اغتيال العصفور تحت نجمات الدمع / قصيدة
للشاعر/ إبراهيم أبو عواد
..........
جِراحُنا عانقتْ صَوتَ
الرُّعودِ عِندَ كُهوفِ الرُّعاة / هياكلُ عَظْميةٌ لكلابِ الخليفةِ/ حَطبُ الغروب
في سِيناريو المذبحة / والوحلُ النحاسيُّ / والدُّودُ الخارجُ مِن أمعائنا / باحَ
المرفأُ بأسراره للسرابِ المتوحش / وجوائزُ الأدب تُمنَح لمهرِّبي البضائع في
السوقِ السوداء / يا وَطناً يَفْرُشُ حَدَقاتِ العُمْيانِ على السَّجادِ الأحمرِ/
لاستقبال القاتِلين / اخْرُجْ مِنكَ كي تلمحَني رَسَّامَ أنهارٍ في عُنفوانكَ / يا
وطناً يُخفي مجاعةَ خيوله في فناجين عذاباتي / عِشْ خارجَ مِصفاة النفط / كي
نلتقيَ في عِشقِ خِيامكَ / قلبي يَنْصِبُ فَخَّاً لناقةِ جَدِّي / عِندَ أطلالِ
قلوبِ بَناتِ آوَى / الدلافينُ تنامُ في قميصي الدَّامي / واليانسونُ الغريبُ
مَشْرحتي / قَرِفْتُ مِن الرُّومانسيةِ / فاكرهيني أيتها العانِسُ /
يَزرعون في أعصابِ
المرجانِ مَاءَ الثَّورةِ / عِندما يَتَّحدُ الاكتئابُ مَعَ الوَسْواسِ القَهْري /
جَاؤوا مِن بَنكرياسِ الرِّيح / يَحملون دَمَهم في ضفائرِ أُمَّهاتهم / كَسَروا
صَمْتَ أثاثِ المنافي / صَعَدوا إلى لحمهم كَي يَقْذفوه على الطُّغاةِ / رِئتي
سَرْوةٌ لا يَقْطِفُها الشَّيطانُ ولا سَبايا الرُّومانِ/ فيا أنهارَ بلادي/
أَطْلقي النارَ على سَقْفِ المعْبَدِ/
سَارَ الشَّجرُ مَطَراً
يَهُزُّنا / يُخرِجُ النيرانَ مِن بَطْنِ أُمِّها / لَم يَعُدْ في حقائبي غَيْرُ
الدِّيناميتِ وجُمْجمتي/ نَهْرٌ يُضْرِبُ عَن الطعامِ/وَيَعْملُ سائقَ تاكسي في
أزقةِ المجزرة / وعِندما عَرَفْتُ المرايا عَرَفْتُ البُكاءَ/ فلتكنْ أحلامُكَ
لُغماً يَخْمِشُ حَوَاسَّ الوثنِ / أنشأَ الصُّبْحُ مَصْنعاً للسياراتِ المفخَّخةِ
في بُؤْبُؤ القُرصانِ / قَزَحِيَّتِي كُرةُ ثلجٍ تتدحرجُ على جِباهِ أُمراءِ
الحروب / اغْتَصَبَتْني سَمكةٌ غَازَلَتْني حَشرةٌ / فَتَّشُوا أجندةَ الثَّلْجِ
لكي يُنقذوني مِن دِمائي الملوَّثةِ بالتِّيجانِ / طُوفانٌ أعزبُ يَموتُ على
المسرحِ وحيداً / فَاقْطِف الرَّصيفَ قَبْلَ مَوْعدِ حَصادِ الجماجمِ / إنَّ
النَّخاسين يُطفئون سَجائرَهم / في حَلَماتِ زوجاتهم الضائعاتِ في حَنينِ
المسافِرين / يُخفون بَراميلَ البارود في أجنحةِ دِيكٍ رُوميٍّ / حُلْمٌ يابسٌ
مِثْلُ بُكاءِ التُّوتِ وحيداً / في فُنْدُقٍ مملوءٍ بالنَّملِ ورجالِ الأعمالِ /
كيف نأكلُ تَمْرَنا وَهُم يُحاكِمون النخلَ في المحاكمِ العسكرية ؟! / مُلوكُ
الحطبِ أجسادُهم خارجَ أجسادهم / أينَ نحاكِمُهم ؟ / فيا ثائرُ / مُدَّ أهدابَكَ
أمامَ العواصفِ / خُذْني إِلَيْكَ / خُذ استراحةً في قلب حَمامةٍ / واقْتُل الصدى
في أرشيفِ المذابحِ / ولا تَعْشَق أحصنةَ المستحيلِ الدائرةَ مَعَ طَواحينِ
البُكاء /
للشاعر/ إبراهيم أبو عواد
..........
الذي وَضَعَ أغاني أدغالِ الدَّم عَلى سَرْجِ
حِصانٍ / هو النِّسْيانُ الأخضرُ / أيُّها القلبُ الذي يَتحوَّلُ وَطناً للغُرباءِ
وعَابِري السَّبيلِ/ يَصيرُ خَيْمةً للغَجرياتِ / وكَهْفاً للقصائدِ الممنوعةِ /
يَنامُ المطرُ على رُموشي / مَسْكونٌ أنا بالطُّوفان/ خَبِّئْني يا أَبي في
أكفانكَ / وأَنْجِبني في لُغةِ احتضاركَ / تَحتلُّ دَفاترُ الريحِ وَجَناتِ
الأسيراتِ /
يا وَطناً يَتساقطُ على
طَاولاتِ القِمار/ وَدِّع العُشَّاقَ الذين يَصْنعون توابيتَ عَشيقاتهم / مِن
خَشبِ طَاولاتِ المطاعم / وَاحْرُسْ جُمجمتي الملقاةَ على أصابعِ العاصفة / وخُذ
المشرَّدين مِن حُقولِ البَارودِ إلى سَريرِ التَّعبِ ليرتاحوا !/ لا تُسَلِّمْنِي
لثرثرةِ قُضبانِ السِّجنِ / في جِهاتِ جَوْز الهِند / أَعِدْ لِي جُثثَ الأَرانبِ
المتعفِّنةَ / كي أَدْفِنَها في الهِضابِ الخارجةِ على قانونِ النَّخاسين /
أضاعَ الضَّبابُ فُرشاةَ
أسنانه / في بَراميلِ البَارودِ / وفي مدائنِ الصَّمتِ بُكاءٌ لَم يَرِثْ عَن أبيه
إلا المِنجلَ / لكنَّ الصَّفْصافَ المذبوحَ في أبجديةِ قَوْسِ قُزَحَ / يُشاهدُ
رَجلاً يُردِّدُ أناشيدَه في البَرِّيةِ / تَابَعُوا خُطاهُ على القَش المطعون /
وَجَّهوا رِماحَهم ذات الرؤوسِ الفِضِّيةِ في عَيْنَيْه/ وأَطْلَقُوها / كانتْ
زُجاجاتُ الدَّمْعِ شَاهِدةً على اغتياله / فَكَسَرُوها ! /
وَلَمَّا اصْطَادَت
الفِضَّةُ حَبْلَ مِشْنقتي / قَالت له: (( عَلَيْكَ أن تنتميَ للوطنِ ))/ فقالَ
وَالسنابلُ تَجْرحه : (( أين هو الوطنُ حتى أنتميَ إليه ؟! )) / وَطَنَ النوارسِ الذي يَضيعُ في وَرِيدي مَشانقَ ضاحكةً /
ومجلاتٍ بلا عناوين / أنتَ زِنزانتي وَحُرِّيتي وطفولتي المقتربةُ مِن جَمرِ
العَطَشِ / وَالشَّجرُ يَعْملُ بَعْدَ الظُّهْرِ طَبيبَ أسنان /
كَيْفَ أَغْرسُ صَنوبرَ
الجِراح في مقابر الجرادِ/ وَيَدَاي مُلطَّختان بأشلاءِ الفجر؟!/ اكْتَشِفْني في
مَقبرةِ عائلتي/ وأنا أَدُورُ كالطَّيْرِ المذْبوحِ دَمْعاتٍ/ واكْتَشِفْ في
الأناشيدِ الميْتةِ زَوْبعةً / عِندما تنامُ البُروقُ على بُرتقالةٍ جَاهِزةٍ
للرَّحيلِ / خُذْ أشعاري لِسَقْي حَنجرةِ الصحراء/ ذِئبةٌ مُحَنَّطةٌ في عُلبةِ
المِكياجِ / وَدَمِي الباردُ على الثلجِ الساخنِ / سَأَظَلُّ غَامِضاً حَتَّى
يُسْقِطَ الموتُ قِناعي / والذِّكرياتُ مَمْلكةُ المنبوذِين /
يا كُلَّ المخبِرِين
العائدين إلى أرضهم الميْتةِ / في صَباحاتِ الخريفِ الدَّمويةِ / أُطردوني مِن
جُرحي / تَجِدوني في جِراحِ الآخرين / عَلَّقْنا طُفولتَنا على رُموشِ العواصف / فادْفِنوا ضَحاياكم بَعْدَ أن تُصَلُّوا عليهم / أُمَّهاتهم
رَجَعْنَ إلى الصُّوَرِ الذابلةِ في بَراويزِ البُرتقال / وَسَجدتْ حَنجرتي على
سَجاجيدِ الجامعِ / تِلْكَ دموعٌ خَضْراءُ في الغُرفِ السِّرية في الدَّيْرِ /
والباستيلُ صُورةُ السُّعالِ على الفُؤوس / ألواحُ المسْلَخِ الشَّمعيِّ /
والزَّيْزفونُ القتيلُ / والتلالُ الذهبيةُ بَعْدَ مَوْتِ عُمَّالِ المناجم /
والأعاصيرُ لا تَرحمُ بُكاءَ قَهوةِ الأسرى / ما لَوْنُكِ يَا قَلعةَ الأحزان /
عندما يُوقظُ شُعاعُ الشمسِ مِدْخنةَ البَيتِ الخالي ؟ /
كَقَصَبِ السُّكَّر في الضُّحى/ كان شَاهِدُ
قَبْري / دَخلتْ نعومةُ الأمطار/ في ثيابِ حفَّارِ القُبور / رَفَضَتْني نِساءُ
المزهرياتِ / لأني لا أنامُ إلا مَعَ سَيْفي / هَزمتُ الأكاسرةَ في خَريفِ الظلالِ
/ وخَسرتُ أمامَ صُورتي في المِرآة / أصابعي بَابُونَجُ الثورة/ وَلْتَنْهَضْ
شوارعُنا تُكَنِّس أحطابَنا / المتقمِّصةَ إناثَ الكلابِ /
زَوْجتي لم تُولَدْ لكني
أُحِبُّها / ولا أَعْرفُ مَن سَيَموتُ أوَّلاً أنا أَم اكتئابي/ فيا قَمَري
الجريحَ / إن الياقوتَ يَحتسي مِشنقةَ العاشقِ الوَحيدِ / قَتَلوه / نَسَجوا من
سُنبلاتِ كَبِده مِعطفاً سميكاً / ولم يَرَوْا وِشاحَ ابنته مُمدَّداً على
القناديلِ / قالبُ شوكولاتة في يَدِها / ذَوَّبه وَهَجُ الرَّصاصِ في دَمِها /
زُمردةٌ غامضةٌ في مرايا الرَّحيلِ/ تموتُ وتسألُ عَن نجمةِ الشَّتاتِ / والغاباتُ
الضَّوْئيةُ التي وُلِدَتْ في دِمَشْق / مَاتتْ في قُرْطُبَة / شَمْسٌ تَطعنُ
جَدائلَ الرِّيح / أعلامٌ مُنكَّسةٌ في إعصارٍ / يَبْحثُ عَن عُروش دَمي/ أنا
آسِفٌ لأني تألمتُ حِينَ قَتلتموني / أنا آسِفٌ لأنَّ لُعابي لَوَّثَ مَعاطفَ
الملكاتِ / وَهُنَّ يَبْلَعْنَ الشَّمبانيا على جُثتي / أنا آسِفٌ لأنَّ رؤيةَ
أكفاني عَكَّرَ مِزاجَ الذُّبابِ / أنا آسِفٌ لأنَّ صُداعي أَزعجَ ضُيوفَ
القَيْصرِ في رُفاتِ المجازرِ /
المخْبِرون جَالِسون في
جَوْف بِنطالي / بِئرٌ تراودني عَن نَفْسي/ أَهْربُ من المرايا/ واحتضاري مِرْآتي
/ ضريحي أحجارٌ غَيْرُ كَريمةٍ/ تَكْسِرُ تاجَ الرُّكامِ/ يا تاريخَ الأسماكِ
المتكسِّرَ / على بَلاطِ مَعابدِ رُوما/ المعقَّمِ بالرُّؤوسِ المقْطوعةِ / ارْفُض
قِناعَ السَّيافِ /
جُمْجمتي رَايةٌ
للغرباءِ / مَنْصوبةٌ في المجموعة الشَّمْسيةِ/ أَكْمِل المِشوارَ يا وَجهي إِن
انتقلتْ أعصابي / مِن الصَّحاري إلى الثُّكناتِ العَسكريةِ / الزنابقُ المحترقةُ
تَقفزُ على أكتافِ الغيومِ / حَضاراتٌ مُتَّشحةٌ بالمبيدات الحَشريةِ / واليمامُ
نَحَتَ خَرائطَ الفحيح على أظافري / والفراشاتُ تُحاوِرُ ظِلالَها بالبُندقية /
أَعْزِفُ على أشلائي /
وخَشبُ البيانو يَحترقُ في شَهيقي / نُخبِّئُ دُموعَ أُمَّهاتنا في الأواني
الفخَّارية/ قُتل المغنِّي / عَقَدْنا اتفاقيةَ سَلامٍ بَيْنَ الصَّوْتِ والصَّدى
/ السِّهامُ تَعرفُ تضاريسَ قلوبنا / لكنَّ الضَّبابَ أضاعَ مِفتاحَ قَفَصي
الصَّدْريِّ / والجسورُ الخرساءُ تَعرفُ أحذيةَ الجنودِ/ جُيوشٌ لا تَعْرِفُ
غَيْرَ قَصْفِ أغشيةِ البَكارة/ أينَ القُبطانُ الذي أهدى دَفَّةَ السَّفينةِ
للسَّائحات ؟ / أين العاشقُ الذي بَصَقَ في بُلعوم النَّار ؟ /
كانت قوافلُ الغزاةِ المصلوبةُ/ تمشي عَلى
رُموش الصخور/ نَحْوَ ضوءِ الإعدام / شَمْعُ الجنونِ تَحْمِلُه بَغايا بَني
إِسرائيل / لإِرشادِ زَبائنِ آخِرِ الليلِ / أتى هُولاكو مِن أبراجِ المراقَبةِ في
الكنائسِ / مَقاصلُ حَجريةٌ حَفَرَتْها على الأجساد الذابلة أصنامٌ بأسماء
مُسْتعارة / دمُ الحيضِ للفتياتِ المغْتَصَباتِ يَختلطُ بالشوارع الوحشيةِ /
شُعراءُ يَموتون على أقدامِ الإسكندرِ / والزَّوْبعةُ تُوقِّعُ على وَثيقةِ
اغتيالِ الزَّيْتون /
جِراحُنا عانقتْ صَوتَ
الرُّعودِ عِندَ كُهوفِ الرُّعاة / هياكلُ عَظْميةٌ لكلابِ الخليفةِ/ حَطبُ الغروب
في سِيناريو المذبحة / والوحلُ النحاسيُّ / والدُّودُ الخارجُ مِن أمعائنا / باحَ
المرفأُ بأسراره للسرابِ المتوحش / وجوائزُ الأدب تُمنَح لمهرِّبي البضائع في
السوقِ السوداء / يا وَطناً يَفْرُشُ حَدَقاتِ العُمْيانِ على السَّجادِ الأحمرِ/
لاستقبال القاتِلين / اخْرُجْ مِنكَ كي تلمحَني رَسَّامَ أنهارٍ في عُنفوانكَ / يا
وطناً يُخفي مجاعةَ خيوله في فناجين عذاباتي / عِشْ خارجَ مِصفاة النفط / كي
نلتقيَ في عِشقِ خِيامكَ / قلبي يَنْصِبُ فَخَّاً لناقةِ جَدِّي / عِندَ أطلالِ
قلوبِ بَناتِ آوَى / الدلافينُ تنامُ في قميصي الدَّامي / واليانسونُ الغريبُ
مَشْرحتي / قَرِفْتُ مِن الرُّومانسيةِ / فاكرهيني أيتها العانِسُ /
المرفأُ القُرمزيُّ مَسقطُ رأسِ البُكاء / كُلَّما قُتلتُ في أرضِ المعركةِ / وُلِدْتُ في قلبِ امرأةٍ غامضةٍ /
فيا أجفاني الموزَّعةَ بين زَيْتونِ المذابح وأبجديةِ المجرَّات / لَسْتُ المتنبي
أَرْصف جِلْدي على أعتابِ الخُلفاءِ / لستُ قُبَّعةَ المهرِّجِ في الجهاز
التناسليِّ للخوْخِ / البرقُ يَحْصِدُ كلامَ الضفادع في صَمتِ الفلاحين / عِندَ
الساعةِ التي تبكي فيها الخُلجانُ اليتيمةُ / يَخْتفون في حُروفنا / لكنهم
يَتَحَدَّثون لغةَ النارِ / وُلدوا في أظافرنا / لكنهم يُدافعون عن رُوما /
يَنامون على أوسمةِ القائدِ المهزومِ / في انحناءاتِ السِّنديان / عَرَضوا
سَوائلهم المنويةَ وأعينَ أُمهاتهم في المتاحفِ / لا تَلعبوا بِكُرياتِ الدَّمِ
على سُطوحِ المرايا / عُودوا إلى رُموشكم / خُذوا أسماءكم مِن الشمس /
يا ذُباباً يَثْقبُ
رِئةَ الفَيضانِ في شَمالِ الجِيَفِ / لا تَنكسرْ أمامَ دُموعِ ماري أنطوانيت / لا
تنخدعْ إذا تَنَزَّهَ الأباطرةُ في اكتئابِ الحقول / تَغفو إسطبلاتُ الكَهرمانِ في
لُغةِ المساميرِ / فاذْكُرْ صُورتي على حائطِ المنفى / وعانِقْ صَوْتي على أثاثِ
المجزرةِ / خِيامُ اللاجئين على مِقَصِّ الأظافرِ / والزَّعفرانُ يَمتصُّ رائحةَ
الجثثِ في ضَبَابِ المقابرِ / وَكُلَّما رَأيتُ دُموعَ أُمِّي / مَشَيْتُ في
طُرقاتِ قُرْطبة /
يَزرعون في أعصابِ
المرجانِ مَاءَ الثَّورةِ / عِندما يَتَّحدُ الاكتئابُ مَعَ الوَسْواسِ القَهْري /
جَاؤوا مِن بَنكرياسِ الرِّيح / يَحملون دَمَهم في ضفائرِ أُمَّهاتهم / كَسَروا
صَمْتَ أثاثِ المنافي / صَعَدوا إلى لحمهم كَي يَقْذفوه على الطُّغاةِ / رِئتي
سَرْوةٌ لا يَقْطِفُها الشَّيطانُ ولا سَبايا الرُّومانِ/ فيا أنهارَ بلادي/
أَطْلقي النارَ على سَقْفِ المعْبَدِ/
سَارَ الشَّجرُ مَطَراً
يَهُزُّنا / يُخرِجُ النيرانَ مِن بَطْنِ أُمِّها / لَم يَعُدْ في حقائبي غَيْرُ
الدِّيناميتِ وجُمْجمتي/ نَهْرٌ يُضْرِبُ عَن الطعامِ/وَيَعْملُ سائقَ تاكسي في
أزقةِ المجزرة / وعِندما عَرَفْتُ المرايا عَرَفْتُ البُكاءَ/ فلتكنْ أحلامُكَ
لُغماً يَخْمِشُ حَوَاسَّ الوثنِ / أنشأَ الصُّبْحُ مَصْنعاً للسياراتِ المفخَّخةِ
في بُؤْبُؤ القُرصانِ / قَزَحِيَّتِي كُرةُ ثلجٍ تتدحرجُ على جِباهِ أُمراءِ
الحروب / اغْتَصَبَتْني سَمكةٌ غَازَلَتْني حَشرةٌ / فَتَّشُوا أجندةَ الثَّلْجِ
لكي يُنقذوني مِن دِمائي الملوَّثةِ بالتِّيجانِ / طُوفانٌ أعزبُ يَموتُ على
المسرحِ وحيداً / فَاقْطِف الرَّصيفَ قَبْلَ مَوْعدِ حَصادِ الجماجمِ / إنَّ
النَّخاسين يُطفئون سَجائرَهم / في حَلَماتِ زوجاتهم الضائعاتِ في حَنينِ
المسافِرين / يُخفون بَراميلَ البارود في أجنحةِ دِيكٍ رُوميٍّ / حُلْمٌ يابسٌ
مِثْلُ بُكاءِ التُّوتِ وحيداً / في فُنْدُقٍ مملوءٍ بالنَّملِ ورجالِ الأعمالِ /
كيف نأكلُ تَمْرَنا وَهُم يُحاكِمون النخلَ في المحاكمِ العسكرية ؟! / مُلوكُ
الحطبِ أجسادُهم خارجَ أجسادهم / أينَ نحاكِمُهم ؟ / فيا ثائرُ / مُدَّ أهدابَكَ
أمامَ العواصفِ / خُذْني إِلَيْكَ / خُذ استراحةً في قلب حَمامةٍ / واقْتُل الصدى
في أرشيفِ المذابحِ / ولا تَعْشَق أحصنةَ المستحيلِ الدائرةَ مَعَ طَواحينِ
البُكاء /
ضَاعَ الوطنُ وَهُوَ
يَبْحَثُ عَنَّا/ هَل نَشكرُ المخبِرِين في
مطاعم الوجبات السريعة/ أَم المراهِقاتِ العاشقاتِ في مملكةِ الجماجمِ كافتيريا
العُنوسةِ ؟! / الوطنُ ضَاع / أيُّ الموتى أحقُّ بالرِّثاء مَلِكٌ لِصٌّ أَم لِصٌّ
مَلِك ؟!/ لَم يَضِع الوطنُ / وَمَا زِلْتَ تُكابِرُ يا نَبْضي ! / تَزرعُ
الفَتياتُ أحمرَ الشِّفاهِ / عَلى إِشارةِ المرورِ الحمراءِ في طريقِ المذبحة / ورائحةُ
الموْجِ تُعطِّرُ صَنوبرَ المقابر / الأشجارُ البَرمائيةُ تَطفو على عَرَقي /
ورِجالُ الأمنِ يُخبِّئون الرواتبَ الشَّهريةَ في دُموعهم القُرمزيةِ /
تتفجَّرُ أجنحةُ
الفراشاتِ في ليالي الخريفِ/والغرباءُ يُعانِقون الغرباءَ في الكُهوفِ/ وأسمنتُ
عَمودي الفِقريِّ / يُعِدُّ رِسالةَ دُكتوراة في تاريخ المجاعاتِ / وكُلما لَمستُ
إمضاءَ اليمامِ على طُفولةِ التِّلالِ/ نَبعت مِن خُدودي غَيْمةٌ / رُموشي انقلابُ
الأُنوثةِ على الأُنوثة / والقَمحُ يَخون رِئتي اليُمنى مَعَ رِئتي اليُسرى /
أَكتبُ دَمي بالألوانِ
الزَّيتية / كَي أَكسرَ زُجاجَ قِطاراتِ أَوْردتي / في صَيْف الإبادةِ الجماعيةِ/
كي تتحوَّلَ أكبادُ شَعْبي إلى جِسْرٍ / تَعْبرُ عَلَيْه شَمسُ اللهِ / أصابعي
مكتبةٌ للأحكامِ العُرفيةِ / وأهدابي مَحْكمةُ أمْنِ الدَّوْلةِ بَعْدَ انقراضِ
الدَّوْلةِ / غَزَلَ الطِّينُ دَوْلةً مِن الصَّرخاتِ والأجسادِ المحروقةِ /
أسواقُ الجماجمِ في أوطانٍ تتَّسعُ للمُرابين/ وفأرةُ الصَّدى الخشبيِّ تُجَهِّزُ للأسرى وَليمةً /
قَبيلةُ الخاسرين / وضَوْءُ الصنوبر في أقاصي
التَّطهيرِ العِرْقيِّ / فَمُدَّ يَدَيْكَ يا نهرَ التوابيتِ / خُذْني إِلَيْكَ
طِفلاً يتهجَّى أبجديةَ القَتلِ / الذِّكرياتُ المحروقةُ تَسقطُ في
عَصيرِ الليمون / والنوارسُ الجريحةُ تَجرحُ
تاريخَ الهديلِ / فَشُكْراً للرَّصاصِ الحَيِّ الذي يُولَدُ في
قِرميدِ الأكواخِ المهجورةِ / وَيَموتُ على أجنحةِ الجرادِ /
اعْشَقْ أجفاني لكي نَقتلَ العِشقَ في
بِلادنا / التي لا تَعترفُ إلا بالمومياوات / كُلما بَحثتُ عَنِّي في زِنزانتي
وَجدتُ سَجَّاني/ خُدودُ البُحيرةِ
حُجْرةٌ للبعوض/ تصبُّ الحيواناتُ بياتها الشَّتويَّ في أوعيتي الدَّمويةِ / وترسمُ الطيورُ
هِجرتها على براويز شراييني / خَائفٌ أنا مِن أزهار الدُّموعِ / لكنَّ السنابلَ تركضُ إلى غابات الحِبر /
نَقلي البطاطا بِدَمْعِ الصَّبايا السَّاخنِ / والفراشاتُ الملوَّنةُ تَصعدُ مِن
بَراميل النفط / اليَمامُ المنقوعُ في الوَحلِ الأزرقِ/ ماتَ وَجْهُكِ يا زَوْجةَ
الصقيع / فاكسري عُلبةَ المِكياج/ هذه التلالُ تَخيطُ
سُيوفَ القبائلِ فَساتينَ للعرائس / فاكسرْ سَيْفَكَ يا ضَوْءَ الأمواجِ/ خَسِرَ
البرتقالُ معركته في رمال القلب/واليَتيماتُ يَمْسَحْنَ بَساطيرَ الجنود/ فَكُنْ
يَا شَبَحي شَاعِراً / لِتُنَقِّبَ عَن السنابلِ في قُلوبِ الزَّوْجاتِ الخائناتِ
/ وَاعْشَقْ نَباتاتِ مَقْبرتي /
ولا تَنْظُرْ إِلى كُحْلِ النِّساءِ السَّائراتِ في جِنازتي /
حَاضِناً طَيْفَ
الأمواتِ في مَملكةِ الطحالبِ / جُنودي هَرَبوا / وَبَقِيتُ وَحْدي / لكنَّ
البَعُوضَ يَحْرُسُني مِن أصدقائي / أَسْقُطُ في قَهوةِ المساءِ غَريقاً / وصورةُ
البحرِ تَخرجُ مِن البِرْوازِ / كُلما تَذَكَّرْتُ انتحرتُ / الذاكرةُ مَذْبَحتي
الأبَديةُ / والسَّجَّانةُ تَغسِلُ بَلاطَ الزَّنازينِ بِدَمِ الْحَيْضِ /
والنَّوارسُ مَصلوبةٌ على نافذةِ السِّجْنِ / التي تُطِلُّ على البَحْرِ المشلولِ
/
لَو مَعِي عَرَقي لَمَا
أبصرتُ شظايايَ تشعُّ في أكواخِ الأراملِ / لَو مَعي سِحْنتي لَمَا ارتقيتُ على
دَرجاتِ السلالم في الشَّفق البنفسجيِّ / لَو مَعي قصيدتي الأُولى لَمَا بَكَتْني
الشموسُ / وَحَضَنَتْني أقفالُ المحالِّ التجاريةِ / لَو مَعي مَسقطُ رأسي لَمَا
نَهبتْ مزهريةُ الجيرانِ لَوْني / لَو مَعي تَرنيمةُ النخلاتِ لَمَا
انتظرني الباصُ في صباحِ مَقتلي / لَو مَعي سَطْحُ دَارِي لَمَا استهزأتْ بِي
عَذْراواتُ الغِيابِ/ لَو مَعي عِقْدُ أُمِّي الشَّهيدةِ لَمَا أنكرني جَرسُ
مَنْزلنا في الصَّهيلِ .