وطني المصلوبَ على قفصي الصدري ، لماذا تقفز على خشبة الإعدام كما تقفز مراهقات الماريجوانا على خشبة المسرح ؟ . أحمل تابوتَ الغابات في حقيبة سفري ، وأتزوج شركسيةً ، وأعيش في إسطنبول. فلا تسألي عني أيتها الغيوم . قولي للشمس إن الغريب تزوج الغريبةَ في دهشة الياقوت . وحدها البروق مَن سترثُ أمجادي . والبيوتُ تصبُّ في المقابر . لقد اكتشفنا الوطنَ بعد موت الوطن .
ماتت عائلتي في صبرا وشاتيلا ، وصارت قططُ الشوارع عائلتي . فلا تسأل أرشيفَ البحيرة العمياء : لماذا تتشمس بين فقرات ظهري الذئاب الكريستالية ؟ . اكتشفتُ فلسفة ليلة الدخلة في الزنازين . يذهب الرجالُ إلى شهر العسل وأذهب إلى المحاكم العسكرية . أذوب أحزاني في فنجان قهوة تشربه النسور لكي تأكل جثتي بهدوء . بيعوا جِلدي في السوق السوداء لنوفر ثمن علاج القمر المحتضر .
أيها الفيلسوف العائش في غرف الفنادق المطلية بالبارود ، تحمل جمجمتك في حقيبة السفر وتصادق قططَ الشوارع. يبكي القمرُ في أحضان الشمس. تفصل أشجارُنا قمصان الإسمنت حسب خجل نعوشنا ، وندرس رومانسية الضحايا على ضوء الشموع . ولم أجد غير الشجر الذابل يُغسِّلني بعد موتي . ومن حسن حظ الشظايا أن الأموات ذهبوا إلى الصنوبر قبل هدنةِ الغبار .
سبايا روما بصمات الشطآن على جثامين الرجال الحزانى . وجسدُ لغة النار ذاكرةٌ لقصائد اليمام . ذهب الرجال إلى المعركة وبقيتُ مع العوانس . لا شريفاتُ قريش يتذكرن وجهي ولا الإسكندر المقدوني سيُعجَب بشجاعتي ! . تزوجتُ كلَّ نساء الأرض إلا المرأة التي أحببتها . ماذا أستفيد من رومانسية جارتي حينما أُوضع في قبري وحيداً ؟ .
أنا الفاشلُ عاطفياً ، وكل النساء هجرن وجهي ، فتزوجتُ بنات آوى ، وقُتلنا معاً في عربات القطار الذي لا يعود . وحيدٌ أنا في ذاكرة الفيضان . يتيمٌ أنا في ذكريات البروق . والطريقُ إلى قلب أمي يمر عبر قبر أبي . وما زالت الذكرياتُ تسيرُ على لحمي حافيةً . والفراشة أمام مرآتها ترتدي بزتها العسكرية .
سيدتي، أرجوكِ اكرهيني . لا أستحق حبك . أنكري ملامحَ وجهي لئلا تُفجعي برحيلي . اكرهيني كي أتحرر من تاريخ البحيرات كي أتحرر من الذبحة الصدرية كي أتحرر من هيمنة النحاس على الياقوت. لا تلقي الأحجار الكريمة على جثامين عمال المناجم . ابحثي عن غيري واتركي الزلازل تنام بهدوء بين أصابعي . إنني أفتح قفصي الصدري للأمطار كي تنام أدغالُ المجزرة في حنجرتي . لقد اكتشفتُ أقمارَ مذبحتي قبل أن تكتشف الإماءُ أعضائهن الجنسية. وكل الفراشات التي تضطهدني هي اسمُ ثورتي. فلا تكوني تاريخاً لأعصابي المنهارة . سيتذكرني الموجُ حينما يموتُ البحر على صدر الرمال،وتختفي آثار الغرباء على جلود السبايا. وحده الانطفاء من سيتذكرني.
البحيرةُ مصابةٌ بالعقم لكنها أنجبتني . وهذا الليلُ يخبط في جدائل الراهبات . وعلى أجنحة الذباب الكريستالي أراملُ الجنود . كأن أنوثة الأضرحة نفط خام . فيا أيتها النساءُ اللواتي يرتبن الجماجمَ في علب الكبريت، إنها دموعي براميل بارود. والفيضانُ يزين تيجان الجواري . يبحث المساءُ عني بين الجثث ، وأبحث عن نفسي بين الصدمات العاطفية . فمتى سأجد نفسي أيها الغرباء الذين يصنعون من خدود المطر توابيت للكستناء ؟ . فقدتُ ثقتي في الفيضان وضعتُ ثقتي في الرياح ، فاخلعيني من دمائي . هذا تاريخُ رموشي تكتبه الأمطارُ لتمحوَه العاصفة. ويظل البحارة الغرقى ينادون على أمهاتهم.
صباح الخير يا سَجَّاني ، دعني أحرق الشوارع بسعالي أكتشفْ مطراً يجيء من توابيت الفجر. مَن المرأة التي ستتزوج شبحَ رَجل جثةَ بَحَّار في المرفأ المهجور ؟ . جثامين نساء خلف زجاج السيارات الأسود محنَّطات في كهرمان الإبادة . وأصرخ في بلاد الرئة الثالثة : (( أيتها المسافرات في دموع أُمِّي ، قد لا أعود )). وهذه دمائي سقفُ البحر. أدخل في زرقة الطوفان صيفاً بلا شمس، فاسجد يا قلبي للذي لا يغيب لكيلا تغيب .
أنتِ ملكتي ، وجثثُ الملكات عرشي . وهذه جماجمُ النساء على أزرار قميصي فكيف سأتزوج دماءَ الصدى ؟ . فازرعيني يا رياحُ في بكاء أبي واحصديني . قد متُّ منذ قرون ، لكني انتظرتُكِ يا أمي حتى تدفنيني . إن رومانسية الجثث الملقاة على الأرصفة تناديني . وهناك ، في ذاكرة الغروب ، حصانٌ أعمى يُحدِّق في عيون فارسه المشلول . والأسماكُ تضع بيوضها على نصل مقصلتي . قد تركتُ قلبي على دبابيس حجابكِ أيتها البوسنية ، فاقتليني أو ارحميني . أنا شبحي الراكض بين زعفران المذبحة وياقوتِ العشق . قد صرتُ حُرَّاً لأن زنزانتي ماتت بالحمَّى .
وحدي في مملكة العوانس أركض إلى حتفي تحت شمس بلا ظلال تحت شموعٍ بلا عشاق . دمائي إشارةُ مرورٍ للنوارس . أرمي لحمَ الأنهار في الأدغال لكي تشبع الضباعُ التي تقفز على جثث عائلتي . وفي غابات الدمع ترحل الدماءُ إلى الياقوت . لي سيادةُ البجع على لمعان التوابيت المزركشة. ذاكرةً للعشب الأزرق كان شَعري. هذا أنا ، لم أنتظر ليلى لكني أنتظر الذئب .
أيها الليلُ الذي يأكل عِظامَ القمر . أيها النهارُ الذي يحتسي دماءَ الشفق . إنني الرسولُ الذي أضاع الرسالة ، ولم ينقذني ساعي البريد المصلوب على رسائل العشاق . احرسوني من نبضات قلبي . لم أنم منذ قرون لأن صوتَ دمي في براميل البارود دبابيسُ على وسادتي .
أنا الهاربُ من الحب يا عشاقَ أكفاني ، المقتولُ في مواعيد حصاد الندى . والنملُ يجر ذكريات الريح. وتابوتُ اللوز يسحبه البعوضُ. ذاكرةٌ لدمٍ أخصر يولد من أثاث مقبرتي. لا وقت للاكتئاب يا جارتي ، إن البنادق شريعتي . لا وقت للرومانسية يا أرملتي ، إن الخنادق عشيقتي . وحفرُ المجاري أضاءها عَرَقي الخشبي. فلا تبحث عن قبري يا صديقي ، اتركْ نوارسَ الجرح على أجفان الغيم لكي ترى جثتي القديمةَ في المرايا الجديدة . رعشتي ذاكرةٌ غامضة لدمٍ غامض . ومعجونُ أسناني بطعم البارود . وهذا الليلُ مملكةُ الجواري العاشقات . أركضُ في الليل باكياً لئلا ترى العناكبُ دموعي النحاسية. هذا أنا، أزيد وزني لكي يستمتع الدود بأكلي.
أخي ضابطَ المخابرات ، ذهب العشاقُ إلى مطاعم الوجبات السريعة ، وبقينا _ أنا وأنتَ_ في الشارع نحرق الأرصفة بدموعنا ، نُقدِّس وطناً يقتلنا ، نحضن حلماً يموت . الثلجُ ليمونةُ القتلى ، فاقتلني كي نساعد حفارَ القبور في التزلج على المقاصل . اكسر عزلةَ الموتى في المرايا . لا وقت لبكاء الرجال على صدور النساء . فاكسرْ قناعَ الضحايا في الحكايا .
هذا المساءُ الخشن يصب دموعَه في دمي المعلَّب. إنني جثةٌ ملقاة في علبة سَرْدين فالتهمني على ضوء المصابيح لأن عائلتي ماتت في براميل النفط . اتركني أيها الرعدُ ألمس عرق السنابل على الجثث الساخنة . أنثرُ في الهواء جماجمَ الملوك كدموع العوانس . نزيف حاد في معدة المطر لكنَّ المستشفيات مغلقة .
يجرحني الأرقُ في ليالي الشتاء الدامية . وتنام في جواربي أسماكُ القِرش الرومانسية . هذه الذكرياتُ ألغام بحرية تتساقط في كبدي . وتلك حنجرتي إشارةُ مرورٍ للحطب. وسعالي مزهريةُ الغرباء . إن الأمواجَ تنام على رؤوس أصابعي ، فلا تكره البحرَ الذي يخيط أكفانَ المطر مجاناً .
ذاب الضجيجُ في يانسونِ المجازر . وهذه حباتُ الرمال طفلاتٌ نائمات على جثامين الأمهات ، والحديقةُ تصرخ ، لكن الأراجيح خالية . وعلى أسنان القمر الميت رَجلٌ وحيد يمشي بجانب جثته . وعندما تتزاوج الطحالبُ في حنجرة الرياح سأتزوجُ الرياح .
آثارُ أصابعي على نعش الأمواج. فاتركْ عرقي النحاسي على زجاج السيارات، واركض وراء سحر عيون الموتى. إنني أخلع جِلدي عند عتبة بيتي، وأتزوج أصوات باعة الذكريات على عربات الفواكه . هذا الحزنُ نَجَّارٌ يعمل في مهنة الحِدادة . فكنْ مثل الفيضان الذي يكتشف سذاجة العشاق في المواعيد الأولى، ويحترم مشاعرَ الجواري في الموت الثاني .
أبحثُ عن ذنوب النهر لأكتشف البياض في أكفان الطوفان . انكسارُ شهوة الياسمين في التوابيت المحروثة بالذكريات . قد لمحتُ طريقاً لليمام يمر عبر جثمان أبي في الشفق ، وهذه العاصفةُ تواسيني . أتزوجُ الزوبعةَ وأعيش في حواجب الصنوبر .
يحرث خدودي نهرُ الذكريات . أريد التحرر من حب الشطآن لكي أتزوج البحيرةَ . الرمالُ عشيقتي لكني تزوجتُ الصحراء . وفي الطريق إلى الكنيسة تركض نعوشُ السنونو بين نعوش الراهبات. إن دمي لا يتسع لبكاء العشب. كأن جثامين الملوك أزرار معطفي في كهرمان المذابح .
شتاءُ القرابين ، وجثتي تفاحةُ الانقلاب ، وتلك الذكرياتُ تقفز على رموش الزلزال . فكنْ قريباً من أرصفة الإبادة لأن أعصاب المطر منهارة . وارقصْ في طرقات المجزرة لأن النهر الأعزب سيتزوج دمائي . لا تبحث عن عرق الزيتون في أوردتي . اترك العشبَ يُفصِّل من أكفان الموج ملابس رياضية لبنات آوى .
أعيشُ في حواجب الشفق . وأبحثُ في المستنقعات عن شرف الضفادع . لم أتعود على الأحجار الكريمة لأني حدادٌ أصنع من أظافري نظاراتٍ طبية للموج الأعمى . وذلك موعدُ شنقي موسمُ تزاوج السنونو .
يا مَن تبحث عن دمع أمك في الزُّمرد ، إن نعشَها حجرٌ كريم . فكن كريماً حينما تزوركَ جثةُ البحيرة في وقت الغروب ، وافتح بابَ جرحكَ للضيوف المشنوقين على ذاكرة الليمون . أنتِ أيتها المومياءُ الغارقة في دماء زوجها، المحنَّطةُ في بهارات المطبخ ، اخرجي من زيتونة الموتى إلى عيد الموتى .
لا تتاجروا بآل البيت أيها البدو الرُّحل . هذا عرقي ينظف الشفق من الألغام . وحواجبي هي أغنامٌ تطالب بدم الراعي . لقد وقعت الرومانسيةُ من جيوبي ، فابحثي يا جارتي عن رَجل غيري تضحكين عليه في هذه الشوارع القذرة. نعشيَ اليانسونُ الأخرسُ ، فافرحي يا أمي لأن جثتي قد أزهرت في مدن الخيانة . والذبابُ يتزلج على دماء الراهبات . إنني أطبخُ الحزن في بنكرياس العاصفة ، وأنتظر قطاع الطرق كي نتفاوض على جثمان الموج . أَدرسُ الفيزياء مع الجراد ، وأُعلِّم البعوضَ تعاليمَ المنفى . لقد اعتزلت دِيداني الحياةَ السياسية ، واعتزلتُ اكتئابَ الحقول ، ومنحتُ الزوابعَ شرفَ تفسير غموض مقصلتي .
هذا اكتئابي يقتل رومانسيتي . ودمائي موسيقى تصويريةٌ للمستنقعات . فلا تحزن يا مساءَ الرعشة لأن الغزلان أضاعت عمرها في أرق السنابل . إن الموتَ أمي وأبي، وسوف يعودُ الغريبُ إلى عائلته . أنجبني المطرُ ، لكنَّ الرمالَ تولد في قزحيتي . وتلك حواجبُ البئر اكتئابُ أَسَدٍ بعد مقتل اللبؤة . كرياتُ دمي إشارات مرور في ممالك المذبحة . وحزني جزءٌ لا يتجزأ من ذاكرة الشموس المهزومة . فاستمعْ إلى القصائد التي تلقيها أسماكُ القرش في حفل تأبين البحَّارة .
أنا أختنقُ _ يا أمي _ لأن براميل البارود تتزاوج في مجرى تنفسي . أنا أبكي _ يا أمي _ لأن صوت الرصاص يحفر كهوفَ حنجرتي . أنا أموتُ _ يا أمي _ لأن قبور الذباب تشرب الزنجبيل في بلعومي .
تهتُ في أمعاء القمر . أنا عاشقُ الطرقات القاتلة ، فاقتلني يا لمعانَ الرصيف كي أحيا في الصنوبر . أمشي ولا أصل . أعشقُ ولا أتزوج . أتألم ولا أبكي . أركض ولا أتحرك . وكل الشوارع أنكرتني رغم أن جثماني إعلاناتٌ على الحيطان يزين فساتين الجواري .
في مهب الذكريات. وحدي في ذاكرة السنديان العاري أتنفس دخان سيارات الإقطاعيين . والأرقُ آخر أصدقائي الأوفياء . والنزيف حارسي الشخصي . والمنافي عشيقتي التي لا تخون وجهي حين أغيبُ في نحاس الغيوم . لا أبناءَ لي أورثهم أحزانَ الدروب التي لا تنتهي إلا عند نعشي . لا نساء في طريق الذعر نحو فضة الدموع ، لكنَّ الرمل الأخضر أجملُ النخاسين في السوق السوداء .
أيها المشنوقُ الرومانسيُّ، لا وقتَ للاكتئاب.فلتقاتل حتى نهاية مشاعر السنونو، حتى سقوط الخريف في نهر العشق ، حتى ترى ضريحكَ في الشفق . وكل دموع الزيتون ستركض نحو ثوب أمك . فاكتشفْ قبر الرياح في معدة السَّحاب . وتلك أضواءُ مركبات نقل الجنود ضباعٌ تنهش لحوم البغايا على الأرصفة القذرة .
وداعاً أيتها العوانس. سأذهب لاكتشاف لمعان عيون النخاسين في موسم الإماء الطازَجات كحبال المشانق . أنا المنفى الراكضُ في شهيق الوطن . وهذا العشبُ الأعمى لم يعد يراني لأن رموشَ القمر سقطت على رموشي . تجرُّ الديدانُ قطيعاً من الأنهار المحنَّطة في نزيف الليمون . وأنا أجرُّ تابوتَ البحر ، وأحمل على ظهري جثة الفيضان .
لا أريد أنثى أمارسُ عليها سُلطاتي الذكورية . لا وقتَ للرُّجولة أيتها الجواري المستحمات على السجاد الأحمر . لم أجد أمامي رجالاً لكي أصبح رَجلاً ، فسامحيني يا أمي . إنني العاشقُ بعد مقتل الرومانسية ، والرسالةُ بعد مقتل الرسول .
اغسلْ جلود الموتى بكلام التلال قبل دخول السناجب إلى حفلة الإماء . ذلك اكتئابي مرشدٌ سياحي للبط الأعور . وصُداعي مقهى الجيش المكسور . وقد أفسد اكتئابي رومانسيتي كما أفسد الخلُّ العسلَ . فلا تحزن عليَّ ولا تبكِ قرب سعال البحر . وكلُّ أظافر النهر تتكسر على لحمي وما زلتُ أركض في دماء الرمل الثلجية . تتصلبُ شرايين الحطبُ ، وتزور الضفادعُ الصحاري في غرفة العناية المركزة . فلا تحضر الوردَ في جنازة بنادق الصيد ، إن الصيادين القتلى ما زالوا يمشون في الطريق ، ولا طريق أمام عيون بناتِ الملوك المخلوعين .
كأن نابليون أحد حراسي الشخصيين . أتجسس على حياة الشفق الشخصية ، وتتجسس السنابلُ على دقات قلبي وكرياتِ دم الزوابع . أراقبُ أبراجَ البكاء لأكتشف امتداد السم في عروق المرفأ . أحضرُ فرشاةَ أسناني الملطخة بسعال المخبِرين ، وأزيلُ بقايا الذكريات بين أسنان الفيضان . من أنا لأختار فستان السهرة للملكة كاترين ؟! .
ليمونةُ التعب . نائمٌ أنا وحراسي نائمون والموتُ يحرسنا ، فلا تبحث عن ظلال البجع في الخيانات الزوجية . اطمئن إلى نعومة حبل مشنقتك . أيها الصديقُ المقتول في بنكرياس البابونج، خذ كوباً من عصير الذكريات لكي تفرح جاراتكَ المسحوقات على أثاث البحر . وعلى تابوتِ العاصفة امرأةٌ لا تجد وقتَ فراغ لخيانة زوجها . لا داعي أن أنتحر لأني _ كلَّ يوم _ أنتحر .
هذا عَرَقي يغسلُ حفر المجاري في مُدن البكاء . ونعوشنا تُلمِّع الصحاري بأوسمة الجنود المهزومين . وكلُّ الأنهارِ التي تنبع من عمودي الفقري وتصب في عيون الذباب هي اسمُ الجثامين الغامضة . وتحرثُ دموعُ القمر رمالَ البحر ، وما زلتُ أزرع خِيام المذبحة في صوت المساء . أنا الصيادُ المنفيُّ ، والجرذانُ صارت كلابَ صيد.
أرجوكَ، يا موتَ الزنابق ، أن تبحث في المرأة عما هو أعمق من الجنس . أن تبحث عن دولة بين السنابل . أن تلمس شوق الفقراء إلى حافلات النقل العام .
حفارةُ القبور التي تدفنني تخونني . فلا تقل يا وهج عيون الضفادع لو كنتُ فراشةً تموت في حنجرة الغيم وتولد في رمال البحر. لستُ الحسين لأفرض نفوذي على بني هاشم . لستُ ابنَ الزبير لتعجب بي نساءُ قريش .
أطفالٌ يحملون نعوشَ أمهاتهم في عربات الفواكه ، ويسيرون في دماء الذباب . هذا المساءُ شجرة الكوليرا . وكل الغابات التي تموت بعد تناولها جرعة زائدة من الأرصفة هي صورةُ البحر في المرايا . وكل الفراشات التي تقرأ أشعاري في السجن هي ذاكرةُ أمي في جواز سفر الزيتون . وكل البحيراتِ التي تمشي في الطرقات هي فساتين زنزانتي . إنني أركضُ في خدود الصنوبر ، والديدانُ تأكل أعضائي .
أيتها الغيمةُ المصابة بسرطان الثدي ، لن يسمع الشجرُ بكاءكِ ، لأن عمال المناجم يركضون على صدور البحارة الغرقى. وعيونُ الفقراء تلهث وراء الحافلات التي تمضي ولا تعود . تجمع إناثُ السراب الخيانات الزوجية كطوابع البريد . فلا تقولي لو أن البدويات أكثر رومانسية من جودي فوستر . إن حبل مشنقتي هو فيلسوف الرومانسية . أدورُ في نخاعي الشوكي باكياً لأن أشجار حديقتي أصيبت بالشلل الدماغي . أنا الفارسُ الذي أعشق حصاني حتى لو أسقطني .
أوصي جارتي الأرمنية أن تقود مسيرةَ الرومانسية بعد اغتيالي . إنني أبحث عن نعوش النساء الغامضات بين صحون المطبخ . أماه ، لا تتركي العوانس يأخذن قلبي منك . يشربني الزنجبيلُ في أدغال السعال . هذه الشجرةُ التي تعشقني تذبحني . هذه الصحاري التي تلدني تئدني . اكتشفنا ضوءَ البابونج الملوث بدموع الراهبات . ما فائدةُ ليلة الدخلة إذا كانت حياتنا خروجاً مستمراً ؟! . أفتش عن عرق الأقمار بين الشموس المجروحة . فاكسر المرايا التي لا تحمل صورةَ أمك . سيأتي الغرباءُ عند المساء كي يحتفلوا بجنازة الرياح . فهل يستطيع العبدُ أن يحدق في عيون سيدته ؟ ، أن يقول لها : أنا أحبك ؟ .
سآخذُ الفِراشَ الذي مات عليها الطوفانُ تذكاراً لأجفان المساء . يتناثرُ جسد الرياح المشلول في الرمال المتحركة.وينتقلُ الرملُ من عشق الأمة إلى عشق السيدة. إنني لا أعرف كيف صار اكتئابي ذاكرةً للعوانس. لكني أعرف أن الأغراب يحتفلون بعيد زواج الرماد من الفراشات . وسرطانُ الثدي يأكل صدر الأمطار .
أعطني مئةَ غرامٍ من الذكريات كي أصنع كعك الموت في أعياد السراب . لمحنا ليالي الأسرى تسقط من وشاح السيول . تعالوا نحفر دموع آبائنا لنكتشف مناديل أمهاتنا . سجناءُ نحن في عرق السنونو . قبلتُ خدودَ البحر ، وصافحتُ الموت . أرجوكِ يا أمي ، عَلِّميني الرياضياتِ لأحسب عدد الطعنات في جسد أبي. علميني نظريات الخوارزمي لأحصيَ عددَ الرصاصات في جسد المطر .
أحبها وتحبني لكنها ستظل عانساً . مَن هذه الدمية الحجرية في موانئ الرعد ؟ . لم يعد في التاريخ تاريخٌ كي أواسيَ الضحايا في دروب المجزرة . ولم يبق مني غير الفراشات . إنني أبحثُ عن دماء مجهولة الهوية أملأ بها شرايين البرق . أرضعتني الرياحُ وماتت . لا تتركني أيها الرعد ، مُدَّ يديكَ نحو صداعي ، أخرجني من بئر الاكتئاب . أبحثُ عن أمي التي لم تلدني . فكوني _ يا حمامة المستحيل _ أمي حتى أكتشف ضريح أبي في الزنجبيل .
خَبَّئْنا الجثثَ في المزهريات . أيتها الأحزانُ التي تَحبل بالمراعي وتلدُ الرمالَ ، إن العشقَ يلدغني مثل اليانسون المعدل وراثياً . وأولئكَ العشاق يتحركون حسب توقيت مشنقتي . وكلُّ الحطب الذي يحترق في أكسجين رئتي اسمٌ للتلال الغامضة .
جيوشٌ تقاتل السرابَ. والأراملُ يحملنَ توابيت الجنود على الدراجات الهوائية. أنا الذئبُ المكسور بين النساء المتوحشات المتشحات بالبابونج. تلمعُ آثارُ الرصاص على لحم الأنهار . فاسأل غبارَ شواهد القبور ما علاقة السبايا بالسياسة ؟ . هل ترقص الراقصةُ لتنسى همومَها مثلما ترقصُ التلالُ على خدي لتنسى أحلامها؟.
تلك حياتي خدشٌ بسيط في بنكرياس الليمون ، ثقبٌ صغير في شرايين الرمل ، قرحةٌ في معدة الياسمين . كأني ذاكرةُ أسماك القرش البيضاء في السوق السوداء . وهذا الدمعُ هو السرطان الذي ينهش جسدَ الهضاب . تتناثرُ جماجمُ الشحاذين بين السيارات الفارهة . فيا أيها الذبابُ الذي يغطي جثةَ القمر ، إنني الزلزالُ الذي ترى آثاره ولا تراه . لكنَّ الحطب هو الوكيلُ الحصري لأحزاني. وأنا الأعمى الذي يكتشف جسمَ البرق وتكتشف سعالي الزنازينُ .
عندما يموتُ المساءُ على الكرسي المتحرك أركضُ في لعاب الغيم بئراً بلا حبل شاطئاً بلا طوق نجاة . أمنحُ شرفَ رثائي للبرتقال . والصبايا في طوابير استلام ثياب الحِداد . يطبخ الأبناءُ لحومَ آبائهم على دمعاتِ البحر . والدلافينُ تشرح للفقراء طقوسَ المجزرة .
إنني أحبُّ من أجل الذكريات لا الزواج . وهذه الشوارع قد اغتصبها حزنُ الكهرمان . وأعمدةُ الكهرباء محروقة بسعال الشجر . لقد انتصرت بناتُ آوى على جثامين عمال المناجم . لا وقتٌ يا جَدِّي كي نبكيَ على الضحايا ولا حلمٌ في ذاكرة الليمون كي نشرح للحطب أحاسيسَ الجواري . ماتُ الرمل بالذبحة الصدرية ولم تجد الصحراء مكاناً تبكي فيه سوى خدودي . والخريفُ يمسح دموعَه الشمعية بمناديل الكوليرا . فلتكن ثيابُ الحِداد على أُهبة الاستعداد . جَهِّزي الوشاح الأسود . عَلِّقي أكفان التفاح على باب الخزانة . ستأكلُ الصبايا العاشقات البيتزا في حفل تأبيني . فقد الشلالُ ذاكرته فلم يعد يعرف ملامحي . وكلُّ ما حولي يُنكِر وجهي .
أبحثُ عن الرومانسية بين كراسي المحاكم العسكرية. سأشربُ من دم الليمون . ماعزٌ يحمل أمسيات البحر على ظهره ويموتُ قرب صداعي . أُعبِّئُ الذكرياتِ في الأكياس البلاستيكية كي يأكلني خشبُ مطاعم الوجبات السريعة . أيامي وسادةٌ تحت رأس الفيضان وهو يتمدد على فراش الموت . يقضي البكاءُ وقتَ فراغه في تحليل عقد النهر النفسية . يضيءُ نزيفي تلالَ السُّل ليرشد العُقبان إلى دروب الاحتضار . أكتشف أنوثةَ السنابل كي تكتشفني ذكورةُ حبل المشنقة .
هل لغتي غُربتي ؟! . تائهٌ في عروقي لأن أظافري منافي البَط . علميني نظرياتِ الكيمياء حتى أقتل قطط الشوارع بالسيانيد . تركضُ قطراتُ دمي على رموش الفجر المخملية . كلما بحثتُ عن البوسنيات وجدتُ لاعبات التنس الصربيات .
إنني السرطانُ الذي سيأكل قزحيةَ الريح . أنا الطاعونُ يضرب بنكرياس الطرقات . المجاعاتُ الفضية ، وثيابُ الحِداد معلقة على مسامير اللازورد . نحن عصافير تتقاتل في نفس القفص. أزرع القمح في الخنادق والموتُ يحصدني ويحصده . دول تسقط سهواً . فيا جارتي ، لا تنتظري على شرفات الخوخ ، لن يرجع الجيشُ المكسور كي ينقذنا .
أنا وضوءُ القمر مشينا تحت جسور سراييفو . لمحنا التاريخ السري لدمعات الليلك . عثرنا على الفحم الحجري في جمجمة اللوز . سُعالي كُحل الضفادع مهرُ الإوز المنفيِّ. يجرُّ الرُّضَّعُ توابيت أمهاتهم في جنوب اليانسون. صَدِّقني أيها الزلزال ، إن ثياب أبي نظيفة لأني أحرثها _ كلَّ يوم _ بدموعي .
تموتُ العُقبان في أغاني الشجر . أسكنُ مع الموت في غرفة واحدة ونتناول الطعامَ معاً . أنا والقطط _ التي نجت من رصاص القناصة _ نتجول في المذبحة . أنامُ في الشارع لأن أسماك القرش تنام في فراشي . أركضُ في نهر الجثث البلاستيكية .
زمردُ المجاعات ورودُ الجوع . أكتبُ اسم دموعي على ياقوت المجازر لأكسر عقدي النفسية بمطرقة السُّل . وَرَّثني أبي الوسواسَ القهري ومات . إنني لم أضحك منذ قرون . قد سقط نخاعي الشوكي بينما كنتُ أمشي على أسوار القصيدة . يستعملُ الأغراب فرشاةَ أسناني . تمسح الأجنبياتُ آثار دموعي على وسادتي . ويحرقُ الليمون المنفي جواز سَفري .
هجرةُ الياسمين من حفر المجاري إلى قيودي . والشجرُ يرصد حركة طابور الأسرى في ممالك الخريف . تساقطت الوجوه تساقطت الأقنعة ، وبقي الحبُّ عبر النظارات السوداء . الحزنُ تلميذي ومُعلِّمي لكني مطرودٌ من مدارس الطوفان . وكلما نظرتُ في المرآة رأيتُ سَجَّاني . فهل تلك الدُّمية التي تضحك مع زوجها مخلصةٌ له ؟ .
أمشي في قرنية الغيم والدودُ يأكل أطرافي . أقتل الخوفُ في عيون أبي لكي يقتلني الخوفُ عند جثمان أمي . أزرعُ الليمون على زُحل لكنَّ المذنَّبات تموت عن حواجبي . والقشُّ الأخرس ما زال يغني للذين دَخلوا في البحر ولم يَخرجوا ، للإماء يقتحمنَ ليلةَ الدخلة ولا يَخرجن ، للجيوش تذهب إلى المعركة ولا تعود .
لم تترك لي يا أبي فرصةً كي أقول : أحبك . لدغتنا عقاربُ الساعة ، وسرقنا الوقت من ليمون المذابح . رحلتِ يا أمي قبل أن تسمعي صوت رموشي على بلاط الذاكرة . نسينا خرائطَ المنفى في المطبخ ، ولم يسمح لنا ضوءُ القمر باكتشاف الحزن في عيوننا .
اكسري قناعَ الضحية . افتحي النوافذ للأعاصير البنفسجية كي تكسر المزهريات . أيتها الأمواجُ الملطخة بالذكريات ، اخرجي من البراويز . اكتشفي صورة السنديان على خدود الشلال القرمزي. اكسري الأصنام التي تمشي في سوق النخاسة . لا حضارةٌ لدمائي سوى شرايين القمر ، ولا وجهٌ للعواصف سوى أغاني الرحيل. اعشقي حدائق الحِبر، ولا تحسبي سنواتِ الحب والرصاص . اعشقي القمحَ النابت على أجنحة الفراشات قبل أن يأتيَ الموتُ . ولا تسألي الزنابقَ البرونزية لماذا نعشق ما دمنا سنموت .
أيتها الإماءُ اللواتي يغتسلنَ بالنمل الأبيض . تنام العناكب على قطع الصابون . وتغسلُ البنادقُ بلاط الحمَّام بدماء البجع الطريد . لا تتركنَ الدلافين تنام في بلعوم الشجر اليابس .
حبوبٌ منومة لفئران جارتنا كي يغفو ضوءُ القمر في أجفان الضحايا . أقول لصوت الرصاص إن الموت يسير على حواف براويز بيتي . مات الملكُ ، وسقط التاج على رقعة الشطرنج . والعواصف اغتصبت الجنودَ . فيا أخي السجان ، لا تثق بالحزن الملطخ بالفضة ، لا تغرق في الرومانسية . إن الموتَ سيهزم ذكرياتِ العشاق .
عندما ينام الصنوبرُ على قبري المطموس ، اذكري الغريبَ الذي مَرَّ من هنا . وحينما يصبح المقعد في الحديقة فارغاً اذكري الزيتونَ الذي مات على رموشنا .
نامي أيتها اليتيمة على رصيف الميناء . إن القبطان لن يرجع . خذي رائحة الياسمين فوق توابيت البحارة ، وامنحيني تاريخَ الشوارع الخلفية وخرائطَ حفر المجاري . فأنا لم أعد أفرق بين كريات دمي وكرات التنس .
مُذ أصيبت الغيوم بالزهايمر لم تعد تعرفني . أحفرُ أحزاني في شباب المطر كي ألمح شيخوخةَ الصبار . إن البحر أبي الروحي كلما أغرقني أحببتُه أكثر . ينبت النخيلُ في عمودي الفقري . أمشي في صداع السَّرو ، وتتساقط أعضائي على الرصيف . لا أشعر بالجرح ، ولا أشعر بأعضائي . كلهم يرقصون إلا أنا ، لكنَّ دمائي تغسل بلاطَ صالة الرقص .
حتى جاك دريدا لا يقدر على تفكيك عقدي النفسية ! . انتخبني الرفاتُ حتى أركض في جنازة الياقوت . وَحْدَي أركض في دمي. فما فائدةُ جواز السفر إذا كان الوطنُ والمنفى قد ضاعا ؟! . كأن العواصف قد قتلت الحصانَ ، وأضاعت خارطةَ طروادة . وهذه الشجرةُ أمام حبل مشنقتي نافذةٌ تطل على نزيف الهديل . إن حديقتي ماتت بأزمة قلبية . هذا أنا ، أمشي إلى ليلة الدخلة ولا أَدخلُ .
تلك الأضرحةُ تعبق برائحة الشمس . أقتحمُ قبعة البارود . يا أيها البجعُ الذي يتعلم السباحة في عرق الزنابق ، ما جنسيةُ الشاطئ الذي يمسح حذاءَ البحر ؟ . إن الملكات إماءٌ في قلعتي . خذي أيتها الشمعةُ الحجرية إجازةً من المذبحة كي نعزف على البيانو . الصراصيرُ التي تعيش في ملابسي الداخلية هي أرشيفُ الزنازين . وقد صار عود مشنقتي فرشاة أسنان للشلال . وما زالت ظلالُ الجراد على عظم العاصفة تخترع نزيفاً للغابات الآلية. لا أريدُ النظر في جبهتك لأن الموت يمشي فيها.
حينما يرمي الضبابُ حواجبي في السجن الانفرادي أشعر بأصابع أمي على نعش أبي . ذبابُ المجزرة وتابوتُ النخيل ولاعباتُ الغولف . كأن التوتُ يبيع قطع الصابون لمجرمي الحرب بعد انتهاء التطهير العرقي . اتركني أيها البرقُ طفلاً يبيع البوظة للناجين من المذبحة ، ويمازح الخفافيشَ في دروب الزهايمر .
سَيِّدي مَلَكَ الموت ، أنتَ _ وحدك _ من يدخل عليَّ بلا استئذان . أيتها السنديانةُ التي تحرم جبيني من الميراث، حرِّريني من حبك لأتحرر من استبداد رموشي. كأنني مرشدٌ سياحي في أسواق النخاسة . أعرف أن سعال أبي على براويز الألم سيكسر المزهريات ، لكني سأتبع خطواتِ أبي على ثياب الشجر سفوحِ الرعشة . وما زالت النعوشُ تسبح في رغوة القهوة. أعرفك يا لمعانَ الفحم على أكفان عمال المناجم. أخافُ من أحلامي، وأحلامي تخاف مني .