جنازة خالتي أم مروان
للشاعر/ إبراهيم أبو عواد
من مجموعة " القرميد والإعصار "
دار اليازوري ، عَمان 2009م.
امتص طيوري قلبُ المساء
يا قناديل الشارع الخلفي
تنشرين الغسيلَ على حبل مشنقتي
في منتصف الليل
وتقطفين دمي عن شجرة الغضب
والرياحُ تقرأ وجهَ النار
نيابةً عن المذنَّبات المملحة
بعَرَق الشهداء
جماجمُ البشر أحجار شطرنج
على طاولة الصليل
لو كانت زوجتي الموجةَ
لاختبأتُ في قفصها الصدري
وكسرتُ المفتاحَ بأجساد الورد
مثلما تختبئ البوسنيات الناعمات في قصائدي
هرباً من المجازر المعتادة
لو كانت زائرةُ قبري شركسيةً
لركضت الأشجارُ وراء ثوبها
تتكاثر قطعان السيارات في شوارع حُلمي
كأعواد المشانق
كيف أنسى يا خالتي طعامَ الغداء
في بيتكِ الهادئ قرب الطوفان
واليانسونَ الذي يسكبه الشفق في سعالي ؟
آلهةٌ من تمر فلتأكلها نارُ لغتي
بالطول والعَرْض
ولأصعدْ إلى أبجدية الرياح
نقياً تحت شمس الله
أنا خليفة الله في الأرض
يا اكتئاب الأزقة السحيقة
والمصابيحِ المتوحشة
ألم تشبعْ من قلب أنظمة الحكم
في أدغال رئة الحمامة
جَمَلٌ يدخل في أمعاء الشتاء
فتنهمر من جفوني الخناجر
لن تجدني عند أراجيح الشفق
لأني رحلتُ إلى تكبيرة الإحرام
أنا السجادة التي تصلِّي عليها
الغاباتُ والشطآن
وعروقي تتشمس
في أطياف الثلج الوردي
مخنوقٌ أنا لأن حيطان سجني
تدخِّن السيجارَ
جمجمتي عكازةُ العاصفة
والشاطئُ يتوكأ على جسدي النحيل
على أجنحة الرعد قيلولةُ الشجر
وللتوت البري نسيان الحجارة
ما أجمل أن تكون أميرات أوروبا
جارياتٍ في بيتي
وعلى الضفة المقابلة للهديل
كلبُ صيد أحول
يقيم في حذائي المهجور
نظاماً علمانياً
لستُ أنا المسيح
ليرفعني الله إليه
ولم أعملْ ماسحَ أحذية أسماك القرش
في قاع المحيط
السلامُ عليكِ يا خالتي
السريعة كدموع الغيم
السلامُ عليكِ يا خالتي
البطيئة كأرجوحة الغروب .