العواقب الخطيرة لسب الصحابة خاصةً علي بن أبي طالب
للكاتب/ إبراهيم أبو عواد
[1] عن أبي سعيد الخدري _ رضي الله عنه _ قال : قال النبي صلى الله عليه وسلم : (( لا تسبوا أصحابي فلو أن أحدكم أنفق مثل أُحُد ذهباً ما بلغ مد أحدهم ولا نصيفه ))[ متفق عليه. البخاري ( 3/ 1343 ) برقم ( 3470 )، ومسلم ( 4/ 1967)برقم ( 2540)] .
[2] عن أبي عبد الله الجدلي قال: دخلتُ على أم سلمة_رضي الله عنها_ فقالت لي : أَيُسَبُّ رسول الله ؟!، فقلت: معاذ الله أو سبحان الله أو كلمة نحوها، فقالت: سمعتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : (( من سَبَّ علياً فقد سَبَّني ))[ رواه الحاكم في المستدرك وصحَّحه ( 3/ 130 ) برقم ( 4615 ) ، ووافقه الذهبي . وأحمد ( 6/ 323 ) برقم ( 26791) ، وقال الهيثمي في المجمع ( 9/ 130) : (( رواه أحمد ، ورجاله رجال الصحيح غير أبي عبد الله الجدلي وهو ثقة )) اهـ ، والنَّسائي في السُّنن الكبرى ( 5/ 133) برقم ( 8476 )، وابن أبي شيبة ( 6/ 371)برقم ( 32113)، وأبو يعلى( 12/ 444) برقم ( 7013) والطبراني في الكبير ( 23/ 322) برقم ( 737 ) . قال الهيثمي في المجمع ( 9/ 130 ) : ((رواه الطبراني في الثلاثة وأبو يعلى ورجال الطبراني رجال الصحيح غير أبي عبدالله وهو ثقة )) اهـ .
قلتُ: قال ابن حجر عن أبي عبد الله الجدلي في تقريب التهذيب( 1/ 654 ) : (( ثقة رمي بالتشيع )) اهـ . وقال الزهري في الطبقات الكبرى ( 6/ 228 ) : (( وكان شديد التشيع )) اهـ . وقال ابن حجر في تهذيب التهذيب ( 12/ 165 ) : ((وكان شديد التشيع )) اهـ . واتفق أهل العلم على أن المبتدع إذا روى حديثاً في نصرة بدعته رُد ، حتى لو كان ثقة . قال ابن حجر في نخبة الفكر ( ص 230 ) : (( فالمعتمد أن الذي ترد روايته من أنكر أثراً متواتراً من الشرع معلوماً من الدين بالضرورة ، وكذا من اعتقد عكسه ، والثاني يقبل من لم يكن داعية إلى بدعته في الأصح ، أي إن روى ما يُقَوِّي بِدْعَتَهُ فَيُرَدُّ )) اهـ .
قلتُ : وهذه المسألة بحاجة إلى تأصيل جديد وتفصيل أكثر دقةً . وسأطرح وجهة نظري في الموضوع اعتماداً على كلام بعيد عن موضوعنا للإمام الشافعي في الرسالة ( ص 461و462) : ((من شاهد أصحابَ رسول الله من التابعين فحدَّث حديثاً منقطعاً عن النبي اعتبر عليه بأمور منها : أن ينظر إلى ما أرسل من الحديث ، فإن شركه فيه الحفاظ المأمونون فأسندوه إلى رسول الله بمثل معنى ما روى كانت هذه دلالة على صحة من قبل عنه وحفظه . وإن انفرد بإرسال حديث لم يشركه فيه من يسنده قُبِل ما ينفرد به من ذلك ، ويعتبر عليه بأن ينظر هل يوافقه مرسل غيره ممن قبل العلم عنه من غير رجاله الذين قبل عنهم، فإن وجد ذلك كانت دلالة يقوى به مرسله وهي أضعف من الأولى ، وإن لم يوجد ذلك نظر إلى بعض ما يروى عن بعض أصحاب رسول الله قولاً له فإن وجد يوافق ما روى عن رسول الله كانت هذه دلالة على أنه لم يأخذ مرسله إلا عن أصل يصح إن شاء الله )) اهـ.
قلتُ : قد يتساءل أحدهم فيقول : وما علاقة هذا بموضوعنا ؟ . فأقول إن الشيعي المعتدل أو المغالي إذا روى حديثاً في فضائل علي ، وكانت شروط السند مكتملة ، لا ينبغي أن يُرَد الحديث بحجة أنه يؤيد بدعته بدون أي تدقيق. فالحديث إذا كان منضوياً تحت أصل شرعي ثابت، أي إنه ضمن منهجية الكتاب والسنة الصحيحة ولم يخرج خارجهما فيجب أن يُقبَل لأنه ضمن الدائرة الشرعية ، ولم يكن بدعاً من الحديث ، فهذا لا ينبغي أن يحكم بأنه يؤيد بدعةَ التشيع . والأمر كذلك لو كان الراوي ناصبياً وروى في فضائل عثمان ، واكتملت الشروط المعروفة لقبول الحديث ، وبقيت مسألة تأييد البدعة ، فيُنظَر إلى ما رواه ، فإن كان منضوياً تحت أصل ثابت قُبِل ، وعلمنا أنه لم يشذ تأييداً لبدعته، وإنما الأمور ضمن الدائرة الشرعية المعتمدة... وهكذا دواليك . فمسألة تأييد البدعة التي يُرَد الحديث لأجلها تعني أن الحديث مخصَّص حصرياً لدعم البدعة مخالِف للكتاب والسنة الصحيحة ، أما غير ذلك فلا يُعتبَر تأييداً للبدعة . فمثلاً في الإنجيل والتوراة ما وافق القرآنَ الكريم كان حقاً ، وما خالفه كان باطلاً، رغم أن الإنجيل والتوراة بلا سند ثابت، ورواتهما يعتريهم الغموض والانحراف والشكوك ، والله أعلم .
فمثلاً، الحديث في صحيح مسلم ( 1/ 86) عن علي بن أبي طالب_ رضي الله عنه_ : (( والذي فلق الحبة وبرأ النسمة إنه لعهد النبي الأمي صلى الله عليه وسلم إلي أن لا يحبني إلا مؤمن ولا يبغضني إلا منافق)) في سنده عدي بن ثابت . قال المزي عنه في تهذيب الكمال ( 19/ 523 ) : (( قال أبو حاتم : وكان إمام مسجد الشيعة وقاصهم )) ، وقال ابن حجر في تقريب التهذيب ( 1/ 388 ) : (( رمي بالتشيع)) اهـ . وقال الإمام أحمد في العلل ومعرفة الرجال ( 2/ 490 ) : ((كان يتشيع )) اهـ . ومع هذا فعدي بن ثابت من رجال البخاري ومسلم . وكما هو مقرَّر عند أهل العلم أن مرويات الثقة تُرَد إذا روى ما يؤيد بدعته ، لكن هذا الحديث لا يمكننا أن نحكم عليه بأنه يؤيد بدعةَ التشيع، لأنه ببساطة ضمن الدائرة الشرعية المعتمدة ، فحب الصحابة من الإيمان ، وبغضهم من النفاق، وهذا أمر مفروغ منه ، فما بالك بواحد من سادات الصحابة الكبار، ورابع الخلفاء الراشدين، والرَّجل الثاني في آل البيت بعد النبي صلى الله عليه وسلم ، الذي له صولات وجولات في المعارك والغزوات ورفع راية الإسلام ؟! . وفي الحديث المتفق عليه عند البخاري ( 1/ 14) ومسلم ( 1/ 85 ) : عن أنس _ رضي الله عنه _ عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : (( آية الإيمان حب الأنصار ، وآية النفاق بغض الأنصار )) . بل إن عدي بن ثابت نفسه المتَّهم بالتشيع روى عن البراء _رضي الله عنه_ أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم قال : (( الأنصار لا يحبهم إلا مؤمن ، ولا يبغضهم إلا منافق ، فمن أحبهم أحبه الله ، ومن أبغضهم أبغضه الله )) [ صحيح البخاري 3/ 1379 ] . إذاً ، ببساطة ندرك أن المسألة لا يوجد فيها شيء مريب من قبل تأييد البدعة ، أو الخروج عن الأصول المعروفة الثابتة ، وخلاصة الأمر أن الحديث ينضوي تحت أصل ثابت ، وهو أن حب الصحابة إيمان ، وبغضهم نفاق . ومن باب أولى أن ينال هذه الميزة الصحابة المتقدمون مثل أبي بكر وعمر وعثمان وعلي .
وبالتالي فالحاكم على قبول الأحاديث أو رفضها إذا كان في سندها ناصبي ثقة روى فضائل لعثمان ، أو شيعي ثقة روى فضائل لعلي، هو الدائرة الشرعية المستمدة من الكتاب والسنة الصحيحة ، فإذا كان متن الحديث ضمن الإطار المقبول في منهجية أهل السُّنة والجماعة قبلناه إذا كانت باقي الشروط محققة ، أما إن كان فيه تجديف أعرضنا عنه ] .
[3] عن زر بن حبيش قال: قال علي: والذي فلق الحبة وبرأ النسمة إنه لعهد النبي الأمي صلى الله عليه وسلم إلي أن لا يحبني إلا مؤمن ولا يبغضني إلا منافق [رواه مسلم ( 1/ 86 ) برقم ( 78 ) ، وابن حِبَّان ( 15/ 367 ) برقم ( 6924 ) ، والنَّسائي في السنن الكبرى ( 5/ 47 ) برقم ( 8153 ) ، وابن ماجة ( 1/ 42 ) برقم ( 114) ، وابن أبي شيبة ( 6/ 365 ) برقم ( 32064 ) . قال الذهبي في سير أعلام النبلاء ( 12/ 510) : (( فمعناه أن حب علي من الإيمان ، وبغضه من النفاق. فالإيمان ذو شعب وكذلك النفاق يتشعب . فلا يقول عاقل إن مجرد حبه يصير الرجل به مؤمناً مطلقاً ، ولا بمجرد بغضه يصير به الموحِّد منافقاً خالصاً . فمن أحبه وأبغض أبا بكر كان في منزلة من أبغضه وأحب أبا بكر ، فبغضهما ضلال ونفاق وحبهما هدى وإيمان )) اهـ . ] .
[4] عن عوف بن أبي عثمان النهدي قال : قال رجل لسلمان : ما أشد حبك لعلي ! ، قال : سمعتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (( من أحب علياً فقد أحبني، ومن أبغض علياً فقد أبغضني )) [رواه الحاكم في المستدرك ( 3/ 141 ) برقم ( 4648 ) وصحَّحه ، ووافقه الذهبي . وقال المناوي في فيض القدير( 6/ 32 ):(( ورواه أحمد باللفظ المذكور عن أم سلمة وسنده حسن )) اهـ. وعند الطبراني في الكبير ( 23/ 380 ) برقم ( 901 ) بسند حسَّنه الهيثمي في المجمع ( 9/ 180 ) برقم ( 14757 ): عن أم سلمة قالت : أشهد أني سمعتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : (( من أحب علياً فقد أحبني، ومن أحبني فقد أحب الله ، ومن أبغض علياً فقد أبغضني ، ومن أبغضني فقد أبغض الله )) .] .
[5] عن عمرو بن شاس الأسلمي _ رضي الله عنه_ قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (( من آذى علياً فقد آذاني )) [رواه الحاكم في المستدرك وصحَّحه ( 3/ 131) برقم ( 4619 ) ، ووافقه الذهبي].