القتال حتى يوم القيامة
للشاعر/ إبراهيم أبو عواد
من مجموعة "القرميد والإعصار"
دار اليازوري ، عَمان 2009م .
جمجمة النهر جالسة
على عقارب الساعة
وظلالُ العنكبوت تقضم خواتمَ القمر
تقيأ العشبُ ذهباً
أرصف به طريقَ الرعشة
وفضةً أخزِّنها في خبز المطر
إن نسبة الكوكايين
في دم سور المقبرة عالية
كأحزان قوارب الصيد الفارغة
ملوكُ الوحل أشباحٌ
وملكاتُ انقطاع الحيض سبايا
يا مَن تبني أكواخَ البط
في شمال الاكتئاب
وتنتظر امرأةً تقتلكَ
في محطة القطارات الفارغة
كأني أربِّي النمورَ تحت أظافري
وخلف قضبان الريح
أسوأُ نوبات جنون حارس الكاتدرائية
ودودةُ القز تدَّخر الاكتئاب في جوربي
صَلَّيْتُ بالأشجار إماماً
وألغيتُ شيكاغو من خريطة القلوب
قطتي هربتْ من أضواء السيارات
وتشردت في أدغال عروقي
بعثتُ للرياح قلبي في طرد بريدي
والله يبعث من في القبور
ليت دمعي اختصار اسمكِ
أيتها المنفية داخل الشرايين الضيقة
سيفُ النبي وخيولُ الملائكة وأقواسُ النصر
ومساجدُ الأندلس التي حوَّلها الغزاة
إلى كنائس سنحررها
لا أُذني رعشة العروس
التي باعها أهلها
ولا جِلدي سجاد لأميرات أوروبا
النارُ ماء الرجفة
ازرعني في الصليل لأكسر انكساري
خطيبتي الرياحُ
وصليلُ أحزاني توتٌ بري
فلتقطفني الرعود
أنا حمامة في الحرم المكي
لكن الصهيل يصطادني رماحاً
بين حذائي وجوربي علم أمريكا
وبغايا شيكاغو يُشجعنَ الجنودَ القتلى
في فيتنام
وينشرنَ نبيذَ الديمقراطية
في دماء الأسطورة
في غرفة التحقيق مروحةٌ حجرية
من مخلفات الديناصور الرومانسي
إن صلاة العيد في زنزانتي
خذوا رقمَها من طفولة النهر
انتظرتُ قروناً لكن أحداً لم يزرني
لا أطفال لي يختارون مقصلةَ أبيهم
وأختار لهم ملابس العيد
يا أيها النمر الذي يرضع من شمس السجن
كالشبح الأرمل
هارباً من أضواء السيارات
والعوانسُ على الشرفات
ينتظرن صوتَ القطار
يا من تحملين دكتوراة
في الهندسة النووية من أكسفورد
وتذهبين لرعي قطعان الأسود في أنيني
كوني قناعاً للحنين لأرسم على نعشي
وطنَ البجع المنبوذ
محاكمةُ الهديل
ودموعٌ يتيمة على الوسادة الوحيدة
مثلما ينطفئ لاعب كرة القدم تدريجياً
لصوصُ الآثار في نشيد الصدى صدى
وعمالُ محطة القطارات
ينزفون لبناً لمراعي الطاعون
وحدَها البحيرة من ستحمل اسمي
وتسير إلى أعشاب كلام الزوبعة
يا كوخي الراكض
في شرايين الضوء السحيق
غابةٌ من الدماء الفضية
والأوردةِ المقطوعة عند أطراف الضباب
وحصاني يجدِّف في أمواج الشفق
سمعتُ أنين البطيخ
بينما كان القمح يحصدني
يا أيها البرتقال
الذي يكتشف في منصة إعدامي بئرَ نفط
وفي حبل مشنقتي حقلَ غاز
وفي عقل ذبابة براري السل
خزَّنتُ في نخاع المطر صحاري البارود
لأن دمي خريطة الرمل الأخضر
وبندقيتي ترفرف في كبد الحوت
قطاراً سريعاً
أشجارُ اليود ومراعي المستحيل
أمشي إلى ضوء المشنقة
منقوعاً في السيانيد
أنا من أذَّن لصلاة الجمعة في الفاتيكان
ولحمي مسجدٌ للأنهار تصلِّي فيه
لو كنتُ مَلِكَ الرفات
لكان الحزنُ ولي العهد
بين فراشاتي وعينيكِ
تبني النيازكُ مجدي
للجسد الأعزل فضةُ الملح وذهبُ الدموع
ولقبي السجين عبورُ أصدقائي القتلى
إلى ضفة الشفق الشمعية
فرشاةُ أسناني قناع حبل مشنقتي
وزجاجةُ عطري مصفاةُ نفط للسنونو
دخلتْ شراييني في عزلة الريح النهائية
وتاريخُ عيوني أعواد المشانق
واندلاعُ السوسن الجبلي
لا تأمرني يا بلاط السجن أن أُغنِّيَ
هل يستطيع الجائع أن يُغنِّيَ ؟
هل يقدر المشنوق أن يتسوق
في أعماق البحر ؟
كنْ شاشةَ اليورانيوم يوم يذهب العشاق
إلى صالة السينما في قاع المحيط
قَاوِمْ يا اسم الورود المائية
لا وجهكَ مرقص للأميرات
ولا عمودكَ الفقري مصعد
في القصر الجمهوري
كبدي مخزنٌ للديناميت
لا الألعابِ النارية
فليأتِ الغزاة إلى عتمة توابيتهم
في المساء المشتعل .