انتحار الجنرال / قصيدة
للشاعر/ إبراهيم أبو عواد
......................
للشاعر/ إبراهيم أبو عواد
......................
بَرْقوقُ الشُّموسِ يَخْترقُ أمعاءً مُهَشَّمةً / عَلى أزرارِ البِزَّةِ
العَسْكريةِ لِجِنرالِ اليَأْسِ / شَاهِدُ قَبْري يَتحركُ بِاتِّجاهِ ضَوْءِ
المِئْذنةِ/ وَكَانَ عُشْبُ القُبورِ يَكْسِرُ مَخَالِبَ القَياصرةِ القِرْمِيديةَ/
يُجْرُون القُرْعةَ عَلى طَاولةِ القِمار / مَن يُشَرِّحُ تَابوتَ عُصْفورٍ واقعٍ
في الأَسْرِ ؟ / عَقَدوا عَلى أشلاءِ الإِنسانِ مُؤتمراً لحقوقِ الإِنسانِ ! /
دَهشةُ الدَّجاجِ الذي يَسُوقُهُ الغَيْمُ
إلى الذَّبْحِ / خَبَّأَ نِسيانُ الحِجارةِ رَحيقَه / في رَوابي قَرْيتي
المخضَّبةِ بالسُّيوف المكسورةِ / لِلحُطامِ قُبَّعاتُ التَّتارِ / ارتفعَ مَنسوبُ
الانهيارِ في دَمِ الأحزانِ المتقاعِدةِ / وَقَّعَ الإمبراطورُ وَثيقةَ الاستسلامِ
/ وقذائفُ المِدْفعيةِ تُجفِّف ذِكرياتِ الفئرانِ الرَّماديةِ /
وَبَيْنما كَانت نِساءُ رُوما يَأْكُلْنَ
الشَّبابَ المدمِنِين على الأفيون / كَانت عُيونُنا تَقْصِفُ أوروبا مِن
الإسكندرية / لِتَحْريرِ الوَهمِ مِن الوَهمِ/ استقالتْ أطرافُ القَيْصرِ مِن
العملِ في المذابح بَعْدَ خِبْرةٍ طَويلةٍ ! /
يَا رِمالاً تَنحِتُ في رِقاب المغولِ
صُورتَها / لا تَشْكريني لأنني حَوَّلْتُ أشعةَ حَبْلِ المِشنقة إلى رسائل بَيْنَ
الأصدقاءِ/ وَدِّعْ أشكالَ الأواني الفَخَّاريةِ يَا لَوْنَ جِلْدي / ولا تَحْضُر
المؤتمرَ الصَّحفيَّ للحطبِ / هؤلاء المذيعاتُ السَّبايا / يَبْحَثْنَ في أشلاءِ
الزُّهورِ عَن سَبْقٍ صَحفيٍّ /
بَيْتي الذي كَانَ طَابَعَ بَريدٍ / نَفاه
رِجالُ الأمنِ إلى مُنْحَدَرَاتِ الثلجِ المجروحِ / هَيَّا إِخْوتي رُعاةَ الغَنمِ
نَبكي مَعَ أغنامنا / دَمُنا في عُروق الرَّعدِ / فَكُوني يَا أعشابَ القَصْديرِ
أكثرَ وَفاءً مِن أُنثى العَنكبوت/يا أجفاني الثَّلجيةَ/ هَل سَمعتِ زَئيرَ
الجداولِ يَضْرِبُ رِئةَ الغابةِ ؟/ هل رَأيتِ صَوْلجانَ القَمر يَلتفُّ حَوْلَ
مُذكَّراتِ النَّبْعِ السِّريةِ ؟/
عَلى أيدي القَتَلةِ يَعِيشُ غُبارُ
البُحيرات / دُوَيْلاتٌ يَسْتأجرها الرَّمدُ البرونزيُّ / صُوَرُ مُتَسَكِّعين يَذْبحون
دِهانَ أقنعتهم في السِّرداب/ جُيوشٌ بلاستيكيةٌ تَقْبِضُ حِصَّتَها مِن الهزيمة/
والموْجُ يَقْتلعُ رَمْلَ الرِّئَتَيْن مِن جُذوره /
يَا قَلبي المنسِيَّ / انْسَ وُجوهَهم /
سَأخْدَعُكَ وأقولُ لَكَ إِنهم مَاتوا / كَي تَرتاحَ مِن عَدْوى المرايا وعَذابِ
الذِّكرياتِ/تَجْلِسُ الفَراشةُ على بَلاطِ المطاراتِ بِلا جَوازِ سَفَرٍ/ لا أَحَدٌ
يَنتظرُها / ولا تَنتظرُ أحَداً / بَحثتُ عَن الْحُبِّ / وحِينَ وَجَدْتُهُ
دَفَنْتُهُ / فيا أيُّها البَحَّارةُ / عَانِقُوا الرُّبَّانَ/ وَدِّعُوا فِئرانَ
السَّفينةِ / إِنَّ السَّفينةَ تَغْرَقُ / العِنَاقُ الأخيرُ / والوَداعُ
النِّهائِيُّ .