يوميات امرأة تكره زوجها
للشاعر/ إبراهيم أبو عواد .
انتحر قميصُ النوم ، وانتصر قميصُ الأرق . دماءٌ عربية تتفجر في خدود شمس مدريد . أُحِبُّ البحرَ لأنسى البحيرةَ في زفيري. والنَّخاسُ يَفْحصُ أجسادَ الجواري اللواتي يفتخرنَ بحجم نهودهنَّ . بيتٌ مُحاصَرٌ يحترقُ هو قلبي . أنا راعيةُ أغنامٍ في قاع المحيط الأطلسي .
هذه مِقْصلةُ الموج . أحببتُها قبل أن أعرف الحبَّ ، وفتحتُ قفصيَ الصدريَّ لأسماك القِرْش . إن قلبي مِثْلُ البحر ، كلاهما ينتحرُ في الكهرمان . فَنَامِي يا معدةَ الشمس في نشيد المقاصل . وَحْدي مع العوانس ، والليلُ على رموشي جالس .
أنا وماما الفاتيكان صِرْنا عوانس . فلا تُشْفِقي عليَّ أيتها البحيرةُ العانس . أفتحُ قفصيَ الصدري بمفتاح سيارة المطر . اكتشفنا في جنازة الموج راهبةً مِثْلِيَّة . خُذوا الشاطئَ أسيرَ حَرْب ، لأنني سَبِيَّةٌ في حصار الياسمين ، والأميراتُ السبايا يَغسلنَ قيودهنَّ بدم الحيض . تاريخيَ الأرقُ شمسٌ تنتحر بعد وضع جنينها ، لكني أنام على ظهور أسماك القِرش .
أُمَّاه، أين الطريقُ إلى البوسنِيَّات المحجَّبات، فأنا لا أرى أمامي سوى لاعبات التنس الصربيات. سَأَحْرِمُ الزوابعَ من ميراثها في جسد الشمس. واحتفلت العوانسُ بالعوانس ، فأين ضوءُ الشموعِ يا ساعي البريد الذي يُرشد الرعاةَ إلى جنازتي السياحية . اعشقني أيها الموتُ لأَقتلَ اكتئابي بمسدَّس زَوْجي المصلوبِ على ستائر غرفة النوم بلا مَوْت . كأنَّ جاراتي يمسحنَ النوافذَ في خليج أمعائي ، ويَغسلنَ الصحونَ في قِلاع دمي .
ما جدوى الرومانسيةِ بعد ضياع الأندلس؟. يستخدم البرقُ المخزونَ الإستراتيجي للذكريات. وأحزانُ الصَّبايا في مساء العُنوسة تَرُشُّ في حُنجرة الريح السُّمَّ . لماذا أَحْبَبْتَني أيها الغبارُ الفَحْل ، أنا الفاشلةُ في سريان سرطان الثَّدي في صدر الأمطار. نُعلِّق أحزانَ نسائنا على الحيطان كالمسامير . فهل تتخيَّل أحاسيسَ الصراصير تحت أقدام العُشَّاق في حدائق الثلج الساخن ؟ .
أموتُ عطشاً ، فقد أُحيل النهرُ إلى التقاعد ، وانتحرت آبارُ الذاكرة ، واستقالت الينابيعُ من وظيفة البكاء . هاربةً من معركة الحب . أرسم نهراً أغرق فيه . وكرياتُ دمي البيضاء ترفع الرايةَ البيضاء. كأنني أَسْبح في جثة الغيم . هكذا يتحولُ الضحايا إلى أرقام على رُخام الأضرحة . فَكُوني يا أسماك القِرش ناعمةً ، وارحمي دموعَ الأرامل حين تأكلين أجسادَ البَحَّارة الرومانسيين .
كيف أنام والبجعُ يسكبُ الذكرياتِ على وسادتي والتماسيحُ تتزاوج في فِراشي ؟ . إنني مزرعةُ العُقد النَّفسية . هذا انتحاري جوازُ سَفَر للأشجار . أُحَرِّرُ أبجديةَ الفحم من حروف الصاعقة . أحلبُ الصحراءَ لكي تشرب الذكرياتِ أجفاني والحزنُ يَحْلبني. المساءُ مَحرقةُ العُشَّاق، وجيوشي تسقط في مصيدة الأرق . أنا وزَوْجي لم نتفق إلا على نوعية مضاد الاكتئاب .
يا امرأةً تسكب حليبَها في المستنقعات . يا تاريخَ العصافير المشنوقة ، خُذ الملكةَ فكتوريا ، واتركْ ذكرياتِ الفتيات المغتصَبات في ليفربول . إن جبهتي رصاصةٌ تطبخها النسورُ في المجرَّات . لا مكان في دمي سوى الفراغ . أنام في الشارع لأن النيازكَ تنام في سريري . والنهرُ الأرملُ تَزَوَّجَ الرياحَ البِكر فحزنت الصحراءُ المطلَّقة. أشربُ الهيدروجين في الماء وأترك الأكسجين لحِبر المشانق.
أَلُمُّ شَمْلَ الموتى في قفصيَ الصَّدري . أنا المرأةُ الوحيدة التي تُسجِّل الذكرياتِ باسم غاباتِ الدمع ، ويخفق لأنوثتها نبضُ قلب المشنقة . أَحْلِقُ شَعرَ النهر قبل زواجه من دمائي . والشموسُ الفضية تهاجر إلى مسامير النعوش المغطاة بالنعنع . هناك تفاحةٌ يَشْويها الرعدُ على شمعة . هذه دماؤنا يا أُمِّي عَشاءٌ على ضوء الشموع بين السَّجين والسَّجانة .
في حُنجرة الموج تبني العنكبوتُ بيتَها. إن الصحراءَ أجملُ العوانس في سوق النِّخاسة، والنَّخاسُ قد تقاعد . أُوَزِّعُ ذكرياتِ الرعد الطازجة على جثث الأرامل في المجرَّات . هذا البحرُ طفلٌ يتبع خطواتِ الأرامل في جنازة القمر . بلادٌ تبيع العوانسَ في المزاد العلني. طموحي أن أجد نَفْسي ، أن أبحث عن الذئب في الإنسان . هذه الرمالُ مُدمنةٌ على حبوب منع الحمل ، وكانت الفئرانُ أذكى من المصيدة .
إن الشتاء يُخزِّن جثثَ الجنود في عُلب السَّردين . وقلبي هو مَسْقطُ رأس الرياح. هكذا تتحول راعيةُ الغنم إلى راقصة باليه . قد رَمَيْتُ بكاءَ الأدغال في شاحنات نقل أكفان الجنود . كأنني حارسُ مرمى ناجحٌ في فريق فاشل. هذه أحزاني جمجمةٌ بين رصاصتَيْن . كأن حديد السجون يتغزل بالشطآن بعد انتحارها . يا وطناً يُولَد من شموع جنازة الطيور الجارحة ، ويموت على قفصي الصدري ، لماذا لم أكتشف الحبَّ في دموع اليمام ؟ .
أنا خائفةٌ يا أُمِّي من كُريات دمي . اصهريني في خيوط ثوبكِ . إن النمل الرومانسي يمشي في جنازة صراصير غرفة النوم. أرجوكَ دَعْني أَكرهْكَ . أُفكِّر في أحزان المطر بعقلية ضابط المخابرات، وأعانقُ خريفَ الشُّطآن بعقلية راقصة الباليه . فأين أنا في هذه المدينة الخالية إلا من الطاعون ؟ .
هؤلاء النسوةُ المستحمَّاتُ بحبال المِشنقة . أشربُ الشاي مع البَطِّ الميِّتِ احتفالاً بعيد ميلاد حفار القبور . مُشَادَّةٌ كلامية بَيْني وبين رياح الخماسين . هي الأحزانُ امرأةٌ مُغتصَبة لا ترى أبعد من مُغتصِبها . لستُ يُونُس ليقذفني الحوتُ ، لكنَّ جسدي فرشاةُ أسنان للحوت الأزرق . هناكَ ظِلُّ الصنوبر في مقبرتي يَكْسِرُ ظِلَّ الحزن في عيون أُمِّي . لكنَّ النَّاجين من المذبحة سَيَشْعُرون بالذَّنْب .
كأنَّ الجثثَ المختبئة وراء النظارات السوداء اسمُ أبي وهو يَضْرب أُمِّي . أبحثُ عن شرفي وأدافع عن شرف الغبار . مَنْسِيَّةٌ في إحدى زوايا المطبخ . الصُّحونُ أضرحةٌ. والملاعقُ حبالُ مشنقة غامضة . وسرطانُ الثدي يزحف على السيراميك .
إنَّ الشَّلال يَسْجن صوتَ الضحايا في البراويز . والعوانسُ الخائفات وراء شبابيك تُطِلُّ على جثتي هُنَّ وردةُ القَصْدير . أيها الوطنُ الذي يركض في جنازتي كالمطر المقتول على عُلب السَّردين، استرحْ في رئتي الصحراوية ، خُذْ كوباً من دَمِيَ الأخضر . وتَذَكَّرْ أُمِّي حينما تخيطُ أكفاني بخيوط الفجر في الشتاء ، فتصبح أعشابُ الصدى إبرةَ الأرملة الراحلة . سَيِّدي مَلَكَ الموت ، لقد أنهيتَ مسيرتي الرومانسية .
الشمسُ تَطبخ في نخاعي الشَّوكي الفاصولياءَ . أَروي عطشي بالعطش . رميتُ كريات دمي في الغِربال . أيها القمرُ الذي يَفتح بين التوابيت طريقاً للصدى ، خُذْ مَجدكَ في تلميع جثتي بأوسمة الجيوش المهزومة . سَأُطْلِقُ سَراحَ الشوارع المحبوسة في قفصي الصدري . فيا أيتها الطيور الجارحة النائمة تحت أظافري ، مَزِّقي أكفانَ الرمل . إن صراخ الضحايا يُخيط علمَ بلادي .
رموشُ القمر طريقُ الشاحنات . وخدودي استراحةٌ على الطريق الصحراوي . هذا دمي الثلجي وطنٌ بلا مطر ولا صحراء . أنا أغرق لأن دم القطط يدهن زوارقَ خفر السواحل . أُواسي النهرَ بعد فشله في ليلة الدُّخلة .
في الدَّير البعيد خلف الغابات المحترقة بالجنون ، راهبةٌ عمياء ماتت بسرطان الثدي . والعنكبوتُ نَسجتْ بيتها على حناجر بنات الليل . يا مطراً يَدخل في جثة القمر ، هذه عظامي كُحلُ بنات آوى في أدغال الراية البيضاء . عِظامي إسمنت مُسلَّح بالأحزان . إن الإسفلت يلعب بشراييني كما تلعبُ الرمالُ القمارَ في لاس فيجاس. قَتلتُ نَفْسي ثم مَشيتُ في جنازتها أمام عدسات التصوير . تتقمص الفئرانُ ذاكرةَ البشر . إن الطوفان نائمٌ وراء التل .
تلك المشاعرُ البلاستيكية لبنات القراصنة . حيث زوجاتُ البَحَّارة يَنتظرنَ استلامَ الجثث في الميناء . والمناديلُ تتزوج الرصيفَ البارد . أيها الإسفلتُ الذي يُولَدُ من قلوب البنات ويموتُ في بناتِ آوى . إن عظامي هي الغابة المحترقة بالهديل المغشوش . وحينما أموت تكتمل أسطورتي الجريحة . عَلِّمْني أيها التابوتُ جغرافيا العار لأكتشف قبرَ الفراشة في رموش المطر . فيا أخي السَّجان ، عَلِّمْني تاريخَ شموس الإسمنت لألمسَ خطواتِ السنونو على بلاط الزنزانة البارد . دَعْنا نتقاسمْ ماءَ الذكريات ، أشربُ هيدروجين العاصفة ، وتشربُ أكسجين الرمال . لم تعد الزنزانةُ تَتَّسع لأحزاننا معاً ، فَخُذ الفرحَ واتركْ لي الحزنَ .
وحيدةً كزوجة ضابط مخابرات كانت راقصةُ الباليه . وأنا المسافرةُ المهاجرة المنفية في مرافئ شراييني . يرشدني موتُ السنابل إلى حياتي ، وأقود قطيعَ الفراشات إلى قبر أُمِّي . كم أنا وحيدة أيها الحزنُ النائم في علب السردين الحجرية . قد ماتت الأرملةُ ، وبقي الغسيل على الحبل .
بلادي امرأةٌ باعت غشاءَ بكارتها في السوق السوداء. خُذْ مَجدَ شواهد القبور، واتركني أشرب الشاي مع زوجة حفار القبور . أبحثُ عن صورة أمي في دموع الفراشات . ودماءُ أرملة الطوفان هي براويز الذاكرة المنسيَّة . أيها الدودُ ، كُنْ رومانسياً حينما تأكلني .
أُعطي مشاعرَ راقصات الباليه لضباط المخابرات . وأُعطي أحزانَ الراهبات لخفر السواحل . قَضَيْنا حياتنا في المصاعد المعطَّلة كالنعنع اليتيم . إسمنت قفصي الصدري كمشاعر ضابط مخابرات اكتشفَ خيانةَ زوجته .
ما لونُ الوردة النائمة في حنجرة السمكة أيها البحر المقتول في أمعائي البلاستيكية ؟ . طفلةٌ تموت تحت أغصان ثلج أزرق يُولَد في قفصي الصدري ويموت في سرطان الثدي . كان الحمَامُ يطير بلا أجنحة ، وكنتُ أطير بلا ذكريات . لقد ضاع سريري وأنا نائمةٌ عليه . فلا تَلُمْني يا صابونَ غرف الفنادق . إن دمي إسفلتُ الحنين إلى اللاشيء . هل يَعْرف الأعمى لونَ قميص نوم زوجته ؟ . فلا تجرح الجريحةَ ، ولا تقتل القتيلةَ ، ولا تخن امرأةً خانتها سنابلُ المقبرة . أرجوكَ أيها الوهمُ اللذيذ ، لا تحرقني بالذكريات . إن عمودي الفقري أعشابُ الحكايات .
يا عشيقي الحزن. أتجول في صحاري الشفق باحثةً عن شرف البغايا . وضوءُ القمر يُصفِّي حِبرَ معدتي من صنوبر المقابر . إن قلبي مثل البطيخة ، لا يُعرف حلاوته إلا إذا غُرست فيه السكين . اعتزل الشاطئُ الحياةَ السياسية حِداداً على مقتل البحر . كالفقراء الذين يحملون على ظهورهم القمرَ ويبحثون في سلال القمامة عن جماجم آبائهم . نعجةٌ تُساق إلى المذبح والناسُ يرقصون . جسدي مدفون في جثة زوجي ، لكنَّ قلبي مُشَرَّدٌ في الشوارع .
قد تحوَّل راعي الغنم إلى عازف بيانو ، وتحولت راقصةُ الباليه إلى ضابطة مخابرات . في ذلك الكوخ المحروق بيانو مُسْتَعْمَل يَعزف على جثماني . يا ضوءاً يَصعد فوق حطب الذكريات . إن جُرحي أولُ الحكايات آخرُ أملاح البحر . فلتقفْ أيها الوهمُ في مُنْتَصَف عروقي كي أرى القمرَ يبكي في حضن الشمس .
الليلُ مَحرقةُ العُشَّاق ، والشفقُ يتدرب على زراعة الجوافة تحت أظافري، والقمرُ ينثر على رقعة الشطرنج جماجمَ الملوك لتلعب القططُ العمياء في شتاء المواقد النائمة . والملكةُ كاترين تَغسل الصحونَ في مطبخ بيتي. يا أيها النسرُ الذي يُضاجِع جثةَ النار ، متى سيشرب حطبُ المواقد حليبَ المجرَّات باليانسون المسموم .
أضعتُ عُمري في الأرق . وَحْدَها مُضادَّاتُ الاكتئاب التي تنام في سريري . والحبوبُ المنوِّمةُ سِيرك للثعالب المرقَّطة. أرى كلباً يأكل جثةَ الشاطئ . لكن تابوتي ينثره الذبابُ في صحون المطبخ.
أيتها العوانسُ المحنَّطاتُ في جِرذان المكياج . إن المساء يُزيِّن جثتي بالأوسمة العسكرية . أُفَصِّلُ من قضبان قفصي الصدري توابيتَ للمطر القادم من جثة أمي . نقتسم حبالَ الغسيل لكي تتَّسع الجنازةُ لكل طيور البحر . أُزيِّن جثةَ البحر بالورود الحمراء فأنسى شكلَ دمي الأخضر .
يا أُمَّنا التي تَلِدُنا وتئدنا. أَحْملُ نخلةَ الديناميت على ظهري. فالطريقُ ليمونةُ المذبحة، والرصيفُ امرأةٌ مسحوقة في أحضان زوجٍ تكرهه . اكتشفتُ الحبَّ بعد وفاة قلبي . شجرةٌ يغتصبها الطوفانُ تطلُّ على ضريحي . يا أُختي الزنزانة الانفرادية ، أنا وحيدةٌ مِثْلُكِ . يا أُختي السَّجانة ، أنا أُعاني من الفراغ العاطفي مثلكِ .
تلكَ العيونُ الخائفة إسمنت الذكريات . ودماءُ كلاب الحراسة إسفلتُ شرايين الرياح . إن عروقَ الصبايا تَرْصف شوارعَ الغثيان . والسنديانةُ الوحيدة هي شاهدُ قبر النهر الجريح . أطفالٌ يَحْملون جثثَ آبائهم ويركضون نحو الشمس التي تغرق في البحر. نرسمُ صورَ أمهاتنا على حناجر الزيتون . إِنَّ عُودِي أخضرُ لكنني أحترق . وسُدودُ بلادي خاليةٌ إلا من دمائي . فيا أيتها الغيوم الخضراء التي تُولَد في دماء الشفق وتموتُ في دمي ، لا تَقتلي النهرَ السائر في جنازتي .
يا شموساً تحترق في الزِّحام. حنجرةُ الرياح هي بصمةُ الموتى على لحم الياقوت . وَمُذْ مات الحوتُ الأزرق لم تتعطر أسماكُ القِرش . لن يَكْسِرَ عُزلتي إلا مَلَكُ الموت . أَتزيَّنُ للديدان أَلبسُ أجملَ أكفاني وأضعُ مكياجي قبل وفاتي لكي يستمتع الترابُ وهو يأكلني .
كونوا رومانسيين عندما تخونوني حتى تُولَدَ الذكرياتُ في حناجر الغابات . لا يقدر النهرُ أن ينام في أحضاني بدون حُبوب مُنوِّمة . أيتها الشُّطآنُ لا تُحِبِّيني ، إن قلبي مات . لا تذهبْ يا شجرَ الأمطار إلى منامي ، فقد كسر الشفقُ رموشي . أنا الرسولةُ والرسالةُ بعد انتحار ساعي البريد . لقد مات النهرُ بالسُّم . والليلُ يُشرِّح جثةَ الصحراء . لكنَّ رمالَ البحر ماتت بعد جرعة زائدة من المخدَّرات. والغزاةُ يُنقِّبون في أثداء نسائهم عن النفط . قد وُلدتُ في أرجاء الموت . والموتُ سوف يموت .
ذلك الرصيفُ عَلَيْهِ دموعُ الراهبات الموزَّعات في رصاص الحكايات كأرقام الضحايا كأرقام الزنازين كأرقام السبايا كأرقام السيارت الدبلوماسية كأرقام الأوسمة العسكرية للمهزومين . فيا جثةَ الغيوم تحت السيوف الصدئة ، ابتعدي عن صراخ الأدغال في أوردتي . غَسِّلني أيها الليلُ كي أبحثَ عَمَّن يُكفِّنني بجلود النسور . إِنَّ الخريفَ يَحْمل على رموشه جُروحَ المطر . ودماءُ القياصرة تَرْصف الطريقَ إلى الذكريات . أخافُ أن أصافح البحيرةَ حين يكون مزاجُها مُتعكِّراً .
أيها النسرُ الجريح ، اذهبْ مع زوجتكَ إلى حفلة الرقص ، واتركني للوسواس القهري . إنني أموتُ بين مشانق الكرز . لي سيادةُ صحاري القرميد على ذكريات الإِوَزِّ . تخبرني أنكَ تُحِبُّني لكني لا أُحِبُّ نَفْسي . تريدني ولا أُريدكَ . أَسمع رمالَ البحر تناديني ، لكنَّ المساءَ سَيَقْتلني في صباحات الياقوت .
إن رَبطةَ عُنق زوجي هي حبلُ مشنقتي . أنا رومانسيةٌ ، لكنَّ مَلَكَ الموت سَيَقْضي على رومانسيتي . أطعمتُ للعاصفة ظلالَ كلاب الحراسة . أحتاج نهراً يَكْسر عُقدي النَّفسية بالمطرقة . أنشأتُ عائلةً من رمال البحر . أُحِبُّ الحبَّ ولا أُحِبُّ ممارسةَ الجنس مع الجنون .
أيها الألم المكسور كأدغال الحِبر، لماذا لم تدافع عن بكاء القمر. إن قلبي سوبر ماركت للغرباء. يا حُزناً مُرَصَّعاً بأوسمة القادة المهزومين . لا أُريد أن أُحِبَّ ولا أُحَب ، فقد أحال المساءُ قلبي على التقاعد. والذكرياتُ تخوض في كبدي حرباً أهلية . نبشتُ قبرَ البحيرة شَرَّحْتُ جثةَ البحر . لماذا جاراتي يَنْشرنَ على حبل الغسيل جماجمَ النسور ؟ .
في ذلك الكوخ المحترق جرادةٌ تتعلم سباحةَ الفراشة . دَعُوني أُصافح الأشجارَ السائرة في جنازتي . لا أُحِبُّ أن أرى أحداً ، ولا أُحِبُّ أن يراني أَحد . اكتشفتُ نعشَ الليمون بين مُضَادَّاتِ الاكتئاب والحبوبِ المنوِّمة . فاسألْ ذَلِكَ الجنون ، لماذا تموتُ البحيراتُ في السُّجون ؟ .
زَوْجي يَتَزَيَّنُ للصدى ، وأنا أتزيَّنُ لحفَّار القبور . فيا شاطئاً يُولَد في جفوني ويموت في دموعي ، كيف أُصَادِقُ ضبابَ الموانئ وقد كسر الخريفُ أظافرَ البحر ؟ . خانتني المرايا في الحكايا . وبين أصابعي تنهمر نعوشُ الفراشات . يَتقلَّبُ الليلُ في فِراشه ، وتَتقلَّبُ الصَّحاري في فِراشي . إن الخريف مُصَابٌ بالأرق الشَّتوي .
أحزاني خاليةٌ من الكولسترول . وأُنقِّبُ عن عَرَق النيازك دماءِ المجرَّات . فيا حُزْنَ الأدغال في أغاني الأسرى ، أيها القاتلُ المأجور في أعصاب البحر . والبجعُ يكتب على شواهد قبور الغيم درسَ الرياضيات. أَضحكُ وأنا أُساقُ إلى المشنقة ، إن أسماكَ القِرش في حنجرتي ، ورمالَ البحر هي المحرقة .
أحتفلُ مع سَجَّاني بعيد ميلادي . فيا أيتها اليتيماتُ تحت الراياتِ المنكَّسة . لا أريد أطفالاً أُورِّثهم عُقدي النفسية ، ويُورِّثوني محبةَ أبيهم . سأضع جثتي في حقيبة سَفَري وأَرحل . أنا أُحِبُّ من أجل الذكريات لا الحب . لقد اكتشفتُ دمي الأحمر في الشاي الأخضر .
لم تترك الذاكرةُ للذكريات سوى برتقال يُولَد من التوابيت البلاستيكية . دخلتُ في وحشةِ الياسمين دموعِ البرتقال مَلِكاً مخلوعاً ، أَزرعُ أظافري في الغَيْم وأَخلعها. إن عمودي الفقري كوخٌ مهجور ، وكرياتِ دمي براميلُ بارود مَغْشوش.
في ذلك الصقيع الدموي أُمٌّ وابنتها تتنافسان على احتكار جُثة رَجُل . أنا انقلابُ الحزن على ذاكرة الأعشاب . وطنٌ للدموع عاش ومات في عمودي الفقري . والمشنقةُ هي المرأة الوحيدة في حياة زوجي . نِسْوةٌ مُحنَّطات في ثعالب المكياج . وبين أصابعي أبجديةٌ تَقتل لغةَ الأنقاض . تَزوَّجتُ الحكومةَ وطلبتُ الطلاقَ من الرَّمل . أمعائي تقودُ انقلاباً عسكرياً ضد معدتي ، وأنا أنقلبُ على رموشي . أتبرعُ لَكَ بقلبي ، فاعْشَق امرأةً غَيْري . هُنَاكَ صَوْتٌ يَحْرق ممالكَ الصدى . لكني خرجتُ من الاكتئاب ودخلتُ في الهوس الاكتئابي . فما فائدةُ انتظار الرومانسية ومَلَكُ الموت لا ينتظر أَحداً ؟ . هل يَقْدِرُ المحكومُ بالإعدام أن يُفكِّر في أنوثة ابنة الجيران ؟ . هل تَقْدِرُ المحكومةُ بالإعدام أن تُخطِّط لخيانة زَوْجها ؟ . لقد صارت جماجمُ الضَّحايا هدايا تذكاريةً . قليلٌ من الحب ، كثيرٌ من حُبوب منع الحمل .
بلادي، تِلْكَ الجثةُ المحترقة في أكسجين رئتي . سَامِحْني أيها البرقُ ، لم أَعُد قادرةً على حمل أمعائي، إن دماغي مملكةُ الجراد في أقصى مدى الرياح. وذكرياتُ غاباتي ماتت في شتاء الرصاص . لكنَّ العصافيرَ تَنْقر طُحالي في قمم الجبال البعيدة. صَدِّقْني أيها الرعد، لا يمكن أن تَصْلُبَ المصلوبةَ.
تأتي وجوهُ النساء المسحوقات في ثلج المدينة الحزينة. مَن النساء الدامعات وراء ستائر الصفيح الفسفوري ؟ . إن فترةَ اكتئاب الحقول كفترة الحيض للأشجار . أين ستذهب نظارتي الشمسية بعد موتي في ضوء القمر ؟ . لم تعد دمائي سوى بيتزا في مَطْعم مَنْسِيٍّ . أُصَادِقُ الأرقَ وأَخونُ الاكتئابَ ، لكني تاريخٌ مُوجَزٌ للعُقد النَّفسية. سأخدعُ أحزاني في طريق الشموس نحو الخريف . فلا تخن ذكرياتِ السبايا ، إن النخاس لن يتزوج . أسيرُ خلف جنازة الصحاري نهراً من الكَهْرمان ، تاريخي مكسورٌ ، وذكرياتُ أجفاني عُواء الذئاب في أيلول السَّراب . والشموسُ المستحيلة تتساقط في أحضاني . في أمعائي غابةٌ من قُطَّاعِ الطرقِ أصحابِ رَبْطات العُنق المخملية . أنا مملكةُ الأمراض النفسية ، وقلبي رقعةُ شطرنج تتقاتل عليها الصدماتُ العاطفية . في كُلِّ رحلاتي أحمل جمجمتي في حقيبة السَّفر . أنا أُحِبُّ لأَتعذَّب . إنني أستمتع بالعذاب . لقد تَعَوَّدْتُ على الاكتئاب فلا أقدرُ أن أعيش بدونه ، فسامحيني أيتها الحبوبُ المنوِّمةُ على نصال المقاصل الملمَّعة بِعَرَق الصَّبايا . مشغولةٌ أنا بترتيب مُضَادَّات الاكتئاب في معدة الأمواج . ونبضاتُ قلبي تُزعِج قططَ الشوارع .
في أمعاءِ الشفقِ سقوطُ الأقنعة عن وجه البرتقال . لكنَّ أبجديةَ البرتقال تغتصبني . والحشراتُ البلاستيكية تقضم جثمانَ الرياح . جسدي أغنيةٌ للموتى السائرين على أعصابي . أَحْمل قلباً قاتلاً بين ضلوعي ، وشراييني أسماكُ قِرش . إن الذكرياتِ تُروِّض سُعالي في شتاء المدن الباكية . لا أقدرُ أنا أنام لأن الدَّلافين تَسْبَحُ في معدتي ، وتَنْصُبُ مشنقتي في المطر .
مات الوطنُ في الأغاني الوطنية. لا أَثِقُ بِحُرَّاسي الشخصيين لأن الموت هو حارسي الشخصي. ورمانسيةُ البحر وَسَّعْتُها بجروحي. ذهبتْ جارتي إلى الموت ، وبقي حبلُ الغسيل على سطح الدموع الخضراء . إن الموتَ هو أبي الرُّوحي . وَحْدي في المعركة مُسلَّحةً بالذكريات ، خانني الأصدقاءُ ، وهَرَبت جيوشُ الفراغ ، فاتركوني أحتفل بعيد استقلال الضباب .
أحضانُ زَوْجي مقبرتي . وقَدَري أن أموت آلاف المرات في صحراء بلا شمس . إن عَقْلي هو القاتل ، وقلبي الضحيةُ ، وجسدي مسرحُ الجريمة . فاعتقلني أيها النهرُ . جبيني مِثْلُ جبينكَ ، كلاهما ذاهبٌ إلى الانطفاء . كُنْ يا زَوْجي شَوْكةً في حَلْقي لكي أَخونَ رُموشي مع ظلالكَ . سيأتي الانتحارُ في عَرَبات الأطفال . إنني أَحْمل في شراييني جُنوناً مُتوحِّشاً ، فافْتَرِسْني أو لا تفترسني . سَيَأْتي الموتُ مِن كُلِّ الجهات .