الزوابع تغسل الملح في دموع الضحايا / قصيدة
للشاعر/ إبراهيم أبو عواد
...............
للشاعر/ إبراهيم أبو عواد
...............
ذَهَبَتْ أُمِّي إلى الموْتِ / وَبَقِيَ
عِطْرُها في الْمَمَرَّاتِ الْمُعْتِمَةِ / ذَهَبَ أبي إلى الاحتضارِ / وَبَقِيَتْ
ضَحِكَاتُهُ في سَرَادِيبِ القَلْبِ المكسورِ / رَائِحَةُ المطَرِ تَختلِطُ
بِرَائِحَةِ الْجُثَثِ الْمُتَفَحِّمَةِ / والأطفالُ يَرْكُضُونَ في بَراري
الكُوليرا تَحْتَ قَمَرِ الخريفِ /
يَا رَاياتِ القَبَائِلِ الْمُنَكَّسَةَ
بَيْنَ صُحُونِ المطبخِ وَثَلاجَةِ الموتى / أقْوَاسُ النَّصْرِ بَيْنَ نُهُودِ
الإِمَاءِ / والأغاني الوَطَنِيَّةُ تَذُوبُ كالشُّوكولاتةِ تَحْتَ شَمْسِ
الشِّتاءِ / وَكُلَّمَا بَحَثَ الفُقَرَاءُ عَن الْخُبْزِ في حَاوِيَاتِ
القُمامةِ/ وَجَدُوا الْجُثَثَ المجهولةَ في حَاوِيَاتِ القُمامةِ/فانتظِريني على
سَطْحِ بَيْتِنا المهجورِ/ حِينَ يَختلِطُ صَوْتُ الرَّصاصِ بِهَدِيلِ الْحَمَامِ
/ سَنَمُوتُ تَحْتَ أشِعَّةِ القَمَرِ / وَنُولَدُ طِفْلَيْنِ بَيْنَ الشَّهيقِ
والزَّفيرِ / وَتُولَدُ رَائِحَةُ المطَرِ بَيْنَ الصَّوْتِ والصَّدى / سَيَرْكُضُ
الأطفالُ في حُقُولِ السُّلِّ / ويَمُوتُ الجنودُ في الخندقِ الفَاصِلِ بَيْنَ
الرِّئَتَيْنِ /
يَتَّسِعُ صَوْتُ المطَرِ لِبُكَاءِ
أرَامِلِ الْحُرُوبِ / بَيْنَ مُلوكِ الطوائفِ وشُيوخِ القَبائلِ / فابْحَثْ عَن
رَايةٍ تُظَلِّلُ نَعْشَ البَحْرِ عَلى رَصيفِ المِيناءِ / يا أيَّتُها التِّلالُ
المقتولةُ بَيْنَ مَناديلِ الوَدَاعِ وَحُبُوبِ مَنْعِ الْحَمْلِ / نامَ النَّهْرُ
المذبوحُ في مَزْهَرِيَّاتِ غُرفةِ الاعترافِ / وصَوْتُ الرَّصاصِ يَنبعِثُ بَيْنَ
بَناتِ آوَى وبَناتِ أفكاري/سَتَبكي عَلَيْكَ أُمُّكَ أيُّها القَتيلُ/وَلَن
تُفَرِّقَ بَيْنَ مِلْحِ دُمُوعِهَا والمِلْحِ في خُبْزِ أعدائِكَ/
في لَيالي الشِّتاءِ القُرْمُزِيَّةِ /
يَنبعثُ صَوْتُ الرَّصاصِ مِنْ صَوْتِ البيانو / جَدَائِلُ القَتيلاتِ في
المزهرِيَّاتِ / ونَحْنُ نَمشي إلى أطيافِ الموتى عَلى زُجاجِ النوافذِ / والمساءُ
يَرْكُضُ إلى أقنعةِ المطَرِ في المرايا / والرِّيحُ تَكْتُبُ أسماءَ الضَّحايا
على زُجاجِ القِطَاراتِ / والثلجُ يَعْرِفُ وَقْعَ أقدامِ الْمُخْبِرِينَ / الذينَ
جاؤُوا كَي يَغتالُوا رَمْلَ البَحْرِ /
سَوْفَ يَرَى الغريبُ وَجْهَهُ بَيْنَ
الشَّاطئِ والشَّفَقِ / سَوْفَ يَتَذَوَّقُ المنبوذُ مِلْحَ دُمُوعِهِ بَيْنَ
الرِّجالِ الآلِيِّينَ والبَنادِقِ الآلِيَّةِ / وعَلَى القَاتِلِ أن يَختارَ
الضَّحِيَّةَ بَيْنَ الرَّصاصةِ وقَصيدةِ الرِّثاءِ / تَقتسِمُ الزَّوابعُ دُموعَ
أُمَّهَاتِنا / قَبْلَ أن يَقتسِمَ الجنودُ الغنائِمَ في مَعركةِ الذِّكرياتِ /
أيَّتُها البُحَيرةُ الأُرْجُوَانِيَّةُ
المقتولةُ بَيْنَ شَهيقي وأزرارِ قَمِيصي / ماذا نَفْعَلُ بِرَايَاتِ القَبائلِ
بَيْنَ قَميصِ عُثمانَ ورَأْسِ الْحُسَيْنِ ؟ / نَزيفي يَتَدَفَّقُ نَهْرَاً
بَنَفْسَجِيَّاً / وأخشابُ النُّعوشِ تَطْفُو عَلى دَمْعِ عُيوني / كَمَا تَطْفُو
الْجُثَثُ المجهولةُ على سَطْحِ النِّفْطِ / الرِّيحُ تَخْلِطُ الأوراقَ /
والقَتْلَى يَلْعَبُونَ / وَيَبْني الأيتامُ القُصُورَ الرَّمْلِيَّةَ / والموْجُ
يَهْدِمُها / ونَكْتُبُ رَسَائِلَ العِشْقِ / والْحَمَامُ الزَّاجِلُ يُضَيِّعُها
.