رسالة من النمر إلى اللبؤة / قصيدة
للشاعر/ إبراهيم أبو عواد .
facebook.com/abuawwad1982
......................
للشاعر/ إبراهيم أبو عواد .
facebook.com/abuawwad1982
......................
أتمنَّى لَكِ حَياةً
خَارِجَ الحياةِ/ أَنْتِ مَغْرورةٌ / لا أَعتبرُ رَفْضَكِ هَزيمةً لي/ فالذهبُ لا
يبكي عَادةً إلا عِندَ وَفاةِ النارِ/ أَرْحَلُ بِصَمْتٍ عَالي الصَّوْتِ قليلاً /
أَعُودُ لأُكْمِلَ الانقلاباتِ على قَلْبي الوَحيدِ / لَكِ قِلادةٌ مِن العَاجِ /
كَم فِيلاً قَتَلَتْهُ أُسْرَتُكِ لِئلا تتضايقي / وَأنتِ تنامين في بُكاءِ
الغاباتِ ؟ / لَكِ خَدَمٌ مِن الثعالبِ الخائنةِ / هَل فَكَّرْتِ بالليلِ يَغْسلُ
دَمْعَ البَلَحِ ؟/ احتضاراتُ الصَّقيعِ أقامت مَصْنعاً لتكرير الملحِ على ضِفَّةِ
دُموعي / إِنْ أَخُنْ قلبي أَخسرْ وَجْهي/ إِنْ أَعْشَق الرَّصاصاتِ أفقدْ مَمالكَ
المجاعةِ / فَعُودِي إِلى أسنانكِ / ونظِّفيها بِسَعَفِ النَّخْلِ / فالأرضُ
شَمْعةُ الغُرباءِ / إذا انطفأتْ أشعلتُها بذكرياتي في المدنِ المنسيةِ / لَحْنٌ
خَافِتٌ يَطْلُعُ مِن الشَّوْكِ / وَالشَّوْكُ لم تَلْمَسْه أُنثى مُنذ مَصْرعِ
أُمِّهِ / ولا أَذْكرُ أن أُنثى لَمَسَتْني إلا البحيرة / كُنْ يا غُبَارِي عِندَ
حُسْنِ ظَنِّ الميناءِ المحطَّمِ بِكَ / بَحَّارٌ صُداعُ التَلِّ الحافي /
والطاعونُ يحتلُّ ذَاكرةَ القَشِّ / يَسِيلُ دَمُ الوِلادةِ / وأنا سَأموتُ /
وَقَدْ يَأْتي عُمَّالُ مَناجمِ الفَحْمِ إلى مَغارتي / ويتناولونَ خُبْزِي /
وَيَسْخرون مِن تَاريخِ عائلتي في الأدغالِ / وَرُبَّما يَنْظرون إلى قَبري
باستهزاء / فهل سَتَبْكين عَليَّ ؟/ هَل سَتَقُولين إِنَّ نَمِراً أَحَبَّني
يَوْماً ما / إِنَّ نَمِراً مَرَّ مِن هُنا ذَاتَ مَساء/ وَكَانت عَيْناه تَدْمعان
حَنيناً ؟/ أَيَّتها اللبؤةُ / عُيونُكِ تَنْقُشُ فِيَّ رِحْلةَ اللاعَوْدةِ /
أُريدُ مِنكِ حِينَ تَصْطادين السَّوسنَ المجروحَ / أن تتذكَّري أحاسيسَ جُذوره /
لكي تتذكَّري مَلامحي / أنا المنسِيُّ في قائمةِ عُشَّاقكِ الكثيرين/ صِرْتِ
مَرَضاً في عِظامي/ ونَزيفاً في أعصابي / أَنتِ هَوَسِي / صَارت الفِئرانُ تَضْحكُ
عَليَّ / أنا الأبُ الرُّوحِيُّ لأوراقِ الخريفِ / صَارَ الجميعُ يَسْخرون مِنِّي
/ صِرْتُ نَبَاتِيَّاً / ماذا سَأَقول لأبي وأنا أرجعُ كُلَّ لَيْلةٍ بِدُون
فَريسةٍ ؟/ وَمَا زَادَ لحمي ظِلالاً أنِّي استقلتُ مِن السِّيركِ / واعتزلتُ
الحياةَ السياسيةَ / مَا كُنتُ أظنُّ أن أُنثى سَتَفْعلُ بِي هذا/ ولكني سأقفُ
ضِدَّ حُبِّكِ ما دَامَ حُبُّكِ رُمْحاً يُشرِّحني/ مَا زَالَ في تفاصيلي ضَوْءُ
تمردٍ / وَرَفْضٌ لسَيَّافي الأرضِ / رِياحاً تأتي أعضائي المسعورةُ / أتذكرين
لقاءنا الأولَ في المقبرةِ / والعناكبُ تَقْفزُ سَعيدةً بوجودنا ؟ / شَعَرْتُ أنهُ
حُبٌّ مِن الرَّصاصةِ الأُولى / فَكَّرْتُ يَوْمَها أن أُقَبِّلَ تاريخاً حافلاً
بالمرايا المشروخةِ في الرماد / كِدْتُ أقولُ لَكِ خَبِّئيني في يَدَيْكِ / مِن
الصَّيادين وَعُلماءِ الأحياء / لكني أدركتُ أنني حيوانٌ / وأن الحيواناتِ
أُلعوبةٌ تستمتع بها بَناتُ الأغنياء / أغارُ مِن شَوْكةٍ تَلْمَسُكِ / أصبحت الحيواناتُ تفاحةً بائسةً تُؤَجِّرُ
رَحِمَها للرِّيحِ / مَا عَساكِ أن تفعلي في هذا العَالَمِ المتوحِّشِ ؟ / تعالَيْ
أتزوَّجْكِ فتنجبي أنصافَ نمورٍ وأنصافَ أُسودٍ / ثم نُشعلُ الانقلاباتِ على
أناشيد الغابة / نحن خَاسِرون إِنْ لم نُرسِلْ قاتلينا/ إلى أرشيفِ الهياكلِ
العظميةِ / فَلْنَبْدَأْ مِن دَمِكِ وَدَمِي / مِن مَوْتي وَمَوْتِكِ/ يَغْمرني
المكانُ فأصحو ذَبيحاً/ يَنتحرُ الطُّغاةُ على بَوَّاباتِ اكتئابي / أَلْفُ
مُسْتنقعٍ يَغْفو في أعمدةِ انهياري / ناسفةَ حُطامي / عَشيقةَ ذُبولي/ مَن
الخاسرُ فِينا ؟!/ لا أُصَدِّقُ أنَّا جَرَحْنا أحزانَ الغُصونِ / وَتَبَادَلْنا
الدُّموعَ بَدَلَ الهدايا / ولم ننتبه إلى أننا قَتَلْنا الفَرَحَ في معاطفنا/
وَبَذَرْنا الكَراهيةَ في طُرودٍٍ مَلْغومةٍ تتأرجحُ فِينا/ وفَجْأةً / أصبحت
قِصَّتُنا فُكاهةً على ألسنةِ القُرودِ وَدِبَبةِ الباندا / إنها الأمطارُ فيذهبُ
الجميعُ إلى مَخْبئه/ وأظلُّ هائماً مُبَلَّلاً بلا مأوى/ أنالُ عَطْفاً
مُؤَقَّتاً مِن مُخرجِ أفلامٍ وثائقيةٍ / يَجْني الملايين والتصفيقَ / ثُمَّ
يَرْميني في الشَّارعِ / رُجولةُ الزَّوْرقِ / وامرأةٌ تُذبَحُ في الستائرِ
الرماديةِ كُلَّ لَيْلةٍ / تُذبَحُ في أحضانِ زَوْجٍ تَكْرهه / أنا حيوانٌ / لكنْ
لَدَيَّ شُعورٌ يَصْهرُ أعصابي في وَهْجِ الزنابق / أحتاجُ إلى أُنثى تُشارِكني
مَسيرةَ التَّوَحُّشِ / وشَهْوَةَ الاكتشافِ / وَجُنونَ الانطلاقِ الشَّرسِ/
لِيَكُن الحبُّ بَيْنَنَا حَرْبَاً تتعانقُ فيها بَقايانا / لن أَخْرجَ مِن جِلْدي
/ لكني سَأُجَهِّزُ على شُطآنه مَقعداً يَتَّسعُ لجثةٍ نتقاسمها وتتقاسمنا/ ونضمُّ
أجسادَ مَوْتانا ونموتُ / أَعْطَيْتِني دَمَ الفَريسةِ تِذكاراً / تَذَوَّقْتُه
فَوَجَدْتُه مُرَّ المذاقِ / كمساميرِ نَعْشي المهترئةِ / أنا وأنتِ قاتلان /
كِلانا سَرَقَ بَراءةَ الغِزْلان / فلا تَلْبسي الأُنوثةَ.
[مَلِكُ الغابةِ
غير المنتخَب / النَّمر ]