سيرة ذاتية

إبراهيم أبو عواد القيسي، مفكر، وشاعر،وكاتب صحفي من الأردن. ولد في عَمَّان 1982، لعائلة من شيوخ بني قيس/قَيس عَيلان(أكبر قبيلة عربية في العالم).حاصل على البكالوريوس في برمجة الحاسوب من جامعة الزيتونة الأردنية (2004).له اهتمامات واسعة في دراسات الكتب الدينية (القرآن الكريم، التوراة، الإنجيل )، والفكر الإسلامي، والفلسفة،وعلم الاجتماع،والسياسة ،والنقد الأدبي،والشعر،والرواية، والعلوم الطبيعية . متفرغ للبحث والتأليف.يكتب في أبرز الصحف والمجلات في الوطن العربي وأوروبا.له آلاف المقالات والدراسات، وعشرات الكتب المطبوعة،من أبرزها: [1]حقيقة القرآن [2] أركان الإسلام [3] أركان الإيمان [4] النبي محمد[5]دراسات منهجية في القرآن والسنة[6] العلاقات المالية والقضائية والسياسية والاقتصادية في القرآن [7] دراسات منهجية في القرآن والتوراة والإنجيل [8] الدعوة الإسلامية [9] منهج الكافرين في القرآن [10] العلوم والفنون في القرآن [11] العمل في القرآن [12] العلاقات الأخلاقية في القرآن [13] الإنسان والعلاقات الاجتماعية [14] بحوث في الفكر الإسلامي [15] التناقض في التوراة والإنجيل [16] صورة اليهود في القرآن والسنة والإنجيل [17] نقض عقائد ابن تيمية المخالفة للقرآن والسنة [18] عقائد العرب في الجاهلية[19]فلسفة المعلقات العشر[20] النظام الاجتماعي في القصيدة(المأزق الاجتماعي للثقافة. كلام في فلسفة الشعر) [21] صرخة الأزمنة ( سِفر الاعتراف ) [22] حياة الأدباء والفلاسفة العالميين [23]مشكلات الحضارة الأمريكية [24]الأعمال الشعرية الكاملة(مجلد واحد)[25] سيناميس (الساكنة في عيوني)[26] خواطر في زمن السراب [27] أشباح الميناء المهجور (رواية)[28]جبل النظيف ( رواية) [ يُمنع ترجمة أيَّة مادة في هذه المدونة أو نقلها بأيَّة وسيلة كانت إلا بعد الحصول على موافقة خطية مُسبقة من المؤلف إبراهيم أبو عواد، تحت طائلة المسؤولية القانونية، ووفق قوانين حماية الملكية الفكرية ] .

01‏/01‏/2010

كلام الفراشة الناعمة

كلام الفراشة الناعمة
للشاعر / ابراهيم ابو عواد
من مجموعة " كلام الفراشة الناعمة"
دار اليازوري / عَمان 2007م .
سِرْ تهيجْ مرضَ شباب الظهيرة
في بركان الضباب وخمود الجذوع
نبات متواطئ مع وهمه يصير علفاً
للدجاج المسحوب إلى دنيا الدموع
العروق المنسية للأشلاء السريعة
للأشياء المنفية في خريف الربيع
حينما ترى جثثاً مشطوبة تتمشى
على أسوار الخديعة في غياب الصراخ
مَن المرأة التي تنتظر تابوت زوجها
في أحجار المرفأ الفضي ؟
مَن البارود الصاعد من كبد الآبار
وهي تنام فينا ؟
والمراعي المسيجة تذوب على نافذتي
سكراً للشاي الغامض المخصص للجرحى
دكان أقامه الحريق الجسدي
للاتجار بالرؤوس المقطوعة
يا أيها النبي العالي
اسكنْ في جباهنا شموساً وبيارق
أغصان تنفث حممها اللالونية
على بيارات الخرير المحصورة
في طباشير القرى النائية
والنباتات المنزلية في حلقي
ماذا سأفعل بالزهور في ساعة احتضاري ؟
يا إله الحياة والموت يا إلهي الواحد
قَوْمي ينظرون إلي كما لوكنت شوك داري
سأجتثه وإن عطس هذا الغروب رماداً
ارتدى الحِداد ثياب الحِداد جراداً
لو مات الحِداد فلن يجد من يحد عليه
هذا الغياب حضور قصر الحمراء بلاداً
تواريخ الينابيع الصحراوية عطشُ الزهر
إلى ألمي المتشظي باتجاهات الحِراب
والألم يشحذ مواهبه ويشحذ على الأبواب
استيقظت مجزرة الورود مبكراً ثم توغلت في نومها فِيَّ
اتركيني لأخبر الوردات خارج الأزيز
في الحقول المهجورة أنني ذاهب إلى ربي
وصلاةُ الفجر المضيئة تحضنني أنا والمئذنة
فنهشم كوليرا سدود الأوثان
وعندما تضيع الأوطان أصير الأوطان
صوتاً صرتُ في أقبية البرق
والصدى مقاصل مفردها طعنةٌ
نباتِيٌّ السجان فكيف غزلت أسنانه
من لحمي خميرة حلوى ؟
ترمي غرناطة شِباك الصيد في الفجر
فتفزع الأدغال في قفصي الصدري
وتلتصق الشِّباك بعظماتي الأخيرة
أصرخ رغم تكميمي بخشبة محترقة
حفرت ملامحَ أبي :
(( مات قمري على سرير الشفاء ))
تُذبح المسْلِمات في الظلال الأسيرة
في القارات المجرمة المبتسمة للصحفيين
تربت المياه الجوفية على قَيْدي
ويذوب المسافرون في مسامير السكك الحديدية
محطة القطار في برشلونة القاتلة
إنها الواحدة بعد منتصف الحزن ورُبْع الأنين
كيف وصلت أشلاؤنا من الشمال
إلى مضيق جبل طارق بدون قطارات ؟
غريبٌ أنا كالبطريق المسافر في الصحاري
على رمال الفَرَاش أقصد نزفاً روتينياً
وحيدٌ كدمعة قلعة في وسط جيش مهزوم
مصَّت الشموسُ المغادرة حمرةَ خجل الحجارة
واحتوى النهرَ المشرد ملمسُ تنهيدة
مقبرة جماعية جديدة عند رحم أرملة
مزقته حضارةُ رعاة الأقمار الصناعية
وغزوِ التوت والبشر
وابل من الأمطار يحرق لثة الحجر
أيها الساكنون على سطوح العربات المذهَّبة
حتى لو قتلتموني وبعتم سيفي غير المذهَّب
فلن تقدروا على تحويل قبري
إلى فرو ثعلب من أجل باريس الفتيات
اسْتَسْلَمُوا في غبار ينكر نسبَ كثافته
على النحاسيات وتحفِ الكاتدرائيات
يقفز الكبت الجنسي في وجدان الكربون
مرزعة أوثان في عري الرهبان
لأن قمري منتصر حياً وميتاً
ها أنذا لحماً مسنناً يجاهد
كانت الأحزان تلميذةً مجتهدة
لكنها أضاعت دفتر الفيزياء حين شُرِّحت
زِيُّها المدرسي أُسر فلم يدر لَيْلي أنه بدأ
بالانسياب على حجرات المتاحف
التي تقلدت طعم الكاكاو ثم بُعثرت
يومَ سار البلاط المربع في قزحيات الأسرى
توحش مواءٌ على سطح منزلي
وذئبُ الدخان ينشر على ملاقظ الغسيل
حبالَ المشانق وأضواءَ بؤبؤ العين المدوية
مدن يقتحم بطنها نطفةُ السكوت
فتحبل بالسكوت وتلد جنينَ السكوت
إننا حنجرة المدينة نموت
كأنني الأندلس تنبعث فينا وريقات صهيل
علمني ساعدُ الصحراء في أوقات النزيف
كيف تصير الأحلام تلالاً
منشار النجار صامت في السوق الخرساء
واليباب يتزوج الخراب في حفلة صامتة
وباعت حروفُ الندى أصواتنا وظلالاً
والدي قادم من سَفر الديناميت
وإجازاتِ النرجس المسكون بالدم
سألبس أجمل سجوني وآتي مهنئاً
فإن تأخرتُ فلا تنتظروني على الغداء
ربما أكون قد تعثرتُ بجراحاتي
أو انشغلتُ بجمع تفاصيل جمجمتي المهشمة
على الرصيف الجانبي
وكلُّ طريقٍ أقواس دمعاتي
أفقد آثار شراييني على ارتباك الكهرمان
ولما أعود يسألني الشتاتُ :
_ أين كنتَ ؟ .
_ كنتُ أُصلَب .
_ إجابة منطقية في زمن هلوسة الوحوش .
السلام على سكان السماء والأرض
إن الأرض التي أنجبتنا أكلتنا
والعنكبوت تأكل شريك حياتها
كثبان من الدمع الأفقي يتصاعد
الصبار هجر شهوة ألمه واحتلني
وما زالت الصحاري تمطرني بخناجر العشق
وتفتش أغلالُ الأزهار في الأطلال
عن خواطر البحيرة وانطفاءاتِ الزبد
يا طرداً بريدياً لن يصلني
في شارع الوجوه المعجونة بالرعب
إلى جانب قلبي عيد خالٍ مني
لأول مرة سيخلو العيد مني
لن يتلمس نبضي اليتيمات الصغيرات
والعجوز المتقاعد يغزل قهوته ثوباً
في بيت المسنين المهيأ للرعشة
أطفأني حطب لإنشاء معمل شموع في البلوط
تصعقني شرارة انهمرت من سنابك الخيل
خطتي لاستعادة دمي ليست كربلاء
كلما خبأتُ نبضاتي في صندوق نحاسي
غطى عَرقي إغفاءةُ الضياء
أمسى وريدي محراثاً يتصدع
من منظر النار تغطيها الدماء
حَاصِر الليلك قبل أن يقتلك
فرُبَّ أسير عفوتَ عنه
وما دريتَ أنه قاتلك
أعود إلى مآذن طروادة
صفيحةً ملساء بعد أن عبَّدت
حافلاتُ الشنق إسفلتها فوق زندي
وجنونُ الطرقات يزيل حبيبات الشفق
عن آخر ساعات أصفادي
الوقت إنشادي والثواني مطر ناعم
أكثر سلاسة من صدور قرار حرق كتبي
وأحكامِ الأشغال الشاقة المؤبدة
بحق ضحكة الثلج الموسمية
شجرةٌ مصابة بالوسواس القهري
الأوردة الرخامية وأنوف الماء المطحونة
إناثٌ يتم بيعهن في الميناء العميق
إنه رصيف الحاويات الغريق
يرتاد صفيرَ البواخر المجنونة
حيث يتعلم العاشقون الغطس المختلط
أساقفة يبيعون الراهبات العقيمات
في السوق السوداء ليوفروا نفقات إطعامهن
تتسلل اليعاسيب إلى أعماق أرغفة الخبز
خوفاً من البيع في المزاد السري
لا أبناء لي يموتون معي
كما مات أبناء الحسين مع أبيهم
أرجوك أيها النحيب اهدأ قليلاً
استرحْ من عناء الترحال التفاحي
اترك مكانك للصليل ساعة القبض عليَّ
المغيب الأسير قاعد في ردهات المحكمة
وكل جزء في مدريد وسواحل الانهيار
قام كما تشتهي محاكم التفتيش
لكن مَوْتي ما زال يعيش
ملتهبٌ شِعري ومبسوط من مثلث برمودا
حتى جزر الكناري القاحلة اختناقاً
هل أزعجكم دمي المسفوح في شهر العسل ؟
وقَّع الشاطئ على شيك بدون رصيد
يا نخلةً منحنية على شُباك غرفة النوم
لعروسين في فندق مقبور في شبكية عيني
الشطآن زرقة بحر الغزاة عطشي وانتهائي
أركب أمعائي وأطوف في مدينة الأشباح
أحقِّق مع الطباشير المتروكة
على المعصم المقطوع جهة الغروب :
_ متى يأتي إلى وجوهنا الصباح ؟
أحتفظ بنسخة غير موثقة من أسناني
في أجفان المرايا الجريحة كي تتذكرني
ومفتاح حجرتي يدس أنفه في أسرار الندى
فجرٌ كاذب بكى فلم يصل المسافرون
إلا ورؤوسهم مقدَّمة على ورق الهدايا
أخبرتك جنونَ الإسفلت لسنا سبايا
رأس الزلزال مطلوبة
مجردةً من طيش الفهود
حملتُ مقصلة أبي تذكاراً للعصف الوردي
أيتها العواصم التي طَرحتْ بلعومي
أسهماً في السوق المالية
إنني نعش للأزهار الخارجة على سوط جلادها
ونعشي موطني حين تغلق المنافي
معدةَ نحلةٍ بأقفال الشوارع المطفأة
وتنتهي الإجازة المرضية للسيول
غربان تتحالف مع الشيطان
ليتعاظم نفوذها في مملكة الجيف
حزني أكثر أشعاعاً أقل أرصفةً
فأرة حامل تلد في حوافر جواد أعمى
تتعلم أنثى الرماد السحاقَ
في رائحة الكلور في مسابح فنادق البغاء
أنا المنبوذ تلقائياً المتهم الدائم
المطرود الموسمي في غير المواسم
تمنحني الشمس وشاحها فأفيق منتظراً
الضوء يلتقطني من ضوئي وإعدامي
إنني دولة الشِّعر جمهورية الكلمة
يدي جمهورٌ يستمع إلى أناشيدي
على بنصري ينكسر الحزن الفاصل
بين الشِّعر والرواية
بين الأعمال الأدبية للبرقوق
واسمِ مرضي فوق حصى المنكبَيْن
ليت اسمَ جَدِّي يصل إلى مثواه الأخير
في رداء يتألق على قرون ذبحتي الصدرية
وفي أحضاني تنام إشبيلية مذعورة
فتوقظها السنابل النازلة من عيوني
أنا العريس المقتول في ليلة العرس
ولا امرأة إلى جانبي
تلك الستارة الفولاذية تمزق مصب سعالي
والمذبحة زوجتي التي لم أرها في مرآتها
بل رأيتُها على محيط حبال شنقي
لأن الأجهزة الأمنية لم تسمح لي بالزواج
إلا في جنازتي الأسبوعية
لماذا رمى النعنع جوازَ سفره الدبلوماسي
في تشرد القمح ؟
لم أكتشف في قطار أحزاني سواي
وطالباتُ جامعة أكسفورد في ملابس السباحة
يأخذن الصورَ التذكارية عند جثة أمي
هديلُ أظافري المذبوحُ العفوي
والرمان الذكي يستدرجني
إن القمر ضربة قاضية تنخرني
المستحيل التدريجي يدب في الفحم
والعزلةِ التي تحتمل الانتشار
إن القمح النابت على حواف القلب
يتكرر في موت الخروب
والانتحار يحبو على حقائب بائعات الهوى
تبتكر صوامع الدخان في ضجر الأفيال
شبابيكَ للجمارك الموحشة
سرجاً ثقيل الظل لحمار وحشي
تنازلت الصواعق عن ميراثها في جسدي
والهدوءُ يبيع حصته البسيطة
من ثياب المسجونين المفرومة
خلاياي طاردة حلم مدافن الغربة
والأغلالُ تتجرع المشروبات الغازية
فوق مثواي الأخير في البيداء المغلقة
املأ العدم بشك قيوده حول وجوده
وهل ما زال حياً أم لا
الصنوبر المضطهَد والبارود يبتزني
فأعرف كيف أُشنق في بابل
وتتدلى قدماي على أرجوحة في هلسنكي
أراجيحُ الرماد بؤسٌ يتغلغل
في أوبئة عربات المرتزقة
مطارٌ عسكري في المسالك البولية للعار
تقترف فيه السيدات مهنة البيسبول
لم يدخل اللحمُ بيتنا
إلا عندما استلمنا جثتي الملطخة
بروابي الصليل الأخضر
كانت أوعيتنا الدموية المعاصرة
الفارسةَ الوحيدة التي تقتل حصانَها بيدها
إننا فرسان في غرف نوم الطواويس
على رفوف العطور النسائية
وغثاءُ سيل يشيِّعنا في الفراغ
المفعمِ بالحسرة الممتلئة بالخرائط المعدنية
أيها الوطن النائم في الطابق الأرضي
من خاصرة المعركة
ها هم الجنرالات يحصون عددَ أصابعهم
قبيل تعبئة حنان الصخور في براميل الشهوة
كم كنتُ بحراً عندما تركتُ خدودي مفتوحةً
لاستقبال الأنهار الراجعة من أسلاك الجريمة
قَدَما عصفور تخمشان رأسَ تمثال الزعيم
ويأوي الكلسُ إلى عتبات قصيدة الينبوع
الفرق بيننا أنكم تسمحون للذئاب
أن تكتب قصائدَها على مكاتبكم
أما أنا فلا تسمح لي قصيدتي أن أكتبها
انتظِروا انهيار تلعثم التراب
حينما تدهن أغنامي ألواحَ ذهن الحِبر
بصفائح السيليكون الخام
وأنتخب قلبي زعيماً لهذه الحقول
لا مبرر أن تلقيَ أسطواناتُ الغاز
الوردَ المهجَّن على موكبي
خلال مروره بالسحابة
التي يُتوقع أن أُصلَب عليها
أضعتِ وقتكِ أيتها البئر المثقفة
وأنتِ تنسِّقين إحصائيةً فخمة
عن عدد مرات تمزيقي
والجوع يخرج فيلماً وثائقياً
عن التفاصيل الكاملة لتشريحي حياً
أيُّ ظمأ ضغط على عتبة بيتي
لترقص خطاي على جِلدي ؟
أنا أُباع يومياً في بلادي
إذنْ أنا موجود !
عشُّ نسر في جوف برتقالة
تلقِّنني معادلاتِ الرياضيات غزالة
اعتقالُ ثرثرة الماعز وقانونُ الطوارئ
والمواطنُ المولود منبوذاً وخوفُ الشواطئ
يزرع في قرص العسل فخاً لكبريت الجليد
أطالب بنصيب أجدادي من وجه الحشائش
ماذا أريد ؟ ستائر العمر أم كتيِّب الموانئ ؟
حياةُ الشجيرات في قلب التشويش
لم يعد معجون الأسنان يعرف
هل مات أم ما زال يعيش
انفصام في شخصية الفضة
يعمل على البطارية المستهلَكة
والزبدة في وجبة مقتل السوسن
تصغي إلى نشرة الأخبار باليابانية
تعددت اللغات الأجنبية السائحة
في الأرض الموات
وخبرُ تذويبي بالأسيد واحد
أو متكرر على سارية الشتات
إن مستقبلي الممات
لا أشبه الحلاج
لكنني أُصلَب في عيد النيروز
تغتصبني مشاعر الزجاج
وألم من ركب النيل الفيروز
أيها البلد المقسَّم على موائد المرابين
وأوراقِ اللعب في قبعات المقامرين
وأوكارِ الأحزاب العلمانية تحت العشب
ومالكي الملاهي الليلية في بول ذبابة
وصاحباتِ محلات التدليك المسائي
إبطي العريق في حفريات الزقاق المنسية
مذيعاتٌ مثل أرجل الكرسي
مستلقيات في مغارات بيع النساء
يصرفن رواتبهن على الحليب الصناعي
ليحفظن حجم أثدائهن أمام الجمهور المنسي
مخيلتي نسرٌ مقطَّع ما زال يطير
من القبرات السجينات في الأغنيات
تنمو براعم الذكريات
تتفاقم غربتي أعبر إلى قمة حلمي
حيث أموت وحيداً كما جئتُ
وما إن جهزتُ دمي للرحيل
حتى تبادر إلى غضبي زلازل
وفجرتني قرب صوتي بلابلُ
وتكاثرت خلايا الندى في الصهيل
يسأل الماءَ البنُّ عن لون عمته
وتدمع أشجار الزيتون في طروادة
وتحزم حقائبها ولادة بنت المستكفي
أين تذهبين ؟ أين تموتين ؟
وقشَّرت ابتسامةَ الصخور السنين
غربتنا أبهى ما في الينابيع
وأجمل فجر في كل الأسابيع
ولكنْ في هذا الصباح المنساب
في فتحات الغربال المحموم
لن تتمكن الخادمات من إعداد العجين
لأننا نموت وأنتِ تموتين
أنا والبحر الميت نزور طبيب الأعصاب
لسنا نملك أجرة غرفة العمليات
انكمشت وجوهنا العابرة للقارات
لذلك يتركنا دجلة للموت
على خط المشاة في الشارع الرئيسي
نزفي وصل إلى النجوم وفق مقياس ريختر
يخزِّن مطرُ الكلمات القشَّ الحزين
في عواء الصخور
أنا أوردة مبعثرة في كيان مشتَّت
ولكنني أقاتل نفسي كي أجمع نفسي
أفاوض بلعومي على الاستسلام لصوتي
موكبٌ من المقاصل على شاربي
ويسرق حقولَ ذاكرتي أحاديثُ القرنفل
وأضواءُ مناجل الفلاحين بجانب التبن
سأختفي في صواعق مخدتي
لكيلا يصطادني التبغ في أفواه الجنود
وفوق جليد التقيؤ قرودٌ ملوَّثة
تحج إلى المعبد الوثني في الريف الإنجليزي
السلام على ملك الموت
لقد مت آلاف المرات يا سيدي
وزيارتك تعني ميتتي الكبرى
إلى الليل المختبئ وراء نظارته السوداء
قبيل تحميل البضائع في شراييني المبحرة
أنظر أركض أذهب يركض مصباحي
واضعاً خوفه في النجمات والمزهرياتِ المخدوشة
أطرد الباعة المتجولين في سكاكين تعذيبي
كما طرد المصطفى شعبَ الشيطان من خيبر
وكما طرد المسيح باعةَ الحمَام من الهيكل
سأحقن جبهةَ الورد بشظايا الدم العشوائي
وهو يقيِّد محيَّا الغابة الطريدة
اعْتَقَلوا أحلامي في فضاء المدينة
المسفوكِ على أجسام الألعاب النارية
لصوصٌ في مغارة عظمي العنيدة
يقتسمون ثيابي كالحلوى الفاخرة
في عيد ميلاد نبتة مغمورة
روحي المعتقَلة تغادرني دونما إذن مني
وفي أقمار الخمائل أقيم أبراجاً لا تاريخ لها
من تنهيدات القطن الشمسي
وأعرِّف الضجرَ بوالديه المهاجرَيْن
كي يهاجر معهم إلى جوازات سفر
تصير جسراً فخارياً فوق شلالاتي
عاملٌ ينظف دوراتِ المياه في المطار
وفي تمام الجرح الخامس ستقلع نظراتي
يخرج الشعير من فترة الخطوبة
بمعنويات مرتفعة وهو الآن يستعد للحصاد
زلزالٌ فقد أقاربه في أحد الزلازل
وطاووس يفتش تحت أنقاض ريشه
عن لون وبراكين خامدة
مديرُ السجن المتقاعد ورياحُ الخماسين
وتلاشي ثمود وهزيمةُ نابليون وهجرةُ الرياحين
ويبتسم سور عكا على هضاب أشعاري
توضع نقاط عمري على حروف الثورة
أحجارٌ من خيوط سكَّر الأمكنة المخملي
وخادمةُ قائد المغول تحشو أضراسها بأكفاني
أيتها الأندلس الواقعية التي تجيء كالذهاب
هل ستعيدين أعصابي المجدولة
على مساحات حقائب الآنسات
أم سأعيدك من جوف الخنازير المستنسَخة ؟!
عَبَروا المضيق
توابل من الأحشاء والعاجِ البحري
تلك الرئة تضيق
اختناقٌ تأكله جحافل الإفرنج
حدائقنا أكلتْ رمال صحارينا
في وجبات البؤس الدسمة
فخسرنا الصحراء والحديقة
قناديلنا سقطت على بلاط انتحارنا
كم تفتقدني بحارنا الصديقة !
أجدادنا يعيشون ونحن انتهينا
لا شيء يدعو للقلق !
الوديان تجرفني والرعد يواسيني
مَن المجرة التي تمحو نفوذها
في طواويس النهر وتفيق ؟
الصباحُ الملتهب حتى الثمالة يهاجر
والغيثُ يُجرح في الميادين فيُسافر
مَن الغريق ؟
لا شيء يدعو للقلق !
يرمي أسئلته الزمان ويندثر
دماؤنا الطريق
عنبر الحرائق حريرُ البارود
قلوبُ ملايين الشجيرات
على الحصباء الوردية
والدخانُ يعود من مكتبه مرهَقاً
يغزل جدائل قريتي أدغالَ حريق
أطرافي واقعةٌ تحت الانتداب الرعوي
طفلاتُ الجنود يجمعن الصدف
في ميناء البروق
ثم تمر عليهن حاويات البضائع
وكتائبُ العسكر والحروقُ
والنبيلاتُ الإسبانيات يغنِّين في الحانات
نبيذٌ من أحمر الشفاه البارودي
وفرسانُ الملكة السكيرون في مخازن الحبوب
يضاجعون عشيقاتهم ويُهزَمون
لكن دماءنا للشمس طريق
وفي احتدام العدم وزحمة الفراغ
يعدو السرابُ بحثاً عن حضن يبكي فيه
فلا يجد غيرَ السياط وسجانِه
أحلامٌ خشبية وعكازاتٌ لعجائز الإغريق
امرأةٌ لا أعرفها في واجهة الغسق الرقيق
تحضر لي طعاماً في السجن
ويتسلق الضياء على بصماتها
فوق حواف وعاء الأرز
ومات النسر
كم سراً دُفن معه ؟
وكأني أرى مصرعي يشرق ويشرق
في براعم نابتة بين عيوني
ضيَّع الحبَّ عُقابٌ ليصدِّق أنه غبي
ينهار سقف سوق العبيد
في زرقة الأحجار الكريمة
ترتيبُ الصحون على مائدة إفطار المخبِرِين
أكبادُ الجواري حقلُ غاز
اكتَشَفوه واحتَرَقوا راجعين من الملاجئ
فاكتشفْ _ حفارَ جرحي _ وجهي في وجهك
كي نغرس تاريخَ أجسادنا وزيتوننا
في خدود غرناطة خارج الخرائط
ونعلِّم القلقَ أن لا يقلق علينا
فإنا عائدون .