بول فون هايس وخيانة أستاذه
للكاتب/ إبراهيم أبو عواد
جريدة رأي اليوم ، لندن ، 26/6/2016
facebook.com/abuawwad1982
twitter.com/abuawwad1982
........................
للكاتب/ إبراهيم أبو عواد
جريدة رأي اليوم ، لندن ، 26/6/2016
facebook.com/abuawwad1982
twitter.com/abuawwad1982
........................
إنَّ الكاتب الألماني بول فون هايس ( 1830 _
1914) قد خاض مجالاتٍ أدبية متعددة ، ولم يحصر نفْسه ضمن مجال واحد . فله إسهامات
متعددة في الشِّعر والمسرح والترجمة . فقد درس اللغات،وترجم أعمال عدد من الشعراء
الإيطاليين.وحصل على جائزة نوبل للآداب عام 1910 ليكون بذلك أول كاتب ألماني يحصل
على هذه الجائزة العالمية عن أعماله الأدبية الخيالية،وثالث ألماني يحصل عليها بعد
المؤرِّخ وعالِم الآثار تيودور مُومسِن ، والفيلسوف رودلف أوكن .
وُلد هايس في برلين،
وكان والده أستاذاً مُشاركاً في
فقه اللغة الكلاسيكية واللغويات العامة . وقد كانت عائلته مُثقَّفة وغَنِيَّة .
وهذه المناخ المنْزلي أدخلَ هايس في قلب المجتمع المثقَّف الذي يهتم بالأدب
والموسيقى والفن .
كان هايس طالباً
نموذجياً ، وقد بدأ محاولاتِه الشعرية وهو في المدرسة الثانوية ، وشاركَ في إنشاء
النوادي الأدبية التي تهدف إلى تبنِّي المواهب الشابة في الأدب عموماً ، والشِّعر
خصوصاً . وقد استغل مكانة عائلته الاجتماعية والفكرية في الوصول إلى الصالونات
الفنية في برلين .
في عام 1847 ، بدأ هايس
دراسة فقه اللغة
الكلاسيكية في برلين . وبعدها بسنة ، نشر أوَّل قصيدة شِعرية يُعبِّر فيها عن حماسه للثورات
الأوروبية ، أو ما سُمِّيَ بربيع الشعوب . وهي سلسلة من الاضطرابات السياسية، حدثت
في عام 1848 في جميع أنحاء القارة الأوروبية ، مدفوعةً
بالثورة الفرنسية( 1848). وقد أطلقَ البعض اسم" ربيع الشعوب" على ثورات
العالَم العربي ( 2011) مُتأثِّرين بما حدث في أوروبا .
وبعد عامين من الدراسة في برلين ، التحق
بجامعة بون لدراسة تاريخ الفن ، والتعمق في الدراسات الرومانسية . وتُعتبَر جامعة
بون من أبرز الجامعات الألمانية . ومن أشهر خِرِّيجيها : الأمير ألبرت ( زوج
الملكة فكتوريا )، والبابا بندكت السادس عشر ، والقيصر فريدرش الثالث ، والفيلسوف
كارل ماركس ، والفيلسوف نيتشه .
وفي عام 1850 ، قرَّر بشكل نهائي أن يكون
شاعراً، ورسم حياته وفق هذه الأساس. وأعدَّ أطروحةً علمية في فقه اللغة . وبسبب
علاقة غرامية مع زوجة أحد أساتذته ، اضطر إلى العودة إلى برلين في عيد الفِصْح .
لقد غرق في خيانة أحد أساتذته مع زوجته ، واعتبر هذه العلاقة العاطفية جزءاً لا
يَتجزَّأ مِن حياته الشخصية ، ومسيرته الأدبية .
لقد قام مشروع هايس الشِّعري على الأغنية .
فقد اعتبرَ الأغنية الشِّعرية أفضل وسيلة لتمرير الأفكار ، والوصول إلى الجماهير .
وفي عام 1851 ، بدأ حياته كمترجم ، وقد أقام علاقات متعددة مع وسطاء في الأدب
الإيطالي من أجل ترجمته . وبعد سنة ، حصل على الدكتوراه في شِعر الشعراء
المتجوِّلين ، بعد منحة دراسية من الدولة البروسية ( الألمانية ) . كما أنه زار
إيطاليا لدراسة المخطوطات القديمة في الفاتيكان .
لم يَكتفِ هايس بكتابة الشِّعر والترجمة ، بل
أيضاً راح يكتب القصص . وقد اعترفَ في سيرته الذاتية أنه يكتب القصص بعد تخطيط
دقيق للتخلص من عبء العمل اليومي ، ثم يقوم بتصحيح الأخطاء الكتابية ، ثم يستبدل
بعض الكلمات بأخرى مُلائمة ومُناسِبة . وهو يهدف إلى تجنب الوصف السطحي ، والتخلص
من التَّطويل الممِل . وفي قصصه تظهر مفاهيم غير سياسية ، تتعلق بمثالية الفن ،
والرحلة إلى السعادة ، والحساسية الروحية ، والمثالية المعنوية .
وفي عام 1910 ، عَيَّنت مدينة ميونيخ هايس
مواطناً فخرياً بمناسبة عيد ميلاده الثمانين ، وأيضاً منحه أحد الأمراء لقب شخصية
من طبقة النبلاء ، وفي نهاية ذلك العام فاز بجائزة نوبل للآداب عن أعماله الأدبية
ذات النَّزعة الخيالية . وقد تُوُفِّيَ في عام 1914 ، قبل عِدَّة أشهر من اندلاع
الحرب العالمية الأولى ( 1914_ 1918) .
لقد كان هايس من أصول يهودية . وهذا الأمر
جعله منبوذاً ومرفوضاً مِن قِبَل الكثيرين ، خصوصاً أن عقود ما بعد الحرب العالمية
الأولى ، قد كَوَّنت بيئةً مليئة بمشاعر الانتقام والحقد والكراهية والتمييز
العنصري .
مِن أبرز أعماله الأدبية : قصص قصيرة ( 1855
) ، كتاب الأغاني ( 1860 ) ، مأساة هادريان ( 1865) ، كلمات لا تُنسَى ( 1883) ،
ذكريات الشباب واعترافات / سيرة ذاتية (
1900) .