الإرهاب الصهيونصراني وأكذوبة الهولوكوست
تأليف : إبراهيم أبو عواد
إن اليهود لم يتركوا آثار وليس لهم حضارة . فالمسلمون تركوا قصر الحمراء ، والنصارى تركوا آيا صوفيا ، فماذا ترك اليهود ؟ . لقد تركوا الحقد والمكر . وللأسف فإن النصارى تحالفوا مع اليهود دينياً . ولو جئنا إلى الإنجيل لوجدناه كتاباً بشرياً مؤدلَجاً بشكل سياسي باتجاهاتٍ وثنية إقصائية ، والإنجيل تمت صهينته عن طريق ربطه القسري بالتوراة الصهيونية ( فصار الإنجيل هو العهد الجديد ، والتوراة هي العهد القديم، وكلاهما يُشكِّل ما يسمى بالكتاب المقدَّس وهو كتاب إرهابي ) .
...............
إن عبادة الإدارة الأمريكية للنفط أدَّت إلى كوارث أيديولوجية شرسة للغاية، فالإنجيل غدا صهيونياً بامتياز . ولطالما حذرنا من عمليات صهينة الإنجيل المتوالية، ومدى تأثيرها على تدهور الإنسان الغربي، وأيضاً فإن التيار العقائدي الغربي صار يتمحور حول إنجيل النفط . وهكذا فإن النصارى يخسرون أكثر فأكثر بفعل إصرارهم غير المنطقي على ربط النَّص الإنجيلي بالميثولوجيا التوراتية .
وهذا الاستلهام قامت أمريكا بتوظيفه في فلسفة تكوينها الحضاري للسيطرة على العالَم بكل وحشية، لكن هذه النزعة النازية النابعة من الإرث البروتستنتي سواءٌ داخل المدرسة اللاهوتية الألمانية أو الأمريكية تمت تغطية جرائمها بغطاء من حقوق الإنسان والأخلاق السامية والمبادئ الرفيعة والديمقراطية ... إلخ ، لدرجة أن ماكس فيبر وضع كتاباً عن الأخلاق البروتستنتية ، لكن فيبر لا يعرف أن البروتستنتية هي تيار سياسي مخادِع خالٍ من الأنسنة والأخلاق المعرفية الواضحة، فقد ارتدى غطاءَ الدِّين لأهداف مادية في الصراع على المواقع ، إذ إنه في الحقيقة مذهب نفعي مصلحي مؤدلَج سلبياً في نطاق صراع المصالح الشخصية ضد الكاثوليكية الاستغلالية ( جدلية تجارة صكوك الغفران).
وعلى الجانب الآخر وفق الدلالة العَقَائدية فإن اليهود الصهانية قاموا باستلهام أكذوبة "الهولوكوست" من الخيال، وقاموا بإسقاطها على الواقع من خلال منظورَيْن :
أ ) الاستفادة من حرق هتلر لبعض الجماعات مثل الغجر والألمان المنشقين وبعض المعادين للنازية من الأعراق الأخرى ، لتصوير أن اليهود هم الذين حُرِقوا في أفران هتلر، مع أن اليهود لم يتم حرقهم نهائياً ، إذ إنهم استطاعوا الفرارَ ، وتدبير أمورهم ، وغادروا ألمانيا ليتحالفوا مع أعدائها مثلما فعل عالم الفيزياء النووية آينشتاين . وهناك أيضاً الفيلسوف اليهودي هوسرل أستاذ مارتن هايدغر ( الفيلسوف النازي الشهير الذي يُنظَر إليه على أنه أكبر فيلسوف غربي في القرن العشرين ) ، لم يتم حرقه لأنه يهودي. ونخلص إلى القول إن ما يسمى بالمحرقة أو الهولوكوست أكذوبة مكشوفة لكسب تعاطف شعوب الأرض مع الإرهاب اليهودي النازي. وقد كانت العلاقة بين اليهودية الصهيونية والنازية ممتازة لأنهما وجهان لعملة واحدة اسمها التطرف. خاصةً أن الأسس الفكرية المتطرفة للنازية مثل قتل الأبرياء،ونقاءِ العِرق، وشعب الله المختار ، والإبادة الجماعية ، والتطهير العِرقي مستمدة من التوراة ( كتاب اليهود )، ومستمدة كذلك من الإنجيل بصورة أقل درجةً. ومن الغرائب أن شخصاً مثل العميل محمود عباس ( رئيس سُلْطة أوسلو ) كانت أطروحته للدكتوراة تتمحور حول علاقات قادة النازية بقادة الحركة الصهيونية. ولكن للأسف يبدو أن رسالته للدكتوراة لم تجعله يعرف التعامل مع الصهاينة فصار خادماً وعميلاً لهم. وصارت منظمة التحرير الفلسطينية مزرعةً شخصية للفاسدين المصابين بالتخمة على حساب الشعب الجائع المحاصَر .
ومن أهم العقائد اليهودية الصهيونية النازية نقاء العِرق وتفوق العنصر الذاتي على باقي العناصر البشرية ، فعقيدة " شعب الله المختار": (( ثم كلَّم اللهُ موسى وقال له أنا الرب ... وأتخذكم لي شعباً وأكون لكم إلهاً ))[ خروج 6: 2_ 7]. وعقيدة الإبادة الجماعية والتطهير العِرقي : (( حين تقترب من مدينة لكي تحاربها استدعها إلى الصلح . فإن أجابتك إلى الصلح وفتحت لك فكل الشعب الموجود فيها يكون لك للتسخير ويُستعبَد لك ...فاضرب جميعَ ذكورها بحد السيف . وأما النساء والأطفال والبهائم وكل ما في المدينة كُلُّ غنيمتها فتغتنمها لنفسك وتأكل غنيمة أعدائك التي أعطاك الربُّ إلهك . هكذا تفعل بجميع المدن البعيدة منك جداً التي ليست من مدن هؤلاء الأمم ههنا . وأما مدن هؤلاء الشعوب التي يعطيك الربُّ إلهك نصيباً فلا تستبق منها نسمة ما ))[ تثنية 20 : 10_17] . وعقيدة الترفع عن الأغيار والنظر إليهم نظرةً دونية : (( أنتم تعلمون أنَّهُ مُحَرَّمٌ على اليهوديِّ أن يتعاملَ معَ الأجنبيِّ أو يَزورَه في بيته)) [ أعمال الرُّسل 10: 28] .
وهكذا فإن خرافة الهولوكوست أو أكذوبة المحرقة التي اخترعها اليهودُ بدون دليل واقعي ملموس إنما تهدف لابتزاز العالَم أكثر فأكثر ، وتشكيل جبهة متعاطفة معهم عبر تصوير أنفسهم كضحايا أبرياء ، وبالتالي ينالون القبول لدى الآخر،ويحصلون على دعمه وشفقته ومساعدته عبر إدامة فترة خداعهم لأطول وقت ممكن . ومن هنا فإن اليهودية الصهيونية والنازية وجهان لعملة واحدة لا يمكن حدوث عداوة بينهما ، لأنهما سائرتان وفق فلسفة واحدة في إطارها المتطرف المضاد لأبسط حقوق الإنسان .
ب) تطبيق فكرة النازية لحرق الفلسطينيين .
إن فض الاشتباك بين الإنجيل( العهد الجديد ) والتوراة ( العهد القديم )،وتفكيك الترابط بينهما هو معنوية التأسيس الفكري من أجل إقصائهما نهائياً من دائرة صنع القرار الديني والسياسي ، لأن اعتماد إدارة المحافظين الجدد على ما يسمى بالكتاب المقدَّس أحال العالَم إلى كومة أنقاض ، وهذا يعكس الأخطاء المنهجية المتطرفة في " الكتاب المقدَّس" الإرهابي. وهكذا فإن إبعاد " الكتاب المقدَّس" عن دائرة صنع القرار ، خصوصاً القرار السياسي، يُعتبَر أولوية قصوى. فالدِّين النصراني واليهودي في حياة الفرد الغربي هو بحد ذاته مشكلة استباقية لا تُثبت شيئاً، لأنها هي تفتقر إلى الإثبات. وبالطبع لا يمكن إثباتها لأن الإنجيل هو التوراة في صيغتها الصهيونية البشرية . وعليه يكون الإنجيل هو حلم التوراة القائمة على الإبادة الجماعية ، وذلك من أجل ترسيخ سيطرة أمريكا على العالَم . فالحلم الأمريكي الصهيوني التوسعي قد يتم فهمه من خلال سياق النص التالي : (( في ذلك اليوم قطع الربُّ مع أبرام ميثاقاً قائلاً : لنسلك أعطي هذه الأرضَ من نهر مصر إلى النهر الكبير نهرِ الفرات )) [ تكوين 15: 18] .
وبما أن" إسرائيل" هي قاعدة عسكرية متقدمة في العالَم العربي لخدمة المصالح الغربية ، إذاً ينبغي على الإدارة الأمريكية أن تنتبه إلى أن مغامرات الكيان الصهيوني قد تُغرِق أمريكا إلى الأبد دون أية فرصة للنجاة،وهذا كله راجع إلى وعد توراتي تم إسقاطه في متوازِيات مُسيَّسة . وصارت الكنيسةُ مؤسسة برجوازية استغلالية طبقية ذات تمييز عنصري بين البِيض والسُّود . وبالتأكيد فإن السياسة الغربية ستكون أفضل بدون" كتاب مقدَّس" أو كنيسة تختطف الدولةَ. وإن أوروبا قد أحسنت صنعاً حينما أدارت ظهرها في الدستور الأوروبي لجذورها النصرانية المتطرفة، ورفضت وضع أية مادة تشير إلى خلفية أوروبا النصرانية، رغم محاولة المؤسسة الكنسية الأولى في العالَم ( الفاتيكان ) تسييس الدِّين، والتدخل في النطاق السياسي الأوروبي ، ولكن دون جدوى . وبالطبع فإن هدف الفاتيكان من إثبات نصرانية أوروبا هو أدلجة مصطلحات الإنجيل الجدلي لتعميق نفوذ رجال الدِّين،وتحقيق مصالح شخصية للكرادلة قد تُقوِّي المؤسسة الدينية الكاثوليكية المتداعية في صراعها مع المؤسسة الأرثوذكسية الروسية أو الكنيسة الأنكليكانية الإنجليزية أو المؤسسة الدينية البروتستنتية في أمريكا وشمال أوروبا . خاصةً أن عدد الكاثوليك الذي يَتَعَمَّدون سنوياً في تراجع مستمر، لأن الغربيَّ فقد ثقته في دينه، فالإنسان يريد خلاصاً بالدِّين ، ولكن حينما يصبح الدِّينُ عبئاً على الفرد، وتؤول ممارسات الكنيسة إلى سلطة الانهيار السياسي في القوالب الاجتماعية، فعندها سوف تسقط القيم الروحية للفرد فيخلع نفسَه أثناء حياته التي تدخل في الإلحاد والعدمية، فصارت الإحصائيات _ للأسف _ في أي بلد غربي حينما تتحدث عن الدِّين فإنها تذكر نسباً هائلة للملحدين ، وكأن الإلحاد صار ديناً رسمياً يوضع جنباً إلى جنب مع باقي الأديان ، وهذا الانهيار الشامل تتحمله الكنيسة بنسبة كبيرة، لأنها أقصت حلمَ الفرد ، ووضعت مكانه المصالح النفعية لرجال الدين على حساب البعد الإيماني المشوَّش. فغدا احتكار سلطوية التأويل الديني للنص أهم أولويات رجال الدِّين متناسين البعد الاجتماعي والعاطفي للفرد العادي في الشارع. ومع قيام الكنيسة بشرعنة الزواج الثلاثي ( ثالوث إبادة الروح ) المكوَّن من عناصر السلطة والثروة والدِّين ، آثر الفرد العادي الانسحاب من هذا العالَم الذي لم يعد يجد فيه مكاناً يتسع لجسده وقلبه وتطلعاته الروحانية والجسدية ، خصوصاً وهو يرى أن الدِّين الذي يُفترَض به أن يكون المنقِذ قد غدا عبئاً ثقيلاً يقتل الآخرين لينقذ نفسه ، ويظل حكراً على رجال الدِّين لزيادة أرصدتهم البنكية .
........................
إن الدول البوليسية تأخذ منحىً قمعياً حاداً ضد حقوق الإنسان، والحرياتِ المدنية. فنحن نجد أن هناك أنظمة علمانية متطرفة في العالم الإسلامي اقتبست فكرةَ العلمنة من أوروبا وحرَّفَتْها لتجعل منها أداة قمع.والعجيب أن هناك دولاً علمانية تضع الهلالَ على أعلامها مع أنه رمز ديني إسلامي مثل تونس التي يحكمها اللصوص بزعامة المجرم ابن علي . وقد انتشرت الأنظمة السياسية التي تمارس إرهابَ الدولة المنظَّم ضد شعوبها باسم الديمقراطية والحرية وحقوق الإنسان ، وتملك سجلاً أسود في حقوق الإنسان من خلال التعذيب المنهجي، والاعتقالات الفوضوية، وانتشار السجون التي تغص بالسجناء السياسيين والأبرياء الضحايا ، ومنع الحجاب ، وملاحقة المحجَّبات ومنعهن من الدراسة والعمل ، في حين تُمنَح التراخيص للساقطات بالعمل بكل حرية .
وللأسف فإن هذه الأنظمة البوليسية الجاثمة على صدور الشعوب الخرساء ترفض رفضاً باتاً منحه حرياته، فلو كانت علمانيةً _ كما تزعم _ لقامت بمنح الحريات الشخصية للأفراد من منطلق قناعاتهم . لكن العقلية المخابراتية التي تحكم هذه البلادِ هي التي تحول دون تقدمها ، فالدول العربية يحكمها العسكرُ ، وهي تنحو منحىً تغريبياً مضاداً للإسلام والعروبة، ومع هذا نجد أن الجامعات العربية عاجزة عن اللحاق بجامعات الغرب ، والاقتصاد العربي ميت في مهده ، والأدمغة العربية المتفوقة تم تهجيرها إلى أمريكا وأوروبا . وهذا يدل على أن مفهوم التغريب محصور في تقليد الغرب في الأمور السيئة وترك الجانب المشرق من ناحية التقدم المادي .
والأنظمة الحاكمة في العالَم المتخلف تدار بالعقلية العسكرية المخابراتية. فهذه الأنظمة لا تهدف إلى التطوير والتحسين ، حتى لو تذرَّعت بالعلمنة أو العولمة أو الانفتاح ، وغير ذلك من الشعارات الجوفاء التي يُراد منها إطالة عمر الأنظمة الفاسدة أطول وقت ممكن. ومن الضرورة أن يعمل الشعب جاهداً على التغيير للأفضل عن طريق تغيير أنظمة الحكم التي هي عثرة في طريق تقدم الإنسان .