عبقرية الحاكم العربي في تزوير الانتخابات !
إبراهيم أبو عواد / كاتب من الأردن
جريدة القدس العربي
لندن ، 2/12/2010م .
إن الحاكم العربي الصوري يستمد شرعيته المزعومة من أسياده في البيت الأبيض ، فهم الذين أحضروه وفرضوه على الشعب دون استشارة . فهذا الحاكم غير الشرعي لم يأتِ عبر صناديق الاقتراع ، وإنما نزل إلى سُدة الحكم بمنطاد أمريكي لتنفيذ أجندة محددة تتمثل في تأسيس الدويلات العربية المتناحرة كمحميات أمريكية تصمت مقابل القمح ، ولا تعترض مقابل راتب آخر الشهر .
وعملية تزوير الانتخابات في الوطن العربي ما كانت لتحدث لولا موافقة ضمنية من الإدارة الأمريكية التي تتحكم بالأنظمة العربية من الألف إلى الياء ، فتثبِّت من تشاء وتعزل من تشاء . لكن السؤال الذي يطرح نفسه بقوة : لماذا صار التزوير يتم في وضح النهار أمام عيون الناس وكاميرات وسائل الإعلام دون خجل أو محاولة إخفاء ؟ . والجواب له مظاهر متعددة من أبرزها:
1) وجود ضوء أخضر أمريكي لمصادرة إرادة الشعب ، وإبقائه مقموعاً لا يرفع رأسه ، لاهثاً وراء كسرة الخبز ، من أجل ضمان خنوعه واستسلامه للذبح دون اعتراض . وهذا جعل النظام السياسي العربي واثقاً تماماً من موت الشعب ، وأنه لن يتحرك مهما حصل ، لأن الجثة الساكنة لا يُنتظر منها الحركة والاعتراض . فقديماً كان النظام السياسي يقتل القتيل ثم يمشي في جنازته لخداع الرأي العام ، وتصوير الحاكم العربي كحمل وديع ذي مشاعر مرهفة ، ودموع صادقة ، وحرص على البلاد والعباد . أما الآن فيتم القتل في وضح النهار ، ويعترف القاتل بجريمته ، ويتم تحميل الضحية كامل المسؤولية ، ولا أحد يمشي في جنازة أحد .
2) إن الأنظمة الحاكمة تعلم تماماً أنها غير شرعية ، ولم ينتخبها أحد ، فهي استمرار للاحتلال البريطاني والفرنسي . وهذا يجعلها تخاف من الديمقراطية والحرية وصوت المواطن ، لأن هذه المفاهيم تعني زوال الحاكم عن الكرسي ، وهذا خط أحمر . فالحاكمُ يبني مشروعه السياسي المنهار على الحفاظ على حُكمه حتى الرمق الأخير ، وليكن الطوفان بعد ذلك ، فلا يهم هل عاش الشعب أم مات . المهم أن يظل الزعيم الأوحد والقائد الملهَم والأخ المناضل في سُدة الحكم .
3) لقد أضحى النظام السياسي مسعوراً يأكل نفسه ويلتهم الآخرين ، فقد أُصيب بجنون العظمة ، وهوس المحافظة على الكرسي ، مما أدى إلى نبذ العقلانية ، وانتهاج أسلوب القمع والعنف ضد الجميع ، وهذه نتيجة متوقعة للدولة البوليسية العربية .
لكن الأمور لن تستمر على هذا النحو ، فالحاكم العربي الذي يقود البلاد نحو الهاوية سيزول لا محالة مثلما زال هتلر وموسوليني ، وسيظل الشعب ليقول كلمته ويقود مسيرة إعادة بناء ما دمَّره الحاكم الذي ينخر في جسد البلاد كالسوس ، ويقود الشعب نحو الذل والضياع . وصدق الشاعر إذ يقول :
ومن كان الغرابُ له دليلاً يمر به على جِيَف الكلاب