سيرة ذاتية

إبراهيم أبو عواد القيسي، مفكر، وشاعر،وكاتب صحفي من الأردن. ولد في عَمَّان 1982، لعائلة من شيوخ بني قيس/قَيس عَيلان(أكبر قبيلة عربية في العالم).حاصل على البكالوريوس في برمجة الحاسوب من جامعة الزيتونة الأردنية (2004).له اهتمامات واسعة في دراسات الكتب الدينية (القرآن الكريم، التوراة، الإنجيل )، والفكر الإسلامي، والفلسفة،وعلم الاجتماع،والسياسة ،والنقد الأدبي،والشعر،والرواية، والعلوم الطبيعية . متفرغ للبحث والتأليف.يكتب في أبرز الصحف والمجلات في الوطن العربي وأوروبا.له آلاف المقالات والدراسات، وعشرات الكتب المطبوعة،من أبرزها: [1]حقيقة القرآن [2] أركان الإسلام [3] أركان الإيمان [4] النبي محمد[5]دراسات منهجية في القرآن والسنة[6] العلاقات المالية والقضائية والسياسية والاقتصادية في القرآن [7] دراسات منهجية في القرآن والتوراة والإنجيل [8] الدعوة الإسلامية [9] منهج الكافرين في القرآن [10] العلوم والفنون في القرآن [11] العمل في القرآن [12] العلاقات الأخلاقية في القرآن [13] الإنسان والعلاقات الاجتماعية [14] بحوث في الفكر الإسلامي [15] التناقض في التوراة والإنجيل [16] صورة اليهود في القرآن والسنة والإنجيل [17] نقض عقائد ابن تيمية المخالفة للقرآن والسنة [18] عقائد العرب في الجاهلية[19]فلسفة المعلقات العشر[20] النظام الاجتماعي في القصيدة(المأزق الاجتماعي للثقافة. كلام في فلسفة الشعر) [21] صرخة الأزمنة ( سِفر الاعتراف ) [22] حياة الأدباء والفلاسفة العالميين [23]مشكلات الحضارة الأمريكية [24]الأعمال الشعرية الكاملة(مجلد واحد)[25] سيناميس (الساكنة في عيوني)[26] خواطر في زمن السراب [27] أشباح الميناء المهجور (رواية)[28]جبل النظيف ( رواية) [ يُمنع ترجمة أيَّة مادة في هذه المدونة أو نقلها بأيَّة وسيلة كانت إلا بعد الحصول على موافقة خطية مُسبقة من المؤلف إبراهيم أبو عواد، تحت طائلة المسؤولية القانونية، ووفق قوانين حماية الملكية الفكرية ] .

13‏/04‏/2014

الجهل بأسماء الله وصفاته في مجتمع الجاهلية

الجهل بأسماء الله وصفاته في مجتمع الجاهلية

من كتاب/ الأساس الفكري للجاهلية

تأليف: إبراهيم أبو عواد .

........................

     مَن يَعرف اللهَ تعالى يَعبده ويُعظِّم أسماءه وصفاته، والذي يجهلها ينأى بجانبه ويُعرِض عن خالقه تعالى. والجهل المعانِد _ الذي كان أحد أهم سمات الجاهليِّ _ تسبب في تمركز انعدام المعرفة في الفكر، ونفور الإنسان من الله تعالى . فالناسُ أعداءُ ما يَجهلون .

     قال اللهُ تعالى : ] وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اسْجُدُوا لِلرَّحْمَنِ قَالُوا وَمَا الرَّحْمَنُ أَنَسْجُدُ لِمَا تَأْمُرُنَا وَزَادَهُمْ نُفُوراً [ [الفُرقان : 60] .

     أي إنهم لا يؤمنون بالرحمن تعالى ، ولا يَعرفونه ، ولا يُقِرُّون به . والاستفهامُ للإنكار، يعني أنهم يرفضون السجود للرحمن . وهذا الطغيان نابع من قسوة قلوبهم ، وعنادهم العبثي ، وجحودهم المركَّب . وهذا التكبرُ على الحق وعدم الرضوخ له من شأنه تدمير النفس البشرية ، وحشرها في دائرة التمرد والعصيان ، مما سيعود عليها بالخسارة والحرمان وفقدان القيمة الإنسانية المؤمنة .
     وفي الدر المنثور ( 6/ 268 ) : (( وأخرج ابن أبي حاتم عن عطاء في قَوْله :] وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اسْجُدُوا لِلرَّحْمَنِ قَالُوا وَمَا الرَّحْمَنُ [ ، قال : قالوا : ما نعرف الرحمن إلا رحمن اليمامة )) اهـ .
     وهُم يَقصدون مُسَيْلمة الكذاب .
     قال ابن كثير في تفسيره ( 1/ 22) : (( والظاهر أن إنكارهم هذا إنما هو جحود وعناد وتعنت في كفرهم ، فإنه قد وُجد في أشعارهم في الجاهلية تسمية الله تعالى بالرحمن )) اهـ .
     فعلى سبيل المثال ، يقول الشاعر :

عجلتم علينا إذا عجلنا عليكم        وما يشأ الرحمنُ يَعْقد ويُطْلِـق

     فاسمُ الرَّحمن مذكور في بعض أشعار الجاهلية ، مما يشير إلى أن هذا الاسم معروفٌ لديهم وليس غريباً عنهم . ولكنَّ العناد يُسبِّب غشاوةً على البصر والبصيرة ، فَيَحول دون تقبُّل الحق واتباعه . وكما قال الشاعر :

قد تُنْكِرُ العينُ ضوءَ الشمس مِن رَمَدٍ          ويُنْكِرُ الفمُ طَعْمَ الماء مِن سَقَـــمِ
     وفي تفسير القرطبي ( 1 / 127 ) : (( قال ابن العربي : إنما جهلوا الصِّفةَ دون الموصوف ،  واستدل على ذلك بقولهم : وما الرحمن ؟ ، ولم يقولوا : ومَن الرحمن ؟ . قال ابن الحصار : وكأنه _ رحمه الله _ لم يقرأ الآية الأخرى : ] وَهُم يَكفرون بالرَّحمن [ [ الرَّعد : 30 ] )){(1)}.
     وفي قصة صلح الحديبية يتضح عناد المشركين وجهلهم بأسماء الله تعالى وصفاته. فهم يُنكرون تسمية الله تعالى بالرحمن .
     ففي صحيح البخاري ( 2/ 974 ): قال الزهري في حديثه : فجاء سهيل ابن عمرو ، فقال : هات اكتب بيننا وبينكم كتاباً ، فدعا النبي صلى الله عليه وسلم الكاتب ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : (( بسم الله الرحمن الرحيم )) . قال سهيل : أمَّا الرحمن ، فوالله ما أدري ما هو ، ولكن اكتب : باسمك اللهم ، كما كنتَ تكتب .
     فجهلهم مقصود وعن سابق إصرار. وهذا جعلهم يبتعدون عن طريق الله تعالى بالكلية ، لأن الجهل يحول دون تلقي النفحات الربانية . فخلو العقل من المعرفة الضرورية يصنع نتائج كارثية وواقعاً مشلولاً يفتقد إلى المعاني الأساسية والتشكيلات الضرورية لاستمرار الحياة بصورة إبداعية. واختلاطُ العناصر اللاواعية مع تطبيقاتها المباشرة وغير المباشرة على أرض الواقع، يُفرِز صوراً من الغبش تخدش قدرة الإنسان على الاستمرارية المبدعة ، فيقع فريسة سهلة للتقليد والاتباع المبني على الجهل البسيط والمركَّب والمعانِد . 
     ورفض اسم الرَّحمن محاولةٌ يائسة للتمويه والتلبيس ، وإطلاق أحكام مستعجلة لا تستند إلى عقلانية أو منهجية تفكير . كما أن أهل الجاهلية لم يعترفوا بجهلهم ، ويطلبوا العلم ، لذلك كانت معارفهم المتوارثة عن آبائهم ، وشرائعِ قبائلهم ، هي أقصى ما يمكن تحصيله من العلوم والمعارف بالنسبة إليهم ، خصوصاً أنهم كانوا غير مستعدين لاكتشاف العلوم الجديدة ، فاختاروا العزلة الشاملة التي تمنعهم من النظر إلى مدى أبعد وأوسع . وفي صحيح البخاري ( 2/ 807 ): عن عبد الرحمن بن عوف_ رضي الله عنه_ قال : (( كاتبتُ أُمية بن خلف كتاباً بأن يحفظني في صاغيتي بمكة ، وأحفظه في صاغيته بالمدينة، فلما ذكرتُ الرحمنَ قال: لا أعرف الرحمن . كاتبني باسمك الذي كان في الجاهلية )){(2)}.
     إن عبد الرحمن بن عوف _ رضي الله عنه _ قد عاهد أمية بن خلف ( أحد سادة المشركين في الجاهلية ) أن يَحفظ صاغيته في مكة. والصاغيةُ خاصةُ الرَّجل ، وتُطلَق على الأهل والمال ، مقابل أن يحفظ عبدُ الرحمن بن عوف _ رضي الله عنه _ ما يخص أمية بن خلف في المدينة . لكن صفاتِ التكبر والعناد والغطرسة تأبى أن تفارق أمية بن خلف الذي يُصر على الجحود والإنكار ، فقد أخذته العزةُ بالإثم ، وأبى الخضوعَ للحق والإذعان له. وهذا هو طبعُ الجاهلية القاسي، حيث رفضُ الحقيقة خضوعاً لسُلطة الهوى ، وتقليدِ الآباء ، والالتزامِ بنهج القبيلة سواءٌ كان صالحاً أم فاسداً .
     وقال الحافظ في الفتح( 4/ 480 ):((قَوْله: لا أَعْرف الرحمن، أي لا أعترف بتوحيده)) اهـ.
     وقد كان التوحيدُ ثقيلاً جداً على قلوبهم، لأنه يَنسف تاريخهم الوثني ، ويُزلزال عروشَهم القائمة على جماجم العبيد والمسحوقين ، ويُلغي قداسةَ آبائهم الوهمية ، ويُفقدهم نفوذَهم بين القبائل . فمشركو الجاهلية ينظرون إلى التوحيد على أنه أكبر خطر على مكانتهم الاجتماعية ، لأنه جاء بالحق والمساواة والعدالة الاجتماعية .
     وهذا الجهلُ الشنيع العنيد يقود إلى توليد ضبابية مُطبقة على العلاقة بين الخالق والمخلوق، واستنتاجات مغلوطة تزيد الكائن بعداً عن خالقه. والجاهل عديم الحجة، إذ إنه لو امتلكها لما صار جاهلاً . فأُسس البرهان في إنسانيته المنقوصة مهدمة ، فلا منهجٌ يسير عليه للحكم على الأمور ، ولا علم يشكل الخزين الذين يستهلك منه لكي يعرف طبيعة الدرب الذي يمشي فيه . إذن، الجاهل صورةٌ لجماعات متخلفة تظن نفسها مجتمعاً متجانساً موحداً.
     إن أشكال العلاقات الاجتماعية تتباين بشدة ، لذلك فالعلم _ الذي هو ضد الجهل _ يكون له مفعول السحر في تنسيق الأجناس المتباينة . والتجمع الجاهلي يُجسد طموحاتِ كائنات بدائية المعرفة ذات مدلولات خام مجبولة بشح المعارف . مع أن انعدام المعرفة قد يوضع أحياناً في نفس الدرجة مع المعرفة البدائية الخام . حيث تكون الاستفادةُ منها معدومة أو محصورة في مجالات ضيقة لا تؤثر بشكل كبير . إذ إن الرقم القريب من الصفر قد يُعتبر _ في بعض الأحيان _ بمثابة الصفر.
     والتنوع السالبي الجاهل يُعيد تشكيل البُنى المؤسِّسة لمعمارية الجماعة، لذا تغدو الأعمال والثقافات نتاجاً لانفعالات وقتية غير مبنية على تخطيط واع . فالمؤسسة السلطوية في الجاهلية لا تخدم المجموع لأنها موظَّفة لخدمة الطبقة الحاكمة المكونة من رؤساء القبائل والأغنياء عن طريق استغلال تجارة العبيد ، واحتكار السيطرة على الكعبة ، وجعلها مشروعاً استثمارياً يدر أموالاً طائلة في جيوب المتنفذين . ولم تكن الأصنام إلا تجارة رائجة بعيداً عن الاعتقاد السليم ومحبة الله تعالى وخدمة بيته .
     والظاهرة الجاهلية لم تكن يوماً من الأيام متماسكة ، لأنها تجسيد للاستغلال الطبقي ، وظهور طبقة على حساب سحق أُخرى . فعوامل هدمها في داخلها بسبب كون الأدوات المستخدمة لترجمة الأحلام الشعبية إلى واقع محسوس كابوساً سرعان ما يلتهم آمال الجمهور المسحوق تحت سياط النبلاء . وهذا الجهل المركَّب المتعمد أدى إلى سوء توزيع للثروة ، وغياب الثقة بين الرئيس والمرؤوس داخل متاهة ذات تعاليم قاسية تسمى القبيلة الجاهلية ، وهذه القبيلة لم تحقق ما تريده العامة والدهماء، بل على العكس فإنها طوَّعت العوامَ ليذوبوا في نفوذ الخاصة . فلا هي نالت ثقة العامة ، ولا حصلت على احترام الخاصة . وعلى الرغم من فشل القبيلة _ في أحيان كثيرة _ في النهوض بمستوى أفرادها ، إلا أنها خَيار وحيد لا بديل عنه ينضوي تحته المستفيد وغير المستفيد .
     ولو أردنا أن نحصيَ الأفراد الذين ينتمون إلى القبيلة قسراً لوجدناهم كثيرين. وقد يتساءل أحدهم فيقول: ما علاقة هذا بالجهل بأسماء الله تعالى وصفاته ؟!. فنقول له : إن المرجعية القَبلية باعتبارها مرجعيةً وحيدةً متفردة داخل الجماعات الجاهلية صارت كالغول الذي يطل على غابة من الأقزام . وما ذلك إلا بسبب غياب المرجعية السماوية الحقيقية عن أذهان الأفراد ، فحلت القبيلة في مكانة الإله الذي لا يُعصى. وهي تعذب من تشاء وترحم من تشاء ولا تُسأل عن أفعالها بالمرة . فالجهل المتسبب في غياب المرجعية السماوية عن البشر ، جعل منهم عبيداً للمرجعية الأرضية المتمثلة في سلطة القبيلة الفوقية المتعالية .
     وعبادة القبيلة مصدر التشريع ، وعبادة الأصنام مصدر البركات والغفران والواسطة الوثنية بين المخلوق والخالق _ حسب الاعتقاد الجاهلي _ جاءتا بعد إرهاصات ومقدمات متمثلة في تأليه القبيلة . ووصلوا إلى عبادة غير الله تعالى. قال اللهُ تعالى : ] وَيَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللهِ مَا لا يَضُرُّهُمْ وَلا يَنفَعُهُمْ وَيَقُولُونَ هَؤلاءِ شُفَعَاؤُنَا عِندَ اللهِ [[ يُونُس : 18].
     أي إنهم يعتقدون أن الأصنام تشفع لهم في أمور دنياهم ومعيشتهم إذ إنهم لا يؤمنون بحياة بعد الموت. وهذه الأصنام لا تملك لنفْسها ضراً ولا نفعاً، فكيف ستنفع أولئك الوثنيين ؟! .
     قال القرطبي في تفسيره ( 8/ 291 ) : (( وهذه غاية الجهالة منهم ، حيث ينتظرون الشفاعة في المآل ممن لا يوجد منه نفع ولا ضر في الحال )) اهـ .
     إنهم يؤمنون بشفاعة الأصنام في المستقبل ، مع أنها عاجزة عن نفعهم وضَرِّهم في الحاضر المعاش. وهذه العقيدة المتهاوية هي رئة المادية التجسيمية . فالمشروع الجاهلي في المنطقة العربية يجسد طموحاتِ الكائن الوثني في إعادة تشكيل خارطة القيم الحياتية ، عن طريق صياغة مصطلحات جديدة ذات مدلولات جديدة . فمثلاً مصطلح " الواسطة الصَّنمية بين المخلوق والخالق " ظهر بصورة دراماتيكية ليُعبِّر عن آمال الإنسان في تلك المرحلة الزمنية . وهذا التحول المرعب ذو أهداف غير بريئة تهدف إلى سلخ الإنسان عن قوته الجغرافية_التاريخية، وإبعاده عن المرجعية السماوية . وبالتالي الحصول على كائن ضائع الهوية ، يفتش عن هوية في المكان الخاطئ .
     لكن السؤال الذي يطرح نفسه بشدة : ماذا تستفيد القوى المتنفذة الوثنية من هذا الطرح ؟. الجواب متشعب بشكل مريع . فرؤوس القوم الذين يقدمون أنفسهم على أنهم حماة المقدَّسات وخدم لبيت الله الحرام ، يدركون أنهم لن يقدروا على تنفيذ مشاريعهم التوسعية الهادفة إلى السيطرة على البشر ، وتوليد مناطق نفوذ لهم ولقبائلهم ، إلا عن طريق زلزلة الكيان الإنساني للعربي الوثني، وقيادته إلى التشكيك بانتمائه. وعندما يُسلَخ الإنسان عن محيطه الطبيعي ، ويُنزَع من دائرته الانتمائية الخاضعة لقوة مطلقة هي قوة الله تعالى، يبدأ يلهث نحو انتماء جديد ، وسيرضى لا محالة بما يُقدَّم له من وجبات صنمية سريعة مطبوخة على نار الهوية المضادة لهويته .
     وهكذا انبثق مشروع يدعى " الشفاعة " . والعنوان الخطير يوحي بأن هناك هدفاً نبيلاً يُشفع من أجله. ولكن لماذا تركزت الشفاعة في يد الأصنام ؟. الجواب : حتى يدخل الإنسان العربي قبل الرسالة المحمدية الإسلامية في فلك الخضوع لسلطة المتنفذين ، ويُقحَم في خارطة الوضع السائد ، وسياسة الأمر الواقع . وينال قبولاً شعبياً على مساحة الجغرافية والتاريخ المختصَرَيْن في القبيلة . فالفلسفة الجاهلية في هذا الموضوع عبارة عن ترويج المشروع الاستعبادي ليصير بنية اجتماعية غير شاذة عن المسار الحضاري العربي .
     صحيحٌ أن شيوخ القبائل قد نالوا اعتراف السواد الأعظم من الناس الذين صاروا أتباعاً . لكنك إن نظرتَ إليهم بوصفهم حالةً معزولة وجسداً دخيلاً على منطقة الأحلام الممتدة في طموحات الأتباع، أدركتَ أن الترسانة البشرية المتمثلة في المال والسيف لن تمنحك تاريخاً ، وأن التاريخ ليس يكتبه المنتصر على الورق المهزوم في الواقع نتيجة العزلة الرهيبة المفروضة على هذا الكيان المصطنع ( القبيلة المبنية على سياسة العصا والجزرة ) .
     وقد بدأ عِلْية القوم الذين اتخذوا الناس عبيداً لهم دون وجه حق ، يستفيدون من تأريخ المواثيق والعهود ، وإعادة نسخها وصياغة النسخة القَبلية منها ، وفرضها على الجزيرة العربية. فالمدلولات السياسية المادية بحاجة إلى غطاء إنساني معنوي حتى تنجح . وها هي الإدارة الجاهلية التي تروج لمشروعها الوثني الوهمي ، تلعب أمام العالَم بالبيضة والحجر_كما يقولون _ ، من أجل توليد حالة سياسية وغطاء إنساني لحربها غير المعلنة على الجغرافية والتاريخ. إذن، نحن أمام وضع يستند إلى فرض البنى الاجتماعية المصنوعة خصيصاً للمنطقة العربية ، فرضها عن طريق نسف مقومات الهوية، وإحلالِ مكانها المصلحة النفعية. فطبيعة الهيمنة تستند إلى تكوين بؤر اجتماعية دخيلة على حياة الجاهلي، تعبث بقدرة الإنسان العربي على المواجهة: مواجهة الأنماط الثقافية والاجتماعية والتاريخية المستحدَثة، والمخالفة لاتجاه تدفق الهوية العربية. حيث إن القيم السالبة لحضارة متباينة بالكلية عن حضارتنا ، تؤدي في حال اعتمادها منهجاً إلى انفجار ظواهر التبعية والتخلف . ولم تكن الأصنام في يوم من الأيام جزءاً من حضارتنا ، لأنها _ أي الأصنام _ حالة شاذة لكائنات غير منتمية إلا للبطن والفَرْج والمال .
     ويمكننا تلخيص فلسفة القبيلة البدائية الوثنية في عدة نقاط :
     1) رفض الخريطة الجيوسياسية، وإعادة رسم خارطة المنطقة من منظور وحدة الرؤية الوثنية ، وحصر الجغرافية والتاريخ واللغة في خانة المصلحة النفعية لا الوجودية، مع طمس الفطرة السليمة لتوحيد الله تعالى .
     2) إيجاد تعريف جديد للانتماء، حيث يتم اعتباره حالة مصلحية زائلة لا علاقة لها بالوجود الإنساني المؤثر.
     3 ) عدم الاكتفاء بالقبول الرسمي الممثل في عِلْية القوم للكيان القبلي، بل السعي لتوليد قبول شعبي يتغلغل في تركيبة المجتمعات العربية.
     4) إخضاع المنطقة بالكامل لسلطة الهيمنة الداخلية المتمثلة في رؤوس القبائل عبر وسائل وإغراءات تمس طبيعة الوجود العربي في هذه المنطقة .
     وجاء تبكيتهم على عبادة الأصنام ، فقال تعالى : ] أَفَرَأَيْتُمُ اللاتَ وَالْعُزَّى . وَمَنَاةَ الثَّالِثَةَ الأُخْرَى . أَلَكُمُ الذَّكَرُ وَلَهُ الأُنثَى [ [ سورة النجم : 19_ 21 ] .
     فهذا خطابٌ شديد ، وتقريع بليغ لأولئك الذين يُلصقون بالله تعالى البنات ويستأثرون بالذكور . فردَّ اللهُ تعالى عليهم ونسف هذه القسمة الباطلة نسفاً . فالعقلية الوثنية هي القائدة للمسار الفكري الجاهلي ، وبالتالي فإن كل الإفرازات الاجتماعية والثقافية لا بد أن تكون منطلقةً من الوهم الأيديولوجي الصَّنمي ، وما يتفرع عنه من عقائد دينية، وسلوكيات اجتماعية ، ومعاملات تجارية ، وفكر ثقافي. وهذا يدل على أن الجاهلية منظومة عَقَدية وثقافية واجتماعية شديدة الانغلاق والتحجر، والتقوقع على الذات. وهذا الانكماشُ مرجعه إلى فقدان الحُجَّة ، والخوف من المواجَهة . فالجسمُ الجاهلي كيانٌ هزيل ومسخ يخاف من النور ، لذلك يختبئ في كهوف الظلام، لأنه يفتقد إلى الحجَّة الدامغة والمرجعية الصائبة. تماماً كالخفافيش التي لا تقوى على رؤية النُّور ، فتبني حياتها بالكامل في الظلام . 
     وفي تفسير الطبري ( 11/ 521 ) : (( وكان بعض أهل المعرفة بكلام العرب من أهل البصرة يقول : اللات والعزى ومناة الثالثة أصنام من حجارة كانت في جوف الكعبة يعبدونها )) اهـ .
     وما وجود الأصنام في جوف الكعبة وحَوْلها إلا مؤشر على مركزية الثقافة الوثنية في الحياة الدينية عند أهل الجاهلية . فهم لم يَكتفوا بتلويث الكعبة ، بل اعتبروها مركزاً للحركة الوثنية تدور حولها الأصنام . وهذه الأصنام تُعتبر مصدراً للشريعة الوثنية بكل جهالاتها ، وانحرافها، واستغلالها للآخرين ، والسيطرة عليهم .
     وفي تفسير القرطبي ( 17/ 89 ) : (( وكانت اللات لثقيف ، والعُزَّى لقريش  وبني كنانة ، ومناة لبني هلال . وقال هشام : فكانت مناة لهذيل وخزاعة ، فبعث رسولُ الله صلى الله عليه وسلم علياً _ رضي الله عنه_ فهدمها عام الفتح. ثم اتخذوا اللات بالطائف ، وهي أحدث من مناة ، وكانت صخرة مربعة، وكان سدنتها من ثقيف. وكانوا قد بنوا عليها بناءً ، فكانت قريش وجميع العرب تعظمها . وبها كانت العرب تُسمِّي زيد اللات، وتيم اللات . وكانت في موضع منارة مسجد الطائف اليسرى فلم تزل كذلك إلى أن أسلمت ثقيف فبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم المغيرة بن شعبة فهدمها ، وحرقها بالنار ، ثم اتخذوا العُزى ، وهي أحدث من اللات، اتخذها ظالم بن أسعد، وكانت بوادي نخلة الشامية فوق ذات عرق فبنوا عليها بيتاً )) اهـ .
     قال الأبشيهي في المستطرف ( 2/ 174) : (( وكانت بنو حنيفة اتخذوا في الجاهلية صنماً من حيس، فعبدوه دهراً طويلاً ، ثم أدركتهم مجاعة فأكلوه )) اهـ .
     وهكذا نرى أن الأصنام كانت ذات مركزية صارمة ومتماهية مع مكانة القبائل المتفاخرة بأصنامها والمنتمية إلى ثقافتها الوثنية. وكأن القبائل قد اتفقت على اقتسام الآلهة فيما بينها وتوزيعها بصورة تأخذ بعين الاعتبار مكانة القبيلة ومقدار نفوذها .
     كما يبرز تأثير الفكر الصَّنمي في الحياة المجتمعية، حيث يتم تسمية الأشخاص بشكل يعكس العقيدة الوثنية ، مثل : زيد اللات وتيم اللات . وإضافةُ أسماء الناس إلى الأصنام تُعتبر نوعاً من الانتماء والولاء لثقافة القبيلة المتهاوية، وتاريخها التَّعبُّدي، وتكريساً لامتداد الفكر الصَّنمي في أدق تفاصيل الواقع الإنساني المعاش . 
     وفي هذا السياق يتضح المنهج الإسلامي في هدم الأصنام وإزالتها من الواقع والذهنِ معاً لكي يتحرر الفردُ والجماعة من سطوة الخرافة ونفوذِ الأبعاد الأسطورية المتراكمة عبر الأزمنة والأجيال. وهذه العمليةُ التنظيفية والتصحيحية من شأنها إراحة المجتمع من الانكسار الحضاري وأعباءِ الوهم .
     وقال ابن الجوزي في زاد المسير ( 8/ 71و72 ) : (( وكانوا يشتقون لأصنامهم من أسماء الله تعالى ، فقالوا من الله اللات ، ومن العزيز العُزَّى . قال أبو سليمان الخطابي : كان المشركون يتعاطون الله اسماً لبعض أصنامهم فصرفه اللهُ إلى اللات صيانة لهذا الاسم وذَبَّاً عنه )) اهـ .
     وفي هذا دلالةٌ واضحة على جهل المشركين بأسماء الله تعالى وصفاته العليا ، واعتمادهم على بُنية أسطورية عَقَدية. فالفكرُ الوثني متغلغل في أوصال البنى الذهنية والواقعية . وَهُمْ يَعتبرون الأصنام ذات ارتباط وثيق بالله تعالى ، حيث يشتقون من أسماء الله تعالى أسماءً لأصنامهم . مما يدل على عقيدتهم الواهية التي تَعتبر اللهَ تعالى والأصنامَ كياناً شديد الترابط لا يَنفصل . وهذا الجهلُ بالصفاتِ الإلهية العظيمة أوقعهم في الشِّرك . إذ إنهم غير مقتنعين بتنزيه الخالق عَمَّا لا يَليق به ، لذلك سَقطوا في عقائد التجسيم، والتجسيدِ، وربطِ المخلوق بالخالق، وتشبيه الخالق بالمخلوقات ، وإعطاءِ صفات الألوهية للأحجار الجامدة ، والصخورِ الصَّماء . وهذا يشير إلى الثقافة البدائية المتخلفة والمحصورة في سِجن الجزيرة العربية المعزولة عن الحضارة . فهذه الثقافة الدُّونية تَعتمد على عقول ناقصة من أجل اختراع الشرائع والطقوس ، وتستند إلى خليط عبثي من الأهواء والعقائد لصناعة دِين للعرب يمكن أن يُفاخروا به بين باقي الأمم _ كما يتصورون _ .      
     وفي صحيح البخاري ( 4/ 1841) : قال ابن عباس _ رضي الله عنهما _ : (( كان اللاتُ رَجلاً يَلُتُّ سُوَيْقَ الحاج )){(3)}.
     فاللاتُ كان رَجلاً يُعِدُّ طعاماً للحاج . فلمَّا مات أُحيط بهالة من القداسة ، وصار معبوداً لأهل الجاهلية ، لأنهم نظروا إليه على أنه بلغ غاية الصلاح والمجد والسُّمو ، فاستحق أن يكون من ضمن الآلهة .
     وتقديس الأشخاص أدى إلى اتخاذهم أصناماً معبودة ، وما ذاك إلا لغياب الهداية الربانية عنهم بسبب فساد قلوبهم ، وتمركز الجهل والعمى فيها . فالمادة المجسَّمة والمتمثلة في الأصنام تؤسس للأيديولوجية الجاهلية التي تتخذ من الأبعاد التجسيمية أساساً لها .
     ونحن نحتاج _ لبيان محرِّكات هذا الانهيار _ إلى إلقاء الضوء على الأسس التي قامت عليها عبادةُ الأصنام ، والتعرية الدَّورية للدوافع المؤدية إلى المشي في هذا الطريق المعتم . فالأسس تتركز _ بشكل أساسي _حول القابلية النفسية لطمس الفطرة السليمة ، وحاجة الفرد إلى قوة خارجة عن ذاته تكون لا نهائية ومُطْلقة ، واندفاع الشخص نحو تقديس شيء محسوس . ولا يَخفى أن عرب الجاهلية كانت لديهم نوايا حسنة اندفعت في طريق بناء منظومة الأصنام وتقديسها وتجذيرها كشريعة تربط الأرضَ بالسماء ، وتُقرِّب الناس من خالقهم    _ حسب التصور الجاهلي _ . ولكنَّ النية الصالحة لا تُصلِح العملَ الفاسد . وكَم مِن مُريد للخير يجد نفسه في قلب الشر ! . وكما يقال : إن الطريق إلى جهنم مُعبَّد بالنوايا الحسنة ! .
     وهذه الأيديولوجية المستندة إلى التقديس الأعمى ناتجة عن إفرازات متعمدة سالبة، تؤدي بالضرورة إلى تغييب العقل بصورة فجة. لذا فالبنية التعبدية الخاضعة للوثن تحاول تأسيس مشروعية خاصة بها ، إلا أنها تفشل بامتياز . فالمشروعية تتشكل من نص سماوي مقدَّس نهائي وقاطع وحاسم،وهذا ما تفتقده عبادة الأصنام.
     لكن الجاهليَّ يعمل على صياغة خطوات عملية وتأثيرات فكرية لكي يدعم فكرته القاصرة، ويساند مشروعه المنقوص. فخطابه التوسعي الاستبعادي الإقصائي الذي يسعى للمحافظة عليه بشتى الوسائل يَسقط فوراً إذا ما قورن بالشريعة السماوية . فالآليات البدائية المعتمدة من قبل حماة الوثنية أكثر تأثيراً في التجمعات الغائبة عن القدرات العقلية، لا سيما وأنها_ أي التجمعات_ إرهاصات عاصفة وتشكيلات لا منطقية ، وهذا يدفع باتجاه مكتسبات مصلحية ومنافع تافهة تتمحور حول المال ومناطق النفوذ . 
     فلو جئنا إلى الإنتاجات الجاهلية لوجدناها ذات دلالات عنيفة تتجمع بفعل تلازم المال والسلطة والتقاليد المتوارثة . فهي اختيارات انتقائية غير موفَّقة تقطع العلاقةَ بين الروح والمادة بشكل حازم . فالتجمع البشري غير متماسك ، وحتى إن وصل إلى مرحلة الكيان المصطنع في بعض الأحيان ، إلا أن تفككه يلعب دور معول الهدم في صميم ذلك الكيان الظاهري . وهذا يعلل _بصورة ما_ لجوء الأنوية القَبلية إلى تكريس التراكيب الوهمية لتثبت وجودها في الجماعات البشرية التي لا ترقى إلى درجة المجتمع . فالاحتقان الهدام يتجلى في أبشع صوره ، من أجل تركيب الأنساق المتعارضة على شكل مجتمع متجانس خيالي . فالتردد العبثي الواضح الذي يضرب قلبَ العلاقة غير الطبيعية بين الوثني وامتداده الجغرافي التاريخي لا بد أن يوضع له حد ، ويتبخر سريعاً .
     أما الانقطاعات في تأريخ الفكر السائد وصهره في وعاء الاستبداد وعقليةِ التبعية لصاحب الصولجان ، فهي لا تعدو عن كونها إطاراً جامعاً مكثِّفاً للتخلف الدائم غير المرحلي، وشكلاً للتلقين الذي يُزرَع في أذهان الأتباع عقيدةً لا خلاص منها . وهذه العقيدة البدائية المفضوحة تتطلب استعادة المشاركات الإنسانية في قالب جماعي يخدم أصحاب النفوذ ، ضمن عملية أسميها "قَوْلبة الإنسان "{(4)}. فانعدام التوافق بين الفرد المتكور على ذاته والجماعة المالكة لحق الخلاص والتخليص، يقود إلى إجماع شعبي مفروض على الجماعة فرضاً،وغير قادم من نتاج إفرازي طبيعي وحقيقي.
     والجدير بالذكر أن الجاهلية عبارة عن تراكم محدِّدات استبدادية يتم تكوينها نتيجة الانغماس في الشهوة، والكبتِ الجماعي الصارم، والسلوكياتِ الخارجة على الفطرة البشرية النقية. وهكذا تغدو المفردات التأسيسية للحالة الجمعية في البيئة الجاهلية وضعاً هلامياً هشاً . ولكي نحدد طبيعةَ هذه المفردات لا بد لنا من تعميم تقنيات مناسبة للحالة المعاشة ، وبالتالي نربأ بأنفسنا عن إصدار قرارات بديهية تتخذ من التعميم اللامدروس أساساً لها ، ونبتعد عن إطلاق أحكام مستعجلة قادمة من الإحساس اللامبني على الدراسة الواعية . فالعلاقات المشتركة في البيئة المتدنية فكرياً ليس لها قدرة على امتلاك الشعور المؤسَّس على أرضية صلبة . وإننا نرى أن الصياغات الوظيفية ذات الانطباع الأولي لا تقدم سوى مزيد من الحيرة في دراسة الحالة الاجتماعية الدنيا ، لأن الوقائع لم تُدرس بالشكل السليم الفعال . وهذا يقود إلى غياب التعليل المناسب ، وتغييب التحليل الذي يعتمد على المنهج العلمي .
     وعندما تتشابك المعطيات الذهنية المستندة إلى الجهل مع الروابط الناتجة عن علاقات مخلخلة في الجماعة النواة في الوضع الجاهلي ، فإننا نحصل على تأملات واستنتاجات مغلوطة لا تمتاز بالموضوعية . فالتركز حول فكرة المعرفة الكلية الصنمية هو انحراف عن الصراط المستقيم ، وهذا الانحراف ليس محايداً ، بمعنى أن القيم الجمعية يتم حرفها عن الطريق لغاية محددة مسبقاً . إذ إن المعايير التي تُستخدم لكشف حقيقة الوقائع باتت مغيَّبة من أجل توليد انتماء جديد يمثل _ في حقيقة الأمر _ اللاانتماء في التشكيلات النفسية والاجتماعية الأولية .
     إن الدخول في صراع النماذج الاجتماعية يُصاغ لمصلحة القوى الرسمية ( القبيلة ممثلة بالشيخ وحاشيته ) . فالقوة العليا تُصدر أحكاماً جازمة وقاطعة بحق أولئك الأتباع الذين لا يملكون إلا الانصياع من أجل البروز في مظهر اجتماعي لائق غير شاذ عن المسار العام . وبالتأكيد تصير القيم غامضةً ، والقانون العُرفي سيفاً مسلطاً على عوام الناس دون خاصتهم . واستنباط تعاليم لا علمية مخادعة هو الذي يقود إلى تشكيل هدنة اجتماعية ظاهرية أو عقد اجتماعي مهزوز بين كل القوى . لكن السؤال الحيوي هو لماذا تكون المعلومات والتعاليم إجماليةً في هذا الخضم الشرس ؟. الجواب ذو شقين، الأول: بسبب اعتماد طبقة اجتماعية صغيرة ممثلة لكل التجمع البشري ، وهكذا نخسر جهود معظم الناس الذين لا يُعبأ بهم . والثاني : بسبب عدم فاعلية المنحى الفكري ، أي عدم وضوح الرؤية والعَرَض والجوهر . فالحفاظ على السلطة غايةٌ مقدسة تداس من أجلها كل الحقوق والواجبات ، وتنهار أنوية التجمع الإنساني. ولكن _ رغم هذا الانهيار _ تظل القبيلة محتفظة بسلطتها ، لأن الأتباع لا يريدون الثورة ، بل لا يفكرون بها إلا بشكل عابر وخجول . وهكذا يظل الإنسان الجاهلي سائراً في ظل سلطته القمعية .
     والشُّبه التي يحتج بها الجاهليُّ المشرِك لتأسيس مشروعيته المتساقطة عبارة عن وهم مركَّب، عدا عن أنها تعكس مدى ضحالة الفكر والثقافة .
     وقد كان أهلُ الجاهلية لا يفهمون ماهيةَ القضاء والقَدَر بالصورة الصحيحة ، وهذا أدخلهم في إشكاليات كثيرة انعكست سلباً على طريقة تفكيرهم ونمطِ حياتهم. قال الله تعالى : } سَيَقُولُ الَّذِينَ أَشْرَكُوا لَوْ شَاءَ اللهُ مَا أَشْرَكْنَا وَلا آبَاؤُنَا وَلا حَرَّمْنَا مِن شَيْءٍ { [ الأنعام : 148] .
     فقد علَّقوا شِركهم على مشيئة الله تعالى جهلاً منهم ، وجعلوا الشركَ إنما تم بمشيئته تعالى وإرادته وفق منظورهم الرامي إلى تخليص أنفسهم من أية مسؤولية على اختياراتهم . وهم بهذا يهدفون إلى تقديم أنفسهم كعباد مأمورين مُجبَرين على اعتناق العقائد الشِّركية ، وبالتالي لا يتحملون تبعات أقوالهم وأعمالهم .
     فنظرتهم العَقَدية متمركزة حول فكرة جَبرية ، وأنهم واقعون تحت مشيئة الله تعالى التي أجبرتهم على سلوك الأفعال السيئة _ وفق عقيدتهم الباطلة _ . فهم يجهلون أن الخير والشر ، والإيمان والكفر ، يكتسبه الإنسان بمِلك إرادته ، وأن القَدَر لا يُعارِض تحملَ الإنسان لمسؤولياته كاملة غير منقوصة . فالله تعالى أحاط بكل شيء علماً ، لكنه لم يجبر الإنسان على سلوك طريق محدد . فالإجبارُ يتعارض كلياً مع عقيدة الثواب والعقاب في الآخرة ، ومن ثم الجنة والنار .
     وعن ابن عباس _ رضي الله عنهما _ أنه سمع رَجلاً يقول : الشر ليس بقَدَر ، فقال ابن عباس _ رضي الله عنهما _ : (( بيننا وبين أهل القَدَر : ] سَيَقُولُ الَّذِينَ أَشْرَكُوا لَوْ شَاءَ اللهُ مَا أَشْرَكْنَا وَلا آبَاؤُنَا [ ... . قال ابن عباس: والعَجْز والكَيْس من القَدَر )){(5)}.
     وأهلُ القَدَر هم نُفاة القَدَر ، فهم يُنكرونه . والآية القرآنية توضِّح إيمان المشركين بالقَدَر، ولكنْ من منظور مغلوط. فهم يعتقدون أن القَدَر سالبٌ لحريتهم، وأن شِركهم خاضعٌ لمشيئة الله تعالى دون أية علاقة لهم . وهذا يتنافى مع الإيمان . صحيحٌ أن كل شيء خاضع للمشيئة الإلهية، لكنَّ الله تعالى أعطى العبدَ القدرةَ على اختيار طريقه، إما الإيمان أو الكفر. والعبدُ يتحمل مسؤوليةَ اختياره الحر .
     وإنني في هذا المقام أنقل كلاماً نفيساً للحافظ ابن حجر، لأني رأيتُ فيه تلخيصاً لمسائل شديدة الحساسية، حيث يقول في الفتح( 13/ 449 ): (( وأمَّا قَوْله في الأنعام : ] سَيَقُولُ الَّذِينَ أَشْرَكُوا لَوْ شَاءَ اللهُ مَا أَشْرَكْنَا وَلا آبَاؤُنَا [ الآية . فقد تمسَّك بها المعتزلة ، وقالوا إن فيها رداً على أهل السُّنة . والجواب أن أهل السُّنة تمسكوا بأصل قامت عليه البراهين وهو أن الله خالق كل مخلوق، ويستحيل أن يخلق المخلوق شيئاً، والإرادةُ شرط في الخلق ويستحيل ثبوت المشروط بدون شرطه . فلما عاند المشركون المعقول وكذبوا المنقول الذي جاءتهم به الرُّسل وأُلزموا الحجَّة بذلك، تمسكوا بالمشيئة والقَدَر السابق، وهي حُجَّة مردودة لأن القَدَر لا تبطل به الشريعة ، وجريان الأحكام على العباد بأكسابهم )) اهـ .
     إن الناس لا يَملكون من أمرهم شيئاً ، فهُم مخلوقات عاجزة لم تحدِّد موعدَ الولادة ، ولا تَقدر على تحديد موعد الوفاة . ومَن كان هذا شأنه فهو غارق في عجزه . ولو اجتمعت الأمة على نفعِ أحدٍ ما لم يَقدروا على فعل ذلك إلا إذا كان مكتوباً عند الله تعالى. فما أراده اللهُ كان ، وما لم يرده لم يكن . والناس يتحركون في عالَم الأسباب والمسبِّبات . لكنَّ المسيطر على السبب والمسبِّب هو اللهُ تعالى ، ولا يَقع في مُلكه إلا ما شاء . ولو اجتمعت الأُمة على جلب ضر لأحدٍ لم يَقدروا على فعل ذلك إلا إذا كان مكتوباً عند الله تعالى . فالنافعُ والضار هو الله وَحْدَه .
     أمَّا قول النبي صلى الله عليه وسلم : (( رُفعت الأقلامُ ، وجَفَّت الصُّحف )) ، فهو تأكيدٌ باهر على أن ما تَمَّ قد تَمَّ ، ولا تبديل لما سَبق ، ولا يكون خِلاف ذلك ، وأن الأمر قد كَمُل بلا زيادة ولا نقصان ، وانتهى الموضوع ، وقُضِيَ الأمرُ .
     إن الجهل بصفات الخالق رسمَ ملامح الشخصية البدوية الصَّنمية ، وساهم _ بشكل كبير _ في حشر المعرفة الشخصانية للفرد الجاهلي في زاوية الخضوع للوثن . فهذا الخضوع هو المصيدة الحرجة التي وقع فيها العربي الوثني بسبب انعزاله عن محيطات معرفة أسماء الله تعالى وصفاته .
     فالابتعاد عن الإله تعالى قاد إلى اختراع آلهة مصنوعة على أيدي البشر تضطلع بأدوار وهمية متعلقة بالتشريع والسيادة على حياة البشر بكل تفاصيلها. وهذا التكريس الميثولوجي قتل الإنسانَ في الإنسان ، وأحال الشخصيةَ البشرية إلى خليط من الأضداد القاتمة .
     ونتيجة هذا الخلط المرعب صارت القدرات العقلية الآدمية جزءاً من منظومة ردود الأفعال الارتجالية غير المستندة إلى التحليل العلمي ، وأضحت الذكريات البشرية حالةً من التمرد على الذاكرة. فصارت صورة الفرد انعكاساً ضبابياً للتمرد العبثي على الفطرة الذاتية ، فغرقت المعرفة الإنسانية في مستنقع التقليد والتبعية والاضطراب الروحي والتمزقِ الجسدي .
     ولا يخفى أن الجهل الضارب جذوره في أعماق النفس البشرية الصحراوية المعزولة عن مسارات الفكر الإنساني الخلاق قد تفشى، وبرز _ بشكل مَرَضي _ على صورة متواليات فلسفية وثنية تنتهج أسلوب التقليد والمحاكاة .
     خصوصاً أن العرب البدائيين في ثقافة الصحراء مصابون بعقدة النقص أمام أهل الكتاب(اليهود والنصارى) لأن العرب _ قبل البعثة المحمدية الإسلامية _ أُمة أُمية ليس لديها كتاب سماوي ، في حين أن اليهود لديهم التوراة ، والنصارى لديهم الإنجيل . وعلى الرغم من تحريفهما إلا أنهما يُمثِّلان مركزية تشريعية عليا أمام العرب الأميين الذين يستندون إلى شرعية الوثن المزعومة دون أي ارتباط بالسماء .
     وهذا الشعور بالنقص والدونية والرتبة الأقل تكاثرَ على صورة فطريات فلسفية ساهمت _ بقوة _ في الاستثمار في سياسة إقامة الأصنام بكثرة في محاولة لاختراع هالة دينية متخيَّلة تحفظ ماء وجه العرب _ حسب التفكير الجاهلي _ أمام أهل الكتاب الموجودين في المنطقة .
     لذلك ظهرت الأصنام كمحاولة لسد الفراغ الروحي والخواء الوجداني ، وإنشاء فكر تعويضي في أذهان العرب لأنهم يفتقدون إلى مرجعية الكتاب السماوي المتفوق على الفكر البشري القاصر .
     والجهل العربي البدائي المركَّب يأخذ صفةً انسحابية طبقية ، بمعنى أن الانكسار الروحي يضرب رأس القبيلة ( مصدر التشريع البشري ) ثم ينطلق إلى أبناء القبيلة ، ثم أتباعها . وهذا الانكسار الذي ينسحب عبر القبيلة  ( الدولة الجاهلية ) من رأس الهرم السياسي حتى القاعدة ، ينتشر على صيغ حياتية اجتماعية تحيط بثقافة الأصنام الفوضوية باعتبار أن الصنم هو مصدر التشريع الحجري المتخيَّل .
     وخطورة الجهل تتفشى في الأبعاد الرمزية لأبجدية انتحار الذات الحالمة ، فحركة المجتمعات الجاهلية الشكلانية ( الوهمية ) محدودة ضمن إطار شكلاني ظواهري لا علاقة له بالجوهر التأصيلي . وهذا مرجعه إلى كون العقل الجاهلي الصَّنمي يفتقد إلى بنية تحليل الخطاب العقلاني ، فغاب المنهج العلمي الحاكم على السياقات العقلانية ، ومع غيابه تفشى انكسار الروح في الأطر الاجتماعية العامة .
     إن مفهوم الانكسار في السياقات الرمزية المحمولة على لغة الخطاب العربي البدائي اكتسب أبعاداً صحراوية خاضعة للبيئة القاتلة، وهذا أفرز سياقاً تاريخياً بالغ التشويش ضغط على طبيعة العلاقة بين الفرد الأولي والعقل الأولي . فصار المستوى التفكيري جزءاً من العصبية القَبَلية ، وأضحت المستويات العقلانية خارج إطار الوعي التاريخي الحاسم ، ففقد الرمز اللغوي قدرته على كشف ماورائيات النص الاجتماعي الصحراوي . لذلك تظل الأحاسيس المجتمعية في تلك البيئة العربية المعزولة مجرد تاريخ هلامي فاقد للسيادة، وعاجز عن صنع سيادة من أي نوع سوى سيادة الأبعاد الأسطورية على المستويات الحياتية الغارقة في فوضى التقديس والتكديس ، تقديس الرموز الخيالية المنبثقة من اللغة الوثنية المعاشة لحظةً بلحظة ، وتكديس الوعي المجتمعي كبعد ميثولوجي ( أسطوري ) لا يملك نظريةً منهجية متزنة . وهذا ليس مستغرباً ، إذ إن الفرد الجاهلي عاجز تماماً عن التغريد خارج السرب في مجالات العقل النقدي . وإذا افتقد المستوى البشري العقلاني إلى حاسة النقد فإن الكيانات البشرية سوف تدخل _ حتماً_ في ثقافة القطيع المحصور في الحظيرة ، والذي لا يعرف أبعد من جدران سجنه. لذا يصبح السجن الروحي _في زحمة الشظايا الإنسانية_ هو الوعي الكلي الذي يختصر أبعاد المسافات العقلية ، ويختزل قيمة الإنسان بالكامل ، لأن الغريق لن يرى أبعد من الماء المحيط به .
     وقد تكرس جهل العرب البدائيين بصفات الخالق تعالى على شكل علم منهجي تطبيقي متخيَّل ، لأن الجاهل العاجز عن بناء منظومة علمية متوازنة سوف ينظر إلى جهله على أنه مركزية المعرفة ، وهكذا يغدو الوهم ذاتاً حقيقية ، ويصير البعد الأسطوري المخترَع شكلاً من أشكال المعرفة المحاطة بالقداسة المخيالية التي لا تقبل المساس .
     وهذه المتواليات المنهارة شكلٌ طبيعي للحالة العربية الأولية الفاقدة لكل معطيات العمل الفكري التأصيلي الحاسم . لكن الخطورة المركزية في تكريس الوهم كحقيقة تكمن في إحالة الشعور الإنساني الحقيقي إلى كابوس متصوَّر ذهنياً ، لأن تجذير بناء الأساطير يأخذ شكلاً ثنائياً ارتدادياً ، بمعنى أن تشييد الأسطورة كحقيقة واقعية يُقابَل بتشييد الحقيقة كخيال وهمي ، لأن اختلاط المفاهيم المركزية الفاصلة بين البعد الأسطوري لأبجدية اللغة الاجتماعية الوثنية والحياة العربية المعاشة يؤدي إلى تبادلية في الأدوار ، فتغدو الأساطير والحقائق جزءاً من فوضى معرفية حرجة تتصارع على رقعة الجسد الآدمي ، فتنكسر الروح ، ويتشظى الجسد . وهذا يدفع باتجاه توليد إشكاليات عقلية تظهر على صورة اضطرابات نَفسية ، وغربة عنيفة بين الفرد وذاته ، وهكذا تتكون شخصية المنفى في جسد المنفي ، ويصبح الإنسان كتلة متناقضات، وساحةَ حرب يتصارع عليها قوى خارجية .
     وقد كان الجاهلي _ في كل أطوار وجوده _ ضحية الصراع الخارجي بين الفلسفة التشريعية للقبيلة ، وأهواء عِلية القوم الذين يحتكرون علاقة الإنسان بالأصنام الآلهة ضمن أبعاد ميثولوجية نابعة من جهل العرب التركيبي الذي يبتعدون عن الخالق تعالى ، ويخترعون سلالة عبثية من الآلهة المعبودين بغير حق .
     والعرب في الجاهلية كانوا ينظرون إلى الأصنام وفق منظور عشائري متأثرين بضغط جهلهم المركَّب ، وضغطِ حياتهم الاجتماعية المنثورة عبر هرم السُّلطة من رأس القبيلة حتى القاعدة . فهم يتعاملون مع شرعية الصنم المزعومة باعتباره جزءاً من الثقافة العشائرية، فكل قبيلة كان لها صنم مميز يحاط بالتبجيل والقداسة ، وهذا الصنم بما لديه من وجود مركزي حاسم يصبح بؤرة الاستقطاب وتجميع الجهود وتوحيد الكلمة .
     وأدى التنافس بين القبائل من أجل النفوذ والسيطرة واحتكار المقدَّسات المخيالية إلى اختراع متوالية من التنافس بين الأصنام، لذا فقد انتقل التفاوت الطبقي بين القبائل إلى تفاوت طبقي بين الأصنام . فالأصنام ( هُبَل ، اللات ، العُزى ) لها صدارة المشهد الديني باعتبارها آلهة مزعومة من الدرجة الأولى ، وتأتي بعدها أصنام أقل شأناً تبعاً ضمن متوالية تسلسلية طبقية متأثرة بالتسلسل الطبقي لقبائل العرب التي تتصدرها قُريش .
     والعقائد العربية الوثنية التي تنظر إلى تعدد الآلهة على أنه نظام ديني اجتماعي متفوق لم تتجذر بهذه القوة في بيئة الجزيرة العربية إلا نتيجة غياب صفات الله تعالى عن أذهان العرب ، وجهلهم المريع بحق الخالق على العبيد ، وواجبات العبيد نحو خالقهم . فالناس أعداء ما يجهلون .
     وبما أن الحكم على الشيء فرعٌ عن تصوره ، جاءت أحكام الجاهليين مشوَّشة ومتخلفة تبعاً للتصور الفاسد حول الذات الإلهية والعلاقاتِ الباطلة بين الأصنام والله تعالى . حيث تم اتخاذ الأصنام كواسطة بين المخلوق والخالق ، ووسيلة تقرب يعتمدها الفرد ليزداد قرباً إلى الله تعالى . وهذا يعكس حجم الانهيار العقائدي في الذهن العربي الأولي الخام .
..............الحاشية......................
{(1)} وقال القرطبي في تفسيره ( 1/ 127 ) : (( وذهب الجمهور من الناس الى أن الرحمن مشتق من الرحمة، مبني على المبالغة . ومعناه : ذو الرحمة الذي لا نظير له فيها ، فلذلك لا يُثنى " الرحمن" ولا يُجمَع )) اهـ. قلتُ: وفي مستدرك الحاكم ( 4/ 174) وصححه الذهبي : أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (( قال الله_ عز وجل _ : أنا الله، وأنا الرحمن، خلقتُ الرَّحم ، وشققتُ لها من اسمي ، فمن وصلها وصلتُه ، ومن قطعها قطعتُه )) . وفي تفسير القرطبي ( 1/ 127 ) أن ابن الحصار قال : (( وهذا نص في الاشتقاق ، فلا معنى للمخالفة والشقاق ، وإنكار العرب له لجهلهم بالله ، وبما وَجب له )) اهـ .
{(2)} واسم عبد الرحمن بن عوف _ رضي الله عنه _ في الجاهلية هو : عبد عمرو . وفي تفسير القرطبي ( 10/ 326 ) : ((  قال الأصمعي : صاغية الرَّجل ، الذين يميلون إليه ويأتونه ... وكل مائل إلى الشيء أو معه فقد صغا إليه وأصغى )) اهـ .
{(3)} قال الحافظ في الفتح ( 8/ 612 ) : (( قال الإسماعيلي : هذا التفسير على قراءة من قرأ اللات بتشديد التاء . قلتُ_ أي ابن حجر_ : وليس ذلك بلازم بل يحتمل أن يكون هذا أصله ، وخُفف لكثرة الاستعمال . والجمهور على القراءة بالتخفيف وقد رُوي التشديد عن قراءة ابن عباس وجماعة من أتباعه . ورُويت عن ابن كثير أيضاً ، والمشهور عنه التخفيف كالجمهور ... واختلف في اسم هذا الرَّجل فروى الفاكهي من طريق مجاهد قال : كان رَجل في الجاهلية على صخرة بالطائف ، وعليها له غنم فكان يسلو من رَسلها ، ويأخذ من زبيب الطائف والأقط ، فيجعل منه حيساً ، ويطعم من يمر به من الناس ، فلما مات عبدوه . ... [و ] عمرو بن لحي هو الذي حمل العرب على عبادة الأصنام )) .
{(4)} قَوْلبة الإنسان تعني صهره وتكثيفه في إطار مسيطر عليه مسبقاً ، وموجَّه إلى وجهة خارجة عن إرادة الإنسان ، أي إنها مفروضة عليه ، ولكنه يسير معها لتحقيق منافع ذاتية مؤقتة خاضعة لمنافع الطبقة المتنفذة .

{(5)} رواه الحاكم في المستدرك( 2/ 347 )برقم( 3237 ) وصححه، ووافقه الذهبي. 
facebook.com/abuawwad1982