلة على مسرح العالَم . وعلى الرغم من كوننا نعيش أزمة شرسة وحالة تخلف مادي إلا أننا نملك مقومات روحية وحضارية هائلة يفتقدها الغرب المادي الجدلي. وهذه نقطة قوتنا التي يحسدنا الغرب عليها ، وهي منطلقنا نحو فرض حضارتنا الزاخرة على وجهة التاريخ فرضاً. فإن كنا نبكي على ضياع الأندلس، فإن الغرب يبكي على ضياع مصر والشام والقسطنطينية. وإن كنا نتعرض لغزو لغوي إنجليزي يستهدف هوية لغتنا فإن اللغة العربية صارت تخترق العالَمَ الغربي، وصارت مثارَ اهتمام عالمي واسع في الغرب لفهم طريقة تفكيرنا . ولو طالعتَ عدد الدارسين للعربية في جامعات الغرب ومراكزه الثقافية لعلمتَ الطفرة النوعية الهائلة التي أحدثتها القوةُ الكامنةُ في اللغة العربية المقدَّسة على الرغم من تخلف العرب، فلم يعد غريباً أن يظهر المسؤولون الغربيون على الفضائيات العربية وهم يتحدثون العربية .

08‏/12‏/2010

خواطر سياسية ( كلام في الممنوع )/ الجزء العاشر

خواطر سياسية ( كلام في الممنوع )
الجزء العاشر
المؤلف : إبراهيم أبو عواد
[1] سهل أن تقول : قال الله وقال رسوله،ولكن من الصعب أن تقول للحاكم : لا . وهذا المحك الأساسي الحقيقي .
[2] في وقتٍ صارت فيه البغايا يمتلكن جوازات سفر دبلوماسية ، والمجاهدون يُرْمَوْن في زنازين التعذيب والنسيان، ليس غريباً أن تراني أُقاتِل شياطين الإنس الحاكمين .
[3]الوطن العربي مجموعة رعيان غنم يحكمون قطيعاً من الغنم .
[4]النفط صار اللعنة التي أصابتنا بسبب غباء الأنظمة الحاكمة .
[5]إن الشيء الوحيد الذي يتقنه العرب المعاصرون هو رعي الغنم .
[6] إن الرئيس اللبناني يجب أن يكون مسلماً ، فمن غير المعقول أن يحكم النصارى وهم أقلية .
[7] إن الأمة التي أولها محمد صلى الله عليه وسلم ، وأوسطها المهدي عليه السلام ، وآخرها المسيح صلى الله عليه وسلم ، لا يمكن هزيمتها .
[9]اتحادات الكتاب العربية ديكورٌ ثقافي ، وواجهةٌ تُخفي قُبْحَ الأنظمة الحاكمة.
[10] الشيء الوحيدُ الذي استفدتُه من الحكومةِ هو أنهم قدموا لي سكناً مجانياً ( الزنزانة).
[11] بابا الفاتيكان مهرج في سيرك محترق .
[12] تكريم الدولة للمثقف بمثابة إعلان انتحاره .
[13] كل ملكة سوف تكون نهايتُها مثل ماري أنطوانيت .
[14] لا يوجد أي دستور يسري عليَّ سوى القرآن الكريم .
[15] أنا فوق الدساتير الوضعية .
[16] مشروعنا الحيوي يهدف إلى أفريقيا إسلامية عام 2030م ، وأوروبا إسلامية عام 2040 م .
[17] كسر الصليب هو الشرعية المنهجية للثورة .
[18]على الحركات الإسلامية في أوروبا أن لا تعترف بالدولة والدستور نهائياً.
[19] يجب علينا أن نؤسس أفكارنا وفق مبدأ صدام الأديان والحضارات .
[20] إن مجتمعاتنا تعيش في جاهلية عنيفة لن تُشطَب إلا بإقامة الدولة الإسلامية.
[21]كوكب الأرض بحاجة إلى فتوحات إسلامية جديدة .
[22] يجب إقامة الدولة الإسلامية بكل الوسائل السلمية والعسكرية .
[23] جئتُ لألغي الوثن المسمى الاتحاد الأوروبي .
[24] عندما نُسقط الدولةَ الجاهلية المعاصرة نصبح الدولةَ .
[25] أنا واثقٌ أن الحضارة الغربية سوف تسقط نهائياً مثلما سقط مكياج مارلين مونرو إلى الأبد .
[26]لا فرق بين المافيا والفاتيكان .
[27]أنا أفهم في الإنجيل والتوراة أكثر من بابا الفاتيكان نفسه .
[28] بكل تواضع إن قصائدي أعظم من الإنجيل والتوراة .
[29]جريمة قتل عماد الفايد وديانا سبنسر تجسيد واضح لصدام الحضارات، والحربِ بين الهلال والصليب .
[30]إذا كان عماد الفايد الذي قضى حياته في الكفاح المسلح ضد الصليبيات في غرف النوم قد قاموا بقتله ، فماذا سيكون موقفهم منا نحن الذين قضينا حياتنا في الكفاح المسلح ضد الصليبيين في المعارك ؟ .
[31]حدود فلسطين حيث يصل الاستشهاديون .
[32]الإنسان هو الكائن الإرهابي .
[33]نقطة ضعف اللص أنه يعرف أنه لص .
[34]الحضارة الغربية تحترم من يبصق عليها .
[35]أكبر منظمة إرهابية في العالَم هي الفاتيكان .
[36]أمريكا هي الشيطان ، لكن الحادي عشر من سبتمبر ليست الوسيلة الصحيحة للتعامل مع الشيطان . وأمريكا هي العاهرة المقدَّسة ، ولا يحق للعاهرة أن تصنف الناس إلى شرفاء وغير شرفاء .
[37]المكان الوحيد الذي توجد فيه عدالة في العالَم العربي هو الكيان الصهيوني .
[38]دائرة المخابرات في أية دولة في العالَم هي الدائرة الحكومة الوحيدة الخالية من الروتين لأن وسائل التعذيب متجددة باستمرار .
[39]كل جهاز مخابرات لا يقوم بعمليات خارجية جهاز ميت ، وكل جهاز مخابرات قادر على القيام بعمليات خارجية ولا يقوم بها جهاز غبي .
[40]إن سماح الحكومات العربية بنشر مؤلفاتي دليلٌ على أن العرب لا يقرأون .
[41]النظام العربي لا يعترف بالكاتب العربي إلا إذا كان حذاءً للحاكم ، والنظام الغربي لا يعترف به إلا إذا أدار ظهره لأمته .
[42] نحن المسلمين لم نصنع دولةً بالمفهوم الشرعي السياسي التأصيلي منذ القضاء على الخلافة الراشدة على يد معاوية بن أبي سفيان .
[43] كوكبُ الأرض إقليمٌ متمردٌ على إرادة الله تعالى .
[44]الحل الوحيد لإنهاء احتلال العسكر لتركيا هو قلب نظام الحكم عسكرياً.
[45]وظيفة كل مسلم في هذا العالَم أن يمسك مطرقة ومسماراً ، ويدقه في نعش أمريكا.
[46]أمريكا مثل العاهرة ، تحترم من يبصق عليها .
[47]منظمة أوبك هي البقرة الحلوب في مزارع رعاة البقر ( الغرب الإمبريالي ) .
[48] الحل الوحيد لانتشال مصر من قاع التخلف أن يقلب الإسلاميون نظام الحكم ويستلموا السُّلطة .
[49] أنا لا أطالب بسبتة ومليلية فقط ، بل بالأندلس كاملةً .
[50] شرف كبير لي أن تسميني أمريكا إرهابياً .
[51] شيئان يزيدان الطغاة طغياناً : حِلم الله عليهم ، وثناء الناس عليهم .
[52]الأمة العربية فقدت شرفها مذ تعاونت مع الإنجليز ضد الدولة العثمانية. وأن نكون رعيان غنم عند العثمانيين وخدماً لهم ، أفضل من أن نرعى الخنازير عند بريطانيا وفرنسا ونمسح أحذيةالصليبيين .
[53] لن تتقدم حقوق المرأة إلا بتعيين ماما للفاتيكان،ومديرةٍ لدائرة المخابرات.
[54] الفارق بين الملكة فكتوريا والخادمة السيريلانكية يكمن في نوعية المكياج.
[55] عندما أكتبُ فإن سُلطتي أعلى من سلطة الملكة فكتوريا .
[56] فاتن حمامة تفهم في السياسة أكثر من كل حكام مصر في القرن العشرين.
[57]الحل الوحيد لإحلال السلام بالمنطقة هي محو الكيان الصهيوني من الخارطة .
[58] الحاكم العربي راعي الغنم جعل الدولة إسطبلاً .
[59] الدولة العربية لم تتجاوز مرحلة القبيلة .
[60] نمارس السياسة بعقلية رعي الغنم .

06‏/12‏/2010

الجاهلية المعاصرة والتحرر الشامل

الجاهلية المعاصرة والتحرر الشامل
المؤلف : إبراهيم أبو عواد
إن فلسفة الجاهلية المعاصرة تأخذ أشكالاً متعددة منها على سبيل المثال:
1) الشكل الثوري : كما في ثورة 1952م في مصر ، وثورة الخميني في إيران ، وكلاهما ثورة اللصوص على اللصوص .
2) الشكل السياسي : ويتمثل في القادة الفاتحين الذين ينامون في غرف العمليات ، ويدفعون الشباب إلى الموت مجاناً ، ثم يسمون الهزائم انتصاراتٍ ، ويسجلون تلك " الانتصارات " بأسمائهم وأنظمتهم الحاكمة . وهذا الشكل السياسي له أبعاد أخرى مثل السماح بالمظاهرات المرخَّصة مسبقاً لتحسين صورة النظام السياسي ، وإلصاق الحرية به لصقاً مفضوحاً . والعجيب أن الحكومات كلها تتحدث في السياسة ، ولا توجد حكومة تفهم في السياسة . حيث صارت سرقة الشعب جزء أساسي من فلسفة الوحدة الوطنية، لأن الشعب _ أصلاً _ يخطط حياته ويُنظِّمها وفق أساس فوضوي.
وكما قال النبي صلى الله عليه وسلم : (( تأتي على الناس سنوات خَدَّاعات ، يُصَدَّق فيها الكاذب ، ويُكَذَّب فيها الصادق، و يؤتمن فيها الخائن ، ويُخَوَّن فيها الأمين ، وينطق فيهم الرويبضة )) ، قيل : يا رسول الله ، وما الرويبضة ؟ ، قال : (( الرجل التافه يتكلم في أمر العامة )) [ الحاكم وصححه ، ووافقه الذهبي ] .
فالحاكم العربي الصَّنم يدير الدولة بالعقلية البدوية فهو شيخ القبيلة المقدَّس ، والشعب قطيع الغنم الذي لا يجرؤ على الاعتراض سواءٌ ذُبِح أم لم يُذبَح، وهذا جعل الوطن العربي أجمل مقبرة في العالم . وقد ماتت الدولة في ضمير الشعب ، فأضحى كل فرد دولةً مستقلة بلا بوصلة ، وبدون حلم جماعي موحَّد . فكل فرد صار هدفه أن ينجوَ بنفسه، وأن يقفز من هذه السفينة التي تغرق ( الوطن العربي ). وهذا مرجعه إلى أن الشعوب العربية مدمنة على المخدرات السياسية ، وهي تتعاطى الكوكايين السياسي منذ قرون ، وهو أخطر من كل أنواع المخدرات الموجودة .
وهذا التخبط السياسي العنيف أَفرز أنظمة عربية صهيونية مرمية في أحضان العدو اليهودي ، وهذا يعود إلى سببين :
أ ) السياسيون العرب يهرفون بما لا يعرفون ، فهم لديهم نفس فلسفة المتسولين على إشارات المرور .
ب) إن أقصر طريق إلى قلب الشيطان الأمريكي نيل رضا العدو الصهيوني الذي هو في واقع الأمر جثةٌ راقدة في غرفة العناية المركزة ، تعيش على أجهزة التنفس الصناعي ، وفي أية وقت سيتم تفجير غرفة العناية المركزة . ولا يخفى أن كل كارثة في العالَم وراءها أصابع يهودية بشكل مباشر أو غير مباشر .
إن مشكلة الحكم في العالَم العربي هي اتساع الصدمة الوجدانية المرافقة لتحول راعي الغنم إلى رئيس دولة. ومشكلة الحاكم أن أجهزته الأمنية لا تقدر أن تدافع عنه وهو في القبر . ولكن يظل الحل جذري الأكثر نجاعةً للتعامل مع الأنظمة الحاكمة باسم الشيطان هي قلب نظام الحكم عسكرياً.وفي الدول المتخلفة يكون الجيش الوطني هو أكبر منظمة إرهابية في البلاد. وعليه ينبغي للشعب أن يقول كلمته لأنه صاحب القضية ، ويكون ذلك عبر أخذ زمام المبادرة . ولكن الإشكالية الحقيقية أن المواطن العربي في علاقته مع الحاكم صار مثل المرأة الكاثوليكية التي ترى زوجها يخونها ، ومع هذا لا يحق لها طلب الطلاق .
إن الانهيار السياسي كان له تداعيات عنيفة على المؤسسة العسكرية العربية المهزومة والعاجزة. فالأمة العربية وضعت على مكتب الشيطان استقالتها من العروبة بعد أن خسرت فلسطين في لعبة قمار . وهناك نكتة مضحكة تقول إن الجيوش العربية غير مستعدة لتحرير فلسطين لأنها مشغولة بتحرير الأندلس .
3) الشكل المنافِق : ويتجسد في التطبيل والتزمير من قبل الشعب للحاكم منتظرين بعض الأعطيات والصدقات . وقد يصل الأمر إلى ظاهرة تقديس الطاغوت بعد موته ، وهذا مؤشر خطير على أن البعض يعشق قاتله مثلما تعشق المرأة غير السوية مغتصبها وجلادها . وإذا أردنا صناعة شعوب ثورية جديدة ينبغي تحطيم صور الطغاة في مخيلة الشعوب المدجَّنة . وللأسف فإن الشعب يعشق الرئيسَ الذي يضحك عليه . ومن خلال هذا الانكسار الانسحابي لا يمكن أن تبنيَ نظاماً في العالَم العربي إلا على أساس الفوضى المتجذرة وقرونِ التخلف الطويلة .
4) الشكل الفلسفي : وهو يتناول فلسفة الحكم المبنية على أساس " الغاية تبرِّر الوسيلةَ " ، والمستندة إلى أبعاد ذهنية وواقعية يتم تنفيذها بشكل تقابلي ارتدادي للحفاظ على ديمومة النظام الحاكم كيفما اتفق . إذ إن تقدم المجتمعات يشكل خطراً حقيقياً على الأنظمة الحاكمة ، لذا فمن مصلحة النظام الحاكم أن يظل الشعب متخلفاً . وما بُنِيَ على التلبيس لا يُكشَف إلا بالتمحيص . وللأسف فإن حكامنا يحكمون منذ عصر الديناصورات حتى الآن .
5) الشكل الاجتماعي : ويخص طبيعة نظر السلطة الحاكمة إلى الشعب فردياً وجماعياً . فالمواطن العربي الصالح هو الشخص المسطول الذي لا يسمع ولا يرى ولا يتكلم . فالشخص الملتزم بالقانون هو الذي يُعاقَب، وهو الحائط المنخفض الذي يداس تحت الأقدام . أما بالنسبة للكفاءات والمواهب ، فالأدمغة العربية بين نارين بلا منطقة وسط : البقاء في الوطن العربي ، وهذا يعني تدمير المستقبل ، أو الذهاب إلى الغرب لخدمة الأعداء . ففي الوطن العربي لا فرق بين العالِم الحائز على الدكتوراة من هارفارد وبائع العلكة . كلاهما يملكان نفس المكانة ، بل على العكس فإن بائع العلكة يمتلك أفقاً فلسفياً أكبر لأن يستطيع تنفيذ مخططاته التطويرية ، أما العالِم فلا يقدر أن يطبق نظرياته في بيئة قاتلة للإبداع . وكل الأنظمة الشمولية في العالم تعتبر أن أفضل وسيلة للتعامل مع الموهبة هي التخلص منها لأنها تعتقد أن العقل المفكر يشكل خطراً على نظام الحكم ، فينبغي وأده . وكما قال الشاعر :
ذو العقل يشقى في النعيم بعقله
وأخو الجهالة في الشقاء منعـم
وضمن منهجية إعادة تشكيل الإطار الاجتماعي نجد أن الحكومات فتحت أبوابَ الفجور على كافة المصاريع لتخدير الناس،وإبعادهم عن الكوارث السياسية. وقد دفعت الحكوماتُ اللصوصية كثيراً من الناس إلى بيع شرفهم لكي يأكلوا . وعلى أية حال فإن المرأة التي تبيع جسدها أفضل من الطغاة الذين باعوا شرفَ الأمَّة مجاناً ، وهم غارقون في التخمة . وكما قال الشاعر :
قد يُعذَرون لو أن الجوع أرغمهم
والله ما عطشوا يوماً و لا جاعــوا
ولن تحصل نهضة إلا إذا امتنع الحاكمُ عن سرقة الشعبِ ، لكن هذا لن يحصل في المدى المنظور ، لأن النظام العربي المعتمد في الإدارة هو الفوضى الخلاقة . وهكذا أضحى الوطن العربي بيئة خصبة لسرقة الشعب والفساد الإداري . ففي الدول المتقدمة يكون الحاكم خادماً للشعب، وفي الدول المتخلفة يكون الشعب خادماً للحاكم . وإن أخطر سياسة تمارسها الحكومةُ هي القتل المنهجي للمشاعر في دماء الشعب. فأضحى البشر أشباحاً مفرغة من المعنى، لاهثةً وراء كسرة الخبز بكل ذل. لكننا نشدد على المسار الاجتماعي وأبعاده الدقيقة التي ينبغي أن تستند إلى حقيقة أن الإنسان كلما اقترب من ملوك الأرض ابتعد عن ملك السماوات والأرض .
لكن الأنظمة السياسية التي تتغطى بالإسلام لنيل الشرعية الوهمية ، وتسييس الدين لمصالح شخصية ضيقة مستعدة أن تتاجر بكل شيء . وحينما يتخلى الحاكم عن صفات الألوهية سيخرج الوطن من المقبرة . أما من ينام في أحضان السلطة القمعية ثم يبحث عن العدالة والمستقبل المشرق فحاله كمن يبحث عن إمام مسجد في وسط تجار المخدرات . فالسياسة العربية كبيع البطيخ على الأرصفة بلا مسار ولا رؤية ولا وجهة ، وهي عاجزة عن تحقيق العدالة والتنمية . وهذه الشعوب العربية ضائعة بين طغاة الداخل وغزاةِ الخارج ، وبالتالي فهي في مركزية التخبط بلا حاضر أو مستقبل ، حتى الماضي صار مصادَراً . وكما هو معلوم فالفقر لا يظهر في المجتمع إلا إذا كان النظام الحاكم لصوصياً . والحاكم العربي أفسد دنيانا فأفسدنا آخرته .
والخلاص الحقيقي لهذه الأمة هو إعلان الجهاد في سبيل الله ( الكفاح المسلح ). ولا يخفى أن الذين فتحوا فلسطين هم الصحابة _ رضي الله عنهم _ ، ولن يعيدها إلا أحفادهم . فالشعب الفلسطيني جرَّب الخيار العلماني ( حركة فتح العميلة ) ففشل ، وقد رأينا كيف تحولت حركة فتح إلى وكلاء حصريين للاحتلال ، وجيشِ لحد ، وحكومةِ فيشي. وجرَّب الخيار الماركسي ( الجبهة الشعبية ) ففشل. وقد رأينا كيف أن جورج حبش الذي كان يسعى لإزالة النظام الأردني قد دُفِن في الأردن بإذن من السلطات الأردنية التي أَشفقت عليه .
وكل أطنان شعارات الحرية والتحرير كانت زوبعة في فنجان لأنها مبنية على أساس باطل . فقد تحولت البندقية إلى سيارة مرسيدس ، وهذه هي الكارثة الفعلية .
وياسر عرفات الفاشل _ الذي هو عبء على القضية الفلسطينية في حياته وبعد مماته_ حينما كان مقاوِماً للاحتلال كان الغرب يصنفه كإرهابي . وحينما تنازل عن فلسطين في أوسلو تم منحه جائزة نوبل للسلام . والحال ينطبق على منظمة التحرير الفلسطينية التي فشلت في تحرير ذبابة لأن الفساد نخرها منذ بدايتها حتى وفاتها .
وفلسفة الغرب النازي في كل العصور هي الكيل بمكيالَيْن . لذلك فإن البندقية هي الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني . ولا مفر من بناء نظام حياتنا وفق منهجية نسور قريش كالحسين وابن الزبير : القتال حتى انفصال الرأس عن الجسد .
وبالتالي لا خيار للشعب الفلسطيني إلا حركات التحرر الإسلامية لأنها القادرة على الوقوف استناداً إلى متانة العقيدة التي تحركها . وإذا نظرنا بسرعة إلى خريطة الحركات المقاتِلة في العالم سنجد الغالبية الساحقة هي حركات إسلامية بامتياز مع اختلاف المنهجية في بعض الأحيان . ولا يمكن نسيان حقيقة أن الوجود البشري لا معنى له بدون تحرير فلسطين مملكةِ الله على الأرض . وإن عملية تحرير أي بلد إسلامي مندمجة بالكامل مع استرجاع الأندلس .
فالإسلام جهادٌ لا ينتظر المجاهِدَ ، ثورةٌ لا ترقبُ قدومَ الثائر ، وردٌ بلا شوكٍ لم ينبت على الأرضِ، لأن ما ينبتُ على الأرضِ تدوسه الأقدامُ. والإسلام أكبر حركة جهادية ثورية انقلابية في التاريخ . والسلطات الحاكمة تعرف هذه الحقيقة ، لذلك تعمل جاهدة على تدجين الإسلام ، وتقليم أظافر المجاهدين ، عبر توظيف علماء السلاطين الذين يقومون بتخدير الشعوب الإسلامية ليسهل ذبحُها عن طريق احتكار تأويل النصوص الدينية، وتوجيهها في درب شرعنة حكم الطواغيت، وتبرير ظلمهم وخيانتهم .
والجهاد لا بد له من أجيال متماسكة تحمله ، وهذا يعكس أهمية التربية الإيمانية الصافية ، وضرورة تربية الأبناء على أدبيات الانقلابات العسكرية ، لأن الدول العربية والإسلامية التي تم اختطافها بالقوة من قبل جهات معادية لا يمكن إعادتها إلا بالقوة . فقلب أنظمة الحكم السياسية والاجتماعية هو التطبيق الواقعي للحداثة المؤمنة .
وللأسف فإن الأم لم تعد تربِّي ، وإنما الخادمة هي التي تربي . فقد ضيعنا المرأةَ باسم حقوق المرأة . كما أن جمعيات حقوق تشريح المرأة سوقٌ لتعليم كيف تتاجرُ المرأةُ بأعضائها في الوقت الذي تريده وفي المكان الذي تختاره ، وعِصابةٌ لتحويل النساء إلى غرائز بمقاسات مختلفة حسب رغبة الزبائن .
لذا ينبغي إعادة التربية الإسلامية إلى البيت كأساس للتغيير في المجتمع من الرأس حتى القاعدة .

05‏/12‏/2010

رعيان الغنم يحكمون قطعان الغنم

رعيان الغنم يحكمون قطعان الغنم
المؤلف : إبراهيم أبو عواد
سوف يستمر حصار الإسلاميين عن طريق تزوير الانتخابات ، وهو إجراء وقائي متَّبع في الدول العربية المتخلفة للحيلولة دون وصول الإسلاميين . أما إن كانت الانتخابات نزيهة وهذه عملية استثنائية لا القاعدة ، فيتم حصارهم في السُّلطة من قبل الغرب وأنظمته العربية المتواطئة بشتى الوسائل ، من تجويع وإغلاق حدود وتضييق على الناس، وهذا كله من باب العقاب الجماعي للناخبين الذين أَتَوْا بهذه السُّلطة . فكأن الرسالة الموجَّهة لهؤلاء الناس العاديين هي أن انتخاب الإسلاميين سيجلب لكم الجوع والعطش والفقر والحرمان، فابْتَعِدُوا عنهم. وهي كذلك رسالة خارجية لكي يحذر الناخبون في البلاد الأخرى من انتخاب الإسلاميين ، لأن ذلك _ كما يُروَّج _ سيجلب لهم الشقاء والانهيار الاجتماعي بكل تفريعاته السياسية والاقتصادية . وهكذا فنحن أمام خطة منهجية تتم ضمن إجراءات محددة ، وخطواتٍ تقابلية بين الأنظمة العربية والغربية . وقد رأينا النظام المصري العميل كيف أَغلق المعابرَ، وقامت بإبادةِ شعب غزة ، وقتلِ الناسِ ، بأوامر أمريكية صهيونية مباشرة . والأمر كذلك ينسحب على جيش لحد الفلسطيني ( حركة فتح العميلة )الذي يُنفِّذ أجندةً أمريكية صهيونية لقتل الفلسطينيين، وملاحقةِ رجالِ المقاومة في كل مكان ، وتقديم المعلومات الأمنية الحساسة لأجهزة الأمن الصهيونية .
وهذه الأحداث وغيرها تدل على أن الديمقراطية الغربية انتقائية ذات أغراض سياسية محضة للتدخل في الشؤون الداخلية للدول والضغطِ عليها لتحقيق مكاسب شخصية. وليست الديمقراطية إلا صنماً من تمر ، يُقدِّسه الغربُ ، ثم يأكله إذا جاع.
والغربُ عموماً عبارة عن شركة استثمارية للاتجار بالبشرِ ، وامتصاصِ دماء الشعوب ، وسكب جثث الناس في صناديق الاقتراع لتحقيق أكبر نسبة فوز في الانتخابات، وهذا الهوس الذي يشبه عبادةَ الحاكم العربي للكرسي لا يتعلق باحترام الإنسان أو حقه في احترام خياره الانتخابي ، بل يتعلق باحترام صوت الناخب ما دام في صالح السُّلطة ، أما إن حاد الفردُ عن تقديس نظام الحكم فيتم تصنيفه كمواطن خارج على القانون ، وإرهابي خطر على أمن المجتمع ، وفردٍ فاسد ضد حقوق الإنسان ، والحريةِ ، والقيمِ الاجتماعية. وبالطبع سيتم تصفيته بعد هذه المقدمة الهجومية، إما روحياً أو مادياً. والمواطن دائماً على حق ما دام يؤيد السُّلطةَ الحاكمةَ ، أما إن بدَّل مواقفَه فهو على باطل . وبالنسبة للسُّلطة الحاكمة فهي على حق دائماً تتمتع بالقداسة والعصمة ، ولا تُسْأَل عما تفعل . وهذه هي فلسفة الانهيار الشامل على الصعيدين : الشخصي الذاتي والعمومي الكلي .
والمؤسف في هذه السياقات أن الشعب العربي قد اعتاد على الهزائم ، فصار يتضايق من الانتصارات أو صار عاجزاً عن تصديق حصول الانتصار ، وهذا هو التدجين الذاتي ، أي إن الفرد يقمع نفسَه بنفسه ليكرس القمعَ المجتمعي تاريخاً لاستمرارية علاقات تحول البشر إلى أغنام في مجتمع بدوي منهار عاجز عن دخول التاريخ أو الحياة ، لكنه يتواجد في الهامش الضيق قامعاً مقموعاً بلا أدنى مقومات الحياة الكريمة .
ومن خلال التعريفات المنهجية السابقة نجد أن انتحار النظام الحاكم أدى إلى تفشي ظاهرة الفوضى الحاكمة المرتدية قناع النظام . كما أن غياب النخب الحاكمة التي تنتشل الشعبَ من المستنقع أدى إلى ظهور عصابات حاكمة تتاجر بالوطن والتنمية والأخلاق والمستقبل .
وإذا لم يقم أصحاب الفكر المنهجي برمي حجر في بركة الماء الراكدة ، فإن المجتمع سيزداد غرقاً ، ويتقدم في أعماق الاضمحلال. فالوطنُ أضحى سوق سوداء للمتاجرة بالشعارات الوطنية والإنسانية ، وتسويق دماء المواطنين في صناديق الاقتراع مع أن النتائج محسومة سلفاً ضمن منهجية تزوير الانتخابات . والحاكم ذو وجود عَرَضي يأتي ويذهب ، أما الشعب فهو الجوهر الذي يتوجب عليه أن يأخذ زمام المبادرة لانتشال نفسه من قرون التخلف والانحطاط والفساد بكافة أشكاله . وفي حال استمرار النفاق الاجتماعي فإن الشعب هو الخاسر الأكبر ، لأنه قامر بوجوده ومستقبله من أجل الوهم ، وضحَّى بكل ما يملك من أجل العاجزين عن الدفاع عنه، ورمى أوراقه كاملةً على طاولة المقامرين المحترفين مع أنه لا يتقن قواعد لعبة اللصوصية باسم الوطن ، وألقى كافة ملابسه من أجل وعود بالاستجمام تحت الشمس ، لكنه بقي عارياً تحت المطر .
وفي ظل هذا الانهيار المتداعي الشامل تبخر وجود المستقبل المشرق في الأذهان، لأن البقاء على قيد الحياة صار هو الإنجاز المصيري الحاسم في العقلية الشَّعْبية، حيث المواطن يقضي حياته يلهث وراء كسرة الخبز ، وقد لا يحصِّلها . وهذا أدى إلى تحول الإنسان إلى آلة ميكانيكية استهلاكية تعمل على الأزرار ، وتنتظر الأوامر لتنفذها بدون مناقشة ، لأن الآمر هو مالك الخبز . وهذه خلاصة عقلية الأنظمة البوليسية القامعة التي تعتنق قاعدة " جوِّعْ كلبَك يتبعك " دستوراً لها من أجل حفاظها على وجود النظام ( الفوضى الحاكمة ) واستمراره بأي ثمن ، وبغض النظر عمن يدفع الثمن .
لكننا نستطيع أن نقول كخاتمة لهذا البحث إن الإسلام مغيَّبٌ تماماً عن كوكب الأرض . ويوجد مسلمون بلا إسلام ، وهذا نتيجة طبيعية لحالة الانهيار التراكمي الذي ضرب الأمَّة طوال قرون، حيث السفينة بلا ربان ، والتائه بلا بوصلة . وحالة الذل التي تحياها الأمَّة ما كانت لتتكرس لولا الطابور الخامس الموزَّع في بلادنا من قمة هرم السُّلطة حتى القاعدة . والذئب تجرَّأ على الغنم لأن الراعي عدو الغنم . وفي صحيح مسلم : عن أبي هريرة _ رضي الله عنه _ قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (( بدأ الإسلام غريباً ، وسيعود كما بدأ غريباً ، فطوبى للغرباء )) .
إن المشكلة الأساسية في العالَم العربي تتمثل في الحاكم العربي العميل ( العدو القريب ) الذي حوَّل الوطنَ العربي من وردة الحضارة إلى مقبرة الحضارة . فالسياسات الحكومية المستمدة من ذهنية القائد الرمز الزعيم الأوحد الرئيس الملهَم ... إلخ ، قد كرَّست الفسادَ كسياسة منهجية لا غنى عنها من قمة هرم السلطة حتى القاعدة.
ولا يخفى أن وجود الحاكم العربي في المنطقة غير أصيل ، لأن الكل يعلم أن الذين يحكمون في العالمَ العربي المنهار هم مجموعة من الأشخاص الذين تمت زراعتهم في المنطقة لتنفيذ أجندة خارجية ضد الهوية العربية الإسلامية ، وقد وضعتهم جهات أجنبية لخدمة مشاريعها مقابل الحفاظ على الكرسي . وهم مستمرون في الحكم لأن الشعوب العربية تفتقد إلى المنهج الثوري في الإصلاح والتغيير . ومن هنا يمكن الوصول إلى تعريف جديد للوطن العربي بأنه تكتل لرعيان الغنم الذين يحكمون قطيعاً من الغنم .
إن الوضع في العالم العربي بالغ السوء ، ولكن بسبب حجم الكوارث المتوالية لم يعد يشعر الفرد بخطورتها ، وكأنه قد وصل إلى مرحلة البلادة أو انتحار الشعور . وفي ظل هكذا وضع ليس غريباً أن يطردنا الله تعالى من فلسطين ، لأن الأمة الإسلامية غثاء كغثاء السيل لا تقدر أن تحرِّر ذبابةً ، فلا تطلب منها قيادة الدبابة .
ولنعقد مقارنةً سريعة بين الكيان الصهيوني والكيانات الأعرابية ، فسوف نجد أن العنصرية أو التعذيب في الكيان الصهيوني يُعتبران رفاهيةً مقارنة مع ما يحصل في الوطن العربي الذي يحتاج إلى وقت طويل للوصول إلى عدالة العدو الصهيوني . وحينما يدار الوطن العربي كما يدار الكيان الصهيوني سيزول الكيانُ الصهيوني الأكثرُ عدالةً وحريةً من كل الدول العربية بلا استثناء .
وقد قال ابن تيمية في مجموع الفتاوى ( 28/ 146) : (( ولهذا قيل إن الله يقيم الدولة العادلة وإن كانت كافرة ، ولا يقيم الظالمة وإن كانت مسلمة. ويقال : الدنيا تدوم مع العدل والكفر ، ولا تدوم مع الظلم والإسلام )) اهـ .
والانهيار الكامن في العقلية البدوية الأعرابية يتضح بصورة صاعقة في دور جيوشنا البدوية التي تحرس الكيانَ الصهيوني نظير راتب آخر الشهر . وهذا يعكس حجم الانهيار والاختراق في المؤسسة العسكرية العربية التي ينبغي على الحركات الإسلامية اختراقها كي تقود الانقلابَ المناسب في الوقت المناسب لأن التعويل على هذه الأنظمة العميلة مضيعة للوقت والجهد. وانتظار إخلاص الحكومات التي تتلقى الأوامر من الخارج كمن ينتظر قدوم الموتى لكي يساعدوه في حياته المعاشة .
والمضحك المبكي أن بعض الحكام العرب لا يعرف خارطة فلسطين على الخارطة ، ومع هذا فهم يتشدقون بالدفاع عن فلسطين وإنقاذها ومساعدة أهلها رغم أنهم جزء لا يتجزأ من مؤامرة بيع فلسطين .
وهذا الجو الدكتاتوري داخل متواليات الاحتقان السياسي أفقد ثقةَ الناس بحكامهم رغم مسلسل النفاق الاجتماعي والمديح الكاذب والانحناء على أعتاب السلاطين لقاء بعض الأعطيات . وفي حال سمعتَ الطاغيةَ يستخدم لفظة" الوطن " فاعلم أنه يقصد حساباته المالية السرية . لأن ما يسمى بالوطن هو إسطبل أو مزرعة شخصية لرأس الدولة وأسرته والموالين له . إن "الوطن" صار مصطلحاً معلَّباً هلامياً يتم احتكاره من قبل السُّلطة اللصوصية الحاكمة لتبرير استغلالها وظلمها .
والخوف الأساسي لا يأتي من الأعداء الذين يحملون أسماء " جورج " أو" موشيه" ، وإنما يأتي من الأعداء الذين قدَّموا سيرتهم الذاتية للشيطان ، ويحملون أسماء مثل " عبد الرحمن " أو " محمد " . فهؤلاء المنافقون هم الأشد خطورةً لأنهم ينخرون البنيان من الداخل باستعمالهم للكلام المعسول ، والمتاجرة بقضايا الأمَّة .
والذي يديم حكم الطواغيت في المنطقة هو ثقافة الرعب التي نربِّي عليها أبناءنا. مما أدى إلى عودة الفراعنة الآلهة الحاكمين على جماجم الشعوب الخرساء . وقد رأينا كيف ينكسون الأعلام في حالة وفاة الطغاة ، مما يدل على أن الشعب والوطن مزرعة شخصية للحاكم لا أكثر ولا أقل . وكلما اتَّسعت الفجوة بين الحكومة والشعبِ كان هذا دليلاً على أن اللصوص هم الذين يحكمون.
والمضحك المبكي أن أوطاننا تشنقُ المجاهدين ثم تبحثُ عن رجالٍ يُدافعون عنها. وهذه آخر صرعات عبقرية الأنظمة الجاهلية المعاصرة . وهذا المفهوم يقودنا إلى فهم أكثر تشريحاً للجاهلية . ففي الجاهلية القديمة كان الناس يعبدون الأصنام الحجرية ، أما في جاهلية القرن الحادي والعشرين فيعبدون الأصنام البشرية . وقد عادت الأصنام الجاهلية بأسماء عصرية، فأمريكا هي هُبَل، وبريطانيا هي اللات، وفرنسا هي العزى . هذا مثلث الشيطان الصنمي الوثني المعاصر المكسور . ولكني أقول : لولا الإسلام لكنتُ أول من يكفر بالأمة العربية .

02‏/12‏/2010

عبقرية الحاكم العربي في تزوير الانتخابات

عبقرية الحاكم العربي في تزوير الانتخابات !
إبراهيم أبو عواد / كاتب من الأردن
جريدة القدس العربي
لندن ، 2/12/2010م .
إن الحاكم العربي الصوري يستمد شرعيته المزعومة من أسياده في البيت الأبيض ، فهم الذين أحضروه وفرضوه على الشعب دون استشارة . فهذا الحاكم غير الشرعي لم يأتِ عبر صناديق الاقتراع ، وإنما نزل إلى سُدة الحكم بمنطاد أمريكي لتنفيذ أجندة محددة تتمثل في تأسيس الدويلات العربية المتناحرة كمحميات أمريكية تصمت مقابل القمح ، ولا تعترض مقابل راتب آخر الشهر . وعملية تزوير الانتخابات في الوطن العربي ما كانت لتحدث لولا موافقة ضمنية من الإدارة الأمريكية التي تتحكم بالأنظمة العربية من الألف إلى الياء ، فتثبِّت من تشاء وتعزل من تشاء . لكن السؤال الذي يطرح نفسه بقوة : لماذا صار التزوير يتم في وضح النهار أمام عيون الناس وكاميرات وسائل الإعلام دون خجل أو محاولة إخفاء ؟ . والجواب له مظاهر متعددة من أبرزها: 1) وجود ضوء أخضر أمريكي لمصادرة إرادة الشعب ، وإبقائه مقموعاً لا يرفع رأسه ، لاهثاً وراء كسرة الخبز ، من أجل ضمان خنوعه واستسلامه للذبح دون اعتراض . وهذا جعل النظام السياسي العربي واثقاً تماماً من موت الشعب ، وأنه لن يتحرك مهما حصل ، لأن الجثة الساكنة لا يُنتظر منها الحركة والاعتراض . فقديماً كان النظام السياسي يقتل القتيل ثم يمشي في جنازته لخداع الرأي العام ، وتصوير الحاكم العربي كحمل وديع ذي مشاعر مرهفة ، ودموع صادقة ، وحرص على البلاد والعباد . أما الآن فيتم القتل في وضح النهار ، ويعترف القاتل بجريمته ، ويتم تحميل الضحية كامل المسؤولية ، ولا أحد يمشي في جنازة أحد . 2) إن الأنظمة الحاكمة تعلم تماماً أنها غير شرعية ، ولم ينتخبها أحد ، فهي استمرار للاحتلال البريطاني والفرنسي . وهذا يجعلها تخاف من الديمقراطية والحرية وصوت المواطن ، لأن هذه المفاهيم تعني زوال الحاكم عن الكرسي ، وهذا خط أحمر . فالحاكمُ يبني مشروعه السياسي المنهار على الحفاظ على حُكمه حتى الرمق الأخير ، وليكن الطوفان بعد ذلك ، فلا يهم هل عاش الشعب أم مات . المهم أن يظل الزعيم الأوحد والقائد الملهَم والأخ المناضل في سُدة الحكم . 3) لقد أضحى النظام السياسي مسعوراً يأكل نفسه ويلتهم الآخرين ، فقد أُصيب بجنون العظمة ، وهوس المحافظة على الكرسي ، مما أدى إلى نبذ العقلانية ، وانتهاج أسلوب القمع والعنف ضد الجميع ، وهذه نتيجة متوقعة للدولة البوليسية العربية . لكن الأمور لن تستمر على هذا النحو ، فالحاكم العربي الذي يقود البلاد نحو الهاوية سيزول لا محالة مثلما زال هتلر وموسوليني ، وسيظل الشعب ليقول كلمته ويقود مسيرة إعادة بناء ما دمَّره الحاكم الذي ينخر في جسد البلاد كالسوس ، ويقود الشعب نحو الذل والضياع . وصدق الشاعر إذ يقول : ومن كان الغرابُ له دليلاً يمر به على جِيَف الكلاب