سيرة ذاتية

إبراهيم أبو عواد القيسي، مفكر، وشاعر،وكاتب صحفي من الأردن. ولد في عَمَّان 1982، لعائلة من شيوخ بني قيس/قَيس عَيلان(أكبر قبيلة عربية في العالم).حاصل على البكالوريوس في برمجة الحاسوب من جامعة الزيتونة الأردنية (2004).له اهتمامات واسعة في دراسات الكتب الدينية (القرآن الكريم، التوراة، الإنجيل )، والفكر الإسلامي، والفلسفة،وعلم الاجتماع،والسياسة ،والنقد الأدبي،والشعر،والرواية، والعلوم الطبيعية . متفرغ للبحث والتأليف.يكتب في أبرز الصحف والمجلات في الوطن العربي وأوروبا.له آلاف المقالات والدراسات، وعشرات الكتب المطبوعة،من أبرزها: [1]حقيقة القرآن [2] أركان الإسلام [3] أركان الإيمان [4] النبي محمد[5]دراسات منهجية في القرآن والسنة[6] العلاقات المالية والقضائية والسياسية والاقتصادية في القرآن [7] دراسات منهجية في القرآن والتوراة والإنجيل [8] الدعوة الإسلامية [9] منهج الكافرين في القرآن [10] العلوم والفنون في القرآن [11] العمل في القرآن [12] العلاقات الأخلاقية في القرآن [13] القصص والتاريخ في القرآن [14]الإنسان والأسرة والمجتمع في القرآن [15] بحوث في الفكر الإسلامي [16] التناقض في التوراة والإنجيل [17] صورة اليهود في القرآن والسنة والإنجيل [18] نقض عقائد ابن تيمية المخالفة للقرآن والسنة [19] عقائد العرب في الجاهلية[20]فلسفة المعلقات العشر[21] النظام الاجتماعي في القصيدة(المأزق الاجتماعي للثقافة. كلام في فلسفة الشعر) [22] صرخة الأزمنة ( سِفر الاعتراف ) [23] حياة الأدباء والفلاسفة العالميين [24]مشكلات الحضارة الأمريكية [25]الأعمال الشعرية الكاملة(مجلد واحد)[26] سيناميس (الساكنة في عيوني)[27] خواطر في زمن السراب [28] أشباح الميناء المهجور (رواية)[29]جبل النظيف ( رواية) [ يُمنع ترجمة أيَّة مادة في هذه المدونة أو نقلها بأيَّة وسيلة كانت إلا بعد الحصول على موافقة خطية مُسبقة من المؤلف إبراهيم أبو عواد، تحت طائلة المسؤولية القانونية، ووفق قوانين حماية الملكية الفكرية ] .

24‏/04‏/2020

الحتمية والاحتمالية في فلسفة المجتمع الإنساني

الحتمية والاحتمالية في فلسفة المجتمع الإنساني

للمفكر/ إبراهيم أبو عواد

............

     طبيعة العلاقات الاجتماعية لا تحكمها نظريات فلسفية مُجرَّدة، أو قوانين اقتصادية جامدة ، لأن العلاقات الاجتماعية تبتكر طبيعتها الخاصة ، وتؤسِّس قوانينها الذاتية ، اعتمادًا على التغيرات في مشاعر الإنسان وأحاسيسه ، والتغيرات في مسار المجتمعات والحضارات . وثنائية ( التغيُّر الإنساني / التغيُّر الاجتماعي ) هي الفلسفة الكامنة في أنساق الحياة داخل البُنى المعرفية وخارجها . والتغيُّر _ كنظام فلسفي حياتي شامل _ ينشأ بصورة مستمرة ، ويتولَّد باستمرار ، ضِمن مسار دائري تختلط فيه البداية بالنهاية ، لذلك لا يُمكن للإنسان أن يتنبَّأ بموعد حدوث التغيُّر ، ولا تستطيع الحضارةُ أن تتوقَّع مدى تأثير التغيُّر في الأنساق الحياتية .
2
     الحضاراتُ السابقة كانت تملك زُعماء وعُلماء ومُفكِّرين وخُبراء في السياسة والاقتصاد والثقافة وعِلم الاجتماع ، ومعَ هذا انهارت الحضارات السابقة ، وغابَ شمسُها ، ولَم يستطع أحد حماية حضارته من السقوط والاضمحلال ، وهذا يدل بوضوح على أن الحضارات محكومة بقوانين حتمية وأُطُر زمانية ومكانية ، لا يمكن تجاوزها أو التلاعب بها. وإذا حانَ موعدُ سُقوط الحضارة ، فسوفَ تَسقط لا مَحَالة ، حتى لو اجتمع الزعماء والعلماء والخُبراء لحمايتها . وإذا حانَ موعد وفاة الإنسان ، فسوفَ يموت قطعًا ، حتى لو اجتمع الأطباءُ الماهرون وأدويتهم الفَعَّالة وآلاتهم المتطورة .
3
     المشكلةُ الجذرية في أنساق التفكير الإنساني تتجلَّى في عدم القدرة على التمييز بين الحتمية والاحتمالية. فالحتميةُ هي سُلطة القوانين الوجودية الحاكمة على المشاعر الإنسانية والمنظومة الاجتماعية ، وهي سُلطة أساسية ودائمة ، وغير مُتأثرة بالزمان والمكان . والإنسان جاءَ إلى هذا العَالَم ، واكتشفَ وجودَ هذه السُّلطة ، ولم يَخترعها . أي إن وجودها سابق على وجود الإنسان نَفْسِه ، والإنسان تابع لها بإرادته ورغمًا عنه. أمَّا الاحتمالية فهي سُلطة القوانين التي وضعها الإنسانُ بنَفْسه لتدبير أُموره ، وتنظيم شؤون مجتمعه ، وهي سُلطة فَرعية مُتغيِّرة ومختلفة تبعًا لاختلاف الزمان والمكان وطبيعة الناس ومصالحهم ، ووجود هذه السُّلطة خاضع للإنسان، وتحت تصرُّفه. وهذا التمييز بين سُلطة القوانين الحاكمة ، وسُلطة القوانين المحكومة ، في غاية الأهمية، لأنَّه يُوضِّح الفرق بين الحتمية والاحتمالية ، كما أنَّه يُفَسِّر طبيعة التحولات الإنسانية والاجتماعية بشكل استباقي، مِمَّا يعني بالضرورة تَحييد عُنصر المفاجأة القاتل ، والسيطرة عليه ، ووضع خُطط للتعامل معه. وكما أن العَقل المُدبِّر الذي يُخطِّط للمعركة يجب عليه أن يضع خُطَّتَيْن : خُطَّة للانتصار ، وخطة للهزيمة ، لأنه لا يَعرِف المُفاجآت في طبيعة سَير المعركة ، كذلك المُفكِّر الذي يَدرس خصائص المجتمعات والحضارات ، يجب عليه أن يضع خُطَّتَيْن : خُطة ( أ ) التي تُمثِّل المسار العام للأحداث المرسومة على الورق، وخُطَّة ( ب ) وهي خطة الطوارئ التي تُمثِّل الأحداث المُفاجِئة على أرض الواقع. وكما يُقَال: الشَّيطان كامن في التفاصيل .

20‏/04‏/2020

الشيخ عون القدومي

الشيخ عون معين القدومي

.............

     وصلني سؤال مِن أحد الأشخاص يقول : هل تعرف الشيخ عون القدومي ؟. أنا لا أعرف الشيخ عون القدومي شخصيًّا، ولكنِّي أعرف والده الدكتور معين القدومي شخصيًّا . والقصة كالتالي : في عام 1997 ، كُنتُ طالبًا في الصف التاسع ، في مدرسة الأشرفية الإعدادية. وكان أستاذ اللغة العربية للصف السادس هو أحمد النعيمي ، الذي صار فيما بعد الدكتور أحمد حمد النعيمي ، الأستاذ الجامعي والكاتب المعروف . وكنتُ طالبًا نشيطًا في المجال الثقافي ، ومشهورًا في أوساط الطلاب والمُعلِّمين . وقد أهدى إليَّ الأستاذ أحمد النعيمي مجموعته القصصية الأُولَى ، وتوطَّدت بيننا العلاقة ، معَ أنَّه لم يكن أستاذًا لي . وفي يوم مِن الأيام أخبرني الأستاذ النعيمي أن هناك محاضرة ثقافية في المدرسة ، سيُلقيها الدكتور معين القدومي ، رئيس النادي العربي للثقافة والفنون ، الذي كان الأستاذ النعيمي عضوًا فيه . وبالفِعل ، تَمَّت دَعوة الطلاب المجتهدين في المدرسة لحضور هذه المحاضرة ، وكنتُ واحدًا مِنهُم . وألقى علينا الدكتور معين القدومي محاضرةً تتعلَّق بالفكر والثقافة والسياسة ، وكانت محاضرةً قَيِّمة ، أثَّرت في طريقة تفكيري ، أنا الطالب الصغير في الصف التاسع . وبعد أيام ، أخبرتُ الأستاذَ أحمد النعيمي برغبتي في الانضمام إلى النادي العربي للثقافة والفنون ، وقد طلب مِنِّي صورةً شخصية ، وأحضرتُ له صورتي ، وبعد فترة قصيرة أحضرَ لي بطاقة العضوية ، وصرتُ عُضوًا في ذلك النادي. وقد ذهبتُ إليه مع والدي وأخي الأصغر ، لحضور إحدى الفعاليات الثقافية ، والنادي  كان يقع في طريق الجامعة الأردنية . ولم أذهب إليه سوى مَرَّة واحدة فقط ، وانقطعتُ عنه .
     والعجيبُ أنَّني اكتشفتُ وجود كتاب في مكتبتي المنزلية بعنوان التخلف الشامل وهجرة الأدمغة العربية ، مِن تأليف الدكتور معين القدومي . ولا أذكُر كيف وصل هذا الكتاب إلى مكتبتي . وقد قرأتُ أجزاءً من هذا الكتاب، ولم أقرأه كاملًا، وهو يتحدَّث عن هجرة العقول العربية وأصحاب الشهادات العُليا إلى أمريكا وأوروبا، ومقدار خسارة الوطن العربي المتمثلة في هجرة أبنائه الأذكياء والعباقرة والعلماء . والكتابُ مُزوَّد بإحصائيات وكلام عِلمي ومنطقي، يدل على أن الدكتور معين القدومي مفكر كبير ، وباحث متمكن . وقد علمتُ مِن الإنترنت أن الدكتور معين القدومي تُوُفِّيَ عام 2012 ، وما زلتُ أذكُره عندما ألقى علينا محاضرةً رائعة وقيِّمة عام 1997 ، وأنا مُجرَّد طالب صغير في الصف التاسع ، وكَم تَمَنَّيْتُ عِندها أن أصبحَ مفكرًا وعَالِمًا عندما أكبُر. رحمك الله يا دكتور معين ، وغَفَرَ لك ، وأسكنك الجَنَّةَ ، وجَعَلَ كتاباتك النافعة في ميزان حسناتك .

18‏/04‏/2020

الصياد الحقيقي لا يصبح فريسة

الصياد الحقيقي لا يصبح فريسة

للمفكر/ إبراهيم أبو عواد

.............

     يُحاول الإنسانُ اكتشافَ العناصر المُحيطة به ، لكن الأَوْلَى أن يكتشف نَفْسَه ، ويغوص في أعماق ذاته بحثًا عن أسرار حياته المعنوية والمادية . والإنسانُ الذي يَجهل نَفْسَه ، ولا يَعلَم نِقاطَ قُوَّته ولا نِقاط ضَعفه ، هو أعمى البصيرة ، ويَسْبَح في الاتجاه الخاطئ ظَنًّا مِنه أن يَقترب مِن بَر الأمان، وهو في الحقيقة يبتعد عنه ، ويُقامر بمصيره ، ويُخاطر بحياته . ومَن باعَ نَفْسَه مَجَّانًا ، وقادها إلى الهاوية السحيقة ، فلا ينبغي أن ينتظر طَوق النَّجاة ، ولا يَطمع في وجود مَن يمدُّ له يدَ المُساعدة . وكما أن القانون لا يَحمي المُغفَّلين ، كذلك البحر لا يَحمي مَن لا يَعرِفون السباحة .
2
     يحرص الإنسانُ على اختراع مُبرِّرات لأخطائه، ويقضي وقتًا طويلًا في اختلاق الأعذار لمواقفه السلبية ، وهذا الوقتُ كان كافيًا لإصلاح الأخطاء ، وإعادة بناء ذات الإنسان المُتشظية في متاهة القرارات الخاطئة ، ولكن غُرور الإنسان وعِناده يَمنعانه مِن الاعتراف بأخطائه والإقرار بانحرافاته ، لأنَّه يَعتقد أن الاعتراف بالخطأ ضَعف ومَهانة ، وتَشويه لصورته اللامعة أمام الناس ، وبالتالي سيخسر اسمَه ومكانته الاجتماعية . وهذا الوهمُ القاتل يَدفعه إلى الغرق في أخطائه، والاستمرار في ارتكاب الحماقات والسلبيات، حتى يتلقَّى الضربة القاضية، ولا فائدة مِن الندم بَعد فَوات الأوان. ولو اقتنعَ الإنسانُ أن الاعتراف بالخطأ شجاعة ، والعَودة إلى الصواب فضيلة ، وأن أوَّل خُطوة لعلاج المريض هي اعترافه بالمرض وعدم المُكَابَرَة ، لَوَفَّرَ الوقتَ والجُهدَ ، وأعادَ القطار إلى السِّكة الصحيحة ، مِمَّا يؤدِّي بالضرورة إلى تعزيز قُوَّة الإنسان ، وزيادة مكاسبه على كافة الأصعدة.
3
     إذا لم تكن قوةُ الإنسان ذاتية ، ومُنبعثة مِن أعماقه ، فيجب عليه أن يُحاول جاهدًا بناء قُوَّته الذاتية ، وتفعيل عناصر الاكتفاء الذاتي بكل الوسائل ، ولا يترك مصيره في أيدي الآخَرين ، لأنَّهم سَيَلعبون به حتمًا ، ولا تُوجد مساعدة مَجَّانية ، وكُل دَعم له ثمن يجب دَفعه . والعاقلُ لا يَرمي كُلَّ أوراقه في أوَّل اللعبة ، بَل عليه أن يَحتفظ بأوراق كثيرة مؤثِّرة ، ويُخبِّئها للأزمات والشدائد وحالات الطوارئ . وإن عدم الثقة أفضل مِن الثقة العَمياء ، وكُل ثِقة ينبغي أن تكون مدروسة بعناية ، ومحسوبة بِدِقَّة ، وموضوعة في سياقها الصحيح . وإذا لم يجد الإنسانُ صديقًا مُخْلِصًا نَجَحَ في اختبارات الثقة وتجارب الحياة ، فالأفضل أن يعيش بدون أصدقاء . كما ينبغي الاحتفاظ بمسافة مع الآخَرين ( مسافة الأمان ) ، لتجنُّب تأثير طعنة الغدر ، التي قد تظهر في الأحوال المُتغيِّرة، تبعًا لتبدُّل القلوب والمشاعر. وقد سُمِّيَ القلبُ قَلْبًا مِن التقلُّب والتغيُّر. ولا بُد من فتح جميع النوافذ معَ كافَّة الأطراف ، والحفاظ على خَط الرَّجعة ، وعدم وَضع جميع البَيض في سَلَّة واحدة ، لأنَّ السَّلة إذا وقعت، ستكون الخسارة شاملة وعامَّة . وإن أخطر التَّحديات التي تُواجه مصير الإنسان وجَدوى وجوده يتمثَّل في تعاملُه معَ الحالات التي يكون فيها الخطأ الأول هو الخطأ الأخير . وهذه الحالاتُ في غاية الخطورة ، لأن هامش المُناورة فيها ضئيل ، والخطأ الأوَّل قاتل ، وسيُنهي كُلَّ شيء ، ولا تُوجد فرصة للتعويض وتدارُك ما فات ، ولا مجال لوجود مُحاولة أُخرى . والعاقلُ يبتعد عن هذه الحالات قَدْر الاستطاعة ، ولكن إذا فُرِضَتْ عليه ، واضْطُر إلى التعامل معها تحت ضغوطات مُعيَّنة ، فعندئذ ينبغي أن يكون في أعلى درجات التركيز ، فهو إمَّا أن يَربح كُلَّ شيء ، أو يَخسر كُلَّ شيء . ومَن أجبرته الظروفَ على التعامل مع الذئاب، فيجب ألا يَفترض حُسن النِّية ، وعليه أن يَحْمِيَ نَفْسَه بشتَّى الوسائل ، لكَيلا يُصبح الصيادُ فريسةً .

16‏/04‏/2020

الدكتور عبد الإله النجداوي

زميلي القديم الدكتور عبدالإله النجداوي

مدرسة الكلية العلمية الإسلامية

...........

     التحقتُ بمدرسة الكلية العلمية الإسلامية / جبل عمان ، في الفصل الدراسي الثاني عام 1998 ، وتعرَّفتُ على طُلاب ممتازين في هذه المدرسة العريقة ، ومِن هؤلاء الطلاب : عبد الإله النجداوي ، وقد كان طالبًا مجتهدًا، يملك قدرات فائقة على الحفظ والتذكُّر. وكان أستاذ اللغة العربية نعيم خاطر يسأله دائمًا عن مسائل الإعراب ، وكان عبدالإله النجداوي يُجيب بكفاءة عالية ، وكنتُ أعجب من قُدرته على الإعراب بشكل ممتاز، وكثيرًا ما رأيتُه يحمل كتاب جامع الدروس العربية ، للشيخ مصطفى الغلاييني ، وهو كتاب ضخم في النَّحْو ، وهذا يدل على حرص زميلي القديم على المراجع غير المُقرَّرة ، والاستفادة من الكتب غير المدرسية .
     كان عبدالإله النجداوي طالبًا نشيطًا ، ومسؤولًا عن الإذاعة المدرسية ، وقد دعاني في أحد الأيام إلى الاشتراك في الإذاعة المدرسية ، وإلقاء بعض الكلمات الصباحية على الطلاب ، وبالفِعل، حَضَّرْتُ كلمةً مُوجزة عن أحد المواضيع، واطَّلعَ عليها الأستاذ خميس عايش ( نائب مدير مدرسة الكلية العلمية الإسلامية ) قبل إلقائها، وقد اعترضَ على لفظة وردت في بَيت شِعر ، وتناقشنا معًا حول هذه اللفظة ، ثُمَّ حذفتُها ، وألقيتُ الكلمة على الطلاب لأوَّل مَرَّة ، وشعرتُ برهبة في بادئ الأمر ، لكنِّي واصلتُ الإلقاءَ بصوت ثابت ، مع أن نبضات قلبي كانت تتسارع . وذلك الشعور لا يُمكن أن أنساه ، ومنظري أمام الطلاب وأنا أُلقي عليهم الكلمة الصباحية حقَّق لي شُهرةً بين أوساط الطلاب ، وإنني أشكر زميلي القديم عبد الإله النجداوي ، الذي دعاني للاشتراك في الإذاعة المدرسية ، وشجَّعني على المساهمة في هذا النشاط ، رغم أنَّني كنتُ بعيدًا عن كافة الأنشطة .

15‏/04‏/2020

عبد الوهاب عيساوي لا يستحق جائزة البوكر

عبدالوهاب عيساوي

 رواية / الديوان الإسبرطي

 الجائزة العالمية للرواية العربية 

جائزة البوكر الفاشلة

...............

1
     الجائزة العالمية للرواية العربية ( جائزة البوكر الإرهابية ) هي داعش الثقافية، وقد ساهمت في تدمير الثقافة العربية ، وتحويل الروايات إلى نصوص مُؤدْلَجَة وشعارات سياسية تخدم سياسة النظام الإماراتي ( عيال زايد ) ، خُصوصًا أن دولة الإمارات هي الحاضنة لهذه الجائزة ، والمُسيطرة عليها . والنظام الإماراتي ( محمد بن زايد وإخوانه ) الذي دمَّر الدولَ العربية ، وسفك دماءَ الشعوب العربية ، هو نظام بدوي بدائي يُتاجر بالثقافة ، ويُقدِّم الأموالَ الطائلة للكُتَّاب العرب كرشوة لهم ، وشراء لذممهم . والنظامُ الإماراتي يُقدِّم نَفْسَه كنظام مُتحضِّر، معَ أنَّه نظام ضِد حقوق الإنسان ، ويَعتقل الأبرياء في السُّجون ، ويُقدِّمهم لمحاكمات غير عادلة .
2
     الكاتب الجزائري عبدالوهاب عيساوي مُنِحَ هذه الجائزة عن روايته الديوان الإسبرطي لأهداف سياسية، تخدم توجُّهات النظام الإماراتي ( عيال زايد ) ، فالكاتب الجزائري تحدَّثَ عن " الاحتلال العثماني " للجزائر ، ولعب على هذا الوتر الحَسَّاس ، لينال القَبول عند النظام الإماراتي المانح لجائزة البوكر . ولا يخفى أن الإرهابي محمد بن زايد تورَّط في محاولة قلب نظام الحُكم في تركيا ، وإسقاط الرئيس التركي أردوغان . وبما أن العلاقة سيئة بين محمد بن زايد وأردوغان ، مُنحت الجائزة للكاتب عبد الوهاب عيساوي ، لأنَّه لعب على وتر " الاحتلال العثماني للجزائر " ، وهذا ما يريده محمد بن زايد . وهنا ، يظهر تأثير السياسة بكل وضوح .
3
     جائزة البوكر العربية تحمل اسمًا إنجلزيًّا معَ أنَّها عربية ! . وهذا يعني التبعية للغرب والخضوع لهيمنته . وهذه الجائزة الإرهابية المشبوهة تُمنَح لأهداف سياسية بالدرجة الأُولَى، وهذا يُفَسِّر فشل كبار الروائيين العرب في الحصول عليها . وكُل رواية لا تَخدم وجهة نظر النظام الإماراتي ( عيال زايد ) يتم رفضها واستبعادها . وهذا يعني أن النظام الإماراتي يشتري المثقفين العرب بالجوائز النفطية ذات القيمة المالية العالية ، خصوصًا إذا عرفنا أن الكاتب العربي مسكين وفقير ، ويَبحث عن أي مورد رزق . وهو بالتأكيد لا يَقْدِر على العَيش من كتاباته .
4
     الكاتب الفلسطيني إبراهيم نصر الله ، عندما تحدَّثَ عن القضية الفلسطينية في روايَتَيْه : زمن الخيول البيضاء ، وقناديل ملك الجليل ، لَم تُمنَح جائزة البوكر له ، على الرغم من وصول هاتَيْن الروايَتَيْن إلى القائمة القصيرة . وعندما قام إبراهيم نصر الله بتغيير الموضوع ، وكتب رواية " حرب الكلب الثانية " مُنِحَ جائزة البوكر، مُكافأةً له على ابتعاده عن الروايات المتعلقة بالقضية الفلسطينية. ولا شك أن إبراهيم نصر الله لا يستحق جائزة البوكر عن روايته حرب الكلب الثانية ، ولكنَّ وجود الدكتور إبراهيم السعافين والكاتب محمود شقير في لجنة جائزة البوكر في تلك السَّنة ، وكلاهما من أصدقاء إبراهيم نصر الله ، ومِن المُقرَّبين إليه ، ومِن أبناء بلده، أدَّى إلى منح الجائزة للكاتب إبراهيم نصر الله عن روايته حرب الكلب الثانية ، ذات المستوى الضعيف ، مِن باب المُجاملة والمُحاباة والعلاقات الشخصية ، ومكافأة له على ابتعاده عن الكتابة في القضية الفلسطينية .
5
     الروائي السعودي محمد حسن علوان مُنِحَ جائزة البوكر عن روايته موت صغير ، وهو لا يستحقها بالتأكيد، لأنَّها تتحدَّث عن الصوفي ابن عربي ، مع أنها غير مُوثَّقة تاريخيًّا . والنظام الإماراتي يدعم التصوف ضد السلفية ، ومحمد بن زايد يحتضن مشايخ الصوفية ، وبالتالي ، مُنحت الجائزة للكاتب محمد حسن علوان ، لأسباب صوفية ! ، وليس أدبية . وقد استطاع الروائي الضعيف محمد حسن علوان اللعب على هذا الوتر الحسَّاس ، وتقديم خدماته للنظام الإماراتي ( عيال زايد ) .
6
     الروائية اللبنانية هدى بركات كاتبة ضعيفة ، وروايتها بريد الليل فازت بجائزة البوكر ، معَ أنها رواية ضعيفة وتافهة وعبارة عن مجموعة رسائل قصيرة ، والرواية كُلها 128 صفحة . والعجيب أن هدى بركات كانت تهاجم جائزة البوكر قبل فوزها ، ورفضت ترشيح روايتها للجائزة ، ولكن لجنة الجائزة طلبت من هدى بركات الترشح، وفي النهاية فازت الرواية التافهة بريد الليل . وهذه الفضيحة المكشوفة تدل على المُجاملة والمُحاباة، كما تدل على أن دار الآداب اشترت الجائزة بعلاقاتها الشخصية مع أعضاء اللجنة . ولا يخفى أن دار الآداب تمارس إرهاب الثقافة المُنظَّم ، وكما أن داعش تقتل أرواحَ الناس ، فكذلك دار الآداب الداعشية تقتل عقول الناس .
7
     كبار الروائيين العرب فشلوا في الفوز بجائزة البوكر ، وهذا يعني أن الجائزة لها أجندات سياسية مرتبطة بسياسات النظام الإماراتي البدائي ( عيال زايد ) الذي يُقدِّم نفْسه للعَالَم كنظام متحضر ومتقدم . والجميع يَعلم أن النظام الإماراتي ( محمد بن زايد وإخوانه ) نظام بوليسي قائم على احتقار المرأة ، واضطهاد الشعب الإماراتي الشقيق ، واستخدام أموال النفط لشراء ذمم الكُتاب والمثقفين العرب الباحثين عن المال ، عبر الجوائز الأدبية التي هي رشى للكُتاب العرب. ولا يخفى دور النظام الإماراتي وشيطان العرب محمد بن زايد في تدمير الدول العرب وقتل الشعوب العربية .
8
     جميع الروايات التي فازت بالجائزة العالمية للرواية العربية ( جائزة البوكر ) فشلت في إثبات وجودها في الغرب عندما تُرجمت إلى الإنجليزية والفرنسية وغَيرهما، وهذا يشير إلى عدم قدرة هذه الروايات على المنافسة في عالم الأدب والثقافة ، وهذا دليل واضح على أن العلاقات الشخصية والسياسية والمجاملة والمحاباة تسيطر على جائزة البوكر . وهذا يجعل مستوى جائزة البوكر في الحضيض . وهذه الجائزة الفاشلة المشبوهة هي لُعبة دور النشر العربية الكبيرة مِثل ( دار الآداب، المؤسسة العربية للدراسات والنشر ، دار الساقي ، منشورات ضفاف ) . وكلها دور نشر ضعيفة المستوى ، حريصة على الربح المادي عبر المتاجرة بعقول القُرَّاء العرب . وللأسف ، صارت الثقافة العربية أداة في يد النظام الإماراتي الإرهابي ( محمد بن زايد وإخوانه ) ، وهذا دمَّر الثقافة العربية ، وحوَّل الأدب العربي إلى سلعة سياسية تخدم سياسة محمد بن زايد القائمة على قتل العرب ، وتدمير الدول العربية .
9
      يوسف زيدان روائي ضعيف يلهث وراء جائزة نوبل مثل أدونيس ، وهو خبير في المخطوطات ، وليس له علاقة بفن الرواية، ومعَ هذا مُنح جائزة البوكر عن رواية عزازيل، لاعتبارات دينية تتعلَّق بالنصرانية (المسيحية)، ولا علاقة لها بالأدب والثقافة والرواية .
10
     الروائي الشهير الراحل جمال الغيطاني رفض ترشيح دار الشروق لجائزة البوكر عن روايته"من دفتر الإقامة " مؤكدًا أن طريقة التحكيم بالبوكر لا تليق بأي كاتب . والروائي الشهير إبراهيم عبد المجيد دعا كبار المبدعين والشباب إلى مقاطعة جائزة البوكر ، مؤكدًا على أنها جائزة أثبتت فشلها بجدارة ، ولا ينبغي أن يضع المبدعون أنفسهم تحت رحمة أعضاء لجنة التحكيم الذين أثبتوا عدم مصداقية الجائزة على مدار تاريخها .

11‏/04‏/2020

تاريخ الأمم والشعوب ومصيدة الحضارة

تاريخ الأمم والشعوب ومِصيدة الحضارة

للمفكر/ إبراهيم أبو عواد

.............

      لا يُمكن تحليل الظواهر التاريخية بمعزل عن البنية النفسية للأفراد والجماعات ، لأن التاريخ المادي انعكاس عن التاريخ المعنوي ، والأحداث الواقعية هي مِرْآة للصُّوَر الكامنة في النَّفْس البشرية . وعندما نتعامل معَ المِرْآة ، ينبغي التركيز على شفافية رُوح الإنسان الواقف أمام المِرْآة ، وليس شفافية زجاج المِرْآة وسَطحها المَصقول.وهذا الأمرُ يستلزم وضع حاجز ذهني بين صُورة الإنسان الحقيقية، وانعكاس هذه الصُّورة في المِرْآة. وهذا الحاجزُ ضروري من أجل التفريق بين الأساس والانعكاس . وكُلَّما ازدادت هذه الفِكرة رُسوخًا في بنية التقاطعات الاجتماعية معَ الزمانِ والمكانِ ، ازدادت قُدرةُ الفكر الإنساني على التمييز بين الفِعل ورَد الفِعل . وهذا يُؤَدِّي بالضَّرورة إلى التفريق بين الأشكال الاجتماعية ومضمونها المعرفي ، مِمَّا يُولِّد نظامًا معرفيًّا قادرًا على تحديدِ الوظائف الاجتماعية للعناصر والمُركَّبات ، وتكوينِ فلسفة جامعة بين إحساس الفرد بالحقيقة والحقيقة ذاتها، تُشبِه رابطة الوجود الجامعة بين إحساس الفرد بحرارة الشمس والشمس ذاتها . وهذا المبدأ القائم على العلاقة بين الإحساس والمَصْدَر يُمثِّل أساسَ النظام الحياتي بأكمله .
2
     الإحساسُ هو المادة الخام للألفاظ والمعاني، وإذا تَكَرَّسَ في الوَعْي الإنساني ، تَحَوَّلَ إلى تطبيق فِعلي على أرض الواقع. وكُل تطبيق فِعلي ( حَدَث واقعي ) هو بالضَّرورة تاريخ مَحسوس . مِمَّا يدل على أنَّ الترابط بين البنية النَّفسية التي تتكوَّن مِن الأحاسيس الظاهرة والباطنة، وبين التاريخ المَحسوس الذي يتحوَّل معَ مُرور الوقت إلى ظواهر تاريخية قائمة بحد ذاتها ، هو ترابط حَتمي واقعي فعَّال، وليس خيالًا ذهنيًّا، أوْ صُدفة عابرة. والظواهر التاريخية هي تراكمات للأفعال ورُدود الأفعال ، التي تقوم على الوَعْي الكامل بالمصير والمصلحة والسيطرة . وأيضًا ، إن الظواهر التاريخية هي عمليات منطقية بشكل كامل ، والتاريخ هو المنطق الخالص ، لكنَّ العَبَث والفَوضى يَظهران في سِياق التاريخ بسبب اختلاف زوايا الرؤية، وسُوء التَّقدير، وظُهور المُفاجآت غَير المُتوقَّعة،وعدم دِقَّة الحِسابات، وعدم دراسة احتمالات الرِّبْح والخسارة ، بسبب سَيطرة الطَّمع والجَشع والامتلاك والاستحواذ . وكما يُقال: مَصَارِع الرِّجال تحت بُروق الطمع .
3
     لا أحد يَدخل حربًا كي يَخسرها ، ولا يُوجد طالب يتقدَّم إلى امتحان مِن أجل الرُّسوب . جميعُ الناس يُريدون الفَوز والرِّبح والنجاح والانتصار ، ولكن هذه الأُمور مُجرَّد أُمنيات وأحلام ، ينبغي وضع خُطَّة مُحكَمة لتطبيقها على أرض الواقع . والفأرُ الذي وَقَعَ في المِصْيَدة لَيس غبيًّا ولا جاهلًا ، ولكنَّ تفكيره كان مَحصورًا في قِطعة الجُبن، وهذا أعْمَاه عن تحليل عواقب الأُمور . والفريسةُ التي تقع في يَد الصَّياد لَيست ساذجة أو عديمة الخِبرة ، ولكن عدم تحليل عناصر المَشْهَد أدَّى إلى خسارة حياتها . وفي أحيان كثيرة ، يَخسر الإنسانُ حياته ، وتنهار الأُمم والحضارات ، لأن الظواهر التاريخية لم تُشيَّد على أساس متين ، وهذا يَجعلها فريسة سهلة للفراغ والعَدَم ، مِمَّا يُؤَدِّي إلى سُقوط تاريخ الأُمم والشعوب في فَخ الحياة ومِصْيَدةِ الحضارة ، وبالتالي اندثاره وزواله إلى الأبد .
4
مَن أرادَ العَسَلَ ، عليه ألا يُفَكِّر في العَسَل لأنَّه نتيجة عادية، ولكن عليه أن يُفكِّر في كيفية تجاوُز إبَر النَّحْل، وإذا تجاوزها بنجاح دُون خسائر، فإنَّ العسل عندئذ يَكون تحصيل حاصل. ومَن أرادَ الانتصارَ في المعركة ، عليه ألا يُفكِّر في أقواس النصر وأكاليل الغار ، ولكن عليه أن يُفكِّر في كيفية إلحاق الهزيمة بِعَدُوِّه على أرض المعركة . ومَن أرادَ الوُصولَ إلى لَيْلَى، عليه ألا يُفكِّر في جَمَالها، ولكن عَليه أن يُفكِّر في كيفية التخلُّص مِن الذئب . وإذا تجاوزَ الفردُ العقبات بنجاح، فعندئذ تَكون كُل الأحلام والأُمنيات في مُتناول اليد . وفي الأمثال : لا تَعْبُر الجِسْرَ قبل وُصوله .