منفى على شكل عشبة / قصيدة
للشاعر/ إبراهيم أبو عواد
..................
أُحِبُّ الشُّموسَ
المنْهَمِرَةَ مِن وُجوه الأنبياءِ / وَغُرْبتي تَتَشَبَّثُ بأكتافِ المحارِبِين
في المساءِ / أَكياسُ جُباةِ الضرائبِ / والصَّراصيرُ المقْتولةُ تَحْتَ أحذيةِ
الأسرى / وَنَقَّارُ الخشبِ المتفحِّمِ / أنا غَريبٌ كالشَّمْعِ الراكضِ في
خِياناتِ رَمْلِ البَحْرِ / يُولَدُ الأغرابُ مِن دَوَرانِ البُوصلةِ في مَرَضِ
الرُّبانِ / صُراخي نَزْوةٌ في حَياةِ الأمطار / ونعوشُ الأطفالِ على أراجيحِ
الشَّفق / وَحَشائشُ المقبرةِ تَعْرِفُ رَائحةَ عِظامي / تنمو الرُّكبُ
الصِّناعيةُ للجنود العاطلين عن العمل / كما تنمو الأشجارُ في ظِلال الموْتى /
وكلُّ الرِّماحِ رَقَصَت في ذِهني أبراجاً مِن الدَّمْعِ الأُرْجواني / لكنَّ
الزوابعَ تُقبِّلني ظَنَّاً مِنها أنِّي ابْنُها / الذي شُنِقَ مَرَّتَيْنِ على
التَّوالي /
للشاعر/ إبراهيم أبو عواد
..................
سَتُطَهِّرُ البُروقُ سُعالي مِن احتلالِ الأسْفَلْت/ سَيَغْسِلُ المساءُ دَمْعاتي بماءِ الوَرْدِ /
والعوانسُ يَخْرُجْنَ مِن البارِ سُيُولاً وأرصفةً / تَقْتربُ شَهْوةُ الزُّمردِ
مِن الجثامينِ الملْغومةِ / تُصبِح أقبيةُ الحربِ مَسْرحاً للعرائسِ / وتَسْقطُ
الجيوشُ المهزومةُ في فُوَّهةِ العِشْقِ القاتلِ / والصَّبايا يَمْنَحْنَ مَواعيدَ
انتحارهنَّ للعساكرِ / على جُسورِ الحضاراتِ المنقرضةِ /
في بَنكرياسِ الغابةِ
طُرودٌ بريديةٌ مُلغَّمةٌ / والبلوطُ يُلحِّنُ أناشيدَ البراكينِ / كأني تاجرُ
أسلحةٍ / أُدَمِّرُ نَفْسي بِنَفْسي / الذِّكرياتُ قَنابلُ مَوْقوتةٌ / والأحزانُ
رَصَاصٌ حَيٌّ في وَطَنٍ مَيْتٍ / رِحْلةُ الأعرابِ مِن رَعْي الغَنمِ إلى بَيْعِ
فِلِسْطين / أنا وَسُورُ عَكَّا نَشْربُ الشاي مَعَ صَوْتِ الرَّصاصِ / ذَابتْ
جُلودُ الإِماءِ تَحْتَ شُموسِ البُكاءِ / انطفأت العُيونُ الزَرْقاءُ في
الدِّماءِ الزرقاءِ / هَتَفَ الصَّمْتُ اللامعُ / والسلاطينُ يَغْتسلون في
بَراميلِ النِّفْطِ الأبيضِ / نَمْشي في سَيْبيريا لكي نَمْشِيَ في غَرْناطة /
قَطَعْنا رَقَبَةَ الصَّهيلِ بِسَيْفِ الظِّلالِ / والنِّيرانُ تَشْتهي حَفْلةَ
إعدامٍ مِن قَصَبٍ/ والسُّحُبُ الحمراءُ تَرْفعُ الخناجرَ في وَجْهي/
مَتى سَتَلْمعُ يَا حَبْلَ المِشْنقةِ ؟ / مَزْهريةٌ ذَابِلةٌ / وَقُبْلةُ الفَراغِ على خُدودِ الفَجْرِ
المنْسِيِّ / يَدْخلُ الهديلُ في الكُوليرا / يا ضَائعُ / مَعْذِرَةً / مَا
وَجَدْتُ لَكَ وَظيفةً تَلِيقُ باكتئابِكَ / الفَراشةُ عَاطِلةٌ عن العَملِ /
والجنودُ يَعِيشون على كَرَاسِي المقْهى / حَبيبتي تِلْكَ الخوْخَةُ المصلوبةُ /
نَسِيَتْ مِشْطَها في زَحْمةِ التِّلالِ / قَارُورةُ الحِبْرِ كُوخٌ للبُحيراتِ
المشرَّدةِ / والقناديلُ الجريحةُ تَسْقطُ في رَقْصةِ الطِّين / وأَشِعَّةُ
القَمَرِ تَدْفنُ أظافرَ الموْتى / ولم أَعْرِفْ أن تَارِيخَ جُفوني رَشْفةٌ مِن
قَهْوةِ الرِّماحِ /
كُلَّ يَوْمٍ أَموتُ /
والمِئْذنةُ تُحييني / إِنْ شَنَقَتْني الثلوجُ / فَاحْمِلي حَفيدةَ الشَّفقِ
قصائدي إلى مَسْقطِ رَأْسِ الشَّمْسِ/ ضَحِكاتي أَقْصَرُ مِن الأسلاكِ الشَّائكةِ
في سُعالي/
أَيُّها الأعمى الذي
يَرْكضُ وَراءَ صَوْتِ أُمِّهِ في الضَّبابِ / تَتَشَمَّسُ الذِّئابُ عَلى
حَافَّةِ الخَنْجرِ/ وَتَتوهَّجُ أجنحةُ الذُّبابِ عَلى ثِيابِ أرملةٍ غَامضةٍ
كَأحزانِ الشِّتاءِ/ نَزيفٌ مَجْهولٌ كَجُنْديٍّ مَجْهولٍ/ والجيوشُ تُقاتِلُ في
غُرَفِ النَّوْمِ / والثُّكناتُ مَهْجورةٌ كَصُداعِ التُّرابِ/ نُلَوِّنُ قَطَراتِ
الماءِ بِلَوْنِ الرِّيحِ / ونَموتُ عَطَشاً كَقُضْبانِ الزِّنزانةِ / وفي الربيعِ الصَّاعقِ يُبَدِّلُ أَلَمِي
مَلابِسَه العَسْكريةَ / مِثْلَما يَرْتدي الشَّجرُ ثِيَابَه المدنيةَ / بِلادٌ
حَوَّلت بَناتِها إلى بَغايا / لِزِيادةِ الدَّخْلِ القَوْمِيِّ / وَدَفْعِ
رَواتبِ الموظَّفين/ تَناولَ المساءُ جُرْعةً زَائدةً مِن الرُّومانسيةِ/ وَمَاتَ
غَرِيباً كأنقاضِ القُلوبِ/ فَمَا فَائدةُ نَارِ العِشْقِ ؟/ أَجْلِسُ عَلى
الرَّصيفِ / أَتَأَمَّلُ فِي جُثَّةِ أَبِي / الحضارةُ إِشارةُ مُرورٍ حَمْراءُ
كَسَرَها الفَيَضانُ الأخضرُ / والتاريخُ مَشْنوقٌ في ممالكِ الحُزْنِ /
يا قَوْسَ قُزَح / إِنْ
كُنتَ مُحْرَجاً مِن مُواجَهتي بِحُكْمِ شَنْقي / فَابْعَثْهُ عَبْرَ بَريدي
الإلكترونيِّ / مَغْصٌ مُتَقَطِّعٌ في بَطْنِ حَائطِ السِّجْنِ / وَتَسِيلُ
أَمْجادُ الغُبارِ في الثلوجِ الدَّاميةِ / والأمطارُ على سَريرِ الاحتضارِ /
والحُمَّى تأكلُ أغصانَ الجثثِ /
الرِّياحُ تُعانِي مِن
الإِسهالِ/ وآثارُ الرَّصاصِ فِي عُنُقِ الضَّوْءِ / كَحَبَّاتِ زَيْتون على
قِطْعةِ بِيتزا / تتناولها مُرَاهِقَةٌ قُرْبَ حَوْضِ السِّباحةِ / لُحُومُ
التِّلْميذاتِ الطَّريةُ تُمْسي بَلاطاً للمسابحِ المخْتَلَطةِ/ والمغولُ
يَقْتلونني بِسُرْعةٍ كَي يُكْمِلوا تمرينَ اليُوغا /
مَارَّاً بأطلالِ الضَّحِكاتِ / أَحْمِلُ
فِي حَقِيبتي جَدائلَ المدنِ القتيلةِ / وأَزْرَعُ ابتساماتي في سَنابلِ الدُّخانِ
/ وفي آباري مَأْتمُ القبائلِ / أنا والغُروبُ نُخَزِّنُ الفَراغَ في الفَراغِ /
نَاديتُ عَلى العَدَمِ / يا عَدَمُ / شَعْبي قَطِيعُ مَصَابِيح في العَدَمِ /
والسُّيوفُ الْمُغْمَدَةُ قُماشٌ جَديدٌ للأعْلامِ الْمُنَكَّسةِ / أُغنياتٌ
تَشْربُ النِّسكافيه في سُعالي / وَالقتيلاتُ يَضَعْنَ فَضَلاتِ الطعامِ على صَفْحةِ الوَفَيَاتِ /
وَداعٌ للطِّفلةِ السَّائرةِ في صُداعي / أنا وَبائعُ الذُّرَةِ المشْوِيَّةِ
بَقِينا وَحْدَنا في الشَّوارعِ الموْبوءةِ آخِرَ الليل / والرِّيحُ تتجوَّلُ في
خَوْفنا / أَنْزعُ مِن مَساميرِ نَعْشي ارتباكَ اليمامِ / تَرْتدي الشَّلالاتُ
ثِيابَ الحِدَادِ / والتُّوتُ يَنمو على نَعْشِ الزَّوابعِ /
عِندما تموتُ عَاهِرةٌ /
تمشي في جِنازتها قَبائلُ الأعرابِ / وَإذا مَاتَ شَاعِرٌ فلا يَسِيرُ وَرَاءَه
إلا المخْبِرُون / لكي يَطْمَئِنُّوا على رَحيله / سَأَخْرجُ مِن جِراح الموْجِ
ذَاتَ مَساء / وَسَوْفَ أَكُونُ مُديرَ أعمالِ الْمَدِّ والْجَزْرِ / النَّشيدُ المحترِقُ لَيْمونةُ القَتْلِ /
في طَوابيرِ العَوانسِ أمامَ المخْبَزِ المغْلَقِ / يَكْسِرُ ضَوْءُ كُوخي
قَارورةَ الحِبْرِ/ فَأَكتبُ تَاريخَ الدَّمْعِ بِرُفاتِ البُحيراتِ/ صَفائِحُ
النَّرجسِ فِرَاشُ احتضاري / وَمَا زِلْتُ أَموتُ / وصَلبتْ رَاياتُ الغُبارِ بَلوطَ الألمِ على كَاهلِ الطُّوفان /
أَيْنَ المرأةُ التي تَرْفُضُ أن تَكونَ لَوْحةَ شَظايا ؟ /
مَزْهَرِيَّةٌ للنِّساءِ الذابلاتِ / صَلِيلٌ بَيْنَ العَرائسِ والفَرائسِ / والتِّلالُ تُرْضِعُ دَمْعي سِهاماً
مُكْتئبةً في احتفالاتِ اغتيالي / بَقِيَتْ مَناديلُ اليَاسمين على الرَّصيفِ /
وَمَاتَ صَدَى أحذيةِ النِّساء/ فَانْتَشِلْ يَا أَرخبيلَ الجنونِ الكَهْرمانَ مِن
جِنازةِ الموانئِ / أُخَزِّنُ الشَّعيرَ في عَمودي الفِقريِّ / كَما يُخَزِّنُ
القَراصنةُ جَماجمَ البَحَّارةِ في الإِسطبلاتِ / وَالأُمَّهاتُ يُوَرِّثْنَ
بَناتِهنَّ الإِغْراءَ / لِيَذْبَحْنَ العُنوسةَ بِخَنْجرِ الغُروبِ /
سَيُحَرِّرُ الموتُ
العَصافيرَ في قَفَصي الصَّدْرِيِّ / سَتَرْقُدُ رَسائلُ العُشَّاقِ في نارِ
الموْقدةِ/ هَذه المدينةُ الوَباءُ/ تَواريخُ الحريقِ / وأخاديدُ الضَّوْءِ / والحُزْنُ
يَزْرعُ التُّوتَ في رِئتي / أَسْرِقُ مِن أَهْدابي نباتاتِ المقبرةِ / وَبَعْدَ
انتحارِ الصَّبايا خَلْفَ السَّتائرِ المخْمليةِ/سَيُنَقِّبُ الرَّمادُ عن نُقوشِ
الحِنَّاءِ في الحصَى الليلكيِّ /وكُلَّما قَامَت الأميراتُ بِتَكْبيرِ أثدائهنَّ
/ سَقَطَ الصَّوْلجانُ مِن يَد المطرِ / وَسَقَطَت الدُّوَلُ في بِئْرِ الحطبِ /
تَخَيَّلْ مَشاعرَ الأنبياءِ وَهُم
يُكَذَّبُون / أشلائي شُققٌ مَفْروشةٌ
للبيعِ / أَنبعثُ في الذاكرةِ الدَّمويةِ/ تلتصقُ بَراميلُ البَارودِ عَلى حِيطان
أوْردتي/ كما تَلتصقُ الطحالبُ على حِيطان بِئْرِ قَرْيتي/وعَصيرُ البُرتقالِ
مُرْشِدٌ اجتماعيٌّ للزَّوْجاتِ الخائناتِ/وَالوَحْلُ يَبْكي مُسْتَخْدِماً أجفانَ
أُمِّه / لأنَّ السُّعالَ قَلَعَ عَيْنَيْهِ الصَّغيرتَيْن / وَبَعْدَ أَن قَتَلُوني / وَزَرَعُوا في
بُلْعومي جُسوراً لِنَقْلِ الجنودِ المهْزُومين / اعْتَذَروا لي قَائلين : ((
نَحْنُ آسِفُون فَأَنْتَ الضَّحيةُ الخطأ ! )) /
مِن بَائعةِ التُّرْمسِ في جُذوعِ الكَابوسِ حَتَّى أميراتِ مُوناكو /
تَسيلُ الأُنوثةُ المسْتحيلةُ / خَدَشَت الشُّموعُ خُدودَ النَّارِ / والذُّبابُ
يَحْقِنُ قِرْميدَ كُوخي بالحنينِ / يُخدِّرني الصَّدى فَأَزْرَعُ صَوْتي في
صَوْتِ البَساتين/ وَلَم يَتغيَّرْ فِي اسْمِ الغَاباتِ سِوَى مِيعادِ سَلْخِي/
قَشْتالةُ تَبْدأُ مِن كَرْبلاء/ سَعَلَتْ أَهْدابي سَنابلَ دِماءٍ / صَارَ
نُعاسِي الفَيْروزيُّ عَاطِلاً عَن العَمَلِ / أَمْسَكَ البَحْرُ بِيَدَيْه
المسْلُوخَتَيْن تاريخَ المهرِّجين / والحِمارُ الوَحْشِيُّ يَحْمِلُ على ظَهْرِه
حَضاراتِ الإِبادة /
مَسْرحٌ لِلعَرائسِ يَحْترقُ في الصَّدى الْمُرِّ / أنا في القَيْدِ حُرٌّ
/ لا يَعْنيني تَوْقيتُ التُّرابِ / احتضارُ الجسَدِ قُنْبلةٌ ضَوْئيةٌ /
وَالزَّائدةُ الدُّوديةُ مُقيَّدةٌ بالزَّوابعِ / تستندُ عِظَامُ الأمواتِ إِلى
كَتِفِ الطوفان/ والزَّنبقةُ اليتيمةُ تَغْطُسُ في رَحِمِها الصِّناعِيِّ /
صُداعي خَزَّانُ وَقُودٍ للطيورِ المهاجِرةِ / أنا وَالوَطنُ وُلِدْنا
مَعَاً وَشُنِقْنا مَعاً / افتتحتْ أجفاني فَرْعاً لها على الشَّارعِ الرَّئيسيِّ
في قُرى البُكاءِ / التقطْ لِي صُورةً قُرْبَ جِنازتي المتواضعةِ / يَا نَزيفاً تَنامُ عَلَيْه الأدغالُ الصَّاخبةُ/ إِنَّ الجنودَ
المهزومين يَضْرِبُونَ نساءَهم/ وَكُلُّنا سَبايا في سُوقِ النِّخاسةِ /
دُمْيةٌ تَاريخِ
شَراييني / والحضَارةُ تاريخُ الدُّمى / بَائعو الهياكلِ العَظْميةِ / أَمْنَحُ اللهبَ نَشِيداً / تُلحِّنه
البُحَيْراتُ المهاجِرةُ/ كَواليسُ مِقْصلتي اللازورديةِ / والطباشيرُ على أصابعِ
العُمَّالِ المقْطوعةِ / ذِئبةٌ حُبْلى بالسِّياطِ / بِلادٌ لَيْست لوجوهنا /
لأننا مَطَرٌ بِلا دَفْتَرِ عَائلةٍ / وَقَلْبي غُرْفةُ إِعْدامي التي مَرَّتْ على
حُدودِ الوَجْهِ الحزينِ / والوطنُ الذي أَنْجَبَ الغِزْلانَ قَد اصْطادها /
وَتَبْقى بَائِعاتُ الهوى في طُرقاتِ المللِ يَبْحَثْنَ عَن زَبائن / يَسْتلقي المساءُ
القَديمُ على أظافري الجديدةِ / أرى وَجْهَ أَبي في العَتمةِ / وَالقَناديلُ تَشْربُ أَنيابَ الصَّدى /
فَأَكْسِرُ زُجاجَ أضلاعي / وأُهاجرُ مِن وَجْهي / لا تَحْزني يا أَشْلائي
الثَّائرةَ / إِنَّ أَعْشاشَ العُقْبانِ كَامنةٌ في دَفاترِ بَناتِ المدارسِ / أنا
النَّجْمُ المحتَرِقُ في مَداراتي / وَبَشَرَتي السَّمْراءُ تَصْبُغُ النِّيلَ /
وتتمزَّقُ فُراتاً جديداً /
فِئْرانُ
الحقولِ في ثلاجةِ الموْتى / وَيَنَابِيعُ الدَّمِ تَصْرُخُ في سِحْنتي /
ارْحَمِيني / أنا أَمْشي إلى زَنْجبيلِ المذْبحةِ كَدُودةِ القَزِّ / أجنحةُ
النوارسِ تَصيرُ ثيابَ حِدَادٍ/ والغرباءُ أَخذوا رِئاتِ الأطفالِ لِتَبْريدِ
المفاعِلاتِ النَّوويةِ / الوَرْدُ عَرَباتٌ جَاهزةٌ للتفجيرِ/ إِنهُ الليلُ الأخيرُ يَهْطُلُ
أراجيحَ للعُميانِ/ ودَمْعاتي هي المعْقِلُ الأخيرُ في ممالكِ الموْجِ / بَدَأَ العَدُّ
التَّنازلِيُّ لِوِلادةِ نُعوشِ الأسْفلتِ / كَانَ خَدِّي لَيْلاً مِن الرِّعشاتِ
/ ضَفائرُ مِن القَصْديرِ تُهَرْوِلُ في رَسائلِ القَتْلى /
يَا صَبِيَّةُ / عُودِي مِن أثوابِ الينابيعِ إلى إجازةِ الصَّيفِ في
النَّيازكِ / ولا صَيْفٌ فِيَّ كَي أَمْدَحَ نُعاسَ الصَّحاري / وَلا مَصَابِيحُ
تُنَقِّبُ عن بُكائي في ثَلْجِ الوَداعِ / صَارَت كَبِدي جَنازيرَ دَبَّاباتٍ /
أَنتظرُ قُدومَ جُمجمتي من حَقيبةِ السَّفَرِ / أَعيشُ الخريفَ في كُلِّ الفُصول /
وَرُمُوشي تَتساقطُ كَدُموعِ الرَّمْلِ / انْتَظِرْني تَحْتَ جِسْرِ الأيتامِ /
سَتَصْعَدُ تَوابيتُ الأسرى على الدَّرجِ الكَهْربائيِّ / وَتُولَدُ الأعْراسُ في
النُّعوشِ النُّحاسيةِ / ولا عُرْسٌ يَطْرُقُ بَابَ قَبْري/ ولا زَهْرةٌ تتفتَّحُ
بَيْنَ عِظامي / لماذا جِئْتِ يا غروزني إلى احتضاري ؟/ عَيْناكِ البريئتان
تُفَّاحتان/ لا تَقْدران عَلى رُؤْيةِ الأمطارِ / وَهِيَ تُحَنِّطُ أفكارَ
البراكينِ / التي تأخذُ حِمَمَها مِن رَجْفتي / وَالضَّبابُ يَصْقُلُ خَنجري كَما
تُريدُ البُروقُ / تَدُقُّ سَاعَةُ
الحائطِ أَرْقامَها في رَقْمِ زِنْزانتي / جَاءَ الغُزاةُ مِن أَسِرَّةِ نَوْمِنَا
/ وَرَكَضَتْ قَارورةُ الحِبْرِ إلى أشلائي / خَرَجَتْ أصابعي مِن بَياتها
الشَّتويِّ / أهدابي بُندقيةٌ / قَبِّلِيها يا شَقائقَ النُّعمانِ / سَتَخْتارُ
الرِّيحُ اسْماً عَرَبِيَّاً لمدريد / وأكفاني قُنبلةٌ يَدويةٌ / أَو كُوخٌ
للعصافيرِ المقاتِلَةِ/ سَكَنْتُ في مِيَاهٍ مَغْسولةٍ بِوُجوهِ الثَّائرين /
الشِّتاءُ خَريطةٌ جديدةٌ لِرَسائلِ الغرام بَعْدَ مَوْتِ العُشَّاقِ تَحْتَ
الأمطارِ / كُلُّ المقاصلِ تُغَنِّي في طُرقاتِ اليَاسمين / وَلَمْ يَبْقَ لَكَ يا
عُشبَ الأبجديةِ إلا أن تَرْفَعَ رَأْسَكَ /
المِيناءُ المتجمِّدُ /
وَمَشَانِقُ مِن فَرْوِ الثعالبِ / وَزَيْتونُ الغروبِ زَوْرَقٌ يَحْمِلُ أُغنياتِ
البَحَّارةِ القَتْلى / وَلا بُدَّ مِن مُوَافَقةِ المخابراتِ العَسْكريةِ حَتَّى
تَفْتَحَ مَحَلَّ فَلافل / كَأَنَّ دَمْعي زَيْتُ القَلْي / وَعُيُوني زلازلُ /
كَأَنَّ إِسْبانيةً أَحَبَّتْ فَتَىً عَرَبياً / لا الْحُبُّ انتصرَ / وَلا
الأندلسُ عَادَتْ / أُصَلِّي الْجُمُعَةَ في بَرْشلونة / مَرْثيةٌ لِيَتِيماتٍ
يَحْمِلْنَ أكفاني في الإِسكندرية / وأُدْفَنُ في مَكَّة/ شَيْءٌ غَامِضٌ في حُزني
يَحْرثُ النارَ / وفي المكتبةِ العامةِ / دَفنتُ نَفْسي بَيْنَ سُطورِ الضَّوْءِ /
وَبَكَيْتُ عِنْدَ مُؤلفاتي /
تِلْكَ المدينةُ / المساجدُ
المهدومةُ عَلى رُكَبِ المصلِّين/ المقابرُ الجماعيةُ للفراشاتِ/ الشُّهداءُ الذين
رَمَوْهم في البَحْرِ الأخْرسِ / مَذْبحةُ الزُّمُرُّدِ اليَوْمِيَّةُ / تَسخينُ
النَّهرِ على حَرارةِ الدَّمِ / والجليدُ يَزْحفُ إِلى خُدودِي مَا تَبَقَّى مِن
حَديقتنا / انتفاضاتٌ سَريعةٌ لِعَضَلاتِ الشَّمْسِ أثناءَ مُحاكَمتي /
ذَلِكَ المنبوذُ / اخْتَرِعْ وَطَناً لِلْكَسْتناءِ في شَمالِ احْتضاراتي /
هَذا المكانُ بَرْقوقٌ خَدَشَني / بِطْريقٌ تُوُفِّيتْ زَوْجَتُه / وَما زَالَ
مُحْتَفِظاً بِوِشَاحها في أهدابه / يَتراكمُ عِندَ رَسائلِ الْحُبِّ جِبالٌ من
المآتمِ / والبَرْقُ يُحَطِّمُ أساورَ الغَيْمةِ / بُقَعُ نِفْطٍ على جِلْدِ
غَزالٍ / والشَّوْكُ يَبكي قُرْبَ مَلابسِ أَرْملته / يُقطِّعني المساءُ
ويُقَبِّلني / يَا مَشْنوقةً أَحَبَّتْ ظِلالَها أكثرَ مِن مِرْآتها / وَماتتْ في
رَنينِ السَّنابلِ/ أَيْنَ تَسْكُنين حَتَّى أُعَزِّيَ أَهْلَكِ الرَّاجِعين مِن
الكولسترولِ والمذابحِ ؟/
أُحِبُّ الشُّموسَ
المنْهَمِرَةَ مِن وُجوه الأنبياءِ / وَغُرْبتي تَتَشَبَّثُ بأكتافِ المحارِبِين
في المساءِ / أَكياسُ جُباةِ الضرائبِ / والصَّراصيرُ المقْتولةُ تَحْتَ أحذيةِ
الأسرى / وَنَقَّارُ الخشبِ المتفحِّمِ / أنا غَريبٌ كالشَّمْعِ الراكضِ في
خِياناتِ رَمْلِ البَحْرِ / يُولَدُ الأغرابُ مِن دَوَرانِ البُوصلةِ في مَرَضِ
الرُّبانِ / صُراخي نَزْوةٌ في حَياةِ الأمطار / ونعوشُ الأطفالِ على أراجيحِ
الشَّفق / وَحَشائشُ المقبرةِ تَعْرِفُ رَائحةَ عِظامي / تنمو الرُّكبُ
الصِّناعيةُ للجنود العاطلين عن العمل / كما تنمو الأشجارُ في ظِلال الموْتى /
وكلُّ الرِّماحِ رَقَصَت في ذِهني أبراجاً مِن الدَّمْعِ الأُرْجواني / لكنَّ
الزوابعَ تُقبِّلني ظَنَّاً مِنها أنِّي ابْنُها / الذي شُنِقَ مَرَّتَيْنِ على
التَّوالي /
اخْتَرْ مَنفاكَ بِيَدَيْكَ / قُلتُ : (( أُريدُ المجرَّةَ )) /
والمجرَّاتُ تُمشِّطني / تَتَقمَّصُ ذَهَبَ المجازرِ فِضَّةُ الهياكلِ العَظْميةِ
/ والصهيلُ يَخيطُ إِسطبلاتِ دُموعي تَحْتَ الرِّمالِ / لَمْ أتخيَّلْ أنَّ رُفاتي سَيَصِيرُ طَاوِلةَ مُفاوضاتٍ / يَتصافحُ
عَلَيْها الأُمويون والعَبَّاسيون / أمامَ مَحَطَّاتِ التَّلْفزةِ الأجنبيةِ /
وَهَبَطَتْ خُلْجانُ
المذبوحين على حَواجبِ الرَّمْلِ/ أَحْشائي إِنها أَسِنَّةٌ لا سَجائرُ /
والدِّيدانُ تَبْني في قَزَحِيَّتي مَقْهىً لعائلتها / العَدُّ التَّنازلِيُّ
لِلخَجَلِ عِنْدَ إِناثِ الرَّماد / أَفْرُشُ أَجْسادي على المقاصلِ لأرى وَجْهي /
أتحدَّثُ إِلى أخشابِ المرافئ عَن مَشاعرِ رِمال البَحْرِ/ لا تَحْزَنْ أيُّها المتسوِّلُ تَحْتَ شَجرِ الدِّماءِ / دُوَلٌ
تَتَسَوَّلُ / وَالإِماءُ جَالِساتٌ عَلى العُروشِ /
انتحارٌ بِالتَّقْسيطِ يَلُفُّ أعناقَ الأمواجِ / مِكْياجٌ عَلى الأفخاذِ
الجرباءِ وَالنِّعالِ الأجنبيةِ / نُزِعَت جِنْسِيَّةُ الضَّوْءِ مِن الصَّنوبرِ
لأنهُ سَلَّمَ عَلَيَّ / والصَّراصيرُ أَقامتْ نِظاماً بَرْلمانياً في حَاويةِ
النِّفاياتِ / وَالنَّهارُ يَنْقُلُ عَلى ظَهْره أَحجارَ ضَريحِ الذُّبابِ /
وَيُرَتِّبها صَرْخةً صَرْخةً / عُمري عِشْرون / وَأَمْلِكُ خَمْسين سَنَةً
خِبْرةً / في الوُقوفِ على خَشَباتِ الإعدامِ /
في دَمِي الأخضرِ انقلابٌ عَسْكريٌّ دَمويٌّ / كُرياتُ دَمِي البيضاءُ
تَرْفعُ الرَّايةَ البَيْضاءَ / وأشلائي فيضاناتٌ / والزَّنازينُ تَصْبُغُ بَوْلَ
السُّجناءِ بالفَحْمِ الحجريِّ / صَارَت السَّكاكينُ مُوسِيقى لها مَلْمَسُ
البَارودِ/ وَالنَّحْلُ الميْتُ على البَلاطِ السَّاخن / تَتفتَّحُ الجماجمُ على
الأغصانِ / أَدْخُلُ في البُرتقالِ المنْفِيِّ / وَعَرَباتُ نَقْلِ الجنودِ
تَنْقُشُ الحِنَّاءَ عَلى أَوْردةِ الإِعْصارِ /
أَغْشِيةُ بَكارةٍ مُلْقاةٌ في الشَّوارعِ المتَّحدةِ بالجنونِ / نِسْوَةٌ
يَغْسِلْنَ المزابلَ بِحَليبِ الرَّضاعةِ / والهِضابُ جَالِسةٌ عَلى كُرْسِيِّ
الاحتضارِ / السُّيولُ تُقَبِّلُ جُثْماني / والأَعْلامُ المنكَّسةُ مَزْروعةٌ في
فَناجينِ القَهْوةِ / سَيَهْرَمُ المساءُ الذي أَكَلَ الضَّحايا وجَلادَهم والوطنَ
المنْفَى /
يَلْتَصِقُ الإِوَزُّ بِخُدودِ الليلِ الأزرقِ/ وَالقِطاراتُ البُخاريةُ عَلى حَوَافِّ اللوزتَيْن/ سِكِّينٌ تَلِدُ
بَريقَ نَصْلِهَا / ضُمِّيني يَا أضرحةَ السَّوْسَنِ / حَيْثُ تُصْبِحُ جُمْجمتي
كُرَةَ قَدَمٍ / يَلْعبُ بها الصِّبْيَةُ في حَاراتِ اغتيالي / يتبخترُ البُرتقالُ
في مَناديلِ دُودةٍ / تَقْضِمُ أكفانَ الرِّيح /
الزَّبائنُ الجدُدُ / وَالبَغِيُّ الجديدةُ
/ والزِّنزانةُ الجديدةُ / والقَراصنةُ في الطابورِ الصَّباحيِّ / يُصْغُون
لِنَشيدِ الأنهارِ اليَتيمةِ / والضَّحِكاتُ المنْسِيَّةُ تَبْتَكِرُ مِحْراثاً
مِن عُروقِ الأسْرى / الذين نَسُوا مَوْعِدَ العَشاءِ على ضَوْءِ الشُّموعِ /
وَطَني الغارقَ في عَرَقي / هَل تَعْرِفُ رُفاتي ؟ / كَرِّرْ مَوْتي في
مَساءِ الصُّراخِ / أَلْمَحْكَ حَيَّاً عِندَ شُروقِ جِراحاتي/ أَحْداقُ العواصفِ
/ ودَرَجاتُ قَصْرِ الحمراءِ / والقُرى الكئيبةُ تتمدَّدُ في بَنكرياسِ الرُّعْبِ
/
هَذا الدَّمُ أَشِعَّةُ غَيْماتٍ بَاكياتٍ في انتظارِ السَّرابِ /
كَشْميريةٌ تَنْظُرُ إِلى قُيودي عَلى خَشَبةِ الإِعدامِ / والزَّوْبعةُ أَخَذَتْ
ذِراعَ البَحْرِ عَصا بِلْياردو / ظَهْري المتصدِّعُ الذي كَانَ يَحْمِلُ أكياسَ
الطَّحينِ للفراشاتِ / أَخَذُوه بَلاطاً لِصَالةِ الرَّقْصِ /
سَقَطَتْ حِكاياتُ العِشْقِ في عَصيرِ
التُّوتِ / في مَقْهى الجنودِ المكسورين / فَيَا زَمَنَ العُشَّاقِ الوهميَّ /
جَسَدي مَرْمِيٌّ في الشَّارعِ عِندَ حُفَرِ المجاري / والشَّاي المقدَّمُ على
بَلاطِ مَجْزرتي يَبْرُدُ ويَبْرُدُ / لأنهُ لَم يَأْتِ مِنِّي إلا طَيْفي /
لماذا تَقْضُون شَهْرَ العَسَلِ في أكفاني ؟
/ مَن المرأةُ الباكيةُ في البَراويزِ تَحْتَ ضَوْءِ القناديلِ الخافتِ ؟ / قالوا
إِنَّ الموْجَ يُنْزِلُ ابْنَةَ عَمِّه عَن ظَهْرِ الفَرَسِ / ولا ابنةُ عَمٍّ
وَلا فَرَسٌ / والجرادُ يُحَوِّلُ طُحالي إِلى مَسْبَحٍ مُخْتَلَطٍ في الجامعات /
والمتفرِّجون عَلى حَفْلةِ تمزيقي يُلوِّحون بِالتذاكرِ طَرَباً / الرُّوحُ
الرِّياضيةُ سَائدةٌ بَيْنَ الجمهور أثناءَ قَتْلي / وَنَعْشي مُعَلَّقٌ عَلى
بَوَّابةِ المدينةِ رَقْماً /
صَباحُ الخيْرِ يَا مَسائي !/ حَاكِماتٌ
كَالنِّعالِ يَثْقُبْنَ ثِيابهنَّ لِيَضَعْنَ فِيها أَقْراطَ المشْنوقاتِ /
وَفَوْقَ ثَوْرتي ثَوْرةٌ مِن سَرِيرِ الحطبِ / أَمْساً كَانَ مُسْتَقْبَلُ
الزُّمردِ / والنَّظاراتُ الطِّبيةُ على عُيونِ الذُّبابِ / الضَّبابُ العَجوزُ /
والنُّعاسُ الخشِنُ / حُزْني عَرينُ الأُسُودِ المتقاعِدَةِ / أَجْلِسُ في مِيناءِ
الأيتام / أُراقبُ النَّمْلَ وَهُوَ يَأْكلُ جُثماني / وأَسْمعُ بُكاءَ اليَمامِ
في عَرَقِ اليَاقوتِ / أَغْلَقَ المطرُ أبوابَ ظِلِّه / وعِظَامُ أُمَّهاتنا
الممزوجةُ بِدُموعنا / تَعْقِدُ هُدْنةً مَعَ لَمعانِ أظافرنا /
إِضْرابُ عُمَّالِ المنَاجِمِ في أَبْجديةِ
الملوكِ المخْلوعين / والجنودُ في ثِيابِ الدَّمْعِ / يتجوَّلون في الماريجوانا /
تَجْلِسُ العَقاربُ عَلى عَقَارِبِ السَّاعةِ / وأَكْفاني حَديقةٌ للدُّودِ
اللاجئِ / وَمِيعادُ سَفَري يُحدِّده أُمراءُ الحروبِ / أَسْئلتي تتكاثرُ كالمغاراتِ
في رِئتي المرْتعشةِ /
عَشِيقةَ أَرَقِي الزَّهْرِيِّ / إِنَّ
العَناكبَ تُهَرْوِلُ على المرايا / الفُرْسانُ رُكامٌ يَتساقطُ في زُجاجةِ
العِطْرِ اليَتيمةِ / وكُهوفُ قُلوبنا مَطَاعِمُ للغُزاةِ / فَيَا نَحِيبَ
السُّنونو في يَوْمِيَّاتِ وَرِيدي / ارْكُضْ في هَوَسِ النُّبلاءِ / كَي نَتجاذبَ
أَطْرافَ البُكاءِ / نَسِينا جَدائلَ أُمَّهاتنا عِنْدَ مَرايا المدُنِ
المحاصَرَةِ/ وبَحَثْنا عن احتضاراتنا في كَلِماتِ الأغاني /
الإِغريقُ
وتماسيحُ الأمازونِ وَرَاقِصاتُ البَاليه / أنا المقاتِلُ المتروكُ للصَّدى عَلى
الرُّخامِ / تَخَلَّتْ عَنِّي القَبائلُ الكِلْسيةُ / الهياكلُ العَظميةُ جُسورٌ
مِن الأزهارِ الصناعيةِ / فَكُنْ يَا مَوْتي الشَّرارةَ التي تُشْعِلُ تفاحاتِ
دَمْعي / حَياتي مَحْصورةٌ / مِن المِشْنقةِ إِلى البَيْتِ / ومِن البَيْتِ إلى
المِشْنقةِ / الطبيبُ النَّفسيُّ للإِمبراطورةِ / وشَرْكسيةٌ تُطْعِمُ حِصَانَها
تاريخَ الأمواجِ / يَتكفَّلُ الخريفُ بِرَسْمِ سِيناريو جِنازتي / أنا الحافي /
ولستُ بِشْر الحافي / أنا الثائرُ الذي خانني أهلُ الكُوفةِ / وَبَكَوا عَلَيَّ
أمامَ وسائلِ الإِعلام / صِرْتُ سَبُّورةً تَكتبُ عَلَيْها المراهِقاتُ قَواعِدَ
اللغةِ الأُمويةِ / أنا والقِطَطُ المنبوذةُ نُفَتِّشُ في أرشيفِ المزابِلِ/ عَن
اللحْمِ الذي رُمِيَ بَعْدَ حَفلاتِ الإِعدامِ / فلتأكلْ جِيفتي العُقبانُ لا
الغِربانُ / كُن أيها الحزنُ سِرِّياً / كَالموْجِ الذي يَحْقِنُ رَصيفَ الميناءِ
بِمناديلِ الوَدَاعِ /
راهبةٌ إِسْبانيةٌ تَسْتَعْمِلُ أكوابَ
الشَّاي / التي تَرَكْناها في بَيْتنا في قُرْطبة / سَلامٌ عَلَيَّ في دُروبِ
الحِصَارِ / سَلامٌ على المِلْحِ في خُبْزِنا اليَابسِ / يَبْصُقُ الرَّمْلُ
أَهْدابي في قُضْبانِ قَفَصِي الصَّدْرِيِّ / والأغْرابُ شَيَّدوا في زَفيري
مَطْعماً للعائلاتِ / أُعْدِمْتُ بِعَدَدِ مَرَّاتِ بَيْعِ إِناثِ القَبيلةِ /
وَطَالباتُ كُلِّيةِ الطِّبِّ يُجَرِّبْنَ الأدويةَ على خُدودِ الفُقراءِ /
وَيَسْرِقْنَ أَحْمَرَ الشِّفاهِ مِن حُمْرةِ إِشارةِ المرورِ / والنَّوارسُ
تَأْكُلُ جَبِينَ الطُّوفانِ / وفِي أنقاضِ ضَحِكاتنا/ يَضَعُ قُطَّاعُ الطُّرقِ
بَيْضَ الأمواجِ في أحداقِ بَناتِ آوَى/ أنا المصْلوبُ اليَوْمِيُّ / لَكِنِّي
الفَاتِحُ المنْتَصِرُ.