سيرة ذاتية

إبراهيم أبو عواد القيسي، مفكر، وشاعر،وكاتب صحفي من الأردن. ولد في عَمَّان 1982، لعائلة من شيوخ بني قيس/قَيس عَيلان(أكبر قبيلة عربية في العالم).حاصل على البكالوريوس في برمجة الحاسوب من جامعة الزيتونة الأردنية (2004).له اهتمامات واسعة في دراسات الكتب الدينية (القرآن الكريم، التوراة، الإنجيل )، والفكر الإسلامي، والفلسفة،وعلم الاجتماع،والسياسة ،والنقد الأدبي،والشعر،والرواية، والعلوم الطبيعية . متفرغ للبحث والتأليف.يكتب في أبرز الصحف والمجلات في الوطن العربي وأوروبا.له آلاف المقالات والدراسات، وعشرات الكتب المطبوعة،من أبرزها: [1]حقيقة القرآن [2] أركان الإسلام [3] أركان الإيمان [4] النبي محمد[5]دراسات منهجية في القرآن والسنة[6] العلاقات المالية والقضائية والسياسية والاقتصادية في القرآن [7] دراسات منهجية في القرآن والتوراة والإنجيل [8] الدعوة الإسلامية [9] منهج الكافرين في القرآن [10] العلوم والفنون في القرآن [11] العمل في القرآن [12] العلاقات الأخلاقية في القرآن [13] القصص والتاريخ في القرآن [14]الإنسان والأسرة والمجتمع في القرآن [15] بحوث في الفكر الإسلامي [16] التناقض في التوراة والإنجيل [17] صورة اليهود في القرآن والسنة والإنجيل [18] نقض عقائد ابن تيمية المخالفة للقرآن والسنة [19] عقائد العرب في الجاهلية[20]فلسفة المعلقات العشر[21] النظام الاجتماعي في القصيدة(المأزق الاجتماعي للثقافة. كلام في فلسفة الشعر) [22] صرخة الأزمنة ( سِفر الاعتراف ) [23] حياة الأدباء والفلاسفة العالميين [24]مشكلات الحضارة الأمريكية [25]الأعمال الشعرية الكاملة(مجلد واحد)[26] سيناميس (الساكنة في عيوني)[27] خواطر في زمن السراب [28] أشباح الميناء المهجور (رواية)[29]جبل النظيف ( رواية) [ يُمنع ترجمة أيَّة مادة في هذه المدونة أو نقلها بأيَّة وسيلة كانت إلا بعد الحصول على موافقة خطية مُسبقة من المؤلف إبراهيم أبو عواد، تحت طائلة المسؤولية القانونية، ووفق قوانين حماية الملكية الفكرية ] .

14‏/01‏/2017

محاولة لفهم لغة البحر / قصيدة

محاولة لفهم لغة البحر / قصيدة

للشاعر/ إبراهيم أبو عواد

...............

     الآنَ ينتهي حُكْمُ الجرادِ / في عواصمِ الزَّبدِ الْمُثْخَنةِ بالملِكاتِ السَّبايا / تنكمشُ ممالكُ القُمامةِ وجُمهورياتُ الدَّيناصور/ في عُلَبِ السَّردينِ الفارغةِ / وعُلَبِ المِكياجِ الْمُمتلئةِ بِضَفائرِ اليَتيماتِ /
بَريدُ الأعاصيرِ هو تحدِّي جنون الأكاسرة/ أُسَرِّحُ باريسَ مِن حَقيبةِ ماري أنطوانيت / المصنوعةِ مِن جُلودِ العَبيدِ / أَعْقِدُ اتفاقيةً مَعَ جُفوني / لأَدفنَ مملكةَ الحطبِ/ في الشاطئِ الذي يكونُ فيه الراعي عدوَّ الغنمِ !/ ترعى المغاراتُ الصقورَ وأعوادَ الثِّقابِ / المخصَّصةَ لِشُموعِ الضَّحكِ / تتسلقُ طُفولةُ المساءِ أناشيدَ الرُّعاةِ / لِتَبْلغَ طُفولتي التي رَمَتْها الْمَلِكَةُ / في غُرفة الألعاب الخاصة بأبنائها ! /
     أَزرعُ مُذكَّراتِ التوقيفِ الصادرةَ عَن بَناتِ آوَى/ على سِياج حديقتي / لأتعلَّمَ تعبَ الشموسِ الفضيةِ في المحاكمِ العَسكريةِ / لَم يَعُد الرَّملُ يُفرِّق بين بَناتِ آوَى وبناتِ أفكاره / في مُخَيِّلتي تنمو أغصانُ النسيان/ ويختلط ظمأُ شِفاهِ الوَداعِ بأوجاع السُّيول/ في رَاحَتَيْكِ يا نافذتي أوراقٌ للخريفِ الموْلودِ في دمائنا / هَل يَقْدِرُ المحكومُ بالإعدامِ أن يَكُونَ رُومانسياً ؟ / الطريقُ إلى المدينة التي استعارها الملوكُ مِن ظِلِّي بالقُوَّةِ / يَمُرُّ عَبْرَ دَمِي / فَيَا عَاشِقةَ البُكاءِ في ليالي الشِّتاء/ لا تنتظريني خَلْفَ جَذْر الشموس الجريحة وأصفادِ نحيبي / لأن السجونَ التي بَلعت الشَّجرَ الأحمرَ تجري ورائي /
     أيُّها السَّجانُ / لا تَبِعْ قَلْبَكَ للقُرْصان / الذي يتجسَّس على الملح الأسْود في دموع البنفسج / الغُزاةُ يَأتونَ مِنَ الجِهاتِ المحروسةِ بالصَّدى والقُبورِ الكِلْسِيَّةِ/ يَحْمِلُونَ أسماءَنا ويَسْرِقُونَ رُموشَنا / فما فائدةُ أن أكونَ زَهْرةً بَيْنَ الأضرحة ؟! / أنا والموتُ شقيقان في الطريق / والأيتامُ حَوْلنا يَلعبون بجثث أُمَّهاتهم/ وهذا البحرُ يَفنى كخَوْخةٍ هَشَّة / أَجمعُ مُفْرداتِ ثَوْرة اليانسون على ممالك أحزاني / أَحْفِرُ دمي في خَشب المراكب المكسَّرة/ كي تَسحبَ قَشَّةُ الطريقِ اللوْزَ/ مِن عِظام البحَّارة الغَرْقى/ أُفَتِّشُ عن ذكريات النَّار/في القُيودِ الحديديةِ الصَّدِئةِ/ وحَبَّاتُ الرَّمل تسألُ مَعِدةَ الرَّصيف/ مِن أَين يَأخذُ السَّجانُ الرَّماديُّ راتبَه ؟! / أُجيبُ عَن أسئلةِ المحقِّق في زاوية الغرفة / والمسدَّساتُ التي تستحِمُّ على مكتبي بدماء الشهداء / أَعْرفها كأزهار الطفولة التي نَسَفها المخبِرون والسلاطين/ الذين رَمَوا شعوبَهم في السُّكوت المحاصَر/ كُلُّ شيءٍ في غُرفتي يُقاوِمهم: (( الجدرانُ والبلاطُ وصُورةُ جَدِّي ))/ صَوْتي أعشابُ الكَمان / يَحْرُسُ الصوتَ والصدى / أناشيدُ الفجر تَفورُ في أهدابي / أُقاوِمُ الرِّمالَ المتحرِّكة/ التي تتناوبُ على حِراثة الأنهارِ الرُّومانسيةِ / أَنا النُّطْفةُ المتشكِّلة
في ذاكرة الإعصار / أنا الراعي الذي قُتلت أغنامُه / أنا قطيعُ الغنم الذي رأى مَقتلَ الراعي /
     نكتبُ أسماءَنا على نِصال السِّهام / ونَهْربُ مِن المعركة / أَسألُ رمالَ الشَّفق / كَم جُثةً لهنديٍّ أحمر رماها الرجالُ المدجَّجون بالأرصفة ؟ / كَم بِنْتاً وَأَدَهَا أعضاءُ نادي الجاهلية ؟ / كَم أميراً سَرق براءةَ البرتقال في جثث الأطفال ؟/ وطَبَّاخُ الأمير يَبحث في صُحون المطبخ عن أكفان أبنائه / كَيف أَمشي ومقاصلُ الورد تعيش في جَوْربي ؟!/ كيف أفتخرُ بِأهدابي أمام البحر الأعمى ؟!/ كيف أَفْرُشُ جِلدي أمامَ البغايا زجاجاً لموْكِبِ النبيلات ؟!/ نزيفُ الثلوجِ ياقوتُ المساءِ على مداخن أكواخ المنافي / الطَّحينُ شِعْرُ العواصف / وكان طفلُ المرعى يُحْتَضَرُ / على كَتفِ جَدَّته القتيلة/ خَنجري جمهوريةُ الليمونِ الرَّافضِ / وقصورُ الذئبِ في جسد التُّوتِ هِيَ لَوْنُهم الزَّائلُ / والطوفانُ لا يستأذن من البشر / أين سَيَهرب القتلةُ الذين يَقْضون إِجازةَ الصيف/ خَلْفَ رَبطاتِ العُنُق ؟!/ قطاراتٌ تَحمل الدِّيناميتَ/ تَسْبح في معدتي الصحراوية / هل سَيَفْتحون الزنازين أمامَ السَّائحات العاريات ؟! / اتركوا الوطنَ ضائعاً / ولنعشقْ صُوَرَ الخيل في كلام السَّحاب / تتسابقُ اللبؤاتُ في شراييني/ لفرض الضرائب على بكاء الأيتام / أنشأَ اللصوصُ نِقَابةً لِقُطَّاع الطُّرق/ لِتَكُونَ أعمالُهم موافقةً لدستور جمهورية أسماك القِرْش/ الذي اسْتَوْردوه مع باقي البضائع !/
     ملاحظةٌ كَتَبَتْهَا رِئتي قبل اعتقالها : [ مِن مَظاهرِ الديمقراطية عند حكومات الأدغال الدموية : مظاهراتٌ للشواذ جنسياً في طرقات الحيْض / فتاةٌ تضع على وجهها نِصْفَ طَنٍّ من المساحيق تَقود سيارةَ مَرْسيدس / مسابقةٌ لطلبة الهندسة في الجامعات الذَّابلة لتصميم أَفضلِ مِقْصلةٍ رُومانسية !/. ملابسُ البارونةِ تتوهج على جثامين الثائرين / تصاميمُ هندسيةٌ ممتازة لسجون عَصْرية ! / الانتخاباتُ التي حَقَّق فيها القَيْصر 99% والبقيةُ تأتي !/ والعدالةُ على طريقتهم : إذا سَرَقَ الشريفُ تركوه وإذا سرق الفقيرُ أقاموا عليه الْحَدَّ ]/
     مِزاجُ الإمبراطورةِ المتقلِّبُ / وزَوْجُها الذي لا يَتَفَقَّدُ حُفرَ المجاري / إلا عند قدوم المصوِّرين/ لِتَكونَ الذِّكرى مَحْفورةً على جِلد الماعز ! / نَخجلُ مِن أقنعتنا / نَهربُ مِن وُجوهنا/ نَرْمي مَلامحَ المراهِقاتِ في أجسادِ النَّوارس/ نَذبحُ نساءَنا في المساء/ مُنتظِرين قُدومَ الشِّتاءِ مِن أَجفان النَّخاسِين / أَشُمُّ رَوائحَ المنفى مِن شُرفتي المطلَّةِ / على بُكاءِ الغابات / والحقولُ يَنهبون لونَها / لِيُقيموا حَضارةَ البارود / لم تَعُدْ دَوْلةُ الْمُرْتَزِقَةِ إِلا إِسْطبلاً لِخَيْلِ الإمبراطورةِ /
     هَذا أنا / كُلَّما نَظرتُ إلى المِرآةِ أطلقتُ النارَ على المِرآةِ / يَحْقِنُ النَّمرُ ظِلالَ البحرِ بالعطش / إِنَّ الفِطرَ السَّامَّ خَادِمُ الهذيان/ في مُعسكرات المجاعة / وكانت الفئرانُ تَنهش ذاكرةَ المعركة بَيْنَ الصَّوتِ والصَّدى / متى يَقتلعُ الصَّدى الورقيُّ عُمْرَ الأسفلتِ مِن قَش الجنون ؟!/ هذه صُكوكُ الغُفرانِ سَاعةُ يَدٍ لقُرصانٍ مُتقاعِدٍ / والأرضُ تَلْفِظُ جِراحي لِكَيْلا تَتسمَّمَ / أُصيبت جيوشُ الهذيانِ بالتُّخمة / رمى النَّخاسون إِخْلاصَ الجنود عَبْرَ الأبواب/ فتحوا في أمعائنا أرشيفاً للمواكب الملكية / وذلك الجنونُ الرَّصاصيُّ / يَسكب عُيونَ الإوزِّ في ضِحكة السِّنديان/ فانتظِرْني أيها السَّيافُ / ولا تَحْزَني عَلَيَّ يا أُمِّي / سَيَصْعَدُ النَّعناعُ مِن جُثماني / وتَنْمو الجوَّافةُ في الهياكلِ العَظْميةِ /  
     الديمقراطيةُ دُميةٌ يَتَسلى بها بَوَّابُ محكمةِ التفتيش في وقت فراغه / قبل أن يُمارس هِوايته في تلميع الأوسمة / يا فَلاحي بِلادي / احْرُسوا القمحَ بالذِّكريات / نحنُ الذين نَنْزعُ الأوسمةَ عن صدور الأوثان / والقَراصنةُ يُلْقون المِرْسَاةَ في مَدْخل الملهى الليلي / وَحْدي مَعَ المسافِرين مِن اغتيال الخوخ/ إلى مُدنٍ باعها حُكَّامها للصدى / لَسْتُ مِن سُلالة قياصرة / ولا أنتمي لقطيعِ الجلادين / ولستُ الحقدَ / عَلَّمَني عَظْمِي المسحوقُ أن أَمحوَ كلماتِ الشَّعير/ من طُرقاتِ عَمُودي الفِقري/ وألا أَفتحَ جُرحي مَرْعَى / لإِبِلِ الخلفاءِ غَيْرِ الشَّرعيين /
     أيتها النساءُ اللواتي يَضَعْنَ لحومَهنَّ أثاثاً للمسرح المكسور / أيتها النساءُ اللواتي يَغْرِسْنَ أعضاءهنَّ في أغلفة المجلات السياسية / أيتها النساءُ اللواتي يَكْتُبْنَ ذُلَّهُنَّ على ثياب عارضات الأزياء في عواصم الرِّعشة / أيتها النساءُ اللواتي يَفْرُشْنَ أجسادَهنَّ على إعلانات زيادة الضرائب / أيتها النساءُ اللواتي يُعلِّقْنَ على حَمَّالاتِ صُدُورهِنَّ لافتةَ الثقافة / أُنظُرْنَ إلى المرايا في مَسْرحِ العرائس مِكياجاً ثقيلاً على قُماش الدُّمى /
     قَفَصي الصَّدريُّ لَيْسَ فارغاً / قَد سَكَنَ فيه أطفالُ العشبِ الذين تَلهث خَلْفَهم آلاتُ القتل / أيها القياصرةُ الذين يُعطون بائعاتِ الهوى دكتوراة فخرية في البِغاء / أيها الذابلون الذين يَبيعون الجنسيةَ الوحشيةَ للبرقوق المحاصَر / كُنْتم محارِبِين  فاتحين في غُرفِ نَوْمكم أو مَوْتكم / لا تَعْتَقِلوا التفاحَ وتحقِّقوا مَعَهُ في قاعاتِ الرَّقصِ / المخصَّصةِ للضَّفادعِ الممتلئةِ بالويسكي /
     المنافي التي تَنْبعُ مِن المساءِ العَسْكريِّ رَصاصٌ في جَيْبِ الرَّعد/ لوس أنجلوس تُهَرِّبُ أبناءها في لحم الخنازير المعلَّبِ / وتُرسِلهم لِيَنْكسروا كالدِّيدان المخدوعة في فِراش الزَّوْجية !/ نِقابةُ المومساتِ الديمقراطيةُ / الأقسامُ المخصَّصةُ للحوامل سِفَاحاً في المدارس الثانوية للبنات/ جَرادةٌ عمياءُ تأسرُ عنبَ الجزائر / في النبيذ المفروش على طاولات الجنرالات قُرب جبال الألب/ أنا رَصيفُ ميناءٍ يَسيرُ عليَّ ضَوءُ الفيضان / ولا يَمْشي عليَّ الجنودُ / لُغتي سُطوعُ فَراشاتٍ لا تَسْتسلمُ للشَّبَكة / وأجفاني أَصُفُّهَا خنادقَ تَبْلعُ الجيوشَ / التي تَرفع خُشونةَ تاريخِ الأوثانِ رَايةً / فافْرَحْ أيها الرَّمادُ الأُرجوانيُّ / إِنَّ الجنودَ يَزْرعونَ أقواسَ النَّصرِ في أغشيةِ البَكارةِ /  
     قَالَ الزَّبدُ المدفونُ في مَعدةِ المطر : (( أَضمنُ أن يَكونَ جَسدي مَعَ زَوْجتي ولا أَضمنُ أن يَكونَ قَلْبي مَعها )) / يا حُرَّاسَ الغُبار / اغْسِلوا وُجوهَكم حِين تَكْسرون المرايا / لكي تَرَوْا أقنعتكم خَارِجَ يَانسونِ الأمطار / أَعوادُ المشانقِ في السَّاحاتِ العامةِ الممتدةِ في صُدورِ الثائرين / أيها المنفيُّون في سَاحِل الجِراح/ السَّاكنون في الحنين إلى بنادق الثوار في الميادين الأسيرة / خُذوا قَلْبي سَدَّاً أَمَامَ زَحْفِ الجرادِ المتحضِّرِ !/ إِنَّ الورودَ البلاستيكيةَ على النُّعوشِ الخشَبيةِ / أُسْقِطُ النظامَ الجمهوري في شَراييني / أرضٌ جَرْداء كأعلامِ القَراصنة / تاجٌ مُرصَّع بِنَزيفِ بِلاد البُروق / امرأةٌ تَفتحُ كُهوفَ مِكْياجها أمامَ عَدساتِ المهرِّجين /
     صَديقي النِّسْيان / حَاوِلْ أن تتذكرني !/ أنا فتىً مِن الشَّرق/ أخذوا الصنوبرَ مِن ثِياب جَدِّي/ سَرَقوا جُثْماني / وأبي مَا زِلْنا نَبحثُ عَنْه / أَدْخلُ زِنزانتي مُسَلَّحاً بالذِّكرياتِ / أَخذوا أوراقي والأقلامَ / حَتَّى العنكبوتُ في الزَّاويةِ أَخَذوها ! /
     وكان ثلجٌ نائماً على مِنجلٍ يُحْتَضَرُ / ويَستجوبُ القُضبانَ / هَل الحزنُ وَردةُ المقامَرة التي يَقودها إِمبراطورُ الغبارِ في البار ؟!/ هَل الشَّعبُ ضِمْنَ أوراقِ اللعب على طاولة الأميرةِ الشَّابة ؟! / أنتعلُ أطيافَ الأنقاض/ وتنامُ الفتياتُ المغتصَباتُ على أجنحةِ الفَراشات / والصَّوْلجانُ يَقْتفي أَثَري على أزهار الهاوية/ أنا أنتحرُ/ وَحَفَّارُ القبورِ يَستلمُ راتبَه التقاعديَّ/ فَمَن يَدْفِنُني في أجفانِ الغَسَق؟/ 
     عَرَّابَ الدَّولةِ الصاعدَ إِلى الأرشيفِ الرَّمادي / لماذا تأخذُ شَعْري الفِضي إلى قَاعةِ الإعدام ؟! / لا تكنْ بائعاً مُتجوِّلاً في مَقْهى أظافري المنثورةِ / على صَنوبرِ العُشَّاق / لا تكنْ حَطَّاباً لأشجارنا الدَّمويةِ في الخريف الشَّاعري / مِثْلَ الموظفين الجدد في ممالك رِياح الخماسين/ لا تُطْلِقْ على نُعوشِ الأيتامِ لَقَبَ " مستقبلك السياسي" / اذهبْ إلى المقبرة لترى مُستقبلكَ السِّياسي ! /
     حَطبٌ قُرمزيٌّ يَمشي على السَّجاد الأحمرِ / في مُعْتَقَلاتِ إِبادة الهنود الْحُمر / فيا سَائِقي مَرْكباتِ نَقلِ الجنود/ أَمْهِلوا قِطَّتي العَرْجاءَ بَعْضَ الوقتِ/ لِلعُبور إلى الرئة الثانية للزُّقاق/ مَزرعةُ خَنازير بَرِّيةٍ في ثِياب ممثِّلاتِ هُوليود/ غَرْناطةُ زُمردةٌ في أكفِّ أصحابِ الحانات / وَتِلْكَ القَرابينُ عَلى حِيطان المعَابِدِ رَجْفَةٌ / وَأُمراءُ الحروبِ يَفْتتحون مَهْرجانَ صُكُوكِ الغُفران / قارةٌ تَقفزُ مِن غَابةِ النِّفطِ إلى غَابة النِّفطِ / كَقِرَدةٍ مُبْتدئين ضَلُّوا طَرِيقَهم / واحتاجوا إِلى دَليلٍ سِياحيٍّ !/
     الضَّحايا يَتَزَلجون على المسدَّساتِ الخشبية / نِساءُ الشِّتاءِ لِتَسْليةِ العُميان في الصَّيف / حَفلةُ الإبادةِ تَغرق في تبادُلِ الهدايا / والمشرَّدون في الخارج يَبحثون عن القَشِّ لِيَناموا عليه !/ يَنامُ الميناءُ على ذِراعي اليُمنى / وأوسمةُ القَش يُلمِّعها خَنجرُ الذِّكريات / أُطهِّر عَواصمَ رِئتي مِن الدِّيدان/ التي تَسْرقُ ظِلالَ البَابُونَجِ على رُخامِ المجازر / يُلاحِقني الرَّعدُ في مَراعي الكُوليرا مِن كُوخٍ إلى كُوخ / ويُلقي الألغامَ في نُعاسِ الياسمين / أَسألُ جُثمانَ أبي / عندما تغفو على وِسادتي الحيتانُ الزَّرقاءُ / هَل سَتَشْهدُ رِمالُ البَحْرِ ضِدَّ الضَّحية ؟ / إنَّ دَمَ الضَّحِيَّةِ لَيْسَ أزرقَ / 
     قَد يَرْمي الجلادُ أصابعي عَلى أخشابِ المرفأ / قَد تُوزِّعُ السُّلطاتُ صُوَرَ الزَّنابقِ عَلى الحمَامِ الزَّاجلِ/ لِيَبْحثَ السُّلُّ عَن خُطواتِ الرِّيح على المرمرِ الملوَّثِ باكتئابِ الشُّطآن / تَمْشي السَّنابلُ حَافيةً على رُخام القبورِ الخاليةِ / لَكنَّ ألوانَ الحزنِ تُقاتِل/ جُرحي إشارةُ مُرورٍ/ لِتَعْبرَ الدَّلافينُ إلى عُروقي النُّحاسيةِ / والأغرابُ مَشْغولون بترتيبِ غُرفِ نَوْمهم/ كَجِرْذان في مُقتبل العُمر تتعاطى مُضَادَّاتِ الاكتئابِ / يَلْمعُ البارودُ عَلى الأسفلتِ الرَّصاصيِّ المنتشرِ على لُحومِ الفُرْسان / أنهارٌ بِلا أظافر على سَاعة يَدِي / ورِمالٌ تَرْكضُ في زَفيري/ تُدَرِّبُ البَعوضَ على السِّباحة في جَماجمنا / المدنُ الذبيحةُ مِرآةٌ مخدوشةٌ على قُماشِ أكفانِ البَجع /
     قَبْلَ أن يَصُبُّوا نُعوشَ أهلي في البِئر المجاوِرةِ للوَداع / بَحَثوا عَن عُكَّازةِ أبي تحتَ الرُّكام الهابطِ في رِئة ذِئبِ الهزيمة / قَبْلَ أن يَنْصِبوا الفِخاخَ لعصافير الحيِّ في حَناجر المصلِّين / قَبْلَ أن يَبيعوا سَرِيري وأظافري لِيَشْتروا مِكياجاً للأميراتِ / وبعضَ فساتينِ السَّهرةِ المضاءةِ بأضواءِ السَّياراتِ المارَّةِ على جُلودِ الفَراشات / قَبْلَ أن تَلتقيَ صَديقاتُ السُّلطانةِ عَلى أجزاءِ كَفَنِ الوَرْدةِ / قَبْلَ أن يَرْموا المذابحَ على شاشاتِ التِلفاز / قَبْلَ أن يَبنوا شَركةَ حَفَّاري القُبورِ على خُدودِنا / قَبْلَ أن يَحْبِسوا دُخانَ المصانعِ في شَرايينِ الفتياتِ المغتصَباتِ في سَراييفو / أَطْلَقوا سَراحَ الحدائقِ الأسيرةِ في خِيامنا المرقَّعةِ / لِتَكُونَ مَرْكباتُ نَقلِ الجنودِ أَقلَّ تَلْويثاً للبيئة ! /
     جُيوشُ الصَّدى مُسْتَنْقعاتٌ مَسْعورةٌ / عَلى الطُّرقِ الصَّحراويةِ / مُلْتَصِقةٌ على جُدرانِ النَّوم / تَتمرَّدُ العَصافيرُ في قَسماتِ وَجْهِ المرعى/ أَيُّها الصَّيادُ الذي يتقيأُ القَياصرةَ/ في دَفْترِ جَمعِ الطَّوابع / لا تَأْسِر الكَروانَ بأغلالِ المطرِ الحِمضيِّ / لا تُرشِد العَوانسَ إلى أشلائي/ في طُرقاتِ النِّسيان / لا تَعْرِضوا أظافري في المتاحفِ/ أمامَ الذُّبابِ المعدني / لا تُعطوا رِئةَ جارتنا الأرملةِ هَدِيَّةً / لِبناتِ الإقطاعيين المدْمِناتِ على الكُحول / أَحْضِروا جُثثَ الملوكِ المهرِّجين / لِنَدْفِنَها في صَالةِ القِمار /
     حَفَروا الأحكامَ العُرْفيةَ عَلى أمعاءِ الشُّهداء/ قِطَّةُ البُكاءِ التي تُضْرِبُ عَن تقبيلِ الفِئران/ حَقَنُوها بِرمالِ المنفى / واللصوصُ الشُّرفاءُ يَفْتتحون في كَبِدِ حَمامةٍ / مَعْرضاً للمساميرِ الجديدة/ والمراهِقاتُ العَاشِقاتُ يُعَلِّقْنَ شَبابَهنَّ / على بوَّابات العَمى/ هَيكلٌ مِن عِظام الشَّفق / قِلادةٌ مُعلَّقةٌ في رَقبةِ صَنمٍ اسْمُه المنفى / ثَعلبٌ ذُو فِراء وَسِخ / العَواصمُ الخاليةُ إلا مِن القَوَّادِين / إِنَّ الدَّمعَ شَاهِدُ قَبْرٍ للبُرتقالِ الغَريب/ والرَّصيفُ مُهرِّجٌ طُحلبٌ / يَتزلج عَلى أوردةِ المساءِ / قُرْبَ حِيطانِ بئرٍ مُسيَّجةٍ بِبُكاءِ البَغايا / والبَاعةُ الْمُتَجَوِّلُونَ يَبِيعُونَ عُرُوشَ الملوكِ المخلوعينَ في طُرُقَاتِ الكُوليرا /
     حَاضِناً الكَرزَ المهجورَ/ في دِماءِ الشُّعوبِ اللاهثةِ/ والأرستقراطياتُ يُحضِّرْنَ رَسائلَ الدُّكتوراة عَن دِيمقراطية المجزرة/ ودموعِ أُمِّي في خَريفِ الرُّعود/ رُبَّما يُصبِح اغْتيالي خَبَراً رُومانسياً / في نَشْرةِ أخبارٍ صَادرةٍ مِن مِذياعٍ قَديمٍ / عَلى طاولةٍ نظيفةٍ في مَطْعمٍ للوَجباتِ السَّريعة / نَبصقَ قاتلينا في سَلَّةِ المهملاتِ/ تحتَ شبابيكِ غُرف التعذيبِ المفتوحةِ على لُعابنا / نبصقُ قَاتلينا في أرشيفِ البُوليسِ السِّري/ قُرْبَ أزهارِ النَّار/ أزُفُّ إِلى الترابِ أعضائي/ هذه الشَّجراتُ المختبئةُ في سَريري/ تنتظرُ الوَهَجَ القاتلَ / صَالاتُ الرَّقصِ مَفتوحةٌ أمامَ العُشَّاقِ / الذين صَمَّموا المذابحَ في قُلوبنا / والقَراصنةُ المهذَّبون يُوَسِّعون المعْتَقَلاتِ المارَّةَ / أنهاراً مِن تَوابيتَ / صَنَعَها عُمَّالُ نظافةٍ مُحْتَرِفون في وَرْشةِ الخليفة / دَمِي يَسيلُ على خُدودِ الأندلس / يَغْرِسُ رَصيفُ الليلِ أنيابَه في كَفِّي/ يَذْهبُ النَّخيلُ إِلى المدرسةِ مُسْرِعاً/ مَطرٌ يُبَلِّلُ أعشابَ المذبحةِ / والمجرمُ صَارَ رُومانسياً / في حُكومةِ انقراضِ المرجانِ البَحْريِّ / يَضعُ الموجُ حِزامَ الأمانِ / بَعْدَ أن يَدهسَ القُصورَ الرَّمليةَ /
     تَقَدَّمْ أيها الشاطئُ القُرمزيُّ / أنا وأنتَ فَراشتان تَحومان حَوْلَ ضِفافِ الجرح / الممتدِّ مِن غروزني إلى سَراييفو جُثثاً وَبساتين / تندلعُ المجازرُ في لَوْنِ السَّنابل / وسَاعِدي كُوخٌ لأسرابِ الدَّجاجِ المهاجِرِ/ مِن النَّدى المذبوحِ في زِنزانتي الانفراديةِ/ قَدْ يَحتاجُ الغُزاةُ إلى تلالٍ مِن الصَّابونِ / بَعْدَ حُروبِ الإِبادةِ المصنوعةِ لملءِ وَقْتِ الفَراغ!/ يَبْقرُ النَّرجسُ بَطْنَ الرَّصاصةِ البِكْرِ / وكُلُّ مَمالكِ الإِبادةِ أدغالُ هَوَسٍ / وَجْهي نهارٌ قَادِمٌ سَاجِدٌ لِلْمَلِكِ /
     سِجْنٌ عَجوزٌ يَمتصُّ طَيرانَ العُقبانِ في الخريفِ / وكانَ ضِفدعُ المذبحةِ يُخَزِّنُ أسناني في عُلبِ السَّجائرِ الأجنبيةِ / نَعْشي صَارَ مَقهىً لِرَاقصاتِ النِّفطِ / يُداهِمني القَمحُ أُقبِّله لأنه سَيْفي / وَدُموعُ الرَّاهباتِ تُعبِّدُ الطريقَ إلى ستالينغراد / وصَوْتُ المطَرِ كَسَرَ صَوْتَ الرَّصاصِ كالمزهرِيَّةِ /
     بَيْنَ كَرْبلاءَ وَجُروحِ الفَارسِ دَمْعي الشَّفافُ / خُيولُ الخليفةِ تَسقط كَبَيْضِ النَّعام / وَرأسُ الحسينِ لا تَسقطُ / عَبَرَ إلى غَدِهِ الواضحِ سَيِّداً / في جَنَّةٍ بلا شمسٍ ولا زَمْهرير / أنيناً كانَ قَصْرُكَ أيها الوَلدُ الأُمويُّ المتجوِّلُ عَلى إِشارات المرورِ / لبيعِ غَثيانِ الصَّحراءِ / سَراباً كانَ اختباؤُكَ يا سَارِقَ النَّدى / مِن أجفانِ طُيورِ البَحرِ الحبيسةِ / بَيْنَ الحيطانِ المدهونةِ بالقتلِ وَمِرْآتكَ /
     كُرياتُ دَمِي نُسورٌ فِي فُوَّهةِ القِتال / طَلَّقْتُ خَوْفي مِن مَحْكمةٍ / قُضاتها يَتقاضون رِماحَهم مِن حُكومةٍ عَلى أُهبةِ الهذيانِ/ أُحبُّ الصَّهيلَ يَجْتاحني في رَبيعِ التوابيت / والشَّوارعُ تركضُ في عِظامِنا الموزَّعةِ بالتَّساوي على رِجال الأمن / ومُفاجِئاً كندمِ الزَّوجاتِ الخائناتِ / جاءَ اعترافُ الفِرنجة : (( بِعْنا نساءَنا للذي دَفَعَ أكثر !))/ جِراحاتي زَيتونةُ الأيتامِ/ وَرُموشي مُنْتَجَعٌ سِياحيٌّ في إِجازة آخِرِ الأسبوع/ إبليس وتاتشر يَتناولان غَداءَ عملٍ مُعَطَّراً / بنعوش الجيش الجمهوري الإيرلندي/ وكانَ الصِّربُ يَشْربون الوَهمَ في سراييفو/عِنْدَ شَواهدِ قُبور الشُّموس/ ويُلْقون الزُّجاجاتِ الفارغةَ في بَرْلمان الصَّحراءِ/ التي كانتْ رَوْضةً لليتيماتِ الرَّافعاتِ الهلال شِعاراً / أحزانُ الأعشابِ طائرةٌ ورقيةٌ / لَن أَتركَ رَقَبتي مَائدةَ غَداء لِكِسْرى / الطيورُ المرتعشةُ مِرْوحةُ التلالِ الغاضبةِ / والغُزاةُ يَأخذون الصُّوَرَ التِّذكاريةَ / في بَنكرياس الموج / وَالقواعدُ العسكريةُ في أمعائنا/ هِيَ جَوازُ سَفَرٍ للفِطر السَّام/ كَي يَنموَ على لُحومِنا/ التُّهمُ الجاهزةُ تنتظرُ السِّنجابَ المندهشَ في بَلدته/ التي هَدَمها اللازوردُ الرماديُّ / ليبنيَ إِمبراطوريةً أكثرَ انفتاحاً على الجرادِ / سَرَطانُ الثَّدْيِ ودُودُ المقابرِ يَتَصَارَعَانِ عَلى احتكارِ صَدْرِكِ أيَّتُها الغريبةُ / وَعِنْدما يُذبَح الموتُ أكونَ في الجنَّةِ أو النَّارِ /
     بَلْدتي المفتوحةَ للأشباحِ المغْلَقةَ أمامي/ قَبِّليني لأني ذَاهِبٌ لِكَي أتزوَّجَ التُّرابَ / أَصعدُ مِن قِبري بِأَمْرِ سَيِّدي/ تعلَّمتُ كيفَ أُضَمِّدُ جِراحي / قَبْلَ أن تتعلمَ الإسبانياتُ قِيادةَ السيارات في أندلسنا / التُّوتُ البَرِّيُّ يَنشرُ صُوَرَ لُصوصِ البلاد / والنَّحلُ يُهاجم عُواءَ الحِجارة في مُعْتَقَلاتِ سَيْبيريا / لا الرَّصاصةُ أُمِّي / ولا الثورةُ البُلشفية ثَوْرتي/ دَمْعي الثأرُ زاحفاً / وأصواتُ بَلدتي تَجْرفُ نباحَ حَطبِ الموقدة / ويُجَمِّعُ مُجْرِمو الحربِ أرصدتهم مِن الجماجم / في بِرميل البَارود /
     أنا حَارِسُ حُدودِ الأسماك/ في الشَّفقِ البعيدِ عَن خَيْمتي/ حُدودُ دَوْلتي مِن نزيفي الأخضرِ حتى صُداعي الأزرقِ / وَحُدودُ كُرياتِ دَمي مِن مِشْنقتي اللازَوَرْدِيةِ حتى مِقْصلتي القُرْمزيةِ / وَحُدودُ ذِكرياتي مِن تابوتي البلاستيكيِّ حتى نَعْشي النُّحاسيِّ / رأسي أُرجوحةٌ لأطفالِ البَرقوق / يَحْملون تاريخَ عَمُودي الفِقري في الصَّحاري الجليديةِ / الغَسَقُ ابنُ عَمِّي لكنِّي يتيمٌ / 
     في ذلك الصَّمتِ البنفسجيِّ / تُولَد مَدينتي المعدنيةُ على ضِحكة الصَّنوبر/ أَفتحُ قلبي للذِّكرياتِ الغَريبةِ / كَي تَدخلَ مِياهُ البحرِ في نُخاعي الشَّوْكي / عُيوني هِيَ غُربتي / فلا تَبكِ عَليَّ يَا أنا / سأحتفلُ بأشكالِ ذَبْحتي الصَّدريةِ / لأنَّ الرَّعدَ طَهَّرَ خُيوطَ بُكائي مِن حَضارةِ دَمِ الحيْضِ / وتحتَ إِبطِ الذَّاكرةِ مِشنقةُ الأعشابِ / قَدْ بِعْنا فلسطين / وصِرْنا رومانسيِّين /
     لَمْ أَزرعْ في رِئتي حُقولَ الصَّوْتِ / لأُقدِّمَ الزُّهورَ للعُشَّاقِ في حَاناتِ لَندن / لم أُنظِّفْ بَلاطَ زِنزانتي / لِيَمشيَ عَلَيْه فُقهاءُ البَلاط / لم أكتب القصائدَ / لأتغزَّلَ بانكماشِ الرَّاهباتِ في الحكايات/
لم أُعَانِقْ لُغتي / لأخطَّ المراثي على الحزنِ المتدفِّقِ/ مِن شُقوقِ الدَّولةِ البُوليسِيَّةِ /
     حِينَ يَأخذُ الأباطرةُ أشجارَنا إِلى التَّجنيدِ الإجباري / في الجيش الذي يُحارِب نَفْسَه/ أجلسُ مَعَ الأمواجِ / نَدرسُ بَصماتِ البلابلِ على الحجارة الدَّامعةِ / أعشقُ أبجديةَ مَوْتي في أُمسياتِ صَوْتي/ أعمارُنا شموعٌ سَوْداء/ لأنَّ النُّسورَ أَكلتْ جُثَّةَ النَّهار/
     قِطَطَ الوادي / لا تَبْحثي عَن وَطنٍ / أحزاني وَطَنُكِ/ قَد يَرْحلُ الموجُ عَن الغُرفةِ التي وُلد فيها/ ويأخذُ مَعَهُ أشجارَ الحِبر/ ويَتركُ الحصيرَ باكياً على كَتفِ البلاط / ثم يُقتَل في الغُرفة التي وُلد فيها / ذَهَبت الصَّبايا إِلى الانتحارِ / وَبَقِيَت قُمصانُ النَّوْمِ على حَبْلِ الغَسيلِ / والطحالبُ سَقَطتْ في عُلبِ المِكياج / الصُّراخُ يَغتصبُ عُروقي / ولم أُفَرِّقْ بَيْنَ الرصاصِ المطاطيِّ وأقلامِ الرصاصِ /
     وَحيداً كأرملةٍ خَلَعُوا حِجَابَها / وبَنَوْا عَلى ضَفائرها ممالكَ السُّكوت / كان اليَانسونُ الذي يُغطِّي رُفاتي / أنا المطارَدُ في بِلاد الزَّرْنيخ / في زُجاجِ غُرفِ التحقيق/ في الشَّوارعِ الموحلة/ التي تُفضي إلى مُغامرات أُمراءِ الحروبِ/ المدوَّنةِ على جِنازةِ الدَّيناصورات/كُلَّما فَحَصَ النَّرْجِسُ حِيطانَ الْمُعْتَقَلِ / تكسَّرتْ ظِلالُ الْخَنجرِ الأثريِّ / وكُلَّما نَظَرْتُ إلى المِرْآةِ رَأيتُ قِناعي يَتَوَهَّجُ كالمطَرِ /
     مَاحِياً آثار مايكل أنجلو على أجسادِ الشَّحاذين / في ممالك الانتحار شَمالَ المتوسِّط/ قُرى الجِرذانِ البشريةِ التي حَوَّلوها إلى مَدافن / هِيَ أضلاعُ النبيذ / يَجرحون الفُلَّ الذي يُزَيِّن نَافذةَ بَحَّارٍ في عَكَّا / صَديقاتي نُجومَ السَّماءِ البعيدةِ عَن جُلودِ العُقبان / قَد اختلطَ هَدِيرُ محرِّكاتِ الطائراتِ/ بِدَمِ اليَنابيعِ السَّاخنِ / أكواخٌ لِطُيورِ البَحرِ/تَجمع سُعالَ الزَّبد على الشَّاطئِ / نُخَزِّنُ في رِيش دَجاجةٍ أحزانَ شِبَاكِ الصَّيدِ الفارغةِ / البَحرُ أقربُ إلى رُموشي مِنِّي / وَيَغارُ عليَّ مِنِّي / جُلودُنا تَحرسُ أعداءَنا / والضَّبابُ يَمْضي إلى ثُكنته العَسْكريةِ / في سَراديبِ القُصورِ الرَّمْليةِ /
     فِي إِحْدى الليالي نامت الليالي فِيَّ / وعِندما تتفجَّرُ المرافئُ في عيون النوارس / ويلتقطُ أطفالُنا الصُّوَرَ التِّذكاريةَ/ لحركة البَرقِ عَلى جُلودِ الإماء / يُصبِح جِلدي كُوخاً / تَقضي فِيه الرِّمالُ الكُحليةُ شَهْرَ العَسلِ / وَحِينَ تَموتُ النوارسُ تكونُ أجنحتُها هِيَ أكفانَها / أَعيشُ في قَلْبِ الرُّعْبِ/ وَأَخافُ أَن أَعودَ إِلى البَيْتِ / فَأَسْمَعَ بُكاءَ أُمِّي / لَمْ أُشارِكْ فِي حَفْلةِ زِفاف حَبَّةِ رَمْلٍ إلى الصَّدى/ جَرَفَ السَّيْلُ ذِكرياتِ النَّسر/ فَوْقَ رُؤوسِ العبيدِ المتَدَحْرِجَةِ عَلى زُنودِ السَّيَّافين/ بِطْريقٌ يَجْمعُ أَشلاءَ أُسْرته في كَفَّيه الصَّغيرتين / ويَدْفِنُها في قِيعانِ الفَجْر/ ذُبابةٌ تَنْقلُ على جَناحها ثَوْراً مُكْتَئِباً / إِلى عِيادة الطَّبيبِ البَيْطري / أَعْطاني مِفتاحَ كَهْفِه عُصْفورٌ/ والليمونةُ التي تَكْبُرُ في شِريان الأرضِ / تَكتبُ يَوْمِيَّاتِها على ذُبولِ القَراصنةِ / وأُمراءُ الأنقاضِ يُنَظِّفون السُّفنَ في أَحْشاءِ شُعوبهم / التي قَذَفوها في الدُّروبِ الْمُرْتَعِشَةِ / فيا أيَّتُها الوَردةُ البلاستيكِيَّةُ / لا تَنتظِري الْمَحْكُومَ بالإعدامِ /
     سَأَلني الليلُ عَن اسْمي فَلَمْ أُجِبْه / لأني ألتقطُ عَبَراتِ التِّلال/ وأُخَبِّئها في صُندوقِ البريدِ / أنا رَاعي غَنم في مَنافي الرَّعدِ / وَقَدْ لا أَجِدُ مَن يَدفنني إذا مِتُّ في صَرخةِ البَرْقوق/ مَا فائدةُ العَشاءِ على ضَوْءِ الشُّموعِ والعناكبُ تَسْبحُ في عَصيرِ البرتقال ؟/ سَتَرْتدي النِّساءُ قُمصانَ النَّوْمِ / ويَمْشِينَ في الجِنازةِ العَسكرِيَّةِ تَحْتَ أشِعَّةِ القَمَرِ /
     شَوْكُ الضَّياعِ يَثْقبُ تَجاعيدَ الصَّليل / ممالكُ الغُروبِ تَعودُ مع قاربي مِن جَنْي الرُّؤوسِ المقطوعةِ / أمواجُ الشَّفقِ لَيْست نَبتةً يُمزِّقها الكَهَنةُ / أَمْسَكَتْني يَمامةٌ ثُمَّ أَطْلَقَتْني في حُلْمِ خَناجرِ الفَيَضانِ / وَالعُشبُ يُبدِّلُ شَفَراتِ السُّيوفِ / كما تُبدِّلُ الرَّاقِصةُ خَلاخِيلَها / تَمُوجُ فَوْقَ الحقولِ أُغنيةٌ تَسخرُ مِن لُصوصِ النِّفطِ / غَزَالٌ يَخْلعُ جَواربَه/ ويَعُدُّ أَرْجُلَه عَلى سَجاجيدِ المذبحةِ / يُوَدِّعُ قَلبُ اللبؤةِ زَوايا المغَارةِ / يَقودُ الليمونُ فِي الشَّارِعِ مُظَاهَرةً ضِدَّ الأحكامِ العُرفيةِ / لَسْنا أثاثاً يُبدِّله أُمراءُ الحربِ مَتى شَاؤوا / أنامُ عَلى مَقَاعِدِ مَحطةِ القِطَاراتِ / وكُلَّما جاءَ المساءُ / رَأيتُ وُجوهَ الأمواتِ على زُجاجِ القِطَاراتِ/ البَحْرُ وَصِيَّةُ الْمَحْكُومِ بالإعدامِ/فَكُنْ وِصَايةَ القاتلِ عَلى الضَّحِيَّةِ/
     مَطرٌ غارقٌ في التَّثاؤبِ / الرَّصاصُ المطاطيُّ هُوَ أَعْراسُ اليَتامى / وَذَلِكَ القَمرُ يَضحكُ لِي وَيَقْتلني / فَتياتُ بَغْداد أنتنَّ شَجرٌ أخضر/ في رَبيعِ دَم الأضرحةِ / إِلى التُّرابِ هَذا اتِّجاهُ حَوَاسِّنا / فَهَل جَماجِمُنا سَتَصيرُ بَعْدَ إِبادَتِنا إِشارةَ مُرورٍ / في شَارِعٍ مُزْدَحِمٍ قُرْبَ مَصَانعِ البِيرة ؟ / جُمْجمةٌ تَقودُ دَرَّاجتها النَّاريةَ/ على إِزارِ بَعوضةٍ / رُعاةُ البقرِ يَتبادلون التَّهاني/ بَعْدَ إِبادةِ الهنود الْحُمْرِ/ أقامَ الحمَامُ عُرْساً للبَقِّ على مَائدةِ الأيتام / رَجعت القِطَطُ إِلى يَنابيعِ الألم / أَدغالُ عُيوني تَسجدُ في المحاريبِ للإِلهِ / عُصفورٌ يَأكلُ أَبَاه عَلى غُصْنٍ/ لا يَرْصده المخبِرُون المتكاثِرون كَبَيْضِ الحشراتِ / انتشرتْ ذَاكرةُ الفاصولياءِ عَلى حَدائقِ النُّعوش / لم يَكْبُرْ جَسَدي عَلى اقتلاعِ شَرايينِ النَّهر / أَعيشُ مُرَاهَقتي المتأخرةَ قَبْلَ احتضاري بَعْدَ انتحاري / وَسَوْفَ تُحصَد وَردةُ الضَّريحِ / وَهِيَ تَحْضُنُ قَوْسَ قُزَحَ / نَزْرعُ الأكفانَ الشَّمْسِيَّةَ بَيْنَ دِماءِ الزَّيتون وعَرَقِه/ لا أُنوثةَ فِي أدغالِ الوقتِ / انقرضتْ عَقاربُ السَّاعةِ / وعَاشَت الأفاعي في شَمْسِ الهزيمةِ / وَسَقطت البراويزُ عَن جُدْرانِ الطَّحالبِ / لَنْ يَلتقيَ العُشَّاقُ خَارِجَ مُعَسْكراتِ الإِبادةِ / لأنَّ القَمرَ وَقَعَ في بُحيرةِ الدَّمع / افْتَخِرْ بِي يَا أَبي أَمامَ رِجالِ القَبيلةِ / وافْرَحي يا أُمِّي / يَنْتظرُني مُسْتَقْبَلٌ مُشْرِقٌ بَيْنَ الأضرحةِ /

     أُمِّي تُنَظِّفُ مَساميرَ نَعْشي بِمِلْحِ دُمُوعِهَا / الزَّنازينُ مَسْقطُ رَأْسِ السُّنونو / والوَرْدُ يَصْعدُ مِن جُثْمانِه / تُفتِّش دُموعي عَن زِنزانةٍ/ لِكتابةِ الصَّدى عَلى جَسدِ الصَّوْتِ/ لتحريضِ صَدأ الحديدِ على الحديدِ/ لخلع قلبي مِن قلبي / وَسَوْفَ يَرقصُ العَبيدُ مَعَ الجواري ذَاتَ مساءٍ .