عصفورة تبكي اسمها الأرض / قصيدة
للشاعر/ إبراهيم أبو عواد
..................
للشاعر/ إبراهيم أبو عواد
..................
قُيُودي ثُلوجٌ أَنْجَبَها ضَوْءُ الموْقَدةِ في كُوخِي المهْجورِ / دَخَلَ
الصَّنوبرُ إِلى السِّجْنِ / وأَوْرِدَةُ الزَّوْبعةِ تَزَوَّجَتْ أسْفلتَ
الذاكرةِ / تُولَدُ شُموسي مِن أنيابِ الحِيطانِ/ التي تَقْتَرِبُ مِن مَزْهرياتِ
الوَدَاعِ/ سَتَأْتي الرِّياحُ لِتَبِيضَ / كالأقفاصِ كانَ اللمعانُ الغامضُ
للأمطارِ / يَكْتبني تاريخُ الغاباتِ المحتضرةِ / أَتذكَّرُ الفُقراءَ الوَاقِفِين
أَمَامَ قَبْري / يَنْتظرون قُدُومَ الرَّبيعِ مِن قَلْبِ الخريفِ /
تَتَسَاقَطُ أَوراقُ المجرَّاتِ في الخريف /
تَتساقطُ لُحُومُ السُّجناءِ في المجرَّاتِ / وَالشَّجَرُ يَحْمِلُ سِيَاطاً
مَطْلِيَّةً بالذهبِ / وَالصَّوْلجانُ في يَدِ النَّهْرِ / فَارْحَمْني يَا مَاءَ
الأحزانِ المقطَّرَ/ يَسْمَعُ البَرْقُ صُراخَ الجدرانِ / وَكُلَّما حَطَّت
الزَّنازينُ عَلى سَوَاحِلِ دَمي / ازدادتْ رُومانسيةُ البَعُوضِ / أَدْخُلُ في
عُزْلةِ المطرِ / فَتنتقمُ شَراييني مِن جِلْدي / كَما يَنتقمُ الحمَامُ مِن
قُضْبانِ سِجْني /
مُوسِيقى تَصْوِيريةٌ لِلمَذْبحةِ /
سَيُنَظِّفُ الزِّلْزالُ شَاهِدَ قَبْري / عِندما يَتعكَّرُ مِزاجُ الغُبارِ / وفي
عَرَقي الثاني تُولَدُ الزَّنازينُ والذبابُ والمخْبِرُون / اتْركوا دَمِي
مِصْباحاً للأراملِ الصَّاعِداتِ مِن عِظامِ الفَجْرِ / سَلامٌ عَلى شَجَرةٍ
تَنتظرُ زَوْجاً / كي يَبْكِيا في لَيْلِ المنافي / وَالنَّجْماتُ المتَّشحاتُ
بِالسَّوادِ خَيْمةُ الفُقراءِ / قَمْحةٌ تَضَعُ عَلى تابوتها مَغارةً
لِلْحَشَراتِ العَاشِقةِ / والعواصفُ تَقْتفي آثارَ النَّخْلِ في أشلائي / بِلادٌ
تَبْحثُ عَن عَلَمٍ تَكُونُ فِيه الدِّماءُ خُطُوطاً هَنْدسيةً / وَجُثتي تَقُودُ
ثَوْرَةَ اليَمامِ /
تَرْكضُ الملاجِئُ في غَازِ الأعصابِ /
وَقَلْبُ العَاصفةِ كَابْتِسامةِ القَتيلاتِ في الأَحْضانِ الغَريبةِ / يَذْهَبُ
الغُزاةُ إلى انتحاراتهم كُلَّ يَوْمٍ/ وَيَعُودون مُحَمَّلين بأجنحةِ الذبابِ
والذِّكْرياتِ الصِّناعِيَّةِ / وُلِدَت السَّنابلُ لِتَثُورَ / وَعِندما مَاتَ
الشَّفَقُ في المعركةِ / حَضَنْتُ أبناءَه / لأنَّ أَرْملته تَزَوَّجَتْ غَضَبَ
المجرَّاتِ / مِتُّ مِثْلما تُولَدُ الشَّلالاتُ / مِتُّ في الحياةِ / وَعِشْتُ في
الموْتِ /
أَيُّها النَّهْرُ الأعمى / عِندما تَموتُ
سَتَرَاني / يَتوهَّجُ لَحْمي عَلى رِمَاحِ القَبيلةِ / وَعَرَقي مَحْرَقةُ
الأكاسرةِ/ حَاضِناً بَنادِقَ الرَّعْدِ / حتَّى تَنْسى سِفْرَ الرُّؤيا
الرَّاهباتُ / إِنَّ مُسَدَّسي سِفْرُ الرُّؤيا / أُحِبُّكِ يا مِئذنةَ الفَجْرِ /
وَأَقْتُلُ اكتئابي بِخَنْجرِ أَبي /
لِلْمَوْتى طَرِيقُ السَّناجِبِ المشْنوقةِ
/ عَلَى حَطَبِ الأنهار / وَالضَّفادعُ المقْليةُ في دَمِ الضَّحايا / هِيَ
أَكْفانٌ بُرتقاليةٌ / عُزْلَةُ رِياحِ الرَّمادِ / وَرُومانسيةُ البَنادقِ
الآليةِ / وَجُنونُ الأرصفةِ / أَسْطَعُ كالعُشْبِ الدَّمويِّ والذِّكرياتِ
البَرِّيةِ / لم أَتَنَفَّسْ عِطْرَ المهرِّجِ/ أَنْزَلْتُ صُورةَ الصَّحراءِ عَن
جُدْرانِ شَراييني / وَبَارودُ المجرَّاتِ يَحْرُسُ الذِّكْرياتِ بِالفَراشاتِ /
قَد أَمُوتُ في الصَّباحِ/ وَقَد أَمُوتُ في المساءِ / مَن سَيَكُونُ الشَّاهِدَ
عَلى مَوْتي ؟ / الشَّمْسُ أَم القَمَرُ ؟ /
المتاهةُ اللازَوَرْدِيَّةُ / وَالليلُ
يَحْضُنُ مَوْتانا / اكْتَشِفْني أَكْتَشِفْ جُرْحي القديمَ كالأطلالِ / لا
يُشَرِّفني أَن أَكُونُ دَمَاً لِلمَرْعى / لأنَّ جَسَدي زَمانٌ / والأمكنةَ
ظِلالُ الرَّمادِ / ذَلِكَ شَاهِدُ قَبْري المطْموسِ / شَاهِدْني وَأَنا أُحْتَضَرُ
/ مُدَّ يَدَيْكَ إِلى نَزيفِ الرِّياحِ / أَفَقْتُ وَمَا زَالَ مَوْتي عَائِشاً /
سَلامٌ عَلى الأمواتِ الذين يَسْكُنونني / أَيْنَ سَنَبْكي أَيُّها الدَّمارُ
الملْتَصِقُ بِحَوَاسِّنا / في خَرائِطَ لَم تَعُدْ تَذْكُرُ مَجازِرَنا ؟ /
أَيْنَ سَنَبْكي يا أُمِّي تَحْتَ مَصابيحِ المذْبحةِ ؟ / مَقَالةٌ قَصِيرةٌ في
رِثَاءِ القَمَرِ/ تُوزِّع الأمطارُ الثورةَ عَلى مَفاصلي/ وتَنتظرُ طُرقاتُ
جِلْدي لمعانَ الدِّماءِ / كَما يَنتظرُ الفُقراءُ استلامَ الخبزِ في الطابورِ
الخامسِ / يَستثمرُ الغُروبُ في غَضَاريفي / أنا الصَّحاري الذبيحةُ التي سَقَاها
الأنبياءُ /
شُكْراً للملوكِ الذين بَاعوا الأندلسَ مِن
أَجْلِ أثداءِ الإِسبانياتِ / شُكراً لِلمُرَاهِقاتِ العائداتِ مِن الاحتفالِ
بِجِنازة شَعْرِ رَأْسي / شُكراً لِلزَّوْجاتِ الخائناتِ الماهراتِ في الطَّبْخِ
عَلى نَارٍ هَادئةٍ / شُكراً لِدَمِي الذي هَجَرَني / لأنِّي لا أَمْلِكُ ثَمَنَ
لاصقاتِ الجروحِ / شُكراً للآباءِ الذين بَاعوا بَناتِهم بالتَّقْسيطِ المريحِ/
شُكراً للفقراءِ المرْضَى بِالوَهْمِ / تَرْتعشُ أطرافُهم كَأصابعِ المطرِ/ شُكراً
لِلمُرْتزِقةِ / يَقْتَسِمُون كَعْكَةَ عَذاباتي في الأعيادِ الوطنيةِ / شُكراً
لِلشَّعْبِ الميْتِ الذي لم يَجِدْ قَبْراً يَتَّسِعُ له / شُكراً لِلجُنودِ الذين
يَعْمَلُون بَعْدَ الدَّوامِ الرَّسْمِيِّ حَفَّاري قُبورٍ للأحلامِ /
عُصْفورةٌ انتفضتْ انتفضتُ / رَأيتُ الموْتى
يَمْشُون في مَداراتِ الكَرَزِ / يَرَوْنَ أَحزاني/ وَكُلما سَاروا وَقَعُوا في
وَرِيدي/ أَيَّتها الشَّجرةُ الزِّئبقيةُ/ لَم تَنتخبي المنفَى / لَكِنَّه انتخبكِ
/ نُعوشُ الصَّحْراءِ تَسْبحُ في صَوْتِ الذِّئبِ العَاجِزِ جِنسياً / وَجُروحي
فَلْسفةُ الأناناسِ/ ظِلالُ الرِّياحِ دِيدانُ مَوْتانا / وَمُسْتَوْدَعَاتُ
الميناءِ تمتلئُ بِجثامينِ البَحَّارةِ /
الأشْرعةُ الممزَّقةُ / والْمَحَارُ البَاكي
/ وَأَوْرِدةُ اللوزِ المنفيِّ / يُتَوِّجني الدُّودُ مَلِكاً عَلى عِظامِ
الصُّبحِ / مَشَيْنا إِلى الهاويةِ ضَاحِكين / نَأْكُلُ جُثثَ آبائنا في مَحَطَّةِ
القِطاراتِ / ونَأكلُ الفُستقُ قَبْلَ مُضَاجَعَةِ الزَّوْجاتِ / ظِلالُنا تَسِيرُ
مَعَنا وتَسْخرُ مِنَّا /
تفاحتان مَصْلوبتان تَمْشيان إِلى غُموضِ
البَحرِ / أَحصنةٌ مَذْبوحةٌ في حُقولِ الصُّراخِ / وفي جَنوبِ الصَّليلِ /
وَرْدةٌ مَشْلولةٌ يُحيطُ بِها كِلابُ حِراسةٍ مُدَرَّبَةٌ / والضَّبابُ الذبيحُ
ضَيْفٌ على القَمرِ الأسيرِ /
في جَسَدِ النَّدى القِرْميديِّ تَنْبعثُ
أرصفةُ الدِّماءِ/ صَافحتُ المساءَ الرَّاجعَ مِن تَأبينِ قَوْسِ قُزَحَ / احْتضاراتٌ
في شَرايينِ الحضارةِ / شَجَرةٌ بِلا شَجَرةِ نَسَبٍ / وَأجسادٌ بِلا تاريخٍ/
ضِفْدعةٌ تَحْمِلُ عَلى رَأْسِها بُحَيْرةَ الشَّظايا / وَحْدَها اللحومُ
البَشَريةُ المهْتَرِئةُ سَتَذْكُرُ قُيُودَنا / فَلا تَبْكِ يَا جِلْدي /
سَيَبْكي الغُبارُ على أثاثِ بَيْتنا المهْجورِ / كَما تَبكي الرَّاهباتُ في
الأَدْيِرةِ البَعيدةِ /
شَكْلاً للأحلامِ المصَادَرَةِ كُنتُ /
سَيْفي الصَّدى الوَحْشِيُّ / وقلبي الصَّوْتُ الموحِشُ / فَيَا وَطَنَ اللصوصِ /
اقْتُلْني وَرْدةً / وَاترك السَّجانين يَرْتاحون في قَارورةِ الحِبْرِ / أنا
وَالشَّلالاتُ نَبِيعُ العِلْكَةَ عَلى إِشارات المرورِ في النَّهارِ / وفي الليلِ
نَكْتُبُ المنْشُوراتِ السِّريةَ ضِدَّ نَزيفِ القَمرِ / وَنُوَزِّعها عَلى
النَّوارسِ / أَصْوَاتُ الموْتى بُوصَلتي في شِتاءَ الجروحِ / صَوْتي مَبْحوحٌ /
وَمَا زِلْتُ أَبْحَثُ عَن الصَّدى /
تَعْشَقُ النِّساءُ اكْتئابي / وَأَعْشَقُ
نَباتاتِ مَقْبرتي / حَمَامَةٌ تُغنِّي مَعَ البَحْرِ أُغنيةَ الموْجِ / أجسادٌ
تَذوبُ تَحْتَ السِّياطِ / أَطفالٌ يَلْعبون باليورانيومِ المخصَّبِ / أُمهاتٌ
يَبْحَثْنَ عَن أسواقِ النِّخاسةِ لِبَيْعِ بناتهنَّ / دَمْعَةٌ خَرْساءُ تَنسابُ
شَلالاً يُغْرِقُ النَّهْرَ / شَوَاطِئُ تَدْمَعُ شَوْقاً إِلى بَحَّارةٍ /
دَخَلوا في تَاريخِ الماءِ / وخَرجوا مِن تاريخِ الدِّماء / أَنا خَائِفٌ يا
أُمِّي / لأنَّ الضَّبابَ يُمَثِّلُ بِجُثَّةِ الفَراشةِ /
أَيَّتها السَّنابلُ التي يَلْمَعُ لَوْنُها
كالألم / اسْكُبي في جُرْحِي أُغنياتِ الأراملِ / تِلْكَ الأزهارُ هَرِمَتْ قَبْلَ
عُكَّازِ الحضارةِ/ السِّجنُ دُنيا / وَالدُّنيا سِجْنٌ / فَيَا أَخِي السَّجان / كِلانا
غَرِيبٌ في مَدِينةِ الرِّعْشةِ/ والتاريخُ يَضُخُّ دَمَهُ في بَلاطِ الزِّنزانةِ/
تَموتُ النِّساءُ/ وَتَبْقَى أَرْقامُ هَوَاتِفِهِنَّ في دَفْترِ العَوَاصفِ / يَا
رِمالَ البَحْرِ الموَزَّعَةَ عَلى اللصوصِ وَالجِرذانِ النَّاضجةِ / بَاعُوا
أَوْردتي لِلحَمَامِ / يَا بَحْرُ / خُذْ رَقْمَ هاتفي/ واتَّصِلْ بِي/ لِتَطْمَئِنَّ
عَلى خَشَبِ تابوتي / يَبدأُ مَوْسِمُ تَزَاوُجِ الشَّوارعِ في سُعالي / والقِطَطُ
تتزاوجُ بَيْنَ أصابعي / والجدرانُ السَّميكةُ تَرْصُدُ أَجفاني / أنا المصْلوبُ /
ولا صَليبٌ سِوَى الطُّرقاتِ الحزينةِ / وَلا غاباتٌ سِوَى أشكالِ الأمواتِ /
أَفْتَتِحُ سُكُوتَ الزِّنزانةِ / لمعانُ
أظافري يَنعكسُ عَلى بَراويزِ الرَّاحِلِين / تَغْتَصِبني توابيتُ قَلبي / الذي
يُفجِّرني أعشاشاً للطُّيورِ الجارحةِ / اكتشفتُ مَجْزرتي قَبْلَ أن أَكْتَشِفَ
أعضائي / وَذَلِكَ وَطَني يَبْحَثُ عَن وَطَني كَي يَقْتلني /
عِنْدما يَأْتي المساءُ / يُولَدُ الأمواتُ
في جِلْدي / تَذُوبُ وُجُوهُ النِّساءِ في أَسْمنتِ الجدرانِ / أنا مَذْعورٌ يَا
حَضَارَةَ النُّعوشِ / لأني أَعيشُ في بَيْتٍ بِلا وُجُوهِ نِساء/ انْتَظِرْني
أَيُّها الشَّجرُ البَاكي / عِندما تَتعادلُ رَغْوَةُ الدَّمِ مَعَ رَغْوةِ
القَهْوةِ /
مِثْلَمَا تَرْجِعُ البَغايا مِن صَيْدٍ
ثَمينٍ / مِثْلَمَا يَذهبُ الملوكُ المهزومون إِلى مُضَاجَعَةِ الجواري /
مِثْلَمَا يُنظِّمُ الشَّواذُّ جِنْسياً مُظَاهَرَاتٍ في شَوارعِ الإِبادة/
مِثْلَمَا تَسْتَحِمُّ لاعباتُ التِّنسِ بِدَمِ الحيْضِ / مِثْلَمَا تُولَدُ
الأظافرُ المشروخةُ في أدغالِ محاكم التفتيش/ مِثْلَمَا تَسْرِقُ حُكوماتُ
الطاعونِ حَوَاسَّ الفُقراء / إِنَّها الحضارةُ العَمياءُ /
رَسَمُوا الصَّوْلجانَ على أَعْضاءِ
اليَمامِ / لَوَّحوا بِأَعْوادِ المشانقِ كأَعْلامِ القَبائلِ / سَرَقوا الحُلْمَ
مِن الحالِمِ / حَوَاجبي تَمْتَلِئُ بالألغامِ وَنِقاطِ التَّفْتيشِ/ يَبْزُغُ في
صَوْتِ الضَّحايا صَدىً جارحٌ / أَنهارٌ تَجْرِفُ الذِّكرياتِ / وَتَرْمي الجِيَفَ
في عُزْلةِ الياقوتِ النَّازِفِ / تَطْبَعُ مَمْلكةُ السَّناجبِ عَاصمتها / على
خَشَبِ السُّفنِ الغارقةِ / وَيَصْعَدُ النَّرْجِسُ الوَحيدُ مِن الزِّحامِ /
كُحْلُ المها أُنشودةُ القَتْلِ / تُردِّدها حَقائبُ السَّفَرِ / كُلَّما عَصَفَتْ
هَوادِجُ الإِماءِ في الصَّحاري / تَكَدَّسَ رَمْلٌ مُبَلَّلٌ بالدِّماءِ على
بَوَّاباتِ الموْجِ / مَاذَا سَيَفْعَلُ البَرْقُوقُ لِيَغْسِلَ مَاضِيه ؟ /
الجثثُ الطَّافيةُ عَلى مِياهِ الصَّرْفِ الصِّحي / لَيْسَ لِي أَتْباعٌ سِوَى
دِماءِ الفُصولِ / لَيْسَ لِي بَيْتٌ سِوَى قَبْري / أَنثرُ كُرياتِ دَمِي
لِلحَمَامِ / وَأَبي حِينَ قَتَلوه لَم يَجِدوا في جَيْبِه غَيْرَ الذِّكْرياتِ /
أَعشابُ قَبْرِهِ سِرِّيةٌ كأجنحةِ العَصافيرِ /
عَصَافيرُ الثلجِ تَرْتدي نَظَّاراتٍ طِبِّيةً
/ لِتَرى مِشْنقتي بِوُضوحٍ / وَطُرُقاتُ بَلْدتي حُلْمٌ يَتبخَّرُ / شَجَرُ
المقْبرةِ شَاهِدٌ على رَقصةِ النَّسْرِ الأخيرةِ/ نَمْشي إِلى قُبورِ آبائنا /
كَما مَشَى آباؤُنا إِلى قُبورنا / قُتِلَ البَحْرُ رَمْياً بِالرَّصاصِ/ وَأَوْصَت
البُحَيْرةُ أَن تُحْرَقَ جُثَّتها بَعْدَ مَوْتها/ كُلُّ أُسْطورةٍ سَتَنْتهي /
وَالمسيحُ سَيَكْسِرُ الصَّليبَ /
كَيْفَ نُطَوِّرُ
السُّجونَ لِتُصْبِحَ أكثرَ ضِيقاً ؟! / كَي يَرْتاحَ السُّجناءُ مِن عَمَلِيَّةِ
التَّنظيفِ / انتخاباتُ البَجَعِ مَسْرحيةٌ / جَاءَ الحزنُ العُشبيُّ قَبْلَ
قُدومِ الرَّبيعِ/ وانتحرَ الموْجُ قَبْلَ أن تَضَعَ السَّلاحفُ بُيُوضَها في
رِئَةِ الشُّطْآنِ /
لا تُرْسِل طَائِرتكَ الوَرَقيةَ في الأُفقِ /
إِلا بِتَصْرِيحٍ رَسْمِيٍّ مِن الحكومةِ / أُفَسِّرُ كَلامَ الموْتى للنَّوارِسِ/
دُمْيةٌ مَدْفونةٌ في قِيعانِ الشَّفقِ / وَبَيْنما كانَ العُشَّاقُ يُصَارِعُون
الأَرَقَ / كانَ الرَّمْلُ يَسْتَحِمُّ في لَيْمونِ الطُّرقاتِ .