الشيخ عون معين القدومي
.............
وصلني سؤال مِن أحد الأشخاص يقول : هل تعرف
الشيخ عون القدومي ؟. أنا لا أعرف الشيخ عون القدومي شخصيًّا، ولكنِّي أعرف
والده الدكتور معين القدومي شخصيًّا . والقصة كالتالي : في عام 1997 ، كُنتُ
طالبًا في الصف التاسع ، في مدرسة الأشرفية الإعدادية. وكان أستاذ اللغة العربية
للصف السادس هو أحمد النعيمي ، الذي صار فيما بعد الدكتور أحمد حمد النعيمي ،
الأستاذ الجامعي والكاتب المعروف . وكنتُ طالبًا نشيطًا في المجال الثقافي ،
ومشهورًا في أوساط الطلاب والمُعلِّمين . وقد أهدى إليَّ الأستاذ أحمد النعيمي
مجموعته القصصية الأُولَى ، وتوطَّدت بيننا العلاقة ، معَ أنَّه لم يكن أستاذًا لي
. وفي يوم مِن الأيام أخبرني الأستاذ النعيمي أن هناك محاضرة ثقافية في المدرسة ،
سيُلقيها الدكتور معين القدومي ، رئيس النادي العربي للثقافة والفنون ، الذي كان
الأستاذ النعيمي عضوًا فيه . وبالفِعل ، تَمَّت دَعوة الطلاب المجتهدين في المدرسة
لحضور هذه المحاضرة ، وكنتُ واحدًا مِنهُم . وألقى علينا الدكتور معين القدومي
محاضرةً تتعلَّق بالفكر والثقافة والسياسة ، وكانت محاضرةً قَيِّمة ، أثَّرت في
طريقة تفكيري ، أنا الطالب الصغير في الصف التاسع . وبعد أيام ، أخبرتُ الأستاذَ
أحمد النعيمي برغبتي في الانضمام إلى النادي العربي للثقافة والفنون ، وقد طلب
مِنِّي صورةً شخصية ، وأحضرتُ له صورتي ، وبعد فترة قصيرة أحضرَ لي بطاقة العضوية
، وصرتُ عُضوًا في ذلك النادي. وقد ذهبتُ إليه مع والدي وأخي الأصغر ، لحضور إحدى
الفعاليات الثقافية ، والنادي كان يقع في
طريق الجامعة الأردنية . ولم أذهب إليه سوى مَرَّة واحدة فقط ، وانقطعتُ عنه .
والعجيبُ أنَّني اكتشفتُ وجود كتاب في
مكتبتي المنزلية بعنوان التخلف الشامل وهجرة الأدمغة العربية ، مِن تأليف الدكتور
معين القدومي . ولا أذكُر كيف وصل هذا الكتاب إلى مكتبتي . وقد قرأتُ أجزاءً من
هذا الكتاب، ولم أقرأه كاملًا، وهو يتحدَّث عن هجرة العقول العربية وأصحاب الشهادات
العُليا إلى أمريكا وأوروبا، ومقدار خسارة الوطن العربي المتمثلة في هجرة أبنائه
الأذكياء والعباقرة والعلماء . والكتابُ مُزوَّد بإحصائيات وكلام عِلمي ومنطقي،
يدل على أن الدكتور معين القدومي مفكر كبير ، وباحث متمكن . وقد علمتُ مِن
الإنترنت أن الدكتور معين القدومي تُوُفِّيَ عام 2012 ، وما زلتُ أذكُره عندما
ألقى علينا محاضرةً رائعة وقيِّمة عام 1997 ، وأنا مُجرَّد طالب صغير في الصف
التاسع ، وكَم تَمَنَّيْتُ عِندها أن أصبحَ مفكرًا وعَالِمًا عندما أكبُر. رحمك
الله يا دكتور معين ، وغَفَرَ لك ، وأسكنك الجَنَّةَ ، وجَعَلَ كتاباتك النافعة في
ميزان حسناتك .