فراشات في عيون ثائر يحب هاشمية
للشاعر/ إبراهيم أبو عواد
من مجموعة "القرميد والإعصار"
دار اليازوري ، عَمان 2009م .
وحيدٌ أنا في محبرة الصليل
لأن جاري عامل نظافة على كوكب الزهرة
يا أموات المطر الجالسين
على سطور دفتر الكيمياء
لتلميذة تدخل في الشفق ولا تخرج
إذا مررتِ أمام قبر الحوت الأزرق
فاتركي سيفكِ
ونامي في قلبي لكي أقاتِل
حين أحبكِ أشعر أنني في الأندلس
أشرب عصيرَ التوت مع صقر قريش
أنتِ التراب في جسدي المنذور للبنادق الآلية
لم يشارك الجيرانُ في جنازة الريح
لأنهم مشغولون بلعب الغولف
ذئابٌ نحاسية تتصارع على كرسي البابوية
يا أيها النسر المغموس في عصير البارود
سنُقاتِل حتى يُعطوا الجزيةَ عن يد وهم صاغرون
والأرضُ تذوِّب جمجمتها في كوب نسكافيه
انقلابٌ عسكري تقوده العوانس
ودستورُ أشجار البكتيريا يكتبه دلعُ البنات
إنها النار الخضراء نسرٌ عجوز
يصطاد أطيافَه الشابة
وبناتُ الريح تركنَ جثتي في الشارع
وذهبنَ يقرأنَ عن تفاصيل ليلة الدخلة
بغدادُ شقيقة الشمس
سأحضنكِ أمام أرملتي
أيتها الزهرة الطالعة
من عظام الرعد الحمراء
كوني دمي لأتنفس ألواحَ صدر الريح
وأنتِ ذاكرة اسمي يوم أنسى اسمي
أمام جدائل ظلكِ الصاعد
أتذكرين ساعة التقاء وَجْهَيْنا
على وجه نهر يحفركِ فيَّ قنديلاً للعشق
يا عاصمة دماء الفراشات الطالعة
من غبار المعارك
بغدادُ وشمُ جسد الريح
قرب نار القصيدة
أنتِ معشوقتي التي لا تخونني
حين أغيب في أسماء العشب البنفسجية
في أضلاع القمر شمسٌ تقاتِل الصدى
عند مدخل بيت العزاء
يا خيولاً تركض في أجفانها
أين عربة الكحل
التي يغفو فيها المحكوم بالإعدام ؟
بين مشنقتي ومقصلتي
فاصلٌ من الأغاني الوطنية
صَلَّيْتُ الجنازة على نَفْسي والناسِ
وأشجارُ الدمع تصلِّي عليَّ
في مواسم تغيير الجلادين
فلتصعد السيوفُ إلى أجفان نجمة
تنحت سَفَرَها على فوهة مسدسي
يا ناراً تسير في شوارع الكوليرا
كالأسود المخدرة
كحافلات النقل العمومي
كالانقلابات العسكرية
كالأمراض النفسية للبنات المغتصَبات
كصالة الرقص المخصصة للأميرات
كقبور الحكام المرتدين المشتعلة
كالعار الأفقي
كأثداء البقرات التي تغنِّي
على شاشات الويسكي
إن شطآن السل على نوافذ الكاتدرائية
فلا تصدِّق الكوليرا التي تتساقط
من أطراف أصابع العشب
قلتُ للريح تعالَيْ يا أختي
لنبكيَ على بكائنا الطيني
مطرٌ ينهمر من أحداق الغضب
ويحرق كتبَ الإبادة المقدسة
يا أيها العالم العنكبوتي المخصص
للطغاة وتجارِ الرقيق الأبيض
وتجارِ المخدرات
والزانياتِ في عواصم الإبادة
اللواتي يتاجرنَ بفروجهن الجرباء
وحلماتهن المستهلكة
كأحذية رجال الأعمال الراكضة
على محيط دائرة الخريف
ويقاتل الفقراءُ في المعركة
ليظل الأغنياء في المسابح المختلطة
هكذا تنام الديناصوراتُ
في أزرار قميصي القديم
لأن العشاق الذين يأكلون الدجاجَ
في المطعم المهدوم
لا يشعرون بألمه ساعة ذبحه
كأنني مرآة جارنا المشلول
في المساء السحيق
إن غزلان الياقوت تستلقي
في خيوط حجابكِ
ارحمنا يا مَلِكَ الملوك
نحن العبيد الحفاة
الذين تنقر جثثهم الديوكُ
أنجبتني غاباتُ الرعد
فتزوجتُ كل الخناجر
إنها دموعي الراقصة الوحيدة
في عرس الأنهار
لم أبع ذكرياتِ جارتي
لأشتريَ عطراً فرنسياً للظربان
إذا اتحدت براويزُ عائلتي
على أسوار المجزرة
اشتعلتْ في الكواكب خيامنا العذراء
وامتص حصى المخيم خلخالُ راقصة
تحفر بلاطَ البحر بعينيها
اعتني بصحتكِ يا سيدة المنافي
لترقصي برشاقة في حفل تأبيني
لن يجدني الغرباءُ
لأني خرجتُ من نفسي
وعشتُ في جسد الريح
محاصَراً بالآلهة الكاذبين
سأحرقها بحبي لله
الأثداءُ الجرباء لمذيعات مزارع الرقيق الأبيض
والأرصدةُ السرية لأصحاب مطابع صكوك الغفران
وطفولةُ محاكم التفتيش
وشرائعُ التطهير العرقي المقدَّسة
قرب صفيح جوربي رئيسُ جمهورية
يعمل بعد انتهاء الدوام الرسمي لصَّ آثار
وماسحَ أحذية الهستيريا
لينفق على جيشه المهزوم
وطفولةُ أشجاري مرآةُ الشركسية
في الزقاق الذي أُعدمتُ فيه
ولا تزال تبكي عليَّ
أرجوكِ يا صاحبة العباءة السوداء
في ليلة القَدْر
أن تتوقفي عن غسل الرياح بدموعكِ
خضتُ مليون معركة وبقيتُ حياً
لكن لمعان عيونكِ قتلني
بيننا كلُّ الحواجز الأمنية
ونقاطُ التفتيش والكلابُ البوليسية
حتى حبي الأبدي أسقطوه
كما أَسقطوا جنسيةَ النورس
علِّميني الانقلابات العسكرية
لأخلع حبكِ من نخاع عظمي
ليتني كنتُ ضباباً أحمر
على نافذة غرفتكِ
لن أخون ذكراكِ
حتى لو راودَتْني امرأةُ العزيز عن نفسي
فأنا أحببتكِ قبل أن أرى سيارتكِ المرسيدس
لكنني سأضحك على قلبي
لأقنعه بأنني نسيتكِ
أريدكِ أن تصلِّيَ عليَّ صلاةَ الجنازة
بعد أن يشنقني عصيرُ البرتقال
وهذا وجهي موسم هجرة البجع
واليورانيومُ ينهمر من أطراف أصابع الماء
أمرُّ على بيتكِ المهجور
ألثم ظهيرةَ الأزهار
وأحضن الدلافين الطائرة
فوق أغصان العمر
لأن الحياة الزوجية للغسق مستقرة
رغم أنه غير متزوج
اتركيني يا أخطاء العشب
على عرش البكاء وحيداً
لأني سأُعطِّر أكفاني
قبل الدخول على الملِك
إنني النورس المجاهد
الذي يمسح القبةَ الخضراء
بجِلده المتفجر حباً
مذ رأيتُكِ في ليلة القَدْر صرتِ قَدَري
يا هاشميات :
(( أَسْعِدْنَ أَوْ عِدْنَ قَليلَ العَزاءِ بِالإسعادِ
إيهِ لله دَرُّكُنَّ فَأَنْتُنَّ اللواتي يُحْسِنَّ حِفْظَ الوِدادِ )) .