روجيه مارتن دوغار ورفض العنف
للكاتب / إبراهيم أبو عواد
جريدة رأي اليوم ، لندن ، 2/1/2017
...................
للكاتب / إبراهيم أبو عواد
جريدة رأي اليوم ، لندن ، 2/1/2017
...................
يُعتبَر الكاتب روجيه
مارتن دوغار ( 1881_ 1958) من أبرز الروائيين الفرنسيين في النصف الأول من القرن
العشرين . حصل على جائزة نوبل للآداب في عام 1937 .
وُلد في عائلة ثرية من المحامين والقُضاة . بدأ مسيرته الأدبية شاعراً
يَكتب القصائد العاطفية ، لكن حياته انقلبت رأساً على عَقِب في السابعة عشرة من
العُمر ، حين قَرأ _ بعد مَشورة والده_ رواية الحرب والسلام للكاتب الروسي الشهير
تولستوي . وهذا الأمر نقله من عالَم الشِّعر إلى عالَم الرواية .
حصل في عام 1898 على شهادة في الفلسفة ، لكنه
انقطعَ عن عالَم الفكر والأدب بسبب أدائه للخدمة العسكرية عام 1902 .وفي عام 1906
تزوَّجَ من ابنة محامٍ، وبعدها قَرَّرَ أن يَصبح كاتباً. وقد سمح له وضعه المادي
أن يَتفرغ للأدب .
شاركَ كجندي في الحرب العالمية الأولى.وبعد انتهائها، بدأ في كتابة
ملحمته" أُسرة تيبو " ، وهي رواية ضخمة تتكون من ثمانية مجلدات ( وتشتمل
على آلاف الصفحات ) ، وقد نُشرت في الفترة الممتدة بين عامَي 1920_ 1940 . وتضمُّ
الكثيرَ من ذكريات الطفولة الخاصة بالكاتب. وهي رواية تتمتع بشعبية جارفة في الوسط
الأدبي الفرنسي . وفي هذه الرواية الضخمة، تبرز معاني الحب والسلام في مواجهة
الكراهية والحرب. وتدور أحداث الرواية حول ابنَي آل تيبو أنطوان وجاك ، اللذين
تلقَّيا تربيةً قاسيةً مِن قِبَل الأب ، وتعرَّضا لنفْس الظروف الأُسرية والبيئية
، حيث إنهما عاشا في عائلة برجوازية تدين بالكاثوليكية ، وتعتمد على الصرامة
والحزم في التعامل مع الأبناء. ومعَ هذا ، سارَ كُل واحد منهما في طريق مختلف ،
فقد أصبح أنطوان طبيب أطفال ناجحاً ونزيهاً ، أمَّا جاك فصار متمرداً على المجتمع
، وثائراً على تقاليده .
لقد سَلَّطَ الكاتب الضَّوء على الطبقية الاجتماعية ، والبرجوازية
الباريسية ، سواءٌ الكاثوليكية أو البروتستانتية. وكَشَفَ أهميةَ قيمة التَّضحية
في مجتمع ما بعد الحرب العالمية الأولى . بَل إنه ذهب أبعد مِن هذا، حين دعا إلى
التآخي الألماني الفرنسي، والمضي قُدماً في مسيرة السلام ، ورفض أشكال العنف ،
مهما كانت الأسباب .
ومعَ أنَّ دوغار يُعتبَر وريثاً للرواية الواقعية التقليدية في القرن
التاسع عشر ، إلا أنَّه استطاع صناعة أوصاف جديدة للرواية ، تتعلق بتفاصيل السرد
والعلاقات النفسية بين الشخصيات ، كما أنه اهتمَّ بالسياق التاريخي للأحداث،
وحاولَ تحليل التاريخ وفق المشاعر الإنسانية الداخلية ، وتقنيات عِلم النفس .
وأيضاً حاولَ تحليل العلاقة بين الدِّين والحداثة في ظل الفصل بين الكنيسة
والدَّولة الفرنسية .
لقد كتب دوغار الكثير من نصوص السيرة الذاتية، ودوَّن يومياته مُنذ الحرب
العالمية الأولى ، ووصف حياته العائلية الصعبة ، كما وصف علاقات الصداقة التي قامت
بينه وبين مجموعة من الأدباء ، وذَكَرَ مشكلات الحياة الأدبية وتقلباتها . وجُمعت
الرسائل التي تبادلها مَعَ كبار الكُتَّاب الفرنسيين مِثْل : أندريه جيد ، وألبير
كامو ، إلى جانب المراسلات العامة .
تُوُفِّيَ دوغار في عام 1958 ، ودُفن في مدينة نِيس الفرنسية .
مِن أبرز أعماله الأدبية: المهزلة ( 1913). الثقة الإفريقية ( 1931).
الصامت ( 1932). تيبو( ثمانية مجلدات1920_ 1940). الأعمال الكاملة"مع مقدمة
كتبها ألبير كامو"( 1955).