الحضارة المحنطة في الدموع ( قصيدة )
للشاعر/ إبراهيم أبو عواد
جريدة رأي اليوم الإلكترونية
لندن ، 22/5/2016
facebook.com/abuawwad1982
twitter.com/abuawwad1982
.......................
للشاعر/ إبراهيم أبو عواد
جريدة رأي اليوم الإلكترونية
لندن ، 22/5/2016
facebook.com/abuawwad1982
twitter.com/abuawwad1982
.......................
كَالعُصفورِ
الأَعْمى كَانت الحضارةُ
تُدَخِّنُ
الأشجارُ تاريخَ الذئابِ
وَالقُبورُ هِيَ
فَوْضى العَسْكَرِ
تُصَوِّبُ
الرِّمالُ نُباحَها بِاتِّجاهِ قَوَافِلِ القتلى
الرَّحيلُ يُطَوِّقُ
تِلالَ المطرِ
يَمْشي ضَريحي
تَحْتَ أَعْمدةِ الكهرباءِ في الوَطَنِ المنْطَفِئِ
فَلا تَكْرَهْني
يا أَبِي
لَم أُحَقِّقْ
أَحْلامَكَ المكْسُورةَ
أنا المسافِرُ
بَيْنَ سُيوفِ التَّتارِ وَخَناجِرِ الأشِقَّاءِ
أَتَقَلَّبُ عَلى
صُراخِ الجليدِ
سَتَمُرُّ في
قَارورةِ الحِبْرِ سِكَّةُ حَدِيدٍ
وَتَسقطُ طائرتي الوَرقيةُ
في أَوْراقِ الخريفِ
والبَنادقُ
تَعْرِفُ بَصْمَةَ أَجْفاني
خَزَّنْتُ دُموعي
في حَقيبةِ السَّفَرِ
خَبَّأْتُ أَكفانَ
أُمِّي في أَزْرارِ قَميصي
صَادقتُ الحمَامَ
الزَّاجِلَ
الذي يُوصِلُ
رَسائِلَ أَراملِ الجنودِ
والبَحرُ لا
يَدْخُلُ إِلى قَفَصي الصَّدْريِّ
إِلا بِتصريحٍ
رَسْميٍّ
لَسْتُ رَصَاصَتي
كَي تَخُونوها
وَلَسْتُ
أُغْنيتي كَي تُعْدِمُوها
لُغتي تَصْعدُ
مِن الحروفِ المقْتولةِ
وَعَرَباتُ
الشِّتاءِ الزَّرقاءُ تَغْزِلُ دَمْعاتي رَصَاصَاً
أظافري المشقَّقةُ
سَريرٌ للشَّجرِ
وَتِلْكَ
أَوْصالُ قِطَّتي المشْنوقةِ
يَا دَمْعةً
تتأرجحُ في أَحْداقِ اليَتامى
لا فَراشاتٌ
تَمْسَحُكِ
ولا تِلالٌ
تَحْرِقُكِ
يَا طِفْلاً يَذْهبُ
إلى المقْبرةِ بِلا كَفَنٍ
لا أَمْطارٌ
تَغْسِلُكَ
ولا حَقيبةٌ مَدْرسيةٌ
تَضَعُ فِيها أشلاءَكَ
تَجْري الصَّحاري في عُروقي
نَخيلاً لِلمُشرَّدين
وغاباتُ القلوبِ المكْسورةِ
حَطَبٌ
تَنْهَشُهُ مَواقدُ
العُشَّاقِ في الشَّتاءِ الدَّمويِّ
فيا أيتها الحضارةُ
المنسيَّةُ
بَيْنَ الرصاصِ الحيِّ
والرصاصِ المطاطيِّ
أَصْعَدُ أنا والأضْرحةُ مِن
وَهَجِ نَزيفِنا
نَلُفُّ على نَزيفنا حَشائشَ
الزُّقاقِ وَضَوْءَ الشُّموعِ
لَم يَأْتِ الضائعونَ كَي
يُنقِذوا قِطَطَ الشَّوارعِ
كَانوا يُجَرِّبون الأوسمةَ
المعدنيةَ
كَي يَعْرِفُوا الوِسامَ الذي
يُناسِبُ لَوْنَ القَميصِ
البابُ مَفْتوحٌ عَلى ثُلوجِ
اللهبِ
والهواءُ يَتجدَّدُ في
زِنزانة الموْجِ
وَقُيُودي تَتجدَّدُ مِثْلَ
جِلْدِ المطرِ
تَصْنعُ السُّيولُ مِن
فِرَاءِ الثعالبِ حَقائبَ للسَّيداتِ
ولَم يَأْتِ أطفالُ
الشَّوارعِ
كَي نَدْرُسَ تَعاليمَ الزِّنزانةِ
في الذاكرةِ الضائعةِ
ولَم يَلْمَعْ رُفاتُ
النَّخيلِ في الصَّهيلِ
وَلَم يَظْهَرْ وَرَثَةٌ
لِلبَحْرِ
سَتَلْمَعُ أَجنحةُ النُّسورِ
في شَهيقي
وَتُلَمِّعُ دُموعُ أَبي
خَنْجَرَهُ .