الجنود الألمان يغنون أغنية الفولغا
للشاعر / ابراهيم ابو عواد
من مجموعة " كلام الفراشة الناعمة "
دار اليازوري ، عَمَّان 2007م
النهر الخائف يقرأ في كتاب هزيمتنا
فتقلب الصفحاتِ جثة مجهولة الهوية
كيف يمشي الجيش والدود والأدغال
وشوقُ الزوجات الخائنات والمدافنُ البازلتية
نحو ستالينغراد وكلُّ راهبات برلين مرميات
في حليب الأمهات الملوث بالصلبان
قرب نقاط التفتيش وبصمات الأرامل الأميات ؟
الوطواطُ يعلق المشانق لأطفاله المتكلسين
في قاع أوامر القرميد العسكرية
ووصلتُ إلى ضوء نهايتي
لكن رجال الأمن لم يحددوا مسار جنازتي
ركضنا فسقطت أيادينا على رقعة الشطرنج
إغفاءةُ رعود في الجلود الخشنة
ما جنسية مصابيح المشيعين الخارجين
من أوحال النهر المطفأ ؟
أرى عيوني ونظراتِ المها خطة واقعية لتحرير الأندلس
كواكبُ شِعري تتقيأ على سطح مبنى المخابرات
رغوةُ الدم الذي يعاد تكريره
لَمْعته الأجراس انتحر الحراس
فأحبيني يا كشمير كي نحيا معاً وأموت وحدي
أيتها البغايا الآتيات من جنون البلاستيك
واللافراشة في اللاوطن
ارحمن الزبائن قليلاً
لتهدأ محركات سيارات نقل السجناء
الدائرة في حارات دماغي
لستُ لطوب المحاكم أقواسَ نصر
ارحميني أيتها النظارات الطبية
على عيون القشعريرة
أكوامُ النفايات في موعدة ولادة أثينا
على سرير العار المولود من أحجار المدفن
ورقُ غارٍ مشقق في دخان السجائر الملقاة
على البلاط بعد انتحار فتيات مونتريال
جسمي وأين جسمُ الأرض ؟
فليحيا الوطن المعزول عن أشجار البوظة البترولية
أنتفض رصاصةً تنتفضين مسدساً
خاصرتي للضوء ملاحم
أقارن بلوطَ الزنك بالثكنات العسكرية في سُرتي
بشر يستحمون بالهزيمة في هضاب الحِبر
كأن رصيفاً يبيع أعضاء امرأته قارباً قارباً
ليسدد ديونه المسجلة على جذور الصنوبر
قراءةٌ سريعة في ملامح الموتى
ملوكٌ لصوص وشعراء فاشلون ونساء تافهات
عندما تصير البحيرةُ مهندسةً معمارية
فلتساعدني في حفر عواطف الصبح بالإزميل
دمِّروني يا إخوتي بكل إخلاص
ثم اذهبوا مع عائلاتكم إلى التسوق
مضى الجند نحو ثلج الظلال
والغرقى يتصايحون مثل أطفالهم حول المواقد
في عتمة السعال عند منبع زرقة الوجوه
لم يأت البريد يا حجر النرد الواقف
في أبراج المراقبة المطلة
على شواهد قبور الإفرنج
طال انتظار زوجات الطيارين الراكضين إلى جهنم
أتى الدمار مال وجه المغيب على زواج المدافع
بينهم تذكارات للمساء الطري دمعاً
مات النهار في بطون الحوامل
وضابط اللاسلكي يرسل إشارات دمه
لكن أحداً لا يجيب
أمواسُ الحلاقة المستعملة تدرِّس الألمانيةَ
للموسيقيين العائدين من محبرة شنق طواحين الهواء
وموسيقى الجاز ترتب سريراً لعشيقة هتلر
على أعمدة الكهرباء في المحيطات
وتلوثِ شعير أبراج المراقبة في المعتقلات
والصبح يغطي أرضيةَ ملاعب البيسبول
بشعر حفيداته الأسيرات والتبنِ المسموم
وتمددت الوديان على مقعدي
في محطة القطارات الخرساء
تناثر روحي في الدعاء والتسبيح
أنَّا كارنينا تخون رائحةَ ظلها
وتذوب في حديد السكة الأبله
كأن الحطب سحالي تنقل على رموشها
كلَّ سلال القمح المعدني
والقمرُ يشرح لبناته قوانين نيوتن
"أنا" لا يشبهني ومستقبلي ورائي
فعدْ إلي يا أنا ولا تفرش العقيقَ السام
على حروف المدخنة في أرياف النزيف
أيها الموتى المكدسون قطيعَ جليد
في عربات القطار الخلفية
إن قطاع الطريق يخزنون مذكراتِ الخريف الأرجواني
في سائل القش المائي
وكَّلتني النباتاتُ كي أبكيَ عنها
فاختبأتُ في ذرة ملح تتزوج رغيفَ خبز
في أوداج الديناميت الأصلي
وما زال الأطفال يلعبون بالرشاشات
عند أضرحة آبائهم الموحشة
ويتدربون على دفن الجنود في العطلة الصيفية .