نقد الإرهاب الشيعي الرافضي
(الجزء السادس )
الرافع الخافض في الرد على الروافض
نحو إنهاء الاحتلال الشيعي لإيران والعراق
المؤلف : إبراهيم أبو عواد
إن أدلجة فرضيات الصراع بين تواجدات الحالة الاجتماعية ليس جديداً ، بل هو يُستخدَم بتكثيف أيديولوجي صِدامي غير منطقي في بؤرة التجريد الذهني. فمثلاً نحن نجد أن علماء الروافض يدرسون حالة قتل الأمويين لأئمة آل البيت _ عليهم السَّلام_ على أنها استمرار للصراع التاريخي بين الهاشميين والأمويين ، وتُسوَّق هذه الأفكار على أنها صراع تاريخي بين أُسْرتَيْن . لكن هذه الأصوات اختفت عندما قتل العباسيون أئمة آل البيت،لأن العباسيين هم هاشميون ومن آل البيت، فلم نسمع أحداً من علماء الروافض قال إنه الصراع بين الهاشميين والهاشميين ، وإن آل البيت يَقتلون آلَ البيت ، لأن التركيب الأيديولوجي الشِّيعي المتماهي مع القراءة الماركسية المتطرفة للتاريخ يحاول استثمار أية لحظة صراع تاريخي ، والعمل على أدلجتها بشكل فوضوي لتحقيق مكاسب سياسية . فمثلاً سَيدنا عبد الله بن الزُّبير_ رضي الله عنهما _ لم يكن من آل البيت ، ومع هذا تم قتله وصلبه بطريقة وحشية على يد رجال الخليفة الأموي اللاشرعي عبد الملك بن مروان.
فبطش الأمويين والعباسيين لم يكن مُوَجَّهاً ضد آل البيت لأنهم آل البيت، بل كان مُوَجَّهاً ضد المعارِضين الخارجين على نظامهما السياسي ، فلو خرج عليهم أي شخص لقاموا بقتله دون النظر إلى كونه علوياً أو حتى أموياً أو عباسياً. فهؤلاء يريدون تثبيت حكمهم بأي ثمن حتى لو قتلوا الصحابة أنفسهم . وقد قتل بعض خلفاء بني أُمية بعض الصحابة بكل خيانة دنيئة ، فقد قتل معاويةُ بن أبي سفيان الصحابيَّ الجليلَ حُجْرَ بن عدي _ رضي الله عنه_ ، وهذا مشهور ، وسيأتي تفصيله بإذن الله. كما قتل يزيدُ بن معاوية أحدَ سادات الصحابة الإمام الحسين _ رضي الله عنه_، وقتل عبدُ الملك بن مروان الصحابي الجليل عبد الله بن الزُّبير _ رضي الله عنهما _ . فالمسألة هي قتل المعارِضين للحكم بغض النظر عن انتمائه العائلي . وكما هو معلومٌ فإن أئمة آل البيت قضوا حياتَهم ثواراً ضد الظلم الأموي والعباسي ، وهذه هي منهجيتهم في الخروج على الحاكم الظالم ، وهي نفس منهجية بعض علماء الأمة من خارج مدرسة آل البيت البريئة من الشيعة الروافض . فنحن عندما نقول مدرسة أئمة آل البيت نقصد العلماء الأفذاذ المتقدِّمين وبعض اللاحقين، وكل الأئمة الأثبات من آل البيت هم تلقائياً من أئمة أهل السنة والجماعة ، فعلي أو الحسين أو محمد الباقر أو جعفر الصادق ليسوا من الشِّيعة الروافض ، بل هم من أئمة أهل السنة والجماعة ، كيف لا وهم ملتزمون بالكتاب والسنة الصحيحة ، أما المنحرِفون الذين ينسبون أنفسهم إلى آل البيت ، فهذه دعوى واهية لا دليل عليها ، مثل اليهود الذين ينسبون أنفسهم إلى سيدنا موسى صلى الله عليه وسلم وهو منهم بريء ، أو مثل النصارى الذين ينسبون أنفسهم لسيدنا المسيح صلى الله عليه وسلم وهم أعداؤه . فالشِّيعة الروافض الذين بدَّلوا وغيَّروا وانحرفوا هؤلاء أشد أعداء آل البيت _ عليهم السَّلام _ ، حتى لو سموا أنفسهم بالشيعة ، وبكوا عند أضرحة أئمة آل البيت ، ولطموا وضربوا أنفسهم . فهذه ليست بأكثر من دموع التماسيح ، فأهل الكوفة الذين كان يسمون أنفسهم شيعة آل البيت هم الذين خانوا علياً والحسين ، فلا تنخدع بالمظاهر الفارغة . فالدعاوى بلا بَيِّنات لا وزن لها ، فالكلام سهل ، لكن التمحيص هو النتائج على أرض الواقع. فمبدأ " قلوبنا معك وسيوفنا عليك " الذي اخترعه الشيعة الروافض هو نتاج طبيعي لطبائعهم النَّفسية بعد أن باعوا آل البيت نتيجة التلويح بالمال والعصا، وقتلوهم بكل وحشية . ففي صحيح البخاري ( 5/ 2234 ) : عن بن أبي نعم قال : كنتُ شاهداً لابن عمر ، وسأله رجل عن دم البعوض ، فقال : (( ممن أنتَ ؟ ))، فقال : من أهل العراق ، قال : (( انظروا إلى هذا يسألني عن دم البعوض وقد قتلوا ابنَ النبي صلى الله عليه وسلم )) .
وتستمر لعبة قراءة التاريخ لتوظيفه دينياً من أجل تثبيت خرافات الشرعية للعقيدة الشِّيعية ، فمثلاً وجدنا الروافضَ من الأعراب والفُرْس الذين يحتلون العراقَ يُصَنِّفون صدام حسين سُنِّياً داعماً للعرب السُّنة وقاتلاً للشِّيعة والأكراد ، وهذه نظرة قاصرة . فصدام حسين لم يكن سُنِّياً ، بل بعثياً علمانياً . وهو قتل الكثير من العرب السُّنة ، فإعدام الإخوان المسلمين ، وقتل أصهاره ، وقتل الكثيرين من العرب السُّنة ، وتهجيرهم خارج البلاد ، يُثبِت بلا ريب أنه كان ضد كل من يهدِّد نظامَ حكمه سواءٌ كان سنياً أو شيعياً ، عربياً أو كردياً . وقد قتل الكثيرين من رفاقه البعثيين شركائه في الحزب الذي يقوده . لكن لعبة قراءة التاريخ بشكل مغرِض لدى الشِّيعة إنما تتم وفق إسقاطات مركزية موغلة في توظيف التاريخ لصالح مشروعهم التوسعي ، وتأسيس دولتهم الموعودة انتظاراً لظهور المهدي المخلِّص الذي دخل في سرداب من وجهة نظرهم، وخرافة السرداب هذه ردَّها أحد أبرز علماء الروافض في القرن العشرين وهو محمد جواد مغنية في معالم الفلسفة ( ص 204_206) .
وهم بذلك يتشابهون مع اليهود الصهاينة والنصارى المتصهينين ( المحافِظين الجدد ) الذين يريدون تأسيس دولة" إسرائيل" المزعومة انتظاراً لمجيء المسيح المخلِّص من وجهة نظر عقائدهم . وهذا التماهي ليس مستغرباً ، خاصةً بعد أن حدَّدْنا التشابهات العقدية بين الشيعة من جهة ، وعقائد النصارى واليهود والفُرس المجوس من جهة أخرى .
وهذا الانهيار الانسحابي العقدي يتشكل وفق تاريخ خاص بأمكنة تطبيق تاريخ ذهني مخيالي ، ومن ثم إسقاطه على وقائع انهيارات معرفية محدَّدة لغايات سياسية واضحة المعالم،وهي التوسع في المنطقة ، وتكوين هلال شيعي يجرف المنطقةَ ، ويعيد ذكرياتِ الدول الصفوية التي ارتكبت المجازر والإبادة الجماعية بحق السُّنة. لكن لعبة الشيعة معروفة ومتكررة، فهم يزعمون حب آل البيت لكنهم أَخْرَجُوا الناسَ من الإسلام بهذه الدعوى العريضة، ويزعمون أنهم يقاتلون العدو الصهيوني ، لكنهم يفعلون ذلك لتثبيت وجودهم في المنطقة على حساب السُّنة ، وتأسيسِ هلال شيعي يقضي على الشعوب السُّنية .
وبالطبع فإن الذي لَمَّع صورة التشيع وأعطاها الزَّخم هو وجود حركات شيعية مقاوِمة للعدو الصهيوني ، مثل ما يسمى بحزب الله ، وهذا جعله يحصل على تأييد قطاعات واسعة في العالَم العربي والإسلامي . وأيضاً إيران وتحديها للعدو الصهيوني والغرب عموماً ، فهذه العوامل أبرزت صورة الشيعة كقوة مقاوِمة ذات احتفاء شعبي ومناصَرة على الصعيد السياسي . وهذا يشابه ما جرى في الستينات والسبعينات بالنسبة للمد الماركسي والقومي ، فظهور حركة مثل " الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين " وعملياتها العالمية من خطف الطائرات المشتملة على مبدأ تسليط الضوء عليها ، واستعراض القوة على المسرح العالمي أدَّى إلى وجود أنصار لها،وتأييد شعبي قوي، لدرجة أن الجبهة الشعبية بتوجهها الماركسي اللينيني كانت الحركة الثانية بعد فتح في منظمة التحرير. ولم يكن لها أن تنال هذا القبول لولا اقترانها بالمقاوَمة،خاصة أن الشعب العربي شعب عاطفي يجري وراء الشعارات والخطب الرنانة دون أن يخضعها لميزان العقل .
ونظرية الاقتران هذه تم استعمالها على أكثر من صعيد ، فارتباط التشيع بآل البيت إنما يهدف إلى الحصول على شرعية للشيعة الروافض عبر اقتران اسمهم بشرعية آل البيت المتفق عليها ، مع أن الشيعة الروافض قد تخصَّصوا في الكذب على أئمة آل البيت البريئين من خرافة مذهب الإمامية الاثني عشرية. كما أن ارتباط إيران و"حزب الله " بالمقاوَمة ضد العدو الصهيوني والغرب أدَّى إلى وجودهم تحت مظلة التأييد وشرعية سياسية التحدي والمقاوَمة ، ولكن للأسف فقد استغلت إيران هذا المشروع السياسي المدعوم من شعوب العالَم العربي والإسلامي لنشر التشيع الرافضي بالمفهوم الدِّيني، وغزو البلاد العربية والإسلامية عبر شراء الذمم بالأموال،واستئجار المرتزقة الذين يقبضون بالدولار الأمريكي ثم يُطبِّلون ويُزمِّرون لمذهب الإمامية الاثني عشرية الباطل ، والمنسوب_ زوراً_ لأئمة آل البيت .
إن فلسفة التشيع تعتمد على اكتساب شرعياتٍ واهمة مظهرية متعلقة بالمعايير الاجتماعية الرافضة للمنهجية العلمية الدقيقة . فتحليل فرضيات المسار التاريخي الشخصي الغارق في أدلجة عناصر الذات المنفصلة عن الذوات الإنسانية ما زال يكشف لنا جوهرية تساقط فاعلية الموروث الدِّيني الطلاسمي، لأن المدرسة الشِّيعية تحصر التلقي في علي بن أبي طالب_ عليه السلام _ ، وأبنائه من بعده،والوحيد المخوَّل بالاطلاع على هذا التلقي وتفسيره وشرحه واحتكاره هم فئة"آيات الله" الذين يمارسون دوراً شبيهاً بدور الكهنة الذين يحتكرون سلطة تأويل النص الدِّيني ضمن مساحة مظلمة بعيدة عن الطبيعة العمومية لفهم النَّص . والتفريق بين نزعات احتكار تأويل مستويات المعرفة الدينية المشوَّشة يُعتبَر نشاطاً محاصَراً بإيقاعات نخبوية فجة تتعامل مع الموروث على أنه تاريخ مندمج مع قداسةٍ متصوَّرة لا وجود حقيقياً لها في واقعية المعرفة. فالتجربة الشِّيعية باعتبارها مُراهَقَةً سياسية لا تنتج إلا مزيداً من الشكوك غير المنهجية ، فتظهر الحيرة والتخبط في تشييد النصوص ضمن تيار مناهِض للوعي الشامل بتحليل هذه المتمركِزات الوجودية في بنائية النص وتركيبه .
لكن تزاوج تجانسية البناء على واحدية الأسطورة المتفرِّعة يضرب بقسوة في أنسجة مفاهيم التأصيل الميكانيكي لروح الخرافة عن طريق فرز تناقضات تأسيسية تصنع مخيالاً وجودياً وفق أطوار تأريخ قيمة الأساطير التي تأخذ منحى دينياً شعبوياً ، مثل خرافة عصمة الأئمة على سبيل المثال لا الحصر ، فهذه الخرافة إنما جاءت لتثبيت شرعية هلامية ، وإضفائها على أئمة آل البيت ، ليصير كلامُهم نَصَّاً منزلاً لا يملك أحدٌ أن يعارضه ، وبالتالي يريح الشيعةُ الروافضُ أنفسهم من تلقي النقد والاستدراك على كلام أئمة آل البيت غير المعصومين . وبالطبع فتأصيل هذه الخرافة دِيناً لازماً للأتباع من العوام يتعارض مع منهجية البحث العلمي . فلو كان أئمة آل البيت معصومين لما ظهرت الاختلافات والتناقضات فيما بينهم . وخرافة عصمة الأئمة الاثني عشر متماهية تماماً مع العقيدة النصرانية غير المنطقية التي تقول إن الروح القدس شاء في القرن الأول للميلاد أن يوحيَ إلى أربعة رجال أن يُدَوِّنوا الإنجيلَ : متى ومرقس ولوقا ويوحنا . وبالطبع فإن هذه العقيدة الباطلة هدفها إضفاء العصمة على كلام هؤلاء الرِّجال الأربعة وإنزاله منزل العصمة والقداسة بلا نقاش ، وهذا بالتأكيد ما أراده الشيعة الروافض من اختراع عقيدة عصمة الأئمة لجعل كلامهم فوق مستوى النقد والاستدراك والمراجعات ، وهكذا يضمنون السيطرة على العوام وابتزازهم باسم الدِّين لأطول وقت ممكن .