سيرة ذاتية

إبراهيم أبو عواد القيسي، مفكر، وشاعر،وكاتب صحفي من الأردن. ولد في عَمَّان 1982، لعائلة من شيوخ بني قيس/قَيس عَيلان(أكبر قبيلة عربية في العالم).حاصل على البكالوريوس في برمجة الحاسوب من جامعة الزيتونة الأردنية (2004).له اهتمامات واسعة في دراسات الكتب الدينية (القرآن الكريم، التوراة، الإنجيل )، والفكر الإسلامي، والفلسفة،وعلم الاجتماع،والسياسة ،والنقد الأدبي،والشعر،والرواية، والعلوم الطبيعية . متفرغ للبحث والتأليف.يكتب في أبرز الصحف والمجلات في الوطن العربي وأوروبا.له آلاف المقالات والدراسات، وعشرات الكتب المطبوعة،من أبرزها: [1]حقيقة القرآن [2] أركان الإسلام [3] أركان الإيمان [4] النبي محمد[5]دراسات منهجية في القرآن والسنة[6] العلاقات المالية والقضائية والسياسية والاقتصادية في القرآن [7] دراسات منهجية في القرآن والتوراة والإنجيل [8] الدعوة الإسلامية [9] منهج الكافرين في القرآن [10] العلوم والفنون في القرآن [11] العمل في القرآن [12] العلاقات الأخلاقية في القرآن [13] القصص والتاريخ في القرآن [14]الإنسان والأسرة والمجتمع في القرآن [15] بحوث في الفكر الإسلامي [16] التناقض في التوراة والإنجيل [17] صورة اليهود في القرآن والسنة والإنجيل [18] نقض عقائد ابن تيمية المخالفة للقرآن والسنة [19] عقائد العرب في الجاهلية[20]فلسفة المعلقات العشر[21] النظام الاجتماعي في القصيدة(المأزق الاجتماعي للثقافة. كلام في فلسفة الشعر) [22] صرخة الأزمنة ( سِفر الاعتراف ) [23] حياة الأدباء والفلاسفة العالميين [24]مشكلات الحضارة الأمريكية [25]الأعمال الشعرية الكاملة(مجلد واحد)[26] سيناميس (الساكنة في عيوني)[27] خواطر في زمن السراب [28] أشباح الميناء المهجور (رواية)[29]جبل النظيف ( رواية) [ يُمنع ترجمة أيَّة مادة في هذه المدونة أو نقلها بأيَّة وسيلة كانت إلا بعد الحصول على موافقة خطية مُسبقة من المؤلف إبراهيم أبو عواد، تحت طائلة المسؤولية القانونية، ووفق قوانين حماية الملكية الفكرية ] .

31‏/10‏/2010

الفاشل ياسر عرفات ومنظمته الفاشلة

حركة فتح ( الفشل في الحرب والفشل في السلام )
كتبها : إبراهيم أبو عواد
لقد كان ياسر عرفات عبئاً ثقيلاً على القضية الفلسطينية في حياته وبعد مماته بسبب أدائه الضعيف في الساحة السياسية والحربية فلم يحقق إنجازاتٍ حقيقية للقضية ، وقد انتهت مغامراته الطائشة الدكتاتورية المتفردة بالقرار الفلسطيني إلى اتفاقية أوسلو التي حكمت بالإعدام على الثورة الفلسطينية من أجل دولة كرتونية ذات سلطة سياسية وهمية فاسدة مالياً وأخلاقياً خاضعة للاحتلال الصهيوني تنفِّذ أجندة تعليماتٍ أمريكية صهيونية من أجل بعض المكاسب الاقتصادية والرواتب آخر الشهر والمزايا والمظاهر البراقة للمسؤولين العائشين في سيارات المرسيدس على حساب دموع الأرامل وأطفال المخيمات والفقراء والأيتام .
واتفاقيات السلام عبارة عن تجارةٍ رائجة ، وسمسرةٍ تدر أرباحاً وفيرة على مهندسيها دون باقي الشعب، وصناعةٍ تأتي بالامتيازات المادية للطبقة السياسية المتنفذة في ظل ازدياد فقر الشعب، لذا فهي بعيدة عن معنى السلام الحقيقي ونشر الخير والعدالة والأخوة البشرية ، وهي لا تعدو عن كونها بيعاً للبلادِ مقابل بعض الأرباح المادية التي تصب في جيوب المسؤولين الذين يزدادون ثراءً ، ويزداد الشعب فقراً . وإذا لم يلتزم الوطنُ العربي بالجهاد والمقاوَمة للحفاظ على هويته العربية الإسلامية وتعزيز مكانتها ، فلا شك أنه ذاهب إلى مزابل التاريخ حكاماً ومحكومين .
وما يسمى بسلام الشجعان عبارة عن محاولة لذر الرماد في العيون ، فلم يكن هناك سلام ولم يكن هناك شجعان . ففي أيلول 1970م اصطدم عرفات بالنظام الأردني فأخرج الفلسطينيين من الأردن، واصطدم مع اللبنانيين فأخرج الفلسطينيين من لبنان 1982م ، وأيَّد الغزو الصَّدامي للكويت فأخرج الفلسطينيين من الكويت ، فبدلاً من أن يعيد اللاجئين إلى فلسطين ، طرد الفلسطينيين من الدول العربية .
ومع يقيني التام أن عرفات تم جره إلى اتفاقية السلام بعد أن فقد كل أوراقه التي كان يُقاتِل بها خصوصاً بعد سقوط الاتحاد السوفييتي ، وحرب الخليج التي شَطَبَتْ صدام حسين ، وجعلت دول الخليج تمنع المساعدات المالية عن منظمة التحرير بسبب تأييد عرفات للغزو الصَّدامي ، وتخاذل الأنظمة العربية الكرتونية ، واغتيال خليل الوزير ( أبو جهاد)، وغياب صلاح خلف ( أبو إياد ) ، وازدياد الضغط الأمريكي عليه، وغياب الدعم العربي والإسلامي، والخيارات الخاطئة للقيادة الفلسطينية، والتفرد بالقرار ، وانتشار القيادات غير الشريفة التي باعتْ فلسطين لتظل في سيارات المرسيدس، هم وعائلاتهم . كل هذه العوامل مجتمعة وغيرها أوصلت عرفات إلى الطريق المغلق، فوجد وجهَه أمام الحائط ، فلم يعد قادراً على التقدم ولا التأخر. وهذا جعله يرضخ لاتفاقية أوسلو التي كانت مكسباً حقيقياً للصهاينة وخسارة حقيقية للفلسطينيين .
وبدلاً من أن تلاحق سلطاتُ الاحتلال القادةَ الفلسطينيين في أصقاع العالَم ، أحضرتهم إلى الداخل في قفص حديدي، وفرضت عليهم شروطَها بعد أن صاروا في قبضتها لأنهم محاصَرون في سجن قاسٍ لا يملكون أن يقولوا لا ، فقد وقعوا في الفخ، وصاروا داخل القفص ، وتحول الثائرُ إلى موظف يفكر في الراتب الشهري، وتحول المقاوِم إلى مقاوِل. ليس هذا فحسب، بل تحولت السلطة الفلسطينية إلى جيش لحد، تقبض على المقاوِمين ، وتُسلِّمهم لأعدائهم الصهاينة من أجل نيل الرضا ، وزيادة المخصصات المالية التي تصب في جيوب المسؤولين دون وصولها إلى باقي الشعب .
لكن هذا الأمر ليس نهاية المطاف ، فالصراع كَوْني شامل على أرض فلسطين التي تجسِّد الصدامَ بين الهلال والصليب في المنظور العمومي لأن اليهود في العالَم كله لا وزن حضارياً لهم، وهم تحصيل حاصل وعبء هامشي لا تاريخ لهم ، ولا أهمية لهم ، فعدد اليهود في العالَم أقل من عدد سكان القاهرة . وبالتالي فإن المعركة الحقيقية بين الإسلام والغرب الصليبي الذي زرع قطيعَ اليهود في فلسطين .
وبعد أن أعلن عرفات موتَ حركة فتح الثورية المناضِلة ، وظهور حركة فتح النائمة في أحضان الاحتلال التي تنازلت عن الكفاح المسلح ، ظهرت حركة حماس بقوة بالغة مرتكزة إلى عقيدة إسلامية جهادية بأيدي أناس يعرفون ما يفعلون ، بعكس حركة فتح التي قادها أناس يفتقدون إلى العقيدةِ الصادقة ومؤهلاتِ القيادة والتنظيرِ والزعامة_ رغم وجود الأحرار والشرفاء فيها_ ، فمن هزيمة في الأردن ( 1970م ) إلى هزيمة في لبنان ( 1982م ) إلى هزيمة في أوسلو ( 1993م ) ضمن فوضى هزائم الجيوش العربية . فالشعب الفلسطيني الذي كتب تاريخَ شمس المقاوَمة والتضحية يستحق قادةً شرفاء مؤهَّلين للقيادة لا يركعون أمام الدولار ، وصولجانِ الإدارة الصهيونية والأمريكية المتصهيِنة .
إن ما قامت به حركة حماس من عمليات نوعية ممتازة ضد اليهود الإرهابيين الذين يحتلون فلسطين يعكس مدى الإصرار والعزيمة التي تتمتع بها كشمعة في وسط كهف مظلم ما زالت محتفظة بضوئها رغم الرياح من كل الجهات ، والخياناتِ التي تتكاثر في أُطر صفقات بيع فلسطين التي تتبناها بعض الأنظمة العربية المتاجرة بالقضية، والتي بنت مجدَها الوهمي على المتاجرة بفلسطين ، واللعبِ على كل حبال السياسة . فالخيانات أتت من الأعراب قبل الأغراب .
والخيانة المؤلمة تكون حينما تأتي من أبناء جِلْدتنا ، فكما قال الشاعر :
وظلم ذوي القربى أشد مضاضة
على الحر من وقع الحسام المهند
فنحن نجد أن بعض الأنظمة العربية المتواطئة لها دور محوري في قتل الفلسطينيين وحصارهم في الحرب على غزة نهاية 2008م، وذلك عائد إلى عاملَيْن : الأول _ أن بعض الأنظمة العربية تتقاضى مساعداتٍ أمريكية مقابل أن تدير ظهرَها للقضايا العربية والإسلامية ، وأن تظل خنجرَ غدر في ظهر المقاوَمة وحركات التحرر. والثاني _ أن بعض الأنظمة العربية تعتقد أن وجود حماس ( الإخوان المسلمين ) حاكمة في غزة يُشكِّل خطراً عليها ، خصوصاً في ظل وجود الإخوان المسلمين كقوة سياسية أولى في الشارع العربي ، كما أن حماس يُنْظَر إليها كحليف قوي لإيران ، وهذا يزعج الأنظمةَ العربية الداعمة للكيان الصهيوني للحفاظ على عروشها .
وهكذا ضاع الدور العربي تماماً فلم يعد له وزن على الساحة العالمية أو الإقليمية، وذلك بسبب السياسات الخاطئة الفاسدة مالياً وإدارياً التي تحكم الوطنَ العربي الذي صار دولةً بوليسية كرتونية ، فالتعذيب في السجون ، والاقتصاد منهوب، والتعليم منهار ، وتهجير الأدمغة إلى الخارج مستمر، ونشر الفقر والجهل متواصل بشكل منهجي. مما جعل إيران تكون اللاعب الرئيسي على الأرض العربية .
وعلى الصعيد الإعلامي نجد أن بعض القنوات الفضائية المشبوهة الناطقة باسم رعيان الغنم وبرميلِ النفط تقوم بدور أمريكي متصهيِن، فهي تسمي الشهداء بالقتلى ، وتسمي العمليات الاستشهادية بالانتحارية ، كما تصف حركات المقاومة في فلسطين والعراق وأفغانستان بالإرهاب ، وتتخذ موقفاً معادياً للأمة العربية عبر تأييد الكيان الصهيوني ومن يقف وراءه. ومثال ذلك قناة " العبرية " التي تعتمد على أثداء مذيعاتها المكشوفة لجذب الجمهور . وهذا يدل على حجم الاختراق الصهيوني ، خصوصاً مع مستواها الأخلاقي المتدني ، فالملابس الفاضحة للمذيعات والمراسِلات اللواتي هنَّ أشبه بعارضات أزياء . وهذه عودة لعصر الجواري اللواتي يكشفن أجسادَهن مقابل راتب آخر الشهر ، وتحقيق ما يسمى بحقوق المرأة عن طريق تحولها إلى سلعة على شاشة التلفاز . ولا يمكن للمذيعة أن تظهر بهذا الشكل بدون أوامر بذلك ومباركة من إدارة القناة الفضائية وهم مجموعة من رعيان الغنم المتصهينين . وإذا عدنا إلى موضوع حركة حماس فقد قَتلت بمفردها من الإرهابيين الصهاينة أكثر من كل الجيوش العربية وكل الفصائلِ المنضوية تحت " منظمة التحرير " مجتمعةً في كل تاريخها ، ولو وضعنا إنجازات الأمة العربية جمعاء في مقاومة الاحتلال الصهيوني لفلسطين طوال القرن العشرين في كفة ، وإنجازات حركة حماس في كفة ، لرجحت كفة حماس ، والذي يريد التحقق من هذا الكلام فليراجع الإحصائيات الدقيقة الموثَّقة .
وهذا يدل على أن العقيدة الصادقة الراسخة في النفوس هي الأساس في عملية التحرر والتحرير. وما قامت به حماس _ رغم كل المؤامرات عليها من سلطة أوسلو والنظامِ المصري الإرهابي وبعضِ الأنظمة العربية والعالَمِ الغربي الذي يسمي نفسَه حراً _ ما زالت واقفة على رجليها في جزيرة في وسط المحيط وحولها الأعاصير من كل الجهات ، فهي ترفض الموت والاستسلام في محيط من المقابر التي تُسَمَّى دولاً عربية ، وهي متنصلة من عروبتها .وهذا إن دل على شيء فيدل على وجود رجال يُقاتِلون بدافع العقيدة الصادقة، وليس من أجل راتب آخر الشهر ، أو تنفيذاً لأمر الطاغية الفلاني .
وهذا يعكس خطةً طموحة للسلام العالمي تمر على جثث الغزاة الصهاينة الذين يُشكِّلون خطراً حقيقياً على العالَم تماماً كأمهم أمريكا، ونحن حينما نطمح إلى عالَم بلا أمريكا فإن هذا يعني _ضمنياً_ عالَماً بدون الكيان الصهيوني ، فخطة السلام العالمية لتعزيز الحرية وحقوق الإنسان على كوكبنا تنبع من جعل جثث الصهاينة جسراً تعبر عليه البشرية نحو الخير والإنسانية والعالَم الحر الحقيقي بعيداً عن مؤامرات اليهود على مدار التاريخ . وهذه الخطة الرائعة ستعيد رسمَ الخارطة العالمية وفق مقياس الحرية والسلام والأخوة بين البشر .

27‏/10‏/2010

المستقبل للمقاومة رغم أعراب النفاق

كتبها : إبراهيم أبو عواد
هوية الإبادة تتجلى صورها البشعة في الأمركة ( العولمة ) ، فهذا المولود المسخ ( العولمة) الذي يُراد منه صهر كل الثقافات في بوتقة الثقافة الأمريكية المتطرفة لإنتاج حضارة واحدة أمريكية إنجليزية مضادة للإنسان ، لن يقدر على فرض وجهة نظره على المسار التاريخي العام، فبعد أقل من عشرين عاماً من انهيار الاتحاد السوفييتي بدأ النظام الأمريكي يترنح، فلم يقدر على قيادة نفسه نحو بر الأمان ، فكيف سيقود كوكبَ الأرض نحو بر الأمان ويفرض كلامَه على التاريخ ؟ .
كما أن الإرهاصات المبعثَرة في الأداء الاجتماعي الأمريكي عاجزة عن بناء ترابط بين الأنوية الإنسانية المكوِّنة للمجتمع الأمريكي المفكَّك ، فكيف سيقدر على بناء ترابطات مجتمعية عابرة للقارات في الخارج تكون فيها خيوط اللعبة بيد المركزية الأمريكية ؟.
والجدير بالذكر أن العلاقة الضبابية بين الحاكم والمحكوم في الداخل الأمريكي المتفكِّك مثل زوجين يعرف كلٌّ منهما أنه يخون الآخر ، ولكنهما يستمران في العيش معاً من أجل المظهر الاجتماعي الظاهري أمام الناس ، وهذا هو لب فلسفة الأسرة في المجتمع الأمريكي المتآكل ، سواءٌ الأسرة الزوجية أم الأسرة الحاكمة .
وفي واقع الأمر، وضمن المعنى التأصيلي العميق لا يوجد شيء اسمه شعب أمريكي ولا يوجد شيء اسمه شعب يهودي ، لأن أمريكا دولة مستوطنات هلامية غير حقيقية تفتقد إلى الحضارة والهوية والتاريخ، فهي عبارة عن تجميع أفراد من هنا وهناك لا رابط بينهم سوى الدولار. لكن عبارة " الشعب الأمريكي" قد تُستخدَم من باب المجاز وتوصيف حالة قائمة . صحيحٌ أنها حالة عبثية لا تاريخ لها، لكنها موجودة على أرض الواقع ضمن جدلية الفوضوية الأمريكية وغياب الهوية الحقيقية لأمريكا (الدولة الأولى الراعية للإرهاب ) . وكذلك اليهود الذين هم عبارة تجمعات بشرية مثل الغجر لا يملكون أية حضارة ولا هوية ولا تاريخ ، فهم عبارة عن عبء بشري على كوكب الأرض ، وخنجر غدر في ظهر البشرية .
والهاجس الأمني المسيطر على قوات الاحتلال الأمريكي ، ووزارة الحرب ، وعَرَّابي السياسة الخارجية ، يتمحور حول فكرة الحرب الاستباقية ، والقيام باحتلال الدول لنهب خيراتها ، ثم زراعة حاكم عميل لها يأتمر بأمرها ، وحكومة موالية لها مثلما حدث في العراق وأفغانستان ، لكن هذا الأمر _ الذي يظهر كأنه نزهة سياحية بلا متاعب_ لا يمكن تحقيقه على أرض الواقع ، لأن هناك شعباً على هذه الأرض ، قد يكون مغلوباً على أمره أحياناً ، وقد يمر في أطوار تحوله إلى قطيع غنم في أحيان أخرى ، لكنه يظل يمتلك النواة الشعبية والشيفرة الثورية في أعماقه ، قد يغطيها الغبارُ، لكن النار المختبئة تحت الرماد خطيرة جداً لأنها تحتوي على عناصر الانبعاث المتأجج والاندفاع القوي والمفاجأة الحاسمة .
وقد رأينا كيف استطاعت أمريكا إزالة خادمها في المنطقة ( صدام حسين )، لتأتي بخدم جدد ، وعملاء مزدوجين لأمريكا وإيران ، مثل نوري المالكي وعبد العزيز الحكيم والسيستاني وأحمد الجلبي ، ومع هذا فالشعب العراقي سُنَّةً وشيعة، عرباً وكرداً ما زال في عروقه الشرف ورفض الاحتلال والمقاوَمة المسلحة . فعلى الرغم من وجود الحكومة العراقية العميلة التي وضعها الاحتلالُ لخدمة مصالحه ، فقد خاض الشعبُ معركة تقرير مصيره لوحده بعد اكتشافه لعدم فائدة حكومة المحاصصة الطائفية المنقوعة في الفساد، والتي قادت البلادَ إلى الفساد المالي والتخلف وغياب الخدمات في بلد غني نفطياً وبشرياً. فأيام صدام كنا نتحدث عن طاغية ولص واحد نهب العراقَ،وبعده صرنا نتحدث عن عشرات الطغاة ، وآلاف اللصوص المتنفِّذين.
فالمرتزقة الذين رموا نساءهم وبناتهم في لندن ، وجاؤوا يختبئون في المنطقة الخضراء ، سوف تكون نهايتهم كنهاية صدام حسين . فالشعبُ لا يمكن أن يُشْتَرَى بالمال نهائياً . قد يشتري الاحتلالُ بعضَ الأفراد والساسة وأصحاب القرار من ضعاف النفوس الذين لا يصمدون أمام لمعان اللون الأخضر في الدولار ، لكن المراهنة على الشعب مراهنة صحيحة لأنه الورقة الرابحة التي لا تحترق في بلد يحترق. وانظر كذلك إلى أفغانستان فقد تمت الإطاحة بحكم طالبان ليأتي خادم الاحتلال العميل كرزاي وعصابته على ظهور الدبابات الأمريكية لتحقيق بعض المكاسب المادية الشخصية، والسيطرة على مناصب وهمية لا أهمية لها، لأن الاحتلال الأمريكي هو الحاكم الفعلي في العراق وأفغانستان ، كما أن السفير الأمريكي هو الحاكم الفعلي للوطن العربي. والأمر ينسحب على ما يسمى بالسلطة الفلسطينية برئاسة العميل الأزعر محمود عباس ، والتي وضعها الاحتلالُ لتنفيذ أجندة أمريكية صهيونية ، وتصبح سلطةُ أوسلو خنجر غدر في ظهر الشعب الفلسطيني عبر سرقته ، وإضاعة ثروات البلاد لتزداد أرصدة سماسرة اتفاقيات أكذوبة السلام ، واعتقال المقاوِمين وتقديمهم قرابين وهدايا حسن نية للسيد اليهودي كما فعلت السلطةُ الفلسطينية العميلة مع أحمد سعدات ( الأمين العام للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين ) وغيره كثير. ورغم كل هذا الدمار ما زال الشعب يقاوِم بما أُتيح له من معدات بسيطة ، وأسلحة عادية، في ظل صمت عربي ودولي يصل إلى حد التواطؤ . ومع هذا فإن الرهان على الشعب هو الخيار الإستراتيجي للجهاد والثورة والتحرير . فالثورة الفلسطينية_ التي قادتها حركة فتح منذ الثلث الثالث من القرن العشرين حتى إعدامها في اتفاقية أوسلو _ بكل إيجابياتها وسلبياتها ، ورغم تواطؤ ومؤامرات بعض الأنظمة العربية وبعض الفلسطينيين عليها، كانت تعتمد على الخيار الثوري الخارجي حتى اندلاع الانتفاضة الأولى في الداخل الفلسطيني، فانتبهت القيادة الفتحاوية إلى الخيار الشعبي الداخلي ، وحاولت استثمار الموقف لصالحها . وهذا يدل _ بلا أدنى شك_ على أن الخيار الشعبي هو الضمانة الحقيقية للثورة والتحرير ، فالقيادات في كل العالَم الشريفة وغير الشريفة سوف تأتي وتذهب، ويظل الشعب هو الملهم الحقيقي لفلسفة الثورة ، وهو صانعها. وما زالت الشعوب في العالَم العربي والإسلامي رغم خضوعها لأنظمة دكتاتورية عدوة لشعوبها تخوض معارك حقيقية ، فبعد سقوط نظام صدام حسين، استلم الشعب العراقي مبادرة المقاوَمة ، لأن العراق ليس خاتماً في إصبع صدام ، أو مُلْكاً شخصياً لسيادته ، بل هو وقف عربي إسلامي ضمن أمته العربية الإسلامية الكبيرة. ومن هنا تنبع فكرة الدفاع عن بلادنا .

26‏/10‏/2010

خواطر سياسية ( كلام في الممنوع )

خواطر سياسية ( كلام في الممنوع )
الجزء السادس
المؤلف : إبراهيم أبو عواد
[1]الحرب بين الهلال والصليب :
في واقع الأمر إن الغرب هو الخاسر الأكبر في أي نزاع مع الشرق لأن الوطن العربي ليس لديه ما يخسره ، فالدول العربية منهوبة ومخترقة أمنياً وفاسدة مالياً وتعج بالطغاة ولا يوجد نهضة في أي منحى بسبب وجود الأنظمة الدكتاتورية التي تحتل الوطنَ العربي . أما الغرب ومعه الكيان الصهيوني فقد حقَّقوا نهضةً واسعة في شتى المجالات، وهم الذين سيخسرون في حال نشوب نزاع بين الشرق والغرب . والحل الوحيد لإنقاذ كوكب الأرض وتخليصه من المأزق الوجودي الحاد هو بناء التفكير والأداء التطبيقي وفق نظرية صدام الحضارات ، والحرب بين الأديان ، خصوصاً الحرب بين الهلال والصليب ، حتى يستطيع الهلال أن يرتفع في سماء الدول الغربية المتخلفة على الصعيد الدِّيني ، إذ إن الدِّين السماوي الوحيد هو الإسلام ، وما سواه ديانات وضعية لا وزن لها ، وتؤثر سلباً على المسار الحضاري . فالوطن العربي منهوب وضائع وليس لديه ما يخسره سواءٌ في حالة السِّلم أو الحرب ، وفي أسوأ الحالات سنعود إلى بيت الشَّعْر واللبن ورعي الغنم واستخدام الدواب كوسائل نقل ، أما الغرب فإن حضارته الشاذة مبنية بالكامل على دِين النفط المقدَّس ، والمكتسباتِ المادية التي لا يقدر أن يعيش بدونها ، لذلك فهو الخاسر في أي صدام حضاري وحرب دينية وليس نحن. فالواجب على أعداء المشروع الغربي الإرهابي في كل مكان الاستفادة من نقطة الضعف في نظام حياة أعداء الحضارة من اليهود والنصارى . فمثلاً، حركات المقاوَمة في فلسطين عليها تحويل الشعب كله إلى استشهاديين . فبدلاً من الحياة الدنيئة التي يحياها الشعب في ظل صمت عالمي متواطئ مع الاحتلال ، وفي ظل حالة الموات التي تحياها الأمة العربية المحكومة من قبل الأنظمة الدكتاتورية الفاسدة في كل النواحي والعميلة للأجنبي ، والتي لا تقوم بأي شيء لتحسين حياة المواطن العربي ، على المقاوَمة إيجاد حياة جديدة أمام الشعب في الآخرة لكي يفوزوا في الدنيا والآخرة. أما إذا بقيت الأمورُ في دائرة الخضوع للمحتل، فإن الدول العربية ستضيع تباعاً ، فصدام حسين الذين كان أداةً في يد أمريكا تحركها كيفما تشاء انقلبت عليه أمريكا ، وأطاحت به ، واحتلت العراقَ . وهذا درس لكل الأنظمة المتواطئة مع المحتلين بأن الدور قادم عليها إن لم تتخذ إجراءات حاسمة تجاه التصدي للمشروع الغربي المتطرف أيديولوجياً وسياسياً . فكل معاهدات السلام مع الكيان الصهيوني لم تنتج إلا نهضةً في الكيان الصهيوني ، وتخلفاً وفساداً مالياً واختراقاً أمنياً في الدول العربية . فالسلام لم يكن سوى صفقة تجارية خسر فيها العرب بامتياز _ كالعادة_ وربح الكيان الصهيوني وعملاؤه في المنطقة . فانظر إلى السلطة الفلسطينية العميلة كيف تحولت من كيان سياسي يُفترَض أن يدافع عن القضية الفلسطينية إلى نظام حكم فاسد على جميع الأصعدة . فاتفاقية أوسلو لم تكن رصاصة الرحمة في صدر حركة فتح فحسب ، بل كانت شهادة وفاة حركة فتح التي تحوَّلت من رمز ثوري عالمي تحريري إلى منظمة عميلة عاطلة عن العمل.وأستثني الشرفاءَ الأحرار الذين رفضوا أن يبيعوا أنفسهم وشرفهم لأعدائهم.
[2] لن يخسر السجين سوى قيوده :
إن الذي لا يملك مالاً في جيوبه لا يمكن لأحد أن يسرقه ، والسجين المحصور بين قيوده لن يخسر سوى قيوده ، لذلك فالغرب هو الخاسر في صدام الحضاراتِ لأنه سيقضي على كل مكتسباته الحضارية المادية، أما الوطن العربي فإنه مُدَمَّر من قبل الأنظمة الاستبدادية، فهو معتاد على الدمار في أسوأ الاحتمالات ولن يتأثر ، فماذا سيحصل في فلسطين أو العراق أو أفغانستان أكثر مما هو حاصل ؟!. ورغم كل هذا فإن المقاوَمة هي السبيل الخلاصي الوحيد ، ولن تقود العربَ إلا إلى عزة ومركز عالمي مرموق ، ولن يكون الدمار إلا على أعدائهم . فانظر إلى المجتمع الدولي الذي لا يحسب أدنى حساب للعالَم العربي والإسلامي في حين أنه يهتز أمام صواريخ حماس المحلية الصنع التي يصنعها بعض الشباب المجاهِد من أفراد الشعب العاديين ، وليسوا علماء ذرة أو فيزياء نووية أو كيمياء حيوية أو خريجي أقسام العلوم في هارفارد وأكسفورد . كما أن المجاهدين الأفغان بثيابهم البسيطة ونعالهم الممزَّقة قد هزموا الاتحادَ السوفييتي ، وورَّطوا حلفَ شمال الأطلسي ( الناتو ) في مستنقع كارثي .
[3] الاتحاد الأوروبي نادي الصليبيين :
المفارقة المضحكة المبكية أن تركيا الدولة المسلمة ذات وزن هائل في الناتو، فهي القوة العسكرية الثانية بعد أمريكا ، ومع هذا فأوروبا ترفض انضمامها للاتحاد الأوروبي باعتباره نادياً للصليبيين فقط ، وهذا يدل على أمرين : أ ) أن العلمانية في أوروبا مزيَّفة لا وجود حقيقياً لها ، ب ) أن أوروبا تهدف إلى استئجار مخالب تركيا العسكرية لخدمة مصالح الغرب العسكرية ، ومن ثم إدارة الظهر لتركيا ومنعها من الدخول في المنظومة الأوروبية النصرانية المتصهينة حينما يتعلق الأمر بالدِّين والثقافة والأبعاد الحضارية ، وهذا يعكس الوجه الحقيقي لأوروبا المختفية وراء الضحكات الصفراء ، كما أن غوانتانامو فضحت الوجهَ الحقيقي لأمريكا بعيداً عن الفرقعات الإعلامية المتعلقة بحقوق الإنسان والعدالة والقضاء المستقل النزيه ، والتي ظهر أنها مصطلحات في عوالم الخيال .
[4] سندفن حلفَ الناتو تحت رمال أفغانستان :
إن حلف الناتو يغرق في مستنقع استنزافي كارثي ، وهو الذي غزا أفغانستان لضرب الإسلام في وسط آسيا، والتمركز كشوكة في خاصرة روسيا الصاعدة . مما اضطر الغزاة إلى طلب مفاوضات مع طالبان ، والدخولِ في حكومة وحدة لإنقاذ البلاد ! . فالعالَم الغربي المادي لا يفهم إلا لغة القوة ، أما لغة الانحناء وتقبيل الأيدي فقد جرَّبها كثير من الساسة الأعراب فلم يرجعوا إلا بِخُفَّي حُنَيْن فاقدين كل أوراقهم في مقامراتهم السياسية الصبيانية . وبما أن خيارات السلام ودول الاعتدال والانبطاح السياسي وتقبيل أيدي المسؤولين الأمريكيين والصهاينة لم تعد بأدنى فائدة على الشعب العربي، بل عادت بالذل والعار على أمة تعدادها بمئات الملايين ، فلتكن المقاوَمة ومنهجية البارود والدم هي الخيار الإستراتيجي الذي يجبر الغربَ على الاعتراف بوجودنا، وتضطره إلى أن يأتيَ إلينا لاهثاً طالباً عقد هدنة، أو القدوم على طاولة المفاوضات . أما أن يظل الأعراب اللصوص يلعبون دور السمسرة وتكديس أرصدتهم في بنوك الخارج ، ويسرقون شعوبهم باسم السلام وحوار الحضارات وحقوق الإنسان والديمقراطية والتعددية السياسية ، فهذه خدعة مكشوفة للجميع ، وورقة محروقة انتشرت رائحتها ، وجثة ساكنة في مهدها .
[5] الإدارة الأمريكية تضحك على شعبها :
في أمريكا تبرز ترابطات انتكاسة المضامين النخبوية في الأداء العسكري من خلال تكوين ثقافة الخوف والهلع لدى المواطن الأمريكي العادي دافع الضرائب الذي لا يفقه شيئاً في السياسة الخارجية ، فهو ليس بأكثر من آلة تتلقى مالاً وتعطي مالاً ضمن علاقة ميكانيكية لا مجال فيها للعواطف . ومع تجذر حالة الخوف في نفسية الفرد يعمد إلى تسليم كل مفاتيح حياته إلى حكامه الذين يكرِّسون ابتزازَه ، ويُظهِرون له النهار ليلاً والليل نهاراً ، ويستغلون ما يدفعه للدولة من أجل شن حروب استثمارية هدفها تعزيز أرصدة بعض المتنفِّذين على حساب الشعب الجاهل سياسياً . لذلك وجدنا أن حرب العراق كان الهدف منها السيطرة على النفط ، ومع هذا فقد أَنفقت أمريكا أموالاً طائلة على الحرب أثَّرت سلباً على اقتصادها المتآكل ، مما يجعل سرقة نفط العراق عملية غير مربحة ، وليست ذات جدوى اقتصادية مقارنة مع نفقات أمريكا من أموال طائلة ودماءِ جنودها القتلى والمعوَّقين والجرحى والمرضى نفسياً . لكن سماسرة النفط ، وأصحاب الشركات النفطية الذين وصلوا إلى سدة الحكم في أعلى هرم السلطة رموا شعبَهم وحضارتهم قرابين في معبد النفط ضمن أساطير تأسيس إنجيل النفط لكي يزيدوا أرباحهم في البنوك على حساب أُمَّة وهمية من دافعي الضرائب السُّذج تتصدع كانت في يوم من الأيام تحتل المرتبة الأولى عالمياً .
[6] أمريكا زعيمة الحروب الصليبية :
كلاسيكية المنحى العسكري تشير ضمن دلالة واضحة إلى الأداء التجذيري لأمريكا راعية الإرهاب الدولي العابر للقارات . فكما أن الكيان الصهيوني في فلسطين قاعدة عسكرية متقدمة للغرب من المرتزقة اليهود الذين تم تجميعهم من أصقاع العالَم ، فإن فلسفة النظام الأمريكي المتطرف عقدياً وعسكرياً تُعتبَر قاعدةً متقدمة لانكسار الحلم الغربي في استعادة أمجاد الحروب الصليبية التي لم تكن إلا هباءً منثوراً . ويمكننا في ذات السياق فهم طبيعة عسكرة الكلاسيكية اللامنطقية لسياسة عَرَّابي مافيا البيت الأبيض من خلال وجود حفنة من المتنفِّذين الذين يلعبون بمصائر الشعب الأمريكي ليزيدوا أرصدتهم البنكية، وبالتالي فقد صارت الإدارة الأمريكية مثل الأنظمة الحاكمة في العالَم العربي ، تبيع شعبَها لكي تستمر في السلطة أطول وقت ممكن ، وهذا هو مبدأ التماهي المادي في ظل غياب المسؤولية الأخلاقية الحقيقية في الشرق والغرب، مما ينذر بانكسار عالمي عمومي، سيخسر فيه من يملك، أما من لا يملك فلن يخسر سوى فقره ووقوفه على أبواب السلاطين من أجل الخبز . وهذه نقطة ضعف الغرب ، ونقطة قوة الحركات المقاوِمة في العالم العربي والإسلامي .
[7] الدولة إسطبل والحاكم راعي غنم أو بقر :
في صيغ الانهيار العالمي الكلي صارت الدولةُ إسطبلاً للحاكم وعصابته ، وصار الوطنُ مزرعةً لعِلْية القوم الذين لا يُسْألون عما يفعلون من جرائم وسرقات وإبادة ضمن خطة تكريس سوء توزيع الثروة ، والشطط الطبقي ، والظلم الاجتماعي ، والتمييز السلبي على أساس الدِّين والعِرْق ، والفساد المتجذر في الدولة من رأس الهرم حتى القاعدة .
[8] أمريكا مجزرة الهنود الحمر :
لا يوجد أمريكي من أصل أمريكي سوى الهنود الحمر ، وقد تمت إبادتهم بوحشية منقطعة النظير تعكس الوجهَ الحقيقي للنظام الأمريكي العابث .
[9] أمريكا نمر من ورق :
بما أن أمريكا هي نمر من ورق كما يقال فإن على كل الأحرار في العالَم أن يعملوا على دق المسامير في نعش هذه الحضارة الأمريكية الأيديولوجية المتطرفة ، وعدم السماح لها بالخروج من حيز سُلَّم العد التنازلي . كلٌّ حسب طاقته.

25‏/10‏/2010

خواطر سياسية ( كلام في الممنوع )

خواطر سياسية ( كلام في الممنوع )
الجزء الخامس
تأليف : إبراهيم أبو عواد
[1]أمريكا تخترع إنجيل النفط :
أمريكا الشيطان تستمد شرعيتها المزعومة من الهيمنة على موارد الطاقة وأهمها النفط . لكن الإشكالية التي لم تنتبه إليها أمريكا هي أنها دفعت ثمن الحرب أضعافاً مضاعفة ، وحتى لو سيطرت على نفط العراق مثلاً فإنها تكون قد دفعت ثمن البرميل أضعافاً مضاعفة من أرواح جنودها القتلى ، وتكلفة الحرب الباهظة التي أَرهقت الميزانية الأمريكية العائشة في الاضطراب المالي وارتفاع المديونية ، واضطراب وضعها المالي الذي أضاع عليها فرص استثمارية ضخمة ، والمشاكل الاقتصادية الداخلية . وكل هذا يدل على أن سرقة نفط العراق عملية غير مربحة تجارياً، بل هي في ميزان الجدوى الاقتصادية خاسرة . والذي قاد الإدارة الأمريكية إلى الفشل الذريع في تقدير نفقات الحروب التي خاضتها بعقلية رعاة البقر لا عقلية المخطِّطين الإستراتيجيين ومراكزِ الأبحاث المتقدمة والتقاريرِ المخابراتية الدقيقة ، هو الطمع الهستيري المهيمن على الإدارة الأمريكية خصوصاً في طريقها إلى السيطرة على النفط بشكل كامل_ وفق حساباتها المغلوطة_ . وكما يقولون فإن الحب أعمى ، وصاحب الحاجة أرعن، وحب أمريكا للنفط وتقديسه جعلها إمبراطوريةً عمياء تماماً تسمع كلامَ المعارضة العراقية العميلة دون محاكمته إلى العقل والمنطق والدراسات الإستراتيجية ، وهذا أوقعها في مصيدة العراق . ولأن البريق المخادِع للنفط في الأذهان كان قوياً لم تتمكن أمريكا من إجراء حسابات دقيقة حول كيفية سيطرتها على منابع النفط دون خسائر كبيرة ، مما جعل الجدوى الاقتصادية لهذه الحرب في الحضيض ، لأن الذي يبني خططه على العجلة لا بد أن يواجه الكثيرَ من الثغرات التي ستصيبه في مقتل ، وكما يقول المثل العربي " من مأمنه يُؤتى الحذِر " . فكما أخطأ الكيان الصهيوني في تقديره لغزو لبنان عام 1982م وظنها رحلة سياحية كلفته غالياً، أخطأ الكيان الأمريكي في غزوه للعراق .
[2] التاريخ الدموي للعراق :
لستُ هنا في معرض الدفاع عن صدام حسين ، فصدام كان مجرماً حقيقياً لكنه نتاج المجتمع العراقي العنيف الذي يعاني من خلل في طبيعة التذبذب بين البداوة والمدنية_كما أوضحت بعضُ الدراسات الاجتماعية_، فمن يستعرض تاريخَ العراق يجده دموياً في كل المراحل ، ومن يستعرض العراق ككيان سياسي يجده دولةً بوليسية قبل صدام وأثناء صدام وبعد صدام ، فهو تاريخ حافل بالانقلابات العسكرية، والمشانقِ، والإعداماتِ والتعذيب ، والقسوة المفرطة في التعامل مع إنسانية الإنسان. وإنني هنا أنقل مقولةً لأحد المثقفين العراقيين لا يحضرني اسمه : (( في أيام صدام كانت أمريكا تحكم من وراء ستار ، أما بعد صدام فإن أمريكا تحكم بدون ستار )) .
[3]المعارضة العراقية العميلة :
إن المعارضة العراقية الشيعية العميلة صوَّرت لأمريكا مشهد احتلال العراق وكأنه نزهة آخر الأسبوع تنتهي سريعاً ، فيحكم الشيعة وتحصل أمريكا على النفط ، وهكذا تضرب عصفورين بحجر واحد : تطيح بنظام صدام حسين وتُسلِّم الحكمَ للمعارضة الشيعية القادمة على ظهور الدبابات الأمريكية ، وتنال النفط بسهولة . وهذا جعل الشبق الأمريكي يقع في الحفرة ، لأن بعض أجنحة المعارضة العراقية المتنفذة هم عملاء مزدوَجون يتنقلون بين الوتر الإيراني والوتر الأمريكي بعد أن أداروا ظهورهم للعراق الجريح الذي صار طاولةَ مفاوضات يجلس عليها الإيرانيون والأمريكيون لتصفية حساباتهم في غياب واضح للأمة العربية الميتة ( جامعة الدول العربية ) وكأن العراق لم يكن عربياً في يوم من الأيام .
[4] أمريكا ليست في ذكاء الاحتلال البريطاني والفرنسي
لو كانت أمريكا تمتلك جزءاً من الدهاء الاحتلالي الذي كانت تمتلكه بريطانيا وفرنسا اللتان قامتا بمشاريع الاحتلال والاستخراب والإبادة الجماعية تحت عشرات الأقنعة ، ومن وراء عشرات الستائر ، ومن تحت الطاولة وفوق الطاولة ، لاستطاعت أن تحسم معاركها على كل الجبهات ، لكن هستيريا الأخذ ، وأحلامَ التوسع الإمبراطوري ، ولمعانَ النفط ، كل ذلك يدق المساميرَ في نعش أمريكا الشيطان. وهذا إن دل على شيء فإنما يدل على أن غرور غطرسة القوة يقود إلى المزالق الخطيرة . وكما يقول البعض إن غلطة الشاطر بألف ، وهذا ما يحصل مع أمريكا ، وحصل مع الإمبراطوريات العظمى قبلها التي قامت على الغطرسة ، والظلم ، وكراهية الإنسان ، وتدمير البيئة والمناخ ، والقضاء على حلم إعمار الأرض . وللأسف فلا أحد يحاسب أمريكا لأن القوي لا يُسأل عما يفعل في هذا العالَم الذي تحكمه عصابات شريعة الغاب .
[5] المقاومة والحكام الزعران اللصوص
الأنظمة السياسية الإرهابية هي فلسفة الزُّعران في الشوارع الخلفية ، وكلماتهم البذيئة ، وهي كذلك فلسفة اللصوص المنتشرين في الأسواق وحافلات النقل العمومي . لكن الفرق الجوهري أن اللص بالمعنى التقليدي يكون ذا ثياب رثة، أما الأنظمة السياسية اللصوصية فهي لصوص بربطات عنق ، وسيارات مرسيدس ، وخطابات الوحدة الوطنية والأخلاق والمبادئ والديمقراطية وحقوق الإنسان وحوار الحضارات .. إلخ . والهدف الإستراتيجي لهذه الشعارات المغرِضة هو رسم إستراتيجية عالمية لإعادة الاحتلال العسكري ، والحصولِ على النفط والمواد الخام ، وإيجادِ أسواق جديدة . لكن الزمن قد تغير ، والضعيف من المنظور المادي صار يمتلك الجرأة ليقول : (( لا )) ، ويقف شوكةً حادة في حلق الدول الكبرى . وقد يقول البعض إن الكف لا تواجه السيفَ ، ونحن نوافق تماماً على هذه النظرية، ولكن من قال لك إن اليد عارية من السلاح، فلا أحد في العالَم سواءٌ كان ضعيفاً أو قوياً يذهب إلى المعركة بثياب النوم ، أو يذهب واضعاً يديه في جيبه . ولا يوجد مقاوِم عاقل يضع مصيره بين أصابع الغزاة واثقاً بهم . فنظرية " الحاجة أم الاختراع" صارت نظاماً أساسياً لمواجهة الحروب الكبرى عبر تحويلها إلى حروب غير تقليدية. فالفقير صار يضع خططاً لتوفير السلاح من جهات مختلفة ضمن إستراتيجيات مختلفة فرضتها عليه الظروفُ ، وكأن حاجته أَوجدت نظاماً جديداً من اختراع المتطلبات العسكرية ، وإعادة صياغة الظروف لتتماشى مع إمكانياته المتواضعة. وهناك أمثلة عديدة لهذه الحالة، فالمقاومة العراقية_من وجهة النظر المادية العسكرية_ لا تُقارَن مع الترسانة العسكرية الأمريكية ، ومع هذا أَلحقت بأمريكا خسائر فادحة على المستوى المعنوي والمادي . فانظر إلى مدينة الفلوجة العراقية التي صمدت صموداً أسطورياً في وجهة أشرس إمبراطورية عسكرية في التاريخ مدعومةً بالعملاء من الصفويين الذين يختبئون وراء العمائم السوداء ، فمجموعة من المقاتِلين الذي يتمتعون بتسليح خفيف للغاية وقفوا مدةً طويلة جداً في وجه أكثر أنواع الأسلحة تقدماً في العالَم ، ولم تقدر أمريكا على اقتحامها إلا بعد استخدام الأسلحة الكيماوية والمحرمة دولياً وقتل المدنيين ونسف البيوت على رؤوس النساء والأطفال . فالفلوجة صمدت أكثر من صمود لندن أو برلين في الحرب العالمية . وانظر كذلك إلى مخيم جنين الذي يتكون من الفقراء والأرامل كيف استطاع بعض المقاتِلين في أزقته التصدي لآلة الحرب الصهيونية الفتاكة ضمن إطار أسطوري حقيقي يشبه عوالم خيال أفلام الحركة في هوليود ، وقصص ألف ليلة وليلة . وكيف أن المجاهدين الأفغان هزموا الاتحادَ السوفييتي ، ودقوا المسمارَ الأخير في نعشه . وكيف استطاعت غزة المحاصرة بالأنظمة الصهيونية ( اليهود ، ومحمود عباس ، وحسني مبارك ) طوال سنوات أن تظل واقفة على رجليها أمام عالَم غاطس في أحلام اليقظة يمجِّد المجرمَ، ويضع اللومَ على الضحية، ينظر ولا يبصر، مختبئ في غرف النوم ذعراً. فهذه الأحداث ينبغي أن لا نمر عليها دون دراسة التحليل النفسي والسياسي والعسكري . فنحن لا نردد قصصاً من الخيال ، ولا نخدِّر الناسَ بعبارات البطولة والتضحية لنخفف عنهم . فهذه أمثلة واضحة على أرض الواقع تناقلتها كل وسائل الإعلام ، وموثَّقة بكل التفاصيل في وسائل الإعلام المرئية والمسموعة والمقروءة. وصارت مسلَّمات . وتظل الإرادة الداخلية هي أساس الفعل التثويري للتحرر والتحرير .
[6] أكذوبة العالم الحر
العالم الغربي الذي يسمي نفسه حراً ، ليست حريته المزعومة إلا انتكاسة نوعية محصورة في إفرازات مادية بحتة ، فالولايات الأمريكية لا رابط بينها غير المنفعة المادية فقط ، والأمر ذاته ينطبق على الاتحاد الأوروبي الأكثر تشتتاً في نطاق أكثر شراسةً على مستوى التمزق . فالدِّين لا يشكل تاريخاً حقيقياً لأوروبا ، بل هو عبء عليها في إطار التمزق وقادها إلى حروب طاحنة أكلت اليابسَ والأخضر ، فالجنوب الأوروبي كاثوليكي ، والشمال بروتستنتي ، وبريطانيا أنكليكانية ، كما أن اللغات وحدة تشتيت وتمزق، فاللغة الإنجليزية والفرنسية والألمانية والإيطالية، وغيرها كثير . كما أن شبح تاريخ الحروب يشكل عبئاً ثقيلاً على الكاهل الأوروبي . لكن الذي جمعهم هو المنفعة المادية ، أي إن العمود الفقري الذي يلتفون حوله هو المال فقط لا غير ، بلا دِين يوحِّدهم أو تاريخ غير ملطخ بالدماء أو لغة واحدة . وحده المال صار دينهم المشترك وتاريخهم الرسمي ولغتهم الفصحى وحضارتهم . وكما هو معلوم فإن المال عنصر دخيل في بنية تشكيل الحضارات والتاريخ العالمي لأنه عنصر زائل لا يتمتع بالكفاءة المعرفية اللائقة التي تؤهله ليكون العمود الفقري للجسد الحضاري ، فوجوده كأساس حضارة الغرب عنصر سلبي ومعول هدم خفي ونار حارقة مختبئة تحت الرماد . فمثلاً في العلاقات الأسرية الاجتماعية فإن الأب هو رأس الأسرة سواءٌ كان فقيراً أو غنياً ، وهو الركيزة الأساسية التي تلتقي حولها الأسرة وتتمسك بها كطوق نجاة . أما إن اجتمعت الأسرة حول الأب فقط لأنه ذو مال عريض ، فإن الأسرة سوف تتفكك وتذهب أدراج الرياح في أقل عاصفة مالية تجرد الأبَ من ممتلكاته ، لأن وحدة الاجتماع المادية قد زالت ، وبزوالها يزول كيان الأسرة المبني على العَرَض ( المال ) لا الجوهر ( القيم الأسرية الإنسانية المتماسكة ) . وهذا تماماً ينطبق على الغرب الذي تراه فتحسبه وحدةً متماسكة واتحاداً متراصاً لكن قلوبهم شتَّى ، ومع توالي العواصف المالية فإن هذه التحالفات الغربية الدولية ستتصدع بصورة قاسية ، وهذه الحضارة الوهمية المبنية على الأَعراض المادية الزائلة سوف تختفي ، لأن العنصر الذي وحَّدها ( المال ) لم يكن قيمةً حقيقية تجذِّر الوجودَ الحضاري الفعلي .
[7] الحروب الصليبية المعاصر والفاتيكان النازي
مفهوم الحروب الصليبية في متواليات أدلجة سياسة البيت الأبيض لا يعدو عن كونه تاريخاً إرهابياً سابقاً يراد انتزاعه من مرحلة تاريخية معينة ، ومن ثم إسقاطه على الوقائع المعاصرة . فالحرب الصليبية كمصطلح تاريخي ماضَوِي تحاول الإدارات الأمريكية المتعاقبة جاهدةً سحبه إلى الحاضر المعاش، لكن هذا الأمر خطير للغاية، لأن البنية الصليبية للعقيدة النصرانية متآكلة بشدة، وذلك بفعل غياب المرجعية الدينية ( الفاتيكان الإرهابي ) التي كانت تحرِّك الجيوشَ باسم الرَّب، وتوفِّر للحروب الشرعية المزعومة ، وتثبت لها المبارَكة والغطاء الأخلاقي الديني الإنجيلي العبثي . فالفاتيكان النازي أضحى متحفاً كلاسيكياً لا أكثر ، وجزءاً تاريخياً تراثياً لا وزن له أشبه بالفلكلور، لأن الأنظمة العلمانية بطابعها الجزئي رفضت وصاية الفاتيكان عليها مما اضطره إلى اختيار العزلة والمنفى الاختياري رغم حجمه الإعلامي على الكاميرات، أما على أرض الواقع فلا وجود لهذا الحجم ، خصوصاً مع دخول الغرب في المادية الجدلية التي تتمتع بعلاقة ملتبسة مع الدين بين كر وفر . وأمريكا في كل حروبها لا تملك "الغطاءَ الشرعي" الذي كان يخترعه الفاتيكان حينما قاد الحملات الصليبية والإبادة الجماعية وقتل المدنيين باسم الرَّب ، واستطاع توحيد جهود النصارى وراءه باسم الإنجيل التافه وإشكاليات الصليب الحقير وعقائد التثليث غير المنطقية . ومن هنا وجدنا أن الرئيس الأمريكي جورج بوش الصغير في كل مغامراته الحربية الخاسرة ، وجرائمِه ضد الإنسانية والمدنيين قد حاول توفير غطاء ديني تحت مسمى الحرب الصليبية الأيديولوجية الجديدة الخاصة بعقيدته الوهمية ، كما حاول تصوير نفسه كإله حاكم على الأرض أو أنه المخلِّص القادم لإنقاذ البشرية ، وهذه الميثولوجيا السياسية قد جاءت انعكاساً طبيعياً للخلفية الدينية المتطرفة له التي استقاها من الإنجيل العبثي والتوراة الفوضوية ، وكلاهما كتابان بشريان أشبه بالحكايات الشعبية والألغاز والروايات الأدبية .والإدارة الأمريكية المتكررة في بؤرية الوهم الصليبي هي سياسة العسكر الأحادية في تداخل الاستقطابات الحادة . فالاحتلال الإنجليزي والفرنسي كانا أذكى بكثير من الاحتلال الأمريكي الذي يتخبط أيما تخبط، وينتقل من فشل إلى آخر. وذلك عائد إلى كون الغزاة الإنجليز والفرنسيون متمرسين في الإبادة الجماعية والتطهير العِرْقي والقتل الجماعي تحت غطاء الابتسامات الصفراء ، وشعاراتِ الحق والعدالة والتنمية والحب الأخوي بين الشعوب ، واستخدامِ الحيل والخداع وقتل الإنسان والمشي في جنازته أمام الكاميراتِ . أما الغزاة الأمريكان فهم يعطون عقلَهم السياسي التحليلي لأسلحتهم الفتاكة الموجَّهة ضد المدنيين ، مما يجعل المدنيين يزدادون كرهاً لأمريكا وينضوون تحت لواء المقاومة للانتقام من أمريكا والجهاد ضدها .

24‏/10‏/2010

خواطر سياسية ( كلام في الممنوع )

خواطر سياسية ( كلام في الممنوع )
الجزء الرابع
تأليف : إبراهيم أبو عواد
-1-
إن الإرهاب البروتستنتي هو عسكرة السياسة المعتمدة على مخيال القيم الإنجيلية، وهذا الأمر يعكس سقوط العلمانية ، وكونها مجرد شعار وقناع لا أكثر . فالتأسيس البنائي في الإنجيل المعتمد على مبدأ الفصل بين السلطة الدينية والسلطة السياسية مُكرَّس بشدة حيث ينص على إعطاء ما لله لله ، وما لقيصر لقيصر . لكن مبدأ الفصل غير مستعمل كإجراء تطبيقي ، لأن القيم الدينية المتطرفة للمجتمع الأمريكي جرى تسييسها بقسوة بالغة، وبأداء استحواذي على النصوص قائم على وضع الدِّين من أجل تسييس الاحتلال وشرعنةِ الاضطهاد،فعند متَّى ( 12: 30 ): (( من ليس معي فهو ضدي )). وهذا المبدأ قامت أمريكا بجعله الأساس الفكري للإرهاب اليهودي المسيطِر على مفاصل الحسم والنفوذ في الإدارة الأمريكية . وكلما تجذَّرت انهياراتُ بلاد العم سام بوصفها حالةً شاذة عن المسار الحضاري الحقيقي ، وباعتبارها بؤرة الأيديولوجي الإنجيلي المتصهيِن الذي يرتدي قناعَ الحرية والديمقراطية وحقوق الإنسان ، رسخت علامات النهاية الحاسمة للإمبراطورية العنصرية التي تُدعى أمريكا . فوظيفةُ شرفاء العالَم هو الإسراع في وأد حضارة إبادة الهنود الحمر عن طريق استهداف كل أماكن نفوذها في أصقاع الأرض من أجل إلجامها ، وردِّها إلى زاوية ضيقة في المربَّع المحاصَر ، وإذا وصل العالَمُ إلى هذه الدرجة من الأداء المتفوق في مواجهة شذوذ الولايات المفكَّكة الأمريكية عن المسار الإنساني الراقي فإن العدو الصهيوني سيصبح أثراً إثر عَيْن.
-2-
إن كوكب الأرض تحكمه عصابة من المهرجين والقتلة والمجانين ومافيا ما يسمى بالعالم الحر لا شرف لهم غير الرصيد البنكي .
-3-
إن النظام الأيديولوجي الأمريكي ينسى إرهابَه في لهاثه المتواصل نحو السيطرة على العالَم ، وتأسيس حلم الإمبراطورية الذي تبخر إلى غير رجعة بعد أن دقَّت الأزمةُ المالية العالمية المسمارَ الأول في نعش هذه الحضارة الغريبة عن الأرض المضادة لقيمة الحياة والحب والأخلاق والمستقبل . والمفاجأة السعيدة هي أن أمريكا لم تكوِّن دولةً طوال تاريخها بالمعنى التأصيلي الفعلي ، بل كان الكيان السياسي الذي يحتويها عبارة عن مجاز غباري قائم على جبل من جثث الهنود الحمر المتجمدة في العراء ، ولم يظهر من جبل الجليد سوى قمته التي تم تلميعها ، وتقديمها على أنها ذروة الحضارة الإنسانية الراقية المتحضرة.
-4-
الديمقراطية التي يُبشِّر بها رعاةُ البقر هي بقرة حلوب تغدو وسيلةَ ابتزاز للجائعين والعطشى الذين ينظرون إلى الديمقراطية على أنها وسيلة لكسب العيش ، أي الحصول على رضا السيد الأمريكي ، وبالتالي نيل المساعدات والامتيازات والحضور في المحافل الدولية . وعلى الرغم من أن المساعدات المالية المقدَّمة للدول المتخلفة _ بفعل انتشار فلسفة طواغيت الدولة البوليسية_ تذهب إلى جيوب المسؤولين الكبار بمباركة رؤوس الأنظمة القمعية الحاكمة إلا أن استجداء عطف الدول الكبرى وأموالها يظل حافزاً رئيسياً لهذه الدول النامية ( النائمة ) لاعتناق الديمقراطية وحقوق الإنسان والتعددية السياسية والانتخابات النزيهة وحرية التعبير ودولة القانون والمؤسسات _ ظاهرياً _ . وفي واقع الأمر فهذه شعارات ظاهرية شكلية وهمية لابتزاز أكبر قَدْر ممكن من العطايا من الدول الغربية المتقدمة ، والظهور أمام الرأي العام العالمي بمظهر مواكبة العصر ، والمضي قدماً في النهضة والإعمار والازدهار . والمشكلة أن أمريكا تعرف هذا جيداً ، كيف لا وهي التي زرعت الطواغيتَ في العالَم ليظلوا رجالها في أماكن نفوذها . ولكن النظام الأمريكي هو نظامٌ كافر بالديمقراطية وحرية الفكر، ففي الوقت الذي يُسمَح للأفراد بإنكار الله _ مثلاً_ ويُعتبَر حرية فكر، لا يُسمَح بانتقاد أكذوبة الهولوكوست ، أو حتى التشكيك بأرقام هذه المحرقة الأسطورية التي ليس لها وجود على أرض الواقع . وهذه النقطة تعكس فلسفة التعامل الأمريكي مع المعطيات . ويمكن تعميم تطبيقها على " صناعة الديمقراطية " التي تنتهجها أمريكا للتدخل في باقي الدول ، وابتزازها أكثر فأكثر . ومن هنا صار أدق تعريف للديمقراطية هو الابتزاز المتبادَل ضمن تقاطع المصالح بين النظام الأمريكي القمعي المتقدِّم والأنظمةِ البوليسية القمعية المتخلفة.
-5-
إن التعريف العلمي المنهجي للشعارات المغرِضة في منظومة الاحتلال الأمريكي ينحو منحىً فكرياً دقيقاً بدون أقنعة ، فتصير التعريفات الدقيقة الدالة على المعاني كالآتي :
أ ) الديمقراطية : الحكم بالقوانين الوضعية مع إقامة قطيعة مع الشريعة السماوية ، وتنظيم مفاصل الدولة بحيث لا تجرؤ على رفع رأسها أمام السيد الأمريكي الذي يواصل إصدار أوامره دون مناقشة أو رفض . والنظام الانتخابي للأساس الفلسفي للديمقراطية يسمح بفوز كل الناس إلا الإسلاميين، فإذا فاز الإسلاميون فيتم التضييق عليهم ، ومحاصرتهم ، وتصنيفهم كإرهابيين ظلاميين رجعيين ... إلخ .ومحاربتهم بطريق مباشرة( الإرهاب الأمريكي الموجَّه ضدهم دون وسيط ) أو غير مباشرة ( استخدام الأعراب المرتزقة في هرم السلطة السياسية الفاسدة لحصارهم والوقوف ضدهم ) ، وفي المرات القادمة يصار إلى تزوير الانتخابات لإقصاء الإسلاميين بالتنسيق مع السفير الأمريكي ( الحاكم الفعلي في الوطن العربي ) . وفي هذا الصدد نجد مثالين واضحين: فوز حركة حماس التي كانت ضحية مؤامرات مافيا اتفاقية أوسلو بزعامة العميل محمود عباس وعصابته الحاكمة ، وفوز الإسلاميين في الجزائر الذين كانوا ضحية إرهاب جنرالات الجيش الذين يأتمرون بأمر سيدهم السفير الفرنسي . في باريس .
ب) الحرب على الإرهاب : وهي تعني الحرب على الإسلام والمسلمين، والعمل على شَيْطنته لتنفير الناس منه عن طريق وصمه بالإرهاب ، وقتلِ الأبرياء ، وتدميرِ قيم ما يسمى بالعالَم الحر ( أمريكا وأوروبا ) .
ج) العولمة : هي الأمركة ، أي إجبار الناس على تقديس أمريكا ، والرقص على إيقاعها دون مناقشة ، واعتناقِ كل قيمها الروحية والمادية ، والانسلاخ من الهوية العربية الإسلامية ضمن منهجية التغريب الأنجلوسكسوني والفرنكوفوني ، اعتماداً على تفوق العِرْق الأمريكي القادم لفرض شروطه على باقي الشعوب والْحَجْر عليهم لأنهم فاقدو أهلية التصرف ، فأمريكا وحدها تملك أهلية التصرف ! .
د) حقوق الإنسان : منح كل إنسان حرية أن يفعل ما يحلو له ، فالشواذ جنسياً أحرار في اختيارهم ، وينبغي احترامهم ، وعدم جرح مشاعرهم المرهفة ، وتسهيل الوسائل لممارسة شذوذهم دون التعرض لحقوقهم المكفولة في الدساتير الغربية . كما أن المرأة من حقها العيش كما يحلو لها ، تمارس الجنس مع من تشاء ، وتتعرى كما تشاء ، ما دامت أنها مختارة غير مُجبَرَة . ولكن تُمنَع المرأة المسلمة من ارتداء الحجاب بحجة أنه رمز ديني في حين أن المرأة النصرانية تتبختر وهي تضع الصليب على صدرها بكل حرية .
هـ) حرية الفكر: ضمان حرية الفرد في الإلحاد ، أو التطاول على الذات الإلهية ، والاستهزاء بالأنبياء ، والشعائر الدينية، وأن يكتب ما يحلو له دون ضابط أو رادع بذريعة العقلية المتفتحة ، وحرية الفكر الذي لا حدود له ، ولكن لا يحق له أن يتطاول على أمريكا أو التصدي للاحتلال الصهيوني لفلسطين، أو الانتقاص من القيم الغربية المقدَّسة ، أو إنكار أكذوبة الهولوكوست . لأن أدلجة الإرهاب اليهودي النازي يغدو إنجيلاً حقيراً مقدَّساً لدى المحافظين الجدد سواءٌ كانوا مسؤولين أو مواطنين عاديين .
و) دولة القانون والمؤسسات : هي شرعية الدولة البوليسية الموالية قلباً وقالباً لأمريكا ، والتي يتحكم بها الطاغوت وأعوانه العائشون_كالطفيليات_ على ثروات الشعب المنهوبة، وتنسيق انتخابات مزوَّرة بمباركة أمريكية مستترة تضمن تنحية الإسلاميين خاصةً والمعارِضين عموماً ، أو جعل عدة أشخاص منهم كديكور ديمقراطي أمام الرأي العام العالمي، وكل هذا من أجل تحسين صورة النظام الدكتاتوري القمعي.
ز ) حقوق المرأة : حق المرأة في التعري، وممارسة أنشطتها كما يحلو لها بلا ضابط ديني أو اجتماعي في إطار العادات والتقاليد ، فكلما ارتدت المرأة تنورة أقصر صارت أكثر حرية وتمرداً على ذكورية المجتمع ، وهكذا تجد نفسها . والعجيب أن المرأة نفسها لا تحترم المرأة. فمثلاً في عروض الأزياء حينما تكون المصممة امرأة سيكون عرض الأزياء أشد عرياً. حتى الكاتبات البدويات الضعيفات اللواتي لا يمتلكن مستوى ثقافة عالياً يكرِّسن عدم احترام المرأة عن طريق تقليد الآخر ونسخ أفكار الغرب دون إبداع ، مثل نوال السعداوي وغادة السمان وحنان الشيخ وأحلام مستغانمي ... إلخ . وانظر أيضاً إلى المخرجة المصرية ضحلة المستوى إيناس الدغيدي ، فكونها امرأة يفترض بها أن تدعم قضيةَ المرأة، ولكن أفلامها مغرقة في العري الفاضح الخارج على النص ، وتصوير المرأة كسلعة رخيصة في أيدي الرجال ، وتشويه صورة المجتمع عبر تسليط الضوء على النماذج الشاذة ، وهذا يدل على أن المرأة تحتقر المرأةَ .
ح ) التنمية : وهذا المصطلح الطريف المثير للضحك يُقصَد به تكديس الأموال في يد طبقة صغيرة جداً من المجتمع ، وإفقار الغالبية الساحقة من المجتمع . فكل النشاطات التنموية في المجتمع أنشطة حقيقية ، لكن المواطن العادي لا يستفيد منها ، بل تذهب الفوائد الجمة إلى الطبقة المتنفذة، في حين أن الشعب يزداد فقراً ، وهذه الحالة الخطيرة تدل على وجود اقتصاد مُعَافى ومجتمع مريض . وبعبارة أخرى أن الأموال تتكدس في يد أفراد معدودين محسوبين على النظام الحاكم غالباً، أما الشعب فيتم تخديره بشعارات التنمية والتطوير وتوزيع الدخل والعدالة الاجتماعية ، من أجل كسب مزيد من الوقت لتحويل الدولة إلى إسطبلات خاصة ، ومزارع شخصية للمتنفذين . وكل هذا سيدفع الشعب ثمنَه من حاضره ومستقبله أضعافاً مضاعفة .
-6-
معتقل أقفاص غوانتانامو يُذكِّر العالَم بسجون النازية والشيوعية . وللأسف فأمريكا هي دولة نازية بوليسية حقيقية قمعية ، وكل المكياج الإعلامي على وجهها من أجل إبراز خديعة جَمال روحها المشرقة المتقدمة الحرة ذهب أدراج الرياح. فلم يعد هناك أدنى فرق بين بلاد العم سام ( أرض الأحلام الوهمية) والدول المتخلفة التي تحكمها الأنظمة الدكتاتورية في مشارق الأرض ومغاربها.
-7-
الأداء الهستيري الطاغوتي لسياسات إدارة عسكرة المجتمع الأمريكي المنعكسة على أصقاع العالَم أدَّى إلى تجذير الكراهية ضد أمريكا باعتبارها رمزاً للظلم والطغيان لا الحرية والإبداع والجمال .
-8-
إرهاب تنظيم القاعدة انعكاس طبيعي لإرهاب الأنظمة العربية تجاه شعوبها ، وإرهاب الغرب ضد الإسلام والمسلمين .
-9-
الربان المستبد الذي كان يقود سفينة القراصنة منفرداً متشبثاً برأيه قد أوصل السفينةَ إلى اللاهدف ، وبالتالي فإن القراصنة أَزاحوه عن القيادة واسْتَلَمُوا زمامَ المبادرة في محاولة فاشلة منهم لقيادة السفينة إلى بر الأمان .
-10-
مفردات السياسة القمعية الأمريكية،وخرافات الحرب الاستباقية، تتماهى مع مغامرات جيمس بوند وأفلام الحركة التي تنتجها هوليود . فعقلية راعي البقر ما زالت ترسم سياساتٍ عالمية تمس مصيرَ كوكب الأرض برمته.
-11-
أمريكا بلا حضارة أو تاريخ أو دِين ، فهي كيان مصطنع _ مثل الكيان الصهيوني _ قام على جثث السكان الأصليين ، وصار فيما بعد مجرد شركة استثمارية تدر أرباحاً على المساهمين فيها ، وهي بذلك ليست بأكثر من آلة ميكانيكية بلا روح تمنحك حفنةً من الدولارات. وهكذا يتبين أن التاريخ الحضاري الأمريكي هو تاريخ الدولار فقط ، والأمريكان يتحركون تبعاً لبوصلة الدولار ، فلا رابط يربطهم مع هذه الأرض التي قامت فيها ناطحاتُ السحاب على جماجم الهنود الحمر إلا المنفعة المادية البحتة ، وبعدها سيمضي كل منهم إلى حال سبيله باتجاه منفعة مادية جديدة إذا غابت شمس الدولار ، وهذا بدأ يحصل بشكل تدريجي متسارع . وأمريكا لم تكن ولن تكون أُمَّاً في يوم من الأيام تحضن أبناءها ، وتعتني بهم ، بل هي أشبه ما تكون بخادمة تعتني بأبناء غيرها لكي تحصل على راتبها آخر الشهر . هذا بالضبط هو التأصيل الدقيق لهذه الحالة الإمبراطورية الشاذة عن مسار التاريخ الحضاري البشري . فالأم هي من تضطلع بمسؤولية الحمل والولادة والتربية والتنشئة الصالحة ، فهي لا تُربِّي أبناءها من أجل المال أو رضا الآخرين ، بل تربيهم لأنهم أبناؤها خرجوا منها وأحاطوا بها ، والتصق تاريخها بتاريخهم منذ الولادة حتى الموتِ .
-12-
إن مشروع الاحتلال الأمريكي والسيطرة على موارد الطاقة تحت ما يسمى بالحرب الاستباقية ، يهدف إلى إصدار أحكام على النوايا والضمائر ، ومحاكمة نظرات العيون ، وحركات الإنسان ، عبر تحويلها إلى أداء مؤدلَج عسكرياً لمنح شرعية التدخل العسكري المباشر ، فالمتهم مُدان _ عند أمريكا_ سواءٌ ثبتت براءته أم لا ، وسواء دافع عن نفسه أم لم يدافع ، لأن وحدة الأدلجة العسكرية الاستباقية تنبع من قناعة مسبقة محددة ضمن أهدافها الاحتلالية لا تقبل المناقشة أو التغيير .

21‏/10‏/2010

خواطر سياسية ( كلام في الممنوع )

خواطر سياسية ( كلام في الممنوع )
الجزء الثالث
تأليف : إبراهيم أبو عواد
-1-
الديمقراطية في الدول المتخلفة مثل عود الثقاب، لمرة واحدة فقط.
-2-
الأمة فرطت بفلسطين من أجل حفنة من القمح .
-3-
في المجتمع المقموع سياسياً المكبوت جنسياً يتم تربية المرأة أن تكون ممسحة لحذاء زوجها ضمن ثقافة الخوف .
-4-
النظام الجدلي الأمريكي يعتبر العالَم أطفالاً قاصرين لا يملكون أهلية اتخاذ القرارات،وبالتالي فإن أمريكا _ من وجهة نظرها_ هي الأم الواعية الحاضنة التي ترعى أبناءها، وتشرف على مصالحهم، وتعطي المصروف لمن تشاء ، وتعاقب من تشاء ، لأنها تعتقد أنها الوحيدة المخوَّلة بالإشراف على العالَم الفاقد لأهلية التصرف فيما يملك . وهكذا انبثقت فكرة شرطي العالَم الذي أخذ على عاتقه تنظيم أمور هذا الكوكب ، لأن الآخرين هم مجموعة من الفوضويين والخارجين على القانون ، وجاءت أمريكا الطاهرة النقية لتحفظ النظام . وللأسف فهذا الأداء السياسي الملتصق بأبعاد الميثولوجيا المتباعدة في مستويات التجزئة تتشابه مع الميثولوجيا الشيعية خصوصاً في مبدأ " ولاية الفقيه" وهي عقيدة شيعية رافضية إرهابية ضمن تكريسات الميثولوجيا الأسطورية للإمامية الاثني عشرية ذات دلالات نفعية مادية انتهازية متطرفة على الصعيد الاستغلالي القامع. وهي تجعل الفقيه ( آية الله ) ممسكاً بكل الخيوط في المجتمع، متحكماً في كل صغيرة وكبيرة من أجل استغلال البسطاء وابتزازهم وبناء شرعية مزعومة لطبقة رجال الدِّين الذين يصيرون آلهةً بُغية تعميق نفوذهم وسطوتهم وسيطرتهم عن طريق انتهاج أساليب غير مشروعة تحتوي على الكسب غير الشرعي . وهذه العقيدة امتدادٌ للعقلية الفارسية التي كانت تنظر إلى كسرى نظرة تقديس وألوهية .
-5-
إن مشكلة الغرب كامنة في صهينة الإنجيل الإرهابي .
-6-
في الدول البوليسية تأخذ القيم منحىً قمعياً حاداً ضد حقوق الإنسان، والحرياتِ المدنية. فنحن نجد أن هناك أنظمة علمانية متطرفة في العالم الإسلامي اقتبست فكرةَ العلمنة من أوروبا وحرَّفَتْها لتجعل منها أداة قمع بدلاً من حرية الاعتقاد والرأي. والعجيب أن هناك دولاً علمانية تضع الهلالَ على أعلامها مع أنه رمز ديني إسلامي . وقد انتشرت الأنظمة السياسية التي تمارس إرهابَ الدولة المنظَّم ضد شعوبها باسم الديمقراطية والحرية وحقوق الإنسان ، وتملك سجلاً أسود في حقوق الإنسان من خلال التعذيب المنهجي، والاعتقالات الفوضوية، وانتشار السجون التي تغص بالسجناء السياسيين والأبرياء الضحايا ، ومنع الحجاب ، وملاحقة المحجَّبات ومنعهن من الدراسة والعمل ، في حين تُمنَح التراخيص للمومسات بالعمل بكل حرية. وللأسف فإن هذه الأنظمة البوليسية الجاثمة على صدور الشعوب الخرساء ترفض رفضاً باتاً منحه حرياته، فلو كانت علمانيةً _ كما تزعم _ لقامت بمنح الحريات الشخصية للأفراد من منطلق قناعاتهم . لكن العقلية المخابراتية التي تحكم هذه البلادِ هي التي تحول دون تقدمه ، فالدول العربية يحكمها العسكرُ ، وهي تنحو منحىً تغريبياً مضاداً للإسلام والعروبة ، ومع هذا نجد أن الجامعات العربية عاجزة عن اللحاق بجامعات الغرب ، والاقتصاد العربي ميت في مهده ، والأدمغة العربية المتفوقة تم تهجيرها إلى أمريكا وأوروبا . وهذا يدل على أن مفهوم التغريب محصور في تقليد الغرب في الأمور السيئة وترك الجانب المشرق من ناحية التقدم المادي . والأنظمة الحاكمة في العالَم المتخلف تُدار بالعقلية العسكرية المخابراتية. فهذه الأنظمة لا تهدف إلى التطوير والتحسين ، حتى لو تذرَّعت بالعلمنة أو العولمة أو الانفتاح ، وغير ذلك من الشعارات الجوفاء التي يُراد منها إطالة عمر الأنظمة الفاسدة أطول وقت ممكن. ومن الضروري أن يعمل الشعب جاهداً على التغيير للأفضل عن طريق تغيير أنظمة الحكم التي هي عثرة في طريق تقدم الإنسان .
-7-
التربية الفكرية المتطرفة تتجذر في النظام التعليمي الأمريكي الذي يَزرع في النشء أساطير التفوق العِرْقي العنصري ، فالرَّجل الأبيض هو السيد المحترم ، وما عداه هو المجرم الشرير . ووفق هذه القاعدة جرى تصوير إبادة الهنود الحمر ( سكان أمريكا الأصليين ) في كل وسائل الإعلام بشتى أشكالها على أنها تحرير للتراب الأمريكي من هؤلاء البدائيين المتخلفين ( الهنود الحمر ) بفعل تضحيات وبطولة الرَّجل الأبيض الذي أسَّس مملكة الخير والتقدم على جثث الهنود الحمر الذين هم أقل رتبة من الحيوانات _ حسب منظور أمريكا الشيطان _ .
-8-
منهجية التضليل الإعلامي هي أدبيات التيارات المتطرفة في الأيديولوجية المادية الإعلامية الغربية عبر التلاعب بثالوث الإبادة ( المال _ الجنس _ الإعلام ) .
-9-
إن الأنماط الغربية في زراعة متوازِيات التثليث منتشرة بصورة جنونية في الأداء اللاعقلاني لمادة عقائد التثليث وفق شتى المستويات، ففي المستوى العَقَدي الإنجيلي الأسطوري ( الآب ، الابن ، الروح القُدُس )، وفي المستوى السياسي التكويني ( المال ، الجنس ، الإعلام ) ، وفي المستوى العسكري ( الإبادة الجماعية ، التطهير العِرقي ، قتل المدنيين ) ، وفي المستوى الاجتماعي ( اختزال المرأة في بؤرة الجنس ، التمييز العنصري على أساس الدِّين والعِرْق ، تجنيد الشباب الذين يموتون في المعارك لكي يستثمر الأغنياءُ تضحيات الفقراء في الحروب )، وفي المستوى الأخلاقي( الغاية تبرِّر الوسيلة، حصر القيم الأخلاقية في المنفعة المادية البحتة ، اختزال الأخلاق في قيم الرَّجل الأبيض ) .
-10-
رعاة البقر الذين وجدوا أنفسهم _ فجأة_ سادةً للعالَم في المنظور المادي البحت ، ظنوا أنفسهم أصحاب حضارة ثقافية إنسانية ينفع تعميمها على الآخرين لاقتيادهم كالغنم .
-11-
هناك تشابه مخيف بين النظام السياسي العربي والأمريكي . فالنظام العربي يتحكم فيه رعاةُ الغنم الذين لم يتدربوا على دخول عصر التحضر والمدنية، فهم يعيشون على هامش التاريخ العالمي ، لأنهم ما زالوا قابعين في العقلية البدوية، فالدولة العربية قبيلة بدوية ، والحاكم هو شيخ القبيلة ، والشعب هو الغنم . وما زال الحاكم العربي راعي الغنم يتخندق في إشكاليات الجواري والقصور والتخمة غافلاً عن قضايا الأمة لأنه _ أصلاً_ لم يدخل في نطاق العالَم المعرفي المحيط ، وإنما يعيش في دنيا الأوهام الاستهلاكية ، وعقلية شيخ القبيلة المطاع المقدَّس المعصوم ، وحوله زوجاته والجواري وآبار النفط . وقد يحتج البعض بما رواه البخاري : عن أبي هريرة _ رضي الله عنه _ عن النبي صلى الله عليه وسلم : (( ما بعث الله نبياً إلا رعى الغنم )) ، فنقول إن القياس مع الفارق باطل ، لأن الأنبياء سادة البشر يملكون كل مفاتيح الشخصية الجذابة الشريفة الواثقة التي تضع الأمورَ في نصابها الصحيح، فهم يملكون القدرة على القيادة بكل أشكالها ، ولم يكن رعي الغنم بالنسبة لهم سوى إجراء للصبر والأناة تمهيداً لرعاية البشر . أما الحكام فهم اتخذوا رعي الغنم عقليةً بدوية بدائية أعرابية جافة خالية من القدرة على القيادة ومواكبة العصر . فلا مجال للقياس أو المقارنة بتاتاً . أما النظام السياسي الأمريكي فتتحكم فيه عقلية رعاة البقر ، من خلال سياسة القمع والكر والفر والثورة الهمجية والأخلاق السادية خصوصاً في التعامل مع الإنسان، والمرأة ، والحيوان، والبيئة . فهم يتخندقون في إشكالية العقلية السادية الحيوانية ، ولذةِ القتل ، والاستمتاع غير المشروع بجسد المرأة ، واللهو العابث ، وتأسيس نظام حياتي فوضوي قائم على الاستهلاك الفج ، وهذا ما نراه _ حتى الآن_ في المجتمع الأمريكي .
-12-
إن الحاكم العربي البدوي قد يشتري ولاءَ الآخرين بأمواله لكنه سيظل عاجزاً تماماً عن تكوين أداء اجتماعي ثقافي حالم في المحيطات الكَوْنية . تماماً كالرَّجل الثري القادر على شراء أية امرأة بأمواله واتخاذها زوجةً أو عشيقة ، لكن أمواله غير قادرة لوحدها على إدخاله في قلبها ، والسيطرة على عواطفها الداخلية . وهذه الحالة تنسحب على الأداء الإمبراطوري الهستيري لسادة البيت الأبيض . فنحن نجد كثيراً من زعماء العالَم يأتمرون بأمر الرئيس الأمريكي بغض النظر عن شخصه ، لكن لسان حالهم يقول " إن اليد التي لا يمكنك قطعها قَبِّلْها"،أو "إذا لديك حاجة عند الكلب فَقَبِّلْه حتى تأخذ حاجتك". ونحن نعلم بأن هؤلاء الحكام الطغاة العائشين على سرقة شعوبهم، والمنتشرين في كل الجهات ، مجرد مرتزقة لا يقدرون على اختيار ربطات عنقهم من تلقاء أنفسهم ، وهم حجارة شطرنج لا أكثر على رقعة السياسة العالمية ، إلا أن أداءهم السياسي يعكس حجمَ الانهيار الأمريكي الذي يجبر الآخرين على المداهنة والنفاق ، مع أن الأمريكيين أنفسهم يعلمون أنهم أشخاص غير مرغوب بهم نتيجة انهيار واقعية الحلم الذي دمَّروه بشكل منهجي ، وبفعل السياسات الصبيانية العدوانية لإداراتهم الحاكمة المتعاقبة.
-13-
هناك نسبة كبيرة من الأمريكيين الشرفاء غير راضين عن المشاريع الإمبريالية لدولتهم المضمحلة ، لكن صوتهم لا يصل إلى العالَم ، لأنهم لا يملكون النفوذ الكافي لإعلان وجودهم على هذه البقعة العالمية، وإيصال صوتهم الرافض إلى بقاع الأرض . وعلينا أن نقيم علاقات متينة معهم ، ونتصل بهم ، لنعلن عن خطة عمل مشتركة بغية تكوين جبهة رفض شعبية تساهم في تكثيف ضغط شعبي أشبه ما يكون بلوبي من الجماهير المتعطشة للحرية والسلام بعيداً عن الأكاذيب المسيَّسة من قبيل " أرض الميعاد " والتي يُقصد بها احتلال فلسطين ، أو أكذوبة "شعب الله المختار " التي يراد منها هؤلاء اليهود الكفرة الفجرة ، أو أكذوبة " الهولوكوست ". فهذه العقائد ساهمت بعسكرة المجتمع الأمريكي ، وبعث التوتر فيه بصورة دراماتيكية ، مما سهَّل على الإدارة الأمريكية العزف على هذا الوتر ، واختطاف الوطن والشعب ، وابتزاز المواطنين لأهداف انتخابية ، فكلما انخفضت شعبية الإدارة الأمريكية لوَّحت بخطر ما يسمى بالإرهاب لرفع شعبيتها ، وكلما أرادت سن قانون جديد لتحقيق مكاسب شخصية ، وتجذير منافع عِلْية القوم على حساب العامة من الفقراء والبسطاء والمهمَّشين زعمت بأن القانون يحفظ أمنَ أمريكا في وجه" الإرهاب". وهكذا نجد أن ما يسمى بالإرهاب صار صناعةً رائجة تدر على المتاجرين بالشعارات أرباحاً بالغة ومكاسب مادية وغير مادية لتعميق سطوتهم ونفوذهم وثروتهم . فكما أن العدو الصهيوني أسَّس صناعة أكذوبة الهولوكوست لابتزاز العالَم ، فأيضاً أمريكا أسَّست "صناعة الإرهاب" لابتزاز العالَم.
-14-
محطاتُ الأخبار المشبوهة التي تعتبر الشرف الإعلامي هو المال الداخل إلى جيوبها ، توالي من يدفع لها من وراء الستار ، وبالطبع فإن اليهود ( شعب الشيطان المختار ) ملوك هذه اللعبة المتحكِّمون في الفساد المالي، وتقديم الرشا لقلب الحقائق، واستغلال المال لتنفيذ أهداف دنيئة . فمن أركان الإرهاب اليهودي النازي استخدام المال لأغراض غير شرعية ، والضغط على الآخرين بواسطته لتحقيق الأهداف السيئة . وفي الإنجيل أحداث تُوضِّح سعي اليهود لقتل السيد المسيح صلى الله عليه وسلم عن طريق شراء ولاء يهوذا الإسخريوطي بالمال . وهذا دَيْدن اليهود في زمان ومكان . فعند متَّى ( 26: 15و 16) : (( وقالَ: كَمْ تُعطونني لأسَلِّمه إلَيكم ؟ . فوَزَنوا له ثلاثينَ قِطعةً منَ الفِضَّة . ومن ذلك الوقتِ أخذَ يهوذا يتحيَّن الفُرصةَ لتسليمه )) . وفي ذات المعنى يقول الكاتب الروسي الشهير دوستويافسكي عام 1880م : (( فاليهودي ومصرفه هما الآن سيدا الجميع ، وهما اللذان يديران أوروبا ، والتعليم ، والتمدن )) [ نقلاً عن كتاب مؤامرة اليهود على المسيحية لإميل حرب ، ص 43] .

20‏/10‏/2010

خواطر سياسية ( كلام في الممنوع )

خواطر سياسية ( كلام في الممنوع )
الجزء الثاني
تأليف : إبراهيم أبو عواد
-1 -
المجتمع الأمريكي هو تجمع للأغنام الصامتة ، خصوصاً مع تزايد متواليات صهينة الصليب كأساس شرعي للحروب الاستباقية ، وصهينة الإنجيل كأداء سياسي للمحافِظين الجدد ، وصهينة مجتمع دافعي الضرائب المغلوب على أمرهم من أجل نيل رضا اللوبي اليهودي الصهيوني الذي ينتمي _ فعلياً _ للأرصدة البنكية الشخصية .
-2-
إن أحداث 11 سبتمبر حصلت تحت غطاء أمريكي وتواطؤ من الإدارة الأمريكية أو أقسام متنفذة منها، والتي سمحتْ بضرب البرجين دون تدخل لصناعة ذريعة تتيح لأمريكا التدخل في باقي البلدان، وتنفيذ مخططاتها الاحتلالية الرامية إلى السيطرة على موارد الطاقة وأهمها النفط. فأمريكا فتحت الطريقَ عمداً أمام تنظيم القاعدة لضرب البرجين من أجل استغلال هذا الحدث لترويج مشروعها الاحتلالي تحت غطاء شرعي وتعاطف دولي . فالمسألة هي تقاطع مصالح ، فابن لادن يريد تنفيذ فكرته بضرب أمريكا ، وأمريكا تريد ضربَ نفسها لاتخاذ الأمر حجةً أمام الرأي العام العالمي لغزو البلدان، والسيطرة على مواردها. والأمر شبيه بسماح أمريكا لصدام حسين بغزو الكويت وتسهيل ذلك ، فكل المؤشرات العقلية والتحليلية من الزاوية السياسية تشير إلى علم أمريكا المسبق بغزو صدام حسين للكويت ، وقد أذنت له بفعل ذلك ، وعندما قام بفعلته تلك اتخذتها أمريكا ذريعةً لزراعة نفسها في الخليج تقديساً منها للنفط ، وتأسيساً لأناجيل النفط السياسية . فكان الأمر مصيدةً أمريكية رُسِمت بحرفية عالية وقع فيها صدام حسين بحكم طبيعته البدوية المتهورة ، وقصر نظره السياسي . فلا يمكن لأي حاكم عربي أن يقوم بعمل عابرٍ لحدود بلاده إلا بعد إذن أمريكا. كما أن ثورة 1952م في مصر ما كانت لتنجح لولا سماح أمريكا بها . واتخاذ الذريعة وجلب تعاطف الآخرين أساسٌ فلسفي عميق في أدبيات السياسية الدولية ، فمثلاً أكذوبة " المحرقة اليهودية" التي اخترعها اليهود من بناتِ أفكارهم والتي لا حقيقة لها إنما هدفها جلب التعاطف العالمي معهم، والتأييدِ لمشاريعهم المتوحشة، وتصويرهم على أنهم حِملان بريئة،وهذا يجعلهم يمارسون الإبادة بحق الآخرين تحت غطاء الشرعية المزعومة دون عقاب.
-3-
الحاكم العربي راعي الغنم لا يعرف التحدث باللغة العربية لأنه أمه هي أمريكا التي قامت بتربيته .
-4-
لقد جاءت القشة التي قصمت ظهر البعير المتمثلة في أحداث 11 سبتمبر تتويجاً لنتائج السياسة المتطرفة للإدارات الأمريكية في دعم الاحتلال الصهيوني لفلسطين بصورة هستيرية، ونشرِ الظلم والحقد في أنحاء العالَم، وتثبيت حكم الطغاة الموالين لها على حساب شعوبهم الخرساء . فالحادي عشر من سبتمبر هو الوجه الحقيقي لأمريكا الذي أزال قناعَها الذي يتذرع بأكاذيب حقوق الإنسان والديمقراطية والعدالة الاجتماعية ، وعرَّاها تماماً من كل أقنعة الإبادة التي ترتديها ، وأسقط مكياجَها إلى الأبد والذي كانت تغوي به الآخرين ، وفقد العالَم الأعمى ثقته بهذه العجوز العمياء ( أمريكا_ صراخ الهنود الحمر في الإبادة الجماعية ) ، وفقدت هي كذلك ثقتها بنفسها . وبقي سقوطُها الكلي مسألة وقت لا أكثر . فالشيطان لا يقدر أن يضحك على العاقل طوال العمر .
-5-
إذا بدأنا نبحث في مصدرية التوازي في السياسة الأمريكية أدركنا أن العلمانية مجرد حِبر على ورق لا أكثر ، فأمريكا التي تقدِّم نفسها على أنها النظام العلماني الأكبر في العالَم هي نتيجةٌ عبثية للكنائس الجدلية التي تحتكر بؤريةَ التأويل الديني . فالإشكالية ذات الزخم الميكانيكي في تشريح النصوص الدينية السياسية في إطار تشكيل دِين السياسة القطبية الأحادية هي نقل الدولة إلى الكنيسة، وأدلجةِ المنظور السياسي من وجهة نظر أيديولوجية عابثة ، واحتكارِ صيغ التأويل السياسي اعتماداً على الطقوس النصرانية المشوَّشة ، لذا فأمريكا هي واحدية الاستلاب المعرفي المخنوق في أُطر تعبدية وهمية. وللأسف صار من الطبيعي أن نرى رئيساً أمريكياً يضع القبعة اليهودية على رأسه ، ويقوم بأداء الصلواتِ الباطلة عند حائط البراق
أمام عدسات التصوير ، ويتم تناقل الصور في كل المحطات بكل سلاسة . وحائط البراق يُسَمَّى في الميثولوجيا الصهيونية " حائط المبكى " ، ويمارس اليهودُ عنده شعائرهم الوهمية. وتغيير أسماء الأماكن واللعب بالمصطلحات خطة يهودية معروفة على مدار التاريخ . وهم يقصدون بهذا العمل اللاشرعي تثبيت شرعيتهم المزعومة على أرض فلسطين التي ليست لهم ، ومحاولة طمس الهوية العربية الإسلامية للأماكن عن طريق تسميتها بأسماء يهودية كجزء من خطة التهويد الشاملة . وهذا يدل_ بلا أدنى شك_ على أن العلمانية هي جزءٌ من مخطَّط ديني مشوَّش يرمي إلى تحقيق مكتسبات على صعيد الفكر الذهني المجرَّد ، وتطبيقاتِه على أرض الواقع . كما أن النظام السياسي للعلمانية يتيح منافذ متعددة لدخول الدِّين عند الحاجة . فالمبدأ السياسي العمومي الغربي _ في حقيقة الأمر _ هو مبدأ نفعي مصلحي دنيوي لا يؤمن بما وراء برميل النفط ، ووفق هذه النظرة اللادينية كانت العلمانية هي الدِّين الجديد الذي يضمن ديمومةَ حكم الطواغيت ، فهم يستخدمون الدِّينَ ويدافعون عنه عندما يخدم مصالحهم ، ويقصونه عندما يتعارض مع مسارهم . لذا فإنهم كرَّسوا مبدأ النفعية الفجة على حساب القيمة الروحية للحياة الشخصية والعامة . لكنهم في عزلة الانغلاق الجدلي المادي . وهذا المجتمع المنهار هو الذي أنشأ كارلَ ماركس ، والفلسفةَ الماركسية . فعلى الرغم من كون كارل ماركس فيلسوفاً بدائياً سطحياً وغير موسوعي إلا أنه استطاع التعبير في أعماله عن مادية المجتمع الغربي الشرسة، وصوَّر تقوقعَ الفرد الغربي حول المادة. وهذا قاده إلى إنتاج فلسفة ماركسية خلطت الحابلَ بالنابل دون تفكير العميق . ومع هذا فإن المادية الجدلية هي صورة أوروبا المتوحشة ، أوروبا الكافرة والإبادة والتطهير العِرْقي والرقيق الأبيض وخيانة السيد المسيح صلى الله عليه وسلم .
-6-
إننا نجد رؤساء أمريكا يسجدون لليهود ، ويؤمنون بخرافات اليهودية والنصرانية ما دامت تحقق مصالحهم وتدعم مستقبلهم السياسي ، مع أنك تجدهم غير متديِّنين أو لا يعرفون قراءة التوراة والإنجيل ، إلا أنهم ركبوا الموجةَ لتحقيق مصالحهم الذاتية . بل إن بعض مؤسِّسي المشروع الصهيوني الذين أَنفقوا عمرهم في بناء الكيان المحتل لفلسطين وفق أسس دينية توراتية تلمودية عنصرية غارقون في الإلحاد أو عدم التدين أو عدم الاعتراف بمرجعية التوراة والتلمود . ولكنهم رأوا أن يبنوا مستقبلهم السياسي وفق منظور دِيني ليسهل تحقيق أهدافهم الرامية إلى تأسيس عالمية الفوضى والإباحية والتطهير العِرقي بما يضمن ديمومة وجودهم كسادة للعالَم الجديد ، عالمِ الثالوث اليهودي المقدَّس ( المال _ الجنس _ الإعلام ) . أي إن المتاجرة بالدِّين والشعارات التوراتية هي أقصر وسيلة لتحقيق أهدافهم الانتهازية المادية .
-7-
ضرورة شطب الإرهاب البروتستنتي المسيَّس ضمن عقلية سيد البيت الأبيض الذي هو عبارة عن دُمية محترقة على مسرح تضليلي تحرِّكها أصابع خفية من وراء الستار ، أهمها على الإطلاق اللوبي الصهيوني الذي اختطف أمريكا لصالح المشروع التوراتي التلمودي الأسطوري المتضمن لخرافات أرض الميعاد التي يُقصد بها سرقة فلسطين، وأكذوبة الهولوكوست ، وأضحوكة عقيدة " شعب الله المختار " . ومع انصياع الإدارة الأمريكية بالكامل لهذه الجماعة الضاغطة صار الأمريكي غريباً في بلاده الوهمية ، فهو يدفع الضرائب دون الحصول على أي مردود أو فائدة تعود عليه بالنفع، لأن المردود كاملاً يذهب لجيوب المتنفذين من البروتستنت المتصهينين واليهود المتطرفين، وهذه الفئات اخترعت خرافة "دولة إسرائيل" لتزيد أرصدتها البنكية الشخصية، وأنطقةَ نفوذها ، عن طريق ابتزاز الناس أكثر فأكثر باسم الدِّين والخلاص وعسكرةِ الأنسنة .
-8-
إن نهاية الإرهاب البروتستنتي الأمريكي المصبوغ بالعلمانية الخرافية النفعية تبدأ من تحطيم فلسفة صهينة الصليب في أُطر الاضطهاد والإبادة الجماعية والتعذيب كما في معتقل أقفاص غوانتانامو الذي يُجسِّد الصورةَ الحقيقية لأمريكا الرعب وانعدام حقوق الإنسانية وغياب الديمقراطية ، ويُمثِّل وجهَها الحقيقي خارج نطاقات الأقنعة البراقة المخادِعة. فهذه الشعارات الإنسانية تستخدمها إدارة البيت الأبيض لتنفيذ مخططاتها ، والتدخلِ في شؤون الدول الأخرى من أجل ابتزازها ، وتطويعها في نظام العملاء الراكعين للمشروع الاحتلالي العالمي . هذا المشروع المتطرف هو أمركة النظم الإنسانية عن طريق طمس الحضارات الأخرى ، والنظر إلى الحضارة الغربية وقلبها النابض ظاهرياً الميت واقعياً ( الولايات المفكَّكة الأمريكية ) على أنها الذات المركزية الأساسية ، وما حولها من حضارات لا وزن لها البتة . وهذا الأداء المتغطرس الإقصائي إنما هو نظام إنجيلي مُحال إلى صهينة الأبعاد التوراتية باعتماد نسق هلامي أسطوري لتثبيته كحقيقة تفوُّق العنصر الغربي وأحقيته المزعومة في قيادة العالَم دون أدنى مساءلة أو اعتراض .
-9-
كم من حضارة كانوا يقولون عنها إن الشمس لا تغيب عنها، ولكنها غابت . ولا يوجد أي دليل يجعل أمريكا استثناء من هذه القاعدة المطردة ضمن سياق التداول الطبيعي للحضارات داخل المسار الاعتيادي للتاريخ. لكن الكيان الإنساني الفردي أو الدولي الإمبراطوري قد ينسى لحظة الشيخوخة أو الموت في زحمة الأضواء والشهرة والمجد والرفعة وعنفوان الشباب ، لكن النهاية لا بد أن تجتاح البدايةَ مهما طال الزمن لأن كوكب الأرض سائر على هذه القاعدة ، ولا يوجد أي دليل يثبت العكسَ . ، ولو كانت الحضارات تبقى لكانت الحضارة العربية الإسلامية الأولى بالبقاء ، وهي التي استمرت أكثر من ألف سنة معتمدة على القرآن والسنة ، ومستندة إلى نشر العدل والعدالة الاجتماعية والتسامح والجهاد في سبيل الله وتطبيق شرعه رغم بعض التجاوزات البشرية في التطبيقات . ومع هذا ضعفت في نهاية أيامها ، وتآكلت ، وغابت شمسُها . فما بالك بأمريكا الشيطان التي عمرها الإمبراطوري عدة عقود ، وتعتمد على أيديولوجية الإنجيل المحرَّف ، وتنشر الإباحية والظلم والإبادة والاحتلال والكراهية وقتل المدنيين ؟!. بالتأكيد لقد وصلت إلى مرحلة الشيخوخة سريعاً ، وهذا يعني أن طفولتها وشبابها كانا بؤرةً مركزية متآكلة في محيط زمني ضيق وقصير .