نقد الإرهاب الشيعي الرافضي
(الجزء الرابع )
الرافع الخافض في الرد على الروافض
نحو إنهاء الاحتلال الشيعي لإيران والعراق
المؤلف : إبراهيم أبو عواد
إن مستوى الرموز المتماثلة في صيغ استدعاء الموروث الذي يتم إسقاطه على واقعيةِ هلاميةِ الأسطورة الداخلية يعتمد في ديمومة أنساقه البدائية على سلطوية الإمساك بخيوط المجتمع الشِّيعي الخاضع قسرياً لسلطة أُناس ينسبون أنفسهم إلى النبي صلى الله عليه وسلم دون وجه حق ، أو هم من آل البيت حقيقةً، ولكن من جهة النَّسب فقط لا غير ، وهذا لا يُعَوَّل عليه مطلقاً ، ولا أهمية له بالمرة . وهي شرعية واهية لا دليل عليها . فالشرعية الحقيقية هي الالتزام التام بالكتاب والسنة الصحيحة، وإذا كان بعد ذلك من أهل البيت، فيكون قد جمع المجدَ من أطرافه. أما أن يكون من آل البيت ، ولكن سلوكه مخالف للإسلام ، كأن يكون شيعياً رافضياً أو صاحب فسق ومعصية، فلن يستفيد شيئاً من نسبه ، وسيكون نسبه حجة عليه لا حجة له ، ومحاولته العابثة لنيل الشرعية اعتماداً على النسب فقط لا غير إنما هي محاولة فاشلة ، وحيلةٌ ساذجة لا تنطلي إلا على السذج .
وقد قال تعالى : ( يَا نِسَآءَ النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِّنَ النِّسَآءِ إِنِ اتَّقَيْتُنَّ ) [ الأحزاب : 32] .
قال القرطبي ( 14/ 177) : ((فبيَّن أن الفضيلة إنما تتم لهن بشرط التقوى )) اهـ .
أي إن الأفضلية للتقوى ، وليست لأنهن زوجات النبي صلى الله عليه وسلم ، فمن المعلوم بالضرورة أن زوجَتَيْ نوح ولوط_عليهما الصلاة والسلام_ كانتا كافرتَيْن. فشرط الأفضلية هو التقوى، وليس النسب. فلا تغتر بكون الشخص من الأشراف أو السادة ، فهذا ليس فضلاً بحد ذاته ، وإنما الفضل للتقوى وفق الكتاب والسنة الصحيحة ، فإن رأيتَه تقياً ومن آل البيت ، فقد جمع المجدَ من طرفيه ، وأما إن رأيتَه مخالفاً للإسلام ، وحتى لو كان من آل البيت ، فلا فائدة من نسبه مطلقاً حتى لو كان ابن النبي صلى الله عليه وسلم مباشرةً . وسيكون حسابه أشد وأكثر تدقيقاً من الإنسان العادي ، فقد قال تعالى : ( يَا نِسَآءَ النَّبِيِّ مَن يَأْتِ مِنكُنَّ بِفَاحِشَةٍ مُّبَيِّنَةٍ يُضَاعَفْ لَهَا الْعَذَابُ ضِعْفَيْنِ) [ الأحزاب : 30] .
قال القرطبي ( 3/ 48 ) : (( وذلك لشرف منزلتهن ، وإلا فلا يُتصوَّر إتيان منهن صيانةً لزوجهن المكرَّم المعظَّم )) اهـ .
لاحظ أن التشديد عليهن مضاعَف في حال إتيان الفاحشة لسمو رتبتهن . وعلى هذا فالتدقيق على الأنبياء والعلماء والأغنياء وأصحاب المكانة أكثر من باقي الناس . ولم يقل أحدٌ من العلماء أن ذرية الأنبياء معصومة أو أنها من الجنة ، فابن سيدنا نوح صلى الله عليه وسلم كان كافراً ، فقد قال تعالى : ( قَالَ يَا نُوحُ إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صَالِحٍ ) [ هود : 46] . وهكذا ترى نبياً كريماً من أولي العزم ، وفي أعلى درجات الجنة ، وابنه المباشِر خالداً في جهنم. فالإسلام ليس ديناً إقطاعياً ، وليس نظاماً ملكياً يفترض أن ابن الملك سيكون ملكاً بعد أبيه . التقوى هي المحك الأول ، فإن صلحت أضف إليها النَّسب الشريف الطاهر ، أما إن فسدتْ فلا فائدة من النَّسب ، بل سيكون حجةً على صاحبه ، وعبئاً عليه في الدَّارين .
وكلنا يعلم من هو أبو لهب ( عم النبي صلى الله عليه وسلم ) ، وهو عبد العُزى بن عبد المطلب القرشي الهاشمي صاحب النسب الشريف، وهو خالدٌ في النار ولعنه الله تعالى في القرآن ، ويُتلَى لعنُه والحكم بهلاكه وخسرانه المبين حتى قيام الساعة : ( تَبَّتْ يَدَآ أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ )[ المسد : 1] ، بينما الإسلام رفع سيدنا بلالاً الحبشي العبد الأسود الذي كان لا يجد ما يأكله ، وهذا مثال واضح على أن التقوى هي الأساس قبل النَّسب . ويدل على عظمة الإسلام الذي ألغى النظامَ الإقطاعي الجاهلي ، إنه الإسلام ذلك الدِّين الذي لا يُشْرَى بالمال أو الجاه ، ولا يوجد فيه صكوك غفران ، من يدفع يحجز له موقعاً في الجنة . أو من كان ذا نسب شريف أو مال عريض أو إمكانيات مادية بوسعه شراء الجنة. فلا بد للجميع أن يعملوا بجد لكي ينالوا شرف رضا الله تعالى، ومن ثم الدخول في الجنة .
وفي صحيح مسلم ( 1/ 191): أن رجلاً قال: يا رسول الله، أين أبي ؟، قال: (( في النار )) ، فلما قفى دعاه ، فقال : (( إن أبي وأباك في النار )) .
وفي صحيح مسلم ( 2/ 671) عن أبي هريرة _ رضي الله عنه_ قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (( استأذنتُ ربي أن أستغفر لأمي ، فلم يأذن لي ، واستأذنته أن أزور قبرها فأذن لي )) .
وفي الحديث المتفق عليه ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (( لو أن فاطمة بنت محمد سرقتْ لقطعتُ يدها )).
وهذه الأحاديث الشريفة دليلٌ ساطع على أن الإسلام ليس ديناً إقطاعياً ، ونظاماً وراثياً استغلالياً أو استبدادياً ، فلو كان سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم ليس نبياً، لما قال هذا الكلام، بل تستَّر على حال أبويه ، وكان تجاوز عن ابنته في حال ارتكابها خطيئة، ولكن المسألة أكبر من النبي صلى الله عليه وسلم نفسه ، فهي تطبيق لأوامر الخالق تعالى. وها نحن نجد أن نسب السيدة فاطمة الزهراء_ عليها السلام_ لن يشفع لها إذا قامت بفعل السرقة_وحاشاها_، كما أن والدَي النبي صلى الله عليه وسلم في النار ، وليس كما يقول البعض إنهما من أهل الفترة . قال النووي في شرحه على صحيح مسلم ( 3/ 79) : (( من مات على الكفر فهو في النار ، ولا تنفعه قرابة المقرَّبين . وفيه أن من مات في الفترة على ما كانت عليه العرب من عبادة الأوثان فهو من أهل النار ، وليس هذا مؤاخذة قبل بلوغ الدعوة ، فإن هؤلاء كانت قد بلغتهم دعوة إبراهيم ، وغيره من الأنبياء ، صلوات الله تعالى وسلامه عليهم )) اهـ .
إذاً، فالمحور هو التقوى قبل كل شيء، وإذا لم يخضع النَّسب للتقوى، فلا أهمية للنسب مطلقاً ، بل سيكون عبئاً ثقيلاً على صاحبه ووبالاً على صاحبه. لذلك جاء التوضيح النبوي الدقيق في صحيح مسلم : (( ومن بطأ به عملُه لم يسرع به نسبُه )) .
قال الإمام النووي في شرحه على صحيح مسلم ( 17/ 22 ) : (( معناه من كان عمله ناقصاً لم يلحقه بمرتبة أصحاب الأعمال ، فينبغي أن لايتكل على شرف النسب وفضيلة الآباء ويقصر في العمل )) اهـ.
وفي صحيح مسلم ( 1/ 192): عن أبي هريرة_رضي الله عنه_ أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (( يا فاطمة أَنقذي نفسك من النار ، فإني لا أملك لكم من الله شيئاً ، غير أن لكم رحماً سأبلها ببلالها )) .
وقد لعن النبيُّ صلى الله عليه وسلم عدة أصناف من بينهم: (( والمستحل من عترتي ما حرَّم اللهُ )) [ الحاكم وصححه ووافقه الذهبي ] .
وهذه أدلة ساطعة على ما ذهبنا إليه من تحليل ثنائية التقوى والنَّسب ، والتي صارت إشكاليةً ملتبِسة في أذهان البعض ، بسبب انحصار تفكيرهم في ظواهر الأشياء، والتعويل على أفكار غير منضبطة بالشرع الحنيف.وقد قال الله تعالى : ( إِنَّ أَوْلَى النَّاسِ بِإِبْرَاهِيمَ لَلَّذِينَ اتَّبَعُوهُ) [ آل عمران : 68] . ولم يقل تعالى إن أولى الناس بإبراهيم آل بيته أو صحابته ، فالاتباع هو الذي يُعَوَّل عليه ، وكلما كان الإنسان حريصاً على المتابعة كان قريباً من النبي صلى الله عليه وسلم ، وإذا أعرض عن الاتباع كان بعيداً مطروداً حتى لو كان من آل بيته أو من صحابته. فآل البيت منهجٌ لا نَسَب. وهذا المبدأ يقودنا إلى معانٍ جديدة لآل البيت وقف عليها المحقِّقون .
فقد قال الحافظ في الفتح ( 11/ 160 ) : (( وقيل المراد بالآل جميع الأمة أمة الإجابة ، وقال ابن العربي: مال إلى ذلك مالك، واختاره الأزهري، وحكاه أبو الطيب الطبري عن بعض الشافعية، ورجَّحه النووي في شرح مسلم، وقيَّده القاضي حسين والراغب بالأتقياء منهم . وعليه يحمل كلام من أطلق . ويؤيده قوله تعالى : ( إنْ أولياؤه إلا المتقون ) [ الأنفال : 34] . وقوله صلى الله عليه وسلم : " إن أوليائي منكم المتقون " [ الحاكم وصححه ووافقه الذهبي ] . وفي نوادر أبي العيناء أنه غض من بعض الهاشميين ، فقال له : أتغض مني وأنت تصلي علي في كل صلاة في قولك اللهم صل على محمد وعلى آل محمد ؟! ، فقال : إني أريد الطيبين الطاهرين، ولستَ منهم )) .