جنازة الفيلسوف المجهول
للشاعر / ابراهيم ابو عواد
من مجموعة " كلام الفراشة الناعمة "
دار اليازوري/ عَمَّان 2007م
لم يرجع من وجهي سوى المراعي
أنا الميت ضمنياً في جهة ما
الأفق النابت على هوامش رواياتي
السائر في هلع الشوارع
أوصي القرود أن يركزوا في مضاجعة نسائهم
ولا داعي أن يساندوني ثورتي
لأنهم أهل الكوفة الخائنون
ورأسي ليست رأسَ الحسين
عاصمتي غرور الضباب شلل ضفادع
كم مشت تحت أعمدة كهربائها
غرفةُ إنعاشي وشقائق النعمان
والضوءُ ينبش قبر جدتي
جرذٌ يخطب في مجلس النواب التابع
للطوفان الصاعد إلى رايات لا تعنيني
أشرعتي تسند بطنَها إلى رئتي الحبلى
تخط الرصاصاتُ تاريخَ ميلادي
على صداقة السدود
أجوبة الغسق على سطوح ممحاة الحلم
أرقُ الحِبر لحظة ولادة الكلمة
ويتجمع دخانُ السيارات في زهرة الوريد
المطل على يقين الضوء
سحبٌ تلتصق بحنيني
سقط حجرُ الخوف من قرميد النفي
إلى قاع سفينتي والبحرُ مجفف
ودستورُ الألم يعدِّل قانونَ أنيني
انعقد المؤتمر القومي للشياطين
مدينةٌ تولد من جراحي الحجرية
كانت المسدسات تنبعث في الخوخ
مثلما تموت الشلالات في قلبي
ماراً بكل دم امتصني
اكتشفتُ أنين المشهد الشعري
فلم أجد في تقاسيم رقبتي
غيرَ قريتي المحاصَرة
رصاصاتُ الحلم القمري تهزني
سمِّنوا بناتكم وزيدوا أوزانهن
لعلكم تحصلون على سعر جيد
من شيوخ البترول والنخاسين
اغسلوا أيديكم جيداً
قبل افتراسي والتهامِ عيوني مع التوابل
تصير أعضاءُ الفقراء الجديدة
قطعَ غيار على رفوف أجساد الأغنياء
يهودياتٌ صغيرات في صباح العيد
يغرقن دمي المؤقت المسفوح
على الهوادج في الفطائر الذابلة
سأحضن طرقاتِ المدن المحروقة
بالدعايات الانتخابية والرقص
على ذبول نظرات الشعب المسروقة
سأنتظر أمطاراً ترتب شعرَها
بعد أن تستيقظ من النوم
سأنتظر حشائش وفية لا تُسحَق
تحت بساطير المجندات الملمعة
سأنتظر شمساً سقط مشطُها
في أرض معركة خيالي
انتظروا قليلاً حتى أُقتَل !
لكي تتاجروا بجراحي المنشورة
في الصفحة الأولى من وجوه شعبي
وتفوزوا في الانتخابات المزورة
حيث تتعلم الصبايا والوزيراتُ الأنيقات
تفاصيلَ الموضة عند رسومات مذبحتي
يا بعض ذكريات النار
والهواجسِ في الأرض الدمار
في ليل تنهمر فيه جيف النسور
وتنزوي الريح لتبكيَ على اللاشيء
قرب ارتعاش السور
يهاجر بستاني إلى عموده الفقري
ليكوِّم شتاتَ العصور
اعذرني يا ملجأ أوبئتي
فقد نسيتُ طريقة محادثة الآدميين
لأني قضيتُ عمري في السجون
حيث تنبت مشاعر كلاب الحراسة
على عواطف عينيك والصمتِ
وحينما خرجتُ كان قمري قد غادرني
وجاء انطفاء المسابح المختلطة فرفضني
وتتكاثر المراهقات في الدروس الخصوصية
ويتكاثر لَيْلي واليانسونُ في المجاعات الخصوصية
والسكينُ المذبوحة تقتبس رقصتها الختامية
من اهتزازي على ظهور البجعة الطريدة
أنتِ يا من تمشين في أروقة جامعة هارفارد
بالتنورة القصيرة وفي يديك قصيدة عشق
ودفترُ محاضرات على هامشه هواتف الأصدقاء
والدفء يضرب في كانون ممراتِ الشتاء
آنسةَ العطش الصغيرة ذات الأظافر السوداء
إن وطن يُذبَح في كل الأشهر
في بريق الأحزان الجليدية الأمي
وهيكلي المدفونُ في هواء يعلو الموجة
هو انتشاري عند انهياري
لكنني أقف من جديد ذلك قراري
ليس حفلةً تنكرية
كلُّ أعراس اليمام تمر
من أمام عذاباتي القمحية
ينساني الفرح كالبريد المستعجل
وتركل تواريخَ ابتسامي غجريةٌ .